عمان جو - بسام البدارين - قد لا يتعلق الأمر بالرغبة في الارتفاع بمنسوب الموقف الرسمي إلى مستوى محاكاة للموقف الشعبي بقدر ما يتعلق باختبار حاد ومكتوم تحجم السلطات الأردنية عن التحدث عنه، وعنوانه الأعرض هو الحفر في أعماق المعادلة الإسرائيلية التي كانت طوال 29 عاماً معادلة شراكة، وفجأة أصبح المطلوب من صانع القرار الأردني التماهي معها بعيداً عن الشراكة. الأردن ومنذ عام 1994 مبرمج بيروقراطياً وفي بعض الاًحيان أمنياً وفي غالبية الأوقات سياسياً، على فكرة عملية السلام واتفاقية وادي عربة. والتحديث الذي يرسمه يمين إسرائيلي اليوم أمام الأردنيين هو ذلك التحدي الذي يقول بأن المطلوب قد يكون أكبر بكثير من موقف وإجراءات بعد سلسلة من الإهانات الإسرائيلية لصالح منهجية جديدة مضادة للبرمجة القديمة. اعتاد الأردن وعلى الأقل منذ 29 عاماً، على السلام، ومن بين استحقاقاته الأكثر رواجاً التنسيق في القضايا والملفات التي بدأت تتراكم إقليمياً لتصبح بمثابة مساحة مشتركة جيوسياسية وأمنية تطلبت في عدة محطات ومراحل النوم في فراش واحد بالقرب من عدو الأمس وصديق وادي عربة اليوم الذي عاد فجأة وبكل السلوكيات لتصنيفه القديم كعدو، الأمر الذي صدم البرمجة والمبرمجين.
تداعيات واستحقاقات
عملياً، نتج عن برمجة الـ 29 عاماً القديمة تداعيات واستحقاقات توضح وتشرح ما تشعر به المؤسسات اليوم من ارتباك وتردد، فقد تراكمت عملية التطبيع نفسها وأصبحت معادلاً موضوعياً لاحتياجات أمنية الطابع تخللها أحياناً الكثير من التنسيب، خصوصاً في تبادل المشورة وصور الأقمار الاصطناعية وما يتبعهما عندما برز تحدي تنظيم داعش في العراق وسورية بجوار الأردن. اليمين الإسرائيلي نفسه تحول الآن، برأي الخبير الدكتور جواد العناني، إلى “نسخة داعشية” عندما يتعلق الأمر بالتأزيم والتوتير. نتج عن المسألة أيضاً ربط خبيث دعمه الأمريكيون بين المصالح الاقتصادية الأردنية وبين الإسرائيليين والإسرائيليات، وزاد التعقيد عندما تم تسليم تحت بند الشراكة والإقليم ملفات استراتيجية أساسية، وفقاً لتعبير القطب البرلماني صالح العرموطي، إلى حضن العدو، بما في ذلك أمن الطاقة والأمن المائي، وهي مسألة يقدر العرموطي وغيره بأنها كانت عبارة عن كمين محكم استدرج له الأردن بقدر لا يخفي الآن من الغفلة والسذاجة النخبوية على الأقل. أمام “القدس العربي” أقر الخبير والمفاوض السابق الدكتور دريد المحاسنة بأن إسرائيل ومن عام 1994 تتحايل وتراوغ ولا تلتزم بأي مشروع اتفق عليه لا في النقل ولا في المياه ولا في الزراعة ولا في البيئة. الأهم ما يلي: برمجة شراكة عملية السلام انتهت بوجود عدة خصوم مشتركين لا يقف حجمهم عند حدود التنظيمات المصنفة بالإرهاب ولا عند المجموعات اللبنانية والعراقية والسورية المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، بل يطال أطرافاً في ملفات أساسية وحيوية، من بينها الرغبة في ضبط سلسلة من الانتفاضات الفلسطينية والسيطرة على حركات المقاومة وفصائلها. الأردن في الإسرائيليات طوال الوقت مهووس بتحديين: الأول هو ألا تستخدم أراضيه من قبل إيران وما يسمى بتيار الممانعة أو محور المقاومة في عمل مسلح ضد إسرائيل. والثاني هو ألا تنتقل عدوى الانتفاضة والمقاومة في الأرض المحتلة إلى شرقي نهر الأردن، حيث شعب نصفه على الأقل من المكون الفلسطيني. نمط ليس سهلاً من التحديات دفع باتجاه الشراكة مع إسرائيل، وكان الإطار عقيدة السلام والتفاوض التي نتج عنها بالضرورة عقيدة بيروقراطية موازية لا تملك الخبرة المطلوبة بإدارة شبكة العلاقات والاتصالات الدبلوماسية الأردنية بمعزل عن إسرائيل التي كانت شريكاً في السلام وجاراً يراهن عليه، لكنها انتقلت وتحولت وتبدلت اليوم -كما يصر الدكتور مروان المعشر وهو يحاول لفت أنظار صناع قرار اليوم في بلاده- إلى ضرورة الانتباه لهذا الخطأ. عموماً، تلك البرمجة دفعت طوال الوقت ومنذ 29 عاماً مركز القرار الأردني للرهان على المفاوضين الذين تسلم عدد كبير منهم مواقع مهمة من بينها رئاسات الوزراء وتراكم جيل كبير وواسع من البيروقراطيين والسياسيين الأردنيين يستسهل طوال الوقت فكرة حكومات اليمين ويراهن فقط على الجزء العميق من كيان الاحتلال، ثم تشكلت في الخارطة تلك النخب والأدوات والرموز التي لا تملك أصلاً إلا تصوراً واحداً ويتيماً يربط الدولة الأردنية والمؤسسات بتلك الثنائية مع الإسرائيليين.
انتشروا كالفطر
هؤلاء حصراً انتشروا كالفطر طوال 3 عقود، والبرمجة الإدارية الخاصة بهم كانت ضمن معادلة الشراكة، ما يعني حقيقة واحدة فكرتها أن الشراكة مع الجار الإسرائيلي أقرب إلى عقيدة إدارية وسط شرائح النخب الأردنية. ويفسر ذلك مسلسل إنكار التحولات والوقائع والإصرار على أن اليمين لا يعني إسرائيل والالتزام بالخط الأمريكي العاجز، مما يفسر حالة النكران التي لم تختبر بعد أي حراك دبلوماسي وسياسي وأمني في فضاء إقليمي يعادي إسرائيل. لذلك، يعتقد بأن الصحوة الأردنية المطلوبة صعبة ومعقدة، لكن كل نظام أسس التحالف والبيئة الطبيعية التي تختبرها الأردني الرسمي منذ عقود تبخرت اليوم أو تتلاشى في سياق المتغير الإقليمي، فعمّان طوال الوقت كانت تعيش في أقرب مسافة ممكنة من دول مثل العراق والسعودية ومصر، وبقيت في حضن حالة التجاوب مع الإسرائيليين. الوقائع اليوم تقول بأن العراق وسورية في الحضن الإيراني، وبأن مصر غارقة بمشكلاتها، والسعودية لم تعد مهتمة بالأردن، وإسرائيل انقلبت. ذلك كله يفسر مستوى الارتباك لا بل مستوى الادعاء الملموس من بعض النخب بالاحتفاظ بقوة ناعمة قادرة على إبقاء شبكة المصالح وتتقمص حالة قديمة فكرتها أن الأردن لا يزال باستطاعته التحدث مع جميع الأطراف في الوقت نفسه.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - قد لا يتعلق الأمر بالرغبة في الارتفاع بمنسوب الموقف الرسمي إلى مستوى محاكاة للموقف الشعبي بقدر ما يتعلق باختبار حاد ومكتوم تحجم السلطات الأردنية عن التحدث عنه، وعنوانه الأعرض هو الحفر في أعماق المعادلة الإسرائيلية التي كانت طوال 29 عاماً معادلة شراكة، وفجأة أصبح المطلوب من صانع القرار الأردني التماهي معها بعيداً عن الشراكة. الأردن ومنذ عام 1994 مبرمج بيروقراطياً وفي بعض الاًحيان أمنياً وفي غالبية الأوقات سياسياً، على فكرة عملية السلام واتفاقية وادي عربة. والتحديث الذي يرسمه يمين إسرائيلي اليوم أمام الأردنيين هو ذلك التحدي الذي يقول بأن المطلوب قد يكون أكبر بكثير من موقف وإجراءات بعد سلسلة من الإهانات الإسرائيلية لصالح منهجية جديدة مضادة للبرمجة القديمة. اعتاد الأردن وعلى الأقل منذ 29 عاماً، على السلام، ومن بين استحقاقاته الأكثر رواجاً التنسيق في القضايا والملفات التي بدأت تتراكم إقليمياً لتصبح بمثابة مساحة مشتركة جيوسياسية وأمنية تطلبت في عدة محطات ومراحل النوم في فراش واحد بالقرب من عدو الأمس وصديق وادي عربة اليوم الذي عاد فجأة وبكل السلوكيات لتصنيفه القديم كعدو، الأمر الذي صدم البرمجة والمبرمجين.
تداعيات واستحقاقات
عملياً، نتج عن برمجة الـ 29 عاماً القديمة تداعيات واستحقاقات توضح وتشرح ما تشعر به المؤسسات اليوم من ارتباك وتردد، فقد تراكمت عملية التطبيع نفسها وأصبحت معادلاً موضوعياً لاحتياجات أمنية الطابع تخللها أحياناً الكثير من التنسيب، خصوصاً في تبادل المشورة وصور الأقمار الاصطناعية وما يتبعهما عندما برز تحدي تنظيم داعش في العراق وسورية بجوار الأردن. اليمين الإسرائيلي نفسه تحول الآن، برأي الخبير الدكتور جواد العناني، إلى “نسخة داعشية” عندما يتعلق الأمر بالتأزيم والتوتير. نتج عن المسألة أيضاً ربط خبيث دعمه الأمريكيون بين المصالح الاقتصادية الأردنية وبين الإسرائيليين والإسرائيليات، وزاد التعقيد عندما تم تسليم تحت بند الشراكة والإقليم ملفات استراتيجية أساسية، وفقاً لتعبير القطب البرلماني صالح العرموطي، إلى حضن العدو، بما في ذلك أمن الطاقة والأمن المائي، وهي مسألة يقدر العرموطي وغيره بأنها كانت عبارة عن كمين محكم استدرج له الأردن بقدر لا يخفي الآن من الغفلة والسذاجة النخبوية على الأقل. أمام “القدس العربي” أقر الخبير والمفاوض السابق الدكتور دريد المحاسنة بأن إسرائيل ومن عام 1994 تتحايل وتراوغ ولا تلتزم بأي مشروع اتفق عليه لا في النقل ولا في المياه ولا في الزراعة ولا في البيئة. الأهم ما يلي: برمجة شراكة عملية السلام انتهت بوجود عدة خصوم مشتركين لا يقف حجمهم عند حدود التنظيمات المصنفة بالإرهاب ولا عند المجموعات اللبنانية والعراقية والسورية المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، بل يطال أطرافاً في ملفات أساسية وحيوية، من بينها الرغبة في ضبط سلسلة من الانتفاضات الفلسطينية والسيطرة على حركات المقاومة وفصائلها. الأردن في الإسرائيليات طوال الوقت مهووس بتحديين: الأول هو ألا تستخدم أراضيه من قبل إيران وما يسمى بتيار الممانعة أو محور المقاومة في عمل مسلح ضد إسرائيل. والثاني هو ألا تنتقل عدوى الانتفاضة والمقاومة في الأرض المحتلة إلى شرقي نهر الأردن، حيث شعب نصفه على الأقل من المكون الفلسطيني. نمط ليس سهلاً من التحديات دفع باتجاه الشراكة مع إسرائيل، وكان الإطار عقيدة السلام والتفاوض التي نتج عنها بالضرورة عقيدة بيروقراطية موازية لا تملك الخبرة المطلوبة بإدارة شبكة العلاقات والاتصالات الدبلوماسية الأردنية بمعزل عن إسرائيل التي كانت شريكاً في السلام وجاراً يراهن عليه، لكنها انتقلت وتحولت وتبدلت اليوم -كما يصر الدكتور مروان المعشر وهو يحاول لفت أنظار صناع قرار اليوم في بلاده- إلى ضرورة الانتباه لهذا الخطأ. عموماً، تلك البرمجة دفعت طوال الوقت ومنذ 29 عاماً مركز القرار الأردني للرهان على المفاوضين الذين تسلم عدد كبير منهم مواقع مهمة من بينها رئاسات الوزراء وتراكم جيل كبير وواسع من البيروقراطيين والسياسيين الأردنيين يستسهل طوال الوقت فكرة حكومات اليمين ويراهن فقط على الجزء العميق من كيان الاحتلال، ثم تشكلت في الخارطة تلك النخب والأدوات والرموز التي لا تملك أصلاً إلا تصوراً واحداً ويتيماً يربط الدولة الأردنية والمؤسسات بتلك الثنائية مع الإسرائيليين.
انتشروا كالفطر
هؤلاء حصراً انتشروا كالفطر طوال 3 عقود، والبرمجة الإدارية الخاصة بهم كانت ضمن معادلة الشراكة، ما يعني حقيقة واحدة فكرتها أن الشراكة مع الجار الإسرائيلي أقرب إلى عقيدة إدارية وسط شرائح النخب الأردنية. ويفسر ذلك مسلسل إنكار التحولات والوقائع والإصرار على أن اليمين لا يعني إسرائيل والالتزام بالخط الأمريكي العاجز، مما يفسر حالة النكران التي لم تختبر بعد أي حراك دبلوماسي وسياسي وأمني في فضاء إقليمي يعادي إسرائيل. لذلك، يعتقد بأن الصحوة الأردنية المطلوبة صعبة ومعقدة، لكن كل نظام أسس التحالف والبيئة الطبيعية التي تختبرها الأردني الرسمي منذ عقود تبخرت اليوم أو تتلاشى في سياق المتغير الإقليمي، فعمّان طوال الوقت كانت تعيش في أقرب مسافة ممكنة من دول مثل العراق والسعودية ومصر، وبقيت في حضن حالة التجاوب مع الإسرائيليين. الوقائع اليوم تقول بأن العراق وسورية في الحضن الإيراني، وبأن مصر غارقة بمشكلاتها، والسعودية لم تعد مهتمة بالأردن، وإسرائيل انقلبت. ذلك كله يفسر مستوى الارتباك لا بل مستوى الادعاء الملموس من بعض النخب بالاحتفاظ بقوة ناعمة قادرة على إبقاء شبكة المصالح وتتقمص حالة قديمة فكرتها أن الأردن لا يزال باستطاعته التحدث مع جميع الأطراف في الوقت نفسه.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - قد لا يتعلق الأمر بالرغبة في الارتفاع بمنسوب الموقف الرسمي إلى مستوى محاكاة للموقف الشعبي بقدر ما يتعلق باختبار حاد ومكتوم تحجم السلطات الأردنية عن التحدث عنه، وعنوانه الأعرض هو الحفر في أعماق المعادلة الإسرائيلية التي كانت طوال 29 عاماً معادلة شراكة، وفجأة أصبح المطلوب من صانع القرار الأردني التماهي معها بعيداً عن الشراكة. الأردن ومنذ عام 1994 مبرمج بيروقراطياً وفي بعض الاًحيان أمنياً وفي غالبية الأوقات سياسياً، على فكرة عملية السلام واتفاقية وادي عربة. والتحديث الذي يرسمه يمين إسرائيلي اليوم أمام الأردنيين هو ذلك التحدي الذي يقول بأن المطلوب قد يكون أكبر بكثير من موقف وإجراءات بعد سلسلة من الإهانات الإسرائيلية لصالح منهجية جديدة مضادة للبرمجة القديمة. اعتاد الأردن وعلى الأقل منذ 29 عاماً، على السلام، ومن بين استحقاقاته الأكثر رواجاً التنسيق في القضايا والملفات التي بدأت تتراكم إقليمياً لتصبح بمثابة مساحة مشتركة جيوسياسية وأمنية تطلبت في عدة محطات ومراحل النوم في فراش واحد بالقرب من عدو الأمس وصديق وادي عربة اليوم الذي عاد فجأة وبكل السلوكيات لتصنيفه القديم كعدو، الأمر الذي صدم البرمجة والمبرمجين.
تداعيات واستحقاقات
عملياً، نتج عن برمجة الـ 29 عاماً القديمة تداعيات واستحقاقات توضح وتشرح ما تشعر به المؤسسات اليوم من ارتباك وتردد، فقد تراكمت عملية التطبيع نفسها وأصبحت معادلاً موضوعياً لاحتياجات أمنية الطابع تخللها أحياناً الكثير من التنسيب، خصوصاً في تبادل المشورة وصور الأقمار الاصطناعية وما يتبعهما عندما برز تحدي تنظيم داعش في العراق وسورية بجوار الأردن. اليمين الإسرائيلي نفسه تحول الآن، برأي الخبير الدكتور جواد العناني، إلى “نسخة داعشية” عندما يتعلق الأمر بالتأزيم والتوتير. نتج عن المسألة أيضاً ربط خبيث دعمه الأمريكيون بين المصالح الاقتصادية الأردنية وبين الإسرائيليين والإسرائيليات، وزاد التعقيد عندما تم تسليم تحت بند الشراكة والإقليم ملفات استراتيجية أساسية، وفقاً لتعبير القطب البرلماني صالح العرموطي، إلى حضن العدو، بما في ذلك أمن الطاقة والأمن المائي، وهي مسألة يقدر العرموطي وغيره بأنها كانت عبارة عن كمين محكم استدرج له الأردن بقدر لا يخفي الآن من الغفلة والسذاجة النخبوية على الأقل. أمام “القدس العربي” أقر الخبير والمفاوض السابق الدكتور دريد المحاسنة بأن إسرائيل ومن عام 1994 تتحايل وتراوغ ولا تلتزم بأي مشروع اتفق عليه لا في النقل ولا في المياه ولا في الزراعة ولا في البيئة. الأهم ما يلي: برمجة شراكة عملية السلام انتهت بوجود عدة خصوم مشتركين لا يقف حجمهم عند حدود التنظيمات المصنفة بالإرهاب ولا عند المجموعات اللبنانية والعراقية والسورية المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، بل يطال أطرافاً في ملفات أساسية وحيوية، من بينها الرغبة في ضبط سلسلة من الانتفاضات الفلسطينية والسيطرة على حركات المقاومة وفصائلها. الأردن في الإسرائيليات طوال الوقت مهووس بتحديين: الأول هو ألا تستخدم أراضيه من قبل إيران وما يسمى بتيار الممانعة أو محور المقاومة في عمل مسلح ضد إسرائيل. والثاني هو ألا تنتقل عدوى الانتفاضة والمقاومة في الأرض المحتلة إلى شرقي نهر الأردن، حيث شعب نصفه على الأقل من المكون الفلسطيني. نمط ليس سهلاً من التحديات دفع باتجاه الشراكة مع إسرائيل، وكان الإطار عقيدة السلام والتفاوض التي نتج عنها بالضرورة عقيدة بيروقراطية موازية لا تملك الخبرة المطلوبة بإدارة شبكة العلاقات والاتصالات الدبلوماسية الأردنية بمعزل عن إسرائيل التي كانت شريكاً في السلام وجاراً يراهن عليه، لكنها انتقلت وتحولت وتبدلت اليوم -كما يصر الدكتور مروان المعشر وهو يحاول لفت أنظار صناع قرار اليوم في بلاده- إلى ضرورة الانتباه لهذا الخطأ. عموماً، تلك البرمجة دفعت طوال الوقت ومنذ 29 عاماً مركز القرار الأردني للرهان على المفاوضين الذين تسلم عدد كبير منهم مواقع مهمة من بينها رئاسات الوزراء وتراكم جيل كبير وواسع من البيروقراطيين والسياسيين الأردنيين يستسهل طوال الوقت فكرة حكومات اليمين ويراهن فقط على الجزء العميق من كيان الاحتلال، ثم تشكلت في الخارطة تلك النخب والأدوات والرموز التي لا تملك أصلاً إلا تصوراً واحداً ويتيماً يربط الدولة الأردنية والمؤسسات بتلك الثنائية مع الإسرائيليين.
انتشروا كالفطر
هؤلاء حصراً انتشروا كالفطر طوال 3 عقود، والبرمجة الإدارية الخاصة بهم كانت ضمن معادلة الشراكة، ما يعني حقيقة واحدة فكرتها أن الشراكة مع الجار الإسرائيلي أقرب إلى عقيدة إدارية وسط شرائح النخب الأردنية. ويفسر ذلك مسلسل إنكار التحولات والوقائع والإصرار على أن اليمين لا يعني إسرائيل والالتزام بالخط الأمريكي العاجز، مما يفسر حالة النكران التي لم تختبر بعد أي حراك دبلوماسي وسياسي وأمني في فضاء إقليمي يعادي إسرائيل. لذلك، يعتقد بأن الصحوة الأردنية المطلوبة صعبة ومعقدة، لكن كل نظام أسس التحالف والبيئة الطبيعية التي تختبرها الأردني الرسمي منذ عقود تبخرت اليوم أو تتلاشى في سياق المتغير الإقليمي، فعمّان طوال الوقت كانت تعيش في أقرب مسافة ممكنة من دول مثل العراق والسعودية ومصر، وبقيت في حضن حالة التجاوب مع الإسرائيليين. الوقائع اليوم تقول بأن العراق وسورية في الحضن الإيراني، وبأن مصر غارقة بمشكلاتها، والسعودية لم تعد مهتمة بالأردن، وإسرائيل انقلبت. ذلك كله يفسر مستوى الارتباك لا بل مستوى الادعاء الملموس من بعض النخب بالاحتفاظ بقوة ناعمة قادرة على إبقاء شبكة المصالح وتتقمص حالة قديمة فكرتها أن الأردن لا يزال باستطاعته التحدث مع جميع الأطراف في الوقت نفسه.
التعليقات