عمان جو - شخّص تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي محددات ومعيقات التنافسية في الأردن. وسلط التقرير السنوي الشامل للمجلس لسنة 2015، والذي حمل عنوان: 'تنافسية الأردن'، الضوء على أهم المفاصل التي تعيق التقدم في تنافسية الأردن وتراجعها في بعض المجالات والتصنيفات. وتميز التقرير، بجرأته وشموليته ومباشرته في طرح المحددات والمعيقات التنافسية، بشكل غير موارب، مشيرا إلى أنه يجب التصدي بقوة لمواطن الضعف التي تحول دون ارتقاء درجات سلم التنافسية، واستغلال الطاقات والإمكانيات التنافسية التي يتمتع الأردن بميزة نسبية فيها، والعمل على تطويرها وتحسينها لتعظيم الإفادة بما يخدم هذا التوجه. ويشار هنا إلى أن ترتيب الأردن في تقارير التنافسية العالمية هو 64 من بين 140 دولة للفترة (2015-2016). وقال التقرير إنّ حجم القطاع العام في الأردن بالنسبة لعدد السكان يعد الأكبر على مستوى العالم ويعاني من الترهل والبيروقراطية، وهو من أبرز محددات التنافسية. كما أشار الى أنّ الأردن ما يزال يراوح مكانه في موضوع اللامركزية، والحكومة الالكترونية، وتطوير ودمج مؤسسات القطاع العام وما يزال المستثمر صاحب المشروع الصغير والمتوسط يواجه مشاكل في مشروعه. واضاف أنّ معدلات الانتاجية للعمالة الأردنية في تراجع مستمر طوال العقد الماضي، فيما أنّ العمالة الأجنبية - الأقل كلفة من العمالة الوطنية – عززت من القدرة التنافسية في قطاعات رئيسية. ودعا التقرير الى ضرورة مراجعة 41 قانونا وتشريعا؛ حيث أنّ هناك تشريعات بحاجة الى تعديل وتحديث وإزالة تشوهات لأنها تتعارض وتتقاطع مع تشريعات أخرى. وأشار التقرير الى أنّ التقارير الدولية تشير الى تراجع جودة تعليم الرياضيات والعلوم في المدارس وتراجع جودة التعليم عموما، مع التأكيد على ضرورة وضع استراتيجية تتضمن اختصار سنوات التعليم من خلال التخلص من 'الحشو' في المناهج والخطط الدراسية والتركيز على المفاهيم النظرية والعملية التطبيقية، ورفع مستوى البحوث التطبيقية. كما لا بد من تحرير التعليم من أي مؤثرات غير أكاديمية ومن حوافز الربح المفرط على حساب النوعية.
في مجال القطاع العام يعتبر تضخم القطاع العام في الأردن من العوامل البارزة التي تحد من تنافسية الاقتصاد إذ أن القطاع العام الأردني هو الأكبر على مستوى العالم بالنسبة لعدد السكان ويعاني من الترهل والبيروقراطية، وتفشي الواسطة والمحسوبية وتدني الإنتاجية بما يؤثر سلبا على التنافسية مما يستدعي تخفيفا لحجم الإنفاق العام تدريجيا وترشيقا مبرمجا لحجم الحكومة والمؤسسات العامة بالتزامن مع اجراءات فاعلة لتحقيق الكفاءة في الادارة بالتزامن مع إجراءات فاعلة لتحقيق الكفاءة في الادارة ومعالجة مشاكل الترهل وتداخل المهام والمسؤوليات ضمن خطة زمنية محددة. ودعت الدراسة الى أهمية أن يترافق تقليص حجم القطاع العام مع تطوير الطابع المؤسسي في عملية صنع القرار بتوجه حثيث نحو المؤسسية، واتخاذ التدابير الكفيلة بتحسين تحصيل الايرادات العامة وإدارتها. وكذلك مع التدابير الهادفة لتحقيق الاصلاحات الهيكلية اضافة الى تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص، ومكافأة المبادرات الفردية والجدارة الشخصية وتغيير هيكل الحوافز التشجيعية. وتعترف الدراسة بأنه 'انقضى زمن طويل على الحديث عن اللامركزية، والحكومة الالكترونية، وتطوير ودمج مؤسسات القطاع العام بما ينسجم مع الحداثة ولكن ما يزال الأردن يراوح مكانه في هذه المجالات وما يزال المستثمر صاحب المشروع الصغير والمتوسط يسعى بنفسه لتجميع أطراف اللجان المختلفة المعنية بترخيص مشروعه والجري لتجميع عشرات الموافقات والتواقيع، والتعرض للاجراءات البيروقراطية، والواسطة ثم انتظار القرار المركزي. في مجال تكلفة عناصر الإنتاج والإنتاجية تعتبر تكلفة عوامل الإنتاج، وهي أهم محددات التنافسية، مرتفعة نسبيا في الأردن. ويصنف الأردن في أدنى قائمة دول العالم بمقياس المشاركة الاقتصادية كما تصنف انتاجية العامل الأردني ضمن أدنى المستويات العالمية. وأشار التقرير الى أنّ معدلات الانتاجية للعمالة الأردنية كانت في تراجع مستمر طوال العقد الماضي، والحقيقة أن مكاسب التنمية لم تقم على تحسين القدرة التنافسية كأساس سليم للسعي لتحقيق النمو الشامل المستدام. ودعا التقرير الى ضرورة التفكير بديناميكية تؤسس لانطلاقة مفهوم تنموي جديد يستند إلى تعظيم مبادئ العمل الجماعي كمنهج أساسي للعمل والسلوك الانتاجي. وتعترف الدراسة بأن وجود العمالة الاجنبية- وهي أقل كلفة من العمالة الوطنية – عزز من القدرة التنافسية في القطاعات الرئيسية وضغط باتجاه خفض أجور الأردنيين فيها لكن 'ثقافة العيب' بقيت سائدة وشجعت على ازدياد التهافت على وظائف القطاع العام الأكثر أمنا وراحة وبقيت مشكلة المواءمة بين العرض والطلب على الايدي العاملة تشمل العديد من القطاعات كمشكلة هيكلية في الاقتصاد تشكل عائقا مهما أمام التنمية وتدعيم التنافسية. وأشارت الى تزايد عدد الأردنيين العاملين في الخارج، وان ارتفاع حوالاتهم يعتبر شريانا مهما مغذيا للاقتصاد، لكن تسرب الكفاءات وهجرة الأدمغة إلى الخارج أثر على الاقتصاد وأضاع العديد من فرص النمو المحلية وسبب نقصا في المهارات اللازمة لتعزيز الانتاجية والابتكار والقدرة على تطوير التكنولوجيات الضرورية لتعزيز التنافسية بقدرات ذاتية. وقالت الدراسة إنه باتت مسألة إحلال العمالة الوافدة أمرا 'ملحا' لا بد أن يتلازم مع الاصلاح الهيكلي في سوق العمل لتكون العمالة الوافدة مكملة وليست بديلة عنها. وأكدت الدراسة على أنه لا بد من تطوير وبناء قاعدة بيانات تفصيلية لسوق العمل، وتعزيز قدرات الجهات الرقابية على ضبط ذلك السوق ضمن أسس واضحة، يمتد بعدها الاصلاح الهيكلي للسوق ليشمل تشجيع مشاركة أكبر للإناث. في مجال المنظومة التشريعية ودعا التقرير الى ضرورة مراجعة 41 قانونا، وأشارت الى أن هناك تشريعات بحاجة الى تعديل وتحديث وازالة تشوهات لأنها تتعارض وتتقاطع مع تشريعات أخرى، وذلك بهدف مواءمتها التنافسية والاستثمار ورفع الكفاءة والانتاجية. واضافت أن هذا يستدعي تعديل عشرات الأنظمة والتعليمات، كما لا بد من استكمال التعديلات التشريعية اللازمة لتشجيع القطاع الخاص للدخول في اتفاقيات شراكة مع القطاع العام لتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، كما دعت الى ضرورة تعزيز ميثاق النزاهة الوطنية وجهود مكافحة الفساد وتحسين كفاءة النظام القضائي. كما دعت الى ضرورة نشر نصوص كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ترتبط بها المملكة (بعضها لم ينشر حتى الآن في الجريدة الرسمية) في مجلد خاص. وأشارت الدراسة إلى أنّ الصورة العامة لاستقلالية القضاء الأردني صورة ايجابية عموما، لكن المجتمع ما يزال أمام تحد أكبر في بناء ثقافة اجتماعية حقيقية من الاحترام والامتثال لحكم القانون في الحياة اليومية. في مجال البنية التحتية ودعت الدراسة الى اعداد استراتيجية وطنية للنقل العام،، وايلاء صيانة شبكة الطرق القائمة الاولوية القصوى واستكمال، شبكة الطرق الرئيسية مع تركيز خاص على انشاء الطرق الدائرية حول المدن الرئيسية لتخفيف، الاختناقات المرورية الحدودية وتطوير المراكز الحدودية ومعالجة الضغط على ميناء العقبة وتوسيع طاقته الاستيعابية. اما المشروع الأهم الذي سيترك أثره الكبير على تنافسية الاقتصاد فهو تنفيذ شبكة السكك الحديد الوطنية. في مجال بيئة الأعمال واعتبرت الدراسة 'بيئة الأعمال' من أكثر المسارات احتياجا للاصلاح في الأردن؛ حيث أن التقارير الدولية تشير الى تدن واضح في تصنيف الأردن بمقاييس مؤشرات البدء في الأعمال وتأسيس المشاريع ورسومها واستصدار التصاريح. وأشارت الى وجود ضعف بنيوي في دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الارتقاء بالتنافسية، وهي التي تعتبر العمود الفقري في تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. في مجال الاقتصاد الكلي لا شك أن استقرار الاقتصاد الكلي حافز أساسي ومشجع للتنافسية، وقد تناول العديد من تقارير التنافسية العالمية وضع الاقتصاد الكلي والسياسة الاقتصادية كأحد المتغيرات الرئيسية المؤثرة على التنافسية فجاء تصنيف الأردن العام الماضي في المرتبة 130 بين 140 دولة في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وفي المرتبة 59 من 61 دولة في الكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن معهد الادارة الدولي عام 2015. فالعجز في موازنة الحكومة هو ثالث أعلى العجوزات في العالم كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وإجمالي المدخرات الوطنية هي من بين أقل ستة نسب إلى الناتج المحلي الاجمالي على مستوى العالم، في حين أن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي الأردني هي من بين أعلى 18 نسبة عالمية رغم أن التصنيف الائتماني للدولة يضعنا في مرتبة متوسطة بين الدول. وقال التقرير إن معدل البطالة هو الأعلى في العالم، مع ملاحظة مفارقة وحيدة أوردتها التقارير؛ إذ كان الأردن أفضل دولة في العالم بمقياس نسبة التغير السنوي في التضخم في عام 2015. وبشكل عام فإن مؤشرات المتغيرات الاقتصادية الكلية تشير إلى أهمية تسريع خطوات الإصلاح الاقتصادي، ولا سيما في مجال الإصلاح الضريبي الذي يؤثر مباشرة على الحوافز الاستثمارية؛ إذ لا بد من توحيد الإعفاءات الضريبية بحسب منهجية مستقرة واضحة وتعديل قانوني ضريبة الدخل والمبيعات باعتماد المعايير الموضوعية. كما لا بد من تعزيز إدارة الإيرادات الضريبية وتحسين كفاءة التحصيل، لا سيما في تحصيل المتأخرات المتراكمة المستحقة للحكومة والتوسع باستخدام التقنيات وتكنولوجيا المعلومات في هذا النطاق. وينبغي إعادة النظر في السياسة الجمركية ضمن إطار شمولي لمختلف الرسوم والضرائب التي أصبح بعضها يشكل عائقا أمام اجتذاب الاستثمارات والارتقاء بالتنافسية. أما موضوع الدين العام، فإن النظرة الحصيفة لإصلاحه لا بد من أن تبدأ بوضع برنامج زمني استرشادي ملزم يضبط 'انفلاته' ويعيد نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى الحد الأعلى المسموح به بموجب قانون الدين العام وهو 60%. ويضبط إصدارات وأدوات الدين العام الداخلي المحررة بالدولار عند حدودها الدنيا. ويرتبط بهذا الموضوع مراجعة شاملة لنهج السياسة المالية من حيث وضع أهداف محددة لتخفيض نسبة العجز المتفاقم في الموازنة العامة وموازنات المؤسسات العامة والوحدات المستقلة وذلك بمراجعة آليات وإجراءات ترشيد النفقات العامة والتركيز على الإنفاق الرأسمالي في المشاريع كثيفة الاستخدام للعمالة وإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه والمعالجة التدريجية لعجز سلطة المياه وعجز شركة الكهرباء الوطنية وإطفاء خسائرهما. كما دعا التقرير الى ضرورة التوسع في استخدام الأنظمة الإلكترونية المساندة، وتعزيز الرقابة المالية المرنة واليقظة، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي بالالزام بنشر البيانات المالية وفق المعايير الدولية شهريا دون تأخير. أما عجز الحساب الجاري فإنه يجب النظر إليه من وجهة نظر شمولية تتصل بمجمل اتجاهات متغيرات ميزان المدفوعات الذي شهد الحساب التجاري فيه تغييرات واسعة بعد هبوط أسعار النفط وما تركته من آثار على المستوردات. وما ستتركه من آثار على حوالات العاملين الأردنيين في الخارج وتدفق المساعدات، ومجمل المتغيرات التي تمت دراستها في هذا التقرير، ولا سيما الآثار التي تركتها الاضطرابات السياسية الإقليمية على حركة الصادرات الأردنية، والدخل السياحي، واتجاهات حساب رأس المال، وضرورة التحوط لها ولأسوأ السيناريوهات المتوقعة. وفيما يتعلق بتراجع أداء السوق المالي، فإن النهوض بسوق عمان المالي يتطلب من هيئة الأوراق المالية دورا طليعيا في الاهتمام الاستثنائي بالسوق الثانوي (اصدارات السندات والصكوك وإصدارات الأسهم الجديدة)، يتزامن مع برنامج لإطلاق صناديق متخصصة لتمويل المشاريع وتحفيز الصناديق الاستثمارية بأنواعها لحشد مزيد من المدخرات المحلية اللازمة للتنمية المستدامة. فيما تنهض البنوك بتقديم أنواع جديدة جذابة من خدمات التجزئة والأوعية الادخارية والاستثمارية والتوسع في تقديم القروض الكبيرة بمفردها أو بتجمع مصرفي لقروض المشاريع الكبرى. ويبدو أنه من الأهمية بمكان في الوقت الراهن إعادة ثقة المستثمرين بالسوق المالي في ضوء التوجه المتزايد للمستثمرين الأردنيين نحو الأسواق المالية الاقليمية والدولية. فبدون السندات والصكوك الإسلامية منها بشكل خاص لن تنتهي معاناة السوق، وهذا بالطبع يستوجب تعديل التشريعات، كما سلف ذكره ففي الأسواق المالية الدولية، مثل بورصة نيويورك تحتل السندات والصكوك نسبة 60% من التداول الإجمالي. وقال التقرير إنّ الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها خلال السنوات الماضية على معظم المتغيرات الاقتصادية الكلية، وأدت - إلى جانب التطورات الإقليمية المتسارعة، إلى تراجع النمو الاقتصادي وركود السوق العقاري وجمود الأسواق، مما ألحق الأذى بتنافسية الاقتصاد، لكن المطلوب الآن إيلاء عناية خاصة لقطاعي المصارف والتأمين، للقيام بتحفيز عمليات الاندماج بين المصارف وتطوير التعاون مع المؤسسات المالية إقليميا ودوليا لزيادة قدرة قطاع البنوك على التعامل مع الصدمات الخارجية وتطبيق اختبارات 'الأوضاع الضاغطة' بشكل دوري نصف سنوي وتطوير أدوات السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار المالي وتطبيق أفضل الممارسات المصرفية وتوسيع المظلة الرقابية للبنك المركزي لتشمل المؤسسات المالية غير المصرفية واستخدام الأدوات والمعايير التي تعزز تطبيق قواعد الحاكمية المؤسسية لدى البنوك بما يضمن زيادة مساهمتها في الإقراض والتمويل التنموي وتدعيم قدرتها التنافسية مقابل المراكز المالية والمصرفية الاقليمية، وتأهيل الأردن لتقديم الخدمات المالية على المستوى الإقليمي باستخدام أوسع للبرامج الذكية والتكنولوجيا الحديثة في تقديم تلك الخدمات وتطوير البيئة التقنية لسوق رأس المال. كما لا بدّ من التركيز على أوجه الاقراض المتخصص بإعادة احياء بنك الانماء الصناعي، وتقديم التسهيلات للتوسع الصناعي المرغوب فيه الذي يستخدم أنماط الانتاج كثيفة الاستخدام للعمالة، وكذلك التركيز على التسهيلات الائتمانية الميسرة للشركات والاعمال الصغيرة والمتوسطة والريادية وتعزيز دور الشركة الاردنية لضمان القروض وكذلك دور مؤسسة ضمان الودائع، والعمل على ابتكار الأدوات الاستثمارية الجاذبة لاستثمارات الأردنيين العاملين في الخارج وتسويقها لجذب مدخراتهم وتوجيهها نحو أوجه الاستثمار المرغوبة لتمتين تنافسية الاقتصاد، وكذلك تعزيز انظمة مكافحة غسل الأموال، واخضاع شركات التأمين لرقابة البنك المركزي الأردني وتشجيعها على الاندماج للوصول إلى شركة تأمين قيادية تدفع نمو وتنافسية ودور قطاع التأمين التنموي، ودراسة امكانيات تبني سياسات التأمين الالزامي على مجموعة من خدمات التأمين التي تحسن صورة تنافسية بعض القطاعات، مثل تجربة الدنمارك والمانيا التي تفرض الزامية التأمين على الخدمات الصحية والاخطاء الطبية، وكما هو الحال ايضا في البحرين والامارات. الا أن الموضوع الأساسي الذي تعرض له هذا التقرير فيما يتصل بالسياسة النقدية هو ما يتعلق بسياسة سعر صرف الدينار الأردني التي خدمت تنافسية الاقتصاد خلال السنوات العشرين الماضية، وبات من المناسب في ضوء المعطيات التي تمت دراستها التوجه نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة بربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات تعكس التوزيع الجغرافي لمدفوعات تجارة الأردن الخارجية ولا بد ايضا من التأكيد على ضرورة ايجاد مستوى تنسيق أكبر بين السياستين المالية والنقدية لما لهذا التناغم المطلوب بينهما من آثار ايجابية على استقرار الاقتصاد الكلي كمحفز أساس ي للتنافسية. في مجال التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي يعتبر قطاع التعليم أحد روافع تنافسية الاقتصاد الأردني لدوره في تنمية الأردن والانسان وتميز مخرجاته البشرية التي كانت وما تزال مطلوبة في دول الخليج العربي ما اسبغ عليه ميزة تنافسية عربية. وتشير تقارير التنافسية الدولية إلى تراجع جودة تعليم الرياضيات والعلوم في المدارس، وتراجع جودة التعليم عموما في السنوات الأخيرة والى العديد من المشاكل ومواطن الضعف التي يعانيها هذا القطاع. ما يستوجب اجراءات تصحيحية اصلاحية حثيثة للمحافظة على هذا القطاع كقطاع تنافسي جاذب. واشار التقرير الى ضرورة تطوير البنية التحتية في المؤسسات التعليمية، مقترحا اشراك القطاع الخاص. كما أكدت الدراسة على ضرورة تحديث المناهج الدراسية على جميع المستويات ونشر مجموعة من التدابير لتحسين وقياس مخرجات التعليم الاساسية لكل فئة عمرية ومتابعة مخرجات التعليم واجتذاب أفضل المواهب في مهنة التدريس ومكافأتها ضمن اطار من الحوافز. وقالت إنه في ضوء تراجع معدلات الانفاق على البحث العلمي والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، فإنه يمكن التفكير بزيادة هذه المعدلات بنسبة معينة كل 5 سنوات ضمن استراتيجية معلنة لتطوير جودة التعليم، ويحبذ أن تتضمن تلك الاستراتيجية اختصار سنوات التعليم من خلال التخلص من 'الحشو' في المناهج والخطط الدراسية والتركيز على المفاهيم النظرية والعملية التطبيقية، ورفع مستوى البحوث التطبيقية، واعتماد وسائل تكنولوجيا المعلومات المتطورة بكثافة بحيث يتم تيسير الحصول على المعلومة خارج الحصص الدراسية بشكل أكبر وحل المسائل في الصفوف وليس في المنزل بعكس الطريقة التعليمية الحالية واعتماد أساليب تدريس المجموعات الصغيرة والتدريس التفاعلي. لقد لاحظت معظم تقارير التنافسية الدولية ضعف الشراكات بين المؤسسات التعليمية وقطاع الصناعة كإحدى الثغرات الرئيسية في نظام التعليم، لذا فإنه لا بد من هذه العلاقة بما يعكس اندماج وانخراط أكاديمي بالبحث الصناعي والابتكار والاسترشاد بتجارب بعض الجامعات التي أطلقت حاضنات أعمال ومراكز بحث وشركات أعمال تكنولوجية، كما أكدت أهمية تشجيع الدول على الانتقال الطلبة لخارج بلادهم. وقالت الدراسة إنّ ربط اعتماد الجامعات وتمويلها بالامتثال لمعايير التميز اصبح ضرورة بعد مراجعة ووضع افضل معايير الممارسات العالمية للتميز، وذلك للارتقاء بجودة التعليم، إضافة الى تعزيز المطابقة بين الأنشطة التعليمية والاحتياجات الحقيقية لسوق العمل. كما لا بد من تحرير التعليم من أي مؤثرات غير أكاديمية ومن حوافز الربح المفرط على حساب النوعية. في مجال القطاع الصحي يشكل القطاع الطبي ميزة تنافسية اردنية بامتياز، ويرتبط مع قطاع السياحة التنافسي، اذ تعد السياحة العلاجية الاردنية واعدة رغم معوقات الاوضاع السياسية الاقليمية المضطربة، وهو قطاع ينبغي ان يحظى بالعناية الخاصة لارتباطه بقطاع تنافسي كبير هو الصناعات الدوائية، التي يتوجب العمل على تطوير بنيتها التكنولوجية الحيوية التحتية بتوحيد المتطلبات التقنية لتسجيل المستحضرات الدوائية، واختصار اجراءات ووقت تسجيلها واعتمادها، ودعم نشاطات البحث والتطوير والابتكار المستمر فيها، وتشجيع شركات الدواء الاجنبية على اقامة فروع لها في الاردن لتشجيع نقل المعرفة والتطوير، وايضا تشجيع عقد اتفاقيات الشراكات والاندماج مع الشركات العالمية الاوروبية والاميركية، وتشجيعها على اقتحام الاسواق التصديرية الجديدة في شمال افريقيا والعالم، والتركيز على الاستفادة من اوجه التعاون مع قطاع زراعة النباتات والاعشاب الطبية والعطرية واستغلال هذه الميزة التنافسية الاضافية. لقد اصبح الاردن مقصداً لكثير من المرضى العرب والاجانب، ولكن التحدي الاكبر الذي يواجه القطاع الصحي من وجهة النظر التنافسية هو في محور الجودة التي لا غنى عن تطبيق مبادئها الشاملة، وتحسين جودة خدمات الاسعاف والطوارئ، وخدمات المراكز الصحية، والرقابة على الغذاء والدواء، وزيادة اعتمادية المستشفيات والمراكز الصحية وفق المعايير الدولية. ودعا التقرير الى ضرورة الشروع بالاجراءات العملية لوضع تصور تدريجي لإنشاء نظام تأمين صحي وطني شامل وموحد ضمن خطة زمنية محددة. وثمة الكثير من التحديات الجلية والمتنامية؛ اذ يعاني الاردنيون من أحد أعلى المعدلات في العالم في انتشار الامراض غير المعدية كالسكري والضغط بكلفتها المرتفعة على المجتمع وآثارها السلبية على التنافسية، مما يتطلب حملة جادة لتشجيع الاردنيين على تحسين انماط حياتهم وطعامهم ووعيهم الصحي. ودعا التقرير الى تفعيل دور المجلس الصحي العالي لوضع المؤشرات الوطنية التي تنسجم مع هدف رفع سوية الخدمات الصحية وجودتها. في مجال القطاع السياحي تعرض قطاع السياحة الأردني لصدمة قوية نتيجة التطورات السياسية الاقليمية أدت لتراجعه، فيما ما يزال الأردن غير قادر على تخفيض أسعار خدماته السياحية بالمقارنة مع دول الجوار، مما يفرض ابتكار حلول في مقدمتها تفعيل دور المؤسسات الفردية الصغيرة والمتوسطة الحجم العاملة فيه، والقادرة على خلق عدد أكبر من فرص العمل، وبناء الخبرات والثقافة السياحية. إن هذا القطاع بحاجة ماسة اليوم الى تطوير الانماط السياحية الواعدة فيه كالسياحة الدينية، والسعي لاستحداث مسارات سياحية جديدة، وتطوير القائم منها في المملكة في مختلف المحافظات، وذلك باستغلال ميزة جاذبية الاردن السياحية، وسمعته كوجهة سياحية آمنة، لتعظيم استفادته في مجال سياحة المؤتمرات والمعارض، والسعي لتسويقه دبلوماسياً ليكون مقراً للكثير من المنظمات الدولية والاقليمية والنشاط الدبلوماسي المتزايد على أرضه، وتحفيز استضافته للمؤتمرات واللقاءات الدولية في مختلف التوجهات والاهتمامات. وأوصى التقرير بضرورة انشاء شركة مشتركة بين القطاعين العام والخاص لادارة المواقع السياحية، وذلك من أجل خلق خدمات نوعية متميزة ومتجانسة مقابل تقاضي نسبة مئوية من ايرادات تلك المواقع. والواقع ان هناك العديد من جوانب تطوير التسويق السياحي سواء عبر انظمة التوزيع والتواصل الالكترونية، او عبر وكلاء السياحة، او المنظمين لبرامج السياحة، او من خلال الاتحادات او الجمعيات، وتطوير عمليات الترويج وسياسات الاعلان مثلاً، كما اقترح السفير الصيني في الأردن في الجلسة الحوارية التي استضافها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتحدث فيها في اواخر العام 2016 ان يتم تسويق الاردن سياحياً في الصين عبر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي باللغة الصينية، وتوفير ادلاء سياحيين يتحدثون بهذه اللغة، فالاردن مطالب بالتوجه الى الاسواق الجديدة غير التقليدية و تطوير المواقع السياحية المهمشة وغير المستغلة، وتعزيز البنية السياحية التحتية ببناء الفنادق والنزل البيئية في المخيمات والمواقع البيئية كوادي نهر الأردن ووادي رم وغيرها، واستحداث مسارات سياحية جديدة كتشجيع المعارض الاقليمية، والمهرجانات الفنية، والانشطة السياحية الثقافية، والسياحة الرياضية والصحراوية وسياحة التسوق وما شاكلها من تنوعات سياحية لكن تطوير النقل السياحي بايجاد روابط نقل سريعة مباشرة بين المواقع السياحية يعتبر زكيزة اساسية في السعي لتطوير المنتج السياحي الذي ما يزال يفتقر الى تطوير البنى التحتية وتعزيز وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية المتصلة به وهي المسؤولية التي لا تقع على وزارة السياحة والآثار أو المؤسسات الحكومية وحدها وانما يستحسن فتح المجال امام القطاع الخاص لادارة مراكز التدريب التابعة لمؤسسة التدريب المهني وفقاً للشروط التي يتفق عليها مع الحكومة. في مجال التشاركية من المفيد جداً تفعيل دور المجلس الوطني للتنافسية في تكوين فريق استشاري مع غرف الصناعة والتجارة وجمعيات الاعمال القطاعية والنقابات وممثلي القطاع الخاص والحكومة، للعمل على وضع الآليات اللازمة لتحقيق الربط التشابكي بين القطاعات التنافسية الواعدة، وتوجيه مؤسسات التعليم والتدريب المهني لدعم احتياجات تنمية القوى العاملة في تلك القطاعات، وتعزيز دور الحكومة التنظيمي في معالجة الممارسات المخلة بالمنافسة التي تسهم في رفع الاسعار بشكل غير مبرر او خفض جودة المنتجات والخدمات المتقدمة للمستهلكين وتحد من قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو وتوسيع نطاق اعمالها. ودراسة جدوى بعض الافكار التنافسية المطوحة كدراسة جدوى جعل الاردن كله منطقة تنموية واحدة. في مجال الاضطراب الإقليمي ثمة ضرورة للنظر الى التحدي المتمثل بالمسألة السورية كتحد قائم ومستمر على الأجل المنظور، ودراسة أنجع الأساليب للتعامل معه، وتعظيم اوجه الاستفادة منه لتعزيز تنافسية الاقتصاد. وكذلك ضرورة استثمار الاختراق الكبير الذي أتاحته الدول الاوروبية في مؤتمر لندن الذي عقد في شباط (فبراير) من عام 2016 لمساعدة الدول المضيفة للاجئين السوريين يتخفيف شروطها المتعلقة 'بقواعد المنشأ'، أمام الصادرات الاردنية، وذلك باجراء دراسة عاجلة للشروط والمتطلبات الاوروبية الجديدة وكيفية الاستفادة منها لتعزيز تنافسية الاقتصاد، وتحديد مجالات ومدى الاستفادة الفعلية، علماً بأن التفاوض بين المجموعة الاوروبية والأردن بهذ الشأن سوف تبدأ في الاشهر المقبلة لإعطاء الأردن فترة انتقالية مدتها 10 سنوات وسيتم خلالها تبسيط قواعد المنشأ أمام الصادرات الأردنية.
عمان جو - شخّص تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي محددات ومعيقات التنافسية في الأردن. وسلط التقرير السنوي الشامل للمجلس لسنة 2015، والذي حمل عنوان: 'تنافسية الأردن'، الضوء على أهم المفاصل التي تعيق التقدم في تنافسية الأردن وتراجعها في بعض المجالات والتصنيفات. وتميز التقرير، بجرأته وشموليته ومباشرته في طرح المحددات والمعيقات التنافسية، بشكل غير موارب، مشيرا إلى أنه يجب التصدي بقوة لمواطن الضعف التي تحول دون ارتقاء درجات سلم التنافسية، واستغلال الطاقات والإمكانيات التنافسية التي يتمتع الأردن بميزة نسبية فيها، والعمل على تطويرها وتحسينها لتعظيم الإفادة بما يخدم هذا التوجه. ويشار هنا إلى أن ترتيب الأردن في تقارير التنافسية العالمية هو 64 من بين 140 دولة للفترة (2015-2016). وقال التقرير إنّ حجم القطاع العام في الأردن بالنسبة لعدد السكان يعد الأكبر على مستوى العالم ويعاني من الترهل والبيروقراطية، وهو من أبرز محددات التنافسية. كما أشار الى أنّ الأردن ما يزال يراوح مكانه في موضوع اللامركزية، والحكومة الالكترونية، وتطوير ودمج مؤسسات القطاع العام وما يزال المستثمر صاحب المشروع الصغير والمتوسط يواجه مشاكل في مشروعه. واضاف أنّ معدلات الانتاجية للعمالة الأردنية في تراجع مستمر طوال العقد الماضي، فيما أنّ العمالة الأجنبية - الأقل كلفة من العمالة الوطنية – عززت من القدرة التنافسية في قطاعات رئيسية. ودعا التقرير الى ضرورة مراجعة 41 قانونا وتشريعا؛ حيث أنّ هناك تشريعات بحاجة الى تعديل وتحديث وإزالة تشوهات لأنها تتعارض وتتقاطع مع تشريعات أخرى. وأشار التقرير الى أنّ التقارير الدولية تشير الى تراجع جودة تعليم الرياضيات والعلوم في المدارس وتراجع جودة التعليم عموما، مع التأكيد على ضرورة وضع استراتيجية تتضمن اختصار سنوات التعليم من خلال التخلص من 'الحشو' في المناهج والخطط الدراسية والتركيز على المفاهيم النظرية والعملية التطبيقية، ورفع مستوى البحوث التطبيقية. كما لا بد من تحرير التعليم من أي مؤثرات غير أكاديمية ومن حوافز الربح المفرط على حساب النوعية.
في مجال القطاع العام يعتبر تضخم القطاع العام في الأردن من العوامل البارزة التي تحد من تنافسية الاقتصاد إذ أن القطاع العام الأردني هو الأكبر على مستوى العالم بالنسبة لعدد السكان ويعاني من الترهل والبيروقراطية، وتفشي الواسطة والمحسوبية وتدني الإنتاجية بما يؤثر سلبا على التنافسية مما يستدعي تخفيفا لحجم الإنفاق العام تدريجيا وترشيقا مبرمجا لحجم الحكومة والمؤسسات العامة بالتزامن مع اجراءات فاعلة لتحقيق الكفاءة في الادارة بالتزامن مع إجراءات فاعلة لتحقيق الكفاءة في الادارة ومعالجة مشاكل الترهل وتداخل المهام والمسؤوليات ضمن خطة زمنية محددة. ودعت الدراسة الى أهمية أن يترافق تقليص حجم القطاع العام مع تطوير الطابع المؤسسي في عملية صنع القرار بتوجه حثيث نحو المؤسسية، واتخاذ التدابير الكفيلة بتحسين تحصيل الايرادات العامة وإدارتها. وكذلك مع التدابير الهادفة لتحقيق الاصلاحات الهيكلية اضافة الى تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص، ومكافأة المبادرات الفردية والجدارة الشخصية وتغيير هيكل الحوافز التشجيعية. وتعترف الدراسة بأنه 'انقضى زمن طويل على الحديث عن اللامركزية، والحكومة الالكترونية، وتطوير ودمج مؤسسات القطاع العام بما ينسجم مع الحداثة ولكن ما يزال الأردن يراوح مكانه في هذه المجالات وما يزال المستثمر صاحب المشروع الصغير والمتوسط يسعى بنفسه لتجميع أطراف اللجان المختلفة المعنية بترخيص مشروعه والجري لتجميع عشرات الموافقات والتواقيع، والتعرض للاجراءات البيروقراطية، والواسطة ثم انتظار القرار المركزي. في مجال تكلفة عناصر الإنتاج والإنتاجية تعتبر تكلفة عوامل الإنتاج، وهي أهم محددات التنافسية، مرتفعة نسبيا في الأردن. ويصنف الأردن في أدنى قائمة دول العالم بمقياس المشاركة الاقتصادية كما تصنف انتاجية العامل الأردني ضمن أدنى المستويات العالمية. وأشار التقرير الى أنّ معدلات الانتاجية للعمالة الأردنية كانت في تراجع مستمر طوال العقد الماضي، والحقيقة أن مكاسب التنمية لم تقم على تحسين القدرة التنافسية كأساس سليم للسعي لتحقيق النمو الشامل المستدام. ودعا التقرير الى ضرورة التفكير بديناميكية تؤسس لانطلاقة مفهوم تنموي جديد يستند إلى تعظيم مبادئ العمل الجماعي كمنهج أساسي للعمل والسلوك الانتاجي. وتعترف الدراسة بأن وجود العمالة الاجنبية- وهي أقل كلفة من العمالة الوطنية – عزز من القدرة التنافسية في القطاعات الرئيسية وضغط باتجاه خفض أجور الأردنيين فيها لكن 'ثقافة العيب' بقيت سائدة وشجعت على ازدياد التهافت على وظائف القطاع العام الأكثر أمنا وراحة وبقيت مشكلة المواءمة بين العرض والطلب على الايدي العاملة تشمل العديد من القطاعات كمشكلة هيكلية في الاقتصاد تشكل عائقا مهما أمام التنمية وتدعيم التنافسية. وأشارت الى تزايد عدد الأردنيين العاملين في الخارج، وان ارتفاع حوالاتهم يعتبر شريانا مهما مغذيا للاقتصاد، لكن تسرب الكفاءات وهجرة الأدمغة إلى الخارج أثر على الاقتصاد وأضاع العديد من فرص النمو المحلية وسبب نقصا في المهارات اللازمة لتعزيز الانتاجية والابتكار والقدرة على تطوير التكنولوجيات الضرورية لتعزيز التنافسية بقدرات ذاتية. وقالت الدراسة إنه باتت مسألة إحلال العمالة الوافدة أمرا 'ملحا' لا بد أن يتلازم مع الاصلاح الهيكلي في سوق العمل لتكون العمالة الوافدة مكملة وليست بديلة عنها. وأكدت الدراسة على أنه لا بد من تطوير وبناء قاعدة بيانات تفصيلية لسوق العمل، وتعزيز قدرات الجهات الرقابية على ضبط ذلك السوق ضمن أسس واضحة، يمتد بعدها الاصلاح الهيكلي للسوق ليشمل تشجيع مشاركة أكبر للإناث. في مجال المنظومة التشريعية ودعا التقرير الى ضرورة مراجعة 41 قانونا، وأشارت الى أن هناك تشريعات بحاجة الى تعديل وتحديث وازالة تشوهات لأنها تتعارض وتتقاطع مع تشريعات أخرى، وذلك بهدف مواءمتها التنافسية والاستثمار ورفع الكفاءة والانتاجية. واضافت أن هذا يستدعي تعديل عشرات الأنظمة والتعليمات، كما لا بد من استكمال التعديلات التشريعية اللازمة لتشجيع القطاع الخاص للدخول في اتفاقيات شراكة مع القطاع العام لتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، كما دعت الى ضرورة تعزيز ميثاق النزاهة الوطنية وجهود مكافحة الفساد وتحسين كفاءة النظام القضائي. كما دعت الى ضرورة نشر نصوص كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ترتبط بها المملكة (بعضها لم ينشر حتى الآن في الجريدة الرسمية) في مجلد خاص. وأشارت الدراسة إلى أنّ الصورة العامة لاستقلالية القضاء الأردني صورة ايجابية عموما، لكن المجتمع ما يزال أمام تحد أكبر في بناء ثقافة اجتماعية حقيقية من الاحترام والامتثال لحكم القانون في الحياة اليومية. في مجال البنية التحتية ودعت الدراسة الى اعداد استراتيجية وطنية للنقل العام،، وايلاء صيانة شبكة الطرق القائمة الاولوية القصوى واستكمال، شبكة الطرق الرئيسية مع تركيز خاص على انشاء الطرق الدائرية حول المدن الرئيسية لتخفيف، الاختناقات المرورية الحدودية وتطوير المراكز الحدودية ومعالجة الضغط على ميناء العقبة وتوسيع طاقته الاستيعابية. اما المشروع الأهم الذي سيترك أثره الكبير على تنافسية الاقتصاد فهو تنفيذ شبكة السكك الحديد الوطنية. في مجال بيئة الأعمال واعتبرت الدراسة 'بيئة الأعمال' من أكثر المسارات احتياجا للاصلاح في الأردن؛ حيث أن التقارير الدولية تشير الى تدن واضح في تصنيف الأردن بمقاييس مؤشرات البدء في الأعمال وتأسيس المشاريع ورسومها واستصدار التصاريح. وأشارت الى وجود ضعف بنيوي في دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الارتقاء بالتنافسية، وهي التي تعتبر العمود الفقري في تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. في مجال الاقتصاد الكلي لا شك أن استقرار الاقتصاد الكلي حافز أساسي ومشجع للتنافسية، وقد تناول العديد من تقارير التنافسية العالمية وضع الاقتصاد الكلي والسياسة الاقتصادية كأحد المتغيرات الرئيسية المؤثرة على التنافسية فجاء تصنيف الأردن العام الماضي في المرتبة 130 بين 140 دولة في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وفي المرتبة 59 من 61 دولة في الكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن معهد الادارة الدولي عام 2015. فالعجز في موازنة الحكومة هو ثالث أعلى العجوزات في العالم كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وإجمالي المدخرات الوطنية هي من بين أقل ستة نسب إلى الناتج المحلي الاجمالي على مستوى العالم، في حين أن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي الأردني هي من بين أعلى 18 نسبة عالمية رغم أن التصنيف الائتماني للدولة يضعنا في مرتبة متوسطة بين الدول. وقال التقرير إن معدل البطالة هو الأعلى في العالم، مع ملاحظة مفارقة وحيدة أوردتها التقارير؛ إذ كان الأردن أفضل دولة في العالم بمقياس نسبة التغير السنوي في التضخم في عام 2015. وبشكل عام فإن مؤشرات المتغيرات الاقتصادية الكلية تشير إلى أهمية تسريع خطوات الإصلاح الاقتصادي، ولا سيما في مجال الإصلاح الضريبي الذي يؤثر مباشرة على الحوافز الاستثمارية؛ إذ لا بد من توحيد الإعفاءات الضريبية بحسب منهجية مستقرة واضحة وتعديل قانوني ضريبة الدخل والمبيعات باعتماد المعايير الموضوعية. كما لا بد من تعزيز إدارة الإيرادات الضريبية وتحسين كفاءة التحصيل، لا سيما في تحصيل المتأخرات المتراكمة المستحقة للحكومة والتوسع باستخدام التقنيات وتكنولوجيا المعلومات في هذا النطاق. وينبغي إعادة النظر في السياسة الجمركية ضمن إطار شمولي لمختلف الرسوم والضرائب التي أصبح بعضها يشكل عائقا أمام اجتذاب الاستثمارات والارتقاء بالتنافسية. أما موضوع الدين العام، فإن النظرة الحصيفة لإصلاحه لا بد من أن تبدأ بوضع برنامج زمني استرشادي ملزم يضبط 'انفلاته' ويعيد نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى الحد الأعلى المسموح به بموجب قانون الدين العام وهو 60%. ويضبط إصدارات وأدوات الدين العام الداخلي المحررة بالدولار عند حدودها الدنيا. ويرتبط بهذا الموضوع مراجعة شاملة لنهج السياسة المالية من حيث وضع أهداف محددة لتخفيض نسبة العجز المتفاقم في الموازنة العامة وموازنات المؤسسات العامة والوحدات المستقلة وذلك بمراجعة آليات وإجراءات ترشيد النفقات العامة والتركيز على الإنفاق الرأسمالي في المشاريع كثيفة الاستخدام للعمالة وإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه والمعالجة التدريجية لعجز سلطة المياه وعجز شركة الكهرباء الوطنية وإطفاء خسائرهما. كما دعا التقرير الى ضرورة التوسع في استخدام الأنظمة الإلكترونية المساندة، وتعزيز الرقابة المالية المرنة واليقظة، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي بالالزام بنشر البيانات المالية وفق المعايير الدولية شهريا دون تأخير. أما عجز الحساب الجاري فإنه يجب النظر إليه من وجهة نظر شمولية تتصل بمجمل اتجاهات متغيرات ميزان المدفوعات الذي شهد الحساب التجاري فيه تغييرات واسعة بعد هبوط أسعار النفط وما تركته من آثار على المستوردات. وما ستتركه من آثار على حوالات العاملين الأردنيين في الخارج وتدفق المساعدات، ومجمل المتغيرات التي تمت دراستها في هذا التقرير، ولا سيما الآثار التي تركتها الاضطرابات السياسية الإقليمية على حركة الصادرات الأردنية، والدخل السياحي، واتجاهات حساب رأس المال، وضرورة التحوط لها ولأسوأ السيناريوهات المتوقعة. وفيما يتعلق بتراجع أداء السوق المالي، فإن النهوض بسوق عمان المالي يتطلب من هيئة الأوراق المالية دورا طليعيا في الاهتمام الاستثنائي بالسوق الثانوي (اصدارات السندات والصكوك وإصدارات الأسهم الجديدة)، يتزامن مع برنامج لإطلاق صناديق متخصصة لتمويل المشاريع وتحفيز الصناديق الاستثمارية بأنواعها لحشد مزيد من المدخرات المحلية اللازمة للتنمية المستدامة. فيما تنهض البنوك بتقديم أنواع جديدة جذابة من خدمات التجزئة والأوعية الادخارية والاستثمارية والتوسع في تقديم القروض الكبيرة بمفردها أو بتجمع مصرفي لقروض المشاريع الكبرى. ويبدو أنه من الأهمية بمكان في الوقت الراهن إعادة ثقة المستثمرين بالسوق المالي في ضوء التوجه المتزايد للمستثمرين الأردنيين نحو الأسواق المالية الاقليمية والدولية. فبدون السندات والصكوك الإسلامية منها بشكل خاص لن تنتهي معاناة السوق، وهذا بالطبع يستوجب تعديل التشريعات، كما سلف ذكره ففي الأسواق المالية الدولية، مثل بورصة نيويورك تحتل السندات والصكوك نسبة 60% من التداول الإجمالي. وقال التقرير إنّ الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها خلال السنوات الماضية على معظم المتغيرات الاقتصادية الكلية، وأدت - إلى جانب التطورات الإقليمية المتسارعة، إلى تراجع النمو الاقتصادي وركود السوق العقاري وجمود الأسواق، مما ألحق الأذى بتنافسية الاقتصاد، لكن المطلوب الآن إيلاء عناية خاصة لقطاعي المصارف والتأمين، للقيام بتحفيز عمليات الاندماج بين المصارف وتطوير التعاون مع المؤسسات المالية إقليميا ودوليا لزيادة قدرة قطاع البنوك على التعامل مع الصدمات الخارجية وتطبيق اختبارات 'الأوضاع الضاغطة' بشكل دوري نصف سنوي وتطوير أدوات السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار المالي وتطبيق أفضل الممارسات المصرفية وتوسيع المظلة الرقابية للبنك المركزي لتشمل المؤسسات المالية غير المصرفية واستخدام الأدوات والمعايير التي تعزز تطبيق قواعد الحاكمية المؤسسية لدى البنوك بما يضمن زيادة مساهمتها في الإقراض والتمويل التنموي وتدعيم قدرتها التنافسية مقابل المراكز المالية والمصرفية الاقليمية، وتأهيل الأردن لتقديم الخدمات المالية على المستوى الإقليمي باستخدام أوسع للبرامج الذكية والتكنولوجيا الحديثة في تقديم تلك الخدمات وتطوير البيئة التقنية لسوق رأس المال. كما لا بدّ من التركيز على أوجه الاقراض المتخصص بإعادة احياء بنك الانماء الصناعي، وتقديم التسهيلات للتوسع الصناعي المرغوب فيه الذي يستخدم أنماط الانتاج كثيفة الاستخدام للعمالة، وكذلك التركيز على التسهيلات الائتمانية الميسرة للشركات والاعمال الصغيرة والمتوسطة والريادية وتعزيز دور الشركة الاردنية لضمان القروض وكذلك دور مؤسسة ضمان الودائع، والعمل على ابتكار الأدوات الاستثمارية الجاذبة لاستثمارات الأردنيين العاملين في الخارج وتسويقها لجذب مدخراتهم وتوجيهها نحو أوجه الاستثمار المرغوبة لتمتين تنافسية الاقتصاد، وكذلك تعزيز انظمة مكافحة غسل الأموال، واخضاع شركات التأمين لرقابة البنك المركزي الأردني وتشجيعها على الاندماج للوصول إلى شركة تأمين قيادية تدفع نمو وتنافسية ودور قطاع التأمين التنموي، ودراسة امكانيات تبني سياسات التأمين الالزامي على مجموعة من خدمات التأمين التي تحسن صورة تنافسية بعض القطاعات، مثل تجربة الدنمارك والمانيا التي تفرض الزامية التأمين على الخدمات الصحية والاخطاء الطبية، وكما هو الحال ايضا في البحرين والامارات. الا أن الموضوع الأساسي الذي تعرض له هذا التقرير فيما يتصل بالسياسة النقدية هو ما يتعلق بسياسة سعر صرف الدينار الأردني التي خدمت تنافسية الاقتصاد خلال السنوات العشرين الماضية، وبات من المناسب في ضوء المعطيات التي تمت دراستها التوجه نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة بربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات تعكس التوزيع الجغرافي لمدفوعات تجارة الأردن الخارجية ولا بد ايضا من التأكيد على ضرورة ايجاد مستوى تنسيق أكبر بين السياستين المالية والنقدية لما لهذا التناغم المطلوب بينهما من آثار ايجابية على استقرار الاقتصاد الكلي كمحفز أساس ي للتنافسية. في مجال التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي يعتبر قطاع التعليم أحد روافع تنافسية الاقتصاد الأردني لدوره في تنمية الأردن والانسان وتميز مخرجاته البشرية التي كانت وما تزال مطلوبة في دول الخليج العربي ما اسبغ عليه ميزة تنافسية عربية. وتشير تقارير التنافسية الدولية إلى تراجع جودة تعليم الرياضيات والعلوم في المدارس، وتراجع جودة التعليم عموما في السنوات الأخيرة والى العديد من المشاكل ومواطن الضعف التي يعانيها هذا القطاع. ما يستوجب اجراءات تصحيحية اصلاحية حثيثة للمحافظة على هذا القطاع كقطاع تنافسي جاذب. واشار التقرير الى ضرورة تطوير البنية التحتية في المؤسسات التعليمية، مقترحا اشراك القطاع الخاص. كما أكدت الدراسة على ضرورة تحديث المناهج الدراسية على جميع المستويات ونشر مجموعة من التدابير لتحسين وقياس مخرجات التعليم الاساسية لكل فئة عمرية ومتابعة مخرجات التعليم واجتذاب أفضل المواهب في مهنة التدريس ومكافأتها ضمن اطار من الحوافز. وقالت إنه في ضوء تراجع معدلات الانفاق على البحث العلمي والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، فإنه يمكن التفكير بزيادة هذه المعدلات بنسبة معينة كل 5 سنوات ضمن استراتيجية معلنة لتطوير جودة التعليم، ويحبذ أن تتضمن تلك الاستراتيجية اختصار سنوات التعليم من خلال التخلص من 'الحشو' في المناهج والخطط الدراسية والتركيز على المفاهيم النظرية والعملية التطبيقية، ورفع مستوى البحوث التطبيقية، واعتماد وسائل تكنولوجيا المعلومات المتطورة بكثافة بحيث يتم تيسير الحصول على المعلومة خارج الحصص الدراسية بشكل أكبر وحل المسائل في الصفوف وليس في المنزل بعكس الطريقة التعليمية الحالية واعتماد أساليب تدريس المجموعات الصغيرة والتدريس التفاعلي. لقد لاحظت معظم تقارير التنافسية الدولية ضعف الشراكات بين المؤسسات التعليمية وقطاع الصناعة كإحدى الثغرات الرئيسية في نظام التعليم، لذا فإنه لا بد من هذه العلاقة بما يعكس اندماج وانخراط أكاديمي بالبحث الصناعي والابتكار والاسترشاد بتجارب بعض الجامعات التي أطلقت حاضنات أعمال ومراكز بحث وشركات أعمال تكنولوجية، كما أكدت أهمية تشجيع الدول على الانتقال الطلبة لخارج بلادهم. وقالت الدراسة إنّ ربط اعتماد الجامعات وتمويلها بالامتثال لمعايير التميز اصبح ضرورة بعد مراجعة ووضع افضل معايير الممارسات العالمية للتميز، وذلك للارتقاء بجودة التعليم، إضافة الى تعزيز المطابقة بين الأنشطة التعليمية والاحتياجات الحقيقية لسوق العمل. كما لا بد من تحرير التعليم من أي مؤثرات غير أكاديمية ومن حوافز الربح المفرط على حساب النوعية. في مجال القطاع الصحي يشكل القطاع الطبي ميزة تنافسية اردنية بامتياز، ويرتبط مع قطاع السياحة التنافسي، اذ تعد السياحة العلاجية الاردنية واعدة رغم معوقات الاوضاع السياسية الاقليمية المضطربة، وهو قطاع ينبغي ان يحظى بالعناية الخاصة لارتباطه بقطاع تنافسي كبير هو الصناعات الدوائية، التي يتوجب العمل على تطوير بنيتها التكنولوجية الحيوية التحتية بتوحيد المتطلبات التقنية لتسجيل المستحضرات الدوائية، واختصار اجراءات ووقت تسجيلها واعتمادها، ودعم نشاطات البحث والتطوير والابتكار المستمر فيها، وتشجيع شركات الدواء الاجنبية على اقامة فروع لها في الاردن لتشجيع نقل المعرفة والتطوير، وايضا تشجيع عقد اتفاقيات الشراكات والاندماج مع الشركات العالمية الاوروبية والاميركية، وتشجيعها على اقتحام الاسواق التصديرية الجديدة في شمال افريقيا والعالم، والتركيز على الاستفادة من اوجه التعاون مع قطاع زراعة النباتات والاعشاب الطبية والعطرية واستغلال هذه الميزة التنافسية الاضافية. لقد اصبح الاردن مقصداً لكثير من المرضى العرب والاجانب، ولكن التحدي الاكبر الذي يواجه القطاع الصحي من وجهة النظر التنافسية هو في محور الجودة التي لا غنى عن تطبيق مبادئها الشاملة، وتحسين جودة خدمات الاسعاف والطوارئ، وخدمات المراكز الصحية، والرقابة على الغذاء والدواء، وزيادة اعتمادية المستشفيات والمراكز الصحية وفق المعايير الدولية. ودعا التقرير الى ضرورة الشروع بالاجراءات العملية لوضع تصور تدريجي لإنشاء نظام تأمين صحي وطني شامل وموحد ضمن خطة زمنية محددة. وثمة الكثير من التحديات الجلية والمتنامية؛ اذ يعاني الاردنيون من أحد أعلى المعدلات في العالم في انتشار الامراض غير المعدية كالسكري والضغط بكلفتها المرتفعة على المجتمع وآثارها السلبية على التنافسية، مما يتطلب حملة جادة لتشجيع الاردنيين على تحسين انماط حياتهم وطعامهم ووعيهم الصحي. ودعا التقرير الى تفعيل دور المجلس الصحي العالي لوضع المؤشرات الوطنية التي تنسجم مع هدف رفع سوية الخدمات الصحية وجودتها. في مجال القطاع السياحي تعرض قطاع السياحة الأردني لصدمة قوية نتيجة التطورات السياسية الاقليمية أدت لتراجعه، فيما ما يزال الأردن غير قادر على تخفيض أسعار خدماته السياحية بالمقارنة مع دول الجوار، مما يفرض ابتكار حلول في مقدمتها تفعيل دور المؤسسات الفردية الصغيرة والمتوسطة الحجم العاملة فيه، والقادرة على خلق عدد أكبر من فرص العمل، وبناء الخبرات والثقافة السياحية. إن هذا القطاع بحاجة ماسة اليوم الى تطوير الانماط السياحية الواعدة فيه كالسياحة الدينية، والسعي لاستحداث مسارات سياحية جديدة، وتطوير القائم منها في المملكة في مختلف المحافظات، وذلك باستغلال ميزة جاذبية الاردن السياحية، وسمعته كوجهة سياحية آمنة، لتعظيم استفادته في مجال سياحة المؤتمرات والمعارض، والسعي لتسويقه دبلوماسياً ليكون مقراً للكثير من المنظمات الدولية والاقليمية والنشاط الدبلوماسي المتزايد على أرضه، وتحفيز استضافته للمؤتمرات واللقاءات الدولية في مختلف التوجهات والاهتمامات. وأوصى التقرير بضرورة انشاء شركة مشتركة بين القطاعين العام والخاص لادارة المواقع السياحية، وذلك من أجل خلق خدمات نوعية متميزة ومتجانسة مقابل تقاضي نسبة مئوية من ايرادات تلك المواقع. والواقع ان هناك العديد من جوانب تطوير التسويق السياحي سواء عبر انظمة التوزيع والتواصل الالكترونية، او عبر وكلاء السياحة، او المنظمين لبرامج السياحة، او من خلال الاتحادات او الجمعيات، وتطوير عمليات الترويج وسياسات الاعلان مثلاً، كما اقترح السفير الصيني في الأردن في الجلسة الحوارية التي استضافها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتحدث فيها في اواخر العام 2016 ان يتم تسويق الاردن سياحياً في الصين عبر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي باللغة الصينية، وتوفير ادلاء سياحيين يتحدثون بهذه اللغة، فالاردن مطالب بالتوجه الى الاسواق الجديدة غير التقليدية و تطوير المواقع السياحية المهمشة وغير المستغلة، وتعزيز البنية السياحية التحتية ببناء الفنادق والنزل البيئية في المخيمات والمواقع البيئية كوادي نهر الأردن ووادي رم وغيرها، واستحداث مسارات سياحية جديدة كتشجيع المعارض الاقليمية، والمهرجانات الفنية، والانشطة السياحية الثقافية، والسياحة الرياضية والصحراوية وسياحة التسوق وما شاكلها من تنوعات سياحية لكن تطوير النقل السياحي بايجاد روابط نقل سريعة مباشرة بين المواقع السياحية يعتبر زكيزة اساسية في السعي لتطوير المنتج السياحي الذي ما يزال يفتقر الى تطوير البنى التحتية وتعزيز وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية المتصلة به وهي المسؤولية التي لا تقع على وزارة السياحة والآثار أو المؤسسات الحكومية وحدها وانما يستحسن فتح المجال امام القطاع الخاص لادارة مراكز التدريب التابعة لمؤسسة التدريب المهني وفقاً للشروط التي يتفق عليها مع الحكومة. في مجال التشاركية من المفيد جداً تفعيل دور المجلس الوطني للتنافسية في تكوين فريق استشاري مع غرف الصناعة والتجارة وجمعيات الاعمال القطاعية والنقابات وممثلي القطاع الخاص والحكومة، للعمل على وضع الآليات اللازمة لتحقيق الربط التشابكي بين القطاعات التنافسية الواعدة، وتوجيه مؤسسات التعليم والتدريب المهني لدعم احتياجات تنمية القوى العاملة في تلك القطاعات، وتعزيز دور الحكومة التنظيمي في معالجة الممارسات المخلة بالمنافسة التي تسهم في رفع الاسعار بشكل غير مبرر او خفض جودة المنتجات والخدمات المتقدمة للمستهلكين وتحد من قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو وتوسيع نطاق اعمالها. ودراسة جدوى بعض الافكار التنافسية المطوحة كدراسة جدوى جعل الاردن كله منطقة تنموية واحدة. في مجال الاضطراب الإقليمي ثمة ضرورة للنظر الى التحدي المتمثل بالمسألة السورية كتحد قائم ومستمر على الأجل المنظور، ودراسة أنجع الأساليب للتعامل معه، وتعظيم اوجه الاستفادة منه لتعزيز تنافسية الاقتصاد. وكذلك ضرورة استثمار الاختراق الكبير الذي أتاحته الدول الاوروبية في مؤتمر لندن الذي عقد في شباط (فبراير) من عام 2016 لمساعدة الدول المضيفة للاجئين السوريين يتخفيف شروطها المتعلقة 'بقواعد المنشأ'، أمام الصادرات الاردنية، وذلك باجراء دراسة عاجلة للشروط والمتطلبات الاوروبية الجديدة وكيفية الاستفادة منها لتعزيز تنافسية الاقتصاد، وتحديد مجالات ومدى الاستفادة الفعلية، علماً بأن التفاوض بين المجموعة الاوروبية والأردن بهذ الشأن سوف تبدأ في الاشهر المقبلة لإعطاء الأردن فترة انتقالية مدتها 10 سنوات وسيتم خلالها تبسيط قواعد المنشأ أمام الصادرات الأردنية.
عمان جو - شخّص تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي محددات ومعيقات التنافسية في الأردن. وسلط التقرير السنوي الشامل للمجلس لسنة 2015، والذي حمل عنوان: 'تنافسية الأردن'، الضوء على أهم المفاصل التي تعيق التقدم في تنافسية الأردن وتراجعها في بعض المجالات والتصنيفات. وتميز التقرير، بجرأته وشموليته ومباشرته في طرح المحددات والمعيقات التنافسية، بشكل غير موارب، مشيرا إلى أنه يجب التصدي بقوة لمواطن الضعف التي تحول دون ارتقاء درجات سلم التنافسية، واستغلال الطاقات والإمكانيات التنافسية التي يتمتع الأردن بميزة نسبية فيها، والعمل على تطويرها وتحسينها لتعظيم الإفادة بما يخدم هذا التوجه. ويشار هنا إلى أن ترتيب الأردن في تقارير التنافسية العالمية هو 64 من بين 140 دولة للفترة (2015-2016). وقال التقرير إنّ حجم القطاع العام في الأردن بالنسبة لعدد السكان يعد الأكبر على مستوى العالم ويعاني من الترهل والبيروقراطية، وهو من أبرز محددات التنافسية. كما أشار الى أنّ الأردن ما يزال يراوح مكانه في موضوع اللامركزية، والحكومة الالكترونية، وتطوير ودمج مؤسسات القطاع العام وما يزال المستثمر صاحب المشروع الصغير والمتوسط يواجه مشاكل في مشروعه. واضاف أنّ معدلات الانتاجية للعمالة الأردنية في تراجع مستمر طوال العقد الماضي، فيما أنّ العمالة الأجنبية - الأقل كلفة من العمالة الوطنية – عززت من القدرة التنافسية في قطاعات رئيسية. ودعا التقرير الى ضرورة مراجعة 41 قانونا وتشريعا؛ حيث أنّ هناك تشريعات بحاجة الى تعديل وتحديث وإزالة تشوهات لأنها تتعارض وتتقاطع مع تشريعات أخرى. وأشار التقرير الى أنّ التقارير الدولية تشير الى تراجع جودة تعليم الرياضيات والعلوم في المدارس وتراجع جودة التعليم عموما، مع التأكيد على ضرورة وضع استراتيجية تتضمن اختصار سنوات التعليم من خلال التخلص من 'الحشو' في المناهج والخطط الدراسية والتركيز على المفاهيم النظرية والعملية التطبيقية، ورفع مستوى البحوث التطبيقية. كما لا بد من تحرير التعليم من أي مؤثرات غير أكاديمية ومن حوافز الربح المفرط على حساب النوعية.
في مجال القطاع العام يعتبر تضخم القطاع العام في الأردن من العوامل البارزة التي تحد من تنافسية الاقتصاد إذ أن القطاع العام الأردني هو الأكبر على مستوى العالم بالنسبة لعدد السكان ويعاني من الترهل والبيروقراطية، وتفشي الواسطة والمحسوبية وتدني الإنتاجية بما يؤثر سلبا على التنافسية مما يستدعي تخفيفا لحجم الإنفاق العام تدريجيا وترشيقا مبرمجا لحجم الحكومة والمؤسسات العامة بالتزامن مع اجراءات فاعلة لتحقيق الكفاءة في الادارة بالتزامن مع إجراءات فاعلة لتحقيق الكفاءة في الادارة ومعالجة مشاكل الترهل وتداخل المهام والمسؤوليات ضمن خطة زمنية محددة. ودعت الدراسة الى أهمية أن يترافق تقليص حجم القطاع العام مع تطوير الطابع المؤسسي في عملية صنع القرار بتوجه حثيث نحو المؤسسية، واتخاذ التدابير الكفيلة بتحسين تحصيل الايرادات العامة وإدارتها. وكذلك مع التدابير الهادفة لتحقيق الاصلاحات الهيكلية اضافة الى تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص، ومكافأة المبادرات الفردية والجدارة الشخصية وتغيير هيكل الحوافز التشجيعية. وتعترف الدراسة بأنه 'انقضى زمن طويل على الحديث عن اللامركزية، والحكومة الالكترونية، وتطوير ودمج مؤسسات القطاع العام بما ينسجم مع الحداثة ولكن ما يزال الأردن يراوح مكانه في هذه المجالات وما يزال المستثمر صاحب المشروع الصغير والمتوسط يسعى بنفسه لتجميع أطراف اللجان المختلفة المعنية بترخيص مشروعه والجري لتجميع عشرات الموافقات والتواقيع، والتعرض للاجراءات البيروقراطية، والواسطة ثم انتظار القرار المركزي. في مجال تكلفة عناصر الإنتاج والإنتاجية تعتبر تكلفة عوامل الإنتاج، وهي أهم محددات التنافسية، مرتفعة نسبيا في الأردن. ويصنف الأردن في أدنى قائمة دول العالم بمقياس المشاركة الاقتصادية كما تصنف انتاجية العامل الأردني ضمن أدنى المستويات العالمية. وأشار التقرير الى أنّ معدلات الانتاجية للعمالة الأردنية كانت في تراجع مستمر طوال العقد الماضي، والحقيقة أن مكاسب التنمية لم تقم على تحسين القدرة التنافسية كأساس سليم للسعي لتحقيق النمو الشامل المستدام. ودعا التقرير الى ضرورة التفكير بديناميكية تؤسس لانطلاقة مفهوم تنموي جديد يستند إلى تعظيم مبادئ العمل الجماعي كمنهج أساسي للعمل والسلوك الانتاجي. وتعترف الدراسة بأن وجود العمالة الاجنبية- وهي أقل كلفة من العمالة الوطنية – عزز من القدرة التنافسية في القطاعات الرئيسية وضغط باتجاه خفض أجور الأردنيين فيها لكن 'ثقافة العيب' بقيت سائدة وشجعت على ازدياد التهافت على وظائف القطاع العام الأكثر أمنا وراحة وبقيت مشكلة المواءمة بين العرض والطلب على الايدي العاملة تشمل العديد من القطاعات كمشكلة هيكلية في الاقتصاد تشكل عائقا مهما أمام التنمية وتدعيم التنافسية. وأشارت الى تزايد عدد الأردنيين العاملين في الخارج، وان ارتفاع حوالاتهم يعتبر شريانا مهما مغذيا للاقتصاد، لكن تسرب الكفاءات وهجرة الأدمغة إلى الخارج أثر على الاقتصاد وأضاع العديد من فرص النمو المحلية وسبب نقصا في المهارات اللازمة لتعزيز الانتاجية والابتكار والقدرة على تطوير التكنولوجيات الضرورية لتعزيز التنافسية بقدرات ذاتية. وقالت الدراسة إنه باتت مسألة إحلال العمالة الوافدة أمرا 'ملحا' لا بد أن يتلازم مع الاصلاح الهيكلي في سوق العمل لتكون العمالة الوافدة مكملة وليست بديلة عنها. وأكدت الدراسة على أنه لا بد من تطوير وبناء قاعدة بيانات تفصيلية لسوق العمل، وتعزيز قدرات الجهات الرقابية على ضبط ذلك السوق ضمن أسس واضحة، يمتد بعدها الاصلاح الهيكلي للسوق ليشمل تشجيع مشاركة أكبر للإناث. في مجال المنظومة التشريعية ودعا التقرير الى ضرورة مراجعة 41 قانونا، وأشارت الى أن هناك تشريعات بحاجة الى تعديل وتحديث وازالة تشوهات لأنها تتعارض وتتقاطع مع تشريعات أخرى، وذلك بهدف مواءمتها التنافسية والاستثمار ورفع الكفاءة والانتاجية. واضافت أن هذا يستدعي تعديل عشرات الأنظمة والتعليمات، كما لا بد من استكمال التعديلات التشريعية اللازمة لتشجيع القطاع الخاص للدخول في اتفاقيات شراكة مع القطاع العام لتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، كما دعت الى ضرورة تعزيز ميثاق النزاهة الوطنية وجهود مكافحة الفساد وتحسين كفاءة النظام القضائي. كما دعت الى ضرورة نشر نصوص كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ترتبط بها المملكة (بعضها لم ينشر حتى الآن في الجريدة الرسمية) في مجلد خاص. وأشارت الدراسة إلى أنّ الصورة العامة لاستقلالية القضاء الأردني صورة ايجابية عموما، لكن المجتمع ما يزال أمام تحد أكبر في بناء ثقافة اجتماعية حقيقية من الاحترام والامتثال لحكم القانون في الحياة اليومية. في مجال البنية التحتية ودعت الدراسة الى اعداد استراتيجية وطنية للنقل العام،، وايلاء صيانة شبكة الطرق القائمة الاولوية القصوى واستكمال، شبكة الطرق الرئيسية مع تركيز خاص على انشاء الطرق الدائرية حول المدن الرئيسية لتخفيف، الاختناقات المرورية الحدودية وتطوير المراكز الحدودية ومعالجة الضغط على ميناء العقبة وتوسيع طاقته الاستيعابية. اما المشروع الأهم الذي سيترك أثره الكبير على تنافسية الاقتصاد فهو تنفيذ شبكة السكك الحديد الوطنية. في مجال بيئة الأعمال واعتبرت الدراسة 'بيئة الأعمال' من أكثر المسارات احتياجا للاصلاح في الأردن؛ حيث أن التقارير الدولية تشير الى تدن واضح في تصنيف الأردن بمقاييس مؤشرات البدء في الأعمال وتأسيس المشاريع ورسومها واستصدار التصاريح. وأشارت الى وجود ضعف بنيوي في دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الارتقاء بالتنافسية، وهي التي تعتبر العمود الفقري في تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. في مجال الاقتصاد الكلي لا شك أن استقرار الاقتصاد الكلي حافز أساسي ومشجع للتنافسية، وقد تناول العديد من تقارير التنافسية العالمية وضع الاقتصاد الكلي والسياسة الاقتصادية كأحد المتغيرات الرئيسية المؤثرة على التنافسية فجاء تصنيف الأردن العام الماضي في المرتبة 130 بين 140 دولة في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وفي المرتبة 59 من 61 دولة في الكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن معهد الادارة الدولي عام 2015. فالعجز في موازنة الحكومة هو ثالث أعلى العجوزات في العالم كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وإجمالي المدخرات الوطنية هي من بين أقل ستة نسب إلى الناتج المحلي الاجمالي على مستوى العالم، في حين أن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي الأردني هي من بين أعلى 18 نسبة عالمية رغم أن التصنيف الائتماني للدولة يضعنا في مرتبة متوسطة بين الدول. وقال التقرير إن معدل البطالة هو الأعلى في العالم، مع ملاحظة مفارقة وحيدة أوردتها التقارير؛ إذ كان الأردن أفضل دولة في العالم بمقياس نسبة التغير السنوي في التضخم في عام 2015. وبشكل عام فإن مؤشرات المتغيرات الاقتصادية الكلية تشير إلى أهمية تسريع خطوات الإصلاح الاقتصادي، ولا سيما في مجال الإصلاح الضريبي الذي يؤثر مباشرة على الحوافز الاستثمارية؛ إذ لا بد من توحيد الإعفاءات الضريبية بحسب منهجية مستقرة واضحة وتعديل قانوني ضريبة الدخل والمبيعات باعتماد المعايير الموضوعية. كما لا بد من تعزيز إدارة الإيرادات الضريبية وتحسين كفاءة التحصيل، لا سيما في تحصيل المتأخرات المتراكمة المستحقة للحكومة والتوسع باستخدام التقنيات وتكنولوجيا المعلومات في هذا النطاق. وينبغي إعادة النظر في السياسة الجمركية ضمن إطار شمولي لمختلف الرسوم والضرائب التي أصبح بعضها يشكل عائقا أمام اجتذاب الاستثمارات والارتقاء بالتنافسية. أما موضوع الدين العام، فإن النظرة الحصيفة لإصلاحه لا بد من أن تبدأ بوضع برنامج زمني استرشادي ملزم يضبط 'انفلاته' ويعيد نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى الحد الأعلى المسموح به بموجب قانون الدين العام وهو 60%. ويضبط إصدارات وأدوات الدين العام الداخلي المحررة بالدولار عند حدودها الدنيا. ويرتبط بهذا الموضوع مراجعة شاملة لنهج السياسة المالية من حيث وضع أهداف محددة لتخفيض نسبة العجز المتفاقم في الموازنة العامة وموازنات المؤسسات العامة والوحدات المستقلة وذلك بمراجعة آليات وإجراءات ترشيد النفقات العامة والتركيز على الإنفاق الرأسمالي في المشاريع كثيفة الاستخدام للعمالة وإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه والمعالجة التدريجية لعجز سلطة المياه وعجز شركة الكهرباء الوطنية وإطفاء خسائرهما. كما دعا التقرير الى ضرورة التوسع في استخدام الأنظمة الإلكترونية المساندة، وتعزيز الرقابة المالية المرنة واليقظة، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي بالالزام بنشر البيانات المالية وفق المعايير الدولية شهريا دون تأخير. أما عجز الحساب الجاري فإنه يجب النظر إليه من وجهة نظر شمولية تتصل بمجمل اتجاهات متغيرات ميزان المدفوعات الذي شهد الحساب التجاري فيه تغييرات واسعة بعد هبوط أسعار النفط وما تركته من آثار على المستوردات. وما ستتركه من آثار على حوالات العاملين الأردنيين في الخارج وتدفق المساعدات، ومجمل المتغيرات التي تمت دراستها في هذا التقرير، ولا سيما الآثار التي تركتها الاضطرابات السياسية الإقليمية على حركة الصادرات الأردنية، والدخل السياحي، واتجاهات حساب رأس المال، وضرورة التحوط لها ولأسوأ السيناريوهات المتوقعة. وفيما يتعلق بتراجع أداء السوق المالي، فإن النهوض بسوق عمان المالي يتطلب من هيئة الأوراق المالية دورا طليعيا في الاهتمام الاستثنائي بالسوق الثانوي (اصدارات السندات والصكوك وإصدارات الأسهم الجديدة)، يتزامن مع برنامج لإطلاق صناديق متخصصة لتمويل المشاريع وتحفيز الصناديق الاستثمارية بأنواعها لحشد مزيد من المدخرات المحلية اللازمة للتنمية المستدامة. فيما تنهض البنوك بتقديم أنواع جديدة جذابة من خدمات التجزئة والأوعية الادخارية والاستثمارية والتوسع في تقديم القروض الكبيرة بمفردها أو بتجمع مصرفي لقروض المشاريع الكبرى. ويبدو أنه من الأهمية بمكان في الوقت الراهن إعادة ثقة المستثمرين بالسوق المالي في ضوء التوجه المتزايد للمستثمرين الأردنيين نحو الأسواق المالية الاقليمية والدولية. فبدون السندات والصكوك الإسلامية منها بشكل خاص لن تنتهي معاناة السوق، وهذا بالطبع يستوجب تعديل التشريعات، كما سلف ذكره ففي الأسواق المالية الدولية، مثل بورصة نيويورك تحتل السندات والصكوك نسبة 60% من التداول الإجمالي. وقال التقرير إنّ الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها خلال السنوات الماضية على معظم المتغيرات الاقتصادية الكلية، وأدت - إلى جانب التطورات الإقليمية المتسارعة، إلى تراجع النمو الاقتصادي وركود السوق العقاري وجمود الأسواق، مما ألحق الأذى بتنافسية الاقتصاد، لكن المطلوب الآن إيلاء عناية خاصة لقطاعي المصارف والتأمين، للقيام بتحفيز عمليات الاندماج بين المصارف وتطوير التعاون مع المؤسسات المالية إقليميا ودوليا لزيادة قدرة قطاع البنوك على التعامل مع الصدمات الخارجية وتطبيق اختبارات 'الأوضاع الضاغطة' بشكل دوري نصف سنوي وتطوير أدوات السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار المالي وتطبيق أفضل الممارسات المصرفية وتوسيع المظلة الرقابية للبنك المركزي لتشمل المؤسسات المالية غير المصرفية واستخدام الأدوات والمعايير التي تعزز تطبيق قواعد الحاكمية المؤسسية لدى البنوك بما يضمن زيادة مساهمتها في الإقراض والتمويل التنموي وتدعيم قدرتها التنافسية مقابل المراكز المالية والمصرفية الاقليمية، وتأهيل الأردن لتقديم الخدمات المالية على المستوى الإقليمي باستخدام أوسع للبرامج الذكية والتكنولوجيا الحديثة في تقديم تلك الخدمات وتطوير البيئة التقنية لسوق رأس المال. كما لا بدّ من التركيز على أوجه الاقراض المتخصص بإعادة احياء بنك الانماء الصناعي، وتقديم التسهيلات للتوسع الصناعي المرغوب فيه الذي يستخدم أنماط الانتاج كثيفة الاستخدام للعمالة، وكذلك التركيز على التسهيلات الائتمانية الميسرة للشركات والاعمال الصغيرة والمتوسطة والريادية وتعزيز دور الشركة الاردنية لضمان القروض وكذلك دور مؤسسة ضمان الودائع، والعمل على ابتكار الأدوات الاستثمارية الجاذبة لاستثمارات الأردنيين العاملين في الخارج وتسويقها لجذب مدخراتهم وتوجيهها نحو أوجه الاستثمار المرغوبة لتمتين تنافسية الاقتصاد، وكذلك تعزيز انظمة مكافحة غسل الأموال، واخضاع شركات التأمين لرقابة البنك المركزي الأردني وتشجيعها على الاندماج للوصول إلى شركة تأمين قيادية تدفع نمو وتنافسية ودور قطاع التأمين التنموي، ودراسة امكانيات تبني سياسات التأمين الالزامي على مجموعة من خدمات التأمين التي تحسن صورة تنافسية بعض القطاعات، مثل تجربة الدنمارك والمانيا التي تفرض الزامية التأمين على الخدمات الصحية والاخطاء الطبية، وكما هو الحال ايضا في البحرين والامارات. الا أن الموضوع الأساسي الذي تعرض له هذا التقرير فيما يتصل بالسياسة النقدية هو ما يتعلق بسياسة سعر صرف الدينار الأردني التي خدمت تنافسية الاقتصاد خلال السنوات العشرين الماضية، وبات من المناسب في ضوء المعطيات التي تمت دراستها التوجه نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة بربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات تعكس التوزيع الجغرافي لمدفوعات تجارة الأردن الخارجية ولا بد ايضا من التأكيد على ضرورة ايجاد مستوى تنسيق أكبر بين السياستين المالية والنقدية لما لهذا التناغم المطلوب بينهما من آثار ايجابية على استقرار الاقتصاد الكلي كمحفز أساس ي للتنافسية. في مجال التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي يعتبر قطاع التعليم أحد روافع تنافسية الاقتصاد الأردني لدوره في تنمية الأردن والانسان وتميز مخرجاته البشرية التي كانت وما تزال مطلوبة في دول الخليج العربي ما اسبغ عليه ميزة تنافسية عربية. وتشير تقارير التنافسية الدولية إلى تراجع جودة تعليم الرياضيات والعلوم في المدارس، وتراجع جودة التعليم عموما في السنوات الأخيرة والى العديد من المشاكل ومواطن الضعف التي يعانيها هذا القطاع. ما يستوجب اجراءات تصحيحية اصلاحية حثيثة للمحافظة على هذا القطاع كقطاع تنافسي جاذب. واشار التقرير الى ضرورة تطوير البنية التحتية في المؤسسات التعليمية، مقترحا اشراك القطاع الخاص. كما أكدت الدراسة على ضرورة تحديث المناهج الدراسية على جميع المستويات ونشر مجموعة من التدابير لتحسين وقياس مخرجات التعليم الاساسية لكل فئة عمرية ومتابعة مخرجات التعليم واجتذاب أفضل المواهب في مهنة التدريس ومكافأتها ضمن اطار من الحوافز. وقالت إنه في ضوء تراجع معدلات الانفاق على البحث العلمي والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، فإنه يمكن التفكير بزيادة هذه المعدلات بنسبة معينة كل 5 سنوات ضمن استراتيجية معلنة لتطوير جودة التعليم، ويحبذ أن تتضمن تلك الاستراتيجية اختصار سنوات التعليم من خلال التخلص من 'الحشو' في المناهج والخطط الدراسية والتركيز على المفاهيم النظرية والعملية التطبيقية، ورفع مستوى البحوث التطبيقية، واعتماد وسائل تكنولوجيا المعلومات المتطورة بكثافة بحيث يتم تيسير الحصول على المعلومة خارج الحصص الدراسية بشكل أكبر وحل المسائل في الصفوف وليس في المنزل بعكس الطريقة التعليمية الحالية واعتماد أساليب تدريس المجموعات الصغيرة والتدريس التفاعلي. لقد لاحظت معظم تقارير التنافسية الدولية ضعف الشراكات بين المؤسسات التعليمية وقطاع الصناعة كإحدى الثغرات الرئيسية في نظام التعليم، لذا فإنه لا بد من هذه العلاقة بما يعكس اندماج وانخراط أكاديمي بالبحث الصناعي والابتكار والاسترشاد بتجارب بعض الجامعات التي أطلقت حاضنات أعمال ومراكز بحث وشركات أعمال تكنولوجية، كما أكدت أهمية تشجيع الدول على الانتقال الطلبة لخارج بلادهم. وقالت الدراسة إنّ ربط اعتماد الجامعات وتمويلها بالامتثال لمعايير التميز اصبح ضرورة بعد مراجعة ووضع افضل معايير الممارسات العالمية للتميز، وذلك للارتقاء بجودة التعليم، إضافة الى تعزيز المطابقة بين الأنشطة التعليمية والاحتياجات الحقيقية لسوق العمل. كما لا بد من تحرير التعليم من أي مؤثرات غير أكاديمية ومن حوافز الربح المفرط على حساب النوعية. في مجال القطاع الصحي يشكل القطاع الطبي ميزة تنافسية اردنية بامتياز، ويرتبط مع قطاع السياحة التنافسي، اذ تعد السياحة العلاجية الاردنية واعدة رغم معوقات الاوضاع السياسية الاقليمية المضطربة، وهو قطاع ينبغي ان يحظى بالعناية الخاصة لارتباطه بقطاع تنافسي كبير هو الصناعات الدوائية، التي يتوجب العمل على تطوير بنيتها التكنولوجية الحيوية التحتية بتوحيد المتطلبات التقنية لتسجيل المستحضرات الدوائية، واختصار اجراءات ووقت تسجيلها واعتمادها، ودعم نشاطات البحث والتطوير والابتكار المستمر فيها، وتشجيع شركات الدواء الاجنبية على اقامة فروع لها في الاردن لتشجيع نقل المعرفة والتطوير، وايضا تشجيع عقد اتفاقيات الشراكات والاندماج مع الشركات العالمية الاوروبية والاميركية، وتشجيعها على اقتحام الاسواق التصديرية الجديدة في شمال افريقيا والعالم، والتركيز على الاستفادة من اوجه التعاون مع قطاع زراعة النباتات والاعشاب الطبية والعطرية واستغلال هذه الميزة التنافسية الاضافية. لقد اصبح الاردن مقصداً لكثير من المرضى العرب والاجانب، ولكن التحدي الاكبر الذي يواجه القطاع الصحي من وجهة النظر التنافسية هو في محور الجودة التي لا غنى عن تطبيق مبادئها الشاملة، وتحسين جودة خدمات الاسعاف والطوارئ، وخدمات المراكز الصحية، والرقابة على الغذاء والدواء، وزيادة اعتمادية المستشفيات والمراكز الصحية وفق المعايير الدولية. ودعا التقرير الى ضرورة الشروع بالاجراءات العملية لوضع تصور تدريجي لإنشاء نظام تأمين صحي وطني شامل وموحد ضمن خطة زمنية محددة. وثمة الكثير من التحديات الجلية والمتنامية؛ اذ يعاني الاردنيون من أحد أعلى المعدلات في العالم في انتشار الامراض غير المعدية كالسكري والضغط بكلفتها المرتفعة على المجتمع وآثارها السلبية على التنافسية، مما يتطلب حملة جادة لتشجيع الاردنيين على تحسين انماط حياتهم وطعامهم ووعيهم الصحي. ودعا التقرير الى تفعيل دور المجلس الصحي العالي لوضع المؤشرات الوطنية التي تنسجم مع هدف رفع سوية الخدمات الصحية وجودتها. في مجال القطاع السياحي تعرض قطاع السياحة الأردني لصدمة قوية نتيجة التطورات السياسية الاقليمية أدت لتراجعه، فيما ما يزال الأردن غير قادر على تخفيض أسعار خدماته السياحية بالمقارنة مع دول الجوار، مما يفرض ابتكار حلول في مقدمتها تفعيل دور المؤسسات الفردية الصغيرة والمتوسطة الحجم العاملة فيه، والقادرة على خلق عدد أكبر من فرص العمل، وبناء الخبرات والثقافة السياحية. إن هذا القطاع بحاجة ماسة اليوم الى تطوير الانماط السياحية الواعدة فيه كالسياحة الدينية، والسعي لاستحداث مسارات سياحية جديدة، وتطوير القائم منها في المملكة في مختلف المحافظات، وذلك باستغلال ميزة جاذبية الاردن السياحية، وسمعته كوجهة سياحية آمنة، لتعظيم استفادته في مجال سياحة المؤتمرات والمعارض، والسعي لتسويقه دبلوماسياً ليكون مقراً للكثير من المنظمات الدولية والاقليمية والنشاط الدبلوماسي المتزايد على أرضه، وتحفيز استضافته للمؤتمرات واللقاءات الدولية في مختلف التوجهات والاهتمامات. وأوصى التقرير بضرورة انشاء شركة مشتركة بين القطاعين العام والخاص لادارة المواقع السياحية، وذلك من أجل خلق خدمات نوعية متميزة ومتجانسة مقابل تقاضي نسبة مئوية من ايرادات تلك المواقع. والواقع ان هناك العديد من جوانب تطوير التسويق السياحي سواء عبر انظمة التوزيع والتواصل الالكترونية، او عبر وكلاء السياحة، او المنظمين لبرامج السياحة، او من خلال الاتحادات او الجمعيات، وتطوير عمليات الترويج وسياسات الاعلان مثلاً، كما اقترح السفير الصيني في الأردن في الجلسة الحوارية التي استضافها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتحدث فيها في اواخر العام 2016 ان يتم تسويق الاردن سياحياً في الصين عبر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي باللغة الصينية، وتوفير ادلاء سياحيين يتحدثون بهذه اللغة، فالاردن مطالب بالتوجه الى الاسواق الجديدة غير التقليدية و تطوير المواقع السياحية المهمشة وغير المستغلة، وتعزيز البنية السياحية التحتية ببناء الفنادق والنزل البيئية في المخيمات والمواقع البيئية كوادي نهر الأردن ووادي رم وغيرها، واستحداث مسارات سياحية جديدة كتشجيع المعارض الاقليمية، والمهرجانات الفنية، والانشطة السياحية الثقافية، والسياحة الرياضية والصحراوية وسياحة التسوق وما شاكلها من تنوعات سياحية لكن تطوير النقل السياحي بايجاد روابط نقل سريعة مباشرة بين المواقع السياحية يعتبر زكيزة اساسية في السعي لتطوير المنتج السياحي الذي ما يزال يفتقر الى تطوير البنى التحتية وتعزيز وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية المتصلة به وهي المسؤولية التي لا تقع على وزارة السياحة والآثار أو المؤسسات الحكومية وحدها وانما يستحسن فتح المجال امام القطاع الخاص لادارة مراكز التدريب التابعة لمؤسسة التدريب المهني وفقاً للشروط التي يتفق عليها مع الحكومة. في مجال التشاركية من المفيد جداً تفعيل دور المجلس الوطني للتنافسية في تكوين فريق استشاري مع غرف الصناعة والتجارة وجمعيات الاعمال القطاعية والنقابات وممثلي القطاع الخاص والحكومة، للعمل على وضع الآليات اللازمة لتحقيق الربط التشابكي بين القطاعات التنافسية الواعدة، وتوجيه مؤسسات التعليم والتدريب المهني لدعم احتياجات تنمية القوى العاملة في تلك القطاعات، وتعزيز دور الحكومة التنظيمي في معالجة الممارسات المخلة بالمنافسة التي تسهم في رفع الاسعار بشكل غير مبرر او خفض جودة المنتجات والخدمات المتقدمة للمستهلكين وتحد من قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو وتوسيع نطاق اعمالها. ودراسة جدوى بعض الافكار التنافسية المطوحة كدراسة جدوى جعل الاردن كله منطقة تنموية واحدة. في مجال الاضطراب الإقليمي ثمة ضرورة للنظر الى التحدي المتمثل بالمسألة السورية كتحد قائم ومستمر على الأجل المنظور، ودراسة أنجع الأساليب للتعامل معه، وتعظيم اوجه الاستفادة منه لتعزيز تنافسية الاقتصاد. وكذلك ضرورة استثمار الاختراق الكبير الذي أتاحته الدول الاوروبية في مؤتمر لندن الذي عقد في شباط (فبراير) من عام 2016 لمساعدة الدول المضيفة للاجئين السوريين يتخفيف شروطها المتعلقة 'بقواعد المنشأ'، أمام الصادرات الاردنية، وذلك باجراء دراسة عاجلة للشروط والمتطلبات الاوروبية الجديدة وكيفية الاستفادة منها لتعزيز تنافسية الاقتصاد، وتحديد مجالات ومدى الاستفادة الفعلية، علماً بأن التفاوض بين المجموعة الاوروبية والأردن بهذ الشأن سوف تبدأ في الاشهر المقبلة لإعطاء الأردن فترة انتقالية مدتها 10 سنوات وسيتم خلالها تبسيط قواعد المنشأ أمام الصادرات الأردنية.
التعليقات