عمان جو- بسام البدارين - واحدة من الإشكاليات والتعقيدات الأساسية التي تواجهها اليوم «ماكينة المؤسسة» الأردنية بعد الاشتباك المتقدم للقيادة والمؤسسة الملكية تفاعلاً مع «الحرب الإسرائيلية» الخطرة والجديدة على أهل قطاع غزة هي تلك التي يمكن رصدها أولاً على ملامح، وثانياً في سلوكيات وأحياناً تصريحات مسؤولين ووزراء من الواضح تماماً أنهم «مرتبكون» ولو قليلاً. وزير الخارجية أيمن صفدي، وفر أرضية مباشرة لطرح تساؤلات وهو يعبر في كواليس الاشتباك مع النخب المحلية عن ما يمكن وصفه بـ «مخاوف ما بعد الصدمة» بمعنى التساؤل عن كيفية وماهية الزاوية التي سينظر لها الأمريكيون في قراءتهم لقرار الأردن إلغاء قمة رباعية كانت مقررة بحضور الرئيس جو بايدن. واضح أن الوزير الصفدي «يستشعر» همسة ما من الطاقم الأمريكي تعبر عن الانزعاج أو يفترض ذلك بناء على حسابات دقيقة لموقف ساهم بفعالية في «لملمة الشارع الأردني» وأظهر المؤسسة متمسكة بثوابتها حقاً خلافاً لأنها قد تستثمر بالمخاوف الخاصة بالهجرة والحرب واتساعها المحتمل لإعادة التموقع في مفاوضة الأمريكي.
مأزق استراتيجي
في المقابل، جرعة الانفعال بدت واضحة على رئيس الوزراء الدكتور بشر خصاونة وهو يحمل منشوراً لشخص مجهول يسيء إلى مؤسسات السيادة الأردنية ويحرض عليها في مشهد يمكن الاستغناء عنه، فيما لجأ وزير الداخلية مازن فراية لإقناع المواطنين بعدم التظاهر في منطقة الأغوار لقاموسه في الخلفية العسكرية المهنية متحدثاً عن منطقة «كمائن ومراقبة تسلل بالاتجاهين ونيران» لا يجوز الاقتراب منها. ما رصد على جبهة وزارتي السيادة ومداخلة رئيس الوزراء مع بعض الإضافات والإجراءات هو مؤشر متماسك ليس على مستويات الحساسية في المؤسسات البيروقراطية فقط، بل أيضاً على مستوى تفاعلات واستحقاقات تطورات حدث في غاية الأهمية انطلاقا من الإحساس العام بـ»المسؤولية» حتى مع وجود ضعف بيروقراطي. لذلك يمكن الاستنتاج أن ثمة مأزقاً استراتيجياً تواجهه نخب القرار الرسمي لا ينتبه له كثيرون ضمن مساجلات الشارع والإقليم وجدلية «التحديات والفرص» التي نتجت فوراً ودفعة واحدة عن تداعيات «معركة طوفان الأقصى». وتعبيرات ذلك المأزق تتجلى في أن تياراً ما في مستويات السلطة لا يريد بعد التصديق على رواية «انقلاب إسرائيل» ضد مصالح الأردن الأساسية وغياب «العمق الإسرائيلي» عن «مناسيب الشراكة» ولاحقاً تراكم حالة قد تضطر المملكة بسببها للتعاكس مع «مشاريع واتجاهات أمريكية» خلافاً لأنها عموماً اليوم في «الخطر». المشهد هنا قد لا يتعلق فقط بالاستدراكات المستجدة ونقاط تلمس الوقائع والتحديات مباشرة بقدر ما يتعلق بسؤال ما بعد التوثق والاستدراك أو سؤال «حسناً.. كيف نتصرف؟» الأمر الذي يتطلب مرونة كبيرة وغير معهودة سابقاً في الاستجابة والتكتيك والرسم الاستراتيجي يخشى مراقبون أنها تفتقد رغم «بهاء الثابت» في الخطاب المرجعي. كما يتطلب- وقد يكون ذلك الأهم- تغييرات هائلة ليس في «نمط التخطيط والتفكير» بل أيضاً في «تبديل عقائد بيروقراطية مستقرة» وامتلاك مهارة «العبور بين الفرصة والتحدي» التي لا تمتلكها الأدوات التي تدير الأمور حالياً، وصولاً لإسقاط تلك العقائد «التي لم تعد تصلح للحاضر» والمبادرة لتجديدها دون ضرر أو بالحد الأدنى من الألم. التقطت «القدس العربي» في «جلسة عصف ذهني مغلقة» نظمها معهد السياسة والمجتمع تلك المفارقة عندما سجلت بأن «الفريق الحالي في إدارة الأزمة سياسياً» لا يملك المهارات التي تؤهله للإقرار بأن «الإسرائيلي قلب الطاولة» على الأردنيين قبل غيرهم، وبأن الدنيا تبدلت ومصالح المملكة الكبرى على المحك. وهنا التقط المتحدث الرئيسي في الجلسة المغلقة الدكتور الخبير مروان المعشر تلميح «القدس العربي» ليداخل قائلاً ببعض الانفعال».. حسناً فليحضر طاقم يملك تلك المهارات». وما يقترحه المعشر ليس سهلاً أو لا يزال صعباً، لأن الإقرار بالحاجة إلى إدارة مختلفة بأدوات مهارية للأزمة المثيرة الحالية يعني ضمناً الإقرار بخطأ الحسابات الاستراتيجية وبوجود «أزمة أدوات» حقيقية طالما تم إنكارها، مع أن الخطاب الأردني الرسمي برمته -كما يلاحظ السياسي مروان الفاعوري- تبدل وتغير وأدرك بأن درب العودة لصيغة «العدو الإسرائيلي» فيما يبدو الآن قسرياً بامتياز، والتساهل معه وإنكار الدرب المستجد يعني القبول بمشروع «التهجير القسري» الذي وصفه وزير الخارجية أيمن صفدي بأنه «حرب».
«منع التهجير القسري»
عملياً، واحد من تداعيات أو «فضائل» معركة طوفان غزة -على حد تعبير السياسي الإسلامي الدكتور رامي عياصرة- أنها كشفت للأردنيين جميعاً «أوهام السلام» ودفعت بين أيديهم بحقائق «المخاطر». والإنكار هنا يعني الكثير، لكن في الحد الأدنى يعني الاسترسال في «الاستهبال» القديم، أو الارتباك المعلب الواضح والجماهيري خلافاً لأن المطلوب بعد الموقف المرجعي الثابت والمتقدم في نصرة ودعم الشعب الفلسطيني والوقوف ضد المجازر الإسرائيلية وفوراً هو «إظهار المؤسسات والحكومة» التزامها العملي والميداني بالتوجيهات الملكية، كما قال القطب البرلماني البارز خليل عطية في مداخلة حادة ومهمة له تحت قبة البرلمان. عطية شرح لـ «القدس العربي» بأن الرؤية المرجعية محددة وواضحة اليوم، والتوجيهات علنية، وجميع المستويات التنفيذية المطلوب منها الارتقاء لمستوى الموقف الملكي ووضع هياكل ومسارات تنفيذية خصوصاً في ظل التأشير المرجعي الواضح، على أن منع التهجير القسري في غزة أو فلسطين المحتلة يتطلب «دعم صمود الفلسطيني على أرضه بكل إمكانات المملكة». يطالب عطية الحكومة وبقية المؤسسات القيام بواجبها في ظل التوجيه الملكي ودون بطء، ويستنتج بأن مصلحة الأمن القومي والوطني والحدودي الأردني اليوم تتطلب تجديد قواعد الاشتباك والمباشرة فوراً في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني حتى تجهض مؤامرة التهجير في غزة أو الضفة الغربية. مجدداً، يلامس البرلماني العريق عطية «الجوهري» في المسألة. لكن مجدداً، في المقابل، ذلك «الالتزام» الذي يطالب به أقدم عضو في البرلمان الأردني بالمستوى التنفيذي، قد يتطلب ذلك الطاقم المحترف المهاري الذي يؤشر عليه المعشر في الوقت الذي يرى خبراء بأن المملكة لا تملك ترف الانتظار الطويل بسبب التغييرات الهائلة التي أنتجتها معركة طوفان الأقصى في كل الاتجاهات.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - واحدة من الإشكاليات والتعقيدات الأساسية التي تواجهها اليوم «ماكينة المؤسسة» الأردنية بعد الاشتباك المتقدم للقيادة والمؤسسة الملكية تفاعلاً مع «الحرب الإسرائيلية» الخطرة والجديدة على أهل قطاع غزة هي تلك التي يمكن رصدها أولاً على ملامح، وثانياً في سلوكيات وأحياناً تصريحات مسؤولين ووزراء من الواضح تماماً أنهم «مرتبكون» ولو قليلاً. وزير الخارجية أيمن صفدي، وفر أرضية مباشرة لطرح تساؤلات وهو يعبر في كواليس الاشتباك مع النخب المحلية عن ما يمكن وصفه بـ «مخاوف ما بعد الصدمة» بمعنى التساؤل عن كيفية وماهية الزاوية التي سينظر لها الأمريكيون في قراءتهم لقرار الأردن إلغاء قمة رباعية كانت مقررة بحضور الرئيس جو بايدن. واضح أن الوزير الصفدي «يستشعر» همسة ما من الطاقم الأمريكي تعبر عن الانزعاج أو يفترض ذلك بناء على حسابات دقيقة لموقف ساهم بفعالية في «لملمة الشارع الأردني» وأظهر المؤسسة متمسكة بثوابتها حقاً خلافاً لأنها قد تستثمر بالمخاوف الخاصة بالهجرة والحرب واتساعها المحتمل لإعادة التموقع في مفاوضة الأمريكي.
مأزق استراتيجي
في المقابل، جرعة الانفعال بدت واضحة على رئيس الوزراء الدكتور بشر خصاونة وهو يحمل منشوراً لشخص مجهول يسيء إلى مؤسسات السيادة الأردنية ويحرض عليها في مشهد يمكن الاستغناء عنه، فيما لجأ وزير الداخلية مازن فراية لإقناع المواطنين بعدم التظاهر في منطقة الأغوار لقاموسه في الخلفية العسكرية المهنية متحدثاً عن منطقة «كمائن ومراقبة تسلل بالاتجاهين ونيران» لا يجوز الاقتراب منها. ما رصد على جبهة وزارتي السيادة ومداخلة رئيس الوزراء مع بعض الإضافات والإجراءات هو مؤشر متماسك ليس على مستويات الحساسية في المؤسسات البيروقراطية فقط، بل أيضاً على مستوى تفاعلات واستحقاقات تطورات حدث في غاية الأهمية انطلاقا من الإحساس العام بـ»المسؤولية» حتى مع وجود ضعف بيروقراطي. لذلك يمكن الاستنتاج أن ثمة مأزقاً استراتيجياً تواجهه نخب القرار الرسمي لا ينتبه له كثيرون ضمن مساجلات الشارع والإقليم وجدلية «التحديات والفرص» التي نتجت فوراً ودفعة واحدة عن تداعيات «معركة طوفان الأقصى». وتعبيرات ذلك المأزق تتجلى في أن تياراً ما في مستويات السلطة لا يريد بعد التصديق على رواية «انقلاب إسرائيل» ضد مصالح الأردن الأساسية وغياب «العمق الإسرائيلي» عن «مناسيب الشراكة» ولاحقاً تراكم حالة قد تضطر المملكة بسببها للتعاكس مع «مشاريع واتجاهات أمريكية» خلافاً لأنها عموماً اليوم في «الخطر». المشهد هنا قد لا يتعلق فقط بالاستدراكات المستجدة ونقاط تلمس الوقائع والتحديات مباشرة بقدر ما يتعلق بسؤال ما بعد التوثق والاستدراك أو سؤال «حسناً.. كيف نتصرف؟» الأمر الذي يتطلب مرونة كبيرة وغير معهودة سابقاً في الاستجابة والتكتيك والرسم الاستراتيجي يخشى مراقبون أنها تفتقد رغم «بهاء الثابت» في الخطاب المرجعي. كما يتطلب- وقد يكون ذلك الأهم- تغييرات هائلة ليس في «نمط التخطيط والتفكير» بل أيضاً في «تبديل عقائد بيروقراطية مستقرة» وامتلاك مهارة «العبور بين الفرصة والتحدي» التي لا تمتلكها الأدوات التي تدير الأمور حالياً، وصولاً لإسقاط تلك العقائد «التي لم تعد تصلح للحاضر» والمبادرة لتجديدها دون ضرر أو بالحد الأدنى من الألم. التقطت «القدس العربي» في «جلسة عصف ذهني مغلقة» نظمها معهد السياسة والمجتمع تلك المفارقة عندما سجلت بأن «الفريق الحالي في إدارة الأزمة سياسياً» لا يملك المهارات التي تؤهله للإقرار بأن «الإسرائيلي قلب الطاولة» على الأردنيين قبل غيرهم، وبأن الدنيا تبدلت ومصالح المملكة الكبرى على المحك. وهنا التقط المتحدث الرئيسي في الجلسة المغلقة الدكتور الخبير مروان المعشر تلميح «القدس العربي» ليداخل قائلاً ببعض الانفعال».. حسناً فليحضر طاقم يملك تلك المهارات». وما يقترحه المعشر ليس سهلاً أو لا يزال صعباً، لأن الإقرار بالحاجة إلى إدارة مختلفة بأدوات مهارية للأزمة المثيرة الحالية يعني ضمناً الإقرار بخطأ الحسابات الاستراتيجية وبوجود «أزمة أدوات» حقيقية طالما تم إنكارها، مع أن الخطاب الأردني الرسمي برمته -كما يلاحظ السياسي مروان الفاعوري- تبدل وتغير وأدرك بأن درب العودة لصيغة «العدو الإسرائيلي» فيما يبدو الآن قسرياً بامتياز، والتساهل معه وإنكار الدرب المستجد يعني القبول بمشروع «التهجير القسري» الذي وصفه وزير الخارجية أيمن صفدي بأنه «حرب».
«منع التهجير القسري»
عملياً، واحد من تداعيات أو «فضائل» معركة طوفان غزة -على حد تعبير السياسي الإسلامي الدكتور رامي عياصرة- أنها كشفت للأردنيين جميعاً «أوهام السلام» ودفعت بين أيديهم بحقائق «المخاطر». والإنكار هنا يعني الكثير، لكن في الحد الأدنى يعني الاسترسال في «الاستهبال» القديم، أو الارتباك المعلب الواضح والجماهيري خلافاً لأن المطلوب بعد الموقف المرجعي الثابت والمتقدم في نصرة ودعم الشعب الفلسطيني والوقوف ضد المجازر الإسرائيلية وفوراً هو «إظهار المؤسسات والحكومة» التزامها العملي والميداني بالتوجيهات الملكية، كما قال القطب البرلماني البارز خليل عطية في مداخلة حادة ومهمة له تحت قبة البرلمان. عطية شرح لـ «القدس العربي» بأن الرؤية المرجعية محددة وواضحة اليوم، والتوجيهات علنية، وجميع المستويات التنفيذية المطلوب منها الارتقاء لمستوى الموقف الملكي ووضع هياكل ومسارات تنفيذية خصوصاً في ظل التأشير المرجعي الواضح، على أن منع التهجير القسري في غزة أو فلسطين المحتلة يتطلب «دعم صمود الفلسطيني على أرضه بكل إمكانات المملكة». يطالب عطية الحكومة وبقية المؤسسات القيام بواجبها في ظل التوجيه الملكي ودون بطء، ويستنتج بأن مصلحة الأمن القومي والوطني والحدودي الأردني اليوم تتطلب تجديد قواعد الاشتباك والمباشرة فوراً في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني حتى تجهض مؤامرة التهجير في غزة أو الضفة الغربية. مجدداً، يلامس البرلماني العريق عطية «الجوهري» في المسألة. لكن مجدداً، في المقابل، ذلك «الالتزام» الذي يطالب به أقدم عضو في البرلمان الأردني بالمستوى التنفيذي، قد يتطلب ذلك الطاقم المحترف المهاري الذي يؤشر عليه المعشر في الوقت الذي يرى خبراء بأن المملكة لا تملك ترف الانتظار الطويل بسبب التغييرات الهائلة التي أنتجتها معركة طوفان الأقصى في كل الاتجاهات.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - واحدة من الإشكاليات والتعقيدات الأساسية التي تواجهها اليوم «ماكينة المؤسسة» الأردنية بعد الاشتباك المتقدم للقيادة والمؤسسة الملكية تفاعلاً مع «الحرب الإسرائيلية» الخطرة والجديدة على أهل قطاع غزة هي تلك التي يمكن رصدها أولاً على ملامح، وثانياً في سلوكيات وأحياناً تصريحات مسؤولين ووزراء من الواضح تماماً أنهم «مرتبكون» ولو قليلاً. وزير الخارجية أيمن صفدي، وفر أرضية مباشرة لطرح تساؤلات وهو يعبر في كواليس الاشتباك مع النخب المحلية عن ما يمكن وصفه بـ «مخاوف ما بعد الصدمة» بمعنى التساؤل عن كيفية وماهية الزاوية التي سينظر لها الأمريكيون في قراءتهم لقرار الأردن إلغاء قمة رباعية كانت مقررة بحضور الرئيس جو بايدن. واضح أن الوزير الصفدي «يستشعر» همسة ما من الطاقم الأمريكي تعبر عن الانزعاج أو يفترض ذلك بناء على حسابات دقيقة لموقف ساهم بفعالية في «لملمة الشارع الأردني» وأظهر المؤسسة متمسكة بثوابتها حقاً خلافاً لأنها قد تستثمر بالمخاوف الخاصة بالهجرة والحرب واتساعها المحتمل لإعادة التموقع في مفاوضة الأمريكي.
مأزق استراتيجي
في المقابل، جرعة الانفعال بدت واضحة على رئيس الوزراء الدكتور بشر خصاونة وهو يحمل منشوراً لشخص مجهول يسيء إلى مؤسسات السيادة الأردنية ويحرض عليها في مشهد يمكن الاستغناء عنه، فيما لجأ وزير الداخلية مازن فراية لإقناع المواطنين بعدم التظاهر في منطقة الأغوار لقاموسه في الخلفية العسكرية المهنية متحدثاً عن منطقة «كمائن ومراقبة تسلل بالاتجاهين ونيران» لا يجوز الاقتراب منها. ما رصد على جبهة وزارتي السيادة ومداخلة رئيس الوزراء مع بعض الإضافات والإجراءات هو مؤشر متماسك ليس على مستويات الحساسية في المؤسسات البيروقراطية فقط، بل أيضاً على مستوى تفاعلات واستحقاقات تطورات حدث في غاية الأهمية انطلاقا من الإحساس العام بـ»المسؤولية» حتى مع وجود ضعف بيروقراطي. لذلك يمكن الاستنتاج أن ثمة مأزقاً استراتيجياً تواجهه نخب القرار الرسمي لا ينتبه له كثيرون ضمن مساجلات الشارع والإقليم وجدلية «التحديات والفرص» التي نتجت فوراً ودفعة واحدة عن تداعيات «معركة طوفان الأقصى». وتعبيرات ذلك المأزق تتجلى في أن تياراً ما في مستويات السلطة لا يريد بعد التصديق على رواية «انقلاب إسرائيل» ضد مصالح الأردن الأساسية وغياب «العمق الإسرائيلي» عن «مناسيب الشراكة» ولاحقاً تراكم حالة قد تضطر المملكة بسببها للتعاكس مع «مشاريع واتجاهات أمريكية» خلافاً لأنها عموماً اليوم في «الخطر». المشهد هنا قد لا يتعلق فقط بالاستدراكات المستجدة ونقاط تلمس الوقائع والتحديات مباشرة بقدر ما يتعلق بسؤال ما بعد التوثق والاستدراك أو سؤال «حسناً.. كيف نتصرف؟» الأمر الذي يتطلب مرونة كبيرة وغير معهودة سابقاً في الاستجابة والتكتيك والرسم الاستراتيجي يخشى مراقبون أنها تفتقد رغم «بهاء الثابت» في الخطاب المرجعي. كما يتطلب- وقد يكون ذلك الأهم- تغييرات هائلة ليس في «نمط التخطيط والتفكير» بل أيضاً في «تبديل عقائد بيروقراطية مستقرة» وامتلاك مهارة «العبور بين الفرصة والتحدي» التي لا تمتلكها الأدوات التي تدير الأمور حالياً، وصولاً لإسقاط تلك العقائد «التي لم تعد تصلح للحاضر» والمبادرة لتجديدها دون ضرر أو بالحد الأدنى من الألم. التقطت «القدس العربي» في «جلسة عصف ذهني مغلقة» نظمها معهد السياسة والمجتمع تلك المفارقة عندما سجلت بأن «الفريق الحالي في إدارة الأزمة سياسياً» لا يملك المهارات التي تؤهله للإقرار بأن «الإسرائيلي قلب الطاولة» على الأردنيين قبل غيرهم، وبأن الدنيا تبدلت ومصالح المملكة الكبرى على المحك. وهنا التقط المتحدث الرئيسي في الجلسة المغلقة الدكتور الخبير مروان المعشر تلميح «القدس العربي» ليداخل قائلاً ببعض الانفعال».. حسناً فليحضر طاقم يملك تلك المهارات». وما يقترحه المعشر ليس سهلاً أو لا يزال صعباً، لأن الإقرار بالحاجة إلى إدارة مختلفة بأدوات مهارية للأزمة المثيرة الحالية يعني ضمناً الإقرار بخطأ الحسابات الاستراتيجية وبوجود «أزمة أدوات» حقيقية طالما تم إنكارها، مع أن الخطاب الأردني الرسمي برمته -كما يلاحظ السياسي مروان الفاعوري- تبدل وتغير وأدرك بأن درب العودة لصيغة «العدو الإسرائيلي» فيما يبدو الآن قسرياً بامتياز، والتساهل معه وإنكار الدرب المستجد يعني القبول بمشروع «التهجير القسري» الذي وصفه وزير الخارجية أيمن صفدي بأنه «حرب».
«منع التهجير القسري»
عملياً، واحد من تداعيات أو «فضائل» معركة طوفان غزة -على حد تعبير السياسي الإسلامي الدكتور رامي عياصرة- أنها كشفت للأردنيين جميعاً «أوهام السلام» ودفعت بين أيديهم بحقائق «المخاطر». والإنكار هنا يعني الكثير، لكن في الحد الأدنى يعني الاسترسال في «الاستهبال» القديم، أو الارتباك المعلب الواضح والجماهيري خلافاً لأن المطلوب بعد الموقف المرجعي الثابت والمتقدم في نصرة ودعم الشعب الفلسطيني والوقوف ضد المجازر الإسرائيلية وفوراً هو «إظهار المؤسسات والحكومة» التزامها العملي والميداني بالتوجيهات الملكية، كما قال القطب البرلماني البارز خليل عطية في مداخلة حادة ومهمة له تحت قبة البرلمان. عطية شرح لـ «القدس العربي» بأن الرؤية المرجعية محددة وواضحة اليوم، والتوجيهات علنية، وجميع المستويات التنفيذية المطلوب منها الارتقاء لمستوى الموقف الملكي ووضع هياكل ومسارات تنفيذية خصوصاً في ظل التأشير المرجعي الواضح، على أن منع التهجير القسري في غزة أو فلسطين المحتلة يتطلب «دعم صمود الفلسطيني على أرضه بكل إمكانات المملكة». يطالب عطية الحكومة وبقية المؤسسات القيام بواجبها في ظل التوجيه الملكي ودون بطء، ويستنتج بأن مصلحة الأمن القومي والوطني والحدودي الأردني اليوم تتطلب تجديد قواعد الاشتباك والمباشرة فوراً في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني حتى تجهض مؤامرة التهجير في غزة أو الضفة الغربية. مجدداً، يلامس البرلماني العريق عطية «الجوهري» في المسألة. لكن مجدداً، في المقابل، ذلك «الالتزام» الذي يطالب به أقدم عضو في البرلمان الأردني بالمستوى التنفيذي، قد يتطلب ذلك الطاقم المحترف المهاري الذي يؤشر عليه المعشر في الوقت الذي يرى خبراء بأن المملكة لا تملك ترف الانتظار الطويل بسبب التغييرات الهائلة التي أنتجتها معركة طوفان الأقصى في كل الاتجاهات.
«القدس العربي»
التعليقات
الأردن بعد «الطوفان»: وزراء «مرتبكون قليلاً» وجدلية «التحدي والفرصة» تكشف الحاجة إلى «مهارات»
التعليقات