عمان جو- بسام البدارين - ثمة ما يتغير بالتأكيد في الخطاب الرسمي داخل أو في عمق بنية مركز القرار والاستشارة والتوجيه. ثمة ما غيرته معركة طوفان الأقصى، ليس في الإيقاع الرسمي فقط ولكن في الإيقاع الشعبي والاجتماعي، بعدما اضطرت الأردنيين جميعاً لطرح عشرات الأسئلة ومن مختلف الأوزان والأصناف. وثمة من يقول وسط السياسيين والبرلمانيين الأردنيين، إن أرجل بعض الوزراء اهتزت وارتعدت قليلاً خلال 48 ساعة بعد عملية غلاف غزة. لكن الاستدراك العميق في مركز القرار وعلى المستوى المرجعي، أعاد تثبيت المشهد وطمأن المسؤولين المرتعدين والحائرين قبل أن يتقرر سيادياً مستوى الاشتباك السياسي والدبلوماسي مع تفاصيل المشهد المنثورة في الإقليم. مصدر في غاية الاطلاع أقر أمام «القدس العربي» بأن المجسات المرجعية السيادية تفوقت تماماً على الخطاب الوزاري والتنفيذي عندما التقطت مبكراً وفي اليوم الثالث لمعركة طوفان الأقصى ما هو جوهري في مشروع اليمين الإسرائيلي، حيث الاستغلال في الطوفان واقتراح بغطاء أمريكي يفتح أكتاف الحدود المصرية لعملية نزوح جماعية للسكان. شعر الأردن المرجعي فوراً بالخطر، وبدأ توجيه الرسائل والمناورات السياسية والدبلوماسية، بل تقدم إلى الأمام بخطاب ملكي مبكر كان الأكثر تقدماً على مستوى الزعماء العرب في قراءة المعطيات وفهم المطلوب غداً، وليس ما حصل أمس. وهو ما ألمح له البيروقراطي العريق الدكتور رجائي المعشر وهو يوجه رسالة للمعارض الشيخ مراد العضايلة ينصح فيها بأن يتوقف عن دعوة الأردنيين للتظاهر في منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة حرصاً على الأمن والأمان. تكشف رسائل وسجالات الأردنيين أن مؤسستين فقط مضتا إلى الأمام بجرأة في تجاوز التعبير عن القلق والاشتباك مع مشروع يميني إسرائيلي، القناعة أكيدة بأنه يتجاوز معركة الغلاف وقضية أهل قطاع غزة، وهما: المؤسسة الملكية، والمؤسسة التي تدير نبض الشارع الأردني. ويقر السياسي والبرلماني العتيق الدكتور ممدوح العبادي أمام «القدس العربي» بأن الموقف الرسمي الأردني متقدم ومتفوق ويقرأ ما بين الأسطر، ويستند إلى ما كنا نحذر منه أوساط القرار الحكومي والنخبوي تحت عنوان التوقف عن إنكار المخاطر.
المدني «يتصدع» و«الأمريكاني» قد يتقلص
بمعنى أو بآخر، نتج عن معركة غلاف غزة الشهيرة يقظة في مراكز وأطراف ومؤسسات القرار الأردني، وما عبر عنه وزير الخارجية أيمن الصفدي في اجتماع مجلس الأمن مساء الثلاثاء توجيه يعكس تلك اليقظة. أعجب حديث الصفدي الرأي العام في بلاده عندما أعلن بأن الأردن سيواجه بكل طاقته وإمكاناته أي مخطط لتهجير الفلسطينيين، ثم انتقد بجرأة وسقف مرتفع ازدواجية المجتمع الدولي واللاعبين الكبار في أوروبا والولايات المتحدة. طبعاً، حتى الصفدي نفسه على الأرجح قد لا يستطيع الآن تعريف قواعد المواجهة التي يقترحها ولا حتى الأوراق الباطنية التي تمتلكها عمان. تلك دوماً مهمة المستوى السيادي الخبير والعميق. لكن الأهم أن الدبلوماسية التي انتقد رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب علناً «نعومتها» أصبحت أكثر خشونة الآن، الأمر الذي يؤشر إلى أن الدولة الأردنية في الاتجاه المعاكس. ووفقاً لأبو الراغب، ينبغي أن تستمر في ذلك؛ لأن الثالوث الشيطاني الحاكم في إسرائيل لن يوفر جهداً لضرب الأردن والمساس به، ولا بد من إعادته إلى المساحة التي ينبغي أن يكون فيها. المهم إعلامياً وسياسياً، ورغم غياب الحكومة الأردنية نفسها عن المشهد، أن اللهجة خشنة وفيها مجابهة إن لم تتوفر المواجهة وأدواتها. والمهم بالتوازي، أن معطيات تتغير في الواقع السياسي والاجتماعي، وستتغير لاحقاً؛ فمن ارتعدت أرجلهم في البداية من المسؤولين التنفيذيين والمستشارين وحصراً المصنفين بالقرب من الدوائر الأمريكية أو المحسوبين على خبرتها، تم تصليب مواقعهم ومواقفهم؛ لأن الأردن – كما قال يوماً رئيس الوزراء بشر الخصاونة في القضية الفلسطينية تحديداً ـ لا يتحدث لهجتين، لا علناً ولا في الغرف المغلقة. يتغير أيضاً إيقاع الشارع ونبضه، فلا أحد يهتم كثيراً اليوم بطرد سفير غير موجود أصلاً، وإغلاق سفارة للعدو خاوية في الواقع، والحديث يرتفع إلى مستوى ما اقترحه القطب البرلماني خليل عطية في وجود «القدس العربي» وهو مراجعة اتفاقية وادي عربة نفسها ومعها كل الاتفاقيات التي وقعت في الماضي مع الكيان العدو. سابقاً في الحراكات الشعبية، وجهت مكونات اجتماعية محددة رسائل دائمة للدولة عنوانها أنها لا تشارك في الشارع لا تحت لواء المعارضة السياسية ولا تحت لافتة الوضع المعيشي. لكن عندما يتعلق الأمر بمجازر إسرائيلية جديدة، لوحظ أن المكونات المشار إليها تنزل وبكثافة إلى الشارع دفاعاً ليس عن فلسطين ومقاومتها فحسب، ولكن أيضاً عن ثوابت الدولة الأردنية في السياق. تلك مقاربة جديدة ليس على المجتمع الأردني فقط، إنما على الدولة وأجهزتها؛ فأبناء وأحفاد شريحة أولاد قطاع غزة في الأردن متحركون في الشارع دفاعاً عن عائلاتهم في القطاع المستهدف، ولم يسبق لهم أن ظهروا باعتبارهم لاجئين بدون وثائق. والمكون اللاجئ الأردني دستورياً تحرك، وبرزت مع تحركه السياسي الفلسطيني تلك الحاجة عند الدولة لضبط الإيقاع ورفع سقف التعبير رغم حصول أخطاء بالمعنى القانوني يمكن تجاوزها. ذلك جديد تماماً في لعبة الحراكات الأردنية. وما هو جديد أيضاً المعركة الاشتباكية في الأروقة الدولية تحت عنوان التنديد بالرواية الإسرائيلية وتحجيمها بناء على رواية دولة أردنية محترمة وأخلاقية بتصنيفات الدول الغربية. جرحت المشاهد والصور والفيديوهات من قطاع غزة قلوب الأردنيين جميعاً من أعلى الهرم في الدولة إلى أدناه في المجتمع. ثمة اقتراحات مبكرة حول الانعكاسات إذا ما تمكن العالم من إنهاء الحرب على الداخل الأردني لها علاقة بمحاور متغيرة في غاية الأهمية، أبرزها على الإطلاق في مستوى التهامس النخبوي أن المقاربة في اتجاه إصلاح ما أعقبته هجمة إسرائيل الوحشية على قطاع غزة في بنية شبكة التواصل الأردنية الأمريكية قد تتطلب تغييراً في الأطقم والأدوات قريباً جداً، فكرته إزاحة أو استبدال الذين أخفقوا في قراءة البوصلة الأمريكية، أو تقربوا منها وراء الستائر على حساب مصالح الوطن الأردني. وبينها بصورة مرجحة ذلك المقترح الذي يشير إلى أن الجزء المرتبط بعد الآن بالمجتمع المدني والحقوقي بالزوايا الأوروبية والأمريكية حصراً، لن يجد له مقعداً وسط الأردنيين بعد الآن.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - ثمة ما يتغير بالتأكيد في الخطاب الرسمي داخل أو في عمق بنية مركز القرار والاستشارة والتوجيه. ثمة ما غيرته معركة طوفان الأقصى، ليس في الإيقاع الرسمي فقط ولكن في الإيقاع الشعبي والاجتماعي، بعدما اضطرت الأردنيين جميعاً لطرح عشرات الأسئلة ومن مختلف الأوزان والأصناف. وثمة من يقول وسط السياسيين والبرلمانيين الأردنيين، إن أرجل بعض الوزراء اهتزت وارتعدت قليلاً خلال 48 ساعة بعد عملية غلاف غزة. لكن الاستدراك العميق في مركز القرار وعلى المستوى المرجعي، أعاد تثبيت المشهد وطمأن المسؤولين المرتعدين والحائرين قبل أن يتقرر سيادياً مستوى الاشتباك السياسي والدبلوماسي مع تفاصيل المشهد المنثورة في الإقليم. مصدر في غاية الاطلاع أقر أمام «القدس العربي» بأن المجسات المرجعية السيادية تفوقت تماماً على الخطاب الوزاري والتنفيذي عندما التقطت مبكراً وفي اليوم الثالث لمعركة طوفان الأقصى ما هو جوهري في مشروع اليمين الإسرائيلي، حيث الاستغلال في الطوفان واقتراح بغطاء أمريكي يفتح أكتاف الحدود المصرية لعملية نزوح جماعية للسكان. شعر الأردن المرجعي فوراً بالخطر، وبدأ توجيه الرسائل والمناورات السياسية والدبلوماسية، بل تقدم إلى الأمام بخطاب ملكي مبكر كان الأكثر تقدماً على مستوى الزعماء العرب في قراءة المعطيات وفهم المطلوب غداً، وليس ما حصل أمس. وهو ما ألمح له البيروقراطي العريق الدكتور رجائي المعشر وهو يوجه رسالة للمعارض الشيخ مراد العضايلة ينصح فيها بأن يتوقف عن دعوة الأردنيين للتظاهر في منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة حرصاً على الأمن والأمان. تكشف رسائل وسجالات الأردنيين أن مؤسستين فقط مضتا إلى الأمام بجرأة في تجاوز التعبير عن القلق والاشتباك مع مشروع يميني إسرائيلي، القناعة أكيدة بأنه يتجاوز معركة الغلاف وقضية أهل قطاع غزة، وهما: المؤسسة الملكية، والمؤسسة التي تدير نبض الشارع الأردني. ويقر السياسي والبرلماني العتيق الدكتور ممدوح العبادي أمام «القدس العربي» بأن الموقف الرسمي الأردني متقدم ومتفوق ويقرأ ما بين الأسطر، ويستند إلى ما كنا نحذر منه أوساط القرار الحكومي والنخبوي تحت عنوان التوقف عن إنكار المخاطر.
المدني «يتصدع» و«الأمريكاني» قد يتقلص
بمعنى أو بآخر، نتج عن معركة غلاف غزة الشهيرة يقظة في مراكز وأطراف ومؤسسات القرار الأردني، وما عبر عنه وزير الخارجية أيمن الصفدي في اجتماع مجلس الأمن مساء الثلاثاء توجيه يعكس تلك اليقظة. أعجب حديث الصفدي الرأي العام في بلاده عندما أعلن بأن الأردن سيواجه بكل طاقته وإمكاناته أي مخطط لتهجير الفلسطينيين، ثم انتقد بجرأة وسقف مرتفع ازدواجية المجتمع الدولي واللاعبين الكبار في أوروبا والولايات المتحدة. طبعاً، حتى الصفدي نفسه على الأرجح قد لا يستطيع الآن تعريف قواعد المواجهة التي يقترحها ولا حتى الأوراق الباطنية التي تمتلكها عمان. تلك دوماً مهمة المستوى السيادي الخبير والعميق. لكن الأهم أن الدبلوماسية التي انتقد رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب علناً «نعومتها» أصبحت أكثر خشونة الآن، الأمر الذي يؤشر إلى أن الدولة الأردنية في الاتجاه المعاكس. ووفقاً لأبو الراغب، ينبغي أن تستمر في ذلك؛ لأن الثالوث الشيطاني الحاكم في إسرائيل لن يوفر جهداً لضرب الأردن والمساس به، ولا بد من إعادته إلى المساحة التي ينبغي أن يكون فيها. المهم إعلامياً وسياسياً، ورغم غياب الحكومة الأردنية نفسها عن المشهد، أن اللهجة خشنة وفيها مجابهة إن لم تتوفر المواجهة وأدواتها. والمهم بالتوازي، أن معطيات تتغير في الواقع السياسي والاجتماعي، وستتغير لاحقاً؛ فمن ارتعدت أرجلهم في البداية من المسؤولين التنفيذيين والمستشارين وحصراً المصنفين بالقرب من الدوائر الأمريكية أو المحسوبين على خبرتها، تم تصليب مواقعهم ومواقفهم؛ لأن الأردن – كما قال يوماً رئيس الوزراء بشر الخصاونة في القضية الفلسطينية تحديداً ـ لا يتحدث لهجتين، لا علناً ولا في الغرف المغلقة. يتغير أيضاً إيقاع الشارع ونبضه، فلا أحد يهتم كثيراً اليوم بطرد سفير غير موجود أصلاً، وإغلاق سفارة للعدو خاوية في الواقع، والحديث يرتفع إلى مستوى ما اقترحه القطب البرلماني خليل عطية في وجود «القدس العربي» وهو مراجعة اتفاقية وادي عربة نفسها ومعها كل الاتفاقيات التي وقعت في الماضي مع الكيان العدو. سابقاً في الحراكات الشعبية، وجهت مكونات اجتماعية محددة رسائل دائمة للدولة عنوانها أنها لا تشارك في الشارع لا تحت لواء المعارضة السياسية ولا تحت لافتة الوضع المعيشي. لكن عندما يتعلق الأمر بمجازر إسرائيلية جديدة، لوحظ أن المكونات المشار إليها تنزل وبكثافة إلى الشارع دفاعاً ليس عن فلسطين ومقاومتها فحسب، ولكن أيضاً عن ثوابت الدولة الأردنية في السياق. تلك مقاربة جديدة ليس على المجتمع الأردني فقط، إنما على الدولة وأجهزتها؛ فأبناء وأحفاد شريحة أولاد قطاع غزة في الأردن متحركون في الشارع دفاعاً عن عائلاتهم في القطاع المستهدف، ولم يسبق لهم أن ظهروا باعتبارهم لاجئين بدون وثائق. والمكون اللاجئ الأردني دستورياً تحرك، وبرزت مع تحركه السياسي الفلسطيني تلك الحاجة عند الدولة لضبط الإيقاع ورفع سقف التعبير رغم حصول أخطاء بالمعنى القانوني يمكن تجاوزها. ذلك جديد تماماً في لعبة الحراكات الأردنية. وما هو جديد أيضاً المعركة الاشتباكية في الأروقة الدولية تحت عنوان التنديد بالرواية الإسرائيلية وتحجيمها بناء على رواية دولة أردنية محترمة وأخلاقية بتصنيفات الدول الغربية. جرحت المشاهد والصور والفيديوهات من قطاع غزة قلوب الأردنيين جميعاً من أعلى الهرم في الدولة إلى أدناه في المجتمع. ثمة اقتراحات مبكرة حول الانعكاسات إذا ما تمكن العالم من إنهاء الحرب على الداخل الأردني لها علاقة بمحاور متغيرة في غاية الأهمية، أبرزها على الإطلاق في مستوى التهامس النخبوي أن المقاربة في اتجاه إصلاح ما أعقبته هجمة إسرائيل الوحشية على قطاع غزة في بنية شبكة التواصل الأردنية الأمريكية قد تتطلب تغييراً في الأطقم والأدوات قريباً جداً، فكرته إزاحة أو استبدال الذين أخفقوا في قراءة البوصلة الأمريكية، أو تقربوا منها وراء الستائر على حساب مصالح الوطن الأردني. وبينها بصورة مرجحة ذلك المقترح الذي يشير إلى أن الجزء المرتبط بعد الآن بالمجتمع المدني والحقوقي بالزوايا الأوروبية والأمريكية حصراً، لن يجد له مقعداً وسط الأردنيين بعد الآن.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - ثمة ما يتغير بالتأكيد في الخطاب الرسمي داخل أو في عمق بنية مركز القرار والاستشارة والتوجيه. ثمة ما غيرته معركة طوفان الأقصى، ليس في الإيقاع الرسمي فقط ولكن في الإيقاع الشعبي والاجتماعي، بعدما اضطرت الأردنيين جميعاً لطرح عشرات الأسئلة ومن مختلف الأوزان والأصناف. وثمة من يقول وسط السياسيين والبرلمانيين الأردنيين، إن أرجل بعض الوزراء اهتزت وارتعدت قليلاً خلال 48 ساعة بعد عملية غلاف غزة. لكن الاستدراك العميق في مركز القرار وعلى المستوى المرجعي، أعاد تثبيت المشهد وطمأن المسؤولين المرتعدين والحائرين قبل أن يتقرر سيادياً مستوى الاشتباك السياسي والدبلوماسي مع تفاصيل المشهد المنثورة في الإقليم. مصدر في غاية الاطلاع أقر أمام «القدس العربي» بأن المجسات المرجعية السيادية تفوقت تماماً على الخطاب الوزاري والتنفيذي عندما التقطت مبكراً وفي اليوم الثالث لمعركة طوفان الأقصى ما هو جوهري في مشروع اليمين الإسرائيلي، حيث الاستغلال في الطوفان واقتراح بغطاء أمريكي يفتح أكتاف الحدود المصرية لعملية نزوح جماعية للسكان. شعر الأردن المرجعي فوراً بالخطر، وبدأ توجيه الرسائل والمناورات السياسية والدبلوماسية، بل تقدم إلى الأمام بخطاب ملكي مبكر كان الأكثر تقدماً على مستوى الزعماء العرب في قراءة المعطيات وفهم المطلوب غداً، وليس ما حصل أمس. وهو ما ألمح له البيروقراطي العريق الدكتور رجائي المعشر وهو يوجه رسالة للمعارض الشيخ مراد العضايلة ينصح فيها بأن يتوقف عن دعوة الأردنيين للتظاهر في منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة حرصاً على الأمن والأمان. تكشف رسائل وسجالات الأردنيين أن مؤسستين فقط مضتا إلى الأمام بجرأة في تجاوز التعبير عن القلق والاشتباك مع مشروع يميني إسرائيلي، القناعة أكيدة بأنه يتجاوز معركة الغلاف وقضية أهل قطاع غزة، وهما: المؤسسة الملكية، والمؤسسة التي تدير نبض الشارع الأردني. ويقر السياسي والبرلماني العتيق الدكتور ممدوح العبادي أمام «القدس العربي» بأن الموقف الرسمي الأردني متقدم ومتفوق ويقرأ ما بين الأسطر، ويستند إلى ما كنا نحذر منه أوساط القرار الحكومي والنخبوي تحت عنوان التوقف عن إنكار المخاطر.
المدني «يتصدع» و«الأمريكاني» قد يتقلص
بمعنى أو بآخر، نتج عن معركة غلاف غزة الشهيرة يقظة في مراكز وأطراف ومؤسسات القرار الأردني، وما عبر عنه وزير الخارجية أيمن الصفدي في اجتماع مجلس الأمن مساء الثلاثاء توجيه يعكس تلك اليقظة. أعجب حديث الصفدي الرأي العام في بلاده عندما أعلن بأن الأردن سيواجه بكل طاقته وإمكاناته أي مخطط لتهجير الفلسطينيين، ثم انتقد بجرأة وسقف مرتفع ازدواجية المجتمع الدولي واللاعبين الكبار في أوروبا والولايات المتحدة. طبعاً، حتى الصفدي نفسه على الأرجح قد لا يستطيع الآن تعريف قواعد المواجهة التي يقترحها ولا حتى الأوراق الباطنية التي تمتلكها عمان. تلك دوماً مهمة المستوى السيادي الخبير والعميق. لكن الأهم أن الدبلوماسية التي انتقد رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب علناً «نعومتها» أصبحت أكثر خشونة الآن، الأمر الذي يؤشر إلى أن الدولة الأردنية في الاتجاه المعاكس. ووفقاً لأبو الراغب، ينبغي أن تستمر في ذلك؛ لأن الثالوث الشيطاني الحاكم في إسرائيل لن يوفر جهداً لضرب الأردن والمساس به، ولا بد من إعادته إلى المساحة التي ينبغي أن يكون فيها. المهم إعلامياً وسياسياً، ورغم غياب الحكومة الأردنية نفسها عن المشهد، أن اللهجة خشنة وفيها مجابهة إن لم تتوفر المواجهة وأدواتها. والمهم بالتوازي، أن معطيات تتغير في الواقع السياسي والاجتماعي، وستتغير لاحقاً؛ فمن ارتعدت أرجلهم في البداية من المسؤولين التنفيذيين والمستشارين وحصراً المصنفين بالقرب من الدوائر الأمريكية أو المحسوبين على خبرتها، تم تصليب مواقعهم ومواقفهم؛ لأن الأردن – كما قال يوماً رئيس الوزراء بشر الخصاونة في القضية الفلسطينية تحديداً ـ لا يتحدث لهجتين، لا علناً ولا في الغرف المغلقة. يتغير أيضاً إيقاع الشارع ونبضه، فلا أحد يهتم كثيراً اليوم بطرد سفير غير موجود أصلاً، وإغلاق سفارة للعدو خاوية في الواقع، والحديث يرتفع إلى مستوى ما اقترحه القطب البرلماني خليل عطية في وجود «القدس العربي» وهو مراجعة اتفاقية وادي عربة نفسها ومعها كل الاتفاقيات التي وقعت في الماضي مع الكيان العدو. سابقاً في الحراكات الشعبية، وجهت مكونات اجتماعية محددة رسائل دائمة للدولة عنوانها أنها لا تشارك في الشارع لا تحت لواء المعارضة السياسية ولا تحت لافتة الوضع المعيشي. لكن عندما يتعلق الأمر بمجازر إسرائيلية جديدة، لوحظ أن المكونات المشار إليها تنزل وبكثافة إلى الشارع دفاعاً ليس عن فلسطين ومقاومتها فحسب، ولكن أيضاً عن ثوابت الدولة الأردنية في السياق. تلك مقاربة جديدة ليس على المجتمع الأردني فقط، إنما على الدولة وأجهزتها؛ فأبناء وأحفاد شريحة أولاد قطاع غزة في الأردن متحركون في الشارع دفاعاً عن عائلاتهم في القطاع المستهدف، ولم يسبق لهم أن ظهروا باعتبارهم لاجئين بدون وثائق. والمكون اللاجئ الأردني دستورياً تحرك، وبرزت مع تحركه السياسي الفلسطيني تلك الحاجة عند الدولة لضبط الإيقاع ورفع سقف التعبير رغم حصول أخطاء بالمعنى القانوني يمكن تجاوزها. ذلك جديد تماماً في لعبة الحراكات الأردنية. وما هو جديد أيضاً المعركة الاشتباكية في الأروقة الدولية تحت عنوان التنديد بالرواية الإسرائيلية وتحجيمها بناء على رواية دولة أردنية محترمة وأخلاقية بتصنيفات الدول الغربية. جرحت المشاهد والصور والفيديوهات من قطاع غزة قلوب الأردنيين جميعاً من أعلى الهرم في الدولة إلى أدناه في المجتمع. ثمة اقتراحات مبكرة حول الانعكاسات إذا ما تمكن العالم من إنهاء الحرب على الداخل الأردني لها علاقة بمحاور متغيرة في غاية الأهمية، أبرزها على الإطلاق في مستوى التهامس النخبوي أن المقاربة في اتجاه إصلاح ما أعقبته هجمة إسرائيل الوحشية على قطاع غزة في بنية شبكة التواصل الأردنية الأمريكية قد تتطلب تغييراً في الأطقم والأدوات قريباً جداً، فكرته إزاحة أو استبدال الذين أخفقوا في قراءة البوصلة الأمريكية، أو تقربوا منها وراء الستائر على حساب مصالح الوطن الأردني. وبينها بصورة مرجحة ذلك المقترح الذي يشير إلى أن الجزء المرتبط بعد الآن بالمجتمع المدني والحقوقي بالزوايا الأوروبية والأمريكية حصراً، لن يجد له مقعداً وسط الأردنيين بعد الآن.
«القدس العربي»
التعليقات
الأردن وهو «يتغير» بعد «الطوفان»: بعض الأرجل «اهتزت» وكل المكونات نزلت إلى الشارع
التعليقات