عمان جو- بسام البدارين - آخر ما يمكن أن يضاف من «هموم وتعقيدات» في الزاوية الأردنية الوطنية والأمنية والسياسية من مشهد إقليمي معقد اليوم جراء ما يستمر بالحصول في قطاع غزة هو حصراً الغرق مجدداً في لعبة الأطراف والحدود. الحدود الأردنية السورية تستنزف منذ 4 سنوات تقريباً كل الجهود الأمنية المحترفة في إطار معركة التصدي للمخدرات وتجار الموت، كما تصفهم البيانات العسكرية الأردنية. والحدود مع فلسطين المحتلة محور مفصلي في نقاش مع قوى الشارع المحلي التي تطالب بالسماح لها بالاحتجاج في عمق منطقة الأغوار، لكن دون استجابة ومع تحذير و«فيتو» أمني يسمح بالتظاهر في ساحات مسموحة ومخصصة.
التهاب متوقع
الحدود الأردنية مع فلسطين لا تزال في محور نقاشات الإقليم، وتقارير الإعلام العالمية بدأت تسلط الأضواء عليها، ومساء الأربعاء تحدثت تقارير عن «صاروخ سوري» اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي في منطقة «وادي الأردن». والمقصود طبعاً، حدود الأغوار الشمالية حيث التماس جغرافيا مع التهاب متوقع قرب الجولان المحتلة. ما قاله سابقاً لـ «القدس العربي» البرلماني الأردني العريق سعد هايل السرور، عن الحدود مع سوريا بعنوان «سنسهر ليلنا الطويل بكل حال» بدأ يتماثل في وعي النخبة السياسية مع القول بأن الأردني مضطر الآن للسهر مطولاً على نقاط الحدود والاشتباك مع فلسطين المحتلة، ثم الجولان، وأخيراً الحدود مع العراق دفعة واحدة. الاحتراف المهني لدى حرس الحدود الأردني مسألة لا تقبل الاجتهادات، والمؤسسات السيادية تقوم بواجبها الآن بكل ما يتطلب الأمر، جراء تساهل المجتمع الدولي لتحذيرات القيادة الأردنية من «اتساع رقعة الصراع العسكري». ووصف وزير الداخلية مازن فراية، علناً، الحدود مع الكيان المحتل بأنها «منطقة عمليات وكمائن». وتحدث وزير الخارجية أيمن صفدي عن «أي تهجير» للديموغرافيا الفلسطينية باعتباره «حرباً» ثم قال إن بلاده ستتصدى بكل قدراتها وإمكاناتها لأي عملية تهجير قسرية، لكن الوزير هنا لم يحدد ما إذا كان المقصود تهجير سكان غزة في اتجاه مصر أم سكان الضفة الغربية في اتجاه الشرق، أي إلى المملكة. زادت مساحة الاجتهاد السياسي في محاولة لقراءة وتفسير تصريحات الوزير الصفدي، لكن في البعد «العملياتي» على الأرض وفي الميدان احترازات واحوال طوارئ، وكل الأعين الأردنية الأمنية والمختصة «ساهرة» بكل الساعات وتقارب كل صغيرة وكبيرة، والأجواء توحي فعلاً بأن منطقة الأغوار تتحول إلى منطقة عمليات يحظر سيادياً الاقتراب منها إلى أن تنقشع ملامح غيوم التصعيد العسكري الذي تمر به المنطقة. واضح تماماً في مسألة الحدود مع فلسطين المحتلة ومع سوريا وحتى مع العراق، أن الترتيبات تمضي نحو «الوضع الاستثنائي» وسلسلة إفصاحات كبار السياسيين عن «إيقاف العبث» والعمل على أساس «العدو المتربص» تزيد، لأن إنكار «مخاطر الترانسفير والحدود ولعبة الديموغرافية الإسرائيلية» برأي السياسي ممدوح العبادي، أصبح عبثياً بامتياز. الخوض في مسألة الحدود أمر ليس مألوفاً بين الأردنيين، والثقة طبعاً كبيرة للغاية في المؤسسات السيادية المختصة، لكن في المسار السياسي لا «ضمانات» جذرية على التلامس أو حتى الصدام مع تداعيات اللعبة الأمريكية الإسرائيلية الحساسة التي تجري حالياً، وخاتمتها لن تقف عند القصف الوحشي في غزة بهدف وقصدية «تحريك السكان» بالاتجاه المصري. فقد الشارع الأردني تماماً ثقته بالمؤسسات الإسرائيلية العميقة وبالإدارة الأمريكية، وثمة شكوك سياسية وشعبوية اليوم بحسابات الفريق السياسي والحكومي. في المقابل، والأكثر أهمية، أن مجسات التواصل الحكومية والسياسية لا تبدو واثقة تماماً لا بحساباتها ولا باتصالاتها، وتلامس يومياً صعوبة بالغة في فهم ما الذي يريده الأمريكيون والأوروبيون من التصعيد الكبير، وإضفاء «شرعية» واسعة على عمليات إسرائيل الحربية سواء جنوب فلسطين أو شمالها. وضع معقد غير مسبوق في الحالة السياسية، ولاحقاً بطبيعة الحال «الحدودية» الأردنية؛ لأن مخاطر توسع الصراع إقليمياً هي التي بدأت تناقش ليس فقط على مستوى مجلس السياسات بل على مستوى الخطاب الدبلوماسي.
ضخ إعلامي ضاغط
ثمة ضخ إعلامي ضاغط وغير مألوف يسلط الضوء على أطراف الحدود الأردنية، والعبء الجديد الحائر بدأ يتراكم ويطرح التساؤلات حول خلفية ونهايات وحقائق ما يجري من تحشيد للعراقيين الراغبين في الجهاد نصرة للشعب الفلسطيني، لكن عبر الأراضي الأردنية هذه المرة رغم أن بإمكانهم السفر إلى سوريا ولبنان حيث حلفاؤهم الأقرب. وهناك آلاف من أنصار الحشد الشيعي العراقي الآن على الجانب العراقي للحدود في حالة تظاهر مسلحة نسبياً، ويطالبون بفتح الأردن للحدود حتى يعبروا لمناصرة أهل غزة، والعدد يزيد يومياً مع نصب خيام للإقامة وخدمات الإقامة الطيبة. وزحام الحشد العراقي على حدود الأردن بدأ «يعيق» حركة الشاحنات، فيما أزمة متدحرجة تتبلور مع الحكومة العراقية لكنها «صامتة حتى الآن» خلفيتها تجاهل المناشدات الأردنية بالتصرف واعتذار الجانب العراقي عنه، لأن حكومة محمد شياع السوداني لا تستطيع توجيه أوامر لقادة الحشد الشيعي بوقف التحرك نحو الحدود مع الأردن. الأردن بالمعنى السياسي وليس الأمني، عالق حدودياً وجغرافياً وسط الالتهابات التي نتجت عن تداعيات عملية طوفان الأقصى والقصف الإسرائيلي المتوحش ضد غزة. باختصار، من كان يسهر على الحدود مع سوريا فقط، عليه أن يسهر وسط حقل ألغام على طول الحدود مع فلسطين المحتلة ومع العراق أيضاً في معادلة «حدودية ثلاثية» معناها المباشر أن يلتف الأردنيون حول مؤسساتهم، ويتركون المسألة لجهات الاختصاص، ويظهرون قدرة أكبر على التفاهم مع «الدولة» فيما واجب الحكومة التأسيس اليوم لحوار وطني فكرته الحرص على الأمن والاستقرار الأردني وسط موجات الإقليم الملتهبة والسيناريوهات المفتوحة.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - آخر ما يمكن أن يضاف من «هموم وتعقيدات» في الزاوية الأردنية الوطنية والأمنية والسياسية من مشهد إقليمي معقد اليوم جراء ما يستمر بالحصول في قطاع غزة هو حصراً الغرق مجدداً في لعبة الأطراف والحدود. الحدود الأردنية السورية تستنزف منذ 4 سنوات تقريباً كل الجهود الأمنية المحترفة في إطار معركة التصدي للمخدرات وتجار الموت، كما تصفهم البيانات العسكرية الأردنية. والحدود مع فلسطين المحتلة محور مفصلي في نقاش مع قوى الشارع المحلي التي تطالب بالسماح لها بالاحتجاج في عمق منطقة الأغوار، لكن دون استجابة ومع تحذير و«فيتو» أمني يسمح بالتظاهر في ساحات مسموحة ومخصصة.
التهاب متوقع
الحدود الأردنية مع فلسطين لا تزال في محور نقاشات الإقليم، وتقارير الإعلام العالمية بدأت تسلط الأضواء عليها، ومساء الأربعاء تحدثت تقارير عن «صاروخ سوري» اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي في منطقة «وادي الأردن». والمقصود طبعاً، حدود الأغوار الشمالية حيث التماس جغرافيا مع التهاب متوقع قرب الجولان المحتلة. ما قاله سابقاً لـ «القدس العربي» البرلماني الأردني العريق سعد هايل السرور، عن الحدود مع سوريا بعنوان «سنسهر ليلنا الطويل بكل حال» بدأ يتماثل في وعي النخبة السياسية مع القول بأن الأردني مضطر الآن للسهر مطولاً على نقاط الحدود والاشتباك مع فلسطين المحتلة، ثم الجولان، وأخيراً الحدود مع العراق دفعة واحدة. الاحتراف المهني لدى حرس الحدود الأردني مسألة لا تقبل الاجتهادات، والمؤسسات السيادية تقوم بواجبها الآن بكل ما يتطلب الأمر، جراء تساهل المجتمع الدولي لتحذيرات القيادة الأردنية من «اتساع رقعة الصراع العسكري». ووصف وزير الداخلية مازن فراية، علناً، الحدود مع الكيان المحتل بأنها «منطقة عمليات وكمائن». وتحدث وزير الخارجية أيمن صفدي عن «أي تهجير» للديموغرافيا الفلسطينية باعتباره «حرباً» ثم قال إن بلاده ستتصدى بكل قدراتها وإمكاناتها لأي عملية تهجير قسرية، لكن الوزير هنا لم يحدد ما إذا كان المقصود تهجير سكان غزة في اتجاه مصر أم سكان الضفة الغربية في اتجاه الشرق، أي إلى المملكة. زادت مساحة الاجتهاد السياسي في محاولة لقراءة وتفسير تصريحات الوزير الصفدي، لكن في البعد «العملياتي» على الأرض وفي الميدان احترازات واحوال طوارئ، وكل الأعين الأردنية الأمنية والمختصة «ساهرة» بكل الساعات وتقارب كل صغيرة وكبيرة، والأجواء توحي فعلاً بأن منطقة الأغوار تتحول إلى منطقة عمليات يحظر سيادياً الاقتراب منها إلى أن تنقشع ملامح غيوم التصعيد العسكري الذي تمر به المنطقة. واضح تماماً في مسألة الحدود مع فلسطين المحتلة ومع سوريا وحتى مع العراق، أن الترتيبات تمضي نحو «الوضع الاستثنائي» وسلسلة إفصاحات كبار السياسيين عن «إيقاف العبث» والعمل على أساس «العدو المتربص» تزيد، لأن إنكار «مخاطر الترانسفير والحدود ولعبة الديموغرافية الإسرائيلية» برأي السياسي ممدوح العبادي، أصبح عبثياً بامتياز. الخوض في مسألة الحدود أمر ليس مألوفاً بين الأردنيين، والثقة طبعاً كبيرة للغاية في المؤسسات السيادية المختصة، لكن في المسار السياسي لا «ضمانات» جذرية على التلامس أو حتى الصدام مع تداعيات اللعبة الأمريكية الإسرائيلية الحساسة التي تجري حالياً، وخاتمتها لن تقف عند القصف الوحشي في غزة بهدف وقصدية «تحريك السكان» بالاتجاه المصري. فقد الشارع الأردني تماماً ثقته بالمؤسسات الإسرائيلية العميقة وبالإدارة الأمريكية، وثمة شكوك سياسية وشعبوية اليوم بحسابات الفريق السياسي والحكومي. في المقابل، والأكثر أهمية، أن مجسات التواصل الحكومية والسياسية لا تبدو واثقة تماماً لا بحساباتها ولا باتصالاتها، وتلامس يومياً صعوبة بالغة في فهم ما الذي يريده الأمريكيون والأوروبيون من التصعيد الكبير، وإضفاء «شرعية» واسعة على عمليات إسرائيل الحربية سواء جنوب فلسطين أو شمالها. وضع معقد غير مسبوق في الحالة السياسية، ولاحقاً بطبيعة الحال «الحدودية» الأردنية؛ لأن مخاطر توسع الصراع إقليمياً هي التي بدأت تناقش ليس فقط على مستوى مجلس السياسات بل على مستوى الخطاب الدبلوماسي.
ضخ إعلامي ضاغط
ثمة ضخ إعلامي ضاغط وغير مألوف يسلط الضوء على أطراف الحدود الأردنية، والعبء الجديد الحائر بدأ يتراكم ويطرح التساؤلات حول خلفية ونهايات وحقائق ما يجري من تحشيد للعراقيين الراغبين في الجهاد نصرة للشعب الفلسطيني، لكن عبر الأراضي الأردنية هذه المرة رغم أن بإمكانهم السفر إلى سوريا ولبنان حيث حلفاؤهم الأقرب. وهناك آلاف من أنصار الحشد الشيعي العراقي الآن على الجانب العراقي للحدود في حالة تظاهر مسلحة نسبياً، ويطالبون بفتح الأردن للحدود حتى يعبروا لمناصرة أهل غزة، والعدد يزيد يومياً مع نصب خيام للإقامة وخدمات الإقامة الطيبة. وزحام الحشد العراقي على حدود الأردن بدأ «يعيق» حركة الشاحنات، فيما أزمة متدحرجة تتبلور مع الحكومة العراقية لكنها «صامتة حتى الآن» خلفيتها تجاهل المناشدات الأردنية بالتصرف واعتذار الجانب العراقي عنه، لأن حكومة محمد شياع السوداني لا تستطيع توجيه أوامر لقادة الحشد الشيعي بوقف التحرك نحو الحدود مع الأردن. الأردن بالمعنى السياسي وليس الأمني، عالق حدودياً وجغرافياً وسط الالتهابات التي نتجت عن تداعيات عملية طوفان الأقصى والقصف الإسرائيلي المتوحش ضد غزة. باختصار، من كان يسهر على الحدود مع سوريا فقط، عليه أن يسهر وسط حقل ألغام على طول الحدود مع فلسطين المحتلة ومع العراق أيضاً في معادلة «حدودية ثلاثية» معناها المباشر أن يلتف الأردنيون حول مؤسساتهم، ويتركون المسألة لجهات الاختصاص، ويظهرون قدرة أكبر على التفاهم مع «الدولة» فيما واجب الحكومة التأسيس اليوم لحوار وطني فكرته الحرص على الأمن والاستقرار الأردني وسط موجات الإقليم الملتهبة والسيناريوهات المفتوحة.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - آخر ما يمكن أن يضاف من «هموم وتعقيدات» في الزاوية الأردنية الوطنية والأمنية والسياسية من مشهد إقليمي معقد اليوم جراء ما يستمر بالحصول في قطاع غزة هو حصراً الغرق مجدداً في لعبة الأطراف والحدود. الحدود الأردنية السورية تستنزف منذ 4 سنوات تقريباً كل الجهود الأمنية المحترفة في إطار معركة التصدي للمخدرات وتجار الموت، كما تصفهم البيانات العسكرية الأردنية. والحدود مع فلسطين المحتلة محور مفصلي في نقاش مع قوى الشارع المحلي التي تطالب بالسماح لها بالاحتجاج في عمق منطقة الأغوار، لكن دون استجابة ومع تحذير و«فيتو» أمني يسمح بالتظاهر في ساحات مسموحة ومخصصة.
التهاب متوقع
الحدود الأردنية مع فلسطين لا تزال في محور نقاشات الإقليم، وتقارير الإعلام العالمية بدأت تسلط الأضواء عليها، ومساء الأربعاء تحدثت تقارير عن «صاروخ سوري» اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي في منطقة «وادي الأردن». والمقصود طبعاً، حدود الأغوار الشمالية حيث التماس جغرافيا مع التهاب متوقع قرب الجولان المحتلة. ما قاله سابقاً لـ «القدس العربي» البرلماني الأردني العريق سعد هايل السرور، عن الحدود مع سوريا بعنوان «سنسهر ليلنا الطويل بكل حال» بدأ يتماثل في وعي النخبة السياسية مع القول بأن الأردني مضطر الآن للسهر مطولاً على نقاط الحدود والاشتباك مع فلسطين المحتلة، ثم الجولان، وأخيراً الحدود مع العراق دفعة واحدة. الاحتراف المهني لدى حرس الحدود الأردني مسألة لا تقبل الاجتهادات، والمؤسسات السيادية تقوم بواجبها الآن بكل ما يتطلب الأمر، جراء تساهل المجتمع الدولي لتحذيرات القيادة الأردنية من «اتساع رقعة الصراع العسكري». ووصف وزير الداخلية مازن فراية، علناً، الحدود مع الكيان المحتل بأنها «منطقة عمليات وكمائن». وتحدث وزير الخارجية أيمن صفدي عن «أي تهجير» للديموغرافيا الفلسطينية باعتباره «حرباً» ثم قال إن بلاده ستتصدى بكل قدراتها وإمكاناتها لأي عملية تهجير قسرية، لكن الوزير هنا لم يحدد ما إذا كان المقصود تهجير سكان غزة في اتجاه مصر أم سكان الضفة الغربية في اتجاه الشرق، أي إلى المملكة. زادت مساحة الاجتهاد السياسي في محاولة لقراءة وتفسير تصريحات الوزير الصفدي، لكن في البعد «العملياتي» على الأرض وفي الميدان احترازات واحوال طوارئ، وكل الأعين الأردنية الأمنية والمختصة «ساهرة» بكل الساعات وتقارب كل صغيرة وكبيرة، والأجواء توحي فعلاً بأن منطقة الأغوار تتحول إلى منطقة عمليات يحظر سيادياً الاقتراب منها إلى أن تنقشع ملامح غيوم التصعيد العسكري الذي تمر به المنطقة. واضح تماماً في مسألة الحدود مع فلسطين المحتلة ومع سوريا وحتى مع العراق، أن الترتيبات تمضي نحو «الوضع الاستثنائي» وسلسلة إفصاحات كبار السياسيين عن «إيقاف العبث» والعمل على أساس «العدو المتربص» تزيد، لأن إنكار «مخاطر الترانسفير والحدود ولعبة الديموغرافية الإسرائيلية» برأي السياسي ممدوح العبادي، أصبح عبثياً بامتياز. الخوض في مسألة الحدود أمر ليس مألوفاً بين الأردنيين، والثقة طبعاً كبيرة للغاية في المؤسسات السيادية المختصة، لكن في المسار السياسي لا «ضمانات» جذرية على التلامس أو حتى الصدام مع تداعيات اللعبة الأمريكية الإسرائيلية الحساسة التي تجري حالياً، وخاتمتها لن تقف عند القصف الوحشي في غزة بهدف وقصدية «تحريك السكان» بالاتجاه المصري. فقد الشارع الأردني تماماً ثقته بالمؤسسات الإسرائيلية العميقة وبالإدارة الأمريكية، وثمة شكوك سياسية وشعبوية اليوم بحسابات الفريق السياسي والحكومي. في المقابل، والأكثر أهمية، أن مجسات التواصل الحكومية والسياسية لا تبدو واثقة تماماً لا بحساباتها ولا باتصالاتها، وتلامس يومياً صعوبة بالغة في فهم ما الذي يريده الأمريكيون والأوروبيون من التصعيد الكبير، وإضفاء «شرعية» واسعة على عمليات إسرائيل الحربية سواء جنوب فلسطين أو شمالها. وضع معقد غير مسبوق في الحالة السياسية، ولاحقاً بطبيعة الحال «الحدودية» الأردنية؛ لأن مخاطر توسع الصراع إقليمياً هي التي بدأت تناقش ليس فقط على مستوى مجلس السياسات بل على مستوى الخطاب الدبلوماسي.
ضخ إعلامي ضاغط
ثمة ضخ إعلامي ضاغط وغير مألوف يسلط الضوء على أطراف الحدود الأردنية، والعبء الجديد الحائر بدأ يتراكم ويطرح التساؤلات حول خلفية ونهايات وحقائق ما يجري من تحشيد للعراقيين الراغبين في الجهاد نصرة للشعب الفلسطيني، لكن عبر الأراضي الأردنية هذه المرة رغم أن بإمكانهم السفر إلى سوريا ولبنان حيث حلفاؤهم الأقرب. وهناك آلاف من أنصار الحشد الشيعي العراقي الآن على الجانب العراقي للحدود في حالة تظاهر مسلحة نسبياً، ويطالبون بفتح الأردن للحدود حتى يعبروا لمناصرة أهل غزة، والعدد يزيد يومياً مع نصب خيام للإقامة وخدمات الإقامة الطيبة. وزحام الحشد العراقي على حدود الأردن بدأ «يعيق» حركة الشاحنات، فيما أزمة متدحرجة تتبلور مع الحكومة العراقية لكنها «صامتة حتى الآن» خلفيتها تجاهل المناشدات الأردنية بالتصرف واعتذار الجانب العراقي عنه، لأن حكومة محمد شياع السوداني لا تستطيع توجيه أوامر لقادة الحشد الشيعي بوقف التحرك نحو الحدود مع الأردن. الأردن بالمعنى السياسي وليس الأمني، عالق حدودياً وجغرافياً وسط الالتهابات التي نتجت عن تداعيات عملية طوفان الأقصى والقصف الإسرائيلي المتوحش ضد غزة. باختصار، من كان يسهر على الحدود مع سوريا فقط، عليه أن يسهر وسط حقل ألغام على طول الحدود مع فلسطين المحتلة ومع العراق أيضاً في معادلة «حدودية ثلاثية» معناها المباشر أن يلتف الأردنيون حول مؤسساتهم، ويتركون المسألة لجهات الاختصاص، ويظهرون قدرة أكبر على التفاهم مع «الدولة» فيما واجب الحكومة التأسيس اليوم لحوار وطني فكرته الحرص على الأمن والاستقرار الأردني وسط موجات الإقليم الملتهبة والسيناريوهات المفتوحة.
«القدس العربي»
التعليقات
الأردن وسط حلقة «الهموم» التي لا تنتهي: عين ثلاثية تحرس الحدود مع سوريا وفلسطين والعراق أيضاً
التعليقات