عمان جو- بسام البدارين - يزحف أكثر لكن هذه المرة وسط مفاصل القرار ونخبه في الأردن شعور بأن ما يصفه وزير الخارجية أيمن الصفدي بهمجية الاحتلال الإسرائيلي في غزة قلب المعادلة والموازين، بحيث وجدت الدولة الأردنية العميقة نفسها محاطة بتساؤلات وسيناريوهات واحتمالات، من بينها معادلة سياسية وميدانية لم تكن مقبولة في الماضي، ولا تشبه الموقف السياسي الأردني العام، وفكرتها أن صمود المقاومة اليوم في غزة لا بل نفاذها بأقل ضرر ممكن هو المطلوب استراتيجياً لحماية المصالح الأردنية. تزحف هذه القناعة اليوم بأكثر من صيغة ولهجة ليس في مفاصل النخب السياسية النشطة أو المحذرة، لكن في بعض أروقة القرار العميق؛ لأن مخاطر السيناريو الذي يروج له اليمين الإسرائيلي في غزة أو حتى في الضفة الغربية خلطت كل الأوراق دفعة واحدة، وأسست لتحديات أمنية وسياسية وحدودية هذه المرة، نقلت الجغرافيا الأردنية في الجيوسياسي الأمني من مستوى الدور والوظيفة إقليمياً إلى مستوى الدولة العالقة في أزمة حقيقية وعميقة بين محورين، هما اليمين الإسرائيلي الأمريكي، ومقابله محور المقاومة. والأردن لم يخطط يوماً بالمعنى الاستراتيجي لحالة من هذا الصنف، لكن أروقة القرار تبذل جهدها اليوم في إطار التأسيس لمقاربة تجاوزت تماماً، بحكم الواقع الموضوعي، مسار التكيف ليس فقط مع اليمين الإسرائيلي، ولكن أيضاً مع الغطاء الذي توفره بصورة مربكة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لعدوان اليمين على قطاع غزة. لذلك، يلاحظ الجميع أن الخطاب الرسمي الأردني طوال الوقت لم يتضمن أي إشارة لتحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية تداعيات الأحداث بعد الـ 7 من أكتوبر، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الصفدي عدة مرات لصيغة يوفر فيها مظلة ما للمقاومة الفلسطينية ومعادلة فكرتها أن حركة حماس و7 أكتوبر بالعموم لم ينتجا الصراع الحالي، بل هما نتيجة له.
تجاهل المجتمع الدولي
قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز بوضوح أمام «القدس العربي» إن ما يحصل اليوم من صدام وصراع وجرائم حرب إسرائيلية وزيادة ملحوظة في مستويات العنف في المنطقة سببه الأساسي تجاهل المجتمع الدولي، وحصراً الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة، للخبرة الأردنية. طوال سنين وعقود ـ يشرح الفايز- كان الملك عبد الله الثاني يحذر العالم مما يجري اليوم، لذا تدفع المنظومة الدولية الآن ثمن تجنب الانتباه لهذا التحذير. لكن المقاربة الدبلوماسية تقول بوضوح إن كل تصريحات الصفدي بعد 7 أكتوبر لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى تحميل حتى حركة حماس المسؤولية؛ لأن «القدس العربي» سمعت الصفدي مباشرة في جلسة مغلقة يشير إلى قناعة مؤسسات بلاده بأن ما يجري ويفعله الإسرائيلي لا يمكنه أن يكون دفاعاً عن النفس، مع التلميح إلى أن إسرائيل لا تتصرف كدولة في مواصلة الحدث. والقناعة الأردنية أفقية اليوم بأن إسرائيل ما تفعله في غزة خلافاً لما تفعله في الضفة الغربية، لا علاقة له بـ 7 أكتوبر ولا بعمل الدول العسكري بقدر ما يحركه الانتقام والثأر الذي يضع المنطقة برمتها على حافة الخطر. «يدفع العالم اليوم ثمن رغبة بنيامين نتنياهو وطاقمه في البقاء في السلطة والإفلات من وضع داخلي وانتخابي حساس». هذه العبارة سمعتها «القدس العربي» على لسان مسؤولين كثر في الأردن مؤخراً، وألمح لها عدة مرات الوزير الصفدي، لا بل اعتمدها رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، كأساس للتعبير عن قناعة الأردنيين بما يجري مع الاستنكار المباشر لغطاء الأمريكيين الذي يوفر مساحة واسعة ـ في رأي الصفدي النائب ـ لتغطية سلسلة الحماقات الإجرامية الإسرائيلية التي تتلاعب بأمن واستقرار الإقليم، ولا يقف شرها فقط عند المزيد من التدمير والاستهداف للأهل في قطاع غزة.
الرؤية الجديدة؟
العبارة التي سمعتها مجدداً «القدس العربي» في مفصل مهم في الدولة هي تلك التي تعتبر أن «عملية 7 أكتوبر فيها قدر من غسل العار العربي». زحف تلك القناعات وسط المؤسسة الأردنية أصبح حدثاً لا يمكن تجاهله. وهي قناعات تبرر إصرار الدبلوماسية الأردنية على أن ما يجري مسؤولية الاحتلال وليس فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى أن المبالغات التي قفزت مباشرة صبيحة يوم 7 أكتوبر تحت عنوان التفريغ الديموغرافي وتهجير سكان غزة، مردها ليس هجوم المقاومة الفلسطينية، بل إن منطلقها الأساسي هو مشاريع في ذهن اليمين الإسرائيلي يحاول فرضها على الأرض اليوم. بهذا المعنى يوافق ساسة أردنيون كثر لأول مرة على أن عملية طوفان الأقصى من جهة المقاومة تصبح مشروعاً وطنياً شرعياً لإعاقة خطط ومشاريع يمين إسرائيلي خداع… تلك نظرة متقدمة جداً في الأروقة الأردنية الرسمية هذه الأيام، تبرر حالة التضامن الكبيرة مع قطاع غزة، وتجنب تحميل المقامة المسؤولية، كما تبرر الخطة المعلنة في التصدي للسردية الإسرائيلية دولياً. عملياً، لا أحد يعلم إلى أي حد يمكن أن تزحف الرؤية الجديدة أردنياً في أوصال القرار العميق، لكن ما يبدو عليه الأمر هو أن أحداً في القرار الرسمي لم يتجرأ إطلاقاً على مناقشة أو نفي التحذير العلني المبكر بتوقيع شخصية من وزن رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، الذي قال مبكراً إن مصالح الأردن من حيث البقاء والمستقبل مرتبطة الآن بصمود شباب المقاومة في غزة. تلك نظرية تزحف وتتقدم وتنمو في عمان، لكنها مربكة ولا تزال في إطار التمنيات والتأملات العميقة، ويمكن أن تتحول إلى استراتيجية تنفيذية إجرائية إذا ما بدأ الإسرائيلي في استغلال المشهد لتحريك السكان ديموغرافياً أيضاً من مدن الضفة الغربية في اتجاه الأغوار الأردنية. تلك اللحظة وصفت رسمياً بأنها إعلان حرب، وما سيحصل وقتها غامض حتى الآن.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - يزحف أكثر لكن هذه المرة وسط مفاصل القرار ونخبه في الأردن شعور بأن ما يصفه وزير الخارجية أيمن الصفدي بهمجية الاحتلال الإسرائيلي في غزة قلب المعادلة والموازين، بحيث وجدت الدولة الأردنية العميقة نفسها محاطة بتساؤلات وسيناريوهات واحتمالات، من بينها معادلة سياسية وميدانية لم تكن مقبولة في الماضي، ولا تشبه الموقف السياسي الأردني العام، وفكرتها أن صمود المقاومة اليوم في غزة لا بل نفاذها بأقل ضرر ممكن هو المطلوب استراتيجياً لحماية المصالح الأردنية. تزحف هذه القناعة اليوم بأكثر من صيغة ولهجة ليس في مفاصل النخب السياسية النشطة أو المحذرة، لكن في بعض أروقة القرار العميق؛ لأن مخاطر السيناريو الذي يروج له اليمين الإسرائيلي في غزة أو حتى في الضفة الغربية خلطت كل الأوراق دفعة واحدة، وأسست لتحديات أمنية وسياسية وحدودية هذه المرة، نقلت الجغرافيا الأردنية في الجيوسياسي الأمني من مستوى الدور والوظيفة إقليمياً إلى مستوى الدولة العالقة في أزمة حقيقية وعميقة بين محورين، هما اليمين الإسرائيلي الأمريكي، ومقابله محور المقاومة. والأردن لم يخطط يوماً بالمعنى الاستراتيجي لحالة من هذا الصنف، لكن أروقة القرار تبذل جهدها اليوم في إطار التأسيس لمقاربة تجاوزت تماماً، بحكم الواقع الموضوعي، مسار التكيف ليس فقط مع اليمين الإسرائيلي، ولكن أيضاً مع الغطاء الذي توفره بصورة مربكة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لعدوان اليمين على قطاع غزة. لذلك، يلاحظ الجميع أن الخطاب الرسمي الأردني طوال الوقت لم يتضمن أي إشارة لتحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية تداعيات الأحداث بعد الـ 7 من أكتوبر، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الصفدي عدة مرات لصيغة يوفر فيها مظلة ما للمقاومة الفلسطينية ومعادلة فكرتها أن حركة حماس و7 أكتوبر بالعموم لم ينتجا الصراع الحالي، بل هما نتيجة له.
تجاهل المجتمع الدولي
قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز بوضوح أمام «القدس العربي» إن ما يحصل اليوم من صدام وصراع وجرائم حرب إسرائيلية وزيادة ملحوظة في مستويات العنف في المنطقة سببه الأساسي تجاهل المجتمع الدولي، وحصراً الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة، للخبرة الأردنية. طوال سنين وعقود ـ يشرح الفايز- كان الملك عبد الله الثاني يحذر العالم مما يجري اليوم، لذا تدفع المنظومة الدولية الآن ثمن تجنب الانتباه لهذا التحذير. لكن المقاربة الدبلوماسية تقول بوضوح إن كل تصريحات الصفدي بعد 7 أكتوبر لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى تحميل حتى حركة حماس المسؤولية؛ لأن «القدس العربي» سمعت الصفدي مباشرة في جلسة مغلقة يشير إلى قناعة مؤسسات بلاده بأن ما يجري ويفعله الإسرائيلي لا يمكنه أن يكون دفاعاً عن النفس، مع التلميح إلى أن إسرائيل لا تتصرف كدولة في مواصلة الحدث. والقناعة الأردنية أفقية اليوم بأن إسرائيل ما تفعله في غزة خلافاً لما تفعله في الضفة الغربية، لا علاقة له بـ 7 أكتوبر ولا بعمل الدول العسكري بقدر ما يحركه الانتقام والثأر الذي يضع المنطقة برمتها على حافة الخطر. «يدفع العالم اليوم ثمن رغبة بنيامين نتنياهو وطاقمه في البقاء في السلطة والإفلات من وضع داخلي وانتخابي حساس». هذه العبارة سمعتها «القدس العربي» على لسان مسؤولين كثر في الأردن مؤخراً، وألمح لها عدة مرات الوزير الصفدي، لا بل اعتمدها رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، كأساس للتعبير عن قناعة الأردنيين بما يجري مع الاستنكار المباشر لغطاء الأمريكيين الذي يوفر مساحة واسعة ـ في رأي الصفدي النائب ـ لتغطية سلسلة الحماقات الإجرامية الإسرائيلية التي تتلاعب بأمن واستقرار الإقليم، ولا يقف شرها فقط عند المزيد من التدمير والاستهداف للأهل في قطاع غزة.
الرؤية الجديدة؟
العبارة التي سمعتها مجدداً «القدس العربي» في مفصل مهم في الدولة هي تلك التي تعتبر أن «عملية 7 أكتوبر فيها قدر من غسل العار العربي». زحف تلك القناعات وسط المؤسسة الأردنية أصبح حدثاً لا يمكن تجاهله. وهي قناعات تبرر إصرار الدبلوماسية الأردنية على أن ما يجري مسؤولية الاحتلال وليس فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى أن المبالغات التي قفزت مباشرة صبيحة يوم 7 أكتوبر تحت عنوان التفريغ الديموغرافي وتهجير سكان غزة، مردها ليس هجوم المقاومة الفلسطينية، بل إن منطلقها الأساسي هو مشاريع في ذهن اليمين الإسرائيلي يحاول فرضها على الأرض اليوم. بهذا المعنى يوافق ساسة أردنيون كثر لأول مرة على أن عملية طوفان الأقصى من جهة المقاومة تصبح مشروعاً وطنياً شرعياً لإعاقة خطط ومشاريع يمين إسرائيلي خداع… تلك نظرة متقدمة جداً في الأروقة الأردنية الرسمية هذه الأيام، تبرر حالة التضامن الكبيرة مع قطاع غزة، وتجنب تحميل المقامة المسؤولية، كما تبرر الخطة المعلنة في التصدي للسردية الإسرائيلية دولياً. عملياً، لا أحد يعلم إلى أي حد يمكن أن تزحف الرؤية الجديدة أردنياً في أوصال القرار العميق، لكن ما يبدو عليه الأمر هو أن أحداً في القرار الرسمي لم يتجرأ إطلاقاً على مناقشة أو نفي التحذير العلني المبكر بتوقيع شخصية من وزن رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، الذي قال مبكراً إن مصالح الأردن من حيث البقاء والمستقبل مرتبطة الآن بصمود شباب المقاومة في غزة. تلك نظرية تزحف وتتقدم وتنمو في عمان، لكنها مربكة ولا تزال في إطار التمنيات والتأملات العميقة، ويمكن أن تتحول إلى استراتيجية تنفيذية إجرائية إذا ما بدأ الإسرائيلي في استغلال المشهد لتحريك السكان ديموغرافياً أيضاً من مدن الضفة الغربية في اتجاه الأغوار الأردنية. تلك اللحظة وصفت رسمياً بأنها إعلان حرب، وما سيحصل وقتها غامض حتى الآن.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - يزحف أكثر لكن هذه المرة وسط مفاصل القرار ونخبه في الأردن شعور بأن ما يصفه وزير الخارجية أيمن الصفدي بهمجية الاحتلال الإسرائيلي في غزة قلب المعادلة والموازين، بحيث وجدت الدولة الأردنية العميقة نفسها محاطة بتساؤلات وسيناريوهات واحتمالات، من بينها معادلة سياسية وميدانية لم تكن مقبولة في الماضي، ولا تشبه الموقف السياسي الأردني العام، وفكرتها أن صمود المقاومة اليوم في غزة لا بل نفاذها بأقل ضرر ممكن هو المطلوب استراتيجياً لحماية المصالح الأردنية. تزحف هذه القناعة اليوم بأكثر من صيغة ولهجة ليس في مفاصل النخب السياسية النشطة أو المحذرة، لكن في بعض أروقة القرار العميق؛ لأن مخاطر السيناريو الذي يروج له اليمين الإسرائيلي في غزة أو حتى في الضفة الغربية خلطت كل الأوراق دفعة واحدة، وأسست لتحديات أمنية وسياسية وحدودية هذه المرة، نقلت الجغرافيا الأردنية في الجيوسياسي الأمني من مستوى الدور والوظيفة إقليمياً إلى مستوى الدولة العالقة في أزمة حقيقية وعميقة بين محورين، هما اليمين الإسرائيلي الأمريكي، ومقابله محور المقاومة. والأردن لم يخطط يوماً بالمعنى الاستراتيجي لحالة من هذا الصنف، لكن أروقة القرار تبذل جهدها اليوم في إطار التأسيس لمقاربة تجاوزت تماماً، بحكم الواقع الموضوعي، مسار التكيف ليس فقط مع اليمين الإسرائيلي، ولكن أيضاً مع الغطاء الذي توفره بصورة مربكة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لعدوان اليمين على قطاع غزة. لذلك، يلاحظ الجميع أن الخطاب الرسمي الأردني طوال الوقت لم يتضمن أي إشارة لتحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية تداعيات الأحداث بعد الـ 7 من أكتوبر، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الصفدي عدة مرات لصيغة يوفر فيها مظلة ما للمقاومة الفلسطينية ومعادلة فكرتها أن حركة حماس و7 أكتوبر بالعموم لم ينتجا الصراع الحالي، بل هما نتيجة له.
تجاهل المجتمع الدولي
قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز بوضوح أمام «القدس العربي» إن ما يحصل اليوم من صدام وصراع وجرائم حرب إسرائيلية وزيادة ملحوظة في مستويات العنف في المنطقة سببه الأساسي تجاهل المجتمع الدولي، وحصراً الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة، للخبرة الأردنية. طوال سنين وعقود ـ يشرح الفايز- كان الملك عبد الله الثاني يحذر العالم مما يجري اليوم، لذا تدفع المنظومة الدولية الآن ثمن تجنب الانتباه لهذا التحذير. لكن المقاربة الدبلوماسية تقول بوضوح إن كل تصريحات الصفدي بعد 7 أكتوبر لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى تحميل حتى حركة حماس المسؤولية؛ لأن «القدس العربي» سمعت الصفدي مباشرة في جلسة مغلقة يشير إلى قناعة مؤسسات بلاده بأن ما يجري ويفعله الإسرائيلي لا يمكنه أن يكون دفاعاً عن النفس، مع التلميح إلى أن إسرائيل لا تتصرف كدولة في مواصلة الحدث. والقناعة الأردنية أفقية اليوم بأن إسرائيل ما تفعله في غزة خلافاً لما تفعله في الضفة الغربية، لا علاقة له بـ 7 أكتوبر ولا بعمل الدول العسكري بقدر ما يحركه الانتقام والثأر الذي يضع المنطقة برمتها على حافة الخطر. «يدفع العالم اليوم ثمن رغبة بنيامين نتنياهو وطاقمه في البقاء في السلطة والإفلات من وضع داخلي وانتخابي حساس». هذه العبارة سمعتها «القدس العربي» على لسان مسؤولين كثر في الأردن مؤخراً، وألمح لها عدة مرات الوزير الصفدي، لا بل اعتمدها رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، كأساس للتعبير عن قناعة الأردنيين بما يجري مع الاستنكار المباشر لغطاء الأمريكيين الذي يوفر مساحة واسعة ـ في رأي الصفدي النائب ـ لتغطية سلسلة الحماقات الإجرامية الإسرائيلية التي تتلاعب بأمن واستقرار الإقليم، ولا يقف شرها فقط عند المزيد من التدمير والاستهداف للأهل في قطاع غزة.
الرؤية الجديدة؟
العبارة التي سمعتها مجدداً «القدس العربي» في مفصل مهم في الدولة هي تلك التي تعتبر أن «عملية 7 أكتوبر فيها قدر من غسل العار العربي». زحف تلك القناعات وسط المؤسسة الأردنية أصبح حدثاً لا يمكن تجاهله. وهي قناعات تبرر إصرار الدبلوماسية الأردنية على أن ما يجري مسؤولية الاحتلال وليس فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى أن المبالغات التي قفزت مباشرة صبيحة يوم 7 أكتوبر تحت عنوان التفريغ الديموغرافي وتهجير سكان غزة، مردها ليس هجوم المقاومة الفلسطينية، بل إن منطلقها الأساسي هو مشاريع في ذهن اليمين الإسرائيلي يحاول فرضها على الأرض اليوم. بهذا المعنى يوافق ساسة أردنيون كثر لأول مرة على أن عملية طوفان الأقصى من جهة المقاومة تصبح مشروعاً وطنياً شرعياً لإعاقة خطط ومشاريع يمين إسرائيلي خداع… تلك نظرة متقدمة جداً في الأروقة الأردنية الرسمية هذه الأيام، تبرر حالة التضامن الكبيرة مع قطاع غزة، وتجنب تحميل المقامة المسؤولية، كما تبرر الخطة المعلنة في التصدي للسردية الإسرائيلية دولياً. عملياً، لا أحد يعلم إلى أي حد يمكن أن تزحف الرؤية الجديدة أردنياً في أوصال القرار العميق، لكن ما يبدو عليه الأمر هو أن أحداً في القرار الرسمي لم يتجرأ إطلاقاً على مناقشة أو نفي التحذير العلني المبكر بتوقيع شخصية من وزن رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، الذي قال مبكراً إن مصالح الأردن من حيث البقاء والمستقبل مرتبطة الآن بصمود شباب المقاومة في غزة. تلك نظرية تزحف وتتقدم وتنمو في عمان، لكنها مربكة ولا تزال في إطار التمنيات والتأملات العميقة، ويمكن أن تتحول إلى استراتيجية تنفيذية إجرائية إذا ما بدأ الإسرائيلي في استغلال المشهد لتحريك السكان ديموغرافياً أيضاً من مدن الضفة الغربية في اتجاه الأغوار الأردنية. تلك اللحظة وصفت رسمياً بأنها إعلان حرب، وما سيحصل وقتها غامض حتى الآن.
«القدس العربي»
التعليقات
فلسفة «7 أكتوبر غسلت العار العربي»: المقاومة الفلسطينية لأول مرة «ذهنياً» في خدمة «مصالح الأردن العليا»
التعليقات