عمان جو- بسام البدارين - يتغير نسبياً وأحياناً إلى درجة بارزة وكبيرة، الشعور العام في الأردن بأن «مشكلات جدية كبيرة لن تحصل». هذه المقاربة سمعتها «القدس العربي» على لسان أحد المسؤولين في الوقت الذي يبدو فيه أن العدوان الإسرائيلي الإجرامي على قطاع غزة والحجم الذي وصلت إليه الأزمة حالياً مع إسرائيل، ذهبت بالأردنيين على مستوى القرار ونخب الإدارة إلى مرحلة متقدمة من ضرورة الانتباه إلى أن أشياء أساسية ومفصلية بدأت تتغير قسراً، ولا بد من التعاطي والاشتباك معها بلغة جديدة مختلفة عن لغة الماضي. واحدة من المظاهر الأساسية التي يتحدث عنها وينشغل بها كبار المسؤولين اليوم هي تلك المتعلقة بإجراء مراجعة حادة ومفصلية وعميقة وجدية لمجمل تقاليد العلاقة مع إسرائيل، وكذلك للاتفاقيات مع الإسرائيليين بعدما ثبت بالوجه القاطع والشرعي أن ما كان يقوله في الماضي بعض المعارضين والحراكيين والملاحظين عن كلفة عالية أو فاتورة كبيرة لحالة توضع فيها ملفات استراتيجية أساسية للأردنيين في حضن الإسرائيليين، هي أشبه باحتلال غير مباشر. والحديث هنا عن الغاز والمياه تحديداً، حيث أصرت المعارضة لسنوات على أن «غاز ومياه العدو احتلال» وهو أمر من الواضح أن الحكومة نفسها تنبهت له وهي تعيد إنتاج الحديث الآن عن مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من مدينة العقبة إلى العاصمة عمان، بعد نقلها خلافاً للبحث عن بدائل عن الغاز الإسرائيلي الذي حاول تعطيل مصالح واحدة من أكبر الشركات الوطنية الأردنية أو حاول مشاغبة مصالحها في التسويق والتصدير، وهي شركة البوتاس تحديداً في البحر الميت.
انقلاب إسرائيل على السلام
الأمور تتغير في اتجاه التعاطي مع مخلفات العلاقة غير المحسوبة مع الإسرائيليين، بمعنى سلسلة اتفاقيات مقيدة للمصالح الأردنية، وإقرار ضمني لكن غير علني بأن إسرائيل التي وقعت معها اتفاقية وادي عربة، لم تعد تلك الإسرائيل في منطق تحدث عنه لـ «القدس العربي» عدة مرات الخبير الدكتور مروان المعشر، وطالب بتغييرات استراتيجية من أجله أيضاً الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد عضايلة. المعشر طرح مبكراً شعار «إسرائيل انقلبت على السلام والأردن، وعلى كل شيء». والعضايلة أصر على أن حماية الوطن الأردن تتطلب اليوم معادلة واقعية أكثر في التحضير الوطني. والمفاوض البارز الخبير الدكتور دريد محاسنة، قال عدة مرات لـ «القدس العربي» إن الإسرائيلي خالف كل الاتفاقيات الموقعة بمختلف أصنافها حتى قبل اليمين الحاكم حالياً. لا أحد يعرف إلى أين ستصل تلك المراجعة الأردنية للاتفاقيات مع إسرائيل، ولا أحد يعرف ما هي التأثيرات التي أنتجتها عمليات القصف الوحشية على قطاع غزة والتهديدات حتى للمستشفى الميداني الأردني داخل القطاع، التي كشف عنها رئيس الوزراء بشر الخصاونة مساء الثلاثاء.
غاز ومياه العدو… «هل هما احتلال حقاً؟»
ثمة انعكاسات على طريقة التفكير السياسية الأردنية بعد الآن، ولا يمكن حتى اللحظة فهم مستوى التغيرات التي ينبغي أن تحصل في طريقة تفكير المنظومة الأمنية في التعاطي مع الملف الإسرائيلي بعد الآن، خصوصاً أن واحداً من التحديات التي يشير لها خبراء مختصون مبكراً في المسائل الأمنية السياسية أو في معطيات الأمن السياسي، هي تلك المتعلقة بالرهان الدائم لسنوات طويلة على السلطة الفلسطينية الضعيفة، واحتمالات تغير الأحوال في الضفة الغربية والتي يعدّ أي تغير فيها من الأسس والملامح المفصلية للأمن القومي والوطني الأردني الداخلي. فرضت الفصائل الفلسطينية المقاومة نفسها على طاولة الفعل والمعادلة الفلسطينية. واجتهد الأردن دبلوماسياً في تذكير إسرائيل والأمريكيين بأن تقويض حركة مثل حماس، غير ممكن بالسلاح والرصاص. لكن، واضح تماماً أن على عمان إعادة النظر في إطار التنويع بعلاقتها مع فصائل المنظمات الفلسطينية المقاومة. وعليها أن تؤسس معادلة جديدة للتعامل مع سلطة فلسطينية ضعيفة، بدأ ضعفها يخدش وينهش حزمة المصالح الأردنية الأساسية. وجود سلطة ضعيفة غربي نهر الأردن يعني بكل بساطة احتمالية كبيرة لنقل الصراع إلى الأردن واحتمالية أكبر للتهجير إذا ما ترافق ضعف المؤسسات الفلسطينية ورموزها عملياً مع وجود يمين إسرائيلي من النوع المجازف الإجرامي الذي لا يحترم لا الاتفاقيات ولا العلاقات مع الأردن. يجب أن يصل حجم التغيير إلى معادلة التعاطي الأردني أيضاً مع مؤسسات العمق الإسرائيلية، التي أخفقت عملياً في ضمان مصالح الأردن، حيث احتاج الأردن لقنوات أمريكية لكي يمرر مساعداته للضفة الغربية ولقطاع غزة، ما يعني أن حرب طوفان الأقصى تنتج عملياً كمية هائلة من التغيير في نمطية التفكير.
قراءة متعمقة مختلفة
وأغلب التقدير في المقابل، أن كيفية إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الصديق والحليف الأقرب، تحتاج الآن إلى قراءة متعمقة مختلفة؛ لأن التغيرات الانتخابية في إدارة الولايات المتحدة بدأت تشكل عبئاً ضاغطاً على الأردن في قضايا ولحظات حرجة. من تلك اللحظات سؤال حول طبيعة التحالف الأمريكي الإسرائيلي في لحظات الحرب، ومثل أداء الخطاب الأمريكي في تمرير مشاريع يمينية إسرائيلية قد تفرض نفسها خلافاً لأن حجم الدمار في قطاع غزة والمجازر البشعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ستبقى في ذاكرة الأردنيين على مستوى الشعب والقيادة والمؤسسات إلى سنوات الطويلة. وهي مشاهد ستغذي جملة من الحراكات والتحضيرات في وسط الشارع الأردني، ومن الصنف الذي لا يمكن للسلطات لا قمعه ولا تبريره بعد الآن. المناخ داخل مخيمات اللاجئين في الأردن اختلفت معطياته، وإن كان قادة المخيمات أظهروا جملة كبيرة جداً من الانضباط في الحرص على الأمن الداخلي الأردني. واحدة من المتغيرات بالتأكيد تلك المتعلقة بكيفية إدارة العلاقة بعد الآن مع تنظيمات وفصائل في العراق وسوريا، ومع الجمهورية الإيرانية أيضاً، ومع المعطيات اللبنانية خلافاً للسؤال الأكبر الذي يشغل كل الأردنيين عن كيفية إدارة العلاقة مع الحركة الإسلامية وتعبيرات الإسلام السياسي في الداخل الأردني. كل تلك معطيات غيرتها أو أطاحت بها في الحالة الأردنية معركة طوفان الأقصى.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - يتغير نسبياً وأحياناً إلى درجة بارزة وكبيرة، الشعور العام في الأردن بأن «مشكلات جدية كبيرة لن تحصل». هذه المقاربة سمعتها «القدس العربي» على لسان أحد المسؤولين في الوقت الذي يبدو فيه أن العدوان الإسرائيلي الإجرامي على قطاع غزة والحجم الذي وصلت إليه الأزمة حالياً مع إسرائيل، ذهبت بالأردنيين على مستوى القرار ونخب الإدارة إلى مرحلة متقدمة من ضرورة الانتباه إلى أن أشياء أساسية ومفصلية بدأت تتغير قسراً، ولا بد من التعاطي والاشتباك معها بلغة جديدة مختلفة عن لغة الماضي. واحدة من المظاهر الأساسية التي يتحدث عنها وينشغل بها كبار المسؤولين اليوم هي تلك المتعلقة بإجراء مراجعة حادة ومفصلية وعميقة وجدية لمجمل تقاليد العلاقة مع إسرائيل، وكذلك للاتفاقيات مع الإسرائيليين بعدما ثبت بالوجه القاطع والشرعي أن ما كان يقوله في الماضي بعض المعارضين والحراكيين والملاحظين عن كلفة عالية أو فاتورة كبيرة لحالة توضع فيها ملفات استراتيجية أساسية للأردنيين في حضن الإسرائيليين، هي أشبه باحتلال غير مباشر. والحديث هنا عن الغاز والمياه تحديداً، حيث أصرت المعارضة لسنوات على أن «غاز ومياه العدو احتلال» وهو أمر من الواضح أن الحكومة نفسها تنبهت له وهي تعيد إنتاج الحديث الآن عن مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من مدينة العقبة إلى العاصمة عمان، بعد نقلها خلافاً للبحث عن بدائل عن الغاز الإسرائيلي الذي حاول تعطيل مصالح واحدة من أكبر الشركات الوطنية الأردنية أو حاول مشاغبة مصالحها في التسويق والتصدير، وهي شركة البوتاس تحديداً في البحر الميت.
انقلاب إسرائيل على السلام
الأمور تتغير في اتجاه التعاطي مع مخلفات العلاقة غير المحسوبة مع الإسرائيليين، بمعنى سلسلة اتفاقيات مقيدة للمصالح الأردنية، وإقرار ضمني لكن غير علني بأن إسرائيل التي وقعت معها اتفاقية وادي عربة، لم تعد تلك الإسرائيل في منطق تحدث عنه لـ «القدس العربي» عدة مرات الخبير الدكتور مروان المعشر، وطالب بتغييرات استراتيجية من أجله أيضاً الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد عضايلة. المعشر طرح مبكراً شعار «إسرائيل انقلبت على السلام والأردن، وعلى كل شيء». والعضايلة أصر على أن حماية الوطن الأردن تتطلب اليوم معادلة واقعية أكثر في التحضير الوطني. والمفاوض البارز الخبير الدكتور دريد محاسنة، قال عدة مرات لـ «القدس العربي» إن الإسرائيلي خالف كل الاتفاقيات الموقعة بمختلف أصنافها حتى قبل اليمين الحاكم حالياً. لا أحد يعرف إلى أين ستصل تلك المراجعة الأردنية للاتفاقيات مع إسرائيل، ولا أحد يعرف ما هي التأثيرات التي أنتجتها عمليات القصف الوحشية على قطاع غزة والتهديدات حتى للمستشفى الميداني الأردني داخل القطاع، التي كشف عنها رئيس الوزراء بشر الخصاونة مساء الثلاثاء.
غاز ومياه العدو… «هل هما احتلال حقاً؟»
ثمة انعكاسات على طريقة التفكير السياسية الأردنية بعد الآن، ولا يمكن حتى اللحظة فهم مستوى التغيرات التي ينبغي أن تحصل في طريقة تفكير المنظومة الأمنية في التعاطي مع الملف الإسرائيلي بعد الآن، خصوصاً أن واحداً من التحديات التي يشير لها خبراء مختصون مبكراً في المسائل الأمنية السياسية أو في معطيات الأمن السياسي، هي تلك المتعلقة بالرهان الدائم لسنوات طويلة على السلطة الفلسطينية الضعيفة، واحتمالات تغير الأحوال في الضفة الغربية والتي يعدّ أي تغير فيها من الأسس والملامح المفصلية للأمن القومي والوطني الأردني الداخلي. فرضت الفصائل الفلسطينية المقاومة نفسها على طاولة الفعل والمعادلة الفلسطينية. واجتهد الأردن دبلوماسياً في تذكير إسرائيل والأمريكيين بأن تقويض حركة مثل حماس، غير ممكن بالسلاح والرصاص. لكن، واضح تماماً أن على عمان إعادة النظر في إطار التنويع بعلاقتها مع فصائل المنظمات الفلسطينية المقاومة. وعليها أن تؤسس معادلة جديدة للتعامل مع سلطة فلسطينية ضعيفة، بدأ ضعفها يخدش وينهش حزمة المصالح الأردنية الأساسية. وجود سلطة ضعيفة غربي نهر الأردن يعني بكل بساطة احتمالية كبيرة لنقل الصراع إلى الأردن واحتمالية أكبر للتهجير إذا ما ترافق ضعف المؤسسات الفلسطينية ورموزها عملياً مع وجود يمين إسرائيلي من النوع المجازف الإجرامي الذي لا يحترم لا الاتفاقيات ولا العلاقات مع الأردن. يجب أن يصل حجم التغيير إلى معادلة التعاطي الأردني أيضاً مع مؤسسات العمق الإسرائيلية، التي أخفقت عملياً في ضمان مصالح الأردن، حيث احتاج الأردن لقنوات أمريكية لكي يمرر مساعداته للضفة الغربية ولقطاع غزة، ما يعني أن حرب طوفان الأقصى تنتج عملياً كمية هائلة من التغيير في نمطية التفكير.
قراءة متعمقة مختلفة
وأغلب التقدير في المقابل، أن كيفية إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الصديق والحليف الأقرب، تحتاج الآن إلى قراءة متعمقة مختلفة؛ لأن التغيرات الانتخابية في إدارة الولايات المتحدة بدأت تشكل عبئاً ضاغطاً على الأردن في قضايا ولحظات حرجة. من تلك اللحظات سؤال حول طبيعة التحالف الأمريكي الإسرائيلي في لحظات الحرب، ومثل أداء الخطاب الأمريكي في تمرير مشاريع يمينية إسرائيلية قد تفرض نفسها خلافاً لأن حجم الدمار في قطاع غزة والمجازر البشعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ستبقى في ذاكرة الأردنيين على مستوى الشعب والقيادة والمؤسسات إلى سنوات الطويلة. وهي مشاهد ستغذي جملة من الحراكات والتحضيرات في وسط الشارع الأردني، ومن الصنف الذي لا يمكن للسلطات لا قمعه ولا تبريره بعد الآن. المناخ داخل مخيمات اللاجئين في الأردن اختلفت معطياته، وإن كان قادة المخيمات أظهروا جملة كبيرة جداً من الانضباط في الحرص على الأمن الداخلي الأردني. واحدة من المتغيرات بالتأكيد تلك المتعلقة بكيفية إدارة العلاقة بعد الآن مع تنظيمات وفصائل في العراق وسوريا، ومع الجمهورية الإيرانية أيضاً، ومع المعطيات اللبنانية خلافاً للسؤال الأكبر الذي يشغل كل الأردنيين عن كيفية إدارة العلاقة مع الحركة الإسلامية وتعبيرات الإسلام السياسي في الداخل الأردني. كل تلك معطيات غيرتها أو أطاحت بها في الحالة الأردنية معركة طوفان الأقصى.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - يتغير نسبياً وأحياناً إلى درجة بارزة وكبيرة، الشعور العام في الأردن بأن «مشكلات جدية كبيرة لن تحصل». هذه المقاربة سمعتها «القدس العربي» على لسان أحد المسؤولين في الوقت الذي يبدو فيه أن العدوان الإسرائيلي الإجرامي على قطاع غزة والحجم الذي وصلت إليه الأزمة حالياً مع إسرائيل، ذهبت بالأردنيين على مستوى القرار ونخب الإدارة إلى مرحلة متقدمة من ضرورة الانتباه إلى أن أشياء أساسية ومفصلية بدأت تتغير قسراً، ولا بد من التعاطي والاشتباك معها بلغة جديدة مختلفة عن لغة الماضي. واحدة من المظاهر الأساسية التي يتحدث عنها وينشغل بها كبار المسؤولين اليوم هي تلك المتعلقة بإجراء مراجعة حادة ومفصلية وعميقة وجدية لمجمل تقاليد العلاقة مع إسرائيل، وكذلك للاتفاقيات مع الإسرائيليين بعدما ثبت بالوجه القاطع والشرعي أن ما كان يقوله في الماضي بعض المعارضين والحراكيين والملاحظين عن كلفة عالية أو فاتورة كبيرة لحالة توضع فيها ملفات استراتيجية أساسية للأردنيين في حضن الإسرائيليين، هي أشبه باحتلال غير مباشر. والحديث هنا عن الغاز والمياه تحديداً، حيث أصرت المعارضة لسنوات على أن «غاز ومياه العدو احتلال» وهو أمر من الواضح أن الحكومة نفسها تنبهت له وهي تعيد إنتاج الحديث الآن عن مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من مدينة العقبة إلى العاصمة عمان، بعد نقلها خلافاً للبحث عن بدائل عن الغاز الإسرائيلي الذي حاول تعطيل مصالح واحدة من أكبر الشركات الوطنية الأردنية أو حاول مشاغبة مصالحها في التسويق والتصدير، وهي شركة البوتاس تحديداً في البحر الميت.
انقلاب إسرائيل على السلام
الأمور تتغير في اتجاه التعاطي مع مخلفات العلاقة غير المحسوبة مع الإسرائيليين، بمعنى سلسلة اتفاقيات مقيدة للمصالح الأردنية، وإقرار ضمني لكن غير علني بأن إسرائيل التي وقعت معها اتفاقية وادي عربة، لم تعد تلك الإسرائيل في منطق تحدث عنه لـ «القدس العربي» عدة مرات الخبير الدكتور مروان المعشر، وطالب بتغييرات استراتيجية من أجله أيضاً الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد عضايلة. المعشر طرح مبكراً شعار «إسرائيل انقلبت على السلام والأردن، وعلى كل شيء». والعضايلة أصر على أن حماية الوطن الأردن تتطلب اليوم معادلة واقعية أكثر في التحضير الوطني. والمفاوض البارز الخبير الدكتور دريد محاسنة، قال عدة مرات لـ «القدس العربي» إن الإسرائيلي خالف كل الاتفاقيات الموقعة بمختلف أصنافها حتى قبل اليمين الحاكم حالياً. لا أحد يعرف إلى أين ستصل تلك المراجعة الأردنية للاتفاقيات مع إسرائيل، ولا أحد يعرف ما هي التأثيرات التي أنتجتها عمليات القصف الوحشية على قطاع غزة والتهديدات حتى للمستشفى الميداني الأردني داخل القطاع، التي كشف عنها رئيس الوزراء بشر الخصاونة مساء الثلاثاء.
غاز ومياه العدو… «هل هما احتلال حقاً؟»
ثمة انعكاسات على طريقة التفكير السياسية الأردنية بعد الآن، ولا يمكن حتى اللحظة فهم مستوى التغيرات التي ينبغي أن تحصل في طريقة تفكير المنظومة الأمنية في التعاطي مع الملف الإسرائيلي بعد الآن، خصوصاً أن واحداً من التحديات التي يشير لها خبراء مختصون مبكراً في المسائل الأمنية السياسية أو في معطيات الأمن السياسي، هي تلك المتعلقة بالرهان الدائم لسنوات طويلة على السلطة الفلسطينية الضعيفة، واحتمالات تغير الأحوال في الضفة الغربية والتي يعدّ أي تغير فيها من الأسس والملامح المفصلية للأمن القومي والوطني الأردني الداخلي. فرضت الفصائل الفلسطينية المقاومة نفسها على طاولة الفعل والمعادلة الفلسطينية. واجتهد الأردن دبلوماسياً في تذكير إسرائيل والأمريكيين بأن تقويض حركة مثل حماس، غير ممكن بالسلاح والرصاص. لكن، واضح تماماً أن على عمان إعادة النظر في إطار التنويع بعلاقتها مع فصائل المنظمات الفلسطينية المقاومة. وعليها أن تؤسس معادلة جديدة للتعامل مع سلطة فلسطينية ضعيفة، بدأ ضعفها يخدش وينهش حزمة المصالح الأردنية الأساسية. وجود سلطة ضعيفة غربي نهر الأردن يعني بكل بساطة احتمالية كبيرة لنقل الصراع إلى الأردن واحتمالية أكبر للتهجير إذا ما ترافق ضعف المؤسسات الفلسطينية ورموزها عملياً مع وجود يمين إسرائيلي من النوع المجازف الإجرامي الذي لا يحترم لا الاتفاقيات ولا العلاقات مع الأردن. يجب أن يصل حجم التغيير إلى معادلة التعاطي الأردني أيضاً مع مؤسسات العمق الإسرائيلية، التي أخفقت عملياً في ضمان مصالح الأردن، حيث احتاج الأردن لقنوات أمريكية لكي يمرر مساعداته للضفة الغربية ولقطاع غزة، ما يعني أن حرب طوفان الأقصى تنتج عملياً كمية هائلة من التغيير في نمطية التفكير.
قراءة متعمقة مختلفة
وأغلب التقدير في المقابل، أن كيفية إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الصديق والحليف الأقرب، تحتاج الآن إلى قراءة متعمقة مختلفة؛ لأن التغيرات الانتخابية في إدارة الولايات المتحدة بدأت تشكل عبئاً ضاغطاً على الأردن في قضايا ولحظات حرجة. من تلك اللحظات سؤال حول طبيعة التحالف الأمريكي الإسرائيلي في لحظات الحرب، ومثل أداء الخطاب الأمريكي في تمرير مشاريع يمينية إسرائيلية قد تفرض نفسها خلافاً لأن حجم الدمار في قطاع غزة والمجازر البشعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ستبقى في ذاكرة الأردنيين على مستوى الشعب والقيادة والمؤسسات إلى سنوات الطويلة. وهي مشاهد ستغذي جملة من الحراكات والتحضيرات في وسط الشارع الأردني، ومن الصنف الذي لا يمكن للسلطات لا قمعه ولا تبريره بعد الآن. المناخ داخل مخيمات اللاجئين في الأردن اختلفت معطياته، وإن كان قادة المخيمات أظهروا جملة كبيرة جداً من الانضباط في الحرص على الأمن الداخلي الأردني. واحدة من المتغيرات بالتأكيد تلك المتعلقة بكيفية إدارة العلاقة بعد الآن مع تنظيمات وفصائل في العراق وسوريا، ومع الجمهورية الإيرانية أيضاً، ومع المعطيات اللبنانية خلافاً للسؤال الأكبر الذي يشغل كل الأردنيين عن كيفية إدارة العلاقة مع الحركة الإسلامية وتعبيرات الإسلام السياسي في الداخل الأردني. كل تلك معطيات غيرتها أو أطاحت بها في الحالة الأردنية معركة طوفان الأقصى.
«القدس العربي»
التعليقات
معطيات «الأمن السياسي» الأردني في مواجهة مربكة… «سلطة ضعيفة ومقاومة صلبة»
التعليقات