عمان جو - بسام البدارين - كيف سينعكس بصورة مفصلة أو محددة «طوفان الأقصى» على الداخل الأردني؟ سؤال مطروح وبقوة على كل طاولات نقاشات الأردنيين، وترافقه طبعاً القناعة الأكيدة والموثوقة بأن قاعدة ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول يختلف عما بعده ستجد لها أيضاً مسارب في خارطة الداخل والمشهد المحلي الأردني. لا تبدو أجهزة الدولة والقرار مستعجلة حتى اللحظة في الإجابة على مثل هذا السؤال وفي بعض المرات وأحياناً بعض الاجتماعات إشارات محددة توحي بأن العمل يجري وسيجري كالمعتاد ووفقاً للخطة. ثمة إشارة مهمة صعدت بمشروع الناقل الوطني للمياه إلى قمة أولويات مشاريع التحديث الاقتصادي، مع أن ورشة العمل التي صاغت بإشراف مستشارين بعضهم أمريكيون، وثيقة التحديث الاقتصادي المرجعية، لم تتطرق لمشروع الناقل الوطني. في أحد الاجتماعات مؤخراً، برز صوت الوزير السابق وأحد أبرز رموز القطاع المصرفي والخاص اليوم الدكتور باسم السالم، وهو يقول: لا بد من التحرك فوراً لاتخاذ قرارات بخصوص ناقل المياه الوطني وغيره من مشاريع الوطن بعيداً عن أي تلكؤ أو تردد، واليوم قبل غد. عندما تصدر إشارة من هذا الصنف من شخصية مثل السالم، يكون محورها الأبعد والأعمق هو التذكير بعدم وجود ترف الهامش الزمني وبأن طرق اتخاذ القرارات القديمة ينبغي أن تتغير الآن في ظل التحديات. لافت جداً للنظر أن تخصيص مساحة أولوية لمشروع الناقل الوطني المختلف عليه في الماضي هو إحدى نتائج طوفان الأقصى على خارطة الأولويات التحديثية الاقتصادية الأردنية؛ لأن السلطات اتخذت قراراً بالعودة إلى بديل وطني حتى لا توقع على اتفاقية تبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل.
… كيف تتحول المحنة إلى منحة؟
اقتصادياً، وأمام «القدس العربي» وفي وقت مبكر لمعركة الطوفان، حرص وزير المالية الدكتور محمد العسعس على التذكير بأن الاقتصاد الأردني بخير، وتصنيفاته إيجابية، وقادر على العبور والمرور بثقة من الأزمة الحالية. التلميح أيضاً كان مبكراً عبر العسعس، ولاحقا عبر وزير الطاقة صالح الخرابشة، بأن عمان بدأت البحث عن بديل من السوق الدولية للغاز الإسرائيلي. تلك أيضاً في ملف الأولويات الاقتصادية قرارات بطعم سيادي تؤشر على محاكاة سريعة وتفاعل إيجابي مع تطورات الحدث الفلسطيني. ما يعنيه ذلك، في رأي السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة، هو أن خطط الاستجابة لحماية مصالح المملكة انطلقت وينبغي أن تتفعّل. وما يعنيه أيضاً أن الطوفان الذي بدأ في غزة وينتقل الآن بصمت وهدوء إلى الضفة الغربية فرض إيقاعاته على المطبخ الاقتصادي الأردني وفوراً، بمعنى تعديل وتصويب ما تجاهلته ورشة عمل شهيرة العام الماضي بالعنوان التحديثي الاقتصادي، والقفز بمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من العقبة وضخها إلى عمان فيما القيادة تتحرك في كل الاتجاهات لحماية مصالح الأردنيين استناداً إلى منهجية «الأردن بخير وقادر على التعامل مع أزمة وهو الأقرب لفلسطين وأهلها في الوقت نفسه». عملياً، لا يمكن إنكار بصمات الطوفان الفلسطيني على الخط والاتجاه الاقتصادي الأردني. وواقعياً، في المقابل، ثمة برمجة تبدو اضطرارية؛ لأن محللاً مثل الدكتور أنور الخفش لفت مبكراً ومجدداً نظر «القدس العربي» إلى أن تداعيات الحرب الحالية مهمة واستثنائية على كل دول المنطقة والجوار الفلسطيني، لذا آن أوان التحرك وطنياً في اتجاه مراجعات أمينة تحافظ على عمق استقرار الدور الأردني. واحد من تجليات الطوفان المفترضة خلال المراجعة قد لا يقف عند حدود ما سمي بإعادة قراءة 13 اتفاقية وقعت في الماضي مع الإسرائيليين، بل قد تتجاوز في اتجاه إعادة قراءة وترسيم وتحديد دور الطبقة الليبرالية التي أدخلت البلاد والعباد والدولة وهي تشارك في حصة وافرة في القرار والاستشارة، في العديد من أزمات الداخل؛ بمعنى توقعات عميقة بأن تتغير خارطة النخب في الإدارة ضمن معطيات محاكاة الطوفان أيضاً. الأردن، برأي الخفش وغيره من الخبراء، مؤهل تماماً إذا ما نضجت استدراكات ديمقراطية وتنموية لتحويل المحنة إلى منحة؛ بمعنى أن الأردن المستقر الواضح الإصلاحي الديمقراطي هو البديل عن إسرائيل نفسها مستقبلاً إذا ما أديرت خيوط اللعبة بذكاء وحنكة. مثل هذا النمط في التفكير أفرزته توافقات التشخيص لمرحلة انعكاسات ما بعد معركة الطوفان على الحالة الأردنية، التي ينبغي لها -برأي العياصرة- أن تتجاوز مرحلة العمل المؤقت أو الحالة الانتقالية التي أشير لها منذ عامين في تقرير استراتيجي صدر عن المجلس الاجتماعي الاقتصادي، بمعنى أنه آن أوان التغيير إذا ما تقرر التحول بالأزمة الحالية إلى فرصة، كما يلمح العياصرة. بكل حال، تلك المحاكاة العميقة لمرحلة ما بعد الطوفان تقف أمام سؤال محلي مهم جداً وبامتياز مرتبط بوجبات التحديث السياسي ورؤية الإصلاح المقررة سلفاً، فالمزيد من الديمقراطية في الأردن قد يكون مطلوباً وبإلحاح في ظل بصمة الطوفان المرتبطة بتراجع مكانة الكيان الإسرائيلي، علماً بأن الوزير العسعس نفسه أشار إلى المفارقة التي اعتبرت أن تصنيفات الأردن الائتمانية حتى خلال الحرب الحالية بقيت في مستويات متقدمة، مع أن التقارير لاحظت انخفاض تصنيفات الكيان الإسرائيلي. تلك ملاحظة مالية مهنية يمكن أن تعني الكثير إذا ما أجاد الأردن اللعب بالأوراق. والأهم في سؤال المحاكاة السياسي هو تلك المفارقة التي تحاول استبعاد خيار الالتزام بالانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل من حيث عقدها بسقفها الزمني الدستوري أو تأجيلها انطلاقاً من زاوية مكاسب التيار الإسلامي المفترضة. سؤال الانتخابات تلك مؤجل في الأردن، لكنه حيوي وملح جداً الآن.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - كيف سينعكس بصورة مفصلة أو محددة «طوفان الأقصى» على الداخل الأردني؟ سؤال مطروح وبقوة على كل طاولات نقاشات الأردنيين، وترافقه طبعاً القناعة الأكيدة والموثوقة بأن قاعدة ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول يختلف عما بعده ستجد لها أيضاً مسارب في خارطة الداخل والمشهد المحلي الأردني. لا تبدو أجهزة الدولة والقرار مستعجلة حتى اللحظة في الإجابة على مثل هذا السؤال وفي بعض المرات وأحياناً بعض الاجتماعات إشارات محددة توحي بأن العمل يجري وسيجري كالمعتاد ووفقاً للخطة. ثمة إشارة مهمة صعدت بمشروع الناقل الوطني للمياه إلى قمة أولويات مشاريع التحديث الاقتصادي، مع أن ورشة العمل التي صاغت بإشراف مستشارين بعضهم أمريكيون، وثيقة التحديث الاقتصادي المرجعية، لم تتطرق لمشروع الناقل الوطني. في أحد الاجتماعات مؤخراً، برز صوت الوزير السابق وأحد أبرز رموز القطاع المصرفي والخاص اليوم الدكتور باسم السالم، وهو يقول: لا بد من التحرك فوراً لاتخاذ قرارات بخصوص ناقل المياه الوطني وغيره من مشاريع الوطن بعيداً عن أي تلكؤ أو تردد، واليوم قبل غد. عندما تصدر إشارة من هذا الصنف من شخصية مثل السالم، يكون محورها الأبعد والأعمق هو التذكير بعدم وجود ترف الهامش الزمني وبأن طرق اتخاذ القرارات القديمة ينبغي أن تتغير الآن في ظل التحديات. لافت جداً للنظر أن تخصيص مساحة أولوية لمشروع الناقل الوطني المختلف عليه في الماضي هو إحدى نتائج طوفان الأقصى على خارطة الأولويات التحديثية الاقتصادية الأردنية؛ لأن السلطات اتخذت قراراً بالعودة إلى بديل وطني حتى لا توقع على اتفاقية تبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل.
… كيف تتحول المحنة إلى منحة؟
اقتصادياً، وأمام «القدس العربي» وفي وقت مبكر لمعركة الطوفان، حرص وزير المالية الدكتور محمد العسعس على التذكير بأن الاقتصاد الأردني بخير، وتصنيفاته إيجابية، وقادر على العبور والمرور بثقة من الأزمة الحالية. التلميح أيضاً كان مبكراً عبر العسعس، ولاحقا عبر وزير الطاقة صالح الخرابشة، بأن عمان بدأت البحث عن بديل من السوق الدولية للغاز الإسرائيلي. تلك أيضاً في ملف الأولويات الاقتصادية قرارات بطعم سيادي تؤشر على محاكاة سريعة وتفاعل إيجابي مع تطورات الحدث الفلسطيني. ما يعنيه ذلك، في رأي السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة، هو أن خطط الاستجابة لحماية مصالح المملكة انطلقت وينبغي أن تتفعّل. وما يعنيه أيضاً أن الطوفان الذي بدأ في غزة وينتقل الآن بصمت وهدوء إلى الضفة الغربية فرض إيقاعاته على المطبخ الاقتصادي الأردني وفوراً، بمعنى تعديل وتصويب ما تجاهلته ورشة عمل شهيرة العام الماضي بالعنوان التحديثي الاقتصادي، والقفز بمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من العقبة وضخها إلى عمان فيما القيادة تتحرك في كل الاتجاهات لحماية مصالح الأردنيين استناداً إلى منهجية «الأردن بخير وقادر على التعامل مع أزمة وهو الأقرب لفلسطين وأهلها في الوقت نفسه». عملياً، لا يمكن إنكار بصمات الطوفان الفلسطيني على الخط والاتجاه الاقتصادي الأردني. وواقعياً، في المقابل، ثمة برمجة تبدو اضطرارية؛ لأن محللاً مثل الدكتور أنور الخفش لفت مبكراً ومجدداً نظر «القدس العربي» إلى أن تداعيات الحرب الحالية مهمة واستثنائية على كل دول المنطقة والجوار الفلسطيني، لذا آن أوان التحرك وطنياً في اتجاه مراجعات أمينة تحافظ على عمق استقرار الدور الأردني. واحد من تجليات الطوفان المفترضة خلال المراجعة قد لا يقف عند حدود ما سمي بإعادة قراءة 13 اتفاقية وقعت في الماضي مع الإسرائيليين، بل قد تتجاوز في اتجاه إعادة قراءة وترسيم وتحديد دور الطبقة الليبرالية التي أدخلت البلاد والعباد والدولة وهي تشارك في حصة وافرة في القرار والاستشارة، في العديد من أزمات الداخل؛ بمعنى توقعات عميقة بأن تتغير خارطة النخب في الإدارة ضمن معطيات محاكاة الطوفان أيضاً. الأردن، برأي الخفش وغيره من الخبراء، مؤهل تماماً إذا ما نضجت استدراكات ديمقراطية وتنموية لتحويل المحنة إلى منحة؛ بمعنى أن الأردن المستقر الواضح الإصلاحي الديمقراطي هو البديل عن إسرائيل نفسها مستقبلاً إذا ما أديرت خيوط اللعبة بذكاء وحنكة. مثل هذا النمط في التفكير أفرزته توافقات التشخيص لمرحلة انعكاسات ما بعد معركة الطوفان على الحالة الأردنية، التي ينبغي لها -برأي العياصرة- أن تتجاوز مرحلة العمل المؤقت أو الحالة الانتقالية التي أشير لها منذ عامين في تقرير استراتيجي صدر عن المجلس الاجتماعي الاقتصادي، بمعنى أنه آن أوان التغيير إذا ما تقرر التحول بالأزمة الحالية إلى فرصة، كما يلمح العياصرة. بكل حال، تلك المحاكاة العميقة لمرحلة ما بعد الطوفان تقف أمام سؤال محلي مهم جداً وبامتياز مرتبط بوجبات التحديث السياسي ورؤية الإصلاح المقررة سلفاً، فالمزيد من الديمقراطية في الأردن قد يكون مطلوباً وبإلحاح في ظل بصمة الطوفان المرتبطة بتراجع مكانة الكيان الإسرائيلي، علماً بأن الوزير العسعس نفسه أشار إلى المفارقة التي اعتبرت أن تصنيفات الأردن الائتمانية حتى خلال الحرب الحالية بقيت في مستويات متقدمة، مع أن التقارير لاحظت انخفاض تصنيفات الكيان الإسرائيلي. تلك ملاحظة مالية مهنية يمكن أن تعني الكثير إذا ما أجاد الأردن اللعب بالأوراق. والأهم في سؤال المحاكاة السياسي هو تلك المفارقة التي تحاول استبعاد خيار الالتزام بالانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل من حيث عقدها بسقفها الزمني الدستوري أو تأجيلها انطلاقاً من زاوية مكاسب التيار الإسلامي المفترضة. سؤال الانتخابات تلك مؤجل في الأردن، لكنه حيوي وملح جداً الآن.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - كيف سينعكس بصورة مفصلة أو محددة «طوفان الأقصى» على الداخل الأردني؟ سؤال مطروح وبقوة على كل طاولات نقاشات الأردنيين، وترافقه طبعاً القناعة الأكيدة والموثوقة بأن قاعدة ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول يختلف عما بعده ستجد لها أيضاً مسارب في خارطة الداخل والمشهد المحلي الأردني. لا تبدو أجهزة الدولة والقرار مستعجلة حتى اللحظة في الإجابة على مثل هذا السؤال وفي بعض المرات وأحياناً بعض الاجتماعات إشارات محددة توحي بأن العمل يجري وسيجري كالمعتاد ووفقاً للخطة. ثمة إشارة مهمة صعدت بمشروع الناقل الوطني للمياه إلى قمة أولويات مشاريع التحديث الاقتصادي، مع أن ورشة العمل التي صاغت بإشراف مستشارين بعضهم أمريكيون، وثيقة التحديث الاقتصادي المرجعية، لم تتطرق لمشروع الناقل الوطني. في أحد الاجتماعات مؤخراً، برز صوت الوزير السابق وأحد أبرز رموز القطاع المصرفي والخاص اليوم الدكتور باسم السالم، وهو يقول: لا بد من التحرك فوراً لاتخاذ قرارات بخصوص ناقل المياه الوطني وغيره من مشاريع الوطن بعيداً عن أي تلكؤ أو تردد، واليوم قبل غد. عندما تصدر إشارة من هذا الصنف من شخصية مثل السالم، يكون محورها الأبعد والأعمق هو التذكير بعدم وجود ترف الهامش الزمني وبأن طرق اتخاذ القرارات القديمة ينبغي أن تتغير الآن في ظل التحديات. لافت جداً للنظر أن تخصيص مساحة أولوية لمشروع الناقل الوطني المختلف عليه في الماضي هو إحدى نتائج طوفان الأقصى على خارطة الأولويات التحديثية الاقتصادية الأردنية؛ لأن السلطات اتخذت قراراً بالعودة إلى بديل وطني حتى لا توقع على اتفاقية تبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل.
… كيف تتحول المحنة إلى منحة؟
اقتصادياً، وأمام «القدس العربي» وفي وقت مبكر لمعركة الطوفان، حرص وزير المالية الدكتور محمد العسعس على التذكير بأن الاقتصاد الأردني بخير، وتصنيفاته إيجابية، وقادر على العبور والمرور بثقة من الأزمة الحالية. التلميح أيضاً كان مبكراً عبر العسعس، ولاحقا عبر وزير الطاقة صالح الخرابشة، بأن عمان بدأت البحث عن بديل من السوق الدولية للغاز الإسرائيلي. تلك أيضاً في ملف الأولويات الاقتصادية قرارات بطعم سيادي تؤشر على محاكاة سريعة وتفاعل إيجابي مع تطورات الحدث الفلسطيني. ما يعنيه ذلك، في رأي السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة، هو أن خطط الاستجابة لحماية مصالح المملكة انطلقت وينبغي أن تتفعّل. وما يعنيه أيضاً أن الطوفان الذي بدأ في غزة وينتقل الآن بصمت وهدوء إلى الضفة الغربية فرض إيقاعاته على المطبخ الاقتصادي الأردني وفوراً، بمعنى تعديل وتصويب ما تجاهلته ورشة عمل شهيرة العام الماضي بالعنوان التحديثي الاقتصادي، والقفز بمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من العقبة وضخها إلى عمان فيما القيادة تتحرك في كل الاتجاهات لحماية مصالح الأردنيين استناداً إلى منهجية «الأردن بخير وقادر على التعامل مع أزمة وهو الأقرب لفلسطين وأهلها في الوقت نفسه». عملياً، لا يمكن إنكار بصمات الطوفان الفلسطيني على الخط والاتجاه الاقتصادي الأردني. وواقعياً، في المقابل، ثمة برمجة تبدو اضطرارية؛ لأن محللاً مثل الدكتور أنور الخفش لفت مبكراً ومجدداً نظر «القدس العربي» إلى أن تداعيات الحرب الحالية مهمة واستثنائية على كل دول المنطقة والجوار الفلسطيني، لذا آن أوان التحرك وطنياً في اتجاه مراجعات أمينة تحافظ على عمق استقرار الدور الأردني. واحد من تجليات الطوفان المفترضة خلال المراجعة قد لا يقف عند حدود ما سمي بإعادة قراءة 13 اتفاقية وقعت في الماضي مع الإسرائيليين، بل قد تتجاوز في اتجاه إعادة قراءة وترسيم وتحديد دور الطبقة الليبرالية التي أدخلت البلاد والعباد والدولة وهي تشارك في حصة وافرة في القرار والاستشارة، في العديد من أزمات الداخل؛ بمعنى توقعات عميقة بأن تتغير خارطة النخب في الإدارة ضمن معطيات محاكاة الطوفان أيضاً. الأردن، برأي الخفش وغيره من الخبراء، مؤهل تماماً إذا ما نضجت استدراكات ديمقراطية وتنموية لتحويل المحنة إلى منحة؛ بمعنى أن الأردن المستقر الواضح الإصلاحي الديمقراطي هو البديل عن إسرائيل نفسها مستقبلاً إذا ما أديرت خيوط اللعبة بذكاء وحنكة. مثل هذا النمط في التفكير أفرزته توافقات التشخيص لمرحلة انعكاسات ما بعد معركة الطوفان على الحالة الأردنية، التي ينبغي لها -برأي العياصرة- أن تتجاوز مرحلة العمل المؤقت أو الحالة الانتقالية التي أشير لها منذ عامين في تقرير استراتيجي صدر عن المجلس الاجتماعي الاقتصادي، بمعنى أنه آن أوان التغيير إذا ما تقرر التحول بالأزمة الحالية إلى فرصة، كما يلمح العياصرة. بكل حال، تلك المحاكاة العميقة لمرحلة ما بعد الطوفان تقف أمام سؤال محلي مهم جداً وبامتياز مرتبط بوجبات التحديث السياسي ورؤية الإصلاح المقررة سلفاً، فالمزيد من الديمقراطية في الأردن قد يكون مطلوباً وبإلحاح في ظل بصمة الطوفان المرتبطة بتراجع مكانة الكيان الإسرائيلي، علماً بأن الوزير العسعس نفسه أشار إلى المفارقة التي اعتبرت أن تصنيفات الأردن الائتمانية حتى خلال الحرب الحالية بقيت في مستويات متقدمة، مع أن التقارير لاحظت انخفاض تصنيفات الكيان الإسرائيلي. تلك ملاحظة مالية مهنية يمكن أن تعني الكثير إذا ما أجاد الأردن اللعب بالأوراق. والأهم في سؤال المحاكاة السياسي هو تلك المفارقة التي تحاول استبعاد خيار الالتزام بالانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل من حيث عقدها بسقفها الزمني الدستوري أو تأجيلها انطلاقاً من زاوية مكاسب التيار الإسلامي المفترضة. سؤال الانتخابات تلك مؤجل في الأردن، لكنه حيوي وملح جداً الآن.
«القدس العربي»
التعليقات
مشاريع «اليوم وليس غداً»… الأردن بخير وأبعد عن إسرائيل في «محاكاة الطوفان»
التعليقات