عمان جو - بسام البدارين - أي لحظة «يترحم» فيها مسؤول أو موظف أردني بأثر رجعي على الراحل الشهيد إسماعيل هنية ولو «سياسياً» أو من باب رفع العتب، يمكن القول إنها لحظة منفلتة وغير منتجة الآن، خصوصاً مع عدم وجود «ضمانات» بأن تراعي «الأطراف الفاعلة» في محور المقاومة «مصالح الأردن وتوازناته» كما كان يفعل الشهيد الراحل «أبو العبد». في بعض أروقة القرار الأردني اليوم حديث هامس بـ«مناقب الفقيد» إسماعيل هنية واستذكار «حيوي ومستمر» بين نخبة من المسؤولين المباشرين؛ لأن هنية لم يذكر الأردن بسوء طوال رحلته رئيساً لحركة حماس، من اللحظة التي كان يزور فيها شاكراً مقرات المستشفيات الميدانية في غزة خلافاً لأنه دائم توجيه الرسائل الناعمة المتمنية الحريصة على «أمن واستقرار الأردن» كما يشهد كثيرون قابلوا الراحل. في المقابل، هذا الاستذكار الإيجابي سبقه «قصور بيروقراطي» تلمسه كثيرون وبينهم الناشط النقابي البارز أحمد أبو غنيمة وآخرون، بعنوان «التقصير الشديد» غير المبرر في حضور مراسم تشييع الراحل أو عدم الدعوة لإقامة صلاة الغائب عليه من جهة وزارة الأوقاف كما فعل نحو 700 مليون مسلم في القارات الخمس.
«رسائل إيجابية»
لا يريد أي من أركان الحكومة الإقرار بحصول «قصور سياسي» في متابعة مرحلة ما بعد رحيل الشهيد إسماعيل هنية الذي كان دوماً حريصاً للغاية برفقة القيادي خالد مشعل حصراً على توجيه «رسائل إيجابية ومرنة ومتفهمة» لدوائر القرار الأردني في نقاشات تلقاها أو شارك فيها سياسيون كبار بينهم رئيس مجلس الأعيان الحالي فيصل الفايز، ورئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وآخرون. وكلاهما، مشعل والراحل هنية، تحدثا مراراً وتكراراً بإيجابية ملموسة عن الأردن حتى مع «القدس العربي». مجدداً، «الغياب البيروقراطي» الأردني الواضح في ملف «استشهاد ودفن هنية» من الصعب «تعويضه»؛ فالجناح الذي يقود حركة حماس الآن ورموزه لا تربطه أي صلة بعمان، ولم يختبر معه التواصل سابقاً، ما قد يعني «مؤشرات خلل لاحقاً حتى في تبادل بعض التقييمات والرسائل». العتاب على وزارة الأوقاف تحديداً وعلى عدم إرسال مسؤول بارز في الهرم يوم تشييع جثمان الشهيد هنية هو عتاب مارسه مئات الأردنيين علناً على منصات التواصل الاجتماعي، وإن كان نتيجة لسياسة التمحور لدى الاتجاه النافذ الذي يرى بأن حكومة الأردن لا تتعامل إلا «مع الشرعية الفلسطينية» الممثلة بالسلطة. أو ينبغي ألا تتعاطى مع فصائل المقاومة عموماً بسبب «تصنيفات الممول الأمريكي» كما ألمح يوماً لـ «القدس العربي» الخبير البارز الدكتور خير أبو صعليك.
الأردن يترحّم ويستذكر «مناقب الفقيد هنية»
بالمعنى السياسي العام، فقدت عمان بغياب هنية «محباً ومتفهماً كبيراً» طالما خُذل أردنياً وهو يكرر أمله في «زيارة رسمية للأردن الشقيق» الأمر الذي نقلته «القدس العربي» مباشرة على لسان الراحل سابقاً وعدة مرات. المتموقع الجديد في قيادة كبرى الفصائل الفلسطينية اليوم ـ نقصد القائد يحيى السنوار- لا تعرف عنه نخب عمان إلا المنقول ممن تبقى من «أصدقاء» للمملكة في نادي قادة حماس، وهم الأقل نفوذاً الآن رغم وجود «عشرات الأردنيين» الذين أشار لهم يوماً الدكتور موسى أبو مرزوق من أبناء وقادة حركة حماس. ولأن معطيات التفعيل السياسي «لا تتعامل مع الفراغ» يمكن القول إن منظومة التوضيح ونقل الرسائل والاستشارات بين حماس وعمان أصبحت معطوبة الآن، ما يعني صعوبة مناقشة «مساحات حساسة مشتركة» لوجستياً لاحقاً، من بينها كيفية مخاطبة حماس-غزة للنشامى وللعشائر الأردنية ومصالح الأردن الحيوية. الأمر الأصعب أن إمكانات عمان في «الوصول أو التواصل» لأطراف عميقة في محور المقاومة قد تقتصر على «مقربين في البيت الشيعي العراقي» وسيصبح ذلك أكثر تعقيداً إذا أخفقت التفاهمات الميدانية مع الإيرانيين مباشرة. في مسألة المحور، مقاربة الحكومة الأردنية «غريبة وغير مفهومة» ولا ينبغي أن تبقى «خاملة أو كسولة أو مرتجفة» برأي خبراء كبار مثل الفريق قاصد محمود والدكتور أنور الخفش وغيرهما؛ لأن مصالح أساسية اليوم «على المحك» وليس لأي سبب آخر. مؤخراً، اكتشف وزير الخارجية أيمن الصفدي وهو يحاور ويناور تأسيساً لمصالح بلاده في عمق الصراع الإيراني – الإسرائيلي، أن هوامش المناورة «ضيقة للغاية». ومع عدم وجود «مطبخ سياسي» يصبح العمل اليومي صعباً ومعقداً في جزئية بغاية الأهمية يحاول القرار اليوم «تعويضها» بتفعيل وتشغيل ماكينة «سيادية وبيروقراطية» جديدة في البلاد عنوانها «عقد الاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي».
هوامش المناورة ضيقة للغاية
في المقابل، ومع التطورات الحادة، يكتشف الخبراء صعوبات لوجستية وإدارية في توجيه الرسائل الاحترازية عند الحاجة لأطراف مهمة إما داخل إيران أو في معادلتي حركة حماس و«حزب الله» وحتى في عمق المجموعات العراقية والسورية. لا يوجد ما يؤشر على «نشاط» يبذل لتعويض «الفاقد الأردني» من جهة الحكومة في «أطراف محور المقاومة» خصوصاً بعد انكشاف وقائع وحقائق تقول إن «الرهانات على إسرائيل وأمريكا والسلطة الفلسطينية» لم يعد من الممكن أن «تضمن أي شيء» للأردنيين. وضع لوجستي صعب ومعقد بيروقراطياً وسياسياً دفع الدبلوماسية الأردنية بنشاط ملموس خلال الأيام القليلة الماضية للبحث عن «أي تأثير» عبر العودة لمحاولة «وضع البيض» في السلة المصرية أو عبر «التقارب أكثر مع قطر» علماً بأن «الغائب هنية» وبحضور نخبة شخصيات سياسية ووطنية أردنية برفقة «القدس العربي» عبر عدة مرات عن أمله في «وساطة أردنية» أيضاً مع الاستعداد لمساندتها بكل التنازلات الممكنة. عمان الرسمية لا تريد المشاركة بأي «وساطة» ولا فتح أي منظومة اتصال مع فصائل المقاومة الفلسطينية. لكن مؤخراً، وجدت نفسها مضطرة للاقتراب أكثر من أي وقت مضى من «الوسيطين» ثم لـ «زيارة استكشافية حادة» إلى طهران حتى تبقى في الاحتراز وقرب الطاولة وليس عليها، علماً بأن تأسيس صداقات مع حماس أو غيرها كان يمكنه أن يكفل لها ذلك بكل يسر وببساطة وعلى القاعدة التي اقترحها مشعل في عمان علناً عندما زارها وهو يشرح «التواصل مع المقاومة ورقة سياسية.. نأمل من الأشقاء في الأردن الاستثمار فيها والاستفادة منها كيفما أرادوا». وأردنياً على الأقل، «غاب هنية» وكشف غيابه «الكثير». «القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - أي لحظة «يترحم» فيها مسؤول أو موظف أردني بأثر رجعي على الراحل الشهيد إسماعيل هنية ولو «سياسياً» أو من باب رفع العتب، يمكن القول إنها لحظة منفلتة وغير منتجة الآن، خصوصاً مع عدم وجود «ضمانات» بأن تراعي «الأطراف الفاعلة» في محور المقاومة «مصالح الأردن وتوازناته» كما كان يفعل الشهيد الراحل «أبو العبد». في بعض أروقة القرار الأردني اليوم حديث هامس بـ«مناقب الفقيد» إسماعيل هنية واستذكار «حيوي ومستمر» بين نخبة من المسؤولين المباشرين؛ لأن هنية لم يذكر الأردن بسوء طوال رحلته رئيساً لحركة حماس، من اللحظة التي كان يزور فيها شاكراً مقرات المستشفيات الميدانية في غزة خلافاً لأنه دائم توجيه الرسائل الناعمة المتمنية الحريصة على «أمن واستقرار الأردن» كما يشهد كثيرون قابلوا الراحل. في المقابل، هذا الاستذكار الإيجابي سبقه «قصور بيروقراطي» تلمسه كثيرون وبينهم الناشط النقابي البارز أحمد أبو غنيمة وآخرون، بعنوان «التقصير الشديد» غير المبرر في حضور مراسم تشييع الراحل أو عدم الدعوة لإقامة صلاة الغائب عليه من جهة وزارة الأوقاف كما فعل نحو 700 مليون مسلم في القارات الخمس.
«رسائل إيجابية»
لا يريد أي من أركان الحكومة الإقرار بحصول «قصور سياسي» في متابعة مرحلة ما بعد رحيل الشهيد إسماعيل هنية الذي كان دوماً حريصاً للغاية برفقة القيادي خالد مشعل حصراً على توجيه «رسائل إيجابية ومرنة ومتفهمة» لدوائر القرار الأردني في نقاشات تلقاها أو شارك فيها سياسيون كبار بينهم رئيس مجلس الأعيان الحالي فيصل الفايز، ورئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وآخرون. وكلاهما، مشعل والراحل هنية، تحدثا مراراً وتكراراً بإيجابية ملموسة عن الأردن حتى مع «القدس العربي». مجدداً، «الغياب البيروقراطي» الأردني الواضح في ملف «استشهاد ودفن هنية» من الصعب «تعويضه»؛ فالجناح الذي يقود حركة حماس الآن ورموزه لا تربطه أي صلة بعمان، ولم يختبر معه التواصل سابقاً، ما قد يعني «مؤشرات خلل لاحقاً حتى في تبادل بعض التقييمات والرسائل». العتاب على وزارة الأوقاف تحديداً وعلى عدم إرسال مسؤول بارز في الهرم يوم تشييع جثمان الشهيد هنية هو عتاب مارسه مئات الأردنيين علناً على منصات التواصل الاجتماعي، وإن كان نتيجة لسياسة التمحور لدى الاتجاه النافذ الذي يرى بأن حكومة الأردن لا تتعامل إلا «مع الشرعية الفلسطينية» الممثلة بالسلطة. أو ينبغي ألا تتعاطى مع فصائل المقاومة عموماً بسبب «تصنيفات الممول الأمريكي» كما ألمح يوماً لـ «القدس العربي» الخبير البارز الدكتور خير أبو صعليك.
الأردن يترحّم ويستذكر «مناقب الفقيد هنية»
بالمعنى السياسي العام، فقدت عمان بغياب هنية «محباً ومتفهماً كبيراً» طالما خُذل أردنياً وهو يكرر أمله في «زيارة رسمية للأردن الشقيق» الأمر الذي نقلته «القدس العربي» مباشرة على لسان الراحل سابقاً وعدة مرات. المتموقع الجديد في قيادة كبرى الفصائل الفلسطينية اليوم ـ نقصد القائد يحيى السنوار- لا تعرف عنه نخب عمان إلا المنقول ممن تبقى من «أصدقاء» للمملكة في نادي قادة حماس، وهم الأقل نفوذاً الآن رغم وجود «عشرات الأردنيين» الذين أشار لهم يوماً الدكتور موسى أبو مرزوق من أبناء وقادة حركة حماس. ولأن معطيات التفعيل السياسي «لا تتعامل مع الفراغ» يمكن القول إن منظومة التوضيح ونقل الرسائل والاستشارات بين حماس وعمان أصبحت معطوبة الآن، ما يعني صعوبة مناقشة «مساحات حساسة مشتركة» لوجستياً لاحقاً، من بينها كيفية مخاطبة حماس-غزة للنشامى وللعشائر الأردنية ومصالح الأردن الحيوية. الأمر الأصعب أن إمكانات عمان في «الوصول أو التواصل» لأطراف عميقة في محور المقاومة قد تقتصر على «مقربين في البيت الشيعي العراقي» وسيصبح ذلك أكثر تعقيداً إذا أخفقت التفاهمات الميدانية مع الإيرانيين مباشرة. في مسألة المحور، مقاربة الحكومة الأردنية «غريبة وغير مفهومة» ولا ينبغي أن تبقى «خاملة أو كسولة أو مرتجفة» برأي خبراء كبار مثل الفريق قاصد محمود والدكتور أنور الخفش وغيرهما؛ لأن مصالح أساسية اليوم «على المحك» وليس لأي سبب آخر. مؤخراً، اكتشف وزير الخارجية أيمن الصفدي وهو يحاور ويناور تأسيساً لمصالح بلاده في عمق الصراع الإيراني – الإسرائيلي، أن هوامش المناورة «ضيقة للغاية». ومع عدم وجود «مطبخ سياسي» يصبح العمل اليومي صعباً ومعقداً في جزئية بغاية الأهمية يحاول القرار اليوم «تعويضها» بتفعيل وتشغيل ماكينة «سيادية وبيروقراطية» جديدة في البلاد عنوانها «عقد الاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي».
هوامش المناورة ضيقة للغاية
في المقابل، ومع التطورات الحادة، يكتشف الخبراء صعوبات لوجستية وإدارية في توجيه الرسائل الاحترازية عند الحاجة لأطراف مهمة إما داخل إيران أو في معادلتي حركة حماس و«حزب الله» وحتى في عمق المجموعات العراقية والسورية. لا يوجد ما يؤشر على «نشاط» يبذل لتعويض «الفاقد الأردني» من جهة الحكومة في «أطراف محور المقاومة» خصوصاً بعد انكشاف وقائع وحقائق تقول إن «الرهانات على إسرائيل وأمريكا والسلطة الفلسطينية» لم يعد من الممكن أن «تضمن أي شيء» للأردنيين. وضع لوجستي صعب ومعقد بيروقراطياً وسياسياً دفع الدبلوماسية الأردنية بنشاط ملموس خلال الأيام القليلة الماضية للبحث عن «أي تأثير» عبر العودة لمحاولة «وضع البيض» في السلة المصرية أو عبر «التقارب أكثر مع قطر» علماً بأن «الغائب هنية» وبحضور نخبة شخصيات سياسية ووطنية أردنية برفقة «القدس العربي» عبر عدة مرات عن أمله في «وساطة أردنية» أيضاً مع الاستعداد لمساندتها بكل التنازلات الممكنة. عمان الرسمية لا تريد المشاركة بأي «وساطة» ولا فتح أي منظومة اتصال مع فصائل المقاومة الفلسطينية. لكن مؤخراً، وجدت نفسها مضطرة للاقتراب أكثر من أي وقت مضى من «الوسيطين» ثم لـ «زيارة استكشافية حادة» إلى طهران حتى تبقى في الاحتراز وقرب الطاولة وليس عليها، علماً بأن تأسيس صداقات مع حماس أو غيرها كان يمكنه أن يكفل لها ذلك بكل يسر وببساطة وعلى القاعدة التي اقترحها مشعل في عمان علناً عندما زارها وهو يشرح «التواصل مع المقاومة ورقة سياسية.. نأمل من الأشقاء في الأردن الاستثمار فيها والاستفادة منها كيفما أرادوا». وأردنياً على الأقل، «غاب هنية» وكشف غيابه «الكثير». «القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - أي لحظة «يترحم» فيها مسؤول أو موظف أردني بأثر رجعي على الراحل الشهيد إسماعيل هنية ولو «سياسياً» أو من باب رفع العتب، يمكن القول إنها لحظة منفلتة وغير منتجة الآن، خصوصاً مع عدم وجود «ضمانات» بأن تراعي «الأطراف الفاعلة» في محور المقاومة «مصالح الأردن وتوازناته» كما كان يفعل الشهيد الراحل «أبو العبد». في بعض أروقة القرار الأردني اليوم حديث هامس بـ«مناقب الفقيد» إسماعيل هنية واستذكار «حيوي ومستمر» بين نخبة من المسؤولين المباشرين؛ لأن هنية لم يذكر الأردن بسوء طوال رحلته رئيساً لحركة حماس، من اللحظة التي كان يزور فيها شاكراً مقرات المستشفيات الميدانية في غزة خلافاً لأنه دائم توجيه الرسائل الناعمة المتمنية الحريصة على «أمن واستقرار الأردن» كما يشهد كثيرون قابلوا الراحل. في المقابل، هذا الاستذكار الإيجابي سبقه «قصور بيروقراطي» تلمسه كثيرون وبينهم الناشط النقابي البارز أحمد أبو غنيمة وآخرون، بعنوان «التقصير الشديد» غير المبرر في حضور مراسم تشييع الراحل أو عدم الدعوة لإقامة صلاة الغائب عليه من جهة وزارة الأوقاف كما فعل نحو 700 مليون مسلم في القارات الخمس.
«رسائل إيجابية»
لا يريد أي من أركان الحكومة الإقرار بحصول «قصور سياسي» في متابعة مرحلة ما بعد رحيل الشهيد إسماعيل هنية الذي كان دوماً حريصاً للغاية برفقة القيادي خالد مشعل حصراً على توجيه «رسائل إيجابية ومرنة ومتفهمة» لدوائر القرار الأردني في نقاشات تلقاها أو شارك فيها سياسيون كبار بينهم رئيس مجلس الأعيان الحالي فيصل الفايز، ورئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وآخرون. وكلاهما، مشعل والراحل هنية، تحدثا مراراً وتكراراً بإيجابية ملموسة عن الأردن حتى مع «القدس العربي». مجدداً، «الغياب البيروقراطي» الأردني الواضح في ملف «استشهاد ودفن هنية» من الصعب «تعويضه»؛ فالجناح الذي يقود حركة حماس الآن ورموزه لا تربطه أي صلة بعمان، ولم يختبر معه التواصل سابقاً، ما قد يعني «مؤشرات خلل لاحقاً حتى في تبادل بعض التقييمات والرسائل». العتاب على وزارة الأوقاف تحديداً وعلى عدم إرسال مسؤول بارز في الهرم يوم تشييع جثمان الشهيد هنية هو عتاب مارسه مئات الأردنيين علناً على منصات التواصل الاجتماعي، وإن كان نتيجة لسياسة التمحور لدى الاتجاه النافذ الذي يرى بأن حكومة الأردن لا تتعامل إلا «مع الشرعية الفلسطينية» الممثلة بالسلطة. أو ينبغي ألا تتعاطى مع فصائل المقاومة عموماً بسبب «تصنيفات الممول الأمريكي» كما ألمح يوماً لـ «القدس العربي» الخبير البارز الدكتور خير أبو صعليك.
الأردن يترحّم ويستذكر «مناقب الفقيد هنية»
بالمعنى السياسي العام، فقدت عمان بغياب هنية «محباً ومتفهماً كبيراً» طالما خُذل أردنياً وهو يكرر أمله في «زيارة رسمية للأردن الشقيق» الأمر الذي نقلته «القدس العربي» مباشرة على لسان الراحل سابقاً وعدة مرات. المتموقع الجديد في قيادة كبرى الفصائل الفلسطينية اليوم ـ نقصد القائد يحيى السنوار- لا تعرف عنه نخب عمان إلا المنقول ممن تبقى من «أصدقاء» للمملكة في نادي قادة حماس، وهم الأقل نفوذاً الآن رغم وجود «عشرات الأردنيين» الذين أشار لهم يوماً الدكتور موسى أبو مرزوق من أبناء وقادة حركة حماس. ولأن معطيات التفعيل السياسي «لا تتعامل مع الفراغ» يمكن القول إن منظومة التوضيح ونقل الرسائل والاستشارات بين حماس وعمان أصبحت معطوبة الآن، ما يعني صعوبة مناقشة «مساحات حساسة مشتركة» لوجستياً لاحقاً، من بينها كيفية مخاطبة حماس-غزة للنشامى وللعشائر الأردنية ومصالح الأردن الحيوية. الأمر الأصعب أن إمكانات عمان في «الوصول أو التواصل» لأطراف عميقة في محور المقاومة قد تقتصر على «مقربين في البيت الشيعي العراقي» وسيصبح ذلك أكثر تعقيداً إذا أخفقت التفاهمات الميدانية مع الإيرانيين مباشرة. في مسألة المحور، مقاربة الحكومة الأردنية «غريبة وغير مفهومة» ولا ينبغي أن تبقى «خاملة أو كسولة أو مرتجفة» برأي خبراء كبار مثل الفريق قاصد محمود والدكتور أنور الخفش وغيرهما؛ لأن مصالح أساسية اليوم «على المحك» وليس لأي سبب آخر. مؤخراً، اكتشف وزير الخارجية أيمن الصفدي وهو يحاور ويناور تأسيساً لمصالح بلاده في عمق الصراع الإيراني – الإسرائيلي، أن هوامش المناورة «ضيقة للغاية». ومع عدم وجود «مطبخ سياسي» يصبح العمل اليومي صعباً ومعقداً في جزئية بغاية الأهمية يحاول القرار اليوم «تعويضها» بتفعيل وتشغيل ماكينة «سيادية وبيروقراطية» جديدة في البلاد عنوانها «عقد الاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي».
هوامش المناورة ضيقة للغاية
في المقابل، ومع التطورات الحادة، يكتشف الخبراء صعوبات لوجستية وإدارية في توجيه الرسائل الاحترازية عند الحاجة لأطراف مهمة إما داخل إيران أو في معادلتي حركة حماس و«حزب الله» وحتى في عمق المجموعات العراقية والسورية. لا يوجد ما يؤشر على «نشاط» يبذل لتعويض «الفاقد الأردني» من جهة الحكومة في «أطراف محور المقاومة» خصوصاً بعد انكشاف وقائع وحقائق تقول إن «الرهانات على إسرائيل وأمريكا والسلطة الفلسطينية» لم يعد من الممكن أن «تضمن أي شيء» للأردنيين. وضع لوجستي صعب ومعقد بيروقراطياً وسياسياً دفع الدبلوماسية الأردنية بنشاط ملموس خلال الأيام القليلة الماضية للبحث عن «أي تأثير» عبر العودة لمحاولة «وضع البيض» في السلة المصرية أو عبر «التقارب أكثر مع قطر» علماً بأن «الغائب هنية» وبحضور نخبة شخصيات سياسية ووطنية أردنية برفقة «القدس العربي» عبر عدة مرات عن أمله في «وساطة أردنية» أيضاً مع الاستعداد لمساندتها بكل التنازلات الممكنة. عمان الرسمية لا تريد المشاركة بأي «وساطة» ولا فتح أي منظومة اتصال مع فصائل المقاومة الفلسطينية. لكن مؤخراً، وجدت نفسها مضطرة للاقتراب أكثر من أي وقت مضى من «الوسيطين» ثم لـ «زيارة استكشافية حادة» إلى طهران حتى تبقى في الاحتراز وقرب الطاولة وليس عليها، علماً بأن تأسيس صداقات مع حماس أو غيرها كان يمكنه أن يكفل لها ذلك بكل يسر وببساطة وعلى القاعدة التي اقترحها مشعل في عمان علناً عندما زارها وهو يشرح «التواصل مع المقاومة ورقة سياسية.. نأمل من الأشقاء في الأردن الاستثمار فيها والاستفادة منها كيفما أرادوا». وأردنياً على الأقل، «غاب هنية» وكشف غيابه «الكثير». «القدس العربي»
التعليقات
السنوار وحلفه بلا تغطية… و«تعويض الفاقد» أصعب «مع المحور»
التعليقات