عمان جو - بسام البدارين - صعب جداً مرحلياً فهم «الخلفية» التي قدرت بموجبها المؤسسة الأردنية «الدبلوماسية» بأن «إبلاغ الأمريكيين» رسمياً بالاستعداد مجدداً لـ«حملة قانونية دولية» ضد «إجراءات إسرائيل» الأحادية هي «خطوة الرد الأردني» المقبلة في «استراتيجية الاشتباك» مع حكومة بنيامين نتنياهو. الأصعب قد يكون إقناع الرأي العام المحلي في عمان بأن «اللجوء مجدداً للمحاكم الدولية» يمكنه بكل حال أن يوفر «غطاء ما» للدفاع عن مصالح المملكة في مواجهة مشروعين برزا مؤخراً، هما «عودة سيناريو التهجير والحسم في القدس» وتعليقات المرشح الأمريكي دونالد ترامب بشأن «توسيع إسرائيل». النقاط الثلاث (توسيع إسرائيل، وحسم الصراع ضد «الوصاية» في القدس، وتفريغ الضفة الغربية) عناصر «ألهبت» مؤخراً وفي أسبوع واحد ليس «نقاشات الأردنيين» لكن كل مخاوفهم وحساباتهم المقلقة من «حلول ومقترحات وتصعيدات» تنتهي بـ «حل القضية الفلسطينية» على حساب الأردن. هنا حصراً وفي الإطار «التحليلي» مؤقتاً، يمكن القول إن اضطرار المؤسسة الأردنية الرسمية للتحدث علناً محلياً وخارجياً عن «حزمة المخاوف الثلاثية» تلك، مؤشر حيوي على أن ترتيبات «إنكار المخاطر» التي طالما انتقدها عبر «القدس العربي» السياسي الخبير الرئيس طاهر المصري «تراجعت أو تتراجع» نسبياً في مشهد القرار الأردني. والمعنى أن المؤسسة وفي تصريحات وتحركات يومي الثلاثاء والأربعاء، بدأت تشعر بـ «بعض المخاوف» بدليل أنها تتحدث عنها الآن ولم تعد تنكرها بعد سلسلة إفصاحات ورسائل من أقلام صحافية وأفواه وزارية بقيت لأسابيع بعد أحداث 7 أكتوبر، تسترسل في «إنكار التهجير وتقويض الوصاية» لا بل وصلت لحد «شيطنة المقاومة» أيضاً، وطرح هتافات من طراز «الأردن أولاً حتى عاشراً».
استعدادات لشكاوى قانونية
لفهم «الصورة» الأردنية أكثر، لا بد من تأمل الفارق الزمني: ساعات قليلة فصلت تماماً بين ما فهمه «إعلاميون» رسميون على هامش ما وصفه البرلماني والإعلامي عمر عياصرة ـ «مصارحة فوق السحاب» في مؤسسة القصر، وبين النبأ الرسمي الذي أعلن بأن وزير الخارجية أيمن صفدي تواصل هاتفياً مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، وأبلغه بأن «المملكة تستعد لمرافعات وشكاوى قانونية في المحاكم الدولية ضد إسرائيل». المقايسة الأردنية الدبلوماسية هنا طبعاً «تستعيد» ما فعلته عمان في الماضي ضد «الجدار الإسرائيلي العازل». والنبأ الرسمي لا يتحدث عن «انضمام الأردن» للجهد القضائي الدولي ضمن مبادرة «وسم إسرائيل بالإبادة» كما وصفها قانونياً سابقاً لـ «القدس العربي» الرئيس المستشار عون الخصاونة، بل عن اللجوء للمحاكم الدولية ضد «إجراءات إسرائيل الأحادية في الضفة الغربية والقدس».
الصفدي وضع بلينكن بصيغة «قرار اتخذته المملكة» وستبدأ بالعمل عليه. ذلك يعني سياسياً وعملياً، أن عمان هنا وفي هذه «الجزئية» مما وصفه الرئيس علي أبو الراغب بـ«سيناريو التخشين الدبلوماسي» لا تستأذن الأمريكي ولا تشاوره، بل «تبلغه». واللافت أن ذلك «البلاغ» تختار عمان قناة الوزير بلينكن لإيصاله، مع أن أوساطها العميقة تتهمه -أي بلينكن- بأنه يمثل «خط نتنياهو» في طاقم الرئيس جو بايدن. القرار في هذا السياق ومن حيث «شكله السياسي» وإعلانه قبل قياس «ردة فعل الوزير الأمريكي» عليه، يتخذ و«سينفذ» بدون اتخاذ الوزير الصفدي قراراً «أسهل « يطالب به الشارع المحلي، هو «طرد السفير الإسرائيلي» أو وقف التطبيع. وعندما استفسرت «القدس العربي» في مناسبة أخرى مماثلة من الصفدي نفسه عن هذه الجزئية، اعتبر بأن «طرد سفيرهم غير الموجود أصلاً» منذ أشهر، هو «من الاتجاهات السهلة جداً» والتي سبق لعمان أن قررتها، مع إشارة إلى أن حجم الأضرار العائدة على «أهالي غزة» والإغاثة في حال طرد سفير تل أبيب، والتداعيات الدولية، هي مسائل «تؤخذ بالحساب».
قرار «الاشتباك الخشن»
عملياً، في الخطاب الرسمي الأردني رسائل مباشرة بقرار «الاشتباك الدبلوماسي الخشن» ليس مع «دولة الكيان» ولكن مع حكومة نتنياهو حصراً. وما هو ليس واضحاً بعد في الحسابات الأردنية المغلقة، مستوى تأثير خطوة مثل «العودة للمحاكم الدولية» على خطوط الأزمة فعلياً وواقعياً. وعليه، ثمة قرار باللجوء للمحاكم الدولية ضد إجراءات اليمين الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، أبلغ للأمريكيين، ولكن دون «منظومة قياس» بعد للأثر والتأثير على البعد العملياتي في الأزمة الإقليمية الأوسع، و«التخشين» عبر التلويح بالمحاكم الدولية فرصة لإظهار «جدية الخطاب» الأردني الخاص بمعادلة «كل الخيارات مفتوحة». يفهم من ذلك تحليلياً مرة جديدة، بأن عمان قررت «التدرج» في التخشين ضد سياسات نتنياهو بصيغة «الأمر الواقع» فيما يبقى للشارع الأردني وقواه التي «تطالب بالمزيد» مساحة وافرة في إطار الاستمرار بالمطالبة بخطوات أهم، مثل «طرد السفير ووقف التطبيع». الأهم بعد «حوارية القصر» مع «مجموعة إعلامية» في تكوينها أغلبية لتيار «شيطنة المقاومة ومحورها». ثم بعد «بلاغ الصفدي لبلينكن» أن المؤسسة الأردنية بدأت «تستشعر المخاطر» وأن عملية «إنكار تلك المخاطر» أصبحت الآن «قابلة للتجميد والتوقف» ومن ثم «قواعد الاشتباك» مع نتنياهو وطاقمه «تتطور وتتوسع». ما يساند تلك الخلاصة هو التلميح الذي كشفه الكاتب الصحافي حسين رواشدة ومعه العياصرة، بعنوان «بناء جسور مع إيران» ويبدأ من تحذير طهران من «الوقوع في فخ نتنياهو» وينتهي بسيناريو «تفكير ملكي بزيارة طهران» و«عدم ممانعة» في فكرة «استقبال مسعود بزشكيان» في عمان، ومع «التلويح» الأردني الرفيع بـ «التواصل مع الإيرانيين» لأول مرة من سنوات طويلة، والأخذ بأسباب «التخشين الدبلوماسي» يمكن القول بأن من كانوا «ينتقدون أو حتى يخونون» بالعادة أصحاب الرأي المحذر من «مخاطر اليمين» ودعاة «التنويع مع الإيرانيين» هم أنفسهم مع «رموز التكيف» المطالبين الآن بـ «توجيه جديد» يقول ضمناً إن المؤسسة بدأت بدورها «تفرد خياراتها» وتستعد لمواجهة «مخاطر» كانت «مزعومة» قبل أسابيع فقط. ذلك تعبير عن «تطور لافت» على المستوى السياسي المباشر أردنياً في «استشعار ثم إدراك» مخاطر الاستسلام أو التعايش مع «خطط اليمين الإسرائيلي».
سؤالان صعبان
يحصل ذلك الآن في عمان دون «أدنى اعتذار أو توضيح» من المستوى الحكومي التنفيذي لرموز الشارع والرأي الآخر، الذين تم سجنهم أو ملاحقتهم أو حتى تخوينهم فقط لأنهم قالوا بما تقوله المؤسسة الآن. ويحصل فجأة فيما الجميع في انتظار «إجابة» من استراتيجية التخشين والاشتباك المستجدة على «سؤالين عالقين» واجب الحكومة التعاطي معهما: السؤال الأول: ما هي المكاسب المتوقعة في حال العودة لما يسمى بالمحاكم والقوانين الدولية؟ والسؤال الثاني، متى يمكن تطوير فكرة «نتحدث مع حماس في الميدان بشأن إيصال المساعدات» بصيغة تنتهي ببناء «جسور مصالح» مع المقاومة الفلسطينية نفسها برفقة الإيرانيين؟ السؤال الثاني «أصعب ولم يحسم الآن». لكن «استقبال» بعض رموز الإعلام المتخصصين بـ «شيطنة محور المقاومة» والهجوم على إيران حصراً واندفاعهم لاحقاً في الشرح والتوضيح لـ«الاستراتيجية المعاكسة» يعد «إشارة مبكرة» ومثيرة لا تقل أهمية عن «اجتهادات» رموز «التكيف» في الترتيب لمشهد «الخيارات المفتوحة».
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - صعب جداً مرحلياً فهم «الخلفية» التي قدرت بموجبها المؤسسة الأردنية «الدبلوماسية» بأن «إبلاغ الأمريكيين» رسمياً بالاستعداد مجدداً لـ«حملة قانونية دولية» ضد «إجراءات إسرائيل» الأحادية هي «خطوة الرد الأردني» المقبلة في «استراتيجية الاشتباك» مع حكومة بنيامين نتنياهو. الأصعب قد يكون إقناع الرأي العام المحلي في عمان بأن «اللجوء مجدداً للمحاكم الدولية» يمكنه بكل حال أن يوفر «غطاء ما» للدفاع عن مصالح المملكة في مواجهة مشروعين برزا مؤخراً، هما «عودة سيناريو التهجير والحسم في القدس» وتعليقات المرشح الأمريكي دونالد ترامب بشأن «توسيع إسرائيل». النقاط الثلاث (توسيع إسرائيل، وحسم الصراع ضد «الوصاية» في القدس، وتفريغ الضفة الغربية) عناصر «ألهبت» مؤخراً وفي أسبوع واحد ليس «نقاشات الأردنيين» لكن كل مخاوفهم وحساباتهم المقلقة من «حلول ومقترحات وتصعيدات» تنتهي بـ «حل القضية الفلسطينية» على حساب الأردن. هنا حصراً وفي الإطار «التحليلي» مؤقتاً، يمكن القول إن اضطرار المؤسسة الأردنية الرسمية للتحدث علناً محلياً وخارجياً عن «حزمة المخاوف الثلاثية» تلك، مؤشر حيوي على أن ترتيبات «إنكار المخاطر» التي طالما انتقدها عبر «القدس العربي» السياسي الخبير الرئيس طاهر المصري «تراجعت أو تتراجع» نسبياً في مشهد القرار الأردني. والمعنى أن المؤسسة وفي تصريحات وتحركات يومي الثلاثاء والأربعاء، بدأت تشعر بـ «بعض المخاوف» بدليل أنها تتحدث عنها الآن ولم تعد تنكرها بعد سلسلة إفصاحات ورسائل من أقلام صحافية وأفواه وزارية بقيت لأسابيع بعد أحداث 7 أكتوبر، تسترسل في «إنكار التهجير وتقويض الوصاية» لا بل وصلت لحد «شيطنة المقاومة» أيضاً، وطرح هتافات من طراز «الأردن أولاً حتى عاشراً».
استعدادات لشكاوى قانونية
لفهم «الصورة» الأردنية أكثر، لا بد من تأمل الفارق الزمني: ساعات قليلة فصلت تماماً بين ما فهمه «إعلاميون» رسميون على هامش ما وصفه البرلماني والإعلامي عمر عياصرة ـ «مصارحة فوق السحاب» في مؤسسة القصر، وبين النبأ الرسمي الذي أعلن بأن وزير الخارجية أيمن صفدي تواصل هاتفياً مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، وأبلغه بأن «المملكة تستعد لمرافعات وشكاوى قانونية في المحاكم الدولية ضد إسرائيل». المقايسة الأردنية الدبلوماسية هنا طبعاً «تستعيد» ما فعلته عمان في الماضي ضد «الجدار الإسرائيلي العازل». والنبأ الرسمي لا يتحدث عن «انضمام الأردن» للجهد القضائي الدولي ضمن مبادرة «وسم إسرائيل بالإبادة» كما وصفها قانونياً سابقاً لـ «القدس العربي» الرئيس المستشار عون الخصاونة، بل عن اللجوء للمحاكم الدولية ضد «إجراءات إسرائيل الأحادية في الضفة الغربية والقدس».
الصفدي وضع بلينكن بصيغة «قرار اتخذته المملكة» وستبدأ بالعمل عليه. ذلك يعني سياسياً وعملياً، أن عمان هنا وفي هذه «الجزئية» مما وصفه الرئيس علي أبو الراغب بـ«سيناريو التخشين الدبلوماسي» لا تستأذن الأمريكي ولا تشاوره، بل «تبلغه». واللافت أن ذلك «البلاغ» تختار عمان قناة الوزير بلينكن لإيصاله، مع أن أوساطها العميقة تتهمه -أي بلينكن- بأنه يمثل «خط نتنياهو» في طاقم الرئيس جو بايدن. القرار في هذا السياق ومن حيث «شكله السياسي» وإعلانه قبل قياس «ردة فعل الوزير الأمريكي» عليه، يتخذ و«سينفذ» بدون اتخاذ الوزير الصفدي قراراً «أسهل « يطالب به الشارع المحلي، هو «طرد السفير الإسرائيلي» أو وقف التطبيع. وعندما استفسرت «القدس العربي» في مناسبة أخرى مماثلة من الصفدي نفسه عن هذه الجزئية، اعتبر بأن «طرد سفيرهم غير الموجود أصلاً» منذ أشهر، هو «من الاتجاهات السهلة جداً» والتي سبق لعمان أن قررتها، مع إشارة إلى أن حجم الأضرار العائدة على «أهالي غزة» والإغاثة في حال طرد سفير تل أبيب، والتداعيات الدولية، هي مسائل «تؤخذ بالحساب».
قرار «الاشتباك الخشن»
عملياً، في الخطاب الرسمي الأردني رسائل مباشرة بقرار «الاشتباك الدبلوماسي الخشن» ليس مع «دولة الكيان» ولكن مع حكومة نتنياهو حصراً. وما هو ليس واضحاً بعد في الحسابات الأردنية المغلقة، مستوى تأثير خطوة مثل «العودة للمحاكم الدولية» على خطوط الأزمة فعلياً وواقعياً. وعليه، ثمة قرار باللجوء للمحاكم الدولية ضد إجراءات اليمين الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، أبلغ للأمريكيين، ولكن دون «منظومة قياس» بعد للأثر والتأثير على البعد العملياتي في الأزمة الإقليمية الأوسع، و«التخشين» عبر التلويح بالمحاكم الدولية فرصة لإظهار «جدية الخطاب» الأردني الخاص بمعادلة «كل الخيارات مفتوحة». يفهم من ذلك تحليلياً مرة جديدة، بأن عمان قررت «التدرج» في التخشين ضد سياسات نتنياهو بصيغة «الأمر الواقع» فيما يبقى للشارع الأردني وقواه التي «تطالب بالمزيد» مساحة وافرة في إطار الاستمرار بالمطالبة بخطوات أهم، مثل «طرد السفير ووقف التطبيع». الأهم بعد «حوارية القصر» مع «مجموعة إعلامية» في تكوينها أغلبية لتيار «شيطنة المقاومة ومحورها». ثم بعد «بلاغ الصفدي لبلينكن» أن المؤسسة الأردنية بدأت «تستشعر المخاطر» وأن عملية «إنكار تلك المخاطر» أصبحت الآن «قابلة للتجميد والتوقف» ومن ثم «قواعد الاشتباك» مع نتنياهو وطاقمه «تتطور وتتوسع». ما يساند تلك الخلاصة هو التلميح الذي كشفه الكاتب الصحافي حسين رواشدة ومعه العياصرة، بعنوان «بناء جسور مع إيران» ويبدأ من تحذير طهران من «الوقوع في فخ نتنياهو» وينتهي بسيناريو «تفكير ملكي بزيارة طهران» و«عدم ممانعة» في فكرة «استقبال مسعود بزشكيان» في عمان، ومع «التلويح» الأردني الرفيع بـ «التواصل مع الإيرانيين» لأول مرة من سنوات طويلة، والأخذ بأسباب «التخشين الدبلوماسي» يمكن القول بأن من كانوا «ينتقدون أو حتى يخونون» بالعادة أصحاب الرأي المحذر من «مخاطر اليمين» ودعاة «التنويع مع الإيرانيين» هم أنفسهم مع «رموز التكيف» المطالبين الآن بـ «توجيه جديد» يقول ضمناً إن المؤسسة بدأت بدورها «تفرد خياراتها» وتستعد لمواجهة «مخاطر» كانت «مزعومة» قبل أسابيع فقط. ذلك تعبير عن «تطور لافت» على المستوى السياسي المباشر أردنياً في «استشعار ثم إدراك» مخاطر الاستسلام أو التعايش مع «خطط اليمين الإسرائيلي».
سؤالان صعبان
يحصل ذلك الآن في عمان دون «أدنى اعتذار أو توضيح» من المستوى الحكومي التنفيذي لرموز الشارع والرأي الآخر، الذين تم سجنهم أو ملاحقتهم أو حتى تخوينهم فقط لأنهم قالوا بما تقوله المؤسسة الآن. ويحصل فجأة فيما الجميع في انتظار «إجابة» من استراتيجية التخشين والاشتباك المستجدة على «سؤالين عالقين» واجب الحكومة التعاطي معهما: السؤال الأول: ما هي المكاسب المتوقعة في حال العودة لما يسمى بالمحاكم والقوانين الدولية؟ والسؤال الثاني، متى يمكن تطوير فكرة «نتحدث مع حماس في الميدان بشأن إيصال المساعدات» بصيغة تنتهي ببناء «جسور مصالح» مع المقاومة الفلسطينية نفسها برفقة الإيرانيين؟ السؤال الثاني «أصعب ولم يحسم الآن». لكن «استقبال» بعض رموز الإعلام المتخصصين بـ «شيطنة محور المقاومة» والهجوم على إيران حصراً واندفاعهم لاحقاً في الشرح والتوضيح لـ«الاستراتيجية المعاكسة» يعد «إشارة مبكرة» ومثيرة لا تقل أهمية عن «اجتهادات» رموز «التكيف» في الترتيب لمشهد «الخيارات المفتوحة».
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - صعب جداً مرحلياً فهم «الخلفية» التي قدرت بموجبها المؤسسة الأردنية «الدبلوماسية» بأن «إبلاغ الأمريكيين» رسمياً بالاستعداد مجدداً لـ«حملة قانونية دولية» ضد «إجراءات إسرائيل» الأحادية هي «خطوة الرد الأردني» المقبلة في «استراتيجية الاشتباك» مع حكومة بنيامين نتنياهو. الأصعب قد يكون إقناع الرأي العام المحلي في عمان بأن «اللجوء مجدداً للمحاكم الدولية» يمكنه بكل حال أن يوفر «غطاء ما» للدفاع عن مصالح المملكة في مواجهة مشروعين برزا مؤخراً، هما «عودة سيناريو التهجير والحسم في القدس» وتعليقات المرشح الأمريكي دونالد ترامب بشأن «توسيع إسرائيل». النقاط الثلاث (توسيع إسرائيل، وحسم الصراع ضد «الوصاية» في القدس، وتفريغ الضفة الغربية) عناصر «ألهبت» مؤخراً وفي أسبوع واحد ليس «نقاشات الأردنيين» لكن كل مخاوفهم وحساباتهم المقلقة من «حلول ومقترحات وتصعيدات» تنتهي بـ «حل القضية الفلسطينية» على حساب الأردن. هنا حصراً وفي الإطار «التحليلي» مؤقتاً، يمكن القول إن اضطرار المؤسسة الأردنية الرسمية للتحدث علناً محلياً وخارجياً عن «حزمة المخاوف الثلاثية» تلك، مؤشر حيوي على أن ترتيبات «إنكار المخاطر» التي طالما انتقدها عبر «القدس العربي» السياسي الخبير الرئيس طاهر المصري «تراجعت أو تتراجع» نسبياً في مشهد القرار الأردني. والمعنى أن المؤسسة وفي تصريحات وتحركات يومي الثلاثاء والأربعاء، بدأت تشعر بـ «بعض المخاوف» بدليل أنها تتحدث عنها الآن ولم تعد تنكرها بعد سلسلة إفصاحات ورسائل من أقلام صحافية وأفواه وزارية بقيت لأسابيع بعد أحداث 7 أكتوبر، تسترسل في «إنكار التهجير وتقويض الوصاية» لا بل وصلت لحد «شيطنة المقاومة» أيضاً، وطرح هتافات من طراز «الأردن أولاً حتى عاشراً».
استعدادات لشكاوى قانونية
لفهم «الصورة» الأردنية أكثر، لا بد من تأمل الفارق الزمني: ساعات قليلة فصلت تماماً بين ما فهمه «إعلاميون» رسميون على هامش ما وصفه البرلماني والإعلامي عمر عياصرة ـ «مصارحة فوق السحاب» في مؤسسة القصر، وبين النبأ الرسمي الذي أعلن بأن وزير الخارجية أيمن صفدي تواصل هاتفياً مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، وأبلغه بأن «المملكة تستعد لمرافعات وشكاوى قانونية في المحاكم الدولية ضد إسرائيل». المقايسة الأردنية الدبلوماسية هنا طبعاً «تستعيد» ما فعلته عمان في الماضي ضد «الجدار الإسرائيلي العازل». والنبأ الرسمي لا يتحدث عن «انضمام الأردن» للجهد القضائي الدولي ضمن مبادرة «وسم إسرائيل بالإبادة» كما وصفها قانونياً سابقاً لـ «القدس العربي» الرئيس المستشار عون الخصاونة، بل عن اللجوء للمحاكم الدولية ضد «إجراءات إسرائيل الأحادية في الضفة الغربية والقدس».
الصفدي وضع بلينكن بصيغة «قرار اتخذته المملكة» وستبدأ بالعمل عليه. ذلك يعني سياسياً وعملياً، أن عمان هنا وفي هذه «الجزئية» مما وصفه الرئيس علي أبو الراغب بـ«سيناريو التخشين الدبلوماسي» لا تستأذن الأمريكي ولا تشاوره، بل «تبلغه». واللافت أن ذلك «البلاغ» تختار عمان قناة الوزير بلينكن لإيصاله، مع أن أوساطها العميقة تتهمه -أي بلينكن- بأنه يمثل «خط نتنياهو» في طاقم الرئيس جو بايدن. القرار في هذا السياق ومن حيث «شكله السياسي» وإعلانه قبل قياس «ردة فعل الوزير الأمريكي» عليه، يتخذ و«سينفذ» بدون اتخاذ الوزير الصفدي قراراً «أسهل « يطالب به الشارع المحلي، هو «طرد السفير الإسرائيلي» أو وقف التطبيع. وعندما استفسرت «القدس العربي» في مناسبة أخرى مماثلة من الصفدي نفسه عن هذه الجزئية، اعتبر بأن «طرد سفيرهم غير الموجود أصلاً» منذ أشهر، هو «من الاتجاهات السهلة جداً» والتي سبق لعمان أن قررتها، مع إشارة إلى أن حجم الأضرار العائدة على «أهالي غزة» والإغاثة في حال طرد سفير تل أبيب، والتداعيات الدولية، هي مسائل «تؤخذ بالحساب».
قرار «الاشتباك الخشن»
عملياً، في الخطاب الرسمي الأردني رسائل مباشرة بقرار «الاشتباك الدبلوماسي الخشن» ليس مع «دولة الكيان» ولكن مع حكومة نتنياهو حصراً. وما هو ليس واضحاً بعد في الحسابات الأردنية المغلقة، مستوى تأثير خطوة مثل «العودة للمحاكم الدولية» على خطوط الأزمة فعلياً وواقعياً. وعليه، ثمة قرار باللجوء للمحاكم الدولية ضد إجراءات اليمين الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، أبلغ للأمريكيين، ولكن دون «منظومة قياس» بعد للأثر والتأثير على البعد العملياتي في الأزمة الإقليمية الأوسع، و«التخشين» عبر التلويح بالمحاكم الدولية فرصة لإظهار «جدية الخطاب» الأردني الخاص بمعادلة «كل الخيارات مفتوحة». يفهم من ذلك تحليلياً مرة جديدة، بأن عمان قررت «التدرج» في التخشين ضد سياسات نتنياهو بصيغة «الأمر الواقع» فيما يبقى للشارع الأردني وقواه التي «تطالب بالمزيد» مساحة وافرة في إطار الاستمرار بالمطالبة بخطوات أهم، مثل «طرد السفير ووقف التطبيع». الأهم بعد «حوارية القصر» مع «مجموعة إعلامية» في تكوينها أغلبية لتيار «شيطنة المقاومة ومحورها». ثم بعد «بلاغ الصفدي لبلينكن» أن المؤسسة الأردنية بدأت «تستشعر المخاطر» وأن عملية «إنكار تلك المخاطر» أصبحت الآن «قابلة للتجميد والتوقف» ومن ثم «قواعد الاشتباك» مع نتنياهو وطاقمه «تتطور وتتوسع». ما يساند تلك الخلاصة هو التلميح الذي كشفه الكاتب الصحافي حسين رواشدة ومعه العياصرة، بعنوان «بناء جسور مع إيران» ويبدأ من تحذير طهران من «الوقوع في فخ نتنياهو» وينتهي بسيناريو «تفكير ملكي بزيارة طهران» و«عدم ممانعة» في فكرة «استقبال مسعود بزشكيان» في عمان، ومع «التلويح» الأردني الرفيع بـ «التواصل مع الإيرانيين» لأول مرة من سنوات طويلة، والأخذ بأسباب «التخشين الدبلوماسي» يمكن القول بأن من كانوا «ينتقدون أو حتى يخونون» بالعادة أصحاب الرأي المحذر من «مخاطر اليمين» ودعاة «التنويع مع الإيرانيين» هم أنفسهم مع «رموز التكيف» المطالبين الآن بـ «توجيه جديد» يقول ضمناً إن المؤسسة بدأت بدورها «تفرد خياراتها» وتستعد لمواجهة «مخاطر» كانت «مزعومة» قبل أسابيع فقط. ذلك تعبير عن «تطور لافت» على المستوى السياسي المباشر أردنياً في «استشعار ثم إدراك» مخاطر الاستسلام أو التعايش مع «خطط اليمين الإسرائيلي».
سؤالان صعبان
يحصل ذلك الآن في عمان دون «أدنى اعتذار أو توضيح» من المستوى الحكومي التنفيذي لرموز الشارع والرأي الآخر، الذين تم سجنهم أو ملاحقتهم أو حتى تخوينهم فقط لأنهم قالوا بما تقوله المؤسسة الآن. ويحصل فجأة فيما الجميع في انتظار «إجابة» من استراتيجية التخشين والاشتباك المستجدة على «سؤالين عالقين» واجب الحكومة التعاطي معهما: السؤال الأول: ما هي المكاسب المتوقعة في حال العودة لما يسمى بالمحاكم والقوانين الدولية؟ والسؤال الثاني، متى يمكن تطوير فكرة «نتحدث مع حماس في الميدان بشأن إيصال المساعدات» بصيغة تنتهي ببناء «جسور مصالح» مع المقاومة الفلسطينية نفسها برفقة الإيرانيين؟ السؤال الثاني «أصعب ولم يحسم الآن». لكن «استقبال» بعض رموز الإعلام المتخصصين بـ «شيطنة محور المقاومة» والهجوم على إيران حصراً واندفاعهم لاحقاً في الشرح والتوضيح لـ«الاستراتيجية المعاكسة» يعد «إشارة مبكرة» ومثيرة لا تقل أهمية عن «اجتهادات» رموز «التكيف» في الترتيب لمشهد «الخيارات المفتوحة».
«القدس العربي»
التعليقات
«سنحاكم الإسرائيليين»… الأردن بعد بلاغ الصفدي لبلينكن و«حوارية القصر»: هل أوقف زحف تيار «التكيف وإنكار المخاطر»؟
التعليقات