عمان جو - بسام البدارين - مجدداً يلح السؤال الأردني العتيق وفجأة يصبح أكثر إلحاحاً: ما الذي ينبغي للدولة الأردنية أن تفعله في مواجهة الدراما الإنسانية والسياسية، لا بل والديمغرافية المتوقعة على الضفة الغربية للنهر؟ كثيرون على المستوى السياسي الرسمي حاولوا التسلل بعيداً عن الحاجة للإجابة عن هذا السؤال، لكن مسار التسلل لم يعد يكفي. الخطر الذي يتقمص في الضفة الغربية عبارة ملكية أردنية معروفة منذ سنوات تحذر من «انهيار الوضع القانوني» لم يعد يطرق الأبواب فقط حتى برأي الخبير الاستراتيجي والعسكري الفريق المتقاعد قاصد محمود، كما سمعته «القدس العربي» بل إن الخطر – إذا ما أصرت حكومة اليمين الإسرائيلي على نقل سيناريو غزة إلى الضفة الغربية – قد يكسر الأبواب أو يقتحمها ولا يطرق عليها فقط. مبكراً، قبل 10 أيام، أعلنها الملك عبد الله الثاني شخصياً وفقاً لإعلاميين وصحافيين التقاهم: «نراقب الوضع في الضفة الغربية والقدس عن كثب.. وخيارات الدولة الأردنية مفتوحة». الرأي العام في حاجة لفهم الخيارات المفتوحة، فالصدام لم يعد حتمياً فحسب، بل أصبح وشيكاً للغاية – كما يقدر السياسي الدكتور ممدوح العبادي- وهو صدام ليس بين الرؤية الأردنية واليمين الإسرائيلي فحسب، لكن بين ذلك اليمين والمصالح الأساسية للأردن.
إشكالات جوهرية
بحذاقة وحذر، ولأن عمان استشعرت إشكالات جوهرية في الضفة الغربية مؤخراً، طرح وزير الخارجية أيمن الصفدي ورقة التواصل مع إيران، ثم قيل بعدم وجود ما يمنع استقبال الرئيس الإيراني في عمان، ثم طرح الوزير نفسه ورقة وأقنع حكومته بالحد من الاستفزازات في القدس تحديداً باللجوء إلى المحاكم الدولية، لا بل بتشكيل لجان قانونية ودبلوماسية خبيرة تولى حملة دولية في السياق. وحتى باللغة الأردنية النخبوية، فإن ما يحصل في غزة يخطط لأن يحصل الآن في الضفة الغربية. وبرأي سياسي خبير مخضرم مثل طاهر المصري، فإن ما يحصل هو تأطير وتنميط لصراع الدين والأيديولوجيا. في نقاش مع «القدس العربي» مؤخراً، عبر المصري عن خشيته بأن انعكاسات جرائم العدوان في غزة والغطاء الذي توفره بعض الدول الغربية له ينزلق بالمنطقة نحو صراع ديني، لعل القيادة الأردنية طوال الوقت تحذر منه ومن تداعياته الخطرة على جميع الأطراف جراء مغامرات الحكومة اليمينية الإسرائيلية التي وصفها علناً الوزير الصفدي مرتين على الأقل بأنها تقود المنطقة إلى صراع مفتوح بهوية دينية. عملياً، ما يخشاه الأردن علناً في الغرف المغلقة ها هو يحصل الآن، والتحذير الذي نقل للإدارة الأمريكية الحالية الضعيفة، أردنياً عدة مرات بعنوان «الانزلاق» لم يثمر إلا في جزئية توفير ضمانات عسكرية إضافية لحماية أمن واستقرار الأردن، بمعنى نمو الإحساس العام بأن الأمريكي مستعد لعزل الأردن عن تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، وإن كان ذلك يحصل بلا ضمانات حقيقية. لذلك، لاحظ المراقبون في جديد الضفة أن ما تسميه تل أبيب بالعملية العسكرية الموسعة في شمال الضفة الغربية، أعقبت بيومين أو ثلاثة فقط المشاورات التي أجراها رئيس أركان القوات الأمريكية المشتركة في تل أبيب وعمان.. هل ثمة رسالة أو إيحاء هنا؟
مخاطر التصعيد في الضفة
لا يمكن فهم المغزى والتلغيز بصورة مباشرة. لكن المحظور في التقارير الأردنية العميقة السابقة يحصل الآن في الجناح الغربي لضفة نهر الأردن، فالنطاق العملياتي الإسرائيلي يستند إلى صورة التدمير والقتل والترهيب في غزة في مشروع عسكري جديد لإخضاع أهل الضفة الغربية. وكما تنفذ حكومة اليمين سياسة حصار وتجويع وقصف في قطاع غزة، فهي تتبع نفس المسار الآن في جنين وطولكرم وطوباس، وجزئياً في أريحا والأغوار والخليل. بالمواصفة الأردنية، لم يعد ثمة مجال لإنكار مخاطر التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، خصوصاً بعد إدخال طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على نطاق عمليات أمنية في الضفة الغربية، وبعد ضربات إسرائيلية مقصودة تضعف السلطة الفلسطينية ورئيسها، فيما يراقب الأردني اليوم ما كان قد حذر منه قادة أساسيون في العمل السياسي الفلسطيني تحت عنوان قوننة التهجير وتنفيذه، ومن بينهم عباس زكي، وعضو الكنيست أيمن عودة. «القدس العربي» استمعت في عمان لزكي مرتين على الأقل مؤخراً وهو يقترح على شخصيات أردنية بأن عملية تحريك سكان الضفة والعبث بالديموغرافيا لم تعد خطة، بل خطة يجري تنفيذها في الواقع العملي. لذا، ما اقترحه زكي مثلاً على الدولة الأردنية، التصرف على هذا الأساس قبل صعود معادلة «كل الخيارات مفتوحة».
الاندفاع العسكري العنيف
الاندفاع العملياتي العسكري الأخير والعنيف في مدن شمال الضفة الغربية يفتح قسراً الخيارات الأردنية، لكن لا أحد يعلم بعد في أي اتجاه وعلى أي أساس، خصوصاً بعد تراكم قناعات المؤسسات السيادية في عمان بأن الانفلات الأمني في الضفة الغربية وبروز عناصر صراع أيديولوجي ديني، كلها مؤشرات في مجملها تقنع المؤسسة الأردنية بأن الخطر فعلاً داهم ووشيك. وما يزيد في التعقيدات هو قناعة القرار الأردني بعد الآن بأن اليمين الإسرائيلي لا ضابط له، وبأن بقايا الدولة العميقة في الكيان لم يعد من الممكن الاستفادة منها في ظل جنوح المجتمع الإسرائيلي برمته نحو اليمين، وفي ظل ما وصفه أيمن عودة يوماً وسط الأردنيين بأنه اعتقاد راسخ لليمين الأصولي الديني المتطرف بأن الظروف مواتية للسيطرة وحسم الصراع. التطورات في الضفة الغربية مقلقة جداً. وبعدما تقتحم أو تحطم أو تحاول كسر بوابة الحدود الأردنية، وحصراً في الأغوار، فلا أحد يعلم أين ستتجه بوصلة الخيار ومقتضيات الاشتباك؛ لأن أي مجاملة حكومية بعد الآن للعبث الأمريكي والدولي في مسألة استيعاب نتائج الاعتداء الإسرائيلي في الضفة الغربية قد تخلق وتنتج وضعاً مضطرباً للغاية داخل الأردن.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - مجدداً يلح السؤال الأردني العتيق وفجأة يصبح أكثر إلحاحاً: ما الذي ينبغي للدولة الأردنية أن تفعله في مواجهة الدراما الإنسانية والسياسية، لا بل والديمغرافية المتوقعة على الضفة الغربية للنهر؟ كثيرون على المستوى السياسي الرسمي حاولوا التسلل بعيداً عن الحاجة للإجابة عن هذا السؤال، لكن مسار التسلل لم يعد يكفي. الخطر الذي يتقمص في الضفة الغربية عبارة ملكية أردنية معروفة منذ سنوات تحذر من «انهيار الوضع القانوني» لم يعد يطرق الأبواب فقط حتى برأي الخبير الاستراتيجي والعسكري الفريق المتقاعد قاصد محمود، كما سمعته «القدس العربي» بل إن الخطر – إذا ما أصرت حكومة اليمين الإسرائيلي على نقل سيناريو غزة إلى الضفة الغربية – قد يكسر الأبواب أو يقتحمها ولا يطرق عليها فقط. مبكراً، قبل 10 أيام، أعلنها الملك عبد الله الثاني شخصياً وفقاً لإعلاميين وصحافيين التقاهم: «نراقب الوضع في الضفة الغربية والقدس عن كثب.. وخيارات الدولة الأردنية مفتوحة». الرأي العام في حاجة لفهم الخيارات المفتوحة، فالصدام لم يعد حتمياً فحسب، بل أصبح وشيكاً للغاية – كما يقدر السياسي الدكتور ممدوح العبادي- وهو صدام ليس بين الرؤية الأردنية واليمين الإسرائيلي فحسب، لكن بين ذلك اليمين والمصالح الأساسية للأردن.
إشكالات جوهرية
بحذاقة وحذر، ولأن عمان استشعرت إشكالات جوهرية في الضفة الغربية مؤخراً، طرح وزير الخارجية أيمن الصفدي ورقة التواصل مع إيران، ثم قيل بعدم وجود ما يمنع استقبال الرئيس الإيراني في عمان، ثم طرح الوزير نفسه ورقة وأقنع حكومته بالحد من الاستفزازات في القدس تحديداً باللجوء إلى المحاكم الدولية، لا بل بتشكيل لجان قانونية ودبلوماسية خبيرة تولى حملة دولية في السياق. وحتى باللغة الأردنية النخبوية، فإن ما يحصل في غزة يخطط لأن يحصل الآن في الضفة الغربية. وبرأي سياسي خبير مخضرم مثل طاهر المصري، فإن ما يحصل هو تأطير وتنميط لصراع الدين والأيديولوجيا. في نقاش مع «القدس العربي» مؤخراً، عبر المصري عن خشيته بأن انعكاسات جرائم العدوان في غزة والغطاء الذي توفره بعض الدول الغربية له ينزلق بالمنطقة نحو صراع ديني، لعل القيادة الأردنية طوال الوقت تحذر منه ومن تداعياته الخطرة على جميع الأطراف جراء مغامرات الحكومة اليمينية الإسرائيلية التي وصفها علناً الوزير الصفدي مرتين على الأقل بأنها تقود المنطقة إلى صراع مفتوح بهوية دينية. عملياً، ما يخشاه الأردن علناً في الغرف المغلقة ها هو يحصل الآن، والتحذير الذي نقل للإدارة الأمريكية الحالية الضعيفة، أردنياً عدة مرات بعنوان «الانزلاق» لم يثمر إلا في جزئية توفير ضمانات عسكرية إضافية لحماية أمن واستقرار الأردن، بمعنى نمو الإحساس العام بأن الأمريكي مستعد لعزل الأردن عن تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، وإن كان ذلك يحصل بلا ضمانات حقيقية. لذلك، لاحظ المراقبون في جديد الضفة أن ما تسميه تل أبيب بالعملية العسكرية الموسعة في شمال الضفة الغربية، أعقبت بيومين أو ثلاثة فقط المشاورات التي أجراها رئيس أركان القوات الأمريكية المشتركة في تل أبيب وعمان.. هل ثمة رسالة أو إيحاء هنا؟
مخاطر التصعيد في الضفة
لا يمكن فهم المغزى والتلغيز بصورة مباشرة. لكن المحظور في التقارير الأردنية العميقة السابقة يحصل الآن في الجناح الغربي لضفة نهر الأردن، فالنطاق العملياتي الإسرائيلي يستند إلى صورة التدمير والقتل والترهيب في غزة في مشروع عسكري جديد لإخضاع أهل الضفة الغربية. وكما تنفذ حكومة اليمين سياسة حصار وتجويع وقصف في قطاع غزة، فهي تتبع نفس المسار الآن في جنين وطولكرم وطوباس، وجزئياً في أريحا والأغوار والخليل. بالمواصفة الأردنية، لم يعد ثمة مجال لإنكار مخاطر التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، خصوصاً بعد إدخال طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على نطاق عمليات أمنية في الضفة الغربية، وبعد ضربات إسرائيلية مقصودة تضعف السلطة الفلسطينية ورئيسها، فيما يراقب الأردني اليوم ما كان قد حذر منه قادة أساسيون في العمل السياسي الفلسطيني تحت عنوان قوننة التهجير وتنفيذه، ومن بينهم عباس زكي، وعضو الكنيست أيمن عودة. «القدس العربي» استمعت في عمان لزكي مرتين على الأقل مؤخراً وهو يقترح على شخصيات أردنية بأن عملية تحريك سكان الضفة والعبث بالديموغرافيا لم تعد خطة، بل خطة يجري تنفيذها في الواقع العملي. لذا، ما اقترحه زكي مثلاً على الدولة الأردنية، التصرف على هذا الأساس قبل صعود معادلة «كل الخيارات مفتوحة».
الاندفاع العسكري العنيف
الاندفاع العملياتي العسكري الأخير والعنيف في مدن شمال الضفة الغربية يفتح قسراً الخيارات الأردنية، لكن لا أحد يعلم بعد في أي اتجاه وعلى أي أساس، خصوصاً بعد تراكم قناعات المؤسسات السيادية في عمان بأن الانفلات الأمني في الضفة الغربية وبروز عناصر صراع أيديولوجي ديني، كلها مؤشرات في مجملها تقنع المؤسسة الأردنية بأن الخطر فعلاً داهم ووشيك. وما يزيد في التعقيدات هو قناعة القرار الأردني بعد الآن بأن اليمين الإسرائيلي لا ضابط له، وبأن بقايا الدولة العميقة في الكيان لم يعد من الممكن الاستفادة منها في ظل جنوح المجتمع الإسرائيلي برمته نحو اليمين، وفي ظل ما وصفه أيمن عودة يوماً وسط الأردنيين بأنه اعتقاد راسخ لليمين الأصولي الديني المتطرف بأن الظروف مواتية للسيطرة وحسم الصراع. التطورات في الضفة الغربية مقلقة جداً. وبعدما تقتحم أو تحطم أو تحاول كسر بوابة الحدود الأردنية، وحصراً في الأغوار، فلا أحد يعلم أين ستتجه بوصلة الخيار ومقتضيات الاشتباك؛ لأن أي مجاملة حكومية بعد الآن للعبث الأمريكي والدولي في مسألة استيعاب نتائج الاعتداء الإسرائيلي في الضفة الغربية قد تخلق وتنتج وضعاً مضطرباً للغاية داخل الأردن.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - مجدداً يلح السؤال الأردني العتيق وفجأة يصبح أكثر إلحاحاً: ما الذي ينبغي للدولة الأردنية أن تفعله في مواجهة الدراما الإنسانية والسياسية، لا بل والديمغرافية المتوقعة على الضفة الغربية للنهر؟ كثيرون على المستوى السياسي الرسمي حاولوا التسلل بعيداً عن الحاجة للإجابة عن هذا السؤال، لكن مسار التسلل لم يعد يكفي. الخطر الذي يتقمص في الضفة الغربية عبارة ملكية أردنية معروفة منذ سنوات تحذر من «انهيار الوضع القانوني» لم يعد يطرق الأبواب فقط حتى برأي الخبير الاستراتيجي والعسكري الفريق المتقاعد قاصد محمود، كما سمعته «القدس العربي» بل إن الخطر – إذا ما أصرت حكومة اليمين الإسرائيلي على نقل سيناريو غزة إلى الضفة الغربية – قد يكسر الأبواب أو يقتحمها ولا يطرق عليها فقط. مبكراً، قبل 10 أيام، أعلنها الملك عبد الله الثاني شخصياً وفقاً لإعلاميين وصحافيين التقاهم: «نراقب الوضع في الضفة الغربية والقدس عن كثب.. وخيارات الدولة الأردنية مفتوحة». الرأي العام في حاجة لفهم الخيارات المفتوحة، فالصدام لم يعد حتمياً فحسب، بل أصبح وشيكاً للغاية – كما يقدر السياسي الدكتور ممدوح العبادي- وهو صدام ليس بين الرؤية الأردنية واليمين الإسرائيلي فحسب، لكن بين ذلك اليمين والمصالح الأساسية للأردن.
إشكالات جوهرية
بحذاقة وحذر، ولأن عمان استشعرت إشكالات جوهرية في الضفة الغربية مؤخراً، طرح وزير الخارجية أيمن الصفدي ورقة التواصل مع إيران، ثم قيل بعدم وجود ما يمنع استقبال الرئيس الإيراني في عمان، ثم طرح الوزير نفسه ورقة وأقنع حكومته بالحد من الاستفزازات في القدس تحديداً باللجوء إلى المحاكم الدولية، لا بل بتشكيل لجان قانونية ودبلوماسية خبيرة تولى حملة دولية في السياق. وحتى باللغة الأردنية النخبوية، فإن ما يحصل في غزة يخطط لأن يحصل الآن في الضفة الغربية. وبرأي سياسي خبير مخضرم مثل طاهر المصري، فإن ما يحصل هو تأطير وتنميط لصراع الدين والأيديولوجيا. في نقاش مع «القدس العربي» مؤخراً، عبر المصري عن خشيته بأن انعكاسات جرائم العدوان في غزة والغطاء الذي توفره بعض الدول الغربية له ينزلق بالمنطقة نحو صراع ديني، لعل القيادة الأردنية طوال الوقت تحذر منه ومن تداعياته الخطرة على جميع الأطراف جراء مغامرات الحكومة اليمينية الإسرائيلية التي وصفها علناً الوزير الصفدي مرتين على الأقل بأنها تقود المنطقة إلى صراع مفتوح بهوية دينية. عملياً، ما يخشاه الأردن علناً في الغرف المغلقة ها هو يحصل الآن، والتحذير الذي نقل للإدارة الأمريكية الحالية الضعيفة، أردنياً عدة مرات بعنوان «الانزلاق» لم يثمر إلا في جزئية توفير ضمانات عسكرية إضافية لحماية أمن واستقرار الأردن، بمعنى نمو الإحساس العام بأن الأمريكي مستعد لعزل الأردن عن تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، وإن كان ذلك يحصل بلا ضمانات حقيقية. لذلك، لاحظ المراقبون في جديد الضفة أن ما تسميه تل أبيب بالعملية العسكرية الموسعة في شمال الضفة الغربية، أعقبت بيومين أو ثلاثة فقط المشاورات التي أجراها رئيس أركان القوات الأمريكية المشتركة في تل أبيب وعمان.. هل ثمة رسالة أو إيحاء هنا؟
مخاطر التصعيد في الضفة
لا يمكن فهم المغزى والتلغيز بصورة مباشرة. لكن المحظور في التقارير الأردنية العميقة السابقة يحصل الآن في الجناح الغربي لضفة نهر الأردن، فالنطاق العملياتي الإسرائيلي يستند إلى صورة التدمير والقتل والترهيب في غزة في مشروع عسكري جديد لإخضاع أهل الضفة الغربية. وكما تنفذ حكومة اليمين سياسة حصار وتجويع وقصف في قطاع غزة، فهي تتبع نفس المسار الآن في جنين وطولكرم وطوباس، وجزئياً في أريحا والأغوار والخليل. بالمواصفة الأردنية، لم يعد ثمة مجال لإنكار مخاطر التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، خصوصاً بعد إدخال طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على نطاق عمليات أمنية في الضفة الغربية، وبعد ضربات إسرائيلية مقصودة تضعف السلطة الفلسطينية ورئيسها، فيما يراقب الأردني اليوم ما كان قد حذر منه قادة أساسيون في العمل السياسي الفلسطيني تحت عنوان قوننة التهجير وتنفيذه، ومن بينهم عباس زكي، وعضو الكنيست أيمن عودة. «القدس العربي» استمعت في عمان لزكي مرتين على الأقل مؤخراً وهو يقترح على شخصيات أردنية بأن عملية تحريك سكان الضفة والعبث بالديموغرافيا لم تعد خطة، بل خطة يجري تنفيذها في الواقع العملي. لذا، ما اقترحه زكي مثلاً على الدولة الأردنية، التصرف على هذا الأساس قبل صعود معادلة «كل الخيارات مفتوحة».
الاندفاع العسكري العنيف
الاندفاع العملياتي العسكري الأخير والعنيف في مدن شمال الضفة الغربية يفتح قسراً الخيارات الأردنية، لكن لا أحد يعلم بعد في أي اتجاه وعلى أي أساس، خصوصاً بعد تراكم قناعات المؤسسات السيادية في عمان بأن الانفلات الأمني في الضفة الغربية وبروز عناصر صراع أيديولوجي ديني، كلها مؤشرات في مجملها تقنع المؤسسة الأردنية بأن الخطر فعلاً داهم ووشيك. وما يزيد في التعقيدات هو قناعة القرار الأردني بعد الآن بأن اليمين الإسرائيلي لا ضابط له، وبأن بقايا الدولة العميقة في الكيان لم يعد من الممكن الاستفادة منها في ظل جنوح المجتمع الإسرائيلي برمته نحو اليمين، وفي ظل ما وصفه أيمن عودة يوماً وسط الأردنيين بأنه اعتقاد راسخ لليمين الأصولي الديني المتطرف بأن الظروف مواتية للسيطرة وحسم الصراع. التطورات في الضفة الغربية مقلقة جداً. وبعدما تقتحم أو تحطم أو تحاول كسر بوابة الحدود الأردنية، وحصراً في الأغوار، فلا أحد يعلم أين ستتجه بوصلة الخيار ومقتضيات الاشتباك؛ لأن أي مجاملة حكومية بعد الآن للعبث الأمريكي والدولي في مسألة استيعاب نتائج الاعتداء الإسرائيلي في الضفة الغربية قد تخلق وتنتج وضعاً مضطرباً للغاية داخل الأردن.
«القدس العربي»
التعليقات
جديد قراءة الأردن لمشهد الضفة الغربية: التسلل لم يعد خياراً والخطر لا يطرق الأبواب فحسب بل «قد يقتحمها»
التعليقات