عمان جو - بسام البدارين - «يمين أردني» عقائدي في مواجهة «أطماع» يمين إسرائيل في البلاد. تلك هي الخلاصة التي يمكن تأملها سياسياً في حال اعتمدت نتائج الانتخابات التي انتهت مساء الثلاثاء وظهرت غالبية نتائجها مساء الأربعاء بإعلان صريح على «تصدر» مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي بعد حملة انتخابية شرسة عنوانها العريض «طوفان الأقصى» ورمز «المثلث» القسامي الشهير، لكن بلونه «الأخضر» بدلاً من «الأحمر». عملياً، بعد إعلان أكبر أحزاب المعارضة عن فوزه بثقة أكثر نحو نصف مليون ناخب بقائمتيه العامة والمحلية، يصبح السؤال السياسي الأهم إجبارياً على كل من قرأ أو راقب أو حلل: ما هو صنف الحكومة التي ستكلف قريباً بإدارة العلاقة مع برلمان «تحديثي» بنكهة الإسلاميين تسيطر على الأغلبية فيه كتلة صلبة تتبع جبهة العمل الإسلامي؟ ذلك بكل حال سؤال سابق لأوانه، لكن طرحه يفترض بأن المطلوب الآن وبإلحاح «رئيس وزراء» من طراز خاص من خارج النادي التقليدي يستطيع «الاختراق» مع الإسلاميين، لا بل قريب منهم وقادر على إنضاج «صفقة تعايش بين السلطتين» معهم. وتلك «مواصفة» غير متوفرة، حتى اللحظة، إلا بعدد محدود جداً من الشخصيات المؤهلة والمرجحة، وهي على الأرجح لا تطابق أسماء يتم ترديدها منذ أسابيع من داخل النادي التقليدي. الأهم من ذلك هو سؤال إضافي تفرضه إيقاعات تمكن الإسلاميين من حصد 32 مقعداً في برلمان 2024 بحيث يشكلون – إذا صادقت الهيئة المعنية على النتائج – «كتلة الأغلبية»: ما هو نوع «الشراكة» أو الصفقة التي يمكن تأسيسها للتعاون لاحقاً «بين الدولة والإسلاميين» تحت عناوين «العلاقة بين السلطتين»..
سؤالان ملحان
ما هو الثمن من الجانبين؟ والسؤال الثاني أيضاً مبكر وليس سراً، أن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد عضايلة، استبقه بدعوة علنية قبل الانتخابات بيومين دعا فيها «الدولة الأردنية» لـ «جمع أبنائها» معاً بهدف الدفاع عن المملكة والتصدي للأطماع الصهيونية، كما وصف قبل أن ينضم السفير المخضرم الدكتور موسى بريزات، وهو يتحدث مع «القدس العربي» عن ضرورة احتشاد الأردنيين معاً لمواجهة «مخاطر اللحظة». قد لا تشكل نتائج الانتخابات التي «صدمت» غالبية الأوساط بموجب تصدر، لا بل اجتياح الإسلاميين لغالبية مقاعد البرلمان الجديد أي سياق «استجابة» لدعوة الشيخ العضايلة.
كيف تقدم الإسلاميون في الاقتراع على وقع طبول الحرب؟
لكن الأخير «يقصدها تماماً» وقد فهمت «القدس العربي» مباشرة منه عدة مرات أن الطريقة الأمثل لحماية الدولة والتصدي للمخاطر تتمثل في عمل المؤسسات مع الشارع وقواه وبأسرع وقت ممكن وبلا تردد. وسبق للعضايلة أن أعلن بأن الحركة الإسلامية لا تسعى لـ «المغالبة» في السياق الانتخابي، لكنها حصلت على الأغلبية التي لا تشكل خطراً في الواقع على «الحالة الرسمية المستقرة»؛ لأن التفاضل العددي في عدد الناجحين انتخابياً لصالح تيارات الوسط والموالاة وإن كان «تجميع» هؤلاء معاً بكتلة واحدة تياراتية تحت القبة تتصدى لـ «نفوذ الزملاء الإسلاميين، هي «مهمة «معقدة» وتحتاج إلى وقت وتدخل وهندسة، والأهم إلى «نوعيات مختلفة» أكثر اجتهاداً وحرصاً على «التشريع والرقابة» من نواب الوسط أو الموالاة. هنا، ما فعله الإسلاميون حصراً وهم يخاطبون انتخابياً بذكاء «شعور الأردنيين بمخاطر التعايش مع إسرائيل» أنهم لجأوا إلى سلسلة من الجمل التكتيكية المنتجة التي سمح لها بالعبور والإنتاجية بقرار مرجعي بتنظيم «انتخابات نظيفة تماماً» تحدث عنه مرات لـ «القدس العربي» حتى قادة أحزاب منافسة، مثل أحمد الصفدي والدكتور محمد المومني وغيرهما. ويعني ذلك أن التيار الإسلامي «تسلل» ومارس عملية «عبور ذكية ومنتجة» في العمق الانتخابي، ليس بسبب جدارته فقط أو بسبب زحف ونمو الإطار الشعبي المساند للمقاومة الفلسطينية حصرياً، ولكن أيضاً بسبب تطبيق قواعد اشتباك تقررت مرجعياً بعنوان «انتخابات نزيهة حقاً» حتى لو تطلب الأمر «المجازفة» بكتلة إسلاميين متماسكة وصلبة تحت قبة سلطة التشريع. طوال الوقت وقبل أسابيع من «يوم الاقتراع» كان جميع المنشغلين يتحدثون عن «توجيهات مرجعية عليا» لا تقبل الالتباس بأن لا تشهد الانتخابات «أي تدخل رسمي». وطوال الوقت، أخذت مراكز صنع القرار السيادي علماً بالحقيقة «الاستطلاعية» الرقمية التي قالت لأصحاب القرار فقط وبسرية كبيرة إن «62٪» من الأردنيين يميلون إلى «الإسلام السياسي» في التعبير الانتخابي. رغم تلك الاستطلاع المغلقة، كان القرار المرجعي بانتخابات خالية من «الهندسة» يوم الاقتراع ومن أي تدخل بكل مراحلها، بصرف النظر عن «النتائج». والسبب المؤسسي على الأرجح ما افترضه تحليلياً الناشط الحقوقي البارز عاصم العمري، عندما طالب عبر «القدس العربي» مرتين بإظهار حرص وطني على «استعادة سمعة الانتخابات ومصداقيتها» على الأقل من أجل «إنجاح» مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
خيارات الدولة
وفي الإجابة عن سؤال «كيف ولماذا فاز الإسلاميون بهذا الحجم؟» لا بد من الحفر أعمق قليلاً في بعض تفاصيل «الاحتياجات الملحة» لخيارات الدولة قبل الانتخابات، وعلى رأسها «إظهار جدية» في مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد حصراً قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ تجنباً لـ «مزالق» الخطاب المدني إذا فاز الديمقراطيون ولكمائن الجمهوريين إذا فاز دونالد ترامب. بالتوازي، لا يوجد اقتصادياً ما تشتري به الحكومة «السلام الاجتماعي» والمرحلة المقبلة حرجة وحساسة وطنياً وفلسطينياً، و«تنفيس الإسلاميين» بإدخالهم من بوابة الانتخابات «مفيد للغاية» خلافاً لأن مسار التحديث السياسي للدولة أصبح استراتيجية عمل من المستحيل نجاحها بدون التيار الإسلامي. هذه المعادلة الثنائية – احتياجات الدولة العميقة المرحلية، وتطلعات الإسلاميين في الشراكة- هي التي تكرست بصورة مرجحة في المعطيات الانتخابية الأردنية التي أظهرت «متغيراً» في غاية الأهمية على الأقل من حيث النتائج التي لم تصبح بعد قطعية، وفكرته أن «الحالة الرسمية تحتمل وجوداً قوياً للإسلاميين» في البرلمان. والتيار الإسلامي لديه مرونة وقابلية للعودة إلى «قواعد اللعب مع الدولة». ذلك يعني درباً حتمياً نحو «ترتيبات» أو «صفقة» في مرحلة مستقبلية بعد استقرار البرلمان الجديد. أول عنصر في ملامح تلك الصفقة سيكون حتماً هوية رئيس الوزراء الجديد. وآخر محتوى لها يعيد التذكير ببعض «الرسائل المهمة» وخصوصاً للأمريكيين والإسرائيليين بأن في الأردن أيضاً وفي عمقه حاضنة شعبية لـ«يمين وطني» لديه كلمة «ديمقراطية» وينجح على أساس «التصدي لليمين الإسرائيلي».
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - «يمين أردني» عقائدي في مواجهة «أطماع» يمين إسرائيل في البلاد. تلك هي الخلاصة التي يمكن تأملها سياسياً في حال اعتمدت نتائج الانتخابات التي انتهت مساء الثلاثاء وظهرت غالبية نتائجها مساء الأربعاء بإعلان صريح على «تصدر» مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي بعد حملة انتخابية شرسة عنوانها العريض «طوفان الأقصى» ورمز «المثلث» القسامي الشهير، لكن بلونه «الأخضر» بدلاً من «الأحمر». عملياً، بعد إعلان أكبر أحزاب المعارضة عن فوزه بثقة أكثر نحو نصف مليون ناخب بقائمتيه العامة والمحلية، يصبح السؤال السياسي الأهم إجبارياً على كل من قرأ أو راقب أو حلل: ما هو صنف الحكومة التي ستكلف قريباً بإدارة العلاقة مع برلمان «تحديثي» بنكهة الإسلاميين تسيطر على الأغلبية فيه كتلة صلبة تتبع جبهة العمل الإسلامي؟ ذلك بكل حال سؤال سابق لأوانه، لكن طرحه يفترض بأن المطلوب الآن وبإلحاح «رئيس وزراء» من طراز خاص من خارج النادي التقليدي يستطيع «الاختراق» مع الإسلاميين، لا بل قريب منهم وقادر على إنضاج «صفقة تعايش بين السلطتين» معهم. وتلك «مواصفة» غير متوفرة، حتى اللحظة، إلا بعدد محدود جداً من الشخصيات المؤهلة والمرجحة، وهي على الأرجح لا تطابق أسماء يتم ترديدها منذ أسابيع من داخل النادي التقليدي. الأهم من ذلك هو سؤال إضافي تفرضه إيقاعات تمكن الإسلاميين من حصد 32 مقعداً في برلمان 2024 بحيث يشكلون – إذا صادقت الهيئة المعنية على النتائج – «كتلة الأغلبية»: ما هو نوع «الشراكة» أو الصفقة التي يمكن تأسيسها للتعاون لاحقاً «بين الدولة والإسلاميين» تحت عناوين «العلاقة بين السلطتين»..
سؤالان ملحان
ما هو الثمن من الجانبين؟ والسؤال الثاني أيضاً مبكر وليس سراً، أن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد عضايلة، استبقه بدعوة علنية قبل الانتخابات بيومين دعا فيها «الدولة الأردنية» لـ «جمع أبنائها» معاً بهدف الدفاع عن المملكة والتصدي للأطماع الصهيونية، كما وصف قبل أن ينضم السفير المخضرم الدكتور موسى بريزات، وهو يتحدث مع «القدس العربي» عن ضرورة احتشاد الأردنيين معاً لمواجهة «مخاطر اللحظة». قد لا تشكل نتائج الانتخابات التي «صدمت» غالبية الأوساط بموجب تصدر، لا بل اجتياح الإسلاميين لغالبية مقاعد البرلمان الجديد أي سياق «استجابة» لدعوة الشيخ العضايلة.
كيف تقدم الإسلاميون في الاقتراع على وقع طبول الحرب؟
لكن الأخير «يقصدها تماماً» وقد فهمت «القدس العربي» مباشرة منه عدة مرات أن الطريقة الأمثل لحماية الدولة والتصدي للمخاطر تتمثل في عمل المؤسسات مع الشارع وقواه وبأسرع وقت ممكن وبلا تردد. وسبق للعضايلة أن أعلن بأن الحركة الإسلامية لا تسعى لـ «المغالبة» في السياق الانتخابي، لكنها حصلت على الأغلبية التي لا تشكل خطراً في الواقع على «الحالة الرسمية المستقرة»؛ لأن التفاضل العددي في عدد الناجحين انتخابياً لصالح تيارات الوسط والموالاة وإن كان «تجميع» هؤلاء معاً بكتلة واحدة تياراتية تحت القبة تتصدى لـ «نفوذ الزملاء الإسلاميين، هي «مهمة «معقدة» وتحتاج إلى وقت وتدخل وهندسة، والأهم إلى «نوعيات مختلفة» أكثر اجتهاداً وحرصاً على «التشريع والرقابة» من نواب الوسط أو الموالاة. هنا، ما فعله الإسلاميون حصراً وهم يخاطبون انتخابياً بذكاء «شعور الأردنيين بمخاطر التعايش مع إسرائيل» أنهم لجأوا إلى سلسلة من الجمل التكتيكية المنتجة التي سمح لها بالعبور والإنتاجية بقرار مرجعي بتنظيم «انتخابات نظيفة تماماً» تحدث عنه مرات لـ «القدس العربي» حتى قادة أحزاب منافسة، مثل أحمد الصفدي والدكتور محمد المومني وغيرهما. ويعني ذلك أن التيار الإسلامي «تسلل» ومارس عملية «عبور ذكية ومنتجة» في العمق الانتخابي، ليس بسبب جدارته فقط أو بسبب زحف ونمو الإطار الشعبي المساند للمقاومة الفلسطينية حصرياً، ولكن أيضاً بسبب تطبيق قواعد اشتباك تقررت مرجعياً بعنوان «انتخابات نزيهة حقاً» حتى لو تطلب الأمر «المجازفة» بكتلة إسلاميين متماسكة وصلبة تحت قبة سلطة التشريع. طوال الوقت وقبل أسابيع من «يوم الاقتراع» كان جميع المنشغلين يتحدثون عن «توجيهات مرجعية عليا» لا تقبل الالتباس بأن لا تشهد الانتخابات «أي تدخل رسمي». وطوال الوقت، أخذت مراكز صنع القرار السيادي علماً بالحقيقة «الاستطلاعية» الرقمية التي قالت لأصحاب القرار فقط وبسرية كبيرة إن «62٪» من الأردنيين يميلون إلى «الإسلام السياسي» في التعبير الانتخابي. رغم تلك الاستطلاع المغلقة، كان القرار المرجعي بانتخابات خالية من «الهندسة» يوم الاقتراع ومن أي تدخل بكل مراحلها، بصرف النظر عن «النتائج». والسبب المؤسسي على الأرجح ما افترضه تحليلياً الناشط الحقوقي البارز عاصم العمري، عندما طالب عبر «القدس العربي» مرتين بإظهار حرص وطني على «استعادة سمعة الانتخابات ومصداقيتها» على الأقل من أجل «إنجاح» مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
خيارات الدولة
وفي الإجابة عن سؤال «كيف ولماذا فاز الإسلاميون بهذا الحجم؟» لا بد من الحفر أعمق قليلاً في بعض تفاصيل «الاحتياجات الملحة» لخيارات الدولة قبل الانتخابات، وعلى رأسها «إظهار جدية» في مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد حصراً قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ تجنباً لـ «مزالق» الخطاب المدني إذا فاز الديمقراطيون ولكمائن الجمهوريين إذا فاز دونالد ترامب. بالتوازي، لا يوجد اقتصادياً ما تشتري به الحكومة «السلام الاجتماعي» والمرحلة المقبلة حرجة وحساسة وطنياً وفلسطينياً، و«تنفيس الإسلاميين» بإدخالهم من بوابة الانتخابات «مفيد للغاية» خلافاً لأن مسار التحديث السياسي للدولة أصبح استراتيجية عمل من المستحيل نجاحها بدون التيار الإسلامي. هذه المعادلة الثنائية – احتياجات الدولة العميقة المرحلية، وتطلعات الإسلاميين في الشراكة- هي التي تكرست بصورة مرجحة في المعطيات الانتخابية الأردنية التي أظهرت «متغيراً» في غاية الأهمية على الأقل من حيث النتائج التي لم تصبح بعد قطعية، وفكرته أن «الحالة الرسمية تحتمل وجوداً قوياً للإسلاميين» في البرلمان. والتيار الإسلامي لديه مرونة وقابلية للعودة إلى «قواعد اللعب مع الدولة». ذلك يعني درباً حتمياً نحو «ترتيبات» أو «صفقة» في مرحلة مستقبلية بعد استقرار البرلمان الجديد. أول عنصر في ملامح تلك الصفقة سيكون حتماً هوية رئيس الوزراء الجديد. وآخر محتوى لها يعيد التذكير ببعض «الرسائل المهمة» وخصوصاً للأمريكيين والإسرائيليين بأن في الأردن أيضاً وفي عمقه حاضنة شعبية لـ«يمين وطني» لديه كلمة «ديمقراطية» وينجح على أساس «التصدي لليمين الإسرائيلي».
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - «يمين أردني» عقائدي في مواجهة «أطماع» يمين إسرائيل في البلاد. تلك هي الخلاصة التي يمكن تأملها سياسياً في حال اعتمدت نتائج الانتخابات التي انتهت مساء الثلاثاء وظهرت غالبية نتائجها مساء الأربعاء بإعلان صريح على «تصدر» مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي بعد حملة انتخابية شرسة عنوانها العريض «طوفان الأقصى» ورمز «المثلث» القسامي الشهير، لكن بلونه «الأخضر» بدلاً من «الأحمر». عملياً، بعد إعلان أكبر أحزاب المعارضة عن فوزه بثقة أكثر نحو نصف مليون ناخب بقائمتيه العامة والمحلية، يصبح السؤال السياسي الأهم إجبارياً على كل من قرأ أو راقب أو حلل: ما هو صنف الحكومة التي ستكلف قريباً بإدارة العلاقة مع برلمان «تحديثي» بنكهة الإسلاميين تسيطر على الأغلبية فيه كتلة صلبة تتبع جبهة العمل الإسلامي؟ ذلك بكل حال سؤال سابق لأوانه، لكن طرحه يفترض بأن المطلوب الآن وبإلحاح «رئيس وزراء» من طراز خاص من خارج النادي التقليدي يستطيع «الاختراق» مع الإسلاميين، لا بل قريب منهم وقادر على إنضاج «صفقة تعايش بين السلطتين» معهم. وتلك «مواصفة» غير متوفرة، حتى اللحظة، إلا بعدد محدود جداً من الشخصيات المؤهلة والمرجحة، وهي على الأرجح لا تطابق أسماء يتم ترديدها منذ أسابيع من داخل النادي التقليدي. الأهم من ذلك هو سؤال إضافي تفرضه إيقاعات تمكن الإسلاميين من حصد 32 مقعداً في برلمان 2024 بحيث يشكلون – إذا صادقت الهيئة المعنية على النتائج – «كتلة الأغلبية»: ما هو نوع «الشراكة» أو الصفقة التي يمكن تأسيسها للتعاون لاحقاً «بين الدولة والإسلاميين» تحت عناوين «العلاقة بين السلطتين»..
سؤالان ملحان
ما هو الثمن من الجانبين؟ والسؤال الثاني أيضاً مبكر وليس سراً، أن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد عضايلة، استبقه بدعوة علنية قبل الانتخابات بيومين دعا فيها «الدولة الأردنية» لـ «جمع أبنائها» معاً بهدف الدفاع عن المملكة والتصدي للأطماع الصهيونية، كما وصف قبل أن ينضم السفير المخضرم الدكتور موسى بريزات، وهو يتحدث مع «القدس العربي» عن ضرورة احتشاد الأردنيين معاً لمواجهة «مخاطر اللحظة». قد لا تشكل نتائج الانتخابات التي «صدمت» غالبية الأوساط بموجب تصدر، لا بل اجتياح الإسلاميين لغالبية مقاعد البرلمان الجديد أي سياق «استجابة» لدعوة الشيخ العضايلة.
كيف تقدم الإسلاميون في الاقتراع على وقع طبول الحرب؟
لكن الأخير «يقصدها تماماً» وقد فهمت «القدس العربي» مباشرة منه عدة مرات أن الطريقة الأمثل لحماية الدولة والتصدي للمخاطر تتمثل في عمل المؤسسات مع الشارع وقواه وبأسرع وقت ممكن وبلا تردد. وسبق للعضايلة أن أعلن بأن الحركة الإسلامية لا تسعى لـ «المغالبة» في السياق الانتخابي، لكنها حصلت على الأغلبية التي لا تشكل خطراً في الواقع على «الحالة الرسمية المستقرة»؛ لأن التفاضل العددي في عدد الناجحين انتخابياً لصالح تيارات الوسط والموالاة وإن كان «تجميع» هؤلاء معاً بكتلة واحدة تياراتية تحت القبة تتصدى لـ «نفوذ الزملاء الإسلاميين، هي «مهمة «معقدة» وتحتاج إلى وقت وتدخل وهندسة، والأهم إلى «نوعيات مختلفة» أكثر اجتهاداً وحرصاً على «التشريع والرقابة» من نواب الوسط أو الموالاة. هنا، ما فعله الإسلاميون حصراً وهم يخاطبون انتخابياً بذكاء «شعور الأردنيين بمخاطر التعايش مع إسرائيل» أنهم لجأوا إلى سلسلة من الجمل التكتيكية المنتجة التي سمح لها بالعبور والإنتاجية بقرار مرجعي بتنظيم «انتخابات نظيفة تماماً» تحدث عنه مرات لـ «القدس العربي» حتى قادة أحزاب منافسة، مثل أحمد الصفدي والدكتور محمد المومني وغيرهما. ويعني ذلك أن التيار الإسلامي «تسلل» ومارس عملية «عبور ذكية ومنتجة» في العمق الانتخابي، ليس بسبب جدارته فقط أو بسبب زحف ونمو الإطار الشعبي المساند للمقاومة الفلسطينية حصرياً، ولكن أيضاً بسبب تطبيق قواعد اشتباك تقررت مرجعياً بعنوان «انتخابات نزيهة حقاً» حتى لو تطلب الأمر «المجازفة» بكتلة إسلاميين متماسكة وصلبة تحت قبة سلطة التشريع. طوال الوقت وقبل أسابيع من «يوم الاقتراع» كان جميع المنشغلين يتحدثون عن «توجيهات مرجعية عليا» لا تقبل الالتباس بأن لا تشهد الانتخابات «أي تدخل رسمي». وطوال الوقت، أخذت مراكز صنع القرار السيادي علماً بالحقيقة «الاستطلاعية» الرقمية التي قالت لأصحاب القرار فقط وبسرية كبيرة إن «62٪» من الأردنيين يميلون إلى «الإسلام السياسي» في التعبير الانتخابي. رغم تلك الاستطلاع المغلقة، كان القرار المرجعي بانتخابات خالية من «الهندسة» يوم الاقتراع ومن أي تدخل بكل مراحلها، بصرف النظر عن «النتائج». والسبب المؤسسي على الأرجح ما افترضه تحليلياً الناشط الحقوقي البارز عاصم العمري، عندما طالب عبر «القدس العربي» مرتين بإظهار حرص وطني على «استعادة سمعة الانتخابات ومصداقيتها» على الأقل من أجل «إنجاح» مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
خيارات الدولة
وفي الإجابة عن سؤال «كيف ولماذا فاز الإسلاميون بهذا الحجم؟» لا بد من الحفر أعمق قليلاً في بعض تفاصيل «الاحتياجات الملحة» لخيارات الدولة قبل الانتخابات، وعلى رأسها «إظهار جدية» في مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد حصراً قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ تجنباً لـ «مزالق» الخطاب المدني إذا فاز الديمقراطيون ولكمائن الجمهوريين إذا فاز دونالد ترامب. بالتوازي، لا يوجد اقتصادياً ما تشتري به الحكومة «السلام الاجتماعي» والمرحلة المقبلة حرجة وحساسة وطنياً وفلسطينياً، و«تنفيس الإسلاميين» بإدخالهم من بوابة الانتخابات «مفيد للغاية» خلافاً لأن مسار التحديث السياسي للدولة أصبح استراتيجية عمل من المستحيل نجاحها بدون التيار الإسلامي. هذه المعادلة الثنائية – احتياجات الدولة العميقة المرحلية، وتطلعات الإسلاميين في الشراكة- هي التي تكرست بصورة مرجحة في المعطيات الانتخابية الأردنية التي أظهرت «متغيراً» في غاية الأهمية على الأقل من حيث النتائج التي لم تصبح بعد قطعية، وفكرته أن «الحالة الرسمية تحتمل وجوداً قوياً للإسلاميين» في البرلمان. والتيار الإسلامي لديه مرونة وقابلية للعودة إلى «قواعد اللعب مع الدولة». ذلك يعني درباً حتمياً نحو «ترتيبات» أو «صفقة» في مرحلة مستقبلية بعد استقرار البرلمان الجديد. أول عنصر في ملامح تلك الصفقة سيكون حتماً هوية رئيس الوزراء الجديد. وآخر محتوى لها يعيد التذكير ببعض «الرسائل المهمة» وخصوصاً للأمريكيين والإسرائيليين بأن في الأردن أيضاً وفي عمقه حاضنة شعبية لـ«يمين وطني» لديه كلمة «ديمقراطية» وينجح على أساس «التصدي لليمين الإسرائيلي».
«القدس العربي»
التعليقات
قراءة في انتخابات الأردن: هل اشترت الدولة «السلام الاجتماعي»؟… «يمين» أردني مقابل تطرف «إسرائيلي»
التعليقات