عمان جو - عبدالهادي راجي المجالي
في الأزمات المرورية التي تعصف بالشوارع في عمان , تقلب مفتاح المذياع كي تستمتع للمحطات المحلية , ليس هروبا من جدية (البي بي سي) وإلتزامها , بل لأجل التغيير فقط .
منذ أن وعيت على العمر وأنا أستمع لبرامج تحمل أسماء مثل :- (ذاكرة إذاعة) وهذا البرنامج , عرض قبل فترة أول لقاء مع الراحل جمال عبدالناصر , تحدث فيه باللغة الإنجليزية وبطلاقة , كما عرض أول نشرة أخبار بثت سنة (1938) وأول لقاء مع الفنانة أم كلثوم ...
أستمع أيضا لبرنامج (همزة وصل) ...أو (السياسة بين السائل والمجيب ), وفي هذا البرنامج يتدخل عمالقة (الهيرالد تريبيون) للإجابة عن أسئلة الناس من شتى بقاع العالم ...
لاحظوا أسماء البرامج في البي بي سي :- همزة وصل , نقطة حوار , السياسة بين السائل والمجيب ,دردشات ليلية , المشهد ,حديث الساعة .
إذاعة (مونتي كارلو) تحمل نفس الإلتزام , ونفس الإحترام لعقل المستمع فأنا ما زلت أذكر الإعلامية اللبنانية (غابي لطيف) في برنامجها الوجه الاخر , والذي إستضافت فيه الفنانة فيروز ...مازلت أذكر , طريقتها وحجم إطلاعها ..وكيف جاء إلى مائدتها , كبار المثقفين , والمشاهير ...للعلم (غابي لطيف) هي خريجة السوربون وعملت في الإعلام اللبناني قبل أن تنتقل (لمونتي كارلو) .
إذاعاتنا المحلية , عالم اخر مختلف جدا ..فالبرامج التي تعرض :- باسماء غريبة أنا لا أعرف سبب او أصل تلك التسميات , كل ما أعرفه ..هو أنها مصطلحات عامة قليلا من المعيب إستخدامها كإسم لبرنامج إذاعي ... .القصة ليست إستماع فهناك تلوث بصري أيضا فأنا حين أعبر عمان وأرى تلك اللوحات , المزروعة في الشوارع , لوجوه واسماء لا نعرفها أشعر بالألم ...كي تسمح مدينة لنفسها أن تعلق إعلانا لبرنامج باسم غريب في كل شوارعها , ولا تكتب حتى على جدرانها أو على أرصفتها ما قاله سعيد عقل عنها :- ( في حجم بعض الورد إلا أنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا) ...كيف تسمح بنشر صور لمذيع مغمور مع إسم برنامجه , وتنسى أجمل ما كتبه حيدر محمود فيها :- ( أرخت عمان جدائلها بين الكتفين ...) ..
كيف تسمح مدينة , أن تحتل تلك اللوحات جسورها , وجدرانها وكل فراغ فيها ..بأسماء بعيدة عن عروبتها وإلتزامها , وتنسى ...ما قاله وصفي التل ذات يوم من دار رئاستها التي تعرضت للتفجير والحصار والقصف وكانت رمزا لجبروت الأردني وصبره ..كي تنسى ما قاله وصفي التل :- (اللي ما بقبل البلد بضيقها البلد ما بتقبلوا برخاها) ...
أنا ألوم امين عمان عقل بلتاجي صديقنا , فهو من جيل عاصر بناء الدولة , وعاصر بناء الإلتزام فيها , وكان يعرف جيدا ..ماذا تعني الإذاعة الأردنية , في العام (1971) حين بث مروان دودين خبر إستشهاد وصفي التل ..عبر أثير الإذاعة بلغة عربية رصينة , وبكلمات أقل ما يقال فيها أنها بلاغة الدم والموقف والوطن ...
من جيل ما زال يحفظ البيان الذي كتبه صلاح أبو زيد حين أستشهد هزاع المجالي في مبنى الرئاسة وكيف صدح صوته في الإذاعة :- بورك الدم يا كرك , بورك الدم يا خليل ..بورك الدم يا سلط بورك الدم يا نابلس ...
أنا ألوم عقل بلتاجي , فدم أولاده هو ذات الدم الذي سرى في عروق أهم شعراء الأردن والذي طوع اللغة العربية , كي تكون بندقية تدافع عن العشاق والوطن ..والناس وما فتحنا كتابا في المرحلة الإبتدائية ...إلا وكانت قصائد حسني فريز دروسا في فنون النحو والبلاغة ...وحسني هو جد أولاده .
هل نختصر كل هذا التاريخ , كي نملا شوارع عمان بإعلانات لبرامج لا نعرف من اي قاموس نحتت اسماؤها هل هكذا نترجم إحترامنا للغة القران ...ولغة الحب والحياة , أنا لا ألوم دائرة الإعلانات في أمانة عمان بل ألوم هيئة المرئي والمسموع أيضا , فقد كتبنا لها كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادي ..
عمان جو - عبدالهادي راجي المجالي
في الأزمات المرورية التي تعصف بالشوارع في عمان , تقلب مفتاح المذياع كي تستمتع للمحطات المحلية , ليس هروبا من جدية (البي بي سي) وإلتزامها , بل لأجل التغيير فقط .
منذ أن وعيت على العمر وأنا أستمع لبرامج تحمل أسماء مثل :- (ذاكرة إذاعة) وهذا البرنامج , عرض قبل فترة أول لقاء مع الراحل جمال عبدالناصر , تحدث فيه باللغة الإنجليزية وبطلاقة , كما عرض أول نشرة أخبار بثت سنة (1938) وأول لقاء مع الفنانة أم كلثوم ...
أستمع أيضا لبرنامج (همزة وصل) ...أو (السياسة بين السائل والمجيب ), وفي هذا البرنامج يتدخل عمالقة (الهيرالد تريبيون) للإجابة عن أسئلة الناس من شتى بقاع العالم ...
لاحظوا أسماء البرامج في البي بي سي :- همزة وصل , نقطة حوار , السياسة بين السائل والمجيب ,دردشات ليلية , المشهد ,حديث الساعة .
إذاعة (مونتي كارلو) تحمل نفس الإلتزام , ونفس الإحترام لعقل المستمع فأنا ما زلت أذكر الإعلامية اللبنانية (غابي لطيف) في برنامجها الوجه الاخر , والذي إستضافت فيه الفنانة فيروز ...مازلت أذكر , طريقتها وحجم إطلاعها ..وكيف جاء إلى مائدتها , كبار المثقفين , والمشاهير ...للعلم (غابي لطيف) هي خريجة السوربون وعملت في الإعلام اللبناني قبل أن تنتقل (لمونتي كارلو) .
إذاعاتنا المحلية , عالم اخر مختلف جدا ..فالبرامج التي تعرض :- باسماء غريبة أنا لا أعرف سبب او أصل تلك التسميات , كل ما أعرفه ..هو أنها مصطلحات عامة قليلا من المعيب إستخدامها كإسم لبرنامج إذاعي ... .القصة ليست إستماع فهناك تلوث بصري أيضا فأنا حين أعبر عمان وأرى تلك اللوحات , المزروعة في الشوارع , لوجوه واسماء لا نعرفها أشعر بالألم ...كي تسمح مدينة لنفسها أن تعلق إعلانا لبرنامج باسم غريب في كل شوارعها , ولا تكتب حتى على جدرانها أو على أرصفتها ما قاله سعيد عقل عنها :- ( في حجم بعض الورد إلا أنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا) ...كيف تسمح بنشر صور لمذيع مغمور مع إسم برنامجه , وتنسى أجمل ما كتبه حيدر محمود فيها :- ( أرخت عمان جدائلها بين الكتفين ...) ..
كيف تسمح مدينة , أن تحتل تلك اللوحات جسورها , وجدرانها وكل فراغ فيها ..بأسماء بعيدة عن عروبتها وإلتزامها , وتنسى ...ما قاله وصفي التل ذات يوم من دار رئاستها التي تعرضت للتفجير والحصار والقصف وكانت رمزا لجبروت الأردني وصبره ..كي تنسى ما قاله وصفي التل :- (اللي ما بقبل البلد بضيقها البلد ما بتقبلوا برخاها) ...
أنا ألوم امين عمان عقل بلتاجي صديقنا , فهو من جيل عاصر بناء الدولة , وعاصر بناء الإلتزام فيها , وكان يعرف جيدا ..ماذا تعني الإذاعة الأردنية , في العام (1971) حين بث مروان دودين خبر إستشهاد وصفي التل ..عبر أثير الإذاعة بلغة عربية رصينة , وبكلمات أقل ما يقال فيها أنها بلاغة الدم والموقف والوطن ...
من جيل ما زال يحفظ البيان الذي كتبه صلاح أبو زيد حين أستشهد هزاع المجالي في مبنى الرئاسة وكيف صدح صوته في الإذاعة :- بورك الدم يا كرك , بورك الدم يا خليل ..بورك الدم يا سلط بورك الدم يا نابلس ...
أنا ألوم عقل بلتاجي , فدم أولاده هو ذات الدم الذي سرى في عروق أهم شعراء الأردن والذي طوع اللغة العربية , كي تكون بندقية تدافع عن العشاق والوطن ..والناس وما فتحنا كتابا في المرحلة الإبتدائية ...إلا وكانت قصائد حسني فريز دروسا في فنون النحو والبلاغة ...وحسني هو جد أولاده .
هل نختصر كل هذا التاريخ , كي نملا شوارع عمان بإعلانات لبرامج لا نعرف من اي قاموس نحتت اسماؤها هل هكذا نترجم إحترامنا للغة القران ...ولغة الحب والحياة , أنا لا ألوم دائرة الإعلانات في أمانة عمان بل ألوم هيئة المرئي والمسموع أيضا , فقد كتبنا لها كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادي ..
عمان جو - عبدالهادي راجي المجالي
في الأزمات المرورية التي تعصف بالشوارع في عمان , تقلب مفتاح المذياع كي تستمتع للمحطات المحلية , ليس هروبا من جدية (البي بي سي) وإلتزامها , بل لأجل التغيير فقط .
منذ أن وعيت على العمر وأنا أستمع لبرامج تحمل أسماء مثل :- (ذاكرة إذاعة) وهذا البرنامج , عرض قبل فترة أول لقاء مع الراحل جمال عبدالناصر , تحدث فيه باللغة الإنجليزية وبطلاقة , كما عرض أول نشرة أخبار بثت سنة (1938) وأول لقاء مع الفنانة أم كلثوم ...
أستمع أيضا لبرنامج (همزة وصل) ...أو (السياسة بين السائل والمجيب ), وفي هذا البرنامج يتدخل عمالقة (الهيرالد تريبيون) للإجابة عن أسئلة الناس من شتى بقاع العالم ...
لاحظوا أسماء البرامج في البي بي سي :- همزة وصل , نقطة حوار , السياسة بين السائل والمجيب ,دردشات ليلية , المشهد ,حديث الساعة .
إذاعة (مونتي كارلو) تحمل نفس الإلتزام , ونفس الإحترام لعقل المستمع فأنا ما زلت أذكر الإعلامية اللبنانية (غابي لطيف) في برنامجها الوجه الاخر , والذي إستضافت فيه الفنانة فيروز ...مازلت أذكر , طريقتها وحجم إطلاعها ..وكيف جاء إلى مائدتها , كبار المثقفين , والمشاهير ...للعلم (غابي لطيف) هي خريجة السوربون وعملت في الإعلام اللبناني قبل أن تنتقل (لمونتي كارلو) .
إذاعاتنا المحلية , عالم اخر مختلف جدا ..فالبرامج التي تعرض :- باسماء غريبة أنا لا أعرف سبب او أصل تلك التسميات , كل ما أعرفه ..هو أنها مصطلحات عامة قليلا من المعيب إستخدامها كإسم لبرنامج إذاعي ... .القصة ليست إستماع فهناك تلوث بصري أيضا فأنا حين أعبر عمان وأرى تلك اللوحات , المزروعة في الشوارع , لوجوه واسماء لا نعرفها أشعر بالألم ...كي تسمح مدينة لنفسها أن تعلق إعلانا لبرنامج باسم غريب في كل شوارعها , ولا تكتب حتى على جدرانها أو على أرصفتها ما قاله سعيد عقل عنها :- ( في حجم بعض الورد إلا أنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا) ...كيف تسمح بنشر صور لمذيع مغمور مع إسم برنامجه , وتنسى أجمل ما كتبه حيدر محمود فيها :- ( أرخت عمان جدائلها بين الكتفين ...) ..
كيف تسمح مدينة , أن تحتل تلك اللوحات جسورها , وجدرانها وكل فراغ فيها ..بأسماء بعيدة عن عروبتها وإلتزامها , وتنسى ...ما قاله وصفي التل ذات يوم من دار رئاستها التي تعرضت للتفجير والحصار والقصف وكانت رمزا لجبروت الأردني وصبره ..كي تنسى ما قاله وصفي التل :- (اللي ما بقبل البلد بضيقها البلد ما بتقبلوا برخاها) ...
أنا ألوم امين عمان عقل بلتاجي صديقنا , فهو من جيل عاصر بناء الدولة , وعاصر بناء الإلتزام فيها , وكان يعرف جيدا ..ماذا تعني الإذاعة الأردنية , في العام (1971) حين بث مروان دودين خبر إستشهاد وصفي التل ..عبر أثير الإذاعة بلغة عربية رصينة , وبكلمات أقل ما يقال فيها أنها بلاغة الدم والموقف والوطن ...
من جيل ما زال يحفظ البيان الذي كتبه صلاح أبو زيد حين أستشهد هزاع المجالي في مبنى الرئاسة وكيف صدح صوته في الإذاعة :- بورك الدم يا كرك , بورك الدم يا خليل ..بورك الدم يا سلط بورك الدم يا نابلس ...
أنا ألوم عقل بلتاجي , فدم أولاده هو ذات الدم الذي سرى في عروق أهم شعراء الأردن والذي طوع اللغة العربية , كي تكون بندقية تدافع عن العشاق والوطن ..والناس وما فتحنا كتابا في المرحلة الإبتدائية ...إلا وكانت قصائد حسني فريز دروسا في فنون النحو والبلاغة ...وحسني هو جد أولاده .
هل نختصر كل هذا التاريخ , كي نملا شوارع عمان بإعلانات لبرامج لا نعرف من اي قاموس نحتت اسماؤها هل هكذا نترجم إحترامنا للغة القران ...ولغة الحب والحياة , أنا لا ألوم دائرة الإعلانات في أمانة عمان بل ألوم هيئة المرئي والمسموع أيضا , فقد كتبنا لها كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادي ..
التعليقات