عمان جو - بسام البدارين - يمكن بوضوح رصد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وهو يسحب بمقاربة سياسية مستجدة ما كانت تقوله بلاده عن المقاومة الفلسطينية وحركة حماس على المواجهة التي يخوضها «حزب الله» اللبناني مع إسرائيل. «الاحتلال الإسرائيلي هو الذي أوجد «حزب الله»»… تلك العبارة وردت على لسان الدبلوماسية الأردنية ولأول مرة تماماً في ظل تواصل سيناريو «الخشونة» مع اليمين الإسرائيلي. ما أراد الصفدي أن يقوله سبق أن قاله عن حركة «حماس» مع بدايات الحرب على غزة، وفكرته أن المقاومة سببها الاحتلال من حيث المبدأ، وإخراجها من المعادلة يبدأ بزوال الاحتلال. ويتجنب الأردن دبلوماسياً وسياسياً بالعادة وفي كل الأحوال، إطلاق أي عبارات أو تعليقات على «حزب الله» اللبناني. لكن الوزير صرح مساء الثلاثاء، بأن المواجهات الآن لا بل الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت وعلى جنوب لبنان، قد لا يكون لها علاقة ب«حزب الله» وسلاحه، وعلى أساس يفهم منه أن المؤسسة الأردنية تحاول تنشيط ذاكرة العالم بأن جذر الصراع هو الاحتلال وليس التشكيلات المسلحة في غزة أو جنوب لبنان. هي صيغة سبق أن استعملها الصفدي في بدايات تداعيات ما بعد 7 أكتوبر، عندما اعتبر أن الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الإسرائيليين في ذلك اليوم هو جراء الحرمان والحصار والاحتلال، بمعنى أن الاحتلال سبق وجود حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وأن الاحتلال هنا في النسخة اللبنانية أيضاً هو الذي أدى إلى وجود» حزب الله».
مجاملة لـ «حزب الله» لأول مرة
مثل هذا التصريح يحاول اللعب على الأوتار العميقة في المعادلة اللبنانية، لا بل يقرب الأردن رسمياً وسياسياً أكثر من محاولة تفهم مسوغات الجهات المعنية بمحور المقاومة ونسخ مقاربات ومقارنات على أمل تحريك الموقع الأردني السياسي والدبلوماسي، والاسترسال عملياً في لعب دور سياسي تحت لافتة ويافطة الإغاثة الإنسانية في نفس الدرجة التي تركز فيها عمان على نشاطات دبلوماسية متصدرة عربياً ودولياً تحت عنوان «وقف إطلاق النار». قبل تلك «المجاملة» النادرة لحزب الله، زار الصفدي طهران، والتقى الملك عبد الله الثاني الرئيس الإيراني في نيويورك، وأرسلت بعض الرسائل لأنصار الله في اليمن وللرئاسة في سوريا. المعنى أن الأردن لا يبدل في اتصالاته، لكنه يقترب أكثر من أطراف فاعلة في المحور. والدبلوماسية الأردنية، في المقابل، رافقت الإغاثة سواء في غزة أو في لبنان، وهذا يعني أن الأردن في لوجستيات الإغاثة يجلس تماماً على الطاولة، وبالتالي يقوم بواجبه، لكن هذا الواجب يتطلب أثناء تنفيذه مقتضيات ومقاربات سياسية. ويمكن التحدث عن إطلاق أول تصريح ناعم عملياً باتجاه «حزب الله» من مسؤول أردني رفيع المستوى هو الوزير أيمن الصفدي، الذي أطلق تصريحاً يحمل إسرائيل بشكل مباشر مسؤولية تطور الأحداث في لبنان، ولا يوجه اللوم ل»حزب الله اللبناني» عملياً، كما تفعل حكومات عربية أخرى، مع أن العلاقات مقطوعة وميتة تماماً بين الحزب والأردن. وتشير مصادر أردنية مطلعة إلى أن الأردن سبق أن احتاج، عندما احتشد آلاف العراقيين على الحدود، إلى قيادات في «حزب الله» اللبناني تدخلت لصالح الحسابات الأمنية والحدودية الأردنية. ذلك مؤشر على قناة ما موجودة مع المقاومة اللبنانية أيضاً، حتى وإن كانت على نطاق ضيق جداً مع المقاومة الفلسطينية ضمن المستوى الأمني. الجديد تماماً هو حديث المؤسسة السياسية عن أسباب تشكل المقاومة في غزة ولبنان، بصيغة تعني أن ملف فصائل المقاومة في الجانبين بدأ ينتقل بهدوء وببطء شديد حتى الآن من «الأمني» إلى «السياسي»، ما يعني أن الأردن يمكنه اللعب بكل الأوراق المتاحة عند المخاطر. الانفتاح الأردني الرسمي على الرئيس نبيه بري، باعتباره المفوض الرسمي المباشر ل«حزب الله» في الحوارات السياسية والدبلوماسية سواء مع مبادرات الدول العربية أو مع المبادرات الغربية والأمريكية، كان الخطوة التالية في الحراك الدبلوماسي الأردني النشط، الذي يحاول إعادة تدوير الزوايا والتسلل بمبادرات تخدم وقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان. وما لوحظ عموماً بأن وزير الخارجية الأردني يتقصد الإشارة إلى أن عملية وقف إطلاق النار في لبنان تبدأ في غزة، وهي نفسها الرواية والسردية التي تتبناها عملية المقاومة اللبنانية. في كل حال، بات الأردن بوضوح عبر زيارة الوزير الصفدي على متن طائرة عسكرية إلى بيروت وقبل ذلك زيارته إلى طهران يبدو بسبب مخاطر اليمين الإسرائيلي، في مسافة أقرب من أي وقت مضى من كيفية تفكير المحور. ذلك لا يعني التعاون مع المحور ولا الجلوس في أحضانه، بقدر ما يعني إعادة ترسيم وتشخيص القراءة الأردنية للمشهد، والأهم للمصالح، بعيداً عن اعتبارات التماثل بقدر ما يعني أن الأردن ينوع في خياراته واختياراته في هذه المرحلة قدر الإمكان، وعلى أمل ليس فقط البقاء في دائرة الفعل الدبلوماسي الإغاثي والجلوس على طاولة الإقليم، ولكن أيضاً ضمن منهجية عزل الأردن عن سياق الصراع بين إسرائيل وإيران. هي وظيفة يبدو للأردنيين حتى الآن أن الجانب الإيراني والجوانب الفاعلة في محور المقاومة تتفهمها وتحول مجاملة الأردن في إنجازها خلافاً طبعاً لما يفعله اليمين الإسرائيلي وهو يخطط لما يسمى في الإعلام اليوم لمضمون ومحتوى عبارة «الأردن بعد لبنان»، سواء عبر تهديد الأردن ببناء جدار في منطقة الأغوار، أو عبر سلسلة لمزاعم تدعي نشاطاً للحرس الثوري الإيراني في تهريب الأسلحة عبر الأغوار الأردنية، وهي محض افتراءات وكذب في كل حال، أو حتى من خلال السعي لنسخ «محور فيلادلفيا الأردني». وما يمكن رصده من سلسلة مجاملات الصفدي في المحور هو أن عمان تتحرك ببطء مدروس، وتتفحص خياراتها دفاعاً عن مصالحها بعد اكتشاف متأخر؛ لأن سياسة النأي بالنفس وعزل الجغرافيا سيادياً عن الصراع بين إسرائيل والمحور الإيراني، بدأت تطلب فعلاً ان يتواصل الأردن أيضاً مع الأطراف الفاعلة في المحور، وألا يقتصر في تواصله على الأطراف المعتدية، سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية. وعمان هنا تحاول التباين عن مواقع ومواقف بقية الدول العربية.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - يمكن بوضوح رصد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وهو يسحب بمقاربة سياسية مستجدة ما كانت تقوله بلاده عن المقاومة الفلسطينية وحركة حماس على المواجهة التي يخوضها «حزب الله» اللبناني مع إسرائيل. «الاحتلال الإسرائيلي هو الذي أوجد «حزب الله»»… تلك العبارة وردت على لسان الدبلوماسية الأردنية ولأول مرة تماماً في ظل تواصل سيناريو «الخشونة» مع اليمين الإسرائيلي. ما أراد الصفدي أن يقوله سبق أن قاله عن حركة «حماس» مع بدايات الحرب على غزة، وفكرته أن المقاومة سببها الاحتلال من حيث المبدأ، وإخراجها من المعادلة يبدأ بزوال الاحتلال. ويتجنب الأردن دبلوماسياً وسياسياً بالعادة وفي كل الأحوال، إطلاق أي عبارات أو تعليقات على «حزب الله» اللبناني. لكن الوزير صرح مساء الثلاثاء، بأن المواجهات الآن لا بل الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت وعلى جنوب لبنان، قد لا يكون لها علاقة ب«حزب الله» وسلاحه، وعلى أساس يفهم منه أن المؤسسة الأردنية تحاول تنشيط ذاكرة العالم بأن جذر الصراع هو الاحتلال وليس التشكيلات المسلحة في غزة أو جنوب لبنان. هي صيغة سبق أن استعملها الصفدي في بدايات تداعيات ما بعد 7 أكتوبر، عندما اعتبر أن الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الإسرائيليين في ذلك اليوم هو جراء الحرمان والحصار والاحتلال، بمعنى أن الاحتلال سبق وجود حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وأن الاحتلال هنا في النسخة اللبنانية أيضاً هو الذي أدى إلى وجود» حزب الله».
مجاملة لـ «حزب الله» لأول مرة
مثل هذا التصريح يحاول اللعب على الأوتار العميقة في المعادلة اللبنانية، لا بل يقرب الأردن رسمياً وسياسياً أكثر من محاولة تفهم مسوغات الجهات المعنية بمحور المقاومة ونسخ مقاربات ومقارنات على أمل تحريك الموقع الأردني السياسي والدبلوماسي، والاسترسال عملياً في لعب دور سياسي تحت لافتة ويافطة الإغاثة الإنسانية في نفس الدرجة التي تركز فيها عمان على نشاطات دبلوماسية متصدرة عربياً ودولياً تحت عنوان «وقف إطلاق النار». قبل تلك «المجاملة» النادرة لحزب الله، زار الصفدي طهران، والتقى الملك عبد الله الثاني الرئيس الإيراني في نيويورك، وأرسلت بعض الرسائل لأنصار الله في اليمن وللرئاسة في سوريا. المعنى أن الأردن لا يبدل في اتصالاته، لكنه يقترب أكثر من أطراف فاعلة في المحور. والدبلوماسية الأردنية، في المقابل، رافقت الإغاثة سواء في غزة أو في لبنان، وهذا يعني أن الأردن في لوجستيات الإغاثة يجلس تماماً على الطاولة، وبالتالي يقوم بواجبه، لكن هذا الواجب يتطلب أثناء تنفيذه مقتضيات ومقاربات سياسية. ويمكن التحدث عن إطلاق أول تصريح ناعم عملياً باتجاه «حزب الله» من مسؤول أردني رفيع المستوى هو الوزير أيمن الصفدي، الذي أطلق تصريحاً يحمل إسرائيل بشكل مباشر مسؤولية تطور الأحداث في لبنان، ولا يوجه اللوم ل»حزب الله اللبناني» عملياً، كما تفعل حكومات عربية أخرى، مع أن العلاقات مقطوعة وميتة تماماً بين الحزب والأردن. وتشير مصادر أردنية مطلعة إلى أن الأردن سبق أن احتاج، عندما احتشد آلاف العراقيين على الحدود، إلى قيادات في «حزب الله» اللبناني تدخلت لصالح الحسابات الأمنية والحدودية الأردنية. ذلك مؤشر على قناة ما موجودة مع المقاومة اللبنانية أيضاً، حتى وإن كانت على نطاق ضيق جداً مع المقاومة الفلسطينية ضمن المستوى الأمني. الجديد تماماً هو حديث المؤسسة السياسية عن أسباب تشكل المقاومة في غزة ولبنان، بصيغة تعني أن ملف فصائل المقاومة في الجانبين بدأ ينتقل بهدوء وببطء شديد حتى الآن من «الأمني» إلى «السياسي»، ما يعني أن الأردن يمكنه اللعب بكل الأوراق المتاحة عند المخاطر. الانفتاح الأردني الرسمي على الرئيس نبيه بري، باعتباره المفوض الرسمي المباشر ل«حزب الله» في الحوارات السياسية والدبلوماسية سواء مع مبادرات الدول العربية أو مع المبادرات الغربية والأمريكية، كان الخطوة التالية في الحراك الدبلوماسي الأردني النشط، الذي يحاول إعادة تدوير الزوايا والتسلل بمبادرات تخدم وقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان. وما لوحظ عموماً بأن وزير الخارجية الأردني يتقصد الإشارة إلى أن عملية وقف إطلاق النار في لبنان تبدأ في غزة، وهي نفسها الرواية والسردية التي تتبناها عملية المقاومة اللبنانية. في كل حال، بات الأردن بوضوح عبر زيارة الوزير الصفدي على متن طائرة عسكرية إلى بيروت وقبل ذلك زيارته إلى طهران يبدو بسبب مخاطر اليمين الإسرائيلي، في مسافة أقرب من أي وقت مضى من كيفية تفكير المحور. ذلك لا يعني التعاون مع المحور ولا الجلوس في أحضانه، بقدر ما يعني إعادة ترسيم وتشخيص القراءة الأردنية للمشهد، والأهم للمصالح، بعيداً عن اعتبارات التماثل بقدر ما يعني أن الأردن ينوع في خياراته واختياراته في هذه المرحلة قدر الإمكان، وعلى أمل ليس فقط البقاء في دائرة الفعل الدبلوماسي الإغاثي والجلوس على طاولة الإقليم، ولكن أيضاً ضمن منهجية عزل الأردن عن سياق الصراع بين إسرائيل وإيران. هي وظيفة يبدو للأردنيين حتى الآن أن الجانب الإيراني والجوانب الفاعلة في محور المقاومة تتفهمها وتحول مجاملة الأردن في إنجازها خلافاً طبعاً لما يفعله اليمين الإسرائيلي وهو يخطط لما يسمى في الإعلام اليوم لمضمون ومحتوى عبارة «الأردن بعد لبنان»، سواء عبر تهديد الأردن ببناء جدار في منطقة الأغوار، أو عبر سلسلة لمزاعم تدعي نشاطاً للحرس الثوري الإيراني في تهريب الأسلحة عبر الأغوار الأردنية، وهي محض افتراءات وكذب في كل حال، أو حتى من خلال السعي لنسخ «محور فيلادلفيا الأردني». وما يمكن رصده من سلسلة مجاملات الصفدي في المحور هو أن عمان تتحرك ببطء مدروس، وتتفحص خياراتها دفاعاً عن مصالحها بعد اكتشاف متأخر؛ لأن سياسة النأي بالنفس وعزل الجغرافيا سيادياً عن الصراع بين إسرائيل والمحور الإيراني، بدأت تطلب فعلاً ان يتواصل الأردن أيضاً مع الأطراف الفاعلة في المحور، وألا يقتصر في تواصله على الأطراف المعتدية، سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية. وعمان هنا تحاول التباين عن مواقع ومواقف بقية الدول العربية.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - يمكن بوضوح رصد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وهو يسحب بمقاربة سياسية مستجدة ما كانت تقوله بلاده عن المقاومة الفلسطينية وحركة حماس على المواجهة التي يخوضها «حزب الله» اللبناني مع إسرائيل. «الاحتلال الإسرائيلي هو الذي أوجد «حزب الله»»… تلك العبارة وردت على لسان الدبلوماسية الأردنية ولأول مرة تماماً في ظل تواصل سيناريو «الخشونة» مع اليمين الإسرائيلي. ما أراد الصفدي أن يقوله سبق أن قاله عن حركة «حماس» مع بدايات الحرب على غزة، وفكرته أن المقاومة سببها الاحتلال من حيث المبدأ، وإخراجها من المعادلة يبدأ بزوال الاحتلال. ويتجنب الأردن دبلوماسياً وسياسياً بالعادة وفي كل الأحوال، إطلاق أي عبارات أو تعليقات على «حزب الله» اللبناني. لكن الوزير صرح مساء الثلاثاء، بأن المواجهات الآن لا بل الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت وعلى جنوب لبنان، قد لا يكون لها علاقة ب«حزب الله» وسلاحه، وعلى أساس يفهم منه أن المؤسسة الأردنية تحاول تنشيط ذاكرة العالم بأن جذر الصراع هو الاحتلال وليس التشكيلات المسلحة في غزة أو جنوب لبنان. هي صيغة سبق أن استعملها الصفدي في بدايات تداعيات ما بعد 7 أكتوبر، عندما اعتبر أن الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الإسرائيليين في ذلك اليوم هو جراء الحرمان والحصار والاحتلال، بمعنى أن الاحتلال سبق وجود حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وأن الاحتلال هنا في النسخة اللبنانية أيضاً هو الذي أدى إلى وجود» حزب الله».
مجاملة لـ «حزب الله» لأول مرة
مثل هذا التصريح يحاول اللعب على الأوتار العميقة في المعادلة اللبنانية، لا بل يقرب الأردن رسمياً وسياسياً أكثر من محاولة تفهم مسوغات الجهات المعنية بمحور المقاومة ونسخ مقاربات ومقارنات على أمل تحريك الموقع الأردني السياسي والدبلوماسي، والاسترسال عملياً في لعب دور سياسي تحت لافتة ويافطة الإغاثة الإنسانية في نفس الدرجة التي تركز فيها عمان على نشاطات دبلوماسية متصدرة عربياً ودولياً تحت عنوان «وقف إطلاق النار». قبل تلك «المجاملة» النادرة لحزب الله، زار الصفدي طهران، والتقى الملك عبد الله الثاني الرئيس الإيراني في نيويورك، وأرسلت بعض الرسائل لأنصار الله في اليمن وللرئاسة في سوريا. المعنى أن الأردن لا يبدل في اتصالاته، لكنه يقترب أكثر من أطراف فاعلة في المحور. والدبلوماسية الأردنية، في المقابل، رافقت الإغاثة سواء في غزة أو في لبنان، وهذا يعني أن الأردن في لوجستيات الإغاثة يجلس تماماً على الطاولة، وبالتالي يقوم بواجبه، لكن هذا الواجب يتطلب أثناء تنفيذه مقتضيات ومقاربات سياسية. ويمكن التحدث عن إطلاق أول تصريح ناعم عملياً باتجاه «حزب الله» من مسؤول أردني رفيع المستوى هو الوزير أيمن الصفدي، الذي أطلق تصريحاً يحمل إسرائيل بشكل مباشر مسؤولية تطور الأحداث في لبنان، ولا يوجه اللوم ل»حزب الله اللبناني» عملياً، كما تفعل حكومات عربية أخرى، مع أن العلاقات مقطوعة وميتة تماماً بين الحزب والأردن. وتشير مصادر أردنية مطلعة إلى أن الأردن سبق أن احتاج، عندما احتشد آلاف العراقيين على الحدود، إلى قيادات في «حزب الله» اللبناني تدخلت لصالح الحسابات الأمنية والحدودية الأردنية. ذلك مؤشر على قناة ما موجودة مع المقاومة اللبنانية أيضاً، حتى وإن كانت على نطاق ضيق جداً مع المقاومة الفلسطينية ضمن المستوى الأمني. الجديد تماماً هو حديث المؤسسة السياسية عن أسباب تشكل المقاومة في غزة ولبنان، بصيغة تعني أن ملف فصائل المقاومة في الجانبين بدأ ينتقل بهدوء وببطء شديد حتى الآن من «الأمني» إلى «السياسي»، ما يعني أن الأردن يمكنه اللعب بكل الأوراق المتاحة عند المخاطر. الانفتاح الأردني الرسمي على الرئيس نبيه بري، باعتباره المفوض الرسمي المباشر ل«حزب الله» في الحوارات السياسية والدبلوماسية سواء مع مبادرات الدول العربية أو مع المبادرات الغربية والأمريكية، كان الخطوة التالية في الحراك الدبلوماسي الأردني النشط، الذي يحاول إعادة تدوير الزوايا والتسلل بمبادرات تخدم وقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان. وما لوحظ عموماً بأن وزير الخارجية الأردني يتقصد الإشارة إلى أن عملية وقف إطلاق النار في لبنان تبدأ في غزة، وهي نفسها الرواية والسردية التي تتبناها عملية المقاومة اللبنانية. في كل حال، بات الأردن بوضوح عبر زيارة الوزير الصفدي على متن طائرة عسكرية إلى بيروت وقبل ذلك زيارته إلى طهران يبدو بسبب مخاطر اليمين الإسرائيلي، في مسافة أقرب من أي وقت مضى من كيفية تفكير المحور. ذلك لا يعني التعاون مع المحور ولا الجلوس في أحضانه، بقدر ما يعني إعادة ترسيم وتشخيص القراءة الأردنية للمشهد، والأهم للمصالح، بعيداً عن اعتبارات التماثل بقدر ما يعني أن الأردن ينوع في خياراته واختياراته في هذه المرحلة قدر الإمكان، وعلى أمل ليس فقط البقاء في دائرة الفعل الدبلوماسي الإغاثي والجلوس على طاولة الإقليم، ولكن أيضاً ضمن منهجية عزل الأردن عن سياق الصراع بين إسرائيل وإيران. هي وظيفة يبدو للأردنيين حتى الآن أن الجانب الإيراني والجوانب الفاعلة في محور المقاومة تتفهمها وتحول مجاملة الأردن في إنجازها خلافاً طبعاً لما يفعله اليمين الإسرائيلي وهو يخطط لما يسمى في الإعلام اليوم لمضمون ومحتوى عبارة «الأردن بعد لبنان»، سواء عبر تهديد الأردن ببناء جدار في منطقة الأغوار، أو عبر سلسلة لمزاعم تدعي نشاطاً للحرس الثوري الإيراني في تهريب الأسلحة عبر الأغوار الأردنية، وهي محض افتراءات وكذب في كل حال، أو حتى من خلال السعي لنسخ «محور فيلادلفيا الأردني». وما يمكن رصده من سلسلة مجاملات الصفدي في المحور هو أن عمان تتحرك ببطء مدروس، وتتفحص خياراتها دفاعاً عن مصالحها بعد اكتشاف متأخر؛ لأن سياسة النأي بالنفس وعزل الجغرافيا سيادياً عن الصراع بين إسرائيل والمحور الإيراني، بدأت تطلب فعلاً ان يتواصل الأردن أيضاً مع الأطراف الفاعلة في المحور، وألا يقتصر في تواصله على الأطراف المعتدية، سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية. وعمان هنا تحاول التباين عن مواقع ومواقف بقية الدول العربية.
التعليقات