عمان جو - رعى دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران المستشار الأعلى لجامعة البترا ومجلس أمنائها أعمال الموتمر العلمي الدولي السابع عشر الذي ينظمه المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين، بالتعاون مع جامعة البترا، بتاريخ 26 _ 27 / 10 أكتوبر، تشرين الأول 2024. وبدعم فنّي ومادي كبيرين من جامعة البترا.
افتتح المؤتمرالأستاذ الدكتور عاطف كنعان رئيس المجلس، بكلمة تربوية تناولت جهود المجلس العربي للموهوبين في خدمة الموهبة على مستوى الوطن العربي، والتحديات التي يواجهها المجلس في أداء مهامه. وقال: 'إن اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، استراتيجيّة عربيّة مُهمّة للتّنشئة في مجتمعات اليوم، فهم ثروة وطنيّة غير قابلة للتّعويض، أو الاستبدال، وخاصّة في عصر تكنولوجيا المعلومات، وتفجُّر المعرفة، في زمن يشهد العالَم فيه تطوّرا متسارعا لأنظمة الذكاء الاصطناعيّ والرّقمنة، والروبوت في مختلف المجالات. وفيما يتعلق بعملية اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، أشار كنعان إلى القول بأنها نقطة انطلاق، وركيزة أساسية للتنمية، ومورد مستدام للثروة البشرية، ومسؤولية مشتركة بين المجتمع والمؤسّسات التعليمية.
وأشار كنعان إلى أن المؤتمر استقبل ستة وثلاثين عملا علميّا، وتربويّا، من عشر دول عربية، تراوحت بين بحث علميّ وورقة عمل، وتوزعت على ستّ جلَسات، وشملت معظم محاور المؤتمر، بالإضافة إلى عقدِ ورشتين تدريبيّتين على هامش المؤتمر، والإعلان عن جائزة المجلس في دورتها السابعةِ. وبعدَ استظهار ملخّصات البحوث وأوراق العمل تبيّن أنها تفرض طرح عدد من التساؤلاتِ على المؤسسات التعليمية في الوطن العربي، كان أهمها يتعلق بدور رقمنة التعليم وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والروبوتات في المناهج التعليمية، وتحسين بيئة التعليم العام والجامعي؛ تحقيقا للكفاية الأكاديمية بما ينسجم مع منظومة القيم في المجتمعات الإنسانية، وهل نجح التعليم في إكساب المتعلمين القدرة على التفكير التحليليّ والنقدي، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمجتمعية، وهل طوَر التعليم القيم الإيجابية، والاتجاهات السليمةَ في نفوس المتعلمين، ومجتمعاتهم؟.
وفي كلمة لرئيس جامعة البترا الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم، أشار فيها إلى أن جامعة البترا تهتم بدعم المواهب الشابة، وتوفير بيئة تعليمية متكاملة، قائلا: 'الموهوبون هم أصحاب فكر نقدي وطموح عالٍ، لذا يجب أن تكون مؤسّساتنا التعليمية مهيأة لرعاية هذه الفئات، وتعزيز قدراتهم'؛ مبينًا أن التحول الرقمي جزء من جهود الجامعة في تطوير العملية التعليمية، حيث إن أكثر من 20% من المقررات تدرَّس إلكترونيّا بالكامل، ما يعزز مهارات الطلبة في التكيف مع التطورات التكنولوجية.
وأضاف عبد الرحيم أن جامعة البترا تسعى إلى تبنّي التكنولوجيا أداة دعم للمعلمين وليس بديلاً عنهم، مؤكدا أن التفاعل الإنساني في قاعات الدراسة يبقى جوهريّا لبناء مهارات التواصل والنقد البنّاء. وأوضح أن جامعة البترا نفذت عدة مبادرات لدمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، ما يساهم في خلق بيئة تفاعلية وفعّالة لطلبتها، تماشيا مع التحولات الرّقمية.
وأعرب عبد الرحيم عن اعتزاز الجامعة باستضافة المؤتمر، قائلا: 'إن جامعة البترا تسعى بشكل دائم إلى دعم المبادرات الأكاديمية والإبداعية التي تخدم المجتمع المحلي والعربي. وركّز في كلمته على أن التحول الرقمي بات واقعا يؤثر على جميع مؤسسات التعليم العالي؛ مشيرًا إلى ضرورة أن تكون المناهج الدراسية قادرة على مواكبة هذا التحول بما يتيح للطلبة تحقيق أقصى استفادة من تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي'.
وفي كلمة للدكتور زهير غنيم عضو الهيئة الإدارية في المجلس من السعودية، ركز فيها على أهمية اكتشاف المواهب ورعايتها كونها مسؤولية مشتركة تتحملها الحكومات، والمجتمعات، والمؤسّسات التعليمية، والأسَر. وشدد على أن الدول في حاجة ملحّة للموهوبين؛ لأنهم عماد المستقبل وأساس النهضة العلمية، وقال: 'رعاية الموهوبين أمانة ومسؤولية'، موجّهًا رسائل شكر للملوك، ورؤساء الدول العربية على دعمهم المواهب، ولوزراء التعليم على جهودهم في تأسيس مدارس للموهوبين. كما دعا الموهوبين إلى الاجتهاد والعمل، مبرزًا دور الإخلاص في تحقيق النجاح، قائلاً: 'إذا أخلصنا في العمل، سنحقق الكثير.' واقترح الدكتور زهير توصية بربط المجلس بجامعة الدول العربية لتوسيع دوره.
وقال دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران: إن 'التقدم العلمي يجب أن يصب في مصلحة الإنسانية، لا في ابتكار أسلحة دمار شامل، أو تقنيات تهدد الحياة البشرية'، مضيفًا أن المطلوب اليوم هو توجيه الأبحاث العلمية نحو حل المشكلات الأساسية للحياة البشرية، كالتغير المناخي، والأمن الغذائي، عبر الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وتطوير أساليب مستدامة للزراعة، والموارد المائية.
وقال بدران: إن 'الحرية هي الأساس لرعاية الموهبة، إذ يصعب تحقيق الإبداع في ظل القيود'. مشيرًا إلى أهمية خلق بيئة إبداعية تتسم بالحرية والانفتاح، وأن الابتكار هو ركيزة من ركائز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن رعاية المواهب تتطلب من المجتمع والمؤسسات الأكاديمية العمل على إزالة العراقيل أمام العقول المبدعة، وتهيئة المساحات الداعمة لتحفيزهم.
وسلّط بدران الضوء على أهمية التعليم متعدد التخصصات كونه أسلوبا فاعلا لمواجهة التحديات المعاصرة؛ مستشهدًا بالمشكلات العالمية التي تتطلب تعاونا بين مختلف التخصصات، مثل تغير المناخ والأمن الغذائي والفقر؛ مؤكدا ضرورة التداخل بين العلوم الإنسانية، والتطبيقية لإيجاد حلول مبتكرة.
وأوضح بدران أن التعددية التخصصية من شأنها بناء جيلٍ جديدٍ من المبدعين القادرين على مواجهة الأزمات المستقبلية عبر دمج المعرفة الإنسانية بالتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي.
وأشار دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة إلى أهمية المناهج التعليمية، ودور المعلمين في العملية التربوية، موضحًا أن العالم العربي يواجه أزمة تربوية كبيرة بسبب غياب نظام تعليمي موحّد. وتناول في حديثه ضرورة مراجعة المناهج التعليمية لتكون قادرة على مواجهة هموم المجتمع ومتطلباته.
وأكد الروابدة على أهمية توفير معلمين مؤهلين وملتزمين بقضاياهم الوطنية، ليكونوا قادرين على اكتشاف المواهب الإبداعية ورعايتها لدى الطلاب. وأعرب عن قلقه من وجود طبقية جديدة في التعليم، حيث يتجه ذوو القدرات الاقتصادية العالية نحو المدارس الخاصة، ما يؤدي إلى تفوقهم على نظرائهم من المدارس الحكومية. كما أكد ضرورة أن تعمل جميع مؤسّسات المجتمع معًا لرعاية المواهب، وأن تكون الدولة شريكًا في عملية اكتشافها وتطويرها.
وأكد معالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي على أهمية برامج التدخل المبكّر في التعليم، التي تهدف إلى تحديد المواهب ورعايتها لدى الأطفال في مراحلهم التعليمية المبكرة. وأشار إلى أن هذه البرامج توفر بيئة تعليمية ملائمة تعزز من قدرات الطلبة الموهوبين، وتساعد في تجنّب فقدان هذه المواهب بسبب الإهمال، أو نقص الدعم.
وأوضح محافظة أن الوزارة تركز على استراتيجيات التعلم النشط عن طريق الألعاب والقصص، بدلًا من الطرق التقليدية، وذلك عبر برامج تستهدف الطلبة في الصفوف الثلاثة الأولى. كما تناول برنامج 'كيدز سمارت' الذي يساهم في تنمية المهارات الرقمية لدى الأطفال بوساطة مواضيع متنوعة تشمل الرياضيات، والعلوم، والموسيقى، بالإضافة إلى تدريب المعلمين على هذه البرامج؛ مشيرًا إلى استخدام اختبارات متخصصة لتحديد المواهب في الروضة، والمرحلة الابتدائية، والتي تتضمن تقييمات تشمل الذكاء، والقدرات التحليلية. كما تحدث محافظة عن أهمية التعليم القائم على المشاريع الذي يتيح للطلبة الموهوبين تطبيق مهاراتهم الإبداعية في حل مشكلات واقعية.
وفي ختام كلمته، تناول محافظة تنظيم المراكز الصيفية، والمعسكرات التدريبية للأطفال الموهوبين، التي تشمل أنشطة أكاديمية، وفنية، ورياضية، وتساهم في استغلال أوقات الإجازات لتنمية مهاراتهم. كما دعا إلى تعزيز التعاون بين المدرسة والأسرة لدعم الأطفال الموهوبين بتقديم إرشادات للوالدين حول كيفية رعاية مواهب أطفالهم.
وفي الجلسة الحوارية ضمن الجلسة الرئيسة التي ناقشت دعم الطلاب الموهوبين في عصر الرقمنة، تم استضافة كل من دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة رئيس الوزراء الأسبق، ودولة الدكتور عدنان بدران رئيس الوزراء الأسبق، ومعالي الدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي حيث تطرقت النقاشات إلى كيفية استغلال السياسات الحكومية للأدوات الرقمية بشكل فعال لضمان استفادة الطلاب الموهوبين، مع التركيز على تقليل الفجوة الرقمية. وتم تناول دور الهُويّة الوطنية، والثقافية في تشكيل الأفراد الموهوبين، مع التشديد على أن التحول الرقمي لا ينبغي أن يطغى على هذه الهُويّات، بل يمكن أن يكون وسيلة للحفاظ على القيم الثقافية وتعزيزها.
كما تم التأكيد على أهمية النهج التعددي التخصصي بوصفه عاملا رئيسا لتعزيز الابتكار. وقد أظهرت أمثلة ناجحة كيف أن دمج مجالات دراسية متعددة يمكن أن يحفز الإبداع، وحل المشكلات لدى الطلاب الموهوبين. واوصت الجلسة بتوصيات للجامعات بتحديث المناهج وطرق التدريس، لضمان إعداد الخريجين لمواجهة تحديات المستقبل في عالم تقوده التقنيات الرقمية.
بالإضافة إلى ذلك، أبرزت الجلسة أهمية التعاون بين الوكالات الحكومية والجامعات والمنظمات الخاصة لإيجاد منظومة داعمة لتعليم الموهوبين. وتم استعراض شراكات ناجحة على أنها نماذج توضح كيف يمكن لهذه التحالفات توفير الموارد، والفرص اللازمة للطلاب الموهوبين، ما يُعدّ محورًا أساسيّا لرعاية المواهب في عالم يتطور بسرعة.
وفي ختام الجلسة، سلط الخبراء الضوء على دور مشاركة أولياء الأمور، خاصة من خلال الموارد الرقمية، كونها عنصرا أساسي في تعزيز نمو الطلاب. وناقش الخبراء المبادرات المخطط لها التي تهدف إلى تشجيع أولياء الأمور على المشاركة بنشاط في العملية التعليمية، ما يسهم في بناء نظام دعم متكامل لنمو الطلاب.
وفي الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر، قدم مدير المركز الوطني السابق للمناهج الدكتور محمود المساد عرضًا حول المناهج الإبداعية، مسلّطا الضوء على علاقة الشغف بالإنجاز، وأكد الدكتور ذوقان عبيدات الخبير التربوي على أهمية جعل المناهج الإبداعية مناهج مفتوحة ومرنة؛ مؤيّدا فكرة السندويشات التربوية بدلًا من مناهج 'الديب فريزر'، ودعا إلى اتباع مفهوم 'السندويشات التربوية' بديلا عن المناهج التقليدية.
وفي صباح اليوم التالي ناقشت الجلسة التي أدارتها د. وصال الدوري من العراق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم. حيث أوضحت د. عائشة العوضي من الإمارات ما يمكن أن يستفيده المعلم من الذكاء الاصطناعي. وتناولت د. سامية الفرا من الأردن مواصفات مؤسسات الرعاية الخاصة بالموهوبين. كما تحدثت الدكتورة ساميا الفرا من الأردن عن المعايير المثلى لمؤسسات رعاية الموهوبين.
وفيما يتعلق بجائزة المجلس السنوية لطلبة المدارس العرب الموهوبين والمبدعين من الصف التاسع حتى الثاني عشر في مجالات العلوم التطبيقية والآداب والفنون، وتكنولوجيا المعلومات، والروبوت والذكاء الاصطناعي، والرسم والنحت؛ وذلك امتدادا لمسيرة التميز والإبداع التي تبنّاها المجلس منذ تأسيسه عام 1996؛ ليكون مشروعا علميا حضاريا رائدا على مستوى الوطن العربي يعمل على اكتشاف الطاقات والمواهب المبدعة، وإبرازها؛ إيمانا بأنّ إبداعات الطلبة وابتكاراتهم العلمية الرائدة والاهتمام بها تعمل على تحقيق التطور المنشود، والتنمية البشرية المستدامة في جميع مجالات الحياة في عصر رقميّ يتسم بثورة في المعرفة والمعلومات، ووسائل الاتصال فقد تم الإعلان عن جائزة المجلس في دورتها السابعة لمستحقيها من الطلبة العرب في حفل تكريمي عُقِد على هامش أعمال المؤتمر.
وفي اختتام أعمال المؤتمر، خرجت لجنة صياغة التوصيات المكونة من المشاركين: د. وصال الدوري؛ من العراق؛ د. منى المنشي؛ من مصر؛ د. عائشة العوضي من الإمارات، بالتوصيات الآتية:
1- مخاطبة جامعة الدول العربية؛ ليكون المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين من بين المنظمات التي ترعاها الجامعة العربية.
2- ضرورة الاهتمام بموضوع توظيف الذكاء الاصطناعي، وتضمينه على وفق المناهج الدراسية.
3- توجيه الباحثين نحو إجراء دراسات، وبحوث تهتم بموضوعات الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي والأمن السيبراني.
4- تشجيع المعلمين على استخدام البرامج التي تساعدهم على إعداد أوراق الاختبارات الصفية مثل: برنامج QUZIGEKO
5- عقد شراكات مع شركات رائدة في الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، واستثمار خبراتهم العملية.
6- إنتاج مِنصّات تعلّم إلكترونية، وأدوات تفاعلية تُعنى بالموهوبين.
7- دعم المشاريع البحثية التي يستخدم فيها الموهوبون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات واقعية.
8- بناء أطر وطنية في كل دولة عربية لإدارة المواهب، مع تقديم دعم مالي مناسب، وحوافز من قبل الحكومات.
9- إدراج التفكير النقدي، وتقويم تأثير الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية.
10- وضع معايير خاصة لاختيار معلمي الطلبة الموهوبين في الوطن العربي.
11- توظيف منحى STEAM في التدريس.
12- تنظيم ورش عمل ومسابقات تنافسية تشجع الموهوبين على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
13- بناء مجتمع رقمي للموهوبين؛ ليتمكنوا من مشاركة تجاربهم، وأفكارهم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
14- إعداد قوانين وتشريعات تضمن حقوق الموهوبين.
15- السعي لفتح فروع للمجلس في الدول العربية، لمن يرغب، ولديه الاستعداد.
16- إقامة المؤتمر العلمي الدولي الثامن عشر القادم 2025 في الجمهورية العراقية.
عمان جو - رعى دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران المستشار الأعلى لجامعة البترا ومجلس أمنائها أعمال الموتمر العلمي الدولي السابع عشر الذي ينظمه المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين، بالتعاون مع جامعة البترا، بتاريخ 26 _ 27 / 10 أكتوبر، تشرين الأول 2024. وبدعم فنّي ومادي كبيرين من جامعة البترا.
افتتح المؤتمرالأستاذ الدكتور عاطف كنعان رئيس المجلس، بكلمة تربوية تناولت جهود المجلس العربي للموهوبين في خدمة الموهبة على مستوى الوطن العربي، والتحديات التي يواجهها المجلس في أداء مهامه. وقال: 'إن اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، استراتيجيّة عربيّة مُهمّة للتّنشئة في مجتمعات اليوم، فهم ثروة وطنيّة غير قابلة للتّعويض، أو الاستبدال، وخاصّة في عصر تكنولوجيا المعلومات، وتفجُّر المعرفة، في زمن يشهد العالَم فيه تطوّرا متسارعا لأنظمة الذكاء الاصطناعيّ والرّقمنة، والروبوت في مختلف المجالات. وفيما يتعلق بعملية اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، أشار كنعان إلى القول بأنها نقطة انطلاق، وركيزة أساسية للتنمية، ومورد مستدام للثروة البشرية، ومسؤولية مشتركة بين المجتمع والمؤسّسات التعليمية.
وأشار كنعان إلى أن المؤتمر استقبل ستة وثلاثين عملا علميّا، وتربويّا، من عشر دول عربية، تراوحت بين بحث علميّ وورقة عمل، وتوزعت على ستّ جلَسات، وشملت معظم محاور المؤتمر، بالإضافة إلى عقدِ ورشتين تدريبيّتين على هامش المؤتمر، والإعلان عن جائزة المجلس في دورتها السابعةِ. وبعدَ استظهار ملخّصات البحوث وأوراق العمل تبيّن أنها تفرض طرح عدد من التساؤلاتِ على المؤسسات التعليمية في الوطن العربي، كان أهمها يتعلق بدور رقمنة التعليم وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والروبوتات في المناهج التعليمية، وتحسين بيئة التعليم العام والجامعي؛ تحقيقا للكفاية الأكاديمية بما ينسجم مع منظومة القيم في المجتمعات الإنسانية، وهل نجح التعليم في إكساب المتعلمين القدرة على التفكير التحليليّ والنقدي، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمجتمعية، وهل طوَر التعليم القيم الإيجابية، والاتجاهات السليمةَ في نفوس المتعلمين، ومجتمعاتهم؟.
وفي كلمة لرئيس جامعة البترا الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم، أشار فيها إلى أن جامعة البترا تهتم بدعم المواهب الشابة، وتوفير بيئة تعليمية متكاملة، قائلا: 'الموهوبون هم أصحاب فكر نقدي وطموح عالٍ، لذا يجب أن تكون مؤسّساتنا التعليمية مهيأة لرعاية هذه الفئات، وتعزيز قدراتهم'؛ مبينًا أن التحول الرقمي جزء من جهود الجامعة في تطوير العملية التعليمية، حيث إن أكثر من 20% من المقررات تدرَّس إلكترونيّا بالكامل، ما يعزز مهارات الطلبة في التكيف مع التطورات التكنولوجية.
وأضاف عبد الرحيم أن جامعة البترا تسعى إلى تبنّي التكنولوجيا أداة دعم للمعلمين وليس بديلاً عنهم، مؤكدا أن التفاعل الإنساني في قاعات الدراسة يبقى جوهريّا لبناء مهارات التواصل والنقد البنّاء. وأوضح أن جامعة البترا نفذت عدة مبادرات لدمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، ما يساهم في خلق بيئة تفاعلية وفعّالة لطلبتها، تماشيا مع التحولات الرّقمية.
وأعرب عبد الرحيم عن اعتزاز الجامعة باستضافة المؤتمر، قائلا: 'إن جامعة البترا تسعى بشكل دائم إلى دعم المبادرات الأكاديمية والإبداعية التي تخدم المجتمع المحلي والعربي. وركّز في كلمته على أن التحول الرقمي بات واقعا يؤثر على جميع مؤسسات التعليم العالي؛ مشيرًا إلى ضرورة أن تكون المناهج الدراسية قادرة على مواكبة هذا التحول بما يتيح للطلبة تحقيق أقصى استفادة من تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي'.
وفي كلمة للدكتور زهير غنيم عضو الهيئة الإدارية في المجلس من السعودية، ركز فيها على أهمية اكتشاف المواهب ورعايتها كونها مسؤولية مشتركة تتحملها الحكومات، والمجتمعات، والمؤسّسات التعليمية، والأسَر. وشدد على أن الدول في حاجة ملحّة للموهوبين؛ لأنهم عماد المستقبل وأساس النهضة العلمية، وقال: 'رعاية الموهوبين أمانة ومسؤولية'، موجّهًا رسائل شكر للملوك، ورؤساء الدول العربية على دعمهم المواهب، ولوزراء التعليم على جهودهم في تأسيس مدارس للموهوبين. كما دعا الموهوبين إلى الاجتهاد والعمل، مبرزًا دور الإخلاص في تحقيق النجاح، قائلاً: 'إذا أخلصنا في العمل، سنحقق الكثير.' واقترح الدكتور زهير توصية بربط المجلس بجامعة الدول العربية لتوسيع دوره.
وقال دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران: إن 'التقدم العلمي يجب أن يصب في مصلحة الإنسانية، لا في ابتكار أسلحة دمار شامل، أو تقنيات تهدد الحياة البشرية'، مضيفًا أن المطلوب اليوم هو توجيه الأبحاث العلمية نحو حل المشكلات الأساسية للحياة البشرية، كالتغير المناخي، والأمن الغذائي، عبر الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وتطوير أساليب مستدامة للزراعة، والموارد المائية.
وقال بدران: إن 'الحرية هي الأساس لرعاية الموهبة، إذ يصعب تحقيق الإبداع في ظل القيود'. مشيرًا إلى أهمية خلق بيئة إبداعية تتسم بالحرية والانفتاح، وأن الابتكار هو ركيزة من ركائز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن رعاية المواهب تتطلب من المجتمع والمؤسسات الأكاديمية العمل على إزالة العراقيل أمام العقول المبدعة، وتهيئة المساحات الداعمة لتحفيزهم.
وسلّط بدران الضوء على أهمية التعليم متعدد التخصصات كونه أسلوبا فاعلا لمواجهة التحديات المعاصرة؛ مستشهدًا بالمشكلات العالمية التي تتطلب تعاونا بين مختلف التخصصات، مثل تغير المناخ والأمن الغذائي والفقر؛ مؤكدا ضرورة التداخل بين العلوم الإنسانية، والتطبيقية لإيجاد حلول مبتكرة.
وأوضح بدران أن التعددية التخصصية من شأنها بناء جيلٍ جديدٍ من المبدعين القادرين على مواجهة الأزمات المستقبلية عبر دمج المعرفة الإنسانية بالتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي.
وأشار دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة إلى أهمية المناهج التعليمية، ودور المعلمين في العملية التربوية، موضحًا أن العالم العربي يواجه أزمة تربوية كبيرة بسبب غياب نظام تعليمي موحّد. وتناول في حديثه ضرورة مراجعة المناهج التعليمية لتكون قادرة على مواجهة هموم المجتمع ومتطلباته.
وأكد الروابدة على أهمية توفير معلمين مؤهلين وملتزمين بقضاياهم الوطنية، ليكونوا قادرين على اكتشاف المواهب الإبداعية ورعايتها لدى الطلاب. وأعرب عن قلقه من وجود طبقية جديدة في التعليم، حيث يتجه ذوو القدرات الاقتصادية العالية نحو المدارس الخاصة، ما يؤدي إلى تفوقهم على نظرائهم من المدارس الحكومية. كما أكد ضرورة أن تعمل جميع مؤسّسات المجتمع معًا لرعاية المواهب، وأن تكون الدولة شريكًا في عملية اكتشافها وتطويرها.
وأكد معالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي على أهمية برامج التدخل المبكّر في التعليم، التي تهدف إلى تحديد المواهب ورعايتها لدى الأطفال في مراحلهم التعليمية المبكرة. وأشار إلى أن هذه البرامج توفر بيئة تعليمية ملائمة تعزز من قدرات الطلبة الموهوبين، وتساعد في تجنّب فقدان هذه المواهب بسبب الإهمال، أو نقص الدعم.
وأوضح محافظة أن الوزارة تركز على استراتيجيات التعلم النشط عن طريق الألعاب والقصص، بدلًا من الطرق التقليدية، وذلك عبر برامج تستهدف الطلبة في الصفوف الثلاثة الأولى. كما تناول برنامج 'كيدز سمارت' الذي يساهم في تنمية المهارات الرقمية لدى الأطفال بوساطة مواضيع متنوعة تشمل الرياضيات، والعلوم، والموسيقى، بالإضافة إلى تدريب المعلمين على هذه البرامج؛ مشيرًا إلى استخدام اختبارات متخصصة لتحديد المواهب في الروضة، والمرحلة الابتدائية، والتي تتضمن تقييمات تشمل الذكاء، والقدرات التحليلية. كما تحدث محافظة عن أهمية التعليم القائم على المشاريع الذي يتيح للطلبة الموهوبين تطبيق مهاراتهم الإبداعية في حل مشكلات واقعية.
وفي ختام كلمته، تناول محافظة تنظيم المراكز الصيفية، والمعسكرات التدريبية للأطفال الموهوبين، التي تشمل أنشطة أكاديمية، وفنية، ورياضية، وتساهم في استغلال أوقات الإجازات لتنمية مهاراتهم. كما دعا إلى تعزيز التعاون بين المدرسة والأسرة لدعم الأطفال الموهوبين بتقديم إرشادات للوالدين حول كيفية رعاية مواهب أطفالهم.
وفي الجلسة الحوارية ضمن الجلسة الرئيسة التي ناقشت دعم الطلاب الموهوبين في عصر الرقمنة، تم استضافة كل من دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة رئيس الوزراء الأسبق، ودولة الدكتور عدنان بدران رئيس الوزراء الأسبق، ومعالي الدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي حيث تطرقت النقاشات إلى كيفية استغلال السياسات الحكومية للأدوات الرقمية بشكل فعال لضمان استفادة الطلاب الموهوبين، مع التركيز على تقليل الفجوة الرقمية. وتم تناول دور الهُويّة الوطنية، والثقافية في تشكيل الأفراد الموهوبين، مع التشديد على أن التحول الرقمي لا ينبغي أن يطغى على هذه الهُويّات، بل يمكن أن يكون وسيلة للحفاظ على القيم الثقافية وتعزيزها.
كما تم التأكيد على أهمية النهج التعددي التخصصي بوصفه عاملا رئيسا لتعزيز الابتكار. وقد أظهرت أمثلة ناجحة كيف أن دمج مجالات دراسية متعددة يمكن أن يحفز الإبداع، وحل المشكلات لدى الطلاب الموهوبين. واوصت الجلسة بتوصيات للجامعات بتحديث المناهج وطرق التدريس، لضمان إعداد الخريجين لمواجهة تحديات المستقبل في عالم تقوده التقنيات الرقمية.
بالإضافة إلى ذلك، أبرزت الجلسة أهمية التعاون بين الوكالات الحكومية والجامعات والمنظمات الخاصة لإيجاد منظومة داعمة لتعليم الموهوبين. وتم استعراض شراكات ناجحة على أنها نماذج توضح كيف يمكن لهذه التحالفات توفير الموارد، والفرص اللازمة للطلاب الموهوبين، ما يُعدّ محورًا أساسيّا لرعاية المواهب في عالم يتطور بسرعة.
وفي ختام الجلسة، سلط الخبراء الضوء على دور مشاركة أولياء الأمور، خاصة من خلال الموارد الرقمية، كونها عنصرا أساسي في تعزيز نمو الطلاب. وناقش الخبراء المبادرات المخطط لها التي تهدف إلى تشجيع أولياء الأمور على المشاركة بنشاط في العملية التعليمية، ما يسهم في بناء نظام دعم متكامل لنمو الطلاب.
وفي الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر، قدم مدير المركز الوطني السابق للمناهج الدكتور محمود المساد عرضًا حول المناهج الإبداعية، مسلّطا الضوء على علاقة الشغف بالإنجاز، وأكد الدكتور ذوقان عبيدات الخبير التربوي على أهمية جعل المناهج الإبداعية مناهج مفتوحة ومرنة؛ مؤيّدا فكرة السندويشات التربوية بدلًا من مناهج 'الديب فريزر'، ودعا إلى اتباع مفهوم 'السندويشات التربوية' بديلا عن المناهج التقليدية.
وفي صباح اليوم التالي ناقشت الجلسة التي أدارتها د. وصال الدوري من العراق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم. حيث أوضحت د. عائشة العوضي من الإمارات ما يمكن أن يستفيده المعلم من الذكاء الاصطناعي. وتناولت د. سامية الفرا من الأردن مواصفات مؤسسات الرعاية الخاصة بالموهوبين. كما تحدثت الدكتورة ساميا الفرا من الأردن عن المعايير المثلى لمؤسسات رعاية الموهوبين.
وفيما يتعلق بجائزة المجلس السنوية لطلبة المدارس العرب الموهوبين والمبدعين من الصف التاسع حتى الثاني عشر في مجالات العلوم التطبيقية والآداب والفنون، وتكنولوجيا المعلومات، والروبوت والذكاء الاصطناعي، والرسم والنحت؛ وذلك امتدادا لمسيرة التميز والإبداع التي تبنّاها المجلس منذ تأسيسه عام 1996؛ ليكون مشروعا علميا حضاريا رائدا على مستوى الوطن العربي يعمل على اكتشاف الطاقات والمواهب المبدعة، وإبرازها؛ إيمانا بأنّ إبداعات الطلبة وابتكاراتهم العلمية الرائدة والاهتمام بها تعمل على تحقيق التطور المنشود، والتنمية البشرية المستدامة في جميع مجالات الحياة في عصر رقميّ يتسم بثورة في المعرفة والمعلومات، ووسائل الاتصال فقد تم الإعلان عن جائزة المجلس في دورتها السابعة لمستحقيها من الطلبة العرب في حفل تكريمي عُقِد على هامش أعمال المؤتمر.
وفي اختتام أعمال المؤتمر، خرجت لجنة صياغة التوصيات المكونة من المشاركين: د. وصال الدوري؛ من العراق؛ د. منى المنشي؛ من مصر؛ د. عائشة العوضي من الإمارات، بالتوصيات الآتية:
1- مخاطبة جامعة الدول العربية؛ ليكون المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين من بين المنظمات التي ترعاها الجامعة العربية.
2- ضرورة الاهتمام بموضوع توظيف الذكاء الاصطناعي، وتضمينه على وفق المناهج الدراسية.
3- توجيه الباحثين نحو إجراء دراسات، وبحوث تهتم بموضوعات الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي والأمن السيبراني.
4- تشجيع المعلمين على استخدام البرامج التي تساعدهم على إعداد أوراق الاختبارات الصفية مثل: برنامج QUZIGEKO
5- عقد شراكات مع شركات رائدة في الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، واستثمار خبراتهم العملية.
6- إنتاج مِنصّات تعلّم إلكترونية، وأدوات تفاعلية تُعنى بالموهوبين.
7- دعم المشاريع البحثية التي يستخدم فيها الموهوبون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات واقعية.
8- بناء أطر وطنية في كل دولة عربية لإدارة المواهب، مع تقديم دعم مالي مناسب، وحوافز من قبل الحكومات.
9- إدراج التفكير النقدي، وتقويم تأثير الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية.
10- وضع معايير خاصة لاختيار معلمي الطلبة الموهوبين في الوطن العربي.
11- توظيف منحى STEAM في التدريس.
12- تنظيم ورش عمل ومسابقات تنافسية تشجع الموهوبين على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
13- بناء مجتمع رقمي للموهوبين؛ ليتمكنوا من مشاركة تجاربهم، وأفكارهم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
14- إعداد قوانين وتشريعات تضمن حقوق الموهوبين.
15- السعي لفتح فروع للمجلس في الدول العربية، لمن يرغب، ولديه الاستعداد.
16- إقامة المؤتمر العلمي الدولي الثامن عشر القادم 2025 في الجمهورية العراقية.
عمان جو - رعى دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران المستشار الأعلى لجامعة البترا ومجلس أمنائها أعمال الموتمر العلمي الدولي السابع عشر الذي ينظمه المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين، بالتعاون مع جامعة البترا، بتاريخ 26 _ 27 / 10 أكتوبر، تشرين الأول 2024. وبدعم فنّي ومادي كبيرين من جامعة البترا.
افتتح المؤتمرالأستاذ الدكتور عاطف كنعان رئيس المجلس، بكلمة تربوية تناولت جهود المجلس العربي للموهوبين في خدمة الموهبة على مستوى الوطن العربي، والتحديات التي يواجهها المجلس في أداء مهامه. وقال: 'إن اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، استراتيجيّة عربيّة مُهمّة للتّنشئة في مجتمعات اليوم، فهم ثروة وطنيّة غير قابلة للتّعويض، أو الاستبدال، وخاصّة في عصر تكنولوجيا المعلومات، وتفجُّر المعرفة، في زمن يشهد العالَم فيه تطوّرا متسارعا لأنظمة الذكاء الاصطناعيّ والرّقمنة، والروبوت في مختلف المجالات. وفيما يتعلق بعملية اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، أشار كنعان إلى القول بأنها نقطة انطلاق، وركيزة أساسية للتنمية، ومورد مستدام للثروة البشرية، ومسؤولية مشتركة بين المجتمع والمؤسّسات التعليمية.
وأشار كنعان إلى أن المؤتمر استقبل ستة وثلاثين عملا علميّا، وتربويّا، من عشر دول عربية، تراوحت بين بحث علميّ وورقة عمل، وتوزعت على ستّ جلَسات، وشملت معظم محاور المؤتمر، بالإضافة إلى عقدِ ورشتين تدريبيّتين على هامش المؤتمر، والإعلان عن جائزة المجلس في دورتها السابعةِ. وبعدَ استظهار ملخّصات البحوث وأوراق العمل تبيّن أنها تفرض طرح عدد من التساؤلاتِ على المؤسسات التعليمية في الوطن العربي، كان أهمها يتعلق بدور رقمنة التعليم وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والروبوتات في المناهج التعليمية، وتحسين بيئة التعليم العام والجامعي؛ تحقيقا للكفاية الأكاديمية بما ينسجم مع منظومة القيم في المجتمعات الإنسانية، وهل نجح التعليم في إكساب المتعلمين القدرة على التفكير التحليليّ والنقدي، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمجتمعية، وهل طوَر التعليم القيم الإيجابية، والاتجاهات السليمةَ في نفوس المتعلمين، ومجتمعاتهم؟.
وفي كلمة لرئيس جامعة البترا الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم، أشار فيها إلى أن جامعة البترا تهتم بدعم المواهب الشابة، وتوفير بيئة تعليمية متكاملة، قائلا: 'الموهوبون هم أصحاب فكر نقدي وطموح عالٍ، لذا يجب أن تكون مؤسّساتنا التعليمية مهيأة لرعاية هذه الفئات، وتعزيز قدراتهم'؛ مبينًا أن التحول الرقمي جزء من جهود الجامعة في تطوير العملية التعليمية، حيث إن أكثر من 20% من المقررات تدرَّس إلكترونيّا بالكامل، ما يعزز مهارات الطلبة في التكيف مع التطورات التكنولوجية.
وأضاف عبد الرحيم أن جامعة البترا تسعى إلى تبنّي التكنولوجيا أداة دعم للمعلمين وليس بديلاً عنهم، مؤكدا أن التفاعل الإنساني في قاعات الدراسة يبقى جوهريّا لبناء مهارات التواصل والنقد البنّاء. وأوضح أن جامعة البترا نفذت عدة مبادرات لدمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، ما يساهم في خلق بيئة تفاعلية وفعّالة لطلبتها، تماشيا مع التحولات الرّقمية.
وأعرب عبد الرحيم عن اعتزاز الجامعة باستضافة المؤتمر، قائلا: 'إن جامعة البترا تسعى بشكل دائم إلى دعم المبادرات الأكاديمية والإبداعية التي تخدم المجتمع المحلي والعربي. وركّز في كلمته على أن التحول الرقمي بات واقعا يؤثر على جميع مؤسسات التعليم العالي؛ مشيرًا إلى ضرورة أن تكون المناهج الدراسية قادرة على مواكبة هذا التحول بما يتيح للطلبة تحقيق أقصى استفادة من تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي'.
وفي كلمة للدكتور زهير غنيم عضو الهيئة الإدارية في المجلس من السعودية، ركز فيها على أهمية اكتشاف المواهب ورعايتها كونها مسؤولية مشتركة تتحملها الحكومات، والمجتمعات، والمؤسّسات التعليمية، والأسَر. وشدد على أن الدول في حاجة ملحّة للموهوبين؛ لأنهم عماد المستقبل وأساس النهضة العلمية، وقال: 'رعاية الموهوبين أمانة ومسؤولية'، موجّهًا رسائل شكر للملوك، ورؤساء الدول العربية على دعمهم المواهب، ولوزراء التعليم على جهودهم في تأسيس مدارس للموهوبين. كما دعا الموهوبين إلى الاجتهاد والعمل، مبرزًا دور الإخلاص في تحقيق النجاح، قائلاً: 'إذا أخلصنا في العمل، سنحقق الكثير.' واقترح الدكتور زهير توصية بربط المجلس بجامعة الدول العربية لتوسيع دوره.
وقال دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران: إن 'التقدم العلمي يجب أن يصب في مصلحة الإنسانية، لا في ابتكار أسلحة دمار شامل، أو تقنيات تهدد الحياة البشرية'، مضيفًا أن المطلوب اليوم هو توجيه الأبحاث العلمية نحو حل المشكلات الأساسية للحياة البشرية، كالتغير المناخي، والأمن الغذائي، عبر الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وتطوير أساليب مستدامة للزراعة، والموارد المائية.
وقال بدران: إن 'الحرية هي الأساس لرعاية الموهبة، إذ يصعب تحقيق الإبداع في ظل القيود'. مشيرًا إلى أهمية خلق بيئة إبداعية تتسم بالحرية والانفتاح، وأن الابتكار هو ركيزة من ركائز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن رعاية المواهب تتطلب من المجتمع والمؤسسات الأكاديمية العمل على إزالة العراقيل أمام العقول المبدعة، وتهيئة المساحات الداعمة لتحفيزهم.
وسلّط بدران الضوء على أهمية التعليم متعدد التخصصات كونه أسلوبا فاعلا لمواجهة التحديات المعاصرة؛ مستشهدًا بالمشكلات العالمية التي تتطلب تعاونا بين مختلف التخصصات، مثل تغير المناخ والأمن الغذائي والفقر؛ مؤكدا ضرورة التداخل بين العلوم الإنسانية، والتطبيقية لإيجاد حلول مبتكرة.
وأوضح بدران أن التعددية التخصصية من شأنها بناء جيلٍ جديدٍ من المبدعين القادرين على مواجهة الأزمات المستقبلية عبر دمج المعرفة الإنسانية بالتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي.
وأشار دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة إلى أهمية المناهج التعليمية، ودور المعلمين في العملية التربوية، موضحًا أن العالم العربي يواجه أزمة تربوية كبيرة بسبب غياب نظام تعليمي موحّد. وتناول في حديثه ضرورة مراجعة المناهج التعليمية لتكون قادرة على مواجهة هموم المجتمع ومتطلباته.
وأكد الروابدة على أهمية توفير معلمين مؤهلين وملتزمين بقضاياهم الوطنية، ليكونوا قادرين على اكتشاف المواهب الإبداعية ورعايتها لدى الطلاب. وأعرب عن قلقه من وجود طبقية جديدة في التعليم، حيث يتجه ذوو القدرات الاقتصادية العالية نحو المدارس الخاصة، ما يؤدي إلى تفوقهم على نظرائهم من المدارس الحكومية. كما أكد ضرورة أن تعمل جميع مؤسّسات المجتمع معًا لرعاية المواهب، وأن تكون الدولة شريكًا في عملية اكتشافها وتطويرها.
وأكد معالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي على أهمية برامج التدخل المبكّر في التعليم، التي تهدف إلى تحديد المواهب ورعايتها لدى الأطفال في مراحلهم التعليمية المبكرة. وأشار إلى أن هذه البرامج توفر بيئة تعليمية ملائمة تعزز من قدرات الطلبة الموهوبين، وتساعد في تجنّب فقدان هذه المواهب بسبب الإهمال، أو نقص الدعم.
وأوضح محافظة أن الوزارة تركز على استراتيجيات التعلم النشط عن طريق الألعاب والقصص، بدلًا من الطرق التقليدية، وذلك عبر برامج تستهدف الطلبة في الصفوف الثلاثة الأولى. كما تناول برنامج 'كيدز سمارت' الذي يساهم في تنمية المهارات الرقمية لدى الأطفال بوساطة مواضيع متنوعة تشمل الرياضيات، والعلوم، والموسيقى، بالإضافة إلى تدريب المعلمين على هذه البرامج؛ مشيرًا إلى استخدام اختبارات متخصصة لتحديد المواهب في الروضة، والمرحلة الابتدائية، والتي تتضمن تقييمات تشمل الذكاء، والقدرات التحليلية. كما تحدث محافظة عن أهمية التعليم القائم على المشاريع الذي يتيح للطلبة الموهوبين تطبيق مهاراتهم الإبداعية في حل مشكلات واقعية.
وفي ختام كلمته، تناول محافظة تنظيم المراكز الصيفية، والمعسكرات التدريبية للأطفال الموهوبين، التي تشمل أنشطة أكاديمية، وفنية، ورياضية، وتساهم في استغلال أوقات الإجازات لتنمية مهاراتهم. كما دعا إلى تعزيز التعاون بين المدرسة والأسرة لدعم الأطفال الموهوبين بتقديم إرشادات للوالدين حول كيفية رعاية مواهب أطفالهم.
وفي الجلسة الحوارية ضمن الجلسة الرئيسة التي ناقشت دعم الطلاب الموهوبين في عصر الرقمنة، تم استضافة كل من دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة رئيس الوزراء الأسبق، ودولة الدكتور عدنان بدران رئيس الوزراء الأسبق، ومعالي الدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي حيث تطرقت النقاشات إلى كيفية استغلال السياسات الحكومية للأدوات الرقمية بشكل فعال لضمان استفادة الطلاب الموهوبين، مع التركيز على تقليل الفجوة الرقمية. وتم تناول دور الهُويّة الوطنية، والثقافية في تشكيل الأفراد الموهوبين، مع التشديد على أن التحول الرقمي لا ينبغي أن يطغى على هذه الهُويّات، بل يمكن أن يكون وسيلة للحفاظ على القيم الثقافية وتعزيزها.
كما تم التأكيد على أهمية النهج التعددي التخصصي بوصفه عاملا رئيسا لتعزيز الابتكار. وقد أظهرت أمثلة ناجحة كيف أن دمج مجالات دراسية متعددة يمكن أن يحفز الإبداع، وحل المشكلات لدى الطلاب الموهوبين. واوصت الجلسة بتوصيات للجامعات بتحديث المناهج وطرق التدريس، لضمان إعداد الخريجين لمواجهة تحديات المستقبل في عالم تقوده التقنيات الرقمية.
بالإضافة إلى ذلك، أبرزت الجلسة أهمية التعاون بين الوكالات الحكومية والجامعات والمنظمات الخاصة لإيجاد منظومة داعمة لتعليم الموهوبين. وتم استعراض شراكات ناجحة على أنها نماذج توضح كيف يمكن لهذه التحالفات توفير الموارد، والفرص اللازمة للطلاب الموهوبين، ما يُعدّ محورًا أساسيّا لرعاية المواهب في عالم يتطور بسرعة.
وفي ختام الجلسة، سلط الخبراء الضوء على دور مشاركة أولياء الأمور، خاصة من خلال الموارد الرقمية، كونها عنصرا أساسي في تعزيز نمو الطلاب. وناقش الخبراء المبادرات المخطط لها التي تهدف إلى تشجيع أولياء الأمور على المشاركة بنشاط في العملية التعليمية، ما يسهم في بناء نظام دعم متكامل لنمو الطلاب.
وفي الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر، قدم مدير المركز الوطني السابق للمناهج الدكتور محمود المساد عرضًا حول المناهج الإبداعية، مسلّطا الضوء على علاقة الشغف بالإنجاز، وأكد الدكتور ذوقان عبيدات الخبير التربوي على أهمية جعل المناهج الإبداعية مناهج مفتوحة ومرنة؛ مؤيّدا فكرة السندويشات التربوية بدلًا من مناهج 'الديب فريزر'، ودعا إلى اتباع مفهوم 'السندويشات التربوية' بديلا عن المناهج التقليدية.
وفي صباح اليوم التالي ناقشت الجلسة التي أدارتها د. وصال الدوري من العراق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم. حيث أوضحت د. عائشة العوضي من الإمارات ما يمكن أن يستفيده المعلم من الذكاء الاصطناعي. وتناولت د. سامية الفرا من الأردن مواصفات مؤسسات الرعاية الخاصة بالموهوبين. كما تحدثت الدكتورة ساميا الفرا من الأردن عن المعايير المثلى لمؤسسات رعاية الموهوبين.
وفيما يتعلق بجائزة المجلس السنوية لطلبة المدارس العرب الموهوبين والمبدعين من الصف التاسع حتى الثاني عشر في مجالات العلوم التطبيقية والآداب والفنون، وتكنولوجيا المعلومات، والروبوت والذكاء الاصطناعي، والرسم والنحت؛ وذلك امتدادا لمسيرة التميز والإبداع التي تبنّاها المجلس منذ تأسيسه عام 1996؛ ليكون مشروعا علميا حضاريا رائدا على مستوى الوطن العربي يعمل على اكتشاف الطاقات والمواهب المبدعة، وإبرازها؛ إيمانا بأنّ إبداعات الطلبة وابتكاراتهم العلمية الرائدة والاهتمام بها تعمل على تحقيق التطور المنشود، والتنمية البشرية المستدامة في جميع مجالات الحياة في عصر رقميّ يتسم بثورة في المعرفة والمعلومات، ووسائل الاتصال فقد تم الإعلان عن جائزة المجلس في دورتها السابعة لمستحقيها من الطلبة العرب في حفل تكريمي عُقِد على هامش أعمال المؤتمر.
وفي اختتام أعمال المؤتمر، خرجت لجنة صياغة التوصيات المكونة من المشاركين: د. وصال الدوري؛ من العراق؛ د. منى المنشي؛ من مصر؛ د. عائشة العوضي من الإمارات، بالتوصيات الآتية:
1- مخاطبة جامعة الدول العربية؛ ليكون المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين من بين المنظمات التي ترعاها الجامعة العربية.
2- ضرورة الاهتمام بموضوع توظيف الذكاء الاصطناعي، وتضمينه على وفق المناهج الدراسية.
3- توجيه الباحثين نحو إجراء دراسات، وبحوث تهتم بموضوعات الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي والأمن السيبراني.
4- تشجيع المعلمين على استخدام البرامج التي تساعدهم على إعداد أوراق الاختبارات الصفية مثل: برنامج QUZIGEKO
5- عقد شراكات مع شركات رائدة في الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، واستثمار خبراتهم العملية.
6- إنتاج مِنصّات تعلّم إلكترونية، وأدوات تفاعلية تُعنى بالموهوبين.
7- دعم المشاريع البحثية التي يستخدم فيها الموهوبون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات واقعية.
8- بناء أطر وطنية في كل دولة عربية لإدارة المواهب، مع تقديم دعم مالي مناسب، وحوافز من قبل الحكومات.
9- إدراج التفكير النقدي، وتقويم تأثير الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية.
10- وضع معايير خاصة لاختيار معلمي الطلبة الموهوبين في الوطن العربي.
11- توظيف منحى STEAM في التدريس.
12- تنظيم ورش عمل ومسابقات تنافسية تشجع الموهوبين على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
13- بناء مجتمع رقمي للموهوبين؛ ليتمكنوا من مشاركة تجاربهم، وأفكارهم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
14- إعداد قوانين وتشريعات تضمن حقوق الموهوبين.
15- السعي لفتح فروع للمجلس في الدول العربية، لمن يرغب، ولديه الاستعداد.
16- إقامة المؤتمر العلمي الدولي الثامن عشر القادم 2025 في الجمهورية العراقية.
التعليقات