عمان جو - بسام البدارين- المخلصون والأوفياء لمسار التحديث السياسي في الأردن يجب عليهم التوقف والتأمل سياسياً في قراءة المحتوى والمضمون الذي تقدم به رئيس الوزراء الأسبق ورئيس اللجنة الملكية الأم للتحديث سمير الرفاعي، في محاضرة علنية له أمس الأول لها خلفيات وبالتأكيد ترتبط فيها تداعيات لاحقاً. الدوائر النخبوية المخلصة أكثر من غيرها لـ “وظيفة” التحديث السياسي المرجعية سواء في حسابات الداخل أو تقاطعات المصالح الخارجية، تمثل الشريحة التي تتوقف أكثر عند تفاصيل المشهد السياسي الخاص بالمسار التطبيقي لوثيقة التحديث السياسي، وحصراً عند المحطات التي أشار لها المخضرم الرفاعي وهو يستعرض بصورة علنية بعض “أخطاء التطبيق والتنفيذ” التي يمكن وصفها بأنها فادحة اليوم. الأهم أن الأخطاء لم تعد من الصنف الذي تقرر التغاضي عنه أو التسامح به، بدلالة سلسلة من التغييرات والإحالات على التقاعد في المنظومة الأمنية وإعادة هيكلتها بعد الانتخابات الأولى النيابية بموجب قوانين التحديث الجديدة. الرفاعي تحدث عن بعض “عيوب التطبيق” عملياً مثل “مقاعد حزبية برلمانية خضعت للبيع “أو قصور الإطار البرامجي ولاحقاً غياب النخب المسيسة وعزوفها خلافاً لـ “الجهل الثقافي”. ما قله الرفاعي هنا يستحق التأمل. الرجل كان الأقرب لفهم الرؤية الملكية المطلوبة، وترأس اللجنة الملكية العريضة الأم التي صاغت وثيقة التحديث السياسي. الفكرة أن البوح العلني من جهته، في تقييم التجربة في سنتها الأولى وبعد انتخاباتها الأولى، أصبح فيما يبدو محطة ضرورية ليس فقط للعمل على تجويد صناعة التحديث مستقبلاً وإعادته إلى سكته المرسومة المطلوبة، لكن أيضاً التأسيس لحالة تقول فيها المؤسسات المرجعية إنها ليست راضية عما أنجز حتى الآن في مساري الانتخابات والأحزاب الجديدة على الأقل. يدلي الرفاعي هنا برأي وتقييم شخصي وسط محاولة الإجابة عن سؤال مطروح وعالق، لكن لا أدلة ولا قرائن على أن شخصانية التقييم هنا غير معتمدة في مؤسسات مرجعية راقبت وشاهدت ولها كلمة في التطبيق والتنفيذ لا بل اتخذت قرارات. الدليل السياسي على ذلك هو العودة لمربع إعادة الهيكلة في المنظومة الأمنية وبقوة عبر إحالات واسعة على التقاعد أعقبت الانتخابات النيابية الأخيرة، ثم توجيه رسالة بالحرص على المسار الثاني من التحديث المقرر في المربع الاقتصادي عبر تشكيل حكومة تكنوقراط اقتصادي يترأسها الدكتور جعفر حسان المشرف المباشر على الاجتماعات والمشاورات التي أنتجت وثيقة التحديث الاقتصادي. هنا رسالتان في السياسة والتوجيه لا يمكن إغفالهما من جهة مركز القرار أو القناة النافذة في الدولة العميقة. الرسلة الأولى يعبر عنها بصفة يومية رئيس الوزراء الدكتور حسان، وهو يعيد كل النقاشات والإجراءات مع الوزراء والمواطنين إلى حقيقة أن السقف الذي تعمل تحته هو وثيقة التحديث الاقتصادي. والرسالة الثانية بتوقيع الرئيس الرفاعي بدوره نائب رئيس مجلس الأعيان، والتي يمكن بعد الإصغاء إلى ملاحظاتها النقدية الشرسة إلى حد ملموس الاستنتاج بأن الملاحظات المرجعية متراكمة في الجزء المتعلق بتحديث المنظومة السياسية للبلاد. الرسالتان بالتحالف بينهما تقولان ما لا يقال علناً، بمعنى جدية الغطاء السياسي لمسارات التحديث والجرأة والقدرة على نقد الذات التطبيقية والإجرائية، حرصاً على جوهر المطلوب من مسارات التحديث، الأمر الذي يمهد بالنتائج إلى تلك الملاحظات العلنية القاسية التي أدلى بها الرفاعي فيما يحشر الملف برمته بين زاويتين بالاحتمالات: الأولى إعادة ترسيم الملعب وفقاً لقواعد لعب نظيفة بعد أخطاء الانتخابات وفك وتركيب الأحزاب، والأخرى سبق أن حذرت منها شخصيات متعددة، من بينها السياسي والبرلماني محمد حجوج، الذي عبر مع “القدس العربي” عن الخشية من خدش روح التحديث والعمل الحزبي بهدف التراجع عنه أو الإيحاء بأنه لا يلائم الثقافة العامة للأردنيين. لذلك عموماً تبدو ملاحظات الرفاعي مهمة وهو يعتبر بأن تخصيص مقاعد حزبية برلمانية للبيع لم يكن هو هدف قوانين التحديث، وبأن الحاجة ملحة لفهرس تثقيفي وطني للأحزاب الجديدة، وبأن الأحزاب التي تشكلت بذريعة التحديث السياسي -وأغلبها في الواقع أحزاب تزعم الولاء والوسطية- خالية من البرامج الحقيقية. الرفاعي نفسه وبحضور “القدس العربي” في وقت سابق وقبل محاضرته الثلاثاء في معهد الإعلام الأردني، كان يشرح وجهة نظره التقييمية في التأشير على أن طبقات وشرائح أساسية في المجتمع لا بد من فهم الأسباب التي دفعتها لتجنب الانخراط في العمل الحزبي. أراد الرفاعي الوقوف عند غياب طبقة الخبرات النقابية عن العمل الحزبي ورجال الأعمال والشرائح المهنية، معتبراً أن هذه المحطة أساسية الآن، وملمحاً إلى أن ما أفرزته قوانين وتعديلات قوانين التحديث السياسي لا ينسجم مع ما خططت له اللجنة الملكية. النقطة التي لا يريد المراقبون التوسع فيها هو الدور الذي ظهر للمال السياسي وللأثرياء في تحصيل مقاعد برلمانية بعد الانتخابات الأخيرة، فيما الجرح خلف ستائر القرار والدولة أكبر جراء اكتشاف وقائع رقمية صادمة في أصوات الانتخابات التي حصلت عليها الأحزاب الوسطية تحديداً، والتي كانت بائسة للغاية قياساً في الاختراقات الجوهرية غير المسبوقة لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض في عمق الأوساط التقليدية والمحافظة. نقد التجربة، والذات بلسان الرفاعي، محطة ضمن سلسلة مراجعات توحي ضمناً بعد إجراءات اتخذت، ولها دلالاتها بأن المؤسسة لا تريد أن تقبل فكرة هندسة الأحزاب السياسية بعيداً عن روح بناء العمل الحزبي. وأن المؤسسة أيضاً لا تسلم بما حصل، وبالحد الأدنى تعتبره بعيداً عن المطلوب، وبالتالي عن الوظيفة التي كانت مبرمجة ومدروسة عندما تقرر إجراء انتخابات النسخة الأولى من التحديث السياسي يوم العاشر من أيلول الماضي. المعنى هنا، قبل نحو شهرين أو أكثر قليلاً من انتخابات الرئاسة الأمريكية.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين- المخلصون والأوفياء لمسار التحديث السياسي في الأردن يجب عليهم التوقف والتأمل سياسياً في قراءة المحتوى والمضمون الذي تقدم به رئيس الوزراء الأسبق ورئيس اللجنة الملكية الأم للتحديث سمير الرفاعي، في محاضرة علنية له أمس الأول لها خلفيات وبالتأكيد ترتبط فيها تداعيات لاحقاً. الدوائر النخبوية المخلصة أكثر من غيرها لـ “وظيفة” التحديث السياسي المرجعية سواء في حسابات الداخل أو تقاطعات المصالح الخارجية، تمثل الشريحة التي تتوقف أكثر عند تفاصيل المشهد السياسي الخاص بالمسار التطبيقي لوثيقة التحديث السياسي، وحصراً عند المحطات التي أشار لها المخضرم الرفاعي وهو يستعرض بصورة علنية بعض “أخطاء التطبيق والتنفيذ” التي يمكن وصفها بأنها فادحة اليوم. الأهم أن الأخطاء لم تعد من الصنف الذي تقرر التغاضي عنه أو التسامح به، بدلالة سلسلة من التغييرات والإحالات على التقاعد في المنظومة الأمنية وإعادة هيكلتها بعد الانتخابات الأولى النيابية بموجب قوانين التحديث الجديدة. الرفاعي تحدث عن بعض “عيوب التطبيق” عملياً مثل “مقاعد حزبية برلمانية خضعت للبيع “أو قصور الإطار البرامجي ولاحقاً غياب النخب المسيسة وعزوفها خلافاً لـ “الجهل الثقافي”. ما قله الرفاعي هنا يستحق التأمل. الرجل كان الأقرب لفهم الرؤية الملكية المطلوبة، وترأس اللجنة الملكية العريضة الأم التي صاغت وثيقة التحديث السياسي. الفكرة أن البوح العلني من جهته، في تقييم التجربة في سنتها الأولى وبعد انتخاباتها الأولى، أصبح فيما يبدو محطة ضرورية ليس فقط للعمل على تجويد صناعة التحديث مستقبلاً وإعادته إلى سكته المرسومة المطلوبة، لكن أيضاً التأسيس لحالة تقول فيها المؤسسات المرجعية إنها ليست راضية عما أنجز حتى الآن في مساري الانتخابات والأحزاب الجديدة على الأقل. يدلي الرفاعي هنا برأي وتقييم شخصي وسط محاولة الإجابة عن سؤال مطروح وعالق، لكن لا أدلة ولا قرائن على أن شخصانية التقييم هنا غير معتمدة في مؤسسات مرجعية راقبت وشاهدت ولها كلمة في التطبيق والتنفيذ لا بل اتخذت قرارات. الدليل السياسي على ذلك هو العودة لمربع إعادة الهيكلة في المنظومة الأمنية وبقوة عبر إحالات واسعة على التقاعد أعقبت الانتخابات النيابية الأخيرة، ثم توجيه رسالة بالحرص على المسار الثاني من التحديث المقرر في المربع الاقتصادي عبر تشكيل حكومة تكنوقراط اقتصادي يترأسها الدكتور جعفر حسان المشرف المباشر على الاجتماعات والمشاورات التي أنتجت وثيقة التحديث الاقتصادي. هنا رسالتان في السياسة والتوجيه لا يمكن إغفالهما من جهة مركز القرار أو القناة النافذة في الدولة العميقة. الرسلة الأولى يعبر عنها بصفة يومية رئيس الوزراء الدكتور حسان، وهو يعيد كل النقاشات والإجراءات مع الوزراء والمواطنين إلى حقيقة أن السقف الذي تعمل تحته هو وثيقة التحديث الاقتصادي. والرسالة الثانية بتوقيع الرئيس الرفاعي بدوره نائب رئيس مجلس الأعيان، والتي يمكن بعد الإصغاء إلى ملاحظاتها النقدية الشرسة إلى حد ملموس الاستنتاج بأن الملاحظات المرجعية متراكمة في الجزء المتعلق بتحديث المنظومة السياسية للبلاد. الرسالتان بالتحالف بينهما تقولان ما لا يقال علناً، بمعنى جدية الغطاء السياسي لمسارات التحديث والجرأة والقدرة على نقد الذات التطبيقية والإجرائية، حرصاً على جوهر المطلوب من مسارات التحديث، الأمر الذي يمهد بالنتائج إلى تلك الملاحظات العلنية القاسية التي أدلى بها الرفاعي فيما يحشر الملف برمته بين زاويتين بالاحتمالات: الأولى إعادة ترسيم الملعب وفقاً لقواعد لعب نظيفة بعد أخطاء الانتخابات وفك وتركيب الأحزاب، والأخرى سبق أن حذرت منها شخصيات متعددة، من بينها السياسي والبرلماني محمد حجوج، الذي عبر مع “القدس العربي” عن الخشية من خدش روح التحديث والعمل الحزبي بهدف التراجع عنه أو الإيحاء بأنه لا يلائم الثقافة العامة للأردنيين. لذلك عموماً تبدو ملاحظات الرفاعي مهمة وهو يعتبر بأن تخصيص مقاعد حزبية برلمانية للبيع لم يكن هو هدف قوانين التحديث، وبأن الحاجة ملحة لفهرس تثقيفي وطني للأحزاب الجديدة، وبأن الأحزاب التي تشكلت بذريعة التحديث السياسي -وأغلبها في الواقع أحزاب تزعم الولاء والوسطية- خالية من البرامج الحقيقية. الرفاعي نفسه وبحضور “القدس العربي” في وقت سابق وقبل محاضرته الثلاثاء في معهد الإعلام الأردني، كان يشرح وجهة نظره التقييمية في التأشير على أن طبقات وشرائح أساسية في المجتمع لا بد من فهم الأسباب التي دفعتها لتجنب الانخراط في العمل الحزبي. أراد الرفاعي الوقوف عند غياب طبقة الخبرات النقابية عن العمل الحزبي ورجال الأعمال والشرائح المهنية، معتبراً أن هذه المحطة أساسية الآن، وملمحاً إلى أن ما أفرزته قوانين وتعديلات قوانين التحديث السياسي لا ينسجم مع ما خططت له اللجنة الملكية. النقطة التي لا يريد المراقبون التوسع فيها هو الدور الذي ظهر للمال السياسي وللأثرياء في تحصيل مقاعد برلمانية بعد الانتخابات الأخيرة، فيما الجرح خلف ستائر القرار والدولة أكبر جراء اكتشاف وقائع رقمية صادمة في أصوات الانتخابات التي حصلت عليها الأحزاب الوسطية تحديداً، والتي كانت بائسة للغاية قياساً في الاختراقات الجوهرية غير المسبوقة لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض في عمق الأوساط التقليدية والمحافظة. نقد التجربة، والذات بلسان الرفاعي، محطة ضمن سلسلة مراجعات توحي ضمناً بعد إجراءات اتخذت، ولها دلالاتها بأن المؤسسة لا تريد أن تقبل فكرة هندسة الأحزاب السياسية بعيداً عن روح بناء العمل الحزبي. وأن المؤسسة أيضاً لا تسلم بما حصل، وبالحد الأدنى تعتبره بعيداً عن المطلوب، وبالتالي عن الوظيفة التي كانت مبرمجة ومدروسة عندما تقرر إجراء انتخابات النسخة الأولى من التحديث السياسي يوم العاشر من أيلول الماضي. المعنى هنا، قبل نحو شهرين أو أكثر قليلاً من انتخابات الرئاسة الأمريكية.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين- المخلصون والأوفياء لمسار التحديث السياسي في الأردن يجب عليهم التوقف والتأمل سياسياً في قراءة المحتوى والمضمون الذي تقدم به رئيس الوزراء الأسبق ورئيس اللجنة الملكية الأم للتحديث سمير الرفاعي، في محاضرة علنية له أمس الأول لها خلفيات وبالتأكيد ترتبط فيها تداعيات لاحقاً. الدوائر النخبوية المخلصة أكثر من غيرها لـ “وظيفة” التحديث السياسي المرجعية سواء في حسابات الداخل أو تقاطعات المصالح الخارجية، تمثل الشريحة التي تتوقف أكثر عند تفاصيل المشهد السياسي الخاص بالمسار التطبيقي لوثيقة التحديث السياسي، وحصراً عند المحطات التي أشار لها المخضرم الرفاعي وهو يستعرض بصورة علنية بعض “أخطاء التطبيق والتنفيذ” التي يمكن وصفها بأنها فادحة اليوم. الأهم أن الأخطاء لم تعد من الصنف الذي تقرر التغاضي عنه أو التسامح به، بدلالة سلسلة من التغييرات والإحالات على التقاعد في المنظومة الأمنية وإعادة هيكلتها بعد الانتخابات الأولى النيابية بموجب قوانين التحديث الجديدة. الرفاعي تحدث عن بعض “عيوب التطبيق” عملياً مثل “مقاعد حزبية برلمانية خضعت للبيع “أو قصور الإطار البرامجي ولاحقاً غياب النخب المسيسة وعزوفها خلافاً لـ “الجهل الثقافي”. ما قله الرفاعي هنا يستحق التأمل. الرجل كان الأقرب لفهم الرؤية الملكية المطلوبة، وترأس اللجنة الملكية العريضة الأم التي صاغت وثيقة التحديث السياسي. الفكرة أن البوح العلني من جهته، في تقييم التجربة في سنتها الأولى وبعد انتخاباتها الأولى، أصبح فيما يبدو محطة ضرورية ليس فقط للعمل على تجويد صناعة التحديث مستقبلاً وإعادته إلى سكته المرسومة المطلوبة، لكن أيضاً التأسيس لحالة تقول فيها المؤسسات المرجعية إنها ليست راضية عما أنجز حتى الآن في مساري الانتخابات والأحزاب الجديدة على الأقل. يدلي الرفاعي هنا برأي وتقييم شخصي وسط محاولة الإجابة عن سؤال مطروح وعالق، لكن لا أدلة ولا قرائن على أن شخصانية التقييم هنا غير معتمدة في مؤسسات مرجعية راقبت وشاهدت ولها كلمة في التطبيق والتنفيذ لا بل اتخذت قرارات. الدليل السياسي على ذلك هو العودة لمربع إعادة الهيكلة في المنظومة الأمنية وبقوة عبر إحالات واسعة على التقاعد أعقبت الانتخابات النيابية الأخيرة، ثم توجيه رسالة بالحرص على المسار الثاني من التحديث المقرر في المربع الاقتصادي عبر تشكيل حكومة تكنوقراط اقتصادي يترأسها الدكتور جعفر حسان المشرف المباشر على الاجتماعات والمشاورات التي أنتجت وثيقة التحديث الاقتصادي. هنا رسالتان في السياسة والتوجيه لا يمكن إغفالهما من جهة مركز القرار أو القناة النافذة في الدولة العميقة. الرسلة الأولى يعبر عنها بصفة يومية رئيس الوزراء الدكتور حسان، وهو يعيد كل النقاشات والإجراءات مع الوزراء والمواطنين إلى حقيقة أن السقف الذي تعمل تحته هو وثيقة التحديث الاقتصادي. والرسالة الثانية بتوقيع الرئيس الرفاعي بدوره نائب رئيس مجلس الأعيان، والتي يمكن بعد الإصغاء إلى ملاحظاتها النقدية الشرسة إلى حد ملموس الاستنتاج بأن الملاحظات المرجعية متراكمة في الجزء المتعلق بتحديث المنظومة السياسية للبلاد. الرسالتان بالتحالف بينهما تقولان ما لا يقال علناً، بمعنى جدية الغطاء السياسي لمسارات التحديث والجرأة والقدرة على نقد الذات التطبيقية والإجرائية، حرصاً على جوهر المطلوب من مسارات التحديث، الأمر الذي يمهد بالنتائج إلى تلك الملاحظات العلنية القاسية التي أدلى بها الرفاعي فيما يحشر الملف برمته بين زاويتين بالاحتمالات: الأولى إعادة ترسيم الملعب وفقاً لقواعد لعب نظيفة بعد أخطاء الانتخابات وفك وتركيب الأحزاب، والأخرى سبق أن حذرت منها شخصيات متعددة، من بينها السياسي والبرلماني محمد حجوج، الذي عبر مع “القدس العربي” عن الخشية من خدش روح التحديث والعمل الحزبي بهدف التراجع عنه أو الإيحاء بأنه لا يلائم الثقافة العامة للأردنيين. لذلك عموماً تبدو ملاحظات الرفاعي مهمة وهو يعتبر بأن تخصيص مقاعد حزبية برلمانية للبيع لم يكن هو هدف قوانين التحديث، وبأن الحاجة ملحة لفهرس تثقيفي وطني للأحزاب الجديدة، وبأن الأحزاب التي تشكلت بذريعة التحديث السياسي -وأغلبها في الواقع أحزاب تزعم الولاء والوسطية- خالية من البرامج الحقيقية. الرفاعي نفسه وبحضور “القدس العربي” في وقت سابق وقبل محاضرته الثلاثاء في معهد الإعلام الأردني، كان يشرح وجهة نظره التقييمية في التأشير على أن طبقات وشرائح أساسية في المجتمع لا بد من فهم الأسباب التي دفعتها لتجنب الانخراط في العمل الحزبي. أراد الرفاعي الوقوف عند غياب طبقة الخبرات النقابية عن العمل الحزبي ورجال الأعمال والشرائح المهنية، معتبراً أن هذه المحطة أساسية الآن، وملمحاً إلى أن ما أفرزته قوانين وتعديلات قوانين التحديث السياسي لا ينسجم مع ما خططت له اللجنة الملكية. النقطة التي لا يريد المراقبون التوسع فيها هو الدور الذي ظهر للمال السياسي وللأثرياء في تحصيل مقاعد برلمانية بعد الانتخابات الأخيرة، فيما الجرح خلف ستائر القرار والدولة أكبر جراء اكتشاف وقائع رقمية صادمة في أصوات الانتخابات التي حصلت عليها الأحزاب الوسطية تحديداً، والتي كانت بائسة للغاية قياساً في الاختراقات الجوهرية غير المسبوقة لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض في عمق الأوساط التقليدية والمحافظة. نقد التجربة، والذات بلسان الرفاعي، محطة ضمن سلسلة مراجعات توحي ضمناً بعد إجراءات اتخذت، ولها دلالاتها بأن المؤسسة لا تريد أن تقبل فكرة هندسة الأحزاب السياسية بعيداً عن روح بناء العمل الحزبي. وأن المؤسسة أيضاً لا تسلم بما حصل، وبالحد الأدنى تعتبره بعيداً عن المطلوب، وبالتالي عن الوظيفة التي كانت مبرمجة ومدروسة عندما تقرر إجراء انتخابات النسخة الأولى من التحديث السياسي يوم العاشر من أيلول الماضي. المعنى هنا، قبل نحو شهرين أو أكثر قليلاً من انتخابات الرئاسة الأمريكية.
«القدس العربي»
التعليقات
الرفاعي «يحاول» الإجابة: هل تراجعت «قيمة ووظيفة» التحديث السياسي في الأردن… لماذا؟
التعليقات