عمان جو - بسام البدارين - يعلم التيار الإسلامي الأردني أن محاولته بناء تصور لتقويض اتفاقية وادي عربة تشريعياً، خطوة من الصعب أن تنتهي بالطريقة الملائمة للشارع، ومصيرها المرجح هو الجلوس في أدراج أرشيف العمل البرلماني الموسمي ضد إسرائيل والتطبيع والاتفاقية، وإن كانت خطوة كتلة جبهة العمل الإسلامي في برلمان الأردن المعلنة أمس الأول مسيّسة وتكتيكية بامتياز، لا أكثر ولا أقل. يعود الإسلاميون عبر جبهتهم البرلمانية هنا إلى العزف على الوتر الذي يجيدون التعاطي معه، فالإجماع جماهيرياً على التنديد ببقاء العلاقة مع الكيان الإسرائيلي يتغذى وسط الأردنيين بمختلف تلاوينهم وتكويناتهم منذ يوم 7 أكتوبر، على جرائم الإبادة في غزة، ثم في جنين وبقية مدن الضفة الغربية. رغم ذلك، لم تصل أي محاولة لهز أركان اتفاقية وادي عربة بعد إلى المجال الحيوي المنشود. ما أعلنه قبل يومين رئيس الكتلة صالح العرموطي في مؤتمر صحافي هو تعبير عن رغبة التيار الإسلامي في البقاء بالمساحة الحيوية التي يحتفظ بالخبرة فيها أكثر من كونه تعبيراً عن مشروع قابل للتنفيذ، وإن كان اختار تقنية استعمال نص دستوري يتيح للنواب اقتراح مشروع قانون جديد. العرموطي وكتلته أعلنوا عن التقدم بحزمة اقتراحات قوانين جديدة عددها 13 قانوناً، وأحد تلك المقترحات التشريعية فقط هو إلغاء اتفاقية وادي عربة. لكن الأهم من المقترح هو سببه وخلفيته في أدبيات الحركة الإسلامية؛ فقد أشار العرموطي للسبب الموجب لإصدار قانون جديد يلغي قانون اتفاقية وادي عربة، وهو أن الكيان الإسرائيلي يخطط للوطن البديل. السبب الموجب المقترح لا يخلو من الذكاء السياسي، ومحرج للغاية، لأن الإحساس العام للأردنيين بقرب مواجهة استحقاق معركة مع إسرائيل اليمينية زاد من تخوفات سيناريو الوطن البديل، ولأن شرارة الأحداث التي انطلقت خلال الأيام القليلة الماضية في مدينة جنين تنسجم مع المعيار الذي اقترحه مع الأردن القيادي البارز في حركة فتح عباس زكي، عندما حذر من إجراءات إسرائيلية على الأرض في سياق التحريك الديموغرافي لأهالي الضفة الغربية، زمن ثم في سياق التهجير.
«تقويض» اتفاقية وادي عربة «تشريعياً»
ما يعنيه ذلك سياسياً وبرلمانياً، بسيط وواضح ويتمثل في أن نواب الحركة الإسلامية يعزفون في توقيت حساس على وتر مخاوف الوطن البديل في لحظة حرجة يبدو فيها أن الهاجس الأردني الرسمي العميق الأكبر قد بدأ يطرق الأبواب إذا ما بدأت ما تسميه أدوات فلسطينية المعركة الكبرى في الضفة الغربية بعد إغلاق صفحة العدوان في غزة مؤقتاً. سبق للإسلامين وغيرهم التقدم بعشرات المقترحات لإلغاء وادي عربة، لكنها المرة الأولى في عهد البرلمان الحالي المنتخب حديثاً، والمرة الأولى ضمن مضمون ومحتوى صيغة اقتراح قانون وسط بيئة معادية للتطبيع، والأهم المرة الأولى بعد تداعيات معركة 7 أكتوبر. تلك الصيغة في التوقيت واللهجة التي اقترحها الإسلاميون عبر كتلتهم النيابية لها أصدقاء كثر مرتابون أو قلقون في أوصال وأوساط المجتمع والنخب. وتلك صيغة لا يستطيع كل من يراقب المشهد الفلسطيني مرحلياً الاختلاف معها. مهم التذكير بأن فكرة مراجعة العلاقات الأردنية الإسرائيلية بسبب وجود طاقم يميني يعمل علناً من أجل الوطن البديل، تبنتها شخصيات رسمية متعددة من بينها الدكتور مروان المعشر، ومن بينها شخصيات حذرت علناً من مواجهة حتمية مع اليمين الإسرائيلي أردنياً، مثل الدكتور ممدوح العبادي ورئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، وآخرين. لذلك، يمكن القول إن بيئة المخاوف التي تولد وسطها اليوم مقترحات نواب التيار الإسلامي بقانون يلغي قانون اتفاقية وادي عربة، مختلفة عن كل المبادرات المماثلة في الماضي. التوقيع على مذكرة الاقتراح يوجب عقد جلسة نقاش عام وعقد النقاش العام قد يوجب التصويت. وفي حال التصويت والإخفاق في تبني المقترح، قد تصبح اتفاقية وادي عربة أقوى أو لا يمكن المساس بها لاحقاً، الأمر الذي لا تريده في الواقع السلطات السياسية مرحلياً، بنفس الدرجة التي لا تريد فيها الدخول في مواجهة قد تكون مكلفة عنواها ولو مجرد التلويح باتفاقية وادي عربة أو تجميدها. وكل الاتفاقيات الأردنية مع إسرائيل لم يحترمها الطرف الآخر في الماضي، وفقاً للخبير السياسي التفاوضي الدكتور دريد المحاسنة. واتفاقية وادي عربة ذاتها لم يعد لها قيمة في الواقع، لا في استمرار وديمومة عملية السلام مع الأردن، ولا في احترام نصوصها عندما يتعلق الأمر بما يفعله الإسرائيليون على الحدود في منطقة الأغوار. وسبق لوزير الخارجية أيمن الصفدي أن وصف الاتفاقية بأنها ملف يعلوه الغبار، لكنه قال رداً على استفسار «القدس العربي» لاحقاً بأن تجميد الاتفاقية وعملية التطبيع خطوة بسيطة وسهلة، وسبق لحكومة بلاده أن اتخذتها، لكن اتخاذ قرار بشأنها الآن يستوجب على من يطرحه حساب الكلف والأطراف التي ستخسر أو ستكسب بدقة. معروف أن مبادرة الإسلاميين باقتراح قانون يلغي قانون وادي عربة قد لا تصل إلى مستوى النقاش العام، وأغلب التقدير لأن الحكومة ليست بصدد الاستجابة لهذا المطلب الضخم، خصوصاً في توقيت تبدو فيه المجسات بانتظار أولويات وبوصلة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، حيث المعادلة التي صيغت بانتظار ولايته أردنياً هي تلك التي تقول «لن نجازف بالمستقبل». دلالة ذلك في الواقع السياسي أن اتفاقية وادي عربة على علاتها ومشكلاتها لا يزال لها وظيفة مهمة في أساس فهم العمق الأردني للتطورات. وسرعة الإسلاميين أو غيرهم بالانقضاض على تلك الاتفاقية تشريعياً لها وظيفة في المقابل تخص تثبيت أركان الخطاب الشعبوي للتيار الإسلامي. وهو خطاب تصادف أنه ينسجم فعلاً اليوم مع بوصلة وانحيازات الشارع الأردني، وينطلق من مخاوف الناس عموماً بعد الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون في قطاع غزة. الكراهية الآن أكبر، والتسامح معقد وصعب، حتى برأي الخبير الدكتور جواد العناني كما قال لـ «القدس العربي» من جانبه . بين الإطارين، الإسلامي والرسمي، يمكن البحث عن صيغة أقل مجازفة تجعل مشروع القانون الجديد بتوقيع النواب الإسلاميين ذخيرة قابلة للاستخدام إذا أجادت المؤسسات الرسمية التعاطي معها كورقة تفاوض مع الإسرائيليين أو حتى مع الرئيس الأمريكي الجديد.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - يعلم التيار الإسلامي الأردني أن محاولته بناء تصور لتقويض اتفاقية وادي عربة تشريعياً، خطوة من الصعب أن تنتهي بالطريقة الملائمة للشارع، ومصيرها المرجح هو الجلوس في أدراج أرشيف العمل البرلماني الموسمي ضد إسرائيل والتطبيع والاتفاقية، وإن كانت خطوة كتلة جبهة العمل الإسلامي في برلمان الأردن المعلنة أمس الأول مسيّسة وتكتيكية بامتياز، لا أكثر ولا أقل. يعود الإسلاميون عبر جبهتهم البرلمانية هنا إلى العزف على الوتر الذي يجيدون التعاطي معه، فالإجماع جماهيرياً على التنديد ببقاء العلاقة مع الكيان الإسرائيلي يتغذى وسط الأردنيين بمختلف تلاوينهم وتكويناتهم منذ يوم 7 أكتوبر، على جرائم الإبادة في غزة، ثم في جنين وبقية مدن الضفة الغربية. رغم ذلك، لم تصل أي محاولة لهز أركان اتفاقية وادي عربة بعد إلى المجال الحيوي المنشود. ما أعلنه قبل يومين رئيس الكتلة صالح العرموطي في مؤتمر صحافي هو تعبير عن رغبة التيار الإسلامي في البقاء بالمساحة الحيوية التي يحتفظ بالخبرة فيها أكثر من كونه تعبيراً عن مشروع قابل للتنفيذ، وإن كان اختار تقنية استعمال نص دستوري يتيح للنواب اقتراح مشروع قانون جديد. العرموطي وكتلته أعلنوا عن التقدم بحزمة اقتراحات قوانين جديدة عددها 13 قانوناً، وأحد تلك المقترحات التشريعية فقط هو إلغاء اتفاقية وادي عربة. لكن الأهم من المقترح هو سببه وخلفيته في أدبيات الحركة الإسلامية؛ فقد أشار العرموطي للسبب الموجب لإصدار قانون جديد يلغي قانون اتفاقية وادي عربة، وهو أن الكيان الإسرائيلي يخطط للوطن البديل. السبب الموجب المقترح لا يخلو من الذكاء السياسي، ومحرج للغاية، لأن الإحساس العام للأردنيين بقرب مواجهة استحقاق معركة مع إسرائيل اليمينية زاد من تخوفات سيناريو الوطن البديل، ولأن شرارة الأحداث التي انطلقت خلال الأيام القليلة الماضية في مدينة جنين تنسجم مع المعيار الذي اقترحه مع الأردن القيادي البارز في حركة فتح عباس زكي، عندما حذر من إجراءات إسرائيلية على الأرض في سياق التحريك الديموغرافي لأهالي الضفة الغربية، زمن ثم في سياق التهجير.
«تقويض» اتفاقية وادي عربة «تشريعياً»
ما يعنيه ذلك سياسياً وبرلمانياً، بسيط وواضح ويتمثل في أن نواب الحركة الإسلامية يعزفون في توقيت حساس على وتر مخاوف الوطن البديل في لحظة حرجة يبدو فيها أن الهاجس الأردني الرسمي العميق الأكبر قد بدأ يطرق الأبواب إذا ما بدأت ما تسميه أدوات فلسطينية المعركة الكبرى في الضفة الغربية بعد إغلاق صفحة العدوان في غزة مؤقتاً. سبق للإسلامين وغيرهم التقدم بعشرات المقترحات لإلغاء وادي عربة، لكنها المرة الأولى في عهد البرلمان الحالي المنتخب حديثاً، والمرة الأولى ضمن مضمون ومحتوى صيغة اقتراح قانون وسط بيئة معادية للتطبيع، والأهم المرة الأولى بعد تداعيات معركة 7 أكتوبر. تلك الصيغة في التوقيت واللهجة التي اقترحها الإسلاميون عبر كتلتهم النيابية لها أصدقاء كثر مرتابون أو قلقون في أوصال وأوساط المجتمع والنخب. وتلك صيغة لا يستطيع كل من يراقب المشهد الفلسطيني مرحلياً الاختلاف معها. مهم التذكير بأن فكرة مراجعة العلاقات الأردنية الإسرائيلية بسبب وجود طاقم يميني يعمل علناً من أجل الوطن البديل، تبنتها شخصيات رسمية متعددة من بينها الدكتور مروان المعشر، ومن بينها شخصيات حذرت علناً من مواجهة حتمية مع اليمين الإسرائيلي أردنياً، مثل الدكتور ممدوح العبادي ورئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، وآخرين. لذلك، يمكن القول إن بيئة المخاوف التي تولد وسطها اليوم مقترحات نواب التيار الإسلامي بقانون يلغي قانون اتفاقية وادي عربة، مختلفة عن كل المبادرات المماثلة في الماضي. التوقيع على مذكرة الاقتراح يوجب عقد جلسة نقاش عام وعقد النقاش العام قد يوجب التصويت. وفي حال التصويت والإخفاق في تبني المقترح، قد تصبح اتفاقية وادي عربة أقوى أو لا يمكن المساس بها لاحقاً، الأمر الذي لا تريده في الواقع السلطات السياسية مرحلياً، بنفس الدرجة التي لا تريد فيها الدخول في مواجهة قد تكون مكلفة عنواها ولو مجرد التلويح باتفاقية وادي عربة أو تجميدها. وكل الاتفاقيات الأردنية مع إسرائيل لم يحترمها الطرف الآخر في الماضي، وفقاً للخبير السياسي التفاوضي الدكتور دريد المحاسنة. واتفاقية وادي عربة ذاتها لم يعد لها قيمة في الواقع، لا في استمرار وديمومة عملية السلام مع الأردن، ولا في احترام نصوصها عندما يتعلق الأمر بما يفعله الإسرائيليون على الحدود في منطقة الأغوار. وسبق لوزير الخارجية أيمن الصفدي أن وصف الاتفاقية بأنها ملف يعلوه الغبار، لكنه قال رداً على استفسار «القدس العربي» لاحقاً بأن تجميد الاتفاقية وعملية التطبيع خطوة بسيطة وسهلة، وسبق لحكومة بلاده أن اتخذتها، لكن اتخاذ قرار بشأنها الآن يستوجب على من يطرحه حساب الكلف والأطراف التي ستخسر أو ستكسب بدقة. معروف أن مبادرة الإسلاميين باقتراح قانون يلغي قانون وادي عربة قد لا تصل إلى مستوى النقاش العام، وأغلب التقدير لأن الحكومة ليست بصدد الاستجابة لهذا المطلب الضخم، خصوصاً في توقيت تبدو فيه المجسات بانتظار أولويات وبوصلة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، حيث المعادلة التي صيغت بانتظار ولايته أردنياً هي تلك التي تقول «لن نجازف بالمستقبل». دلالة ذلك في الواقع السياسي أن اتفاقية وادي عربة على علاتها ومشكلاتها لا يزال لها وظيفة مهمة في أساس فهم العمق الأردني للتطورات. وسرعة الإسلاميين أو غيرهم بالانقضاض على تلك الاتفاقية تشريعياً لها وظيفة في المقابل تخص تثبيت أركان الخطاب الشعبوي للتيار الإسلامي. وهو خطاب تصادف أنه ينسجم فعلاً اليوم مع بوصلة وانحيازات الشارع الأردني، وينطلق من مخاوف الناس عموماً بعد الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون في قطاع غزة. الكراهية الآن أكبر، والتسامح معقد وصعب، حتى برأي الخبير الدكتور جواد العناني كما قال لـ «القدس العربي» من جانبه . بين الإطارين، الإسلامي والرسمي، يمكن البحث عن صيغة أقل مجازفة تجعل مشروع القانون الجديد بتوقيع النواب الإسلاميين ذخيرة قابلة للاستخدام إذا أجادت المؤسسات الرسمية التعاطي معها كورقة تفاوض مع الإسرائيليين أو حتى مع الرئيس الأمريكي الجديد.
«القدس العربي»
عمان جو - بسام البدارين - يعلم التيار الإسلامي الأردني أن محاولته بناء تصور لتقويض اتفاقية وادي عربة تشريعياً، خطوة من الصعب أن تنتهي بالطريقة الملائمة للشارع، ومصيرها المرجح هو الجلوس في أدراج أرشيف العمل البرلماني الموسمي ضد إسرائيل والتطبيع والاتفاقية، وإن كانت خطوة كتلة جبهة العمل الإسلامي في برلمان الأردن المعلنة أمس الأول مسيّسة وتكتيكية بامتياز، لا أكثر ولا أقل. يعود الإسلاميون عبر جبهتهم البرلمانية هنا إلى العزف على الوتر الذي يجيدون التعاطي معه، فالإجماع جماهيرياً على التنديد ببقاء العلاقة مع الكيان الإسرائيلي يتغذى وسط الأردنيين بمختلف تلاوينهم وتكويناتهم منذ يوم 7 أكتوبر، على جرائم الإبادة في غزة، ثم في جنين وبقية مدن الضفة الغربية. رغم ذلك، لم تصل أي محاولة لهز أركان اتفاقية وادي عربة بعد إلى المجال الحيوي المنشود. ما أعلنه قبل يومين رئيس الكتلة صالح العرموطي في مؤتمر صحافي هو تعبير عن رغبة التيار الإسلامي في البقاء بالمساحة الحيوية التي يحتفظ بالخبرة فيها أكثر من كونه تعبيراً عن مشروع قابل للتنفيذ، وإن كان اختار تقنية استعمال نص دستوري يتيح للنواب اقتراح مشروع قانون جديد. العرموطي وكتلته أعلنوا عن التقدم بحزمة اقتراحات قوانين جديدة عددها 13 قانوناً، وأحد تلك المقترحات التشريعية فقط هو إلغاء اتفاقية وادي عربة. لكن الأهم من المقترح هو سببه وخلفيته في أدبيات الحركة الإسلامية؛ فقد أشار العرموطي للسبب الموجب لإصدار قانون جديد يلغي قانون اتفاقية وادي عربة، وهو أن الكيان الإسرائيلي يخطط للوطن البديل. السبب الموجب المقترح لا يخلو من الذكاء السياسي، ومحرج للغاية، لأن الإحساس العام للأردنيين بقرب مواجهة استحقاق معركة مع إسرائيل اليمينية زاد من تخوفات سيناريو الوطن البديل، ولأن شرارة الأحداث التي انطلقت خلال الأيام القليلة الماضية في مدينة جنين تنسجم مع المعيار الذي اقترحه مع الأردن القيادي البارز في حركة فتح عباس زكي، عندما حذر من إجراءات إسرائيلية على الأرض في سياق التحريك الديموغرافي لأهالي الضفة الغربية، زمن ثم في سياق التهجير.
«تقويض» اتفاقية وادي عربة «تشريعياً»
ما يعنيه ذلك سياسياً وبرلمانياً، بسيط وواضح ويتمثل في أن نواب الحركة الإسلامية يعزفون في توقيت حساس على وتر مخاوف الوطن البديل في لحظة حرجة يبدو فيها أن الهاجس الأردني الرسمي العميق الأكبر قد بدأ يطرق الأبواب إذا ما بدأت ما تسميه أدوات فلسطينية المعركة الكبرى في الضفة الغربية بعد إغلاق صفحة العدوان في غزة مؤقتاً. سبق للإسلامين وغيرهم التقدم بعشرات المقترحات لإلغاء وادي عربة، لكنها المرة الأولى في عهد البرلمان الحالي المنتخب حديثاً، والمرة الأولى ضمن مضمون ومحتوى صيغة اقتراح قانون وسط بيئة معادية للتطبيع، والأهم المرة الأولى بعد تداعيات معركة 7 أكتوبر. تلك الصيغة في التوقيت واللهجة التي اقترحها الإسلاميون عبر كتلتهم النيابية لها أصدقاء كثر مرتابون أو قلقون في أوصال وأوساط المجتمع والنخب. وتلك صيغة لا يستطيع كل من يراقب المشهد الفلسطيني مرحلياً الاختلاف معها. مهم التذكير بأن فكرة مراجعة العلاقات الأردنية الإسرائيلية بسبب وجود طاقم يميني يعمل علناً من أجل الوطن البديل، تبنتها شخصيات رسمية متعددة من بينها الدكتور مروان المعشر، ومن بينها شخصيات حذرت علناً من مواجهة حتمية مع اليمين الإسرائيلي أردنياً، مثل الدكتور ممدوح العبادي ورئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، وآخرين. لذلك، يمكن القول إن بيئة المخاوف التي تولد وسطها اليوم مقترحات نواب التيار الإسلامي بقانون يلغي قانون اتفاقية وادي عربة، مختلفة عن كل المبادرات المماثلة في الماضي. التوقيع على مذكرة الاقتراح يوجب عقد جلسة نقاش عام وعقد النقاش العام قد يوجب التصويت. وفي حال التصويت والإخفاق في تبني المقترح، قد تصبح اتفاقية وادي عربة أقوى أو لا يمكن المساس بها لاحقاً، الأمر الذي لا تريده في الواقع السلطات السياسية مرحلياً، بنفس الدرجة التي لا تريد فيها الدخول في مواجهة قد تكون مكلفة عنواها ولو مجرد التلويح باتفاقية وادي عربة أو تجميدها. وكل الاتفاقيات الأردنية مع إسرائيل لم يحترمها الطرف الآخر في الماضي، وفقاً للخبير السياسي التفاوضي الدكتور دريد المحاسنة. واتفاقية وادي عربة ذاتها لم يعد لها قيمة في الواقع، لا في استمرار وديمومة عملية السلام مع الأردن، ولا في احترام نصوصها عندما يتعلق الأمر بما يفعله الإسرائيليون على الحدود في منطقة الأغوار. وسبق لوزير الخارجية أيمن الصفدي أن وصف الاتفاقية بأنها ملف يعلوه الغبار، لكنه قال رداً على استفسار «القدس العربي» لاحقاً بأن تجميد الاتفاقية وعملية التطبيع خطوة بسيطة وسهلة، وسبق لحكومة بلاده أن اتخذتها، لكن اتخاذ قرار بشأنها الآن يستوجب على من يطرحه حساب الكلف والأطراف التي ستخسر أو ستكسب بدقة. معروف أن مبادرة الإسلاميين باقتراح قانون يلغي قانون وادي عربة قد لا تصل إلى مستوى النقاش العام، وأغلب التقدير لأن الحكومة ليست بصدد الاستجابة لهذا المطلب الضخم، خصوصاً في توقيت تبدو فيه المجسات بانتظار أولويات وبوصلة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، حيث المعادلة التي صيغت بانتظار ولايته أردنياً هي تلك التي تقول «لن نجازف بالمستقبل». دلالة ذلك في الواقع السياسي أن اتفاقية وادي عربة على علاتها ومشكلاتها لا يزال لها وظيفة مهمة في أساس فهم العمق الأردني للتطورات. وسرعة الإسلاميين أو غيرهم بالانقضاض على تلك الاتفاقية تشريعياً لها وظيفة في المقابل تخص تثبيت أركان الخطاب الشعبوي للتيار الإسلامي. وهو خطاب تصادف أنه ينسجم فعلاً اليوم مع بوصلة وانحيازات الشارع الأردني، وينطلق من مخاوف الناس عموماً بعد الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون في قطاع غزة. الكراهية الآن أكبر، والتسامح معقد وصعب، حتى برأي الخبير الدكتور جواد العناني كما قال لـ «القدس العربي» من جانبه . بين الإطارين، الإسلامي والرسمي، يمكن البحث عن صيغة أقل مجازفة تجعل مشروع القانون الجديد بتوقيع النواب الإسلاميين ذخيرة قابلة للاستخدام إذا أجادت المؤسسات الرسمية التعاطي معها كورقة تفاوض مع الإسرائيليين أو حتى مع الرئيس الأمريكي الجديد.
«القدس العربي»
التعليقات
“تقويض اتفاقية وادي عربه تشريعيا… لماذا عزف الإسلاميون الأردنيون لحن «الوطن البديل»؟
التعليقات