يجب إعادة النظر في التعاطي مع كتاب 'حلف الأطراف'، لمؤلفه شلومو نكديمون، بوصفه مرجعاً تأسيسياً للإحاطة بالاستراتيجية التي اتبعتها إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، في تطوير علاقات سريةٍ مع دول وجماعات عرقية ودينية، بهدف تحسين مكانتها في الصراع مع العالم العربي، وتوسيع دائرة التحديات التي تواجهها دوله، فقد دلت الوقائع على أن هذا الكتاب، على الرغم من أهميته الكبيرة في تسليط الضوء على التحالفات الإقليمية الصامتة التي نسجتها إسرائيل بعيد الإعلان عنها، ورصده الاعتبارات التي حكمت مناشط دبلوماسية صهيونية كثيرة، تمت وراء الكواليس في تلك الفترة، فقد تبيّن أن مؤلفه الذي عمل مستشاراً إعلامياً لرئيس الحكومة الأسبق، إسحاق شامير، لم يتمكّن من سبر أغوار هذه الاستراتيجية بشكل شامل. عالج نكديمون التحالفات السرية التي دشنتها إسرائيل مع دول على تخوم العالم العربي، وجماعات عرقية ودينية تعيش داخله، بغرض مشاغلة العرب، وتشتيت جهودهم، وتوظيف هذه التحالفات في تحقيق مصالح استراتيجية كثيرة. كشف نكديمون، في مؤلفه التأسيسي، جذور العلاقات السرية مع إيران تحت حكم الشاه ومظاهرها وتطورها، وإثيوبيا تحت حكم هيلا سيلاسي، وإرتيريا والأكراد في شمال العراق، وموارنة لبنان، والانفصاليين في جنوب السودان. لكن تطورات حدثت، أخيراً، كشفت، في الواقع، أن إسرائيل استندت إلى إطار مرجعي أوسع وأكثر طموحا في علاقاتها السرية الهادفة إلى بناء تحالفاتها الصامتة، من ذاك الذي عالجه 'لا غرو أن يوسع الصهاينة دائرة عدوانهم ليشمل دعم كل من يعادي المسلمين' 'تحالف الأطراف'، فقد تبين إن إسرائيل عمدت، بعيد الإعلان عنها، إلى محاولة بناء تحالفات سرية مع دول في حالة صراع أو خصومة مع دول إسلامية، ودول تتخذ مواقف عدائية من أقليات مسلمة تعيش ضمنها. لقد سمحت الدعوى التي قدّمها حقوقيون، ورفضتها المحكمة العليا في إسرائيل، الأسبوع الماضي، والمطالبة بإلزام حكومة تل أبيب بالتوقف عن مد الطغمة العسكرية المتنفذة في ميانمار بالسلاح والعتاد، امتثالا لقرارات الشرعية الدولية التي فرضت حظر بيع سلاح عليها، بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها وترعاها هذه الطغمة ضد أقلية الروهينغا المسلمة؛ عن علاقات سرية صاخبة، وتحالف متين وصامت، ربط إسرائيل بهذه الدولة فترة طويلة ولا يزال، فقد تبين أن العلاقات السرية بين ميانمار (كان يطلق عليها بورما) وإسرائيل قد توطدت في خمسينيات القرن الماضي، وكان الرئيس الأول لميانمار أو نو أول زعيم أجنبي يزور إسرائيل بعد تأسيسها، في صيف 1953؛ إذ عمدت إسرائيل إلى تزويد ميانمار بالسلاح منذ ذلك الوقت. ما يدلل على الحماس الصهيوني لدعم كل من يتسم بالعداء والوحشية إزاء المسلمين حقيقة أن العلاقات مع ميانمار تطوّرت بشكل كبير ودراماتيكي، بعد الانقلاب الذي جلب العسكر للحكم بشكل مباشر عام 1988، حيث تبيّن أن زعيم الطغمة العسكرية مين أونغ هلينغ الذي تحمّله المنظمات الدولية المسؤولية المباشرة عن جرائم الحرب ضد 'الروهينغا'، يزور إسرائيل بشكل متواصل، بهدف التوقيع على مزيد من الصفقات لشراء السلاح، على الرغم من الحظر الدولي المفروض. إصرار إسرائيل على تحدي القرارات الدولية، ومواصلة تزويد القتلة في ميانمار بالسلاح، لا يعودان إلى اعتبارات مادية واستراتيجية فقط، بل أيضا إلى اعتبار أيديولوجي عنصري، يدفع الكيان الصهيوني إلى التحالف والتضامن مع كل كيان يعادي المسلمين. أحد الأمثلة الكلاسيكية والأكثر وضوحاً التي تجسد هذه الاستراتيجية، ولم ينتبه إليه أحد، يتمثل في التحالف الصامت الذي امتد عقوداً، ولم يكشف عنه إلا أخيراً بين إسرائيل والنظام الديكتاتوري في سنغافورة، فقد تبين إن إسرائيل استغلت العداء التاريخي بين سنغافورة وماليزيا، بعدما تفكّك الاتحاد الكونفدرالي الذي كان يجمعهما أواخر ستينيات القرن الماضي، 'قدّمت إسرائيل الدعم العسكري للعصابات الصربية في أثناء تنفيذ المجازر ضد المسلمين في البوسنة، مطلع تسعينيات القرن الماضي' وطوّرت علاقاتٍ سرية ذات طابع استراتيجي، سمحت للكيان الصهيوني بالنفاذ إلى آسيا. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واضحاً في تلميحاته إلى مسوغ إرساء العلاقات القوية مع سنغافورة، عندما أشار، في زيارته إلى سنغافورة قبل ثلاثة أسابيع، إلى 'التشابه في البيئة الإقليمية للدولتين'. وبوضوح، قصد نتنياهو أن 'التهديد الإسلامي' الذي تمثله ماليزيا لسنغافورة يماثله 'التهديد العربي والإسلامي' الذي تواجهه إسرائيل، وهو ما يحفز التحالف والتعاون. فلم يكن مستغرباً أن يكشف رئيس حكومة سنغافورة، لي هسين، وعلى مسمع نتنياهو، أن إسرائيل هي من شكلت سراً الجيش السنغافوري (يسرائيل هيوم، 23-2). وانطلاقاً من هذا الإطار المرجعي، تعاظمت العلاقات الهندية الإسرائيلية، حيث لعب العامل الباكستاني دوراً مهما في تحفيز نيودلهي وتل أبيب على تعزيز التعاون بينهما. ويجزم الباحث الصهيوني، الجنرال رفائيل أوفك، بأن لإسرائيل مصلحة استراتيجية في تعزيز علاقاتها مع الهند، على اعتبار أنها في حالة مواجهة مع القوة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي؛ حيث يوضح أن الجانبين يتعاونان استخبارياً في رصد المناشط النووية الباكستانية ومتابعتها (ميكور ريشون، 3-3-2015). إلى جانب ذلك، قدّمت إسرائيل الدعم العسكري للعصابات الصربية في أثناء تنفيذ المجازر ضد المسلمين في البوسنة، مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ حين دافع وزير القضاء الصهيوني الأسبق، يوسيف لبيد، في حينه، عن هذا السلوك بأن الصرب حموا اليهود في الحرب العالمية الثانية ووفروا لهم المأوى، في حين أن مسلمي البوسنة ناصبوهم العداء. قصارى القول، عندما تتحالف دول عربية وإسلامية مع الكيان الصهيوني، على الرغم مما يرتكبه ضد الفلسطينيين، فلا غرو أن يوسع الصهاينة دائرة عدوانهم، ليشمل دعم كل من يعادي المسلمين. العربي الجديد
عمان جو - صالح النعامي.
يجب إعادة النظر في التعاطي مع كتاب 'حلف الأطراف'، لمؤلفه شلومو نكديمون، بوصفه مرجعاً تأسيسياً للإحاطة بالاستراتيجية التي اتبعتها إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، في تطوير علاقات سريةٍ مع دول وجماعات عرقية ودينية، بهدف تحسين مكانتها في الصراع مع العالم العربي، وتوسيع دائرة التحديات التي تواجهها دوله، فقد دلت الوقائع على أن هذا الكتاب، على الرغم من أهميته الكبيرة في تسليط الضوء على التحالفات الإقليمية الصامتة التي نسجتها إسرائيل بعيد الإعلان عنها، ورصده الاعتبارات التي حكمت مناشط دبلوماسية صهيونية كثيرة، تمت وراء الكواليس في تلك الفترة، فقد تبيّن أن مؤلفه الذي عمل مستشاراً إعلامياً لرئيس الحكومة الأسبق، إسحاق شامير، لم يتمكّن من سبر أغوار هذه الاستراتيجية بشكل شامل. عالج نكديمون التحالفات السرية التي دشنتها إسرائيل مع دول على تخوم العالم العربي، وجماعات عرقية ودينية تعيش داخله، بغرض مشاغلة العرب، وتشتيت جهودهم، وتوظيف هذه التحالفات في تحقيق مصالح استراتيجية كثيرة. كشف نكديمون، في مؤلفه التأسيسي، جذور العلاقات السرية مع إيران تحت حكم الشاه ومظاهرها وتطورها، وإثيوبيا تحت حكم هيلا سيلاسي، وإرتيريا والأكراد في شمال العراق، وموارنة لبنان، والانفصاليين في جنوب السودان. لكن تطورات حدثت، أخيراً، كشفت، في الواقع، أن إسرائيل استندت إلى إطار مرجعي أوسع وأكثر طموحا في علاقاتها السرية الهادفة إلى بناء تحالفاتها الصامتة، من ذاك الذي عالجه 'لا غرو أن يوسع الصهاينة دائرة عدوانهم ليشمل دعم كل من يعادي المسلمين' 'تحالف الأطراف'، فقد تبين إن إسرائيل عمدت، بعيد الإعلان عنها، إلى محاولة بناء تحالفات سرية مع دول في حالة صراع أو خصومة مع دول إسلامية، ودول تتخذ مواقف عدائية من أقليات مسلمة تعيش ضمنها. لقد سمحت الدعوى التي قدّمها حقوقيون، ورفضتها المحكمة العليا في إسرائيل، الأسبوع الماضي، والمطالبة بإلزام حكومة تل أبيب بالتوقف عن مد الطغمة العسكرية المتنفذة في ميانمار بالسلاح والعتاد، امتثالا لقرارات الشرعية الدولية التي فرضت حظر بيع سلاح عليها، بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها وترعاها هذه الطغمة ضد أقلية الروهينغا المسلمة؛ عن علاقات سرية صاخبة، وتحالف متين وصامت، ربط إسرائيل بهذه الدولة فترة طويلة ولا يزال، فقد تبين أن العلاقات السرية بين ميانمار (كان يطلق عليها بورما) وإسرائيل قد توطدت في خمسينيات القرن الماضي، وكان الرئيس الأول لميانمار أو نو أول زعيم أجنبي يزور إسرائيل بعد تأسيسها، في صيف 1953؛ إذ عمدت إسرائيل إلى تزويد ميانمار بالسلاح منذ ذلك الوقت. ما يدلل على الحماس الصهيوني لدعم كل من يتسم بالعداء والوحشية إزاء المسلمين حقيقة أن العلاقات مع ميانمار تطوّرت بشكل كبير ودراماتيكي، بعد الانقلاب الذي جلب العسكر للحكم بشكل مباشر عام 1988، حيث تبيّن أن زعيم الطغمة العسكرية مين أونغ هلينغ الذي تحمّله المنظمات الدولية المسؤولية المباشرة عن جرائم الحرب ضد 'الروهينغا'، يزور إسرائيل بشكل متواصل، بهدف التوقيع على مزيد من الصفقات لشراء السلاح، على الرغم من الحظر الدولي المفروض. إصرار إسرائيل على تحدي القرارات الدولية، ومواصلة تزويد القتلة في ميانمار بالسلاح، لا يعودان إلى اعتبارات مادية واستراتيجية فقط، بل أيضا إلى اعتبار أيديولوجي عنصري، يدفع الكيان الصهيوني إلى التحالف والتضامن مع كل كيان يعادي المسلمين. أحد الأمثلة الكلاسيكية والأكثر وضوحاً التي تجسد هذه الاستراتيجية، ولم ينتبه إليه أحد، يتمثل في التحالف الصامت الذي امتد عقوداً، ولم يكشف عنه إلا أخيراً بين إسرائيل والنظام الديكتاتوري في سنغافورة، فقد تبين إن إسرائيل استغلت العداء التاريخي بين سنغافورة وماليزيا، بعدما تفكّك الاتحاد الكونفدرالي الذي كان يجمعهما أواخر ستينيات القرن الماضي، 'قدّمت إسرائيل الدعم العسكري للعصابات الصربية في أثناء تنفيذ المجازر ضد المسلمين في البوسنة، مطلع تسعينيات القرن الماضي' وطوّرت علاقاتٍ سرية ذات طابع استراتيجي، سمحت للكيان الصهيوني بالنفاذ إلى آسيا. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واضحاً في تلميحاته إلى مسوغ إرساء العلاقات القوية مع سنغافورة، عندما أشار، في زيارته إلى سنغافورة قبل ثلاثة أسابيع، إلى 'التشابه في البيئة الإقليمية للدولتين'. وبوضوح، قصد نتنياهو أن 'التهديد الإسلامي' الذي تمثله ماليزيا لسنغافورة يماثله 'التهديد العربي والإسلامي' الذي تواجهه إسرائيل، وهو ما يحفز التحالف والتعاون. فلم يكن مستغرباً أن يكشف رئيس حكومة سنغافورة، لي هسين، وعلى مسمع نتنياهو، أن إسرائيل هي من شكلت سراً الجيش السنغافوري (يسرائيل هيوم، 23-2). وانطلاقاً من هذا الإطار المرجعي، تعاظمت العلاقات الهندية الإسرائيلية، حيث لعب العامل الباكستاني دوراً مهما في تحفيز نيودلهي وتل أبيب على تعزيز التعاون بينهما. ويجزم الباحث الصهيوني، الجنرال رفائيل أوفك، بأن لإسرائيل مصلحة استراتيجية في تعزيز علاقاتها مع الهند، على اعتبار أنها في حالة مواجهة مع القوة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي؛ حيث يوضح أن الجانبين يتعاونان استخبارياً في رصد المناشط النووية الباكستانية ومتابعتها (ميكور ريشون، 3-3-2015). إلى جانب ذلك، قدّمت إسرائيل الدعم العسكري للعصابات الصربية في أثناء تنفيذ المجازر ضد المسلمين في البوسنة، مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ حين دافع وزير القضاء الصهيوني الأسبق، يوسيف لبيد، في حينه، عن هذا السلوك بأن الصرب حموا اليهود في الحرب العالمية الثانية ووفروا لهم المأوى، في حين أن مسلمي البوسنة ناصبوهم العداء. قصارى القول، عندما تتحالف دول عربية وإسلامية مع الكيان الصهيوني، على الرغم مما يرتكبه ضد الفلسطينيين، فلا غرو أن يوسع الصهاينة دائرة عدوانهم، ليشمل دعم كل من يعادي المسلمين. العربي الجديد
عمان جو - صالح النعامي.
يجب إعادة النظر في التعاطي مع كتاب 'حلف الأطراف'، لمؤلفه شلومو نكديمون، بوصفه مرجعاً تأسيسياً للإحاطة بالاستراتيجية التي اتبعتها إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، في تطوير علاقات سريةٍ مع دول وجماعات عرقية ودينية، بهدف تحسين مكانتها في الصراع مع العالم العربي، وتوسيع دائرة التحديات التي تواجهها دوله، فقد دلت الوقائع على أن هذا الكتاب، على الرغم من أهميته الكبيرة في تسليط الضوء على التحالفات الإقليمية الصامتة التي نسجتها إسرائيل بعيد الإعلان عنها، ورصده الاعتبارات التي حكمت مناشط دبلوماسية صهيونية كثيرة، تمت وراء الكواليس في تلك الفترة، فقد تبيّن أن مؤلفه الذي عمل مستشاراً إعلامياً لرئيس الحكومة الأسبق، إسحاق شامير، لم يتمكّن من سبر أغوار هذه الاستراتيجية بشكل شامل. عالج نكديمون التحالفات السرية التي دشنتها إسرائيل مع دول على تخوم العالم العربي، وجماعات عرقية ودينية تعيش داخله، بغرض مشاغلة العرب، وتشتيت جهودهم، وتوظيف هذه التحالفات في تحقيق مصالح استراتيجية كثيرة. كشف نكديمون، في مؤلفه التأسيسي، جذور العلاقات السرية مع إيران تحت حكم الشاه ومظاهرها وتطورها، وإثيوبيا تحت حكم هيلا سيلاسي، وإرتيريا والأكراد في شمال العراق، وموارنة لبنان، والانفصاليين في جنوب السودان. لكن تطورات حدثت، أخيراً، كشفت، في الواقع، أن إسرائيل استندت إلى إطار مرجعي أوسع وأكثر طموحا في علاقاتها السرية الهادفة إلى بناء تحالفاتها الصامتة، من ذاك الذي عالجه 'لا غرو أن يوسع الصهاينة دائرة عدوانهم ليشمل دعم كل من يعادي المسلمين' 'تحالف الأطراف'، فقد تبين إن إسرائيل عمدت، بعيد الإعلان عنها، إلى محاولة بناء تحالفات سرية مع دول في حالة صراع أو خصومة مع دول إسلامية، ودول تتخذ مواقف عدائية من أقليات مسلمة تعيش ضمنها. لقد سمحت الدعوى التي قدّمها حقوقيون، ورفضتها المحكمة العليا في إسرائيل، الأسبوع الماضي، والمطالبة بإلزام حكومة تل أبيب بالتوقف عن مد الطغمة العسكرية المتنفذة في ميانمار بالسلاح والعتاد، امتثالا لقرارات الشرعية الدولية التي فرضت حظر بيع سلاح عليها، بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها وترعاها هذه الطغمة ضد أقلية الروهينغا المسلمة؛ عن علاقات سرية صاخبة، وتحالف متين وصامت، ربط إسرائيل بهذه الدولة فترة طويلة ولا يزال، فقد تبين أن العلاقات السرية بين ميانمار (كان يطلق عليها بورما) وإسرائيل قد توطدت في خمسينيات القرن الماضي، وكان الرئيس الأول لميانمار أو نو أول زعيم أجنبي يزور إسرائيل بعد تأسيسها، في صيف 1953؛ إذ عمدت إسرائيل إلى تزويد ميانمار بالسلاح منذ ذلك الوقت. ما يدلل على الحماس الصهيوني لدعم كل من يتسم بالعداء والوحشية إزاء المسلمين حقيقة أن العلاقات مع ميانمار تطوّرت بشكل كبير ودراماتيكي، بعد الانقلاب الذي جلب العسكر للحكم بشكل مباشر عام 1988، حيث تبيّن أن زعيم الطغمة العسكرية مين أونغ هلينغ الذي تحمّله المنظمات الدولية المسؤولية المباشرة عن جرائم الحرب ضد 'الروهينغا'، يزور إسرائيل بشكل متواصل، بهدف التوقيع على مزيد من الصفقات لشراء السلاح، على الرغم من الحظر الدولي المفروض. إصرار إسرائيل على تحدي القرارات الدولية، ومواصلة تزويد القتلة في ميانمار بالسلاح، لا يعودان إلى اعتبارات مادية واستراتيجية فقط، بل أيضا إلى اعتبار أيديولوجي عنصري، يدفع الكيان الصهيوني إلى التحالف والتضامن مع كل كيان يعادي المسلمين. أحد الأمثلة الكلاسيكية والأكثر وضوحاً التي تجسد هذه الاستراتيجية، ولم ينتبه إليه أحد، يتمثل في التحالف الصامت الذي امتد عقوداً، ولم يكشف عنه إلا أخيراً بين إسرائيل والنظام الديكتاتوري في سنغافورة، فقد تبين إن إسرائيل استغلت العداء التاريخي بين سنغافورة وماليزيا، بعدما تفكّك الاتحاد الكونفدرالي الذي كان يجمعهما أواخر ستينيات القرن الماضي، 'قدّمت إسرائيل الدعم العسكري للعصابات الصربية في أثناء تنفيذ المجازر ضد المسلمين في البوسنة، مطلع تسعينيات القرن الماضي' وطوّرت علاقاتٍ سرية ذات طابع استراتيجي، سمحت للكيان الصهيوني بالنفاذ إلى آسيا. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واضحاً في تلميحاته إلى مسوغ إرساء العلاقات القوية مع سنغافورة، عندما أشار، في زيارته إلى سنغافورة قبل ثلاثة أسابيع، إلى 'التشابه في البيئة الإقليمية للدولتين'. وبوضوح، قصد نتنياهو أن 'التهديد الإسلامي' الذي تمثله ماليزيا لسنغافورة يماثله 'التهديد العربي والإسلامي' الذي تواجهه إسرائيل، وهو ما يحفز التحالف والتعاون. فلم يكن مستغرباً أن يكشف رئيس حكومة سنغافورة، لي هسين، وعلى مسمع نتنياهو، أن إسرائيل هي من شكلت سراً الجيش السنغافوري (يسرائيل هيوم، 23-2). وانطلاقاً من هذا الإطار المرجعي، تعاظمت العلاقات الهندية الإسرائيلية، حيث لعب العامل الباكستاني دوراً مهما في تحفيز نيودلهي وتل أبيب على تعزيز التعاون بينهما. ويجزم الباحث الصهيوني، الجنرال رفائيل أوفك، بأن لإسرائيل مصلحة استراتيجية في تعزيز علاقاتها مع الهند، على اعتبار أنها في حالة مواجهة مع القوة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي؛ حيث يوضح أن الجانبين يتعاونان استخبارياً في رصد المناشط النووية الباكستانية ومتابعتها (ميكور ريشون، 3-3-2015). إلى جانب ذلك، قدّمت إسرائيل الدعم العسكري للعصابات الصربية في أثناء تنفيذ المجازر ضد المسلمين في البوسنة، مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ حين دافع وزير القضاء الصهيوني الأسبق، يوسيف لبيد، في حينه، عن هذا السلوك بأن الصرب حموا اليهود في الحرب العالمية الثانية ووفروا لهم المأوى، في حين أن مسلمي البوسنة ناصبوهم العداء. قصارى القول، عندما تتحالف دول عربية وإسلامية مع الكيان الصهيوني، على الرغم مما يرتكبه ضد الفلسطينيين، فلا غرو أن يوسع الصهاينة دائرة عدوانهم، ليشمل دعم كل من يعادي المسلمين. العربي الجديد
التعليقات