برزت بشكل واضح في الخطاب السياسي للنظام العربي في قمة عمان الاخيرة لهجة قاسية في وصف 'الربيع العربي' وما أتت به هذه الحقبة التاريخية من تحولات ما يزال يدور حول نتائجها وآثارها خلافات واسعة ليست في أوساط النخب وحسب بل الرأي العام العربي، ولكن بعد هذه السنوات كيف نتصور مستقبل الثقافة الديمقراطية في هذا الجزء من العالم؟ وكيف يتم الربط بين هذه الحقبة والمطالبة بالإصلاح السياسي؟ وهل ستعمل هذه النقمة والمشاعر الحادة التي تتصاعد منذ سنوات ضد محاولات التغيير على توليد المزيد من المشاعر والانفعالات الحادة ضد محاولات الإصلاح السياسي؟ علينا الاعتراف أن قوى الإصلاح السياسي اليوم أكثر عزلة وأقل قدرة على الحركة وحتى على المطالبة بالتغيير، رغم أن العديد من تلك القوى لا تتوافق على مفهوم مشترك لما حدث منذ مطلع العام 2011 ولا على المصير الذي آلت اليه الظروف التاريخية، بينما تستعيد قوى استبدادية نفوذها من جديد وأخطر ما يمارس في هذا الوقت يبدو في انماط من التحالفات السياسية والطبقية التي تحاول اختلاق شرعية شعبية رافضة للإصلاح السياسي استنادا لما حدث في هذه السنوات. مع أفول بريق 'الربيع' والتحولات العربية الذي تزامن مع صعود غير مسبوق لموجة من التطرف الديني والسياسي والاجتماعي في العالم العربي، علينا ملاحظة التحولات التي باتت تضرب عميقا في برامج العمل وأولويات المنطقة واحتياجاتها، والسرعة الهائلة التي تنقلب فيها القناعات. ولعل واحدا من أهم هذه الانقلابات تراجع القناعة بأولوية الإصلاح السياسي، الأمر الذي ينسحب على الأجندة الدولية، وعلى أجندة النظم السياسية المحلية التي أخذ بعضها في السابق خطوات إصلاحية ذاتية، على اعتبار أن التحول الديمقراطي استحقاق لا بد من الذهاب إليه، بدلا من أن يُفرض عليها. لكن يبدو الجديد في أن النخب الحاكمة أخذت تراجع هذه القناعة، وكذلك المجتمعات التي أخذ الشك في أولوية الخيار الديمقراطي يزدهر لديها، في ضوء ما تشاهده من فواجع وخسائر تنسب إلى هذه التحولات. صحيح أن العالم العربي دفع أثمانا كبيرة من البشر والأموال وأضاع فرصة تاريخية ليس بسبب الإصلاح والديمقراطية بل بسبب التحولات غير المكتملة، وبالفعل هناك أربع دول تشهد حروبا طاحنة بفعل هذه المرحلة فيما ما تزال اقتصادات الدول التي شهدت تغييرا سياسيا تعاني ما يشبه الكوارث الاقتصادية، وكل ذلك يفسر في الردة السياسية والاجتماعية وفي استثمارات النظام العربي التقليدي في تلك التحولات ومحاولته لي عنق التاريخ ومثالها الواضح في الطريقة التي تم من خلالها تصعيد قوى دينية على سلم حركة التحولات، حسب تقرير للأمم المتحدة في نهاية 2016 فإن خسائر العالم العربي خلال هذه المرحلة تجاوزت 614 مليار دولار منها نحو 250 مليارا الخسائر السورية فقط . العالم العربي يشهد حالة تشويه غير مسبوقة في الثقافة السياسية هذه الايام تنتقل بالمجتمعات من الخوف على مستقبل الديمقراطية الى الخوف من الديمقراطية، وينتقل الناس من ردود الفعل في حماية الحياة والميل الى طلب الاستقرار والى حالة من الخوف المرضي من اي نوايا للتغيير، بينما يمارس النظام الرسمي التقليدي والجديد على السواء التخويف وبناء الحواجز. في السابق كانت تلك النخب تخجل من معاداة الديمقراطية عكس ما يحدث اليوم؛ إنها قطيعة جديدة الأخطر فيها انها تدشن في العمق الاجتماعي للمجتمعات، ما يجعلها البقعة السوداء الأكبر في تاريخنا المعاصر.
عمان جو - د . باسم الطويسي .
برزت بشكل واضح في الخطاب السياسي للنظام العربي في قمة عمان الاخيرة لهجة قاسية في وصف 'الربيع العربي' وما أتت به هذه الحقبة التاريخية من تحولات ما يزال يدور حول نتائجها وآثارها خلافات واسعة ليست في أوساط النخب وحسب بل الرأي العام العربي، ولكن بعد هذه السنوات كيف نتصور مستقبل الثقافة الديمقراطية في هذا الجزء من العالم؟ وكيف يتم الربط بين هذه الحقبة والمطالبة بالإصلاح السياسي؟ وهل ستعمل هذه النقمة والمشاعر الحادة التي تتصاعد منذ سنوات ضد محاولات التغيير على توليد المزيد من المشاعر والانفعالات الحادة ضد محاولات الإصلاح السياسي؟ علينا الاعتراف أن قوى الإصلاح السياسي اليوم أكثر عزلة وأقل قدرة على الحركة وحتى على المطالبة بالتغيير، رغم أن العديد من تلك القوى لا تتوافق على مفهوم مشترك لما حدث منذ مطلع العام 2011 ولا على المصير الذي آلت اليه الظروف التاريخية، بينما تستعيد قوى استبدادية نفوذها من جديد وأخطر ما يمارس في هذا الوقت يبدو في انماط من التحالفات السياسية والطبقية التي تحاول اختلاق شرعية شعبية رافضة للإصلاح السياسي استنادا لما حدث في هذه السنوات. مع أفول بريق 'الربيع' والتحولات العربية الذي تزامن مع صعود غير مسبوق لموجة من التطرف الديني والسياسي والاجتماعي في العالم العربي، علينا ملاحظة التحولات التي باتت تضرب عميقا في برامج العمل وأولويات المنطقة واحتياجاتها، والسرعة الهائلة التي تنقلب فيها القناعات. ولعل واحدا من أهم هذه الانقلابات تراجع القناعة بأولوية الإصلاح السياسي، الأمر الذي ينسحب على الأجندة الدولية، وعلى أجندة النظم السياسية المحلية التي أخذ بعضها في السابق خطوات إصلاحية ذاتية، على اعتبار أن التحول الديمقراطي استحقاق لا بد من الذهاب إليه، بدلا من أن يُفرض عليها. لكن يبدو الجديد في أن النخب الحاكمة أخذت تراجع هذه القناعة، وكذلك المجتمعات التي أخذ الشك في أولوية الخيار الديمقراطي يزدهر لديها، في ضوء ما تشاهده من فواجع وخسائر تنسب إلى هذه التحولات. صحيح أن العالم العربي دفع أثمانا كبيرة من البشر والأموال وأضاع فرصة تاريخية ليس بسبب الإصلاح والديمقراطية بل بسبب التحولات غير المكتملة، وبالفعل هناك أربع دول تشهد حروبا طاحنة بفعل هذه المرحلة فيما ما تزال اقتصادات الدول التي شهدت تغييرا سياسيا تعاني ما يشبه الكوارث الاقتصادية، وكل ذلك يفسر في الردة السياسية والاجتماعية وفي استثمارات النظام العربي التقليدي في تلك التحولات ومحاولته لي عنق التاريخ ومثالها الواضح في الطريقة التي تم من خلالها تصعيد قوى دينية على سلم حركة التحولات، حسب تقرير للأمم المتحدة في نهاية 2016 فإن خسائر العالم العربي خلال هذه المرحلة تجاوزت 614 مليار دولار منها نحو 250 مليارا الخسائر السورية فقط . العالم العربي يشهد حالة تشويه غير مسبوقة في الثقافة السياسية هذه الايام تنتقل بالمجتمعات من الخوف على مستقبل الديمقراطية الى الخوف من الديمقراطية، وينتقل الناس من ردود الفعل في حماية الحياة والميل الى طلب الاستقرار والى حالة من الخوف المرضي من اي نوايا للتغيير، بينما يمارس النظام الرسمي التقليدي والجديد على السواء التخويف وبناء الحواجز. في السابق كانت تلك النخب تخجل من معاداة الديمقراطية عكس ما يحدث اليوم؛ إنها قطيعة جديدة الأخطر فيها انها تدشن في العمق الاجتماعي للمجتمعات، ما يجعلها البقعة السوداء الأكبر في تاريخنا المعاصر.
عمان جو - د . باسم الطويسي .
برزت بشكل واضح في الخطاب السياسي للنظام العربي في قمة عمان الاخيرة لهجة قاسية في وصف 'الربيع العربي' وما أتت به هذه الحقبة التاريخية من تحولات ما يزال يدور حول نتائجها وآثارها خلافات واسعة ليست في أوساط النخب وحسب بل الرأي العام العربي، ولكن بعد هذه السنوات كيف نتصور مستقبل الثقافة الديمقراطية في هذا الجزء من العالم؟ وكيف يتم الربط بين هذه الحقبة والمطالبة بالإصلاح السياسي؟ وهل ستعمل هذه النقمة والمشاعر الحادة التي تتصاعد منذ سنوات ضد محاولات التغيير على توليد المزيد من المشاعر والانفعالات الحادة ضد محاولات الإصلاح السياسي؟ علينا الاعتراف أن قوى الإصلاح السياسي اليوم أكثر عزلة وأقل قدرة على الحركة وحتى على المطالبة بالتغيير، رغم أن العديد من تلك القوى لا تتوافق على مفهوم مشترك لما حدث منذ مطلع العام 2011 ولا على المصير الذي آلت اليه الظروف التاريخية، بينما تستعيد قوى استبدادية نفوذها من جديد وأخطر ما يمارس في هذا الوقت يبدو في انماط من التحالفات السياسية والطبقية التي تحاول اختلاق شرعية شعبية رافضة للإصلاح السياسي استنادا لما حدث في هذه السنوات. مع أفول بريق 'الربيع' والتحولات العربية الذي تزامن مع صعود غير مسبوق لموجة من التطرف الديني والسياسي والاجتماعي في العالم العربي، علينا ملاحظة التحولات التي باتت تضرب عميقا في برامج العمل وأولويات المنطقة واحتياجاتها، والسرعة الهائلة التي تنقلب فيها القناعات. ولعل واحدا من أهم هذه الانقلابات تراجع القناعة بأولوية الإصلاح السياسي، الأمر الذي ينسحب على الأجندة الدولية، وعلى أجندة النظم السياسية المحلية التي أخذ بعضها في السابق خطوات إصلاحية ذاتية، على اعتبار أن التحول الديمقراطي استحقاق لا بد من الذهاب إليه، بدلا من أن يُفرض عليها. لكن يبدو الجديد في أن النخب الحاكمة أخذت تراجع هذه القناعة، وكذلك المجتمعات التي أخذ الشك في أولوية الخيار الديمقراطي يزدهر لديها، في ضوء ما تشاهده من فواجع وخسائر تنسب إلى هذه التحولات. صحيح أن العالم العربي دفع أثمانا كبيرة من البشر والأموال وأضاع فرصة تاريخية ليس بسبب الإصلاح والديمقراطية بل بسبب التحولات غير المكتملة، وبالفعل هناك أربع دول تشهد حروبا طاحنة بفعل هذه المرحلة فيما ما تزال اقتصادات الدول التي شهدت تغييرا سياسيا تعاني ما يشبه الكوارث الاقتصادية، وكل ذلك يفسر في الردة السياسية والاجتماعية وفي استثمارات النظام العربي التقليدي في تلك التحولات ومحاولته لي عنق التاريخ ومثالها الواضح في الطريقة التي تم من خلالها تصعيد قوى دينية على سلم حركة التحولات، حسب تقرير للأمم المتحدة في نهاية 2016 فإن خسائر العالم العربي خلال هذه المرحلة تجاوزت 614 مليار دولار منها نحو 250 مليارا الخسائر السورية فقط . العالم العربي يشهد حالة تشويه غير مسبوقة في الثقافة السياسية هذه الايام تنتقل بالمجتمعات من الخوف على مستقبل الديمقراطية الى الخوف من الديمقراطية، وينتقل الناس من ردود الفعل في حماية الحياة والميل الى طلب الاستقرار والى حالة من الخوف المرضي من اي نوايا للتغيير، بينما يمارس النظام الرسمي التقليدي والجديد على السواء التخويف وبناء الحواجز. في السابق كانت تلك النخب تخجل من معاداة الديمقراطية عكس ما يحدث اليوم؛ إنها قطيعة جديدة الأخطر فيها انها تدشن في العمق الاجتماعي للمجتمعات، ما يجعلها البقعة السوداء الأكبر في تاريخنا المعاصر.
التعليقات