من يستمع لتحليلات بعض أعضاء النادي السياسي وتفسيراتهم لقرار تغيير مدير المخابرات العامة، يخيل إليه أننا في دولة تحكمها 'ترويكا' سياسية، ومن خلفهم جنرالات وعسكر يتصارعون على النفوذ ومواقع القرار في البلاد. إنهم يتجاهلون على نحو غير مفهوم أبدا القواعد الثابتة والمستقرة التي تحكم عملية اتخاذ قرارات من هذا النوع. في التعديل الأخير على الدستور الأردني، أصبح قرار تعيين وإقالة قادة المؤسستين العسكرية والأمنية بيد جلالة الملك حصرا، بوصفه ملك البلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية. ويعرف عشرات الساسة الذين تولوا مواقع المسؤولية، حتى قبل التعديل الدستوري الأخير، أن القرارات الكبرى الخاصة بالجيش وجهاز المخابرات العامة هى حق حصري للملك، لا يتدخل فيها أحد، لا بل لا يجرؤ مسؤول مدني مهما علت وظيفته في الدولة على التدخل فيها أو السؤال عنها. هذا التقليد الراسخ منذ عهد الملك الحسين، استمر بنفس الطريقة في عهد الملك عبدالله الثاني. وإليه ينسب الفضل في استقرار ورسوخ المؤسسة العسكرية الأمنية، والتزامها المعايير المهنية والاحترافية، بعيدا عن أهواء السياسة والسياسيين ومصالحهم، والتي كانت وراء خراب مؤسسات الأمن في دول كانت تعبث فيها أصابع الساسة. خدم الفريق أول فيصل الشوبكي مديرا للمخابرات العامة قرابة الست سنوات. فترة طويلة نسبيا، وحافلة بالتحديات الداخلية والخارجية غير المسبوقة، نجح الجهاز الأمني خلالها بتجنيب المملكة أسوأ السيناريوهات الكارثية التي أصابت دولا عديدة في المنطقة. ولا أعلم مقصد البعض في القول إن التغيير كان مفاجئا. متى كان التغيير بمثل هذه المناصب يحصل بغير هذا الأسلوب؟ وهل كان المطلوب فتح نقاش علني في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع من اتخاذ القرار؟! أما التوقيت فهو سؤال التغييرات الدائم في الأردن؛ لماذا الآن وليس قبل أو بعد شهر أو شهرين؟ هذه أسئلة لا معنى لها أبدا، ولا قيمة لها أيضا. التغيير في هذه المواقع لا يرتبط باستحقاقات دستورية كاستقالة الحكومات مثلا، بل بتقدير صاحب القرار وحده دون غيره. ولا دور فيه لأحد لا في الداخل أو الخارج. لقد أقدم الملك الراحل الحسين ذات يوم تاريخي على قرار هز أركان المنطقة والإمبراطورية العظمى عندما أقال الجنرال كلوب 'باشا' من قيادة الجيش العربي، دون أن يعلم أحد بقراره مسبقا حتى كبار رجال حكومته وديوانه، في وقت كان الأردن ما يزال يخضع للانتداب البريطاني، فكيف الحال اليوم وقد أصبحت الدولة الأردنية صاحبة السيادة الكاملة على شؤونها، ولا مرجعية لمسؤوليها سوى الدستور والملك بصلاحياته الدستورية؟ لا يخرج التغيير الأخير في جهاز المخابرات العامة، ومن قبل في مؤسسة الجيش، عن السياق الطبيعي المحكوم بالمدد الزمنية وتقديرات الملك الموضوعية لحاجات التغيير، استنادا لمعطيات شرحها جلالته بوضوح في رسالته لمدير الجهاز الجديد اللواء عدنان الجندي، وتتركز بشكل كبير على عنوان بارز هو دور الجهاز في الحرب على الإرهاب. أما القول بأن لعودة اللواء الجندي بعد تقاعده من الجهاز مغزى معينا، فتنقصه الدقة أيضا، فالفريق الشوبكي كان هو الآخر خارج الدائرة لعدة سنوات قبل أن يعود إليها مديرا في العام 2011، فيما غياب اللواء الجندي لم يزد على بضعة أشهر.
عمان جو - فهد الخيطان .
من يستمع لتحليلات بعض أعضاء النادي السياسي وتفسيراتهم لقرار تغيير مدير المخابرات العامة، يخيل إليه أننا في دولة تحكمها 'ترويكا' سياسية، ومن خلفهم جنرالات وعسكر يتصارعون على النفوذ ومواقع القرار في البلاد. إنهم يتجاهلون على نحو غير مفهوم أبدا القواعد الثابتة والمستقرة التي تحكم عملية اتخاذ قرارات من هذا النوع. في التعديل الأخير على الدستور الأردني، أصبح قرار تعيين وإقالة قادة المؤسستين العسكرية والأمنية بيد جلالة الملك حصرا، بوصفه ملك البلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية. ويعرف عشرات الساسة الذين تولوا مواقع المسؤولية، حتى قبل التعديل الدستوري الأخير، أن القرارات الكبرى الخاصة بالجيش وجهاز المخابرات العامة هى حق حصري للملك، لا يتدخل فيها أحد، لا بل لا يجرؤ مسؤول مدني مهما علت وظيفته في الدولة على التدخل فيها أو السؤال عنها. هذا التقليد الراسخ منذ عهد الملك الحسين، استمر بنفس الطريقة في عهد الملك عبدالله الثاني. وإليه ينسب الفضل في استقرار ورسوخ المؤسسة العسكرية الأمنية، والتزامها المعايير المهنية والاحترافية، بعيدا عن أهواء السياسة والسياسيين ومصالحهم، والتي كانت وراء خراب مؤسسات الأمن في دول كانت تعبث فيها أصابع الساسة. خدم الفريق أول فيصل الشوبكي مديرا للمخابرات العامة قرابة الست سنوات. فترة طويلة نسبيا، وحافلة بالتحديات الداخلية والخارجية غير المسبوقة، نجح الجهاز الأمني خلالها بتجنيب المملكة أسوأ السيناريوهات الكارثية التي أصابت دولا عديدة في المنطقة. ولا أعلم مقصد البعض في القول إن التغيير كان مفاجئا. متى كان التغيير بمثل هذه المناصب يحصل بغير هذا الأسلوب؟ وهل كان المطلوب فتح نقاش علني في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع من اتخاذ القرار؟! أما التوقيت فهو سؤال التغييرات الدائم في الأردن؛ لماذا الآن وليس قبل أو بعد شهر أو شهرين؟ هذه أسئلة لا معنى لها أبدا، ولا قيمة لها أيضا. التغيير في هذه المواقع لا يرتبط باستحقاقات دستورية كاستقالة الحكومات مثلا، بل بتقدير صاحب القرار وحده دون غيره. ولا دور فيه لأحد لا في الداخل أو الخارج. لقد أقدم الملك الراحل الحسين ذات يوم تاريخي على قرار هز أركان المنطقة والإمبراطورية العظمى عندما أقال الجنرال كلوب 'باشا' من قيادة الجيش العربي، دون أن يعلم أحد بقراره مسبقا حتى كبار رجال حكومته وديوانه، في وقت كان الأردن ما يزال يخضع للانتداب البريطاني، فكيف الحال اليوم وقد أصبحت الدولة الأردنية صاحبة السيادة الكاملة على شؤونها، ولا مرجعية لمسؤوليها سوى الدستور والملك بصلاحياته الدستورية؟ لا يخرج التغيير الأخير في جهاز المخابرات العامة، ومن قبل في مؤسسة الجيش، عن السياق الطبيعي المحكوم بالمدد الزمنية وتقديرات الملك الموضوعية لحاجات التغيير، استنادا لمعطيات شرحها جلالته بوضوح في رسالته لمدير الجهاز الجديد اللواء عدنان الجندي، وتتركز بشكل كبير على عنوان بارز هو دور الجهاز في الحرب على الإرهاب. أما القول بأن لعودة اللواء الجندي بعد تقاعده من الجهاز مغزى معينا، فتنقصه الدقة أيضا، فالفريق الشوبكي كان هو الآخر خارج الدائرة لعدة سنوات قبل أن يعود إليها مديرا في العام 2011، فيما غياب اللواء الجندي لم يزد على بضعة أشهر.
عمان جو - فهد الخيطان .
من يستمع لتحليلات بعض أعضاء النادي السياسي وتفسيراتهم لقرار تغيير مدير المخابرات العامة، يخيل إليه أننا في دولة تحكمها 'ترويكا' سياسية، ومن خلفهم جنرالات وعسكر يتصارعون على النفوذ ومواقع القرار في البلاد. إنهم يتجاهلون على نحو غير مفهوم أبدا القواعد الثابتة والمستقرة التي تحكم عملية اتخاذ قرارات من هذا النوع. في التعديل الأخير على الدستور الأردني، أصبح قرار تعيين وإقالة قادة المؤسستين العسكرية والأمنية بيد جلالة الملك حصرا، بوصفه ملك البلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية. ويعرف عشرات الساسة الذين تولوا مواقع المسؤولية، حتى قبل التعديل الدستوري الأخير، أن القرارات الكبرى الخاصة بالجيش وجهاز المخابرات العامة هى حق حصري للملك، لا يتدخل فيها أحد، لا بل لا يجرؤ مسؤول مدني مهما علت وظيفته في الدولة على التدخل فيها أو السؤال عنها. هذا التقليد الراسخ منذ عهد الملك الحسين، استمر بنفس الطريقة في عهد الملك عبدالله الثاني. وإليه ينسب الفضل في استقرار ورسوخ المؤسسة العسكرية الأمنية، والتزامها المعايير المهنية والاحترافية، بعيدا عن أهواء السياسة والسياسيين ومصالحهم، والتي كانت وراء خراب مؤسسات الأمن في دول كانت تعبث فيها أصابع الساسة. خدم الفريق أول فيصل الشوبكي مديرا للمخابرات العامة قرابة الست سنوات. فترة طويلة نسبيا، وحافلة بالتحديات الداخلية والخارجية غير المسبوقة، نجح الجهاز الأمني خلالها بتجنيب المملكة أسوأ السيناريوهات الكارثية التي أصابت دولا عديدة في المنطقة. ولا أعلم مقصد البعض في القول إن التغيير كان مفاجئا. متى كان التغيير بمثل هذه المناصب يحصل بغير هذا الأسلوب؟ وهل كان المطلوب فتح نقاش علني في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع من اتخاذ القرار؟! أما التوقيت فهو سؤال التغييرات الدائم في الأردن؛ لماذا الآن وليس قبل أو بعد شهر أو شهرين؟ هذه أسئلة لا معنى لها أبدا، ولا قيمة لها أيضا. التغيير في هذه المواقع لا يرتبط باستحقاقات دستورية كاستقالة الحكومات مثلا، بل بتقدير صاحب القرار وحده دون غيره. ولا دور فيه لأحد لا في الداخل أو الخارج. لقد أقدم الملك الراحل الحسين ذات يوم تاريخي على قرار هز أركان المنطقة والإمبراطورية العظمى عندما أقال الجنرال كلوب 'باشا' من قيادة الجيش العربي، دون أن يعلم أحد بقراره مسبقا حتى كبار رجال حكومته وديوانه، في وقت كان الأردن ما يزال يخضع للانتداب البريطاني، فكيف الحال اليوم وقد أصبحت الدولة الأردنية صاحبة السيادة الكاملة على شؤونها، ولا مرجعية لمسؤوليها سوى الدستور والملك بصلاحياته الدستورية؟ لا يخرج التغيير الأخير في جهاز المخابرات العامة، ومن قبل في مؤسسة الجيش، عن السياق الطبيعي المحكوم بالمدد الزمنية وتقديرات الملك الموضوعية لحاجات التغيير، استنادا لمعطيات شرحها جلالته بوضوح في رسالته لمدير الجهاز الجديد اللواء عدنان الجندي، وتتركز بشكل كبير على عنوان بارز هو دور الجهاز في الحرب على الإرهاب. أما القول بأن لعودة اللواء الجندي بعد تقاعده من الجهاز مغزى معينا، فتنقصه الدقة أيضا، فالفريق الشوبكي كان هو الآخر خارج الدائرة لعدة سنوات قبل أن يعود إليها مديرا في العام 2011، فيما غياب اللواء الجندي لم يزد على بضعة أشهر.
التعليقات