عمان جو-محرر الاخبار العالمية
لبنان بلد سياحي بامتياز، فلطالما درسنا في كتب الجغرافيا أن ما يميزه هو قرب جباله من سواحله، لدرجة أنك تستطيع، في أحد أشهر السنة أن تمارس رياضة السباحة لتنتقل بعدها إلى أعلى القمم لتستمتع بالتزلج، ناهيك عن الآثار الفينيقية والرومانية وغيرها التي تجذب السياح، فإذا قصد السائح أن يتجول في كل لبنان فهو لن ينام البتة!
أما المهرجانات فحدث ولا حرج، إذ تعمر ليالي المناطق وخصوصا خلال الصيف بصخب الأغاني المحلية والعالمية، فيحتار المواطن كما السائح بأي مهرجان يشارك.
وما يميز لبنان في السنوات الأخيرة المنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم التي تعكس صورة لبنان يضج بالحياة رغم الألم، يتحدى الأخطار من خلال شعب تواق إلى الحرية والتمتع بكل ما هو جميل، ليواكب وطنه الثورة السياحية العالمية، رغم ضآلة الإمكانات، ناهيك عما يقدمه المطبخ اللبناني من أطباق شهية ومتنوعة يستسيغها السائح.
والسياحة لا تشمل فقط ما ذكر آنفا، فلبنان ملتقى الأديان تنشط فيه السياحة الدينية بحيث لا تقل الآثار الدينية أهمية عن غيرها من الآثار والأديرة الأثرية والجوامع والمساجد التي يحج إليها آلاف السياح سنويا.
وتنشط في أيامنا السياحة الطبية، حيث أصبح لبنان مركزا إقليميا رائدا في قطاع السياحة الصحية في الشرق.
ونظرا لما تقوم به الوكالة الوطنية للإعلام من عكس صورة موضوعية للسياحة، فقد فازت بجائزة 'أفضل وكالة أنباء عربية تهتم بالسياحة المحلية والعربية لعام 2016'، ومغارة جعيتا بلقب أفضل معلم سياحي، وذلك في احتفال نظمه المركز العربي للإعلام السياحي في فندق الدار البيضاء جراند، وسيتم تسليم الوكالة والمغارة الجائزة في 25 الحالي في احتفال في دبي.
دور وزارة السياحة
بداية، لا بد من التطرق إلى دور وزارة السياحة التي تعمل على السياحة المستدامة وتنويعها من خلال تسويقها في الدول الخليجية والعربية والأوروبية عبر التركيز على الإعلام وعلى استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، كما فعلت خلال إطلاقها 'الرزم السياحية' المخفضة لعدد من الدول العربية (الأردن، العراق ومصر) بالإضافة الى أرمينيا، وعلى المشاركة في معارض السفر والسياحة العالمية، كاشتراكها في معارض لندن، برلين، مدريد، دبي وغيرها.
كما تركز وزارة السياحة على التواصل مع المغتربين عبر التعاون مع الجامعة الثقافية في العالم التي تؤمن أعدادا كبيرة من الشباب المنتشر خلال الصيف، وتدعم التواصل مع هؤلاء لأن السياحة ترتكز عليهم، إذ باتوا يشكلون رقما لا بأس به في السياحة.
وتدعم الوزارة أيضا إقامة المهرجانات الدولية والمحلية التي تجاوز عددها الــ 100 في السنة الماضية، وهي مهرجانات مؤثرة تجذب السائح من مختلف أنحاء العالم، كما نجحت في اجتذاب العديد من السياح المغامرين والمحبين للطبيعة للمجيء الى لبنان والمشاركة في السياحة البيئية، حيث انتشرت بيوت الضيافة التي امتلأت السنة الماضية ويتوقع أن تمتلئ هذه السنة ايضا.
وتتوقع وزارة السياحة أن يشهد هذا الصيف إقبالا كبيرا من السياح، خصوصا من الخليجيين بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات، وهي تواكب هذه العودة بالمزيد من الاهتمام بهم وتسهيل إقامتهم ومراجعة شؤونهم، وخصوصا ان الفنادق والمطاعم والمقاهي على استعداد لاستقبالهم هذا الصيف، متوقعة أن تكون نسبة التشغيل فيها مئة بالمئة بعد أن كانت في الشتاء لا تتجاوز الــ 60 بالمئة.
يذكر أن عدد السياح خلال العام الماضي، وصل الى مليون ونصف المليون سائح، لكن التوقعات تؤكد ان هذا الرقم سيتم تجاوزه في ظل الاستعدادات العربية والخليجية للعودة الى لبنان.
ولا بد من تعداد أهم المواقع والمدن التي يقصدها السياح لدى إقامتهم في الربوع اللبنانية.
المتاحف
50 متحفا، تتوزع على مختلف المناطق وتشكل علامة فارقة في القطاع السياحي.
ففي بيروت المتحف الأهم هو المتحف الوطني الذي يحتوي على مجموعة غنية من القطع الاثرية كالنواويس، الفسيفساء، المجوهرات، الفخاريات، الزجاج، وتماثيل مستخرجة من المواقع الاثرية من جميع انحاء لبنان، وتغطي حقبة تاريخية تمتد بين فترة ما قبل التاريخ من البيزنطي حتى الفتح الاسلامي والعصر المملوكي، ويضم المتحف قاعة للمرئي والمسموع ومتجرا.
ومن المتاحف أيضا متحف الجامعة الاميركية، المتحف القبتارخي اللبناني، متحف نقولا سرسق، متحف روبير معوض الخاص، كوكب الاكتشاف - المتحف العلمي للأولاد، متحف الساحة التراثي ومتحف المعدنيات.
وفي شمال لبنان: متحف جبران خليل جبران، إذ تحول دير مار سركيس في بلدة جبران خليل جبران في بشري الى متحف سنة 1975 وتم نقل الاثاث، المخطوطات، المكتبة الخاصة والاغراض الشخصية بالإضافة الى 440 لوحة اصلية من نتاج جبران الفني من محترفه في نيويورك الى المتحف، ويقع مدفن جبران في مغارة قديمة كانت في ما مضى محبسة الدير.
وهناك أيضا متحف دير مار انطونيوس الكبير - قزحيا، المتحف العلمي للطيور والفراشات والحيوانات، متحف الدكتور ايلي صراف، متحف النحاتين البصابصة، متحف القديس نعمة الله الحرديني ومتحف القديسة ريتا.
في جبل لبنان: متاحف جبيل: متحف موقع جبيل داخل القلعة، متحف ومؤسسة لويس قرداحي، متحف المتحجرات ، ذاكرة الزمن، متحف الشمع يعرض تماثيل من الشمع ومشاهد من الحياة اليومية لحقبة ممتدة من الحضارة الفينيقية الى لبنان الحاضر، متحف بيبي عبد، اكسبو حاقل، متحف دير مار مارون، المتحف الهولوغرافي في جونية، متحف المشاهير ذوق مصبح، متحف التراث اللبناني، متحف كيليكيا يعرض رفات القديسين ومجموعة من الاطباق الذهبية والفضية التي يعود تاريخها الى الحقبة الممتدة من القرن السابع عشر الى القرن التاسع عشر، البطريركية الارمنية - انطلياس، متحف أمين الريحاني في الفريكة، متحف ميشال أبو جودة، متحف دوروتي سلهب قازمي، متحف بول غيراغوسيان للفن المعاصر، متحف روائع البحر، متحف النحات يوسف غصوب، متحف النور، متحف الحرير، متحف قصر بيت الدين، متحف ماري باز، قلعة موسى، حلم فنان لبناني: موسى المعماري، متحف كهف الفنون ومتحف وهيب البتديني الفني.
أما متاحف البقاع فهي متحف البيت التراثي اللبناني للفنان سمير فهد شمعون، متحف تربل، متحف البقاع البيئي، متحف سليم عراجي التراثي، متحف اميل حنوش، مركز فيروز شمعون للفنون والثقافة، متحف موقع بعلبك ومعرض دير سيدة رأس بعلبك العجائبية.
أما متاحف الجنوب فهي: متحف صيدا التاريخي، المتحف الفينيقي، متحف دير سيدة مشموشة، المتحف اللبناني للحياة البحرية والبرية، متحف موسى طيبا، متحف الصابون، متحف مليتا والمتحف الحربي لبلدة الخيام.
جعيتا
لا بد من الاشارة، الى مغارة جعيتا التي دخلت في مسابقة 'عجائب الدنيا السبع'، والتي لا يتوانى أي سائح عن زيارتها، فهي مغارة كونتها قرون من التآكلات المائية والصخرية، حتى باتت اليوم مشهدا يصعب بالكلمات وصف التماثيل فيه.
تتكون جعيتا من مغارتين العليا والسفلى، وكان اكتشافهما حتى عمق 9000 متر حدثا غير عادي، أتاح للزوار تأمل هوابط وصواعد مذهلة تشكل مشهدا ساحرا، سقفه الجبل، وأرضه المياه الصافية، يزيد من روعتها نظام إنارة مدروس بعناية وفن.
ولزيارتها، يتنقل الزوار والسياح بين المغارتين بقطار صغير وتيليفريك يمر فوق النهر ويؤدي الى المغارة العليا.
السياحة البيئية
يقدم لبنان الفرصة للسائح كي يقوم بنشاطات مختلفة في الطبيعة، وذلك بسبب تنوع جغرافيته وطبيعته ومناخه، الأمر الذي يسمح بممارسة أنواع متنوعة من الرياضات التي تمارس في الهواء الطلق في مناطق ومواسم مختلفة. تشكل الجبال، والغابات والشطآن، والأنهر الموسمية والدائمة، الكهوف، الوديان والممرات الجبلية، مقصدا لعشاق الطبيعة الراغبين بالاستكشاف والتخييم ومراقبة الطيور وممارسة أشكال أخرى من السياحة البيئية.
ومن الرياضات والأنشطة التي يمكن ممارستها: ركوب الدراجة الرباعية ATV، الترميث، وهي رياضة حديثة نسبيا في لبنان ويمارسها محبوها في أنهر العاصي والليطاني والأولي، المشي في الغابات واستكشافها Hicking، وهناك عدد من المواقع المفضلة التي يقصدها محبوها، مثل محمية أرز الشوف، الرملية، غابة القموعة، محمية حرش إهدن، ونهر إبراهيم.
ومحبو استكشاف المغارات، يمارسون هوايتهم في أماكن مشهورة وقديمة في لبنان، منها: مغارة أفقا، كهف الرويس، وعين اللبنة، بالإضافة إلى الاستكشاف بواسطة الدراجة النارية، وتسلق الجبال بواسطة الحفر والسلالم، والهبوط من قمم الجبال وركوب الخيل والتزلج باللوح المفرد وركوب الدراجات الجبلية وتسلق الجبال.
المحميات
ومن ضمن السياحة البيئية، تنشط زيارة المحميات الطبيعية، ثلاث منها يعتبر محمية نموذجية، وواحدة تعتبر محمية حيوية في منطقة الشرق الأوسط.
ومن هذه المحميات: محمية أرز الشوف، محمية حرش إهدن، محمية جزر النخيل، محمية شاطئ صور، محمية أفقا الطبيعية، محمية اليمونة الطبيعية ومحمية مستنقع عميق ومحمية تنورين الطبيعية.
الرياضات الشتوية
لبنان، من المراكز القليلة في منطقة الشرق الأوسط المجهزة لممارسة رياضة التزلج، وعلى الرغم من أن البلاد تعد مقصدا صيفيا بالدرجة الأولى، إلا أن السياحة الشتوية تشهد تزايدا ملحوظا، بسبب قرب الجبل من الساحل، مما يسمح للزائر أن يمارس التزلج ويعود إلى بيروت أو أي مدينة ساحلية أخرى في غضون ساعة أو اثنين فقط، ويبدأ فصل التزلج في كانون الأول، وتؤمن المنتجعات الكبرى لزبائنها الإقامة في الفنادق والشاليهات الشتوية، بالإضافة إلى تسهيلات كثيرة تشمل أدوات التزلج.
وتشمل الرياضات الشتوية في لبنان: التزلج على المنحدرات الجليدية، الجري الطويل، بالإضافة إلى الهبوط بالمظلات، قيادة زلاقات الجليد الآلية، واستكشاف الغابات والجبال.
وفي لبنان ستة منتجعات تزلج وهي: الأرز، فاريا - عيون السيمان، اللقلوق، فقرا، قناة باكيش والزعرور.
السياحة الطبية
السياحة الصحية، من السياحات الناشطة في لبنان، وتتطور بحسب تطور الخدمات الصحية والطبية، اذ لطالما أطلق على لبنان 'مستشفى الشرق الاوسط' لما لقطاع الصحة من مستوى متقدم ينفرد به بين دول المنطقة، حيث هناك 161 مستشفى منها 7 مستشفيات جامعية تحتوي على 15 ألف سرير.
فلبنان يقدم سلة واسعة من الاختصاصات الطبية لطالبي العلاج التي تشمل تشخيص أمراض القلب والتقنيات الجراحية والعلاجية وتقنيات التدخل الجراحي لعلاج أمراض القلب وعمليات التجميل والتنحيف والسرطان والعلاج الفيزيائي وأمراض الأطفال.
والسياحة الصحية تهدف في الأساس للعلاج من الأمراض أو إجراء عمليات جراحية معقدة تتطلب الدقة والخبرات العالية، حيث يتوفر في لبنان أهم المراكز الطبية الذائعة الشهرة في منطقة الشرق الاوسط بسبب امتلاكها أحدث التجهيزات الطبية والعلمية المتوفرة في أهم المراكز الطبية في أوروبا والولايات المتحدة الاميركية.
ويعتبر لبنان من الدول المتقدمة في المصحات العلاجية، التي منها على سبيل المثال التدرن الرئوي ومواقعها في الجبال، كما يوجد مصحات للمعالجة من الادمان على المخدرات، وأخرى للأمراض النفسية ودور العجزة والمسنين.
واليوم، ومع التطور الثقافي والاقتصادي الذي تشهده شعوب المنطقة ما انعكس تغيرا في أنماط معيشتها، فأخذت السياحة الصحية التجميلية او الترميمية موقعا بارزا جدا بين كل أنواع السياحة الصحية لما تفردت به بعض المستشفيات من عناية صحية مميزة ومهارة الأطباء وحرفيتهم، حيث يقدم عدد منها العلاجات الطبية والعمليات التجميلية للبنانيين ولغير اللبنانيين، ما جعل لبنان مقصدا للسياحة الصحية من مختلف بلدان الشرق الأوسط.
ويشار الى ان مجلس الوزراء أصدر في شهر تموز من عام 2001 مرسوما يقضي بإنشاء الهيئة الوطنية لإنماء السياحة الصحية، تضم ممثلين عن وزارات الصحة والسياحة والبيئة والإعلام، بالإضافة إلى نقابات الأطباء والمستشفيات والفنادق وشركات السياحة والسفر والتأمين، وتضع الدوائر الرسمية اللبنانية المختصة هذه السياحة في مقدمة أولوياتها، حيث تنتشر المراكز الاستشفائية في مختلف المناطق اللبنانية، وهي تقدم خدمات طبية متطورة، فضلا عن دور العجزة والمسنين والأيتام لمساعدة هؤلاء المحتاجين والاعتناء بهم.
المهرجانات
شكلت المهرجانات السياحية خلال العامين الماضيين تصاعدا لافتا على صعيد توزيع مكان اقامة المهرجانات السياحية وعلى صعيد البرامج الفنية والجهات المتقدمة لتنظيمها، ولكن بالإجمال فقد حافظت محافظتي بيروت وجبل لبنان على الريادة في هذا الأمر وبقي الأمر على ما هو عليه متدنيا في محافظات النبطية، لبنان الجنوبي، بعلبك - الهرمل والبقاع.
وعملت وزارة السياحة على تأمين كل المتطلبات اللوجستية لجميع المنظمين من تسهيل الحصول على التأشيرات للفنانين الأجانب القادمين من الخارج، والتواصل مع الجهات المعنية من محافظين ورؤساء بلديات والمديرية العامة للجمارك، وعملت على تأمين الدعم المادي لهذه المهرجانات.
وتنوعت المهرجانات السياحية الموافق عليها من قبل وزارة السياحة أو تلك التي وافقت عليها من مهرجانات دولية او محلية او تراثية او عروض في الشارع او مسابقات جمالية او مهرجانات تسويقية أو عروض ازياء.
والمهرجانات بشكل عام، هي كل نشاط احتفالي يجمع العديد من السياح أو المهتمين أو ابناء البلدات المجاورة للاحتفال بنشاط فني او تراثي أو تسويقي مترافقا مع نشاطات ترفيهية وعروض لمنتوجات ارتيزانا وحرفيات متعددة ونشاطات كرنفالية.
وشكلت المهرجانات في الاعوام الاخيرة، عامل جذب للسياح، اذ عمت المناطق اللبنانية، وبنجاح باهر ولافت، وخصوصا مهرجانات البترون الدولية، مهرجانات صور وجونيه وبيبلوس الدولية، مهرجانات أعياد بيروت، مهرجانات قلعة بعلبك، مهرجانات اهدن، مهرجانات طرابلس، مهرجانات صيدا، مهرجانات ليالي أرز تنورين، مهرجانات راشيا، وجزين والقبيات والارز والباروك وغيرها.
المطبخ اللبناني
وعند الحديث عن السياحة، لا بد من التطرق إلى المطبخ اللبناني الذي ما زال يشق طريقه الى العالمية بشكل لافت، اذ يشتهر بطعامه المتنوع الغني بمذاقه حتى يكاد يكون من أندر المطابخ المقصودة في العالم، وهو يتميز بالمازة المؤلفة من مجموعة صحون صغيرة، تتنوع بين الخضار والحبوب والمعجنات وغيرها. ثم تأتي ثمار البحر والمشاوي والكبة لتشكل اطباقا رئيسية، بالإضافة الى الفاكهة والحلويات وهي مصنوعات لبنانية.
وبالنهاية فإن لبنان يبقى رقما صعبا في عالم السياحة على الرغم من الحروب المتتالية التي أنهكته والارهاب الذي ضربه وما برح يهدده، فهو بلد عصامي لطالما كان ينفض عنه غبار الحروب ويتحدى المآسي ليظل مرآة الشرق السياحية.
ونختم بكلمات أغنية للعملاق الراحل وديع الصافي: 'لبنان يا قطعة سما عالأرض تاني ما الها'.
(بترا)
عمان جو-محرر الاخبار العالمية
لبنان بلد سياحي بامتياز، فلطالما درسنا في كتب الجغرافيا أن ما يميزه هو قرب جباله من سواحله، لدرجة أنك تستطيع، في أحد أشهر السنة أن تمارس رياضة السباحة لتنتقل بعدها إلى أعلى القمم لتستمتع بالتزلج، ناهيك عن الآثار الفينيقية والرومانية وغيرها التي تجذب السياح، فإذا قصد السائح أن يتجول في كل لبنان فهو لن ينام البتة!
أما المهرجانات فحدث ولا حرج، إذ تعمر ليالي المناطق وخصوصا خلال الصيف بصخب الأغاني المحلية والعالمية، فيحتار المواطن كما السائح بأي مهرجان يشارك.
وما يميز لبنان في السنوات الأخيرة المنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم التي تعكس صورة لبنان يضج بالحياة رغم الألم، يتحدى الأخطار من خلال شعب تواق إلى الحرية والتمتع بكل ما هو جميل، ليواكب وطنه الثورة السياحية العالمية، رغم ضآلة الإمكانات، ناهيك عما يقدمه المطبخ اللبناني من أطباق شهية ومتنوعة يستسيغها السائح.
والسياحة لا تشمل فقط ما ذكر آنفا، فلبنان ملتقى الأديان تنشط فيه السياحة الدينية بحيث لا تقل الآثار الدينية أهمية عن غيرها من الآثار والأديرة الأثرية والجوامع والمساجد التي يحج إليها آلاف السياح سنويا.
وتنشط في أيامنا السياحة الطبية، حيث أصبح لبنان مركزا إقليميا رائدا في قطاع السياحة الصحية في الشرق.
ونظرا لما تقوم به الوكالة الوطنية للإعلام من عكس صورة موضوعية للسياحة، فقد فازت بجائزة 'أفضل وكالة أنباء عربية تهتم بالسياحة المحلية والعربية لعام 2016'، ومغارة جعيتا بلقب أفضل معلم سياحي، وذلك في احتفال نظمه المركز العربي للإعلام السياحي في فندق الدار البيضاء جراند، وسيتم تسليم الوكالة والمغارة الجائزة في 25 الحالي في احتفال في دبي.
دور وزارة السياحة
بداية، لا بد من التطرق إلى دور وزارة السياحة التي تعمل على السياحة المستدامة وتنويعها من خلال تسويقها في الدول الخليجية والعربية والأوروبية عبر التركيز على الإعلام وعلى استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، كما فعلت خلال إطلاقها 'الرزم السياحية' المخفضة لعدد من الدول العربية (الأردن، العراق ومصر) بالإضافة الى أرمينيا، وعلى المشاركة في معارض السفر والسياحة العالمية، كاشتراكها في معارض لندن، برلين، مدريد، دبي وغيرها.
كما تركز وزارة السياحة على التواصل مع المغتربين عبر التعاون مع الجامعة الثقافية في العالم التي تؤمن أعدادا كبيرة من الشباب المنتشر خلال الصيف، وتدعم التواصل مع هؤلاء لأن السياحة ترتكز عليهم، إذ باتوا يشكلون رقما لا بأس به في السياحة.
وتدعم الوزارة أيضا إقامة المهرجانات الدولية والمحلية التي تجاوز عددها الــ 100 في السنة الماضية، وهي مهرجانات مؤثرة تجذب السائح من مختلف أنحاء العالم، كما نجحت في اجتذاب العديد من السياح المغامرين والمحبين للطبيعة للمجيء الى لبنان والمشاركة في السياحة البيئية، حيث انتشرت بيوت الضيافة التي امتلأت السنة الماضية ويتوقع أن تمتلئ هذه السنة ايضا.
وتتوقع وزارة السياحة أن يشهد هذا الصيف إقبالا كبيرا من السياح، خصوصا من الخليجيين بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات، وهي تواكب هذه العودة بالمزيد من الاهتمام بهم وتسهيل إقامتهم ومراجعة شؤونهم، وخصوصا ان الفنادق والمطاعم والمقاهي على استعداد لاستقبالهم هذا الصيف، متوقعة أن تكون نسبة التشغيل فيها مئة بالمئة بعد أن كانت في الشتاء لا تتجاوز الــ 60 بالمئة.
يذكر أن عدد السياح خلال العام الماضي، وصل الى مليون ونصف المليون سائح، لكن التوقعات تؤكد ان هذا الرقم سيتم تجاوزه في ظل الاستعدادات العربية والخليجية للعودة الى لبنان.
ولا بد من تعداد أهم المواقع والمدن التي يقصدها السياح لدى إقامتهم في الربوع اللبنانية.
المتاحف
50 متحفا، تتوزع على مختلف المناطق وتشكل علامة فارقة في القطاع السياحي.
ففي بيروت المتحف الأهم هو المتحف الوطني الذي يحتوي على مجموعة غنية من القطع الاثرية كالنواويس، الفسيفساء، المجوهرات، الفخاريات، الزجاج، وتماثيل مستخرجة من المواقع الاثرية من جميع انحاء لبنان، وتغطي حقبة تاريخية تمتد بين فترة ما قبل التاريخ من البيزنطي حتى الفتح الاسلامي والعصر المملوكي، ويضم المتحف قاعة للمرئي والمسموع ومتجرا.
ومن المتاحف أيضا متحف الجامعة الاميركية، المتحف القبتارخي اللبناني، متحف نقولا سرسق، متحف روبير معوض الخاص، كوكب الاكتشاف - المتحف العلمي للأولاد، متحف الساحة التراثي ومتحف المعدنيات.
وفي شمال لبنان: متحف جبران خليل جبران، إذ تحول دير مار سركيس في بلدة جبران خليل جبران في بشري الى متحف سنة 1975 وتم نقل الاثاث، المخطوطات، المكتبة الخاصة والاغراض الشخصية بالإضافة الى 440 لوحة اصلية من نتاج جبران الفني من محترفه في نيويورك الى المتحف، ويقع مدفن جبران في مغارة قديمة كانت في ما مضى محبسة الدير.
وهناك أيضا متحف دير مار انطونيوس الكبير - قزحيا، المتحف العلمي للطيور والفراشات والحيوانات، متحف الدكتور ايلي صراف، متحف النحاتين البصابصة، متحف القديس نعمة الله الحرديني ومتحف القديسة ريتا.
في جبل لبنان: متاحف جبيل: متحف موقع جبيل داخل القلعة، متحف ومؤسسة لويس قرداحي، متحف المتحجرات ، ذاكرة الزمن، متحف الشمع يعرض تماثيل من الشمع ومشاهد من الحياة اليومية لحقبة ممتدة من الحضارة الفينيقية الى لبنان الحاضر، متحف بيبي عبد، اكسبو حاقل، متحف دير مار مارون، المتحف الهولوغرافي في جونية، متحف المشاهير ذوق مصبح، متحف التراث اللبناني، متحف كيليكيا يعرض رفات القديسين ومجموعة من الاطباق الذهبية والفضية التي يعود تاريخها الى الحقبة الممتدة من القرن السابع عشر الى القرن التاسع عشر، البطريركية الارمنية - انطلياس، متحف أمين الريحاني في الفريكة، متحف ميشال أبو جودة، متحف دوروتي سلهب قازمي، متحف بول غيراغوسيان للفن المعاصر، متحف روائع البحر، متحف النحات يوسف غصوب، متحف النور، متحف الحرير، متحف قصر بيت الدين، متحف ماري باز، قلعة موسى، حلم فنان لبناني: موسى المعماري، متحف كهف الفنون ومتحف وهيب البتديني الفني.
أما متاحف البقاع فهي متحف البيت التراثي اللبناني للفنان سمير فهد شمعون، متحف تربل، متحف البقاع البيئي، متحف سليم عراجي التراثي، متحف اميل حنوش، مركز فيروز شمعون للفنون والثقافة، متحف موقع بعلبك ومعرض دير سيدة رأس بعلبك العجائبية.
أما متاحف الجنوب فهي: متحف صيدا التاريخي، المتحف الفينيقي، متحف دير سيدة مشموشة، المتحف اللبناني للحياة البحرية والبرية، متحف موسى طيبا، متحف الصابون، متحف مليتا والمتحف الحربي لبلدة الخيام.
جعيتا
لا بد من الاشارة، الى مغارة جعيتا التي دخلت في مسابقة 'عجائب الدنيا السبع'، والتي لا يتوانى أي سائح عن زيارتها، فهي مغارة كونتها قرون من التآكلات المائية والصخرية، حتى باتت اليوم مشهدا يصعب بالكلمات وصف التماثيل فيه.
تتكون جعيتا من مغارتين العليا والسفلى، وكان اكتشافهما حتى عمق 9000 متر حدثا غير عادي، أتاح للزوار تأمل هوابط وصواعد مذهلة تشكل مشهدا ساحرا، سقفه الجبل، وأرضه المياه الصافية، يزيد من روعتها نظام إنارة مدروس بعناية وفن.
ولزيارتها، يتنقل الزوار والسياح بين المغارتين بقطار صغير وتيليفريك يمر فوق النهر ويؤدي الى المغارة العليا.
السياحة البيئية
يقدم لبنان الفرصة للسائح كي يقوم بنشاطات مختلفة في الطبيعة، وذلك بسبب تنوع جغرافيته وطبيعته ومناخه، الأمر الذي يسمح بممارسة أنواع متنوعة من الرياضات التي تمارس في الهواء الطلق في مناطق ومواسم مختلفة. تشكل الجبال، والغابات والشطآن، والأنهر الموسمية والدائمة، الكهوف، الوديان والممرات الجبلية، مقصدا لعشاق الطبيعة الراغبين بالاستكشاف والتخييم ومراقبة الطيور وممارسة أشكال أخرى من السياحة البيئية.
ومن الرياضات والأنشطة التي يمكن ممارستها: ركوب الدراجة الرباعية ATV، الترميث، وهي رياضة حديثة نسبيا في لبنان ويمارسها محبوها في أنهر العاصي والليطاني والأولي، المشي في الغابات واستكشافها Hicking، وهناك عدد من المواقع المفضلة التي يقصدها محبوها، مثل محمية أرز الشوف، الرملية، غابة القموعة، محمية حرش إهدن، ونهر إبراهيم.
ومحبو استكشاف المغارات، يمارسون هوايتهم في أماكن مشهورة وقديمة في لبنان، منها: مغارة أفقا، كهف الرويس، وعين اللبنة، بالإضافة إلى الاستكشاف بواسطة الدراجة النارية، وتسلق الجبال بواسطة الحفر والسلالم، والهبوط من قمم الجبال وركوب الخيل والتزلج باللوح المفرد وركوب الدراجات الجبلية وتسلق الجبال.
المحميات
ومن ضمن السياحة البيئية، تنشط زيارة المحميات الطبيعية، ثلاث منها يعتبر محمية نموذجية، وواحدة تعتبر محمية حيوية في منطقة الشرق الأوسط.
ومن هذه المحميات: محمية أرز الشوف، محمية حرش إهدن، محمية جزر النخيل، محمية شاطئ صور، محمية أفقا الطبيعية، محمية اليمونة الطبيعية ومحمية مستنقع عميق ومحمية تنورين الطبيعية.
الرياضات الشتوية
لبنان، من المراكز القليلة في منطقة الشرق الأوسط المجهزة لممارسة رياضة التزلج، وعلى الرغم من أن البلاد تعد مقصدا صيفيا بالدرجة الأولى، إلا أن السياحة الشتوية تشهد تزايدا ملحوظا، بسبب قرب الجبل من الساحل، مما يسمح للزائر أن يمارس التزلج ويعود إلى بيروت أو أي مدينة ساحلية أخرى في غضون ساعة أو اثنين فقط، ويبدأ فصل التزلج في كانون الأول، وتؤمن المنتجعات الكبرى لزبائنها الإقامة في الفنادق والشاليهات الشتوية، بالإضافة إلى تسهيلات كثيرة تشمل أدوات التزلج.
وتشمل الرياضات الشتوية في لبنان: التزلج على المنحدرات الجليدية، الجري الطويل، بالإضافة إلى الهبوط بالمظلات، قيادة زلاقات الجليد الآلية، واستكشاف الغابات والجبال.
وفي لبنان ستة منتجعات تزلج وهي: الأرز، فاريا - عيون السيمان، اللقلوق، فقرا، قناة باكيش والزعرور.
السياحة الطبية
السياحة الصحية، من السياحات الناشطة في لبنان، وتتطور بحسب تطور الخدمات الصحية والطبية، اذ لطالما أطلق على لبنان 'مستشفى الشرق الاوسط' لما لقطاع الصحة من مستوى متقدم ينفرد به بين دول المنطقة، حيث هناك 161 مستشفى منها 7 مستشفيات جامعية تحتوي على 15 ألف سرير.
فلبنان يقدم سلة واسعة من الاختصاصات الطبية لطالبي العلاج التي تشمل تشخيص أمراض القلب والتقنيات الجراحية والعلاجية وتقنيات التدخل الجراحي لعلاج أمراض القلب وعمليات التجميل والتنحيف والسرطان والعلاج الفيزيائي وأمراض الأطفال.
والسياحة الصحية تهدف في الأساس للعلاج من الأمراض أو إجراء عمليات جراحية معقدة تتطلب الدقة والخبرات العالية، حيث يتوفر في لبنان أهم المراكز الطبية الذائعة الشهرة في منطقة الشرق الاوسط بسبب امتلاكها أحدث التجهيزات الطبية والعلمية المتوفرة في أهم المراكز الطبية في أوروبا والولايات المتحدة الاميركية.
ويعتبر لبنان من الدول المتقدمة في المصحات العلاجية، التي منها على سبيل المثال التدرن الرئوي ومواقعها في الجبال، كما يوجد مصحات للمعالجة من الادمان على المخدرات، وأخرى للأمراض النفسية ودور العجزة والمسنين.
واليوم، ومع التطور الثقافي والاقتصادي الذي تشهده شعوب المنطقة ما انعكس تغيرا في أنماط معيشتها، فأخذت السياحة الصحية التجميلية او الترميمية موقعا بارزا جدا بين كل أنواع السياحة الصحية لما تفردت به بعض المستشفيات من عناية صحية مميزة ومهارة الأطباء وحرفيتهم، حيث يقدم عدد منها العلاجات الطبية والعمليات التجميلية للبنانيين ولغير اللبنانيين، ما جعل لبنان مقصدا للسياحة الصحية من مختلف بلدان الشرق الأوسط.
ويشار الى ان مجلس الوزراء أصدر في شهر تموز من عام 2001 مرسوما يقضي بإنشاء الهيئة الوطنية لإنماء السياحة الصحية، تضم ممثلين عن وزارات الصحة والسياحة والبيئة والإعلام، بالإضافة إلى نقابات الأطباء والمستشفيات والفنادق وشركات السياحة والسفر والتأمين، وتضع الدوائر الرسمية اللبنانية المختصة هذه السياحة في مقدمة أولوياتها، حيث تنتشر المراكز الاستشفائية في مختلف المناطق اللبنانية، وهي تقدم خدمات طبية متطورة، فضلا عن دور العجزة والمسنين والأيتام لمساعدة هؤلاء المحتاجين والاعتناء بهم.
المهرجانات
شكلت المهرجانات السياحية خلال العامين الماضيين تصاعدا لافتا على صعيد توزيع مكان اقامة المهرجانات السياحية وعلى صعيد البرامج الفنية والجهات المتقدمة لتنظيمها، ولكن بالإجمال فقد حافظت محافظتي بيروت وجبل لبنان على الريادة في هذا الأمر وبقي الأمر على ما هو عليه متدنيا في محافظات النبطية، لبنان الجنوبي، بعلبك - الهرمل والبقاع.
وعملت وزارة السياحة على تأمين كل المتطلبات اللوجستية لجميع المنظمين من تسهيل الحصول على التأشيرات للفنانين الأجانب القادمين من الخارج، والتواصل مع الجهات المعنية من محافظين ورؤساء بلديات والمديرية العامة للجمارك، وعملت على تأمين الدعم المادي لهذه المهرجانات.
وتنوعت المهرجانات السياحية الموافق عليها من قبل وزارة السياحة أو تلك التي وافقت عليها من مهرجانات دولية او محلية او تراثية او عروض في الشارع او مسابقات جمالية او مهرجانات تسويقية أو عروض ازياء.
والمهرجانات بشكل عام، هي كل نشاط احتفالي يجمع العديد من السياح أو المهتمين أو ابناء البلدات المجاورة للاحتفال بنشاط فني او تراثي أو تسويقي مترافقا مع نشاطات ترفيهية وعروض لمنتوجات ارتيزانا وحرفيات متعددة ونشاطات كرنفالية.
وشكلت المهرجانات في الاعوام الاخيرة، عامل جذب للسياح، اذ عمت المناطق اللبنانية، وبنجاح باهر ولافت، وخصوصا مهرجانات البترون الدولية، مهرجانات صور وجونيه وبيبلوس الدولية، مهرجانات أعياد بيروت، مهرجانات قلعة بعلبك، مهرجانات اهدن، مهرجانات طرابلس، مهرجانات صيدا، مهرجانات ليالي أرز تنورين، مهرجانات راشيا، وجزين والقبيات والارز والباروك وغيرها.
المطبخ اللبناني
وعند الحديث عن السياحة، لا بد من التطرق إلى المطبخ اللبناني الذي ما زال يشق طريقه الى العالمية بشكل لافت، اذ يشتهر بطعامه المتنوع الغني بمذاقه حتى يكاد يكون من أندر المطابخ المقصودة في العالم، وهو يتميز بالمازة المؤلفة من مجموعة صحون صغيرة، تتنوع بين الخضار والحبوب والمعجنات وغيرها. ثم تأتي ثمار البحر والمشاوي والكبة لتشكل اطباقا رئيسية، بالإضافة الى الفاكهة والحلويات وهي مصنوعات لبنانية.
وبالنهاية فإن لبنان يبقى رقما صعبا في عالم السياحة على الرغم من الحروب المتتالية التي أنهكته والارهاب الذي ضربه وما برح يهدده، فهو بلد عصامي لطالما كان ينفض عنه غبار الحروب ويتحدى المآسي ليظل مرآة الشرق السياحية.
ونختم بكلمات أغنية للعملاق الراحل وديع الصافي: 'لبنان يا قطعة سما عالأرض تاني ما الها'.
(بترا)
عمان جو-محرر الاخبار العالمية
لبنان بلد سياحي بامتياز، فلطالما درسنا في كتب الجغرافيا أن ما يميزه هو قرب جباله من سواحله، لدرجة أنك تستطيع، في أحد أشهر السنة أن تمارس رياضة السباحة لتنتقل بعدها إلى أعلى القمم لتستمتع بالتزلج، ناهيك عن الآثار الفينيقية والرومانية وغيرها التي تجذب السياح، فإذا قصد السائح أن يتجول في كل لبنان فهو لن ينام البتة!
أما المهرجانات فحدث ولا حرج، إذ تعمر ليالي المناطق وخصوصا خلال الصيف بصخب الأغاني المحلية والعالمية، فيحتار المواطن كما السائح بأي مهرجان يشارك.
وما يميز لبنان في السنوات الأخيرة المنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم التي تعكس صورة لبنان يضج بالحياة رغم الألم، يتحدى الأخطار من خلال شعب تواق إلى الحرية والتمتع بكل ما هو جميل، ليواكب وطنه الثورة السياحية العالمية، رغم ضآلة الإمكانات، ناهيك عما يقدمه المطبخ اللبناني من أطباق شهية ومتنوعة يستسيغها السائح.
والسياحة لا تشمل فقط ما ذكر آنفا، فلبنان ملتقى الأديان تنشط فيه السياحة الدينية بحيث لا تقل الآثار الدينية أهمية عن غيرها من الآثار والأديرة الأثرية والجوامع والمساجد التي يحج إليها آلاف السياح سنويا.
وتنشط في أيامنا السياحة الطبية، حيث أصبح لبنان مركزا إقليميا رائدا في قطاع السياحة الصحية في الشرق.
ونظرا لما تقوم به الوكالة الوطنية للإعلام من عكس صورة موضوعية للسياحة، فقد فازت بجائزة 'أفضل وكالة أنباء عربية تهتم بالسياحة المحلية والعربية لعام 2016'، ومغارة جعيتا بلقب أفضل معلم سياحي، وذلك في احتفال نظمه المركز العربي للإعلام السياحي في فندق الدار البيضاء جراند، وسيتم تسليم الوكالة والمغارة الجائزة في 25 الحالي في احتفال في دبي.
دور وزارة السياحة
بداية، لا بد من التطرق إلى دور وزارة السياحة التي تعمل على السياحة المستدامة وتنويعها من خلال تسويقها في الدول الخليجية والعربية والأوروبية عبر التركيز على الإعلام وعلى استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، كما فعلت خلال إطلاقها 'الرزم السياحية' المخفضة لعدد من الدول العربية (الأردن، العراق ومصر) بالإضافة الى أرمينيا، وعلى المشاركة في معارض السفر والسياحة العالمية، كاشتراكها في معارض لندن، برلين، مدريد، دبي وغيرها.
كما تركز وزارة السياحة على التواصل مع المغتربين عبر التعاون مع الجامعة الثقافية في العالم التي تؤمن أعدادا كبيرة من الشباب المنتشر خلال الصيف، وتدعم التواصل مع هؤلاء لأن السياحة ترتكز عليهم، إذ باتوا يشكلون رقما لا بأس به في السياحة.
وتدعم الوزارة أيضا إقامة المهرجانات الدولية والمحلية التي تجاوز عددها الــ 100 في السنة الماضية، وهي مهرجانات مؤثرة تجذب السائح من مختلف أنحاء العالم، كما نجحت في اجتذاب العديد من السياح المغامرين والمحبين للطبيعة للمجيء الى لبنان والمشاركة في السياحة البيئية، حيث انتشرت بيوت الضيافة التي امتلأت السنة الماضية ويتوقع أن تمتلئ هذه السنة ايضا.
وتتوقع وزارة السياحة أن يشهد هذا الصيف إقبالا كبيرا من السياح، خصوصا من الخليجيين بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات، وهي تواكب هذه العودة بالمزيد من الاهتمام بهم وتسهيل إقامتهم ومراجعة شؤونهم، وخصوصا ان الفنادق والمطاعم والمقاهي على استعداد لاستقبالهم هذا الصيف، متوقعة أن تكون نسبة التشغيل فيها مئة بالمئة بعد أن كانت في الشتاء لا تتجاوز الــ 60 بالمئة.
يذكر أن عدد السياح خلال العام الماضي، وصل الى مليون ونصف المليون سائح، لكن التوقعات تؤكد ان هذا الرقم سيتم تجاوزه في ظل الاستعدادات العربية والخليجية للعودة الى لبنان.
ولا بد من تعداد أهم المواقع والمدن التي يقصدها السياح لدى إقامتهم في الربوع اللبنانية.
المتاحف
50 متحفا، تتوزع على مختلف المناطق وتشكل علامة فارقة في القطاع السياحي.
ففي بيروت المتحف الأهم هو المتحف الوطني الذي يحتوي على مجموعة غنية من القطع الاثرية كالنواويس، الفسيفساء، المجوهرات، الفخاريات، الزجاج، وتماثيل مستخرجة من المواقع الاثرية من جميع انحاء لبنان، وتغطي حقبة تاريخية تمتد بين فترة ما قبل التاريخ من البيزنطي حتى الفتح الاسلامي والعصر المملوكي، ويضم المتحف قاعة للمرئي والمسموع ومتجرا.
ومن المتاحف أيضا متحف الجامعة الاميركية، المتحف القبتارخي اللبناني، متحف نقولا سرسق، متحف روبير معوض الخاص، كوكب الاكتشاف - المتحف العلمي للأولاد، متحف الساحة التراثي ومتحف المعدنيات.
وفي شمال لبنان: متحف جبران خليل جبران، إذ تحول دير مار سركيس في بلدة جبران خليل جبران في بشري الى متحف سنة 1975 وتم نقل الاثاث، المخطوطات، المكتبة الخاصة والاغراض الشخصية بالإضافة الى 440 لوحة اصلية من نتاج جبران الفني من محترفه في نيويورك الى المتحف، ويقع مدفن جبران في مغارة قديمة كانت في ما مضى محبسة الدير.
وهناك أيضا متحف دير مار انطونيوس الكبير - قزحيا، المتحف العلمي للطيور والفراشات والحيوانات، متحف الدكتور ايلي صراف، متحف النحاتين البصابصة، متحف القديس نعمة الله الحرديني ومتحف القديسة ريتا.
في جبل لبنان: متاحف جبيل: متحف موقع جبيل داخل القلعة، متحف ومؤسسة لويس قرداحي، متحف المتحجرات ، ذاكرة الزمن، متحف الشمع يعرض تماثيل من الشمع ومشاهد من الحياة اليومية لحقبة ممتدة من الحضارة الفينيقية الى لبنان الحاضر، متحف بيبي عبد، اكسبو حاقل، متحف دير مار مارون، المتحف الهولوغرافي في جونية، متحف المشاهير ذوق مصبح، متحف التراث اللبناني، متحف كيليكيا يعرض رفات القديسين ومجموعة من الاطباق الذهبية والفضية التي يعود تاريخها الى الحقبة الممتدة من القرن السابع عشر الى القرن التاسع عشر، البطريركية الارمنية - انطلياس، متحف أمين الريحاني في الفريكة، متحف ميشال أبو جودة، متحف دوروتي سلهب قازمي، متحف بول غيراغوسيان للفن المعاصر، متحف روائع البحر، متحف النحات يوسف غصوب، متحف النور، متحف الحرير، متحف قصر بيت الدين، متحف ماري باز، قلعة موسى، حلم فنان لبناني: موسى المعماري، متحف كهف الفنون ومتحف وهيب البتديني الفني.
أما متاحف البقاع فهي متحف البيت التراثي اللبناني للفنان سمير فهد شمعون، متحف تربل، متحف البقاع البيئي، متحف سليم عراجي التراثي، متحف اميل حنوش، مركز فيروز شمعون للفنون والثقافة، متحف موقع بعلبك ومعرض دير سيدة رأس بعلبك العجائبية.
أما متاحف الجنوب فهي: متحف صيدا التاريخي، المتحف الفينيقي، متحف دير سيدة مشموشة، المتحف اللبناني للحياة البحرية والبرية، متحف موسى طيبا، متحف الصابون، متحف مليتا والمتحف الحربي لبلدة الخيام.
جعيتا
لا بد من الاشارة، الى مغارة جعيتا التي دخلت في مسابقة 'عجائب الدنيا السبع'، والتي لا يتوانى أي سائح عن زيارتها، فهي مغارة كونتها قرون من التآكلات المائية والصخرية، حتى باتت اليوم مشهدا يصعب بالكلمات وصف التماثيل فيه.
تتكون جعيتا من مغارتين العليا والسفلى، وكان اكتشافهما حتى عمق 9000 متر حدثا غير عادي، أتاح للزوار تأمل هوابط وصواعد مذهلة تشكل مشهدا ساحرا، سقفه الجبل، وأرضه المياه الصافية، يزيد من روعتها نظام إنارة مدروس بعناية وفن.
ولزيارتها، يتنقل الزوار والسياح بين المغارتين بقطار صغير وتيليفريك يمر فوق النهر ويؤدي الى المغارة العليا.
السياحة البيئية
يقدم لبنان الفرصة للسائح كي يقوم بنشاطات مختلفة في الطبيعة، وذلك بسبب تنوع جغرافيته وطبيعته ومناخه، الأمر الذي يسمح بممارسة أنواع متنوعة من الرياضات التي تمارس في الهواء الطلق في مناطق ومواسم مختلفة. تشكل الجبال، والغابات والشطآن، والأنهر الموسمية والدائمة، الكهوف، الوديان والممرات الجبلية، مقصدا لعشاق الطبيعة الراغبين بالاستكشاف والتخييم ومراقبة الطيور وممارسة أشكال أخرى من السياحة البيئية.
ومن الرياضات والأنشطة التي يمكن ممارستها: ركوب الدراجة الرباعية ATV، الترميث، وهي رياضة حديثة نسبيا في لبنان ويمارسها محبوها في أنهر العاصي والليطاني والأولي، المشي في الغابات واستكشافها Hicking، وهناك عدد من المواقع المفضلة التي يقصدها محبوها، مثل محمية أرز الشوف، الرملية، غابة القموعة، محمية حرش إهدن، ونهر إبراهيم.
ومحبو استكشاف المغارات، يمارسون هوايتهم في أماكن مشهورة وقديمة في لبنان، منها: مغارة أفقا، كهف الرويس، وعين اللبنة، بالإضافة إلى الاستكشاف بواسطة الدراجة النارية، وتسلق الجبال بواسطة الحفر والسلالم، والهبوط من قمم الجبال وركوب الخيل والتزلج باللوح المفرد وركوب الدراجات الجبلية وتسلق الجبال.
المحميات
ومن ضمن السياحة البيئية، تنشط زيارة المحميات الطبيعية، ثلاث منها يعتبر محمية نموذجية، وواحدة تعتبر محمية حيوية في منطقة الشرق الأوسط.
ومن هذه المحميات: محمية أرز الشوف، محمية حرش إهدن، محمية جزر النخيل، محمية شاطئ صور، محمية أفقا الطبيعية، محمية اليمونة الطبيعية ومحمية مستنقع عميق ومحمية تنورين الطبيعية.
الرياضات الشتوية
لبنان، من المراكز القليلة في منطقة الشرق الأوسط المجهزة لممارسة رياضة التزلج، وعلى الرغم من أن البلاد تعد مقصدا صيفيا بالدرجة الأولى، إلا أن السياحة الشتوية تشهد تزايدا ملحوظا، بسبب قرب الجبل من الساحل، مما يسمح للزائر أن يمارس التزلج ويعود إلى بيروت أو أي مدينة ساحلية أخرى في غضون ساعة أو اثنين فقط، ويبدأ فصل التزلج في كانون الأول، وتؤمن المنتجعات الكبرى لزبائنها الإقامة في الفنادق والشاليهات الشتوية، بالإضافة إلى تسهيلات كثيرة تشمل أدوات التزلج.
وتشمل الرياضات الشتوية في لبنان: التزلج على المنحدرات الجليدية، الجري الطويل، بالإضافة إلى الهبوط بالمظلات، قيادة زلاقات الجليد الآلية، واستكشاف الغابات والجبال.
وفي لبنان ستة منتجعات تزلج وهي: الأرز، فاريا - عيون السيمان، اللقلوق، فقرا، قناة باكيش والزعرور.
السياحة الطبية
السياحة الصحية، من السياحات الناشطة في لبنان، وتتطور بحسب تطور الخدمات الصحية والطبية، اذ لطالما أطلق على لبنان 'مستشفى الشرق الاوسط' لما لقطاع الصحة من مستوى متقدم ينفرد به بين دول المنطقة، حيث هناك 161 مستشفى منها 7 مستشفيات جامعية تحتوي على 15 ألف سرير.
فلبنان يقدم سلة واسعة من الاختصاصات الطبية لطالبي العلاج التي تشمل تشخيص أمراض القلب والتقنيات الجراحية والعلاجية وتقنيات التدخل الجراحي لعلاج أمراض القلب وعمليات التجميل والتنحيف والسرطان والعلاج الفيزيائي وأمراض الأطفال.
والسياحة الصحية تهدف في الأساس للعلاج من الأمراض أو إجراء عمليات جراحية معقدة تتطلب الدقة والخبرات العالية، حيث يتوفر في لبنان أهم المراكز الطبية الذائعة الشهرة في منطقة الشرق الاوسط بسبب امتلاكها أحدث التجهيزات الطبية والعلمية المتوفرة في أهم المراكز الطبية في أوروبا والولايات المتحدة الاميركية.
ويعتبر لبنان من الدول المتقدمة في المصحات العلاجية، التي منها على سبيل المثال التدرن الرئوي ومواقعها في الجبال، كما يوجد مصحات للمعالجة من الادمان على المخدرات، وأخرى للأمراض النفسية ودور العجزة والمسنين.
واليوم، ومع التطور الثقافي والاقتصادي الذي تشهده شعوب المنطقة ما انعكس تغيرا في أنماط معيشتها، فأخذت السياحة الصحية التجميلية او الترميمية موقعا بارزا جدا بين كل أنواع السياحة الصحية لما تفردت به بعض المستشفيات من عناية صحية مميزة ومهارة الأطباء وحرفيتهم، حيث يقدم عدد منها العلاجات الطبية والعمليات التجميلية للبنانيين ولغير اللبنانيين، ما جعل لبنان مقصدا للسياحة الصحية من مختلف بلدان الشرق الأوسط.
ويشار الى ان مجلس الوزراء أصدر في شهر تموز من عام 2001 مرسوما يقضي بإنشاء الهيئة الوطنية لإنماء السياحة الصحية، تضم ممثلين عن وزارات الصحة والسياحة والبيئة والإعلام، بالإضافة إلى نقابات الأطباء والمستشفيات والفنادق وشركات السياحة والسفر والتأمين، وتضع الدوائر الرسمية اللبنانية المختصة هذه السياحة في مقدمة أولوياتها، حيث تنتشر المراكز الاستشفائية في مختلف المناطق اللبنانية، وهي تقدم خدمات طبية متطورة، فضلا عن دور العجزة والمسنين والأيتام لمساعدة هؤلاء المحتاجين والاعتناء بهم.
المهرجانات
شكلت المهرجانات السياحية خلال العامين الماضيين تصاعدا لافتا على صعيد توزيع مكان اقامة المهرجانات السياحية وعلى صعيد البرامج الفنية والجهات المتقدمة لتنظيمها، ولكن بالإجمال فقد حافظت محافظتي بيروت وجبل لبنان على الريادة في هذا الأمر وبقي الأمر على ما هو عليه متدنيا في محافظات النبطية، لبنان الجنوبي، بعلبك - الهرمل والبقاع.
وعملت وزارة السياحة على تأمين كل المتطلبات اللوجستية لجميع المنظمين من تسهيل الحصول على التأشيرات للفنانين الأجانب القادمين من الخارج، والتواصل مع الجهات المعنية من محافظين ورؤساء بلديات والمديرية العامة للجمارك، وعملت على تأمين الدعم المادي لهذه المهرجانات.
وتنوعت المهرجانات السياحية الموافق عليها من قبل وزارة السياحة أو تلك التي وافقت عليها من مهرجانات دولية او محلية او تراثية او عروض في الشارع او مسابقات جمالية او مهرجانات تسويقية أو عروض ازياء.
والمهرجانات بشكل عام، هي كل نشاط احتفالي يجمع العديد من السياح أو المهتمين أو ابناء البلدات المجاورة للاحتفال بنشاط فني او تراثي أو تسويقي مترافقا مع نشاطات ترفيهية وعروض لمنتوجات ارتيزانا وحرفيات متعددة ونشاطات كرنفالية.
وشكلت المهرجانات في الاعوام الاخيرة، عامل جذب للسياح، اذ عمت المناطق اللبنانية، وبنجاح باهر ولافت، وخصوصا مهرجانات البترون الدولية، مهرجانات صور وجونيه وبيبلوس الدولية، مهرجانات أعياد بيروت، مهرجانات قلعة بعلبك، مهرجانات اهدن، مهرجانات طرابلس، مهرجانات صيدا، مهرجانات ليالي أرز تنورين، مهرجانات راشيا، وجزين والقبيات والارز والباروك وغيرها.
المطبخ اللبناني
وعند الحديث عن السياحة، لا بد من التطرق إلى المطبخ اللبناني الذي ما زال يشق طريقه الى العالمية بشكل لافت، اذ يشتهر بطعامه المتنوع الغني بمذاقه حتى يكاد يكون من أندر المطابخ المقصودة في العالم، وهو يتميز بالمازة المؤلفة من مجموعة صحون صغيرة، تتنوع بين الخضار والحبوب والمعجنات وغيرها. ثم تأتي ثمار البحر والمشاوي والكبة لتشكل اطباقا رئيسية، بالإضافة الى الفاكهة والحلويات وهي مصنوعات لبنانية.
وبالنهاية فإن لبنان يبقى رقما صعبا في عالم السياحة على الرغم من الحروب المتتالية التي أنهكته والارهاب الذي ضربه وما برح يهدده، فهو بلد عصامي لطالما كان ينفض عنه غبار الحروب ويتحدى المآسي ليظل مرآة الشرق السياحية.
ونختم بكلمات أغنية للعملاق الراحل وديع الصافي: 'لبنان يا قطعة سما عالأرض تاني ما الها'.
(بترا)
التعليقات