عمان جو - حمادة فراعنة
قد يكون متأخراً بعض الشيء طرح السؤال المشفوع بالارتياب والقلق حول ما يجري على ضفاف الخليج العربي، بعد ان تصاعدت الاحداث، وباتت التطورات تتسارع على نحو قد يفضي الى حدوث تحول في المشهد الاقليمي، الذي بدأت ملامحه الاولية، ان لم نقل خرائطة المبكرة، ترتسم منذ انعقاد القمة الاميركية الاسلامية في الرياض يوم 21 أيار 2017، ولا شك أن المواجهة السياسية والدبلوماسية والاعلامية التي انفجرت بين طرفي الخلاف الخليجي هي حقاً من تداعيات زيارة الرئيس الأميركي وسياسته الجديدة المتهورة .
بكلام اوضح، ان ما جرى على ضفاف الخليج هزة سياسية كبيرة بكل المقاييس الوطنية والقومية، تستهدف طرفين هما : 1- حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها ومن يقف معها ومن يمدها بالمساعدة ويوفر لها مظلة الاستمرارية، 2- ايران وأتباعها من أحزاب ولاية الفقيه
من اجل منع سوء الفهم، فأنا شخصياً لم أكن من المعجبين بالطرفين ولن أكون مع الاخوان المسلمين وايران، ولست صديقاً لهما ولمن يتبعهما على المستوى السياسي، أردنياً وفلسطينياً وعربياً، كوني من الذين يحسبون انفسهم على التيار اليساري الوطني القومي الأممي الواقعي، ولكنني لا أجد نفسي مرغماً على خيار الوقوف الحازم مع الفريق المعادي للطرفين (الاخوان المسلمين وايران)، أو مع الفريق الداعم لهما والمؤيد لسياستهما، وكأنني مع الخير أو مع الشر، فالمسألة هنا سياسية بامتياز، تفرض نفسها على من يرغب في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، حيث لا أجد أياً منهما يملك الخيار الصائب، ليس بسبب دوافع أيديولوجية أو سياسية متزمتة، بل لأن المصالح الوطنية والقومية للأردن وفلسطين، وللمصالح العليا للعرب، هي عدم التورط في مزيد من الانزلاقات التدميرية لواقع هذه الامة.
انحيازات حادة غير منطقية
فقد وقعنا في هذا المطب لدى الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، وحددوا لنا مسارين، اما أن نكون مع العراق أو مع الكويت، اي أن نكون مع تحالف حفر الباطن بقيادة واشنطن، أو ضده، وخرج الاردن بالكتاب الأبيض، هل يذكر أحد ذاك الكتاب الذي صاغ موقفه بالحياد الايجابي والتأكيد على ضرورة الحل العربي لأزمة الاجتياح العراقي للكويت، لم نكن مع احتلال العراق للكويت، ولكننا لم نكن مع حشد حفر الباطن لتدمير العراق وحصاره، وقبلها فرضوا علينا أن نكون مع الاحتلال السوفيتي او أن نكون مع الجهاديين الأفغان ومن معهم، الذين قاتلوا مع الأميركيين وتحت راياتهم ولمصلحتهم في انهاء الحرب الباردة وانتصار المعسكر الأميركي ومن معه من المسلمين، على المعسكر الاشتراكي وتحالفاته .
لم يذهب الأردن الى حفر الباطن ومن قبل لم نقبل دعوات الاخوان المسلمين أن الجهاد في أفغانستان له الأولوية عن فلسطين في ذلك الوقت، فالأولوية بالنسبة لهم هي محاربة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن يتبعهم في العالم العربي، عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية .
لم نذهب الى حفر الباطن مثلما لم نكن مع اجتياح الكويت وضمها واعتبارها المحافظة 19، وهكذا دفعنا ثمن الموقف والشجاعة بعدم التورط في ذبح العراق وخسارته، مثلما خسر الخليجيون ملياراتهم، وحصيلة تلك السياسة وخياراتها خسارة فادحة للعرب ومكسب صافي للعدو القومي، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وكسبت ايران بازاحة الثقل العراقي من أمام تمددهم، مثلما كسبوا أكثر من مائة طائرة صادروها من العراق، وانتصرت السياسة الأميركية التي سبق وحملت عنوان « الاحتواء المزدوج « باضعاف ايران والعراق معاً، خدمة للاستعمار الاسرائيلي المتنفذ أميركياً .
وهكذا كان الموقف الشجاع نحو سوريا أيضاً، لم نكن مع رهان الذين سلحوا ودربوا ومولوا المعارضة المسلحة لاسقاط النظام، مثلما لم نكن مع النظام في أسلوب معالجته للأزمة، وأشكال التصدي للمؤامرة التي استهدفت سوريا ولا تزال، وكان الأردن الأكثر شجاعة في الانحياز للتسوية السياسية في سوريا وفي وقت مبكر، ولم يكن النظام سعيداً بالموقف الأردني، ولم تكن المعارضة مرحبة بالسياسة الأردنية المتحفظة، وهكذا لم نكسب الطرفين واحترمنا أنفسنا كأردنيين نتمنى نفاذ سوريا مما يُخطط لها من تدمير وخراب وضعف وتراجع لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
مشهد بريشة أميركية وتأثير اسرائيلي
زيارة ترامب للمنطقة العربية 20 أيار 2017، حصيلتها أنه وضع القاعدة وداعش وحماس وحزب الله وايران في سلة واحدة، بموافقة خليجية ورضى غير مسبوق، ولم يمس المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بما يستحق من ادانة وتجريم وعدوان وتوسع، رغم اضطهاده لشعب فلسطين بأكمله واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسوريا ولبنان، لأن سياسة ترامب المستجدة هي حصيلة الرغبة الاسرائيلية، في وضع ايران العدو الأول والعمل على انهاء الاتفاق النووي، الذي سبب الخلاف بين أوباما ونتنياهو .
حصيلة المشهد السياسي الذي ترسم بريشة أميركية ونفوذ يهودي اسرائيلي صهيوني على صانعي القرار الأميركي ومنفذيه، أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للأمة العربية رغم مقدساتها ونُبل الأنحياز لها كقضية عادلة تستحق التضامن والانحياز والدعم، وأن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لم يعد عدوانا ً واستعماراً وعنصرياً وعدواً قومياً ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .
لقد اخترعوا لنا عدواً جديداً من داخلنا بعد أن فرقونا بين سنة وشيعة، ووضعوا الاخوان المسلمين، الذين نختلف معهم، كأعداء يجب استئصالهم من جُوانا، ونسوا أنهم هم الذين كانوا حلفاء للاخوان المسلمين الداعمين لهم ضد تيارات اليسار والقومية والليبرالية، بل وضد كل ما هو وطني محب لوطنه.
التحالف الاستراتيجي ضد قرارات البحر الميت
لم يذهب الأردن وفلسطين الى حفر الباطن، ولن نذهب الى « صيغ التحالف الاستراتيجي» واستحقاقاته، وتجوع المرأةُ ولا تأكل بثديها، لن نقف مع أعداء شعبنا ضد شعبنا، لن نقف ضد الشيعة لأننا سُنة، ولن نقف ضد ايران لأننا عرب، بل تختلف مصالحنا الوطنية والقومية مع ايران ومع تركيا ومع أثيوبيا ولكننا لا نعاديهم ولا مصلحة لنا باستعدائهم، ونتوسل البحث عن القواسم المشتركة مع القوميات والبلاد التي تُجاورنا، وقرار قمة عمان لم يكن مجرد صياغة انشائية ولكنه تعبير عن الفهم الوطني والقومي الذي استضافه وأداره الأردن بصياغته التي وافق عليها قادة العرب في البحر الميت يوم 29/3/2017، ونصها « نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربي بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية وندين المحاولات الرامية الى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة « .
الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر ليست موحدة الأهداف، فمصر دوافعها الى ذلك احتضان قطر للاخوان المسلمين وسياسات الجزيرة المشككة بشرعية افرازات ثورة / انقلاب حزيران تموز 2013 ورئيسه السيسي، وليس العداء لايران، وان اختلفوا مع ايران، والقاهرة ليست مع المعارضة السورية المدعومة أميركياً وخليجياً لاسقاط النظام السوري واشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد، وهكذا حينما ندقق بالتفاصيل نجد أن الخلافات متعددة والاجتهادات متباينة وحصيلتها المزيد من التمزيق والانحدار والتشتت.
ما نخشاه ان يكون الموقف ضد قطر شبيه بالموقف من العراق ما قبل حرب الخليج، والحصار المفروض عليها شبيه بالحصار الذي استهدف العراق، والحصيلة أن العرب بقدراتهم وتماسكهم يزدادون خسارة وانحداراً وتراجعا بالمفردات الثلاثة : خسارة، خسارة، خسارة، شبيهة لمفردات ترامب ونجاحه التي عبر عنها في الرياض لصالح الولايات المتحدة : وظائف، وظائف، وظائف، وهي نفس المعادلة التي يجري تسويقها في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي : مكاسب، مكاسب ، مكاسب، وحصيلة الوظائف للولايات المتحدة والمكاسب لاسرائيل هي حقاً خسارة، خسارة ، خسارة، للعرب وللمسلمين وللمسيحيين من أمتنا، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني .
لم يكن صدفة الاتصال المباشر والسريع بين عمان والكويت ومسقط وأنقرة والرباط لمحاولة تشكيل محور أو رافعة لامتصاص ردات الفعل، ووقف الانحدار حتى يأذن العقلاء لصوت الحكمة أن يسود، فالابتزاز الذي نجح فيه ترامب وفر للولايات المتحدة شفط المليارات على خلفية عاملين هما : أولاً خشية بعض أهل الخليج لأن يجتاحهم الربيع العربي الذي أطاح بأصدقاء أميركا حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبد الله صالح، والثاني توظيف مطالبات أهالي ضحايا سبتمبر 2001 من الأميركيين، لتحميل العربية السعودية مسؤولية ما اقترفته القاعدة لكون غالبية عناصرها المنفذة من التابعية السعودية، وهكذا حقق ترامب نتائج تهديداته المسبقة منذ أن كان مرشحاً ونال المليارات كتاجر شاطر، وسياسي انتهازي، يعرف كيف يحصل على مراده !.
ابتزاز قطر كما حصل مع السعودية
واليوم سيفعل بقطر ما فعله بالعربية السعودية ويحملها مسؤولية العمليات التي نفذتها الفصائل المسلحة التي تربطها علاقات مع قطر، أو تتلقى مساعدات منها، بدءاً من حماس وانتهاء بالقاعدة ومروراً بحزب الله وحركات جهادية مماثلة، مثلما سيقدم لها الحماية، بعد أن يفرض عليها تغيير سياساتها التي سبق وكانت متفقة فيها مع الولايات المتحدة في عهد أوباما ومع من كان قبله، أو على الأقل مع أجهزتها الأمنية في التعامل مع الفصائل الجهادية بهدف كبح جماحها، أو توظيف دورها، أو توجيهها بما يخدم المصالح المشتركة الأميركية القطرية، كان هذا هو الحال ما بين قطر والبنتاعون وما بين قطر والمخابرات الأميركية، التي تعتمد كثيراً على قواعدها العسكرية والأمنية وشبكات رصدها في قطر، ولذلك لن تسمح قاعدة العديد ومحطة المخابرات الأميركية لأي طرف بالمساس بالأمن القطري أو بالاقتراب من الأراضي القطرية.
الموقف الأردني
لقد لخص الوزير محمد المومني الناطق بلسان الحكومة، الموقف الأردني بقوله «ان تحقيق الأمن والاستقرار الأقليمين، والتقاء الدول العربية على السياسات التي تُنهي أزمات منطقتنا العربية، وتجمع مساعيها على حماية الدولة الوطنية، وبناء مستقبل الأمن من المستنير لشعوبنا أولويات، ستبقى المملكة تبذل أقصى جهدها لتحقيقها « وراهن المومني باسم الحكومة الأردنية على «تجاوز هذه المرحلة المؤسفة، وحل الأزمة على أرضية صلبة، تضمن تعاون جميع الدول العربية، على بناء المستقبل الأفضل لشعوبنا «.
ولهذا سنبقى قابضين على الجمر، ولن ننزاح، ولن نتراجع، فمصيرنا وأمتنا ووحدتنا كأردنيين مرتبط بحال أمتنا العربية، وموقفنا هو التوازن وحفظ ماء الوجه، والحياد الأيجابي الذي يوفر كلمة طيبة وتدخل مقبول حينما تزول موجة الأندفاع غير المنطقية نحو بعضنا بعضاَ، ونحن اذ لا نريد فتح أوراق المحاسبة حيث لا أحد بريئاً من التورط بأفعال لم تكن تستجيب لمصالح بلداننا العربية، وفي طليعتها بلدان الخليج العربي التي تدفع اليوم ثمن سياسات وراهانات وتحالفات الأمس !!.
لقد بعث الملك عبد الله رسالة تعزية للرئيس الايراني بضحايا الهجمات الارهابية التي وقعت يوم الأربعاء 7/6/2017، في مجلس الشورى ومرقد الأمام الخميني، أعرب فيها عن ادانته الشديدة لمثل هذه الأعمال الاجرامية البشعة التي تقوم بها داعش وغيرها من المجموعات الارهابية المتطرفة التي تستهدف الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية، كما عبر وزير الاعلام الأردني الناطق بلسان الحكومة محمد المومني عن « ادانة الأردن للعمل الارهابي أياً كانت أهدافه ومنطلقاته، التي جرت في العاصمة الايرانية، وأكد موقف الأردن الثابت في ادانته للارهاب واستهداف المدنيين وزعزعة استقرار الدول والمجتمعات أياً كانت دوافعه ومبرراته «، ولم يكن ذلك سوى تعبير عن رفضنا للارهاب والتطرف أياً كان مصدره، وأن مواقفنا المتزنة معلنة وهذا مصدر قوتنا كان ولا يزال، وان بحثنا عن أدوات المعالجة بواقعية وطول نفس، مع من نختلف معهم من الجيران أو الأشقاء أو الأصدقاء سياسة ثابتة في الأداء الدبلوماسي الأردني.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية. عمان جو - حمادة فراعنة
قد يكون متأخراً بعض الشيء طرح السؤال المشفوع بالارتياب والقلق حول ما يجري على ضفاف الخليج العربي، بعد ان تصاعدت الاحداث، وباتت التطورات تتسارع على نحو قد يفضي الى حدوث تحول في المشهد الاقليمي، الذي بدأت ملامحه الاولية، ان لم نقل خرائطة المبكرة، ترتسم منذ انعقاد القمة الاميركية الاسلامية في الرياض يوم 21 أيار 2017، ولا شك أن المواجهة السياسية والدبلوماسية والاعلامية التي انفجرت بين طرفي الخلاف الخليجي هي حقاً من تداعيات زيارة الرئيس الأميركي وسياسته الجديدة المتهورة .
بكلام اوضح، ان ما جرى على ضفاف الخليج هزة سياسية كبيرة بكل المقاييس الوطنية والقومية، تستهدف طرفين هما : 1- حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها ومن يقف معها ومن يمدها بالمساعدة ويوفر لها مظلة الاستمرارية، 2- ايران وأتباعها من أحزاب ولاية الفقيه
من اجل منع سوء الفهم، فأنا شخصياً لم أكن من المعجبين بالطرفين ولن أكون مع الاخوان المسلمين وايران، ولست صديقاً لهما ولمن يتبعهما على المستوى السياسي، أردنياً وفلسطينياً وعربياً، كوني من الذين يحسبون انفسهم على التيار اليساري الوطني القومي الأممي الواقعي، ولكنني لا أجد نفسي مرغماً على خيار الوقوف الحازم مع الفريق المعادي للطرفين (الاخوان المسلمين وايران)، أو مع الفريق الداعم لهما والمؤيد لسياستهما، وكأنني مع الخير أو مع الشر، فالمسألة هنا سياسية بامتياز، تفرض نفسها على من يرغب في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، حيث لا أجد أياً منهما يملك الخيار الصائب، ليس بسبب دوافع أيديولوجية أو سياسية متزمتة، بل لأن المصالح الوطنية والقومية للأردن وفلسطين، وللمصالح العليا للعرب، هي عدم التورط في مزيد من الانزلاقات التدميرية لواقع هذه الامة.
انحيازات حادة غير منطقية
فقد وقعنا في هذا المطب لدى الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، وحددوا لنا مسارين، اما أن نكون مع العراق أو مع الكويت، اي أن نكون مع تحالف حفر الباطن بقيادة واشنطن، أو ضده، وخرج الاردن بالكتاب الأبيض، هل يذكر أحد ذاك الكتاب الذي صاغ موقفه بالحياد الايجابي والتأكيد على ضرورة الحل العربي لأزمة الاجتياح العراقي للكويت، لم نكن مع احتلال العراق للكويت، ولكننا لم نكن مع حشد حفر الباطن لتدمير العراق وحصاره، وقبلها فرضوا علينا أن نكون مع الاحتلال السوفيتي او أن نكون مع الجهاديين الأفغان ومن معهم، الذين قاتلوا مع الأميركيين وتحت راياتهم ولمصلحتهم في انهاء الحرب الباردة وانتصار المعسكر الأميركي ومن معه من المسلمين، على المعسكر الاشتراكي وتحالفاته .
لم يذهب الأردن الى حفر الباطن ومن قبل لم نقبل دعوات الاخوان المسلمين أن الجهاد في أفغانستان له الأولوية عن فلسطين في ذلك الوقت، فالأولوية بالنسبة لهم هي محاربة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن يتبعهم في العالم العربي، عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية .
لم نذهب الى حفر الباطن مثلما لم نكن مع اجتياح الكويت وضمها واعتبارها المحافظة 19، وهكذا دفعنا ثمن الموقف والشجاعة بعدم التورط في ذبح العراق وخسارته، مثلما خسر الخليجيون ملياراتهم، وحصيلة تلك السياسة وخياراتها خسارة فادحة للعرب ومكسب صافي للعدو القومي، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وكسبت ايران بازاحة الثقل العراقي من أمام تمددهم، مثلما كسبوا أكثر من مائة طائرة صادروها من العراق، وانتصرت السياسة الأميركية التي سبق وحملت عنوان « الاحتواء المزدوج « باضعاف ايران والعراق معاً، خدمة للاستعمار الاسرائيلي المتنفذ أميركياً .
وهكذا كان الموقف الشجاع نحو سوريا أيضاً، لم نكن مع رهان الذين سلحوا ودربوا ومولوا المعارضة المسلحة لاسقاط النظام، مثلما لم نكن مع النظام في أسلوب معالجته للأزمة، وأشكال التصدي للمؤامرة التي استهدفت سوريا ولا تزال، وكان الأردن الأكثر شجاعة في الانحياز للتسوية السياسية في سوريا وفي وقت مبكر، ولم يكن النظام سعيداً بالموقف الأردني، ولم تكن المعارضة مرحبة بالسياسة الأردنية المتحفظة، وهكذا لم نكسب الطرفين واحترمنا أنفسنا كأردنيين نتمنى نفاذ سوريا مما يُخطط لها من تدمير وخراب وضعف وتراجع لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
مشهد بريشة أميركية وتأثير اسرائيلي
زيارة ترامب للمنطقة العربية 20 أيار 2017، حصيلتها أنه وضع القاعدة وداعش وحماس وحزب الله وايران في سلة واحدة، بموافقة خليجية ورضى غير مسبوق، ولم يمس المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بما يستحق من ادانة وتجريم وعدوان وتوسع، رغم اضطهاده لشعب فلسطين بأكمله واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسوريا ولبنان، لأن سياسة ترامب المستجدة هي حصيلة الرغبة الاسرائيلية، في وضع ايران العدو الأول والعمل على انهاء الاتفاق النووي، الذي سبب الخلاف بين أوباما ونتنياهو .
حصيلة المشهد السياسي الذي ترسم بريشة أميركية ونفوذ يهودي اسرائيلي صهيوني على صانعي القرار الأميركي ومنفذيه، أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للأمة العربية رغم مقدساتها ونُبل الأنحياز لها كقضية عادلة تستحق التضامن والانحياز والدعم، وأن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لم يعد عدوانا ً واستعماراً وعنصرياً وعدواً قومياً ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .
لقد اخترعوا لنا عدواً جديداً من داخلنا بعد أن فرقونا بين سنة وشيعة، ووضعوا الاخوان المسلمين، الذين نختلف معهم، كأعداء يجب استئصالهم من جُوانا، ونسوا أنهم هم الذين كانوا حلفاء للاخوان المسلمين الداعمين لهم ضد تيارات اليسار والقومية والليبرالية، بل وضد كل ما هو وطني محب لوطنه.
التحالف الاستراتيجي ضد قرارات البحر الميت
لم يذهب الأردن وفلسطين الى حفر الباطن، ولن نذهب الى « صيغ التحالف الاستراتيجي» واستحقاقاته، وتجوع المرأةُ ولا تأكل بثديها، لن نقف مع أعداء شعبنا ضد شعبنا، لن نقف ضد الشيعة لأننا سُنة، ولن نقف ضد ايران لأننا عرب، بل تختلف مصالحنا الوطنية والقومية مع ايران ومع تركيا ومع أثيوبيا ولكننا لا نعاديهم ولا مصلحة لنا باستعدائهم، ونتوسل البحث عن القواسم المشتركة مع القوميات والبلاد التي تُجاورنا، وقرار قمة عمان لم يكن مجرد صياغة انشائية ولكنه تعبير عن الفهم الوطني والقومي الذي استضافه وأداره الأردن بصياغته التي وافق عليها قادة العرب في البحر الميت يوم 29/3/2017، ونصها « نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربي بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية وندين المحاولات الرامية الى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة « .
الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر ليست موحدة الأهداف، فمصر دوافعها الى ذلك احتضان قطر للاخوان المسلمين وسياسات الجزيرة المشككة بشرعية افرازات ثورة / انقلاب حزيران تموز 2013 ورئيسه السيسي، وليس العداء لايران، وان اختلفوا مع ايران، والقاهرة ليست مع المعارضة السورية المدعومة أميركياً وخليجياً لاسقاط النظام السوري واشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد، وهكذا حينما ندقق بالتفاصيل نجد أن الخلافات متعددة والاجتهادات متباينة وحصيلتها المزيد من التمزيق والانحدار والتشتت.
ما نخشاه ان يكون الموقف ضد قطر شبيه بالموقف من العراق ما قبل حرب الخليج، والحصار المفروض عليها شبيه بالحصار الذي استهدف العراق، والحصيلة أن العرب بقدراتهم وتماسكهم يزدادون خسارة وانحداراً وتراجعا بالمفردات الثلاثة : خسارة، خسارة، خسارة، شبيهة لمفردات ترامب ونجاحه التي عبر عنها في الرياض لصالح الولايات المتحدة : وظائف، وظائف، وظائف، وهي نفس المعادلة التي يجري تسويقها في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي : مكاسب، مكاسب ، مكاسب، وحصيلة الوظائف للولايات المتحدة والمكاسب لاسرائيل هي حقاً خسارة، خسارة ، خسارة، للعرب وللمسلمين وللمسيحيين من أمتنا، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني .
لم يكن صدفة الاتصال المباشر والسريع بين عمان والكويت ومسقط وأنقرة والرباط لمحاولة تشكيل محور أو رافعة لامتصاص ردات الفعل، ووقف الانحدار حتى يأذن العقلاء لصوت الحكمة أن يسود، فالابتزاز الذي نجح فيه ترامب وفر للولايات المتحدة شفط المليارات على خلفية عاملين هما : أولاً خشية بعض أهل الخليج لأن يجتاحهم الربيع العربي الذي أطاح بأصدقاء أميركا حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبد الله صالح، والثاني توظيف مطالبات أهالي ضحايا سبتمبر 2001 من الأميركيين، لتحميل العربية السعودية مسؤولية ما اقترفته القاعدة لكون غالبية عناصرها المنفذة من التابعية السعودية، وهكذا حقق ترامب نتائج تهديداته المسبقة منذ أن كان مرشحاً ونال المليارات كتاجر شاطر، وسياسي انتهازي، يعرف كيف يحصل على مراده !.
ابتزاز قطر كما حصل مع السعودية
واليوم سيفعل بقطر ما فعله بالعربية السعودية ويحملها مسؤولية العمليات التي نفذتها الفصائل المسلحة التي تربطها علاقات مع قطر، أو تتلقى مساعدات منها، بدءاً من حماس وانتهاء بالقاعدة ومروراً بحزب الله وحركات جهادية مماثلة، مثلما سيقدم لها الحماية، بعد أن يفرض عليها تغيير سياساتها التي سبق وكانت متفقة فيها مع الولايات المتحدة في عهد أوباما ومع من كان قبله، أو على الأقل مع أجهزتها الأمنية في التعامل مع الفصائل الجهادية بهدف كبح جماحها، أو توظيف دورها، أو توجيهها بما يخدم المصالح المشتركة الأميركية القطرية، كان هذا هو الحال ما بين قطر والبنتاعون وما بين قطر والمخابرات الأميركية، التي تعتمد كثيراً على قواعدها العسكرية والأمنية وشبكات رصدها في قطر، ولذلك لن تسمح قاعدة العديد ومحطة المخابرات الأميركية لأي طرف بالمساس بالأمن القطري أو بالاقتراب من الأراضي القطرية.
الموقف الأردني
لقد لخص الوزير محمد المومني الناطق بلسان الحكومة، الموقف الأردني بقوله «ان تحقيق الأمن والاستقرار الأقليمين، والتقاء الدول العربية على السياسات التي تُنهي أزمات منطقتنا العربية، وتجمع مساعيها على حماية الدولة الوطنية، وبناء مستقبل الأمن من المستنير لشعوبنا أولويات، ستبقى المملكة تبذل أقصى جهدها لتحقيقها « وراهن المومني باسم الحكومة الأردنية على «تجاوز هذه المرحلة المؤسفة، وحل الأزمة على أرضية صلبة، تضمن تعاون جميع الدول العربية، على بناء المستقبل الأفضل لشعوبنا «.
ولهذا سنبقى قابضين على الجمر، ولن ننزاح، ولن نتراجع، فمصيرنا وأمتنا ووحدتنا كأردنيين مرتبط بحال أمتنا العربية، وموقفنا هو التوازن وحفظ ماء الوجه، والحياد الأيجابي الذي يوفر كلمة طيبة وتدخل مقبول حينما تزول موجة الأندفاع غير المنطقية نحو بعضنا بعضاَ، ونحن اذ لا نريد فتح أوراق المحاسبة حيث لا أحد بريئاً من التورط بأفعال لم تكن تستجيب لمصالح بلداننا العربية، وفي طليعتها بلدان الخليج العربي التي تدفع اليوم ثمن سياسات وراهانات وتحالفات الأمس !!.
لقد بعث الملك عبد الله رسالة تعزية للرئيس الايراني بضحايا الهجمات الارهابية التي وقعت يوم الأربعاء 7/6/2017، في مجلس الشورى ومرقد الأمام الخميني، أعرب فيها عن ادانته الشديدة لمثل هذه الأعمال الاجرامية البشعة التي تقوم بها داعش وغيرها من المجموعات الارهابية المتطرفة التي تستهدف الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية، كما عبر وزير الاعلام الأردني الناطق بلسان الحكومة محمد المومني عن « ادانة الأردن للعمل الارهابي أياً كانت أهدافه ومنطلقاته، التي جرت في العاصمة الايرانية، وأكد موقف الأردن الثابت في ادانته للارهاب واستهداف المدنيين وزعزعة استقرار الدول والمجتمعات أياً كانت دوافعه ومبرراته «، ولم يكن ذلك سوى تعبير عن رفضنا للارهاب والتطرف أياً كان مصدره، وأن مواقفنا المتزنة معلنة وهذا مصدر قوتنا كان ولا يزال، وان بحثنا عن أدوات المعالجة بواقعية وطول نفس، مع من نختلف معهم من الجيران أو الأشقاء أو الأصدقاء سياسة ثابتة في الأداء الدبلوماسي الأردني.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
عمان جو - حمادة فراعنة
قد يكون متأخراً بعض الشيء طرح السؤال المشفوع بالارتياب والقلق حول ما يجري على ضفاف الخليج العربي، بعد ان تصاعدت الاحداث، وباتت التطورات تتسارع على نحو قد يفضي الى حدوث تحول في المشهد الاقليمي، الذي بدأت ملامحه الاولية، ان لم نقل خرائطة المبكرة، ترتسم منذ انعقاد القمة الاميركية الاسلامية في الرياض يوم 21 أيار 2017، ولا شك أن المواجهة السياسية والدبلوماسية والاعلامية التي انفجرت بين طرفي الخلاف الخليجي هي حقاً من تداعيات زيارة الرئيس الأميركي وسياسته الجديدة المتهورة .
بكلام اوضح، ان ما جرى على ضفاف الخليج هزة سياسية كبيرة بكل المقاييس الوطنية والقومية، تستهدف طرفين هما : 1- حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها ومن يقف معها ومن يمدها بالمساعدة ويوفر لها مظلة الاستمرارية، 2- ايران وأتباعها من أحزاب ولاية الفقيه
من اجل منع سوء الفهم، فأنا شخصياً لم أكن من المعجبين بالطرفين ولن أكون مع الاخوان المسلمين وايران، ولست صديقاً لهما ولمن يتبعهما على المستوى السياسي، أردنياً وفلسطينياً وعربياً، كوني من الذين يحسبون انفسهم على التيار اليساري الوطني القومي الأممي الواقعي، ولكنني لا أجد نفسي مرغماً على خيار الوقوف الحازم مع الفريق المعادي للطرفين (الاخوان المسلمين وايران)، أو مع الفريق الداعم لهما والمؤيد لسياستهما، وكأنني مع الخير أو مع الشر، فالمسألة هنا سياسية بامتياز، تفرض نفسها على من يرغب في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، حيث لا أجد أياً منهما يملك الخيار الصائب، ليس بسبب دوافع أيديولوجية أو سياسية متزمتة، بل لأن المصالح الوطنية والقومية للأردن وفلسطين، وللمصالح العليا للعرب، هي عدم التورط في مزيد من الانزلاقات التدميرية لواقع هذه الامة.
انحيازات حادة غير منطقية
فقد وقعنا في هذا المطب لدى الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، وحددوا لنا مسارين، اما أن نكون مع العراق أو مع الكويت، اي أن نكون مع تحالف حفر الباطن بقيادة واشنطن، أو ضده، وخرج الاردن بالكتاب الأبيض، هل يذكر أحد ذاك الكتاب الذي صاغ موقفه بالحياد الايجابي والتأكيد على ضرورة الحل العربي لأزمة الاجتياح العراقي للكويت، لم نكن مع احتلال العراق للكويت، ولكننا لم نكن مع حشد حفر الباطن لتدمير العراق وحصاره، وقبلها فرضوا علينا أن نكون مع الاحتلال السوفيتي او أن نكون مع الجهاديين الأفغان ومن معهم، الذين قاتلوا مع الأميركيين وتحت راياتهم ولمصلحتهم في انهاء الحرب الباردة وانتصار المعسكر الأميركي ومن معه من المسلمين، على المعسكر الاشتراكي وتحالفاته .
لم يذهب الأردن الى حفر الباطن ومن قبل لم نقبل دعوات الاخوان المسلمين أن الجهاد في أفغانستان له الأولوية عن فلسطين في ذلك الوقت، فالأولوية بالنسبة لهم هي محاربة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن يتبعهم في العالم العربي، عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية .
لم نذهب الى حفر الباطن مثلما لم نكن مع اجتياح الكويت وضمها واعتبارها المحافظة 19، وهكذا دفعنا ثمن الموقف والشجاعة بعدم التورط في ذبح العراق وخسارته، مثلما خسر الخليجيون ملياراتهم، وحصيلة تلك السياسة وخياراتها خسارة فادحة للعرب ومكسب صافي للعدو القومي، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وكسبت ايران بازاحة الثقل العراقي من أمام تمددهم، مثلما كسبوا أكثر من مائة طائرة صادروها من العراق، وانتصرت السياسة الأميركية التي سبق وحملت عنوان « الاحتواء المزدوج « باضعاف ايران والعراق معاً، خدمة للاستعمار الاسرائيلي المتنفذ أميركياً .
وهكذا كان الموقف الشجاع نحو سوريا أيضاً، لم نكن مع رهان الذين سلحوا ودربوا ومولوا المعارضة المسلحة لاسقاط النظام، مثلما لم نكن مع النظام في أسلوب معالجته للأزمة، وأشكال التصدي للمؤامرة التي استهدفت سوريا ولا تزال، وكان الأردن الأكثر شجاعة في الانحياز للتسوية السياسية في سوريا وفي وقت مبكر، ولم يكن النظام سعيداً بالموقف الأردني، ولم تكن المعارضة مرحبة بالسياسة الأردنية المتحفظة، وهكذا لم نكسب الطرفين واحترمنا أنفسنا كأردنيين نتمنى نفاذ سوريا مما يُخطط لها من تدمير وخراب وضعف وتراجع لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
مشهد بريشة أميركية وتأثير اسرائيلي
زيارة ترامب للمنطقة العربية 20 أيار 2017، حصيلتها أنه وضع القاعدة وداعش وحماس وحزب الله وايران في سلة واحدة، بموافقة خليجية ورضى غير مسبوق، ولم يمس المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بما يستحق من ادانة وتجريم وعدوان وتوسع، رغم اضطهاده لشعب فلسطين بأكمله واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسوريا ولبنان، لأن سياسة ترامب المستجدة هي حصيلة الرغبة الاسرائيلية، في وضع ايران العدو الأول والعمل على انهاء الاتفاق النووي، الذي سبب الخلاف بين أوباما ونتنياهو .
حصيلة المشهد السياسي الذي ترسم بريشة أميركية ونفوذ يهودي اسرائيلي صهيوني على صانعي القرار الأميركي ومنفذيه، أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للأمة العربية رغم مقدساتها ونُبل الأنحياز لها كقضية عادلة تستحق التضامن والانحياز والدعم، وأن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لم يعد عدوانا ً واستعماراً وعنصرياً وعدواً قومياً ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .
لقد اخترعوا لنا عدواً جديداً من داخلنا بعد أن فرقونا بين سنة وشيعة، ووضعوا الاخوان المسلمين، الذين نختلف معهم، كأعداء يجب استئصالهم من جُوانا، ونسوا أنهم هم الذين كانوا حلفاء للاخوان المسلمين الداعمين لهم ضد تيارات اليسار والقومية والليبرالية، بل وضد كل ما هو وطني محب لوطنه.
التحالف الاستراتيجي ضد قرارات البحر الميت
لم يذهب الأردن وفلسطين الى حفر الباطن، ولن نذهب الى « صيغ التحالف الاستراتيجي» واستحقاقاته، وتجوع المرأةُ ولا تأكل بثديها، لن نقف مع أعداء شعبنا ضد شعبنا، لن نقف ضد الشيعة لأننا سُنة، ولن نقف ضد ايران لأننا عرب، بل تختلف مصالحنا الوطنية والقومية مع ايران ومع تركيا ومع أثيوبيا ولكننا لا نعاديهم ولا مصلحة لنا باستعدائهم، ونتوسل البحث عن القواسم المشتركة مع القوميات والبلاد التي تُجاورنا، وقرار قمة عمان لم يكن مجرد صياغة انشائية ولكنه تعبير عن الفهم الوطني والقومي الذي استضافه وأداره الأردن بصياغته التي وافق عليها قادة العرب في البحر الميت يوم 29/3/2017، ونصها « نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربي بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية وندين المحاولات الرامية الى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة « .
الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر ليست موحدة الأهداف، فمصر دوافعها الى ذلك احتضان قطر للاخوان المسلمين وسياسات الجزيرة المشككة بشرعية افرازات ثورة / انقلاب حزيران تموز 2013 ورئيسه السيسي، وليس العداء لايران، وان اختلفوا مع ايران، والقاهرة ليست مع المعارضة السورية المدعومة أميركياً وخليجياً لاسقاط النظام السوري واشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد، وهكذا حينما ندقق بالتفاصيل نجد أن الخلافات متعددة والاجتهادات متباينة وحصيلتها المزيد من التمزيق والانحدار والتشتت.
ما نخشاه ان يكون الموقف ضد قطر شبيه بالموقف من العراق ما قبل حرب الخليج، والحصار المفروض عليها شبيه بالحصار الذي استهدف العراق، والحصيلة أن العرب بقدراتهم وتماسكهم يزدادون خسارة وانحداراً وتراجعا بالمفردات الثلاثة : خسارة، خسارة، خسارة، شبيهة لمفردات ترامب ونجاحه التي عبر عنها في الرياض لصالح الولايات المتحدة : وظائف، وظائف، وظائف، وهي نفس المعادلة التي يجري تسويقها في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي : مكاسب، مكاسب ، مكاسب، وحصيلة الوظائف للولايات المتحدة والمكاسب لاسرائيل هي حقاً خسارة، خسارة ، خسارة، للعرب وللمسلمين وللمسيحيين من أمتنا، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني .
لم يكن صدفة الاتصال المباشر والسريع بين عمان والكويت ومسقط وأنقرة والرباط لمحاولة تشكيل محور أو رافعة لامتصاص ردات الفعل، ووقف الانحدار حتى يأذن العقلاء لصوت الحكمة أن يسود، فالابتزاز الذي نجح فيه ترامب وفر للولايات المتحدة شفط المليارات على خلفية عاملين هما : أولاً خشية بعض أهل الخليج لأن يجتاحهم الربيع العربي الذي أطاح بأصدقاء أميركا حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبد الله صالح، والثاني توظيف مطالبات أهالي ضحايا سبتمبر 2001 من الأميركيين، لتحميل العربية السعودية مسؤولية ما اقترفته القاعدة لكون غالبية عناصرها المنفذة من التابعية السعودية، وهكذا حقق ترامب نتائج تهديداته المسبقة منذ أن كان مرشحاً ونال المليارات كتاجر شاطر، وسياسي انتهازي، يعرف كيف يحصل على مراده !.
ابتزاز قطر كما حصل مع السعودية
واليوم سيفعل بقطر ما فعله بالعربية السعودية ويحملها مسؤولية العمليات التي نفذتها الفصائل المسلحة التي تربطها علاقات مع قطر، أو تتلقى مساعدات منها، بدءاً من حماس وانتهاء بالقاعدة ومروراً بحزب الله وحركات جهادية مماثلة، مثلما سيقدم لها الحماية، بعد أن يفرض عليها تغيير سياساتها التي سبق وكانت متفقة فيها مع الولايات المتحدة في عهد أوباما ومع من كان قبله، أو على الأقل مع أجهزتها الأمنية في التعامل مع الفصائل الجهادية بهدف كبح جماحها، أو توظيف دورها، أو توجيهها بما يخدم المصالح المشتركة الأميركية القطرية، كان هذا هو الحال ما بين قطر والبنتاعون وما بين قطر والمخابرات الأميركية، التي تعتمد كثيراً على قواعدها العسكرية والأمنية وشبكات رصدها في قطر، ولذلك لن تسمح قاعدة العديد ومحطة المخابرات الأميركية لأي طرف بالمساس بالأمن القطري أو بالاقتراب من الأراضي القطرية.
الموقف الأردني
لقد لخص الوزير محمد المومني الناطق بلسان الحكومة، الموقف الأردني بقوله «ان تحقيق الأمن والاستقرار الأقليمين، والتقاء الدول العربية على السياسات التي تُنهي أزمات منطقتنا العربية، وتجمع مساعيها على حماية الدولة الوطنية، وبناء مستقبل الأمن من المستنير لشعوبنا أولويات، ستبقى المملكة تبذل أقصى جهدها لتحقيقها « وراهن المومني باسم الحكومة الأردنية على «تجاوز هذه المرحلة المؤسفة، وحل الأزمة على أرضية صلبة، تضمن تعاون جميع الدول العربية، على بناء المستقبل الأفضل لشعوبنا «.
ولهذا سنبقى قابضين على الجمر، ولن ننزاح، ولن نتراجع، فمصيرنا وأمتنا ووحدتنا كأردنيين مرتبط بحال أمتنا العربية، وموقفنا هو التوازن وحفظ ماء الوجه، والحياد الأيجابي الذي يوفر كلمة طيبة وتدخل مقبول حينما تزول موجة الأندفاع غير المنطقية نحو بعضنا بعضاَ، ونحن اذ لا نريد فتح أوراق المحاسبة حيث لا أحد بريئاً من التورط بأفعال لم تكن تستجيب لمصالح بلداننا العربية، وفي طليعتها بلدان الخليج العربي التي تدفع اليوم ثمن سياسات وراهانات وتحالفات الأمس !!.
لقد بعث الملك عبد الله رسالة تعزية للرئيس الايراني بضحايا الهجمات الارهابية التي وقعت يوم الأربعاء 7/6/2017، في مجلس الشورى ومرقد الأمام الخميني، أعرب فيها عن ادانته الشديدة لمثل هذه الأعمال الاجرامية البشعة التي تقوم بها داعش وغيرها من المجموعات الارهابية المتطرفة التي تستهدف الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية، كما عبر وزير الاعلام الأردني الناطق بلسان الحكومة محمد المومني عن « ادانة الأردن للعمل الارهابي أياً كانت أهدافه ومنطلقاته، التي جرت في العاصمة الايرانية، وأكد موقف الأردن الثابت في ادانته للارهاب واستهداف المدنيين وزعزعة استقرار الدول والمجتمعات أياً كانت دوافعه ومبرراته «، ولم يكن ذلك سوى تعبير عن رفضنا للارهاب والتطرف أياً كان مصدره، وأن مواقفنا المتزنة معلنة وهذا مصدر قوتنا كان ولا يزال، وان بحثنا عن أدوات المعالجة بواقعية وطول نفس، مع من نختلف معهم من الجيران أو الأشقاء أو الأصدقاء سياسة ثابتة في الأداء الدبلوماسي الأردني.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية. عمان جو - حمادة فراعنة
قد يكون متأخراً بعض الشيء طرح السؤال المشفوع بالارتياب والقلق حول ما يجري على ضفاف الخليج العربي، بعد ان تصاعدت الاحداث، وباتت التطورات تتسارع على نحو قد يفضي الى حدوث تحول في المشهد الاقليمي، الذي بدأت ملامحه الاولية، ان لم نقل خرائطة المبكرة، ترتسم منذ انعقاد القمة الاميركية الاسلامية في الرياض يوم 21 أيار 2017، ولا شك أن المواجهة السياسية والدبلوماسية والاعلامية التي انفجرت بين طرفي الخلاف الخليجي هي حقاً من تداعيات زيارة الرئيس الأميركي وسياسته الجديدة المتهورة .
بكلام اوضح، ان ما جرى على ضفاف الخليج هزة سياسية كبيرة بكل المقاييس الوطنية والقومية، تستهدف طرفين هما : 1- حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها ومن يقف معها ومن يمدها بالمساعدة ويوفر لها مظلة الاستمرارية، 2- ايران وأتباعها من أحزاب ولاية الفقيه
من اجل منع سوء الفهم، فأنا شخصياً لم أكن من المعجبين بالطرفين ولن أكون مع الاخوان المسلمين وايران، ولست صديقاً لهما ولمن يتبعهما على المستوى السياسي، أردنياً وفلسطينياً وعربياً، كوني من الذين يحسبون انفسهم على التيار اليساري الوطني القومي الأممي الواقعي، ولكنني لا أجد نفسي مرغماً على خيار الوقوف الحازم مع الفريق المعادي للطرفين (الاخوان المسلمين وايران)، أو مع الفريق الداعم لهما والمؤيد لسياستهما، وكأنني مع الخير أو مع الشر، فالمسألة هنا سياسية بامتياز، تفرض نفسها على من يرغب في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، حيث لا أجد أياً منهما يملك الخيار الصائب، ليس بسبب دوافع أيديولوجية أو سياسية متزمتة، بل لأن المصالح الوطنية والقومية للأردن وفلسطين، وللمصالح العليا للعرب، هي عدم التورط في مزيد من الانزلاقات التدميرية لواقع هذه الامة.
انحيازات حادة غير منطقية
فقد وقعنا في هذا المطب لدى الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، وحددوا لنا مسارين، اما أن نكون مع العراق أو مع الكويت، اي أن نكون مع تحالف حفر الباطن بقيادة واشنطن، أو ضده، وخرج الاردن بالكتاب الأبيض، هل يذكر أحد ذاك الكتاب الذي صاغ موقفه بالحياد الايجابي والتأكيد على ضرورة الحل العربي لأزمة الاجتياح العراقي للكويت، لم نكن مع احتلال العراق للكويت، ولكننا لم نكن مع حشد حفر الباطن لتدمير العراق وحصاره، وقبلها فرضوا علينا أن نكون مع الاحتلال السوفيتي او أن نكون مع الجهاديين الأفغان ومن معهم، الذين قاتلوا مع الأميركيين وتحت راياتهم ولمصلحتهم في انهاء الحرب الباردة وانتصار المعسكر الأميركي ومن معه من المسلمين، على المعسكر الاشتراكي وتحالفاته .
لم يذهب الأردن الى حفر الباطن ومن قبل لم نقبل دعوات الاخوان المسلمين أن الجهاد في أفغانستان له الأولوية عن فلسطين في ذلك الوقت، فالأولوية بالنسبة لهم هي محاربة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن يتبعهم في العالم العربي، عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية .
لم نذهب الى حفر الباطن مثلما لم نكن مع اجتياح الكويت وضمها واعتبارها المحافظة 19، وهكذا دفعنا ثمن الموقف والشجاعة بعدم التورط في ذبح العراق وخسارته، مثلما خسر الخليجيون ملياراتهم، وحصيلة تلك السياسة وخياراتها خسارة فادحة للعرب ومكسب صافي للعدو القومي، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وكسبت ايران بازاحة الثقل العراقي من أمام تمددهم، مثلما كسبوا أكثر من مائة طائرة صادروها من العراق، وانتصرت السياسة الأميركية التي سبق وحملت عنوان « الاحتواء المزدوج « باضعاف ايران والعراق معاً، خدمة للاستعمار الاسرائيلي المتنفذ أميركياً .
وهكذا كان الموقف الشجاع نحو سوريا أيضاً، لم نكن مع رهان الذين سلحوا ودربوا ومولوا المعارضة المسلحة لاسقاط النظام، مثلما لم نكن مع النظام في أسلوب معالجته للأزمة، وأشكال التصدي للمؤامرة التي استهدفت سوريا ولا تزال، وكان الأردن الأكثر شجاعة في الانحياز للتسوية السياسية في سوريا وفي وقت مبكر، ولم يكن النظام سعيداً بالموقف الأردني، ولم تكن المعارضة مرحبة بالسياسة الأردنية المتحفظة، وهكذا لم نكسب الطرفين واحترمنا أنفسنا كأردنيين نتمنى نفاذ سوريا مما يُخطط لها من تدمير وخراب وضعف وتراجع لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
مشهد بريشة أميركية وتأثير اسرائيلي
زيارة ترامب للمنطقة العربية 20 أيار 2017، حصيلتها أنه وضع القاعدة وداعش وحماس وحزب الله وايران في سلة واحدة، بموافقة خليجية ورضى غير مسبوق، ولم يمس المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بما يستحق من ادانة وتجريم وعدوان وتوسع، رغم اضطهاده لشعب فلسطين بأكمله واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسوريا ولبنان، لأن سياسة ترامب المستجدة هي حصيلة الرغبة الاسرائيلية، في وضع ايران العدو الأول والعمل على انهاء الاتفاق النووي، الذي سبب الخلاف بين أوباما ونتنياهو .
حصيلة المشهد السياسي الذي ترسم بريشة أميركية ونفوذ يهودي اسرائيلي صهيوني على صانعي القرار الأميركي ومنفذيه، أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للأمة العربية رغم مقدساتها ونُبل الأنحياز لها كقضية عادلة تستحق التضامن والانحياز والدعم، وأن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لم يعد عدوانا ً واستعماراً وعنصرياً وعدواً قومياً ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .
لقد اخترعوا لنا عدواً جديداً من داخلنا بعد أن فرقونا بين سنة وشيعة، ووضعوا الاخوان المسلمين، الذين نختلف معهم، كأعداء يجب استئصالهم من جُوانا، ونسوا أنهم هم الذين كانوا حلفاء للاخوان المسلمين الداعمين لهم ضد تيارات اليسار والقومية والليبرالية، بل وضد كل ما هو وطني محب لوطنه.
التحالف الاستراتيجي ضد قرارات البحر الميت
لم يذهب الأردن وفلسطين الى حفر الباطن، ولن نذهب الى « صيغ التحالف الاستراتيجي» واستحقاقاته، وتجوع المرأةُ ولا تأكل بثديها، لن نقف مع أعداء شعبنا ضد شعبنا، لن نقف ضد الشيعة لأننا سُنة، ولن نقف ضد ايران لأننا عرب، بل تختلف مصالحنا الوطنية والقومية مع ايران ومع تركيا ومع أثيوبيا ولكننا لا نعاديهم ولا مصلحة لنا باستعدائهم، ونتوسل البحث عن القواسم المشتركة مع القوميات والبلاد التي تُجاورنا، وقرار قمة عمان لم يكن مجرد صياغة انشائية ولكنه تعبير عن الفهم الوطني والقومي الذي استضافه وأداره الأردن بصياغته التي وافق عليها قادة العرب في البحر الميت يوم 29/3/2017، ونصها « نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربي بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية وندين المحاولات الرامية الى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة « .
الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر ليست موحدة الأهداف، فمصر دوافعها الى ذلك احتضان قطر للاخوان المسلمين وسياسات الجزيرة المشككة بشرعية افرازات ثورة / انقلاب حزيران تموز 2013 ورئيسه السيسي، وليس العداء لايران، وان اختلفوا مع ايران، والقاهرة ليست مع المعارضة السورية المدعومة أميركياً وخليجياً لاسقاط النظام السوري واشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد، وهكذا حينما ندقق بالتفاصيل نجد أن الخلافات متعددة والاجتهادات متباينة وحصيلتها المزيد من التمزيق والانحدار والتشتت.
ما نخشاه ان يكون الموقف ضد قطر شبيه بالموقف من العراق ما قبل حرب الخليج، والحصار المفروض عليها شبيه بالحصار الذي استهدف العراق، والحصيلة أن العرب بقدراتهم وتماسكهم يزدادون خسارة وانحداراً وتراجعا بالمفردات الثلاثة : خسارة، خسارة، خسارة، شبيهة لمفردات ترامب ونجاحه التي عبر عنها في الرياض لصالح الولايات المتحدة : وظائف، وظائف، وظائف، وهي نفس المعادلة التي يجري تسويقها في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي : مكاسب، مكاسب ، مكاسب، وحصيلة الوظائف للولايات المتحدة والمكاسب لاسرائيل هي حقاً خسارة، خسارة ، خسارة، للعرب وللمسلمين وللمسيحيين من أمتنا، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني .
لم يكن صدفة الاتصال المباشر والسريع بين عمان والكويت ومسقط وأنقرة والرباط لمحاولة تشكيل محور أو رافعة لامتصاص ردات الفعل، ووقف الانحدار حتى يأذن العقلاء لصوت الحكمة أن يسود، فالابتزاز الذي نجح فيه ترامب وفر للولايات المتحدة شفط المليارات على خلفية عاملين هما : أولاً خشية بعض أهل الخليج لأن يجتاحهم الربيع العربي الذي أطاح بأصدقاء أميركا حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبد الله صالح، والثاني توظيف مطالبات أهالي ضحايا سبتمبر 2001 من الأميركيين، لتحميل العربية السعودية مسؤولية ما اقترفته القاعدة لكون غالبية عناصرها المنفذة من التابعية السعودية، وهكذا حقق ترامب نتائج تهديداته المسبقة منذ أن كان مرشحاً ونال المليارات كتاجر شاطر، وسياسي انتهازي، يعرف كيف يحصل على مراده !.
ابتزاز قطر كما حصل مع السعودية
واليوم سيفعل بقطر ما فعله بالعربية السعودية ويحملها مسؤولية العمليات التي نفذتها الفصائل المسلحة التي تربطها علاقات مع قطر، أو تتلقى مساعدات منها، بدءاً من حماس وانتهاء بالقاعدة ومروراً بحزب الله وحركات جهادية مماثلة، مثلما سيقدم لها الحماية، بعد أن يفرض عليها تغيير سياساتها التي سبق وكانت متفقة فيها مع الولايات المتحدة في عهد أوباما ومع من كان قبله، أو على الأقل مع أجهزتها الأمنية في التعامل مع الفصائل الجهادية بهدف كبح جماحها، أو توظيف دورها، أو توجيهها بما يخدم المصالح المشتركة الأميركية القطرية، كان هذا هو الحال ما بين قطر والبنتاعون وما بين قطر والمخابرات الأميركية، التي تعتمد كثيراً على قواعدها العسكرية والأمنية وشبكات رصدها في قطر، ولذلك لن تسمح قاعدة العديد ومحطة المخابرات الأميركية لأي طرف بالمساس بالأمن القطري أو بالاقتراب من الأراضي القطرية.
الموقف الأردني
لقد لخص الوزير محمد المومني الناطق بلسان الحكومة، الموقف الأردني بقوله «ان تحقيق الأمن والاستقرار الأقليمين، والتقاء الدول العربية على السياسات التي تُنهي أزمات منطقتنا العربية، وتجمع مساعيها على حماية الدولة الوطنية، وبناء مستقبل الأمن من المستنير لشعوبنا أولويات، ستبقى المملكة تبذل أقصى جهدها لتحقيقها « وراهن المومني باسم الحكومة الأردنية على «تجاوز هذه المرحلة المؤسفة، وحل الأزمة على أرضية صلبة، تضمن تعاون جميع الدول العربية، على بناء المستقبل الأفضل لشعوبنا «.
ولهذا سنبقى قابضين على الجمر، ولن ننزاح، ولن نتراجع، فمصيرنا وأمتنا ووحدتنا كأردنيين مرتبط بحال أمتنا العربية، وموقفنا هو التوازن وحفظ ماء الوجه، والحياد الأيجابي الذي يوفر كلمة طيبة وتدخل مقبول حينما تزول موجة الأندفاع غير المنطقية نحو بعضنا بعضاَ، ونحن اذ لا نريد فتح أوراق المحاسبة حيث لا أحد بريئاً من التورط بأفعال لم تكن تستجيب لمصالح بلداننا العربية، وفي طليعتها بلدان الخليج العربي التي تدفع اليوم ثمن سياسات وراهانات وتحالفات الأمس !!.
لقد بعث الملك عبد الله رسالة تعزية للرئيس الايراني بضحايا الهجمات الارهابية التي وقعت يوم الأربعاء 7/6/2017، في مجلس الشورى ومرقد الأمام الخميني، أعرب فيها عن ادانته الشديدة لمثل هذه الأعمال الاجرامية البشعة التي تقوم بها داعش وغيرها من المجموعات الارهابية المتطرفة التي تستهدف الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية، كما عبر وزير الاعلام الأردني الناطق بلسان الحكومة محمد المومني عن « ادانة الأردن للعمل الارهابي أياً كانت أهدافه ومنطلقاته، التي جرت في العاصمة الايرانية، وأكد موقف الأردن الثابت في ادانته للارهاب واستهداف المدنيين وزعزعة استقرار الدول والمجتمعات أياً كانت دوافعه ومبرراته «، ولم يكن ذلك سوى تعبير عن رفضنا للارهاب والتطرف أياً كان مصدره، وأن مواقفنا المتزنة معلنة وهذا مصدر قوتنا كان ولا يزال، وان بحثنا عن أدوات المعالجة بواقعية وطول نفس، مع من نختلف معهم من الجيران أو الأشقاء أو الأصدقاء سياسة ثابتة في الأداء الدبلوماسي الأردني.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
عمان جو - حمادة فراعنة
قد يكون متأخراً بعض الشيء طرح السؤال المشفوع بالارتياب والقلق حول ما يجري على ضفاف الخليج العربي، بعد ان تصاعدت الاحداث، وباتت التطورات تتسارع على نحو قد يفضي الى حدوث تحول في المشهد الاقليمي، الذي بدأت ملامحه الاولية، ان لم نقل خرائطة المبكرة، ترتسم منذ انعقاد القمة الاميركية الاسلامية في الرياض يوم 21 أيار 2017، ولا شك أن المواجهة السياسية والدبلوماسية والاعلامية التي انفجرت بين طرفي الخلاف الخليجي هي حقاً من تداعيات زيارة الرئيس الأميركي وسياسته الجديدة المتهورة .
بكلام اوضح، ان ما جرى على ضفاف الخليج هزة سياسية كبيرة بكل المقاييس الوطنية والقومية، تستهدف طرفين هما : 1- حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها ومن يقف معها ومن يمدها بالمساعدة ويوفر لها مظلة الاستمرارية، 2- ايران وأتباعها من أحزاب ولاية الفقيه
من اجل منع سوء الفهم، فأنا شخصياً لم أكن من المعجبين بالطرفين ولن أكون مع الاخوان المسلمين وايران، ولست صديقاً لهما ولمن يتبعهما على المستوى السياسي، أردنياً وفلسطينياً وعربياً، كوني من الذين يحسبون انفسهم على التيار اليساري الوطني القومي الأممي الواقعي، ولكنني لا أجد نفسي مرغماً على خيار الوقوف الحازم مع الفريق المعادي للطرفين (الاخوان المسلمين وايران)، أو مع الفريق الداعم لهما والمؤيد لسياستهما، وكأنني مع الخير أو مع الشر، فالمسألة هنا سياسية بامتياز، تفرض نفسها على من يرغب في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، حيث لا أجد أياً منهما يملك الخيار الصائب، ليس بسبب دوافع أيديولوجية أو سياسية متزمتة، بل لأن المصالح الوطنية والقومية للأردن وفلسطين، وللمصالح العليا للعرب، هي عدم التورط في مزيد من الانزلاقات التدميرية لواقع هذه الامة.
انحيازات حادة غير منطقية
فقد وقعنا في هذا المطب لدى الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، وحددوا لنا مسارين، اما أن نكون مع العراق أو مع الكويت، اي أن نكون مع تحالف حفر الباطن بقيادة واشنطن، أو ضده، وخرج الاردن بالكتاب الأبيض، هل يذكر أحد ذاك الكتاب الذي صاغ موقفه بالحياد الايجابي والتأكيد على ضرورة الحل العربي لأزمة الاجتياح العراقي للكويت، لم نكن مع احتلال العراق للكويت، ولكننا لم نكن مع حشد حفر الباطن لتدمير العراق وحصاره، وقبلها فرضوا علينا أن نكون مع الاحتلال السوفيتي او أن نكون مع الجهاديين الأفغان ومن معهم، الذين قاتلوا مع الأميركيين وتحت راياتهم ولمصلحتهم في انهاء الحرب الباردة وانتصار المعسكر الأميركي ومن معه من المسلمين، على المعسكر الاشتراكي وتحالفاته .
لم يذهب الأردن الى حفر الباطن ومن قبل لم نقبل دعوات الاخوان المسلمين أن الجهاد في أفغانستان له الأولوية عن فلسطين في ذلك الوقت، فالأولوية بالنسبة لهم هي محاربة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن يتبعهم في العالم العربي، عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية .
لم نذهب الى حفر الباطن مثلما لم نكن مع اجتياح الكويت وضمها واعتبارها المحافظة 19، وهكذا دفعنا ثمن الموقف والشجاعة بعدم التورط في ذبح العراق وخسارته، مثلما خسر الخليجيون ملياراتهم، وحصيلة تلك السياسة وخياراتها خسارة فادحة للعرب ومكسب صافي للعدو القومي، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وكسبت ايران بازاحة الثقل العراقي من أمام تمددهم، مثلما كسبوا أكثر من مائة طائرة صادروها من العراق، وانتصرت السياسة الأميركية التي سبق وحملت عنوان « الاحتواء المزدوج « باضعاف ايران والعراق معاً، خدمة للاستعمار الاسرائيلي المتنفذ أميركياً .
وهكذا كان الموقف الشجاع نحو سوريا أيضاً، لم نكن مع رهان الذين سلحوا ودربوا ومولوا المعارضة المسلحة لاسقاط النظام، مثلما لم نكن مع النظام في أسلوب معالجته للأزمة، وأشكال التصدي للمؤامرة التي استهدفت سوريا ولا تزال، وكان الأردن الأكثر شجاعة في الانحياز للتسوية السياسية في سوريا وفي وقت مبكر، ولم يكن النظام سعيداً بالموقف الأردني، ولم تكن المعارضة مرحبة بالسياسة الأردنية المتحفظة، وهكذا لم نكسب الطرفين واحترمنا أنفسنا كأردنيين نتمنى نفاذ سوريا مما يُخطط لها من تدمير وخراب وضعف وتراجع لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
مشهد بريشة أميركية وتأثير اسرائيلي
زيارة ترامب للمنطقة العربية 20 أيار 2017، حصيلتها أنه وضع القاعدة وداعش وحماس وحزب الله وايران في سلة واحدة، بموافقة خليجية ورضى غير مسبوق، ولم يمس المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بما يستحق من ادانة وتجريم وعدوان وتوسع، رغم اضطهاده لشعب فلسطين بأكمله واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسوريا ولبنان، لأن سياسة ترامب المستجدة هي حصيلة الرغبة الاسرائيلية، في وضع ايران العدو الأول والعمل على انهاء الاتفاق النووي، الذي سبب الخلاف بين أوباما ونتنياهو .
حصيلة المشهد السياسي الذي ترسم بريشة أميركية ونفوذ يهودي اسرائيلي صهيوني على صانعي القرار الأميركي ومنفذيه، أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للأمة العربية رغم مقدساتها ونُبل الأنحياز لها كقضية عادلة تستحق التضامن والانحياز والدعم، وأن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لم يعد عدوانا ً واستعماراً وعنصرياً وعدواً قومياً ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .
لقد اخترعوا لنا عدواً جديداً من داخلنا بعد أن فرقونا بين سنة وشيعة، ووضعوا الاخوان المسلمين، الذين نختلف معهم، كأعداء يجب استئصالهم من جُوانا، ونسوا أنهم هم الذين كانوا حلفاء للاخوان المسلمين الداعمين لهم ضد تيارات اليسار والقومية والليبرالية، بل وضد كل ما هو وطني محب لوطنه.
التحالف الاستراتيجي ضد قرارات البحر الميت
لم يذهب الأردن وفلسطين الى حفر الباطن، ولن نذهب الى « صيغ التحالف الاستراتيجي» واستحقاقاته، وتجوع المرأةُ ولا تأكل بثديها، لن نقف مع أعداء شعبنا ضد شعبنا، لن نقف ضد الشيعة لأننا سُنة، ولن نقف ضد ايران لأننا عرب، بل تختلف مصالحنا الوطنية والقومية مع ايران ومع تركيا ومع أثيوبيا ولكننا لا نعاديهم ولا مصلحة لنا باستعدائهم، ونتوسل البحث عن القواسم المشتركة مع القوميات والبلاد التي تُجاورنا، وقرار قمة عمان لم يكن مجرد صياغة انشائية ولكنه تعبير عن الفهم الوطني والقومي الذي استضافه وأداره الأردن بصياغته التي وافق عليها قادة العرب في البحر الميت يوم 29/3/2017، ونصها « نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربي بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية وندين المحاولات الرامية الى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة « .
الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر ليست موحدة الأهداف، فمصر دوافعها الى ذلك احتضان قطر للاخوان المسلمين وسياسات الجزيرة المشككة بشرعية افرازات ثورة / انقلاب حزيران تموز 2013 ورئيسه السيسي، وليس العداء لايران، وان اختلفوا مع ايران، والقاهرة ليست مع المعارضة السورية المدعومة أميركياً وخليجياً لاسقاط النظام السوري واشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد، وهكذا حينما ندقق بالتفاصيل نجد أن الخلافات متعددة والاجتهادات متباينة وحصيلتها المزيد من التمزيق والانحدار والتشتت.
ما نخشاه ان يكون الموقف ضد قطر شبيه بالموقف من العراق ما قبل حرب الخليج، والحصار المفروض عليها شبيه بالحصار الذي استهدف العراق، والحصيلة أن العرب بقدراتهم وتماسكهم يزدادون خسارة وانحداراً وتراجعا بالمفردات الثلاثة : خسارة، خسارة، خسارة، شبيهة لمفردات ترامب ونجاحه التي عبر عنها في الرياض لصالح الولايات المتحدة : وظائف، وظائف، وظائف، وهي نفس المعادلة التي يجري تسويقها في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي : مكاسب، مكاسب ، مكاسب، وحصيلة الوظائف للولايات المتحدة والمكاسب لاسرائيل هي حقاً خسارة، خسارة ، خسارة، للعرب وللمسلمين وللمسيحيين من أمتنا، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني .
لم يكن صدفة الاتصال المباشر والسريع بين عمان والكويت ومسقط وأنقرة والرباط لمحاولة تشكيل محور أو رافعة لامتصاص ردات الفعل، ووقف الانحدار حتى يأذن العقلاء لصوت الحكمة أن يسود، فالابتزاز الذي نجح فيه ترامب وفر للولايات المتحدة شفط المليارات على خلفية عاملين هما : أولاً خشية بعض أهل الخليج لأن يجتاحهم الربيع العربي الذي أطاح بأصدقاء أميركا حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبد الله صالح، والثاني توظيف مطالبات أهالي ضحايا سبتمبر 2001 من الأميركيين، لتحميل العربية السعودية مسؤولية ما اقترفته القاعدة لكون غالبية عناصرها المنفذة من التابعية السعودية، وهكذا حقق ترامب نتائج تهديداته المسبقة منذ أن كان مرشحاً ونال المليارات كتاجر شاطر، وسياسي انتهازي، يعرف كيف يحصل على مراده !.
ابتزاز قطر كما حصل مع السعودية
واليوم سيفعل بقطر ما فعله بالعربية السعودية ويحملها مسؤولية العمليات التي نفذتها الفصائل المسلحة التي تربطها علاقات مع قطر، أو تتلقى مساعدات منها، بدءاً من حماس وانتهاء بالقاعدة ومروراً بحزب الله وحركات جهادية مماثلة، مثلما سيقدم لها الحماية، بعد أن يفرض عليها تغيير سياساتها التي سبق وكانت متفقة فيها مع الولايات المتحدة في عهد أوباما ومع من كان قبله، أو على الأقل مع أجهزتها الأمنية في التعامل مع الفصائل الجهادية بهدف كبح جماحها، أو توظيف دورها، أو توجيهها بما يخدم المصالح المشتركة الأميركية القطرية، كان هذا هو الحال ما بين قطر والبنتاعون وما بين قطر والمخابرات الأميركية، التي تعتمد كثيراً على قواعدها العسكرية والأمنية وشبكات رصدها في قطر، ولذلك لن تسمح قاعدة العديد ومحطة المخابرات الأميركية لأي طرف بالمساس بالأمن القطري أو بالاقتراب من الأراضي القطرية.
الموقف الأردني
لقد لخص الوزير محمد المومني الناطق بلسان الحكومة، الموقف الأردني بقوله «ان تحقيق الأمن والاستقرار الأقليمين، والتقاء الدول العربية على السياسات التي تُنهي أزمات منطقتنا العربية، وتجمع مساعيها على حماية الدولة الوطنية، وبناء مستقبل الأمن من المستنير لشعوبنا أولويات، ستبقى المملكة تبذل أقصى جهدها لتحقيقها « وراهن المومني باسم الحكومة الأردنية على «تجاوز هذه المرحلة المؤسفة، وحل الأزمة على أرضية صلبة، تضمن تعاون جميع الدول العربية، على بناء المستقبل الأفضل لشعوبنا «.
ولهذا سنبقى قابضين على الجمر، ولن ننزاح، ولن نتراجع، فمصيرنا وأمتنا ووحدتنا كأردنيين مرتبط بحال أمتنا العربية، وموقفنا هو التوازن وحفظ ماء الوجه، والحياد الأيجابي الذي يوفر كلمة طيبة وتدخل مقبول حينما تزول موجة الأندفاع غير المنطقية نحو بعضنا بعضاَ، ونحن اذ لا نريد فتح أوراق المحاسبة حيث لا أحد بريئاً من التورط بأفعال لم تكن تستجيب لمصالح بلداننا العربية، وفي طليعتها بلدان الخليج العربي التي تدفع اليوم ثمن سياسات وراهانات وتحالفات الأمس !!.
لقد بعث الملك عبد الله رسالة تعزية للرئيس الايراني بضحايا الهجمات الارهابية التي وقعت يوم الأربعاء 7/6/2017، في مجلس الشورى ومرقد الأمام الخميني، أعرب فيها عن ادانته الشديدة لمثل هذه الأعمال الاجرامية البشعة التي تقوم بها داعش وغيرها من المجموعات الارهابية المتطرفة التي تستهدف الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية، كما عبر وزير الاعلام الأردني الناطق بلسان الحكومة محمد المومني عن « ادانة الأردن للعمل الارهابي أياً كانت أهدافه ومنطلقاته، التي جرت في العاصمة الايرانية، وأكد موقف الأردن الثابت في ادانته للارهاب واستهداف المدنيين وزعزعة استقرار الدول والمجتمعات أياً كانت دوافعه ومبرراته «، ولم يكن ذلك سوى تعبير عن رفضنا للارهاب والتطرف أياً كان مصدره، وأن مواقفنا المتزنة معلنة وهذا مصدر قوتنا كان ولا يزال، وان بحثنا عن أدوات المعالجة بواقعية وطول نفس، مع من نختلف معهم من الجيران أو الأشقاء أو الأصدقاء سياسة ثابتة في الأداء الدبلوماسي الأردني.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية. عمان جو - حمادة فراعنة
قد يكون متأخراً بعض الشيء طرح السؤال المشفوع بالارتياب والقلق حول ما يجري على ضفاف الخليج العربي، بعد ان تصاعدت الاحداث، وباتت التطورات تتسارع على نحو قد يفضي الى حدوث تحول في المشهد الاقليمي، الذي بدأت ملامحه الاولية، ان لم نقل خرائطة المبكرة، ترتسم منذ انعقاد القمة الاميركية الاسلامية في الرياض يوم 21 أيار 2017، ولا شك أن المواجهة السياسية والدبلوماسية والاعلامية التي انفجرت بين طرفي الخلاف الخليجي هي حقاً من تداعيات زيارة الرئيس الأميركي وسياسته الجديدة المتهورة .
بكلام اوضح، ان ما جرى على ضفاف الخليج هزة سياسية كبيرة بكل المقاييس الوطنية والقومية، تستهدف طرفين هما : 1- حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها ومن يقف معها ومن يمدها بالمساعدة ويوفر لها مظلة الاستمرارية، 2- ايران وأتباعها من أحزاب ولاية الفقيه
من اجل منع سوء الفهم، فأنا شخصياً لم أكن من المعجبين بالطرفين ولن أكون مع الاخوان المسلمين وايران، ولست صديقاً لهما ولمن يتبعهما على المستوى السياسي، أردنياً وفلسطينياً وعربياً، كوني من الذين يحسبون انفسهم على التيار اليساري الوطني القومي الأممي الواقعي، ولكنني لا أجد نفسي مرغماً على خيار الوقوف الحازم مع الفريق المعادي للطرفين (الاخوان المسلمين وايران)، أو مع الفريق الداعم لهما والمؤيد لسياستهما، وكأنني مع الخير أو مع الشر، فالمسألة هنا سياسية بامتياز، تفرض نفسها على من يرغب في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، حيث لا أجد أياً منهما يملك الخيار الصائب، ليس بسبب دوافع أيديولوجية أو سياسية متزمتة، بل لأن المصالح الوطنية والقومية للأردن وفلسطين، وللمصالح العليا للعرب، هي عدم التورط في مزيد من الانزلاقات التدميرية لواقع هذه الامة.
انحيازات حادة غير منطقية
فقد وقعنا في هذا المطب لدى الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، وحددوا لنا مسارين، اما أن نكون مع العراق أو مع الكويت، اي أن نكون مع تحالف حفر الباطن بقيادة واشنطن، أو ضده، وخرج الاردن بالكتاب الأبيض، هل يذكر أحد ذاك الكتاب الذي صاغ موقفه بالحياد الايجابي والتأكيد على ضرورة الحل العربي لأزمة الاجتياح العراقي للكويت، لم نكن مع احتلال العراق للكويت، ولكننا لم نكن مع حشد حفر الباطن لتدمير العراق وحصاره، وقبلها فرضوا علينا أن نكون مع الاحتلال السوفيتي او أن نكون مع الجهاديين الأفغان ومن معهم، الذين قاتلوا مع الأميركيين وتحت راياتهم ولمصلحتهم في انهاء الحرب الباردة وانتصار المعسكر الأميركي ومن معه من المسلمين، على المعسكر الاشتراكي وتحالفاته .
لم يذهب الأردن الى حفر الباطن ومن قبل لم نقبل دعوات الاخوان المسلمين أن الجهاد في أفغانستان له الأولوية عن فلسطين في ذلك الوقت، فالأولوية بالنسبة لهم هي محاربة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن يتبعهم في العالم العربي، عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية .
لم نذهب الى حفر الباطن مثلما لم نكن مع اجتياح الكويت وضمها واعتبارها المحافظة 19، وهكذا دفعنا ثمن الموقف والشجاعة بعدم التورط في ذبح العراق وخسارته، مثلما خسر الخليجيون ملياراتهم، وحصيلة تلك السياسة وخياراتها خسارة فادحة للعرب ومكسب صافي للعدو القومي، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وكسبت ايران بازاحة الثقل العراقي من أمام تمددهم، مثلما كسبوا أكثر من مائة طائرة صادروها من العراق، وانتصرت السياسة الأميركية التي سبق وحملت عنوان « الاحتواء المزدوج « باضعاف ايران والعراق معاً، خدمة للاستعمار الاسرائيلي المتنفذ أميركياً .
وهكذا كان الموقف الشجاع نحو سوريا أيضاً، لم نكن مع رهان الذين سلحوا ودربوا ومولوا المعارضة المسلحة لاسقاط النظام، مثلما لم نكن مع النظام في أسلوب معالجته للأزمة، وأشكال التصدي للمؤامرة التي استهدفت سوريا ولا تزال، وكان الأردن الأكثر شجاعة في الانحياز للتسوية السياسية في سوريا وفي وقت مبكر، ولم يكن النظام سعيداً بالموقف الأردني، ولم تكن المعارضة مرحبة بالسياسة الأردنية المتحفظة، وهكذا لم نكسب الطرفين واحترمنا أنفسنا كأردنيين نتمنى نفاذ سوريا مما يُخطط لها من تدمير وخراب وضعف وتراجع لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
مشهد بريشة أميركية وتأثير اسرائيلي
زيارة ترامب للمنطقة العربية 20 أيار 2017، حصيلتها أنه وضع القاعدة وداعش وحماس وحزب الله وايران في سلة واحدة، بموافقة خليجية ورضى غير مسبوق، ولم يمس المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بما يستحق من ادانة وتجريم وعدوان وتوسع، رغم اضطهاده لشعب فلسطين بأكمله واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسوريا ولبنان، لأن سياسة ترامب المستجدة هي حصيلة الرغبة الاسرائيلية، في وضع ايران العدو الأول والعمل على انهاء الاتفاق النووي، الذي سبب الخلاف بين أوباما ونتنياهو .
حصيلة المشهد السياسي الذي ترسم بريشة أميركية ونفوذ يهودي اسرائيلي صهيوني على صانعي القرار الأميركي ومنفذيه، أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للأمة العربية رغم مقدساتها ونُبل الأنحياز لها كقضية عادلة تستحق التضامن والانحياز والدعم، وأن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لم يعد عدوانا ً واستعماراً وعنصرياً وعدواً قومياً ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .
لقد اخترعوا لنا عدواً جديداً من داخلنا بعد أن فرقونا بين سنة وشيعة، ووضعوا الاخوان المسلمين، الذين نختلف معهم، كأعداء يجب استئصالهم من جُوانا، ونسوا أنهم هم الذين كانوا حلفاء للاخوان المسلمين الداعمين لهم ضد تيارات اليسار والقومية والليبرالية، بل وضد كل ما هو وطني محب لوطنه.
التحالف الاستراتيجي ضد قرارات البحر الميت
لم يذهب الأردن وفلسطين الى حفر الباطن، ولن نذهب الى « صيغ التحالف الاستراتيجي» واستحقاقاته، وتجوع المرأةُ ولا تأكل بثديها، لن نقف مع أعداء شعبنا ضد شعبنا، لن نقف ضد الشيعة لأننا سُنة، ولن نقف ضد ايران لأننا عرب، بل تختلف مصالحنا الوطنية والقومية مع ايران ومع تركيا ومع أثيوبيا ولكننا لا نعاديهم ولا مصلحة لنا باستعدائهم، ونتوسل البحث عن القواسم المشتركة مع القوميات والبلاد التي تُجاورنا، وقرار قمة عمان لم يكن مجرد صياغة انشائية ولكنه تعبير عن الفهم الوطني والقومي الذي استضافه وأداره الأردن بصياغته التي وافق عليها قادة العرب في البحر الميت يوم 29/3/2017، ونصها « نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربي بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية وندين المحاولات الرامية الى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار وقواعد العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة « .
الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع قطر ليست موحدة الأهداف، فمصر دوافعها الى ذلك احتضان قطر للاخوان المسلمين وسياسات الجزيرة المشككة بشرعية افرازات ثورة / انقلاب حزيران تموز 2013 ورئيسه السيسي، وليس العداء لايران، وان اختلفوا مع ايران، والقاهرة ليست مع المعارضة السورية المدعومة أميركياً وخليجياً لاسقاط النظام السوري واشتراط رحيل الرئيس بشار الأسد، وهكذا حينما ندقق بالتفاصيل نجد أن الخلافات متعددة والاجتهادات متباينة وحصيلتها المزيد من التمزيق والانحدار والتشتت.
ما نخشاه ان يكون الموقف ضد قطر شبيه بالموقف من العراق ما قبل حرب الخليج، والحصار المفروض عليها شبيه بالحصار الذي استهدف العراق، والحصيلة أن العرب بقدراتهم وتماسكهم يزدادون خسارة وانحداراً وتراجعا بالمفردات الثلاثة : خسارة، خسارة، خسارة، شبيهة لمفردات ترامب ونجاحه التي عبر عنها في الرياض لصالح الولايات المتحدة : وظائف، وظائف، وظائف، وهي نفس المعادلة التي يجري تسويقها في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي : مكاسب، مكاسب ، مكاسب، وحصيلة الوظائف للولايات المتحدة والمكاسب لاسرائيل هي حقاً خسارة، خسارة ، خسارة، للعرب وللمسلمين وللمسيحيين من أمتنا، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني .
لم يكن صدفة الاتصال المباشر والسريع بين عمان والكويت ومسقط وأنقرة والرباط لمحاولة تشكيل محور أو رافعة لامتصاص ردات الفعل، ووقف الانحدار حتى يأذن العقلاء لصوت الحكمة أن يسود، فالابتزاز الذي نجح فيه ترامب وفر للولايات المتحدة شفط المليارات على خلفية عاملين هما : أولاً خشية بعض أهل الخليج لأن يجتاحهم الربيع العربي الذي أطاح بأصدقاء أميركا حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبد الله صالح، والثاني توظيف مطالبات أهالي ضحايا سبتمبر 2001 من الأميركيين، لتحميل العربية السعودية مسؤولية ما اقترفته القاعدة لكون غالبية عناصرها المنفذة من التابعية السعودية، وهكذا حقق ترامب نتائج تهديداته المسبقة منذ أن كان مرشحاً ونال المليارات كتاجر شاطر، وسياسي انتهازي، يعرف كيف يحصل على مراده !.
ابتزاز قطر كما حصل مع السعودية
واليوم سيفعل بقطر ما فعله بالعربية السعودية ويحملها مسؤولية العمليات التي نفذتها الفصائل المسلحة التي تربطها علاقات مع قطر، أو تتلقى مساعدات منها، بدءاً من حماس وانتهاء بالقاعدة ومروراً بحزب الله وحركات جهادية مماثلة، مثلما سيقدم لها الحماية، بعد أن يفرض عليها تغيير سياساتها التي سبق وكانت متفقة فيها مع الولايات المتحدة في عهد أوباما ومع من كان قبله، أو على الأقل مع أجهزتها الأمنية في التعامل مع الفصائل الجهادية بهدف كبح جماحها، أو توظيف دورها، أو توجيهها بما يخدم المصالح المشتركة الأميركية القطرية، كان هذا هو الحال ما بين قطر والبنتاعون وما بين قطر والمخابرات الأميركية، التي تعتمد كثيراً على قواعدها العسكرية والأمنية وشبكات رصدها في قطر، ولذلك لن تسمح قاعدة العديد ومحطة المخابرات الأميركية لأي طرف بالمساس بالأمن القطري أو بالاقتراب من الأراضي القطرية.
الموقف الأردني
لقد لخص الوزير محمد المومني الناطق بلسان الحكومة، الموقف الأردني بقوله «ان تحقيق الأمن والاستقرار الأقليمين، والتقاء الدول العربية على السياسات التي تُنهي أزمات منطقتنا العربية، وتجمع مساعيها على حماية الدولة الوطنية، وبناء مستقبل الأمن من المستنير لشعوبنا أولويات، ستبقى المملكة تبذل أقصى جهدها لتحقيقها « وراهن المومني باسم الحكومة الأردنية على «تجاوز هذه المرحلة المؤسفة، وحل الأزمة على أرضية صلبة، تضمن تعاون جميع الدول العربية، على بناء المستقبل الأفضل لشعوبنا «.
ولهذا سنبقى قابضين على الجمر، ولن ننزاح، ولن نتراجع، فمصيرنا وأمتنا ووحدتنا كأردنيين مرتبط بحال أمتنا العربية، وموقفنا هو التوازن وحفظ ماء الوجه، والحياد الأيجابي الذي يوفر كلمة طيبة وتدخل مقبول حينما تزول موجة الأندفاع غير المنطقية نحو بعضنا بعضاَ، ونحن اذ لا نريد فتح أوراق المحاسبة حيث لا أحد بريئاً من التورط بأفعال لم تكن تستجيب لمصالح بلداننا العربية، وفي طليعتها بلدان الخليج العربي التي تدفع اليوم ثمن سياسات وراهانات وتحالفات الأمس !!.
لقد بعث الملك عبد الله رسالة تعزية للرئيس الايراني بضحايا الهجمات الارهابية التي وقعت يوم الأربعاء 7/6/2017، في مجلس الشورى ومرقد الأمام الخميني، أعرب فيها عن ادانته الشديدة لمثل هذه الأعمال الاجرامية البشعة التي تقوم بها داعش وغيرها من المجموعات الارهابية المتطرفة التي تستهدف الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية، كما عبر وزير الاعلام الأردني الناطق بلسان الحكومة محمد المومني عن « ادانة الأردن للعمل الارهابي أياً كانت أهدافه ومنطلقاته، التي جرت في العاصمة الايرانية، وأكد موقف الأردن الثابت في ادانته للارهاب واستهداف المدنيين وزعزعة استقرار الدول والمجتمعات أياً كانت دوافعه ومبرراته «، ولم يكن ذلك سوى تعبير عن رفضنا للارهاب والتطرف أياً كان مصدره، وأن مواقفنا المتزنة معلنة وهذا مصدر قوتنا كان ولا يزال، وان بحثنا عن أدوات المعالجة بواقعية وطول نفس، مع من نختلف معهم من الجيران أو الأشقاء أو الأصدقاء سياسة ثابتة في الأداء الدبلوماسي الأردني.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
التعليقات