عمان جو - بقلم الباحث الأكاديمي - د.أحمد موسى العودات / أستاذ مشارك
عميد كلية العلوم وتكنولوجيا المعلومات / سابقا
مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة
مقدمة
منذ أن تسلم القائد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم في السابع من شباط من عام 1999 وهو يُولي برنامج الحكومة الإلكترونية الاهتمام الأكبر. والمتابع لخطاب العرش السامي في إفتتاح الدورات البرلمانية وكُتب التكليف للحكومات المتعاقبة يلاحظ اهتمام القائد بضرورة تطبيق الحكومة الإلكترونية والإسراع في إنجاز الخدمات الحكومية إلكترونياً، وذلك ايمانٌ من جلالته بدور الحكومة الإلكترونية في تعزيز مبدأ النزاهة والشفافية ومعالجة الترهل الإداري وتحسين الأداء ونوعية الخدمة المقدمة للمواطن والمستثمر، كما يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق نتائج كبيرة على كافة المستويات، فهو يستجيب لتطلعات المستفيدين من أفراد ومؤسسات إذ يقدم خدمات أفضل بعيدا عن تعقيدات الإجراءات البيروقراطية والروتينية كما أنه يوفر الدخول إلى كافة الخدمات بسهولة ويُسر. ونظراً لأهمية برنامج الحكومة الإلكترونية باعتباره مشروع وطني بامتياز، تقع مسؤولية نجاحه على جميع فئات المجتمع وكلٌّ حسب موقعه ومكانته، فلا بد من مشاركة فعالة من كافة القطاعات ممثلة بالقطاع العام والقطاع الخاص والمواطنين، ولا يمكن الإشارة إلى قطاع دون الآخر عند الحديث عن نجاح هذا البرنامج، في حين يتحمل الجميع المسؤولية عكس ذلك لا قدر الله.
ومنذ تلك الفترة وحتى كتابة هذا المقال تَرَاوحَ تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية بين الفتور تارة والفتور المبالغ فيه تارة أخرى، والمحصلة تعبير المواطنيين يشاطرهم في ذلك المهتمون والمتخصصون بعدم الرضا عن المستوى الذي وصل له برنامج الحكومة الإلكترونية، ولعل تعبير جلالة القائد ورأيه في برنامج الحكومة الإلكترونية أثناء زيارته إلى رئاسة الوزراء يوم الثلاثاء الموافق 14/3/2017 وترؤسه جانبا من جلسة مجلس الوزراء،إذ قال جلالتة: 'إن الوصول إلى الحكومة الإلكترونية أصبح ضرورة، ولم يعد هناك مبررات أو مجال للمماطلة في هذا الشأن'، لهو خير دليل على وصف الحال والذي يتطابق مع الرأي والمزاج العام حول برنامج الحكومة الإلكترونية. وبهذا الصدد سوف أتناول سلسلة مقالات تتحدث عن واقع ومستقبل الحكومة الإلكترونية من شأنها تسريع تطبيق البرنامج، بحيث تتناول السلسلة المراحل الآتية:
1. مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة.
2. مرحلة ألمعوقات والصعوبات.
3. مرحلة خارطة الطريق لتسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية.
وتأتي هذه المراحل استجابة لواقع حال برنامج الحكومة الإلكترونية وما يعانيه من بطء وتلكؤ في التطبيق، كما جاءت هذه المراحل لتضع اليد على الخلل وتقوم بنفس الوقت بمعالجته ووضع الحلول المناسبة له. ويأتي هذا المقال ترجمة للرؤى الملكية تجاه برنامج الحكومة الإلكترونية بحيث يؤطر المقال لنقل ألاهتمام بالبرنامج من قِبل جلالة الملك الى كافة المستويات ألإدارية في السلم الوظيفي، وعلى المعنيين وضع الخطط والبرامج لضمان وصول هذا ألاهتمام إلى كافة العاملين في القطاع العام. وبالتالي فإن غاية المقال خلق حاله من الانسجام بين كافة المستويات ألإدارية حول برنامج الحكومة الإلكترونية وصولاً لأن يُصبح هذا البرنامج قضية الموظف العام وديدنه. كما أن المقال يأتي اسهاماً منا بالمشاركة في وضع حلول بناءه تعود على الوطن والبرنامج بالنفع والفائدة.
مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة
عند الحديث عن مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة فهناك ثلاث مستويات في غاية الأهمية يجب التطرق لها، يتمثل المستوى الأول برعاية ودعم ومتابعة حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ثم ياتي بعد ذلك المستوى الثاني من الرعاية والدعم والمتابعة والمتمثل بأصحاب المعالي السادة الوزراء المعنيين، واخيرا المستوى الثالث والمتمثل بالسادة مديري الدوائر في الوزارات. وجلالة القائد بصفتة رأس الدولة هو الراعي والداعم والمتابع لبرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوطن، وهذه الرعاية وهذا الدعم من لدن جلالة القائد يجب أن يتم استثمارة بشكل إيجابي وسريع من قبل المسؤولين، لغايات تسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، وقد عبر جلالتة بكل وضوح بأنه لم يعد هناك مجالٌ لأية مبررات تمنع من تطبيق هذا البرنامج، كما أكد جلالتة أنه لا يريد مزيدا من المماطلة بمعنى أنه يريد وضع جدول زمني لتقديم الخدمات إلكترونيا للمواطنين، وكل ما تفضل به جلالة القائد ما هو إلا دليل واضح للجميع بأن جلالته يتابع وبالتفصيل كل ما يتم إنجازه على مستوى الخدمات المقدمة إلكترونياً، ولا يكاد يخلو لقاء لجلالة القائد بالمسؤولين إلا ويتطرق ويسأل دائما اين وصل ألانجاز بالبرنامج؟ وهذا الحرص وهذا الإهتمام الدائم دليل على أن البرنامج يحظى بتواجده على اجندة القائد باستمرار، وهنا يبرز السؤال المهم، على من تقع مسؤولية نقل هذا ألاهتمام لكافة العاملين بالقطاع العام؟ ثم يأتي السؤال ألاهم، ماهي الآليات والادوات التي تم إتخاذها لإيصال هذا ألاهتمام للعاملين بالبرنامج؟، وهذا ما دعاني لأن اُعنون هذه السلسلة من المقالات ب 'الحكومة الإلكترونية في عين القائد' تعبيرا عن اهتمام القائد بالحكومة الإلكترونية، ومما تقدم فإن هذه الرعاية وهذا الدعم ضرورة من ضروريات إنجاح برنامج الحكومة الإلكترونية، وبدون وجود هذه الرعاية وهذا الدعم من رأس الدولة سوف يصبح تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية ضربا من الخيال. وبمجرد أن تقوم بزيارة ميدانية واحدة الى أي مكتب من مكاتب الوزارات المنتشرة على مساحة الوطن الحبيب لِترى بِاُم عينك أن ما يُنادي به جلالة الملك بخصوص برنامج الحكومة الإلكترونية بعيد كل البُعد عن الممارسات العملية التي تُمارس في مكاتب الوزارات والدوائر الحكومية.
أما المستوى الثاني من الرعاية والدعم والمتابعة فهو يتمثل بالسادة المسؤولين من أصحاب المعالي والأمناء العامين المعنيين بتطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، ويأتي تشكيل اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية من قِبل مجلس الوزراء استجابة لرعاية ودعم القائد، وهي بالتأكيد خطوة بالاتجاة الصحيح، إذ قرر مجلس الوزراء بعد زيارة جلالة الملك له تشكيل اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية مُكونة من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رئيساً بصفتة مسؤولاً عن البرنامج وتضم في عضويتها كافة الوزراء المعنيين بتنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية. وتشكيل هذه اللجنة من أصحاب المعالي السادة الوزراء يعني وبشكل صريح أن الوزير في وزارته هو الراعي والداعم والمتابع وبالتالي هو المسؤول عن تنفيذ البرنامج في وزارته، وهذا ما أكده صاحب الجلاله خلال هذه الزيارته .وتاكيداً على الإلتزام بتسريع برنامج الحكومة الالكترونية وكمؤشر على الرعاية والدعم والمتابعة فإن هذا البرنامج يجب أن يتصدر جدول أعمال الوزير في وزارته ، وبناءً عليه يتم تشكيل اللجان اللازمة لإنجاح هذا البرنامج ضمن فترات زمنية محددة، من حيث وضع آلية للتوعية و التعريف ببرنامج الحكومة الإلكترونية وأهميته والفوائد المتوقعة من تطبيق هذا البرنامج على الجميع، ولأهمية برنامج الحكومة الإلكترونية والتسريع بتوفير الخدمات الكترونيا أصبح لِزاماً على كل وزارة تشكيل لجنة توجيهية لبرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوزارة تكون رديفة للجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية. و يُعتبر تشكيل هذه اللجنة على مستوى الوزارة دليل عملي من قِبل الوزير على الرعاية والدعم والمتابعة للبرنامج، بحيث تقوم هذه اللجنة بوضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة ببرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوزارة وبما يتناسب مع رؤية ورسالة واهداف الوزارة، سوف يتم الحديث عن هذه اللجنة بالتفصيل في المقال الثالث والذي سيتناول خارطة طريق تسريع برنامج الحكومة الإلكترونية.
فيما تُركز الرعاية والدعم والمتابعة في المستوى الثالث على السادة مديري الدوائر في الوزارة، ويعتبر هذا المستوى ترجمة لكافة الجهود، إذ يتم ترجمة الخطط والاستراتيجيات والبرامج والآليات إلى تطبيقٍ عملي على أرض الواقع،كما تتم المتابعة بشكل حثيث من قِبل المديرين ورؤساء الأقسام، وذلك من خلال التقارير الدورية حول سير العمل والتي يتم رفعها الى اللجنة التوجيهية للحكومة الالكترونية على مستوى الوزارة، والعمل بهذا المستوى والذي يتم من خلال رؤساء الاقسام والموظفين مباشرة، نكون بذلك قد حققنا جزاءً من الاهداف المنشودة من برنامج الحكومة الإلكترونية وهو نشر فكر الحكومة الإلكترونية الى كافة العاملين بالقطاع العام والمساهمة بشكل فعّال في إنجاح هذا البرنامج. لا سيما وأن هذا المستوى يتكون من الشريحة الاكبر من الموظفين الذين يتعاملون ويحتكون مع المواطنين بشكل مباشر، وعليه لا بد من التعامل معهم بكثير من العناية والرعايه وذلك من خلال توفير البرامج التدريبية الخاصة ببرنامج الحكومة الإلكترونية وتأهيلهم وتزويدهم بالدورات اللازمة لذلك.
وبعد استعراض المستويات الثلاث للرعاية والدعم والمتابعة والتي بدأت برأس الدولة رأس الهرم ألاداري وانتهت بقاعدته، الا يحق لقارىء هذا المقال والمهتمين ببرنامج الحكومة الإلكترونية أن يثيروا مجموعة من ألاسئلة تجول في خاطرهم، الا يحق لهم أن يتسائلوا وينتقدوا هذا النهج؟ اليس من حقهم أن يقولوا إن هذا النهج هو نفس النهج المتبع منذُ ستة عشر عام وهو عُمر الحكومة الإلكترونية؟ لجان ثم لجان ثم لجان، وإذا أردت ان تُفشل أي مشروع فما عليك إلا أن تُشكل له لجان، فهل مصير اللجان الحالية كسابقتها؟ ثم الا يُفترض أن يكون الكلام عن الرعاية والدعم والمتابعه من بدهيات و ابجديات العمل في برنامج الحكومة الإلكترونية، ولكن وبسبب عدم الاهتمام بهذه النقطة وتوظيفها واستثمارها كما يجب كان لا بد من طرحها هذه الايام من جديد لإعطاء البرنامج زخماً ودعماً جديدين للسير قُدماً في تسريع تطبيق البرنامج، ولو سار البرنامج كما يجب لما كان هناك داعي لطرح هذه النقطة الآن، وبناءً عليه، ماهي الآليات والخطط الجديدة التي وضعت لاستثمار مرحلة الرعاية والدعم والمتابعه؟ وإذا كان هذا النهج مختلف عن سابقه فما هي ألادلة وما هي الضمانات، حتى لا تمضي ستة عشر عامٍ اخرى؟ ومن سُيقيم المرحلة السابقة (من 1/1/2001 وحتى 14/3/2017) ويستخلص الدروس والعبر؟ ومن سُيغير القناعات السلبية التي تشكلت لدى الجميع عن الحكومة الإلكترونية خلال الفترة السابقة؟ ومن سُيقيم حجم ألاستثمارات في الحكومة الإلكترونية وبالتالي ماهو حجم العوائد منها؟ ثم بعد ذلك نتسائل اين دور القطاع الخاص من هذا البرنامج؟ وإذا كنا ندعي أن برنامج الحكومة الإلكترونية هو برنامج وطني، بمعنى ان القطاعين العام والخاص شركاء في إنجاز هذا المشروع، ومعنى الشراكة الحقيقي يتطلب مشاركة القطاع الخاص في الدراسة والتخطيط والتنفيذ، إلا أن واقع الحال يقول غير ذلك وأن القطاع الخاص مُغيب بالكامل ولم يتم مشاركته لا في المرحلة السابقه ولا في المرحلة الحاليه، فهل هذا مقصود، ومن المسؤول؟ ثم يأتي بعد ذلك السؤال البديهي أين نحن من الحكومة الذكية؟؟ والتي باتت مطلباً في غاية ألاهمية نظراً لما لها من دور في تحسين الخدمات المقدمه لكافة الفئات، فأين نحن منها؟. ولعل هذه الاسئله هي غيض من فيض ، أسئلة واسئلة تدور في أذهان الجميع، مطلوب من وزارة ألاتصالات وتكنولجيا المعلومات بصفتها المسؤولة عن برنامج الحكومة الإلكترونية ألاجابة عن هذه التساؤلات بكل شفافيه ووضوح ووضع المواطنين بصورة ما يجري، ولِتعلم الوزارة أن طرح مثل هذه ألاسئلة إنما هو نابع عن عدم الرضى عن برنامج الحكومة الإلكترونية، وأن مخرجات هذا البرنامج خلال الستة عشر عام لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تُلبي الطموح و لا ترتقى له.
في الختام، نتمنى على القائمين على برنامج الحكومة الإلكترونية التعامل بشفافية ووضوح ووضع الجميع بصورة ما يجري أول بأول وذلك من خلال عقد المؤتمرات الصحفية الدورية لإستعراض ما تم إنجازة فعلياً، وليست مؤتمرات صحفيه للإستعرضات الشكليه وبلا مضمون حقيقي، وعرض ما سيتم إنجازة والذي سيُعتبر خارطة طريق لما سيتم تنفيذه في المرحلة اللاحقه والتي ستكون هي المرتكزات التي ستُقيم لاحقاً، على ان يتم تقييم كل خطوة أول بأول من حيث المُعوقات و المصاعب التي قد تواجه البرنامج ووضع الحلول المناسبة لها، كما نتمنى على القائمين تعزيز التوعية والتعريف بالبرنامج من خلال كافة الوسائل وبالذات وسائل التواصل الاجتماعي كونها صاحبة الفعالية الاكثر هذه الايام أو أية وسيلة اخرى. على أمل اللقاء بكم في المقال القادم والذي سأتناول فيه المُعوقات و المصاعب والمشاكل التي حالت وتَحول دون تسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية.
والله من وراء القصد.
جامعة إربد الأهلية
aodat@yahoo.com
عمان جو - بقلم الباحث الأكاديمي - د.أحمد موسى العودات / أستاذ مشارك
عميد كلية العلوم وتكنولوجيا المعلومات / سابقا
مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة
مقدمة
منذ أن تسلم القائد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم في السابع من شباط من عام 1999 وهو يُولي برنامج الحكومة الإلكترونية الاهتمام الأكبر. والمتابع لخطاب العرش السامي في إفتتاح الدورات البرلمانية وكُتب التكليف للحكومات المتعاقبة يلاحظ اهتمام القائد بضرورة تطبيق الحكومة الإلكترونية والإسراع في إنجاز الخدمات الحكومية إلكترونياً، وذلك ايمانٌ من جلالته بدور الحكومة الإلكترونية في تعزيز مبدأ النزاهة والشفافية ومعالجة الترهل الإداري وتحسين الأداء ونوعية الخدمة المقدمة للمواطن والمستثمر، كما يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق نتائج كبيرة على كافة المستويات، فهو يستجيب لتطلعات المستفيدين من أفراد ومؤسسات إذ يقدم خدمات أفضل بعيدا عن تعقيدات الإجراءات البيروقراطية والروتينية كما أنه يوفر الدخول إلى كافة الخدمات بسهولة ويُسر. ونظراً لأهمية برنامج الحكومة الإلكترونية باعتباره مشروع وطني بامتياز، تقع مسؤولية نجاحه على جميع فئات المجتمع وكلٌّ حسب موقعه ومكانته، فلا بد من مشاركة فعالة من كافة القطاعات ممثلة بالقطاع العام والقطاع الخاص والمواطنين، ولا يمكن الإشارة إلى قطاع دون الآخر عند الحديث عن نجاح هذا البرنامج، في حين يتحمل الجميع المسؤولية عكس ذلك لا قدر الله.
ومنذ تلك الفترة وحتى كتابة هذا المقال تَرَاوحَ تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية بين الفتور تارة والفتور المبالغ فيه تارة أخرى، والمحصلة تعبير المواطنيين يشاطرهم في ذلك المهتمون والمتخصصون بعدم الرضا عن المستوى الذي وصل له برنامج الحكومة الإلكترونية، ولعل تعبير جلالة القائد ورأيه في برنامج الحكومة الإلكترونية أثناء زيارته إلى رئاسة الوزراء يوم الثلاثاء الموافق 14/3/2017 وترؤسه جانبا من جلسة مجلس الوزراء،إذ قال جلالتة: 'إن الوصول إلى الحكومة الإلكترونية أصبح ضرورة، ولم يعد هناك مبررات أو مجال للمماطلة في هذا الشأن'، لهو خير دليل على وصف الحال والذي يتطابق مع الرأي والمزاج العام حول برنامج الحكومة الإلكترونية. وبهذا الصدد سوف أتناول سلسلة مقالات تتحدث عن واقع ومستقبل الحكومة الإلكترونية من شأنها تسريع تطبيق البرنامج، بحيث تتناول السلسلة المراحل الآتية:
1. مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة.
2. مرحلة ألمعوقات والصعوبات.
3. مرحلة خارطة الطريق لتسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية.
وتأتي هذه المراحل استجابة لواقع حال برنامج الحكومة الإلكترونية وما يعانيه من بطء وتلكؤ في التطبيق، كما جاءت هذه المراحل لتضع اليد على الخلل وتقوم بنفس الوقت بمعالجته ووضع الحلول المناسبة له. ويأتي هذا المقال ترجمة للرؤى الملكية تجاه برنامج الحكومة الإلكترونية بحيث يؤطر المقال لنقل ألاهتمام بالبرنامج من قِبل جلالة الملك الى كافة المستويات ألإدارية في السلم الوظيفي، وعلى المعنيين وضع الخطط والبرامج لضمان وصول هذا ألاهتمام إلى كافة العاملين في القطاع العام. وبالتالي فإن غاية المقال خلق حاله من الانسجام بين كافة المستويات ألإدارية حول برنامج الحكومة الإلكترونية وصولاً لأن يُصبح هذا البرنامج قضية الموظف العام وديدنه. كما أن المقال يأتي اسهاماً منا بالمشاركة في وضع حلول بناءه تعود على الوطن والبرنامج بالنفع والفائدة.
مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة
عند الحديث عن مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة فهناك ثلاث مستويات في غاية الأهمية يجب التطرق لها، يتمثل المستوى الأول برعاية ودعم ومتابعة حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ثم ياتي بعد ذلك المستوى الثاني من الرعاية والدعم والمتابعة والمتمثل بأصحاب المعالي السادة الوزراء المعنيين، واخيرا المستوى الثالث والمتمثل بالسادة مديري الدوائر في الوزارات. وجلالة القائد بصفتة رأس الدولة هو الراعي والداعم والمتابع لبرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوطن، وهذه الرعاية وهذا الدعم من لدن جلالة القائد يجب أن يتم استثمارة بشكل إيجابي وسريع من قبل المسؤولين، لغايات تسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، وقد عبر جلالتة بكل وضوح بأنه لم يعد هناك مجالٌ لأية مبررات تمنع من تطبيق هذا البرنامج، كما أكد جلالتة أنه لا يريد مزيدا من المماطلة بمعنى أنه يريد وضع جدول زمني لتقديم الخدمات إلكترونيا للمواطنين، وكل ما تفضل به جلالة القائد ما هو إلا دليل واضح للجميع بأن جلالته يتابع وبالتفصيل كل ما يتم إنجازه على مستوى الخدمات المقدمة إلكترونياً، ولا يكاد يخلو لقاء لجلالة القائد بالمسؤولين إلا ويتطرق ويسأل دائما اين وصل ألانجاز بالبرنامج؟ وهذا الحرص وهذا الإهتمام الدائم دليل على أن البرنامج يحظى بتواجده على اجندة القائد باستمرار، وهنا يبرز السؤال المهم، على من تقع مسؤولية نقل هذا ألاهتمام لكافة العاملين بالقطاع العام؟ ثم يأتي السؤال ألاهم، ماهي الآليات والادوات التي تم إتخاذها لإيصال هذا ألاهتمام للعاملين بالبرنامج؟، وهذا ما دعاني لأن اُعنون هذه السلسلة من المقالات ب 'الحكومة الإلكترونية في عين القائد' تعبيرا عن اهتمام القائد بالحكومة الإلكترونية، ومما تقدم فإن هذه الرعاية وهذا الدعم ضرورة من ضروريات إنجاح برنامج الحكومة الإلكترونية، وبدون وجود هذه الرعاية وهذا الدعم من رأس الدولة سوف يصبح تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية ضربا من الخيال. وبمجرد أن تقوم بزيارة ميدانية واحدة الى أي مكتب من مكاتب الوزارات المنتشرة على مساحة الوطن الحبيب لِترى بِاُم عينك أن ما يُنادي به جلالة الملك بخصوص برنامج الحكومة الإلكترونية بعيد كل البُعد عن الممارسات العملية التي تُمارس في مكاتب الوزارات والدوائر الحكومية.
أما المستوى الثاني من الرعاية والدعم والمتابعة فهو يتمثل بالسادة المسؤولين من أصحاب المعالي والأمناء العامين المعنيين بتطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، ويأتي تشكيل اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية من قِبل مجلس الوزراء استجابة لرعاية ودعم القائد، وهي بالتأكيد خطوة بالاتجاة الصحيح، إذ قرر مجلس الوزراء بعد زيارة جلالة الملك له تشكيل اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية مُكونة من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رئيساً بصفتة مسؤولاً عن البرنامج وتضم في عضويتها كافة الوزراء المعنيين بتنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية. وتشكيل هذه اللجنة من أصحاب المعالي السادة الوزراء يعني وبشكل صريح أن الوزير في وزارته هو الراعي والداعم والمتابع وبالتالي هو المسؤول عن تنفيذ البرنامج في وزارته، وهذا ما أكده صاحب الجلاله خلال هذه الزيارته .وتاكيداً على الإلتزام بتسريع برنامج الحكومة الالكترونية وكمؤشر على الرعاية والدعم والمتابعة فإن هذا البرنامج يجب أن يتصدر جدول أعمال الوزير في وزارته ، وبناءً عليه يتم تشكيل اللجان اللازمة لإنجاح هذا البرنامج ضمن فترات زمنية محددة، من حيث وضع آلية للتوعية و التعريف ببرنامج الحكومة الإلكترونية وأهميته والفوائد المتوقعة من تطبيق هذا البرنامج على الجميع، ولأهمية برنامج الحكومة الإلكترونية والتسريع بتوفير الخدمات الكترونيا أصبح لِزاماً على كل وزارة تشكيل لجنة توجيهية لبرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوزارة تكون رديفة للجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية. و يُعتبر تشكيل هذه اللجنة على مستوى الوزارة دليل عملي من قِبل الوزير على الرعاية والدعم والمتابعة للبرنامج، بحيث تقوم هذه اللجنة بوضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة ببرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوزارة وبما يتناسب مع رؤية ورسالة واهداف الوزارة، سوف يتم الحديث عن هذه اللجنة بالتفصيل في المقال الثالث والذي سيتناول خارطة طريق تسريع برنامج الحكومة الإلكترونية.
فيما تُركز الرعاية والدعم والمتابعة في المستوى الثالث على السادة مديري الدوائر في الوزارة، ويعتبر هذا المستوى ترجمة لكافة الجهود، إذ يتم ترجمة الخطط والاستراتيجيات والبرامج والآليات إلى تطبيقٍ عملي على أرض الواقع،كما تتم المتابعة بشكل حثيث من قِبل المديرين ورؤساء الأقسام، وذلك من خلال التقارير الدورية حول سير العمل والتي يتم رفعها الى اللجنة التوجيهية للحكومة الالكترونية على مستوى الوزارة، والعمل بهذا المستوى والذي يتم من خلال رؤساء الاقسام والموظفين مباشرة، نكون بذلك قد حققنا جزاءً من الاهداف المنشودة من برنامج الحكومة الإلكترونية وهو نشر فكر الحكومة الإلكترونية الى كافة العاملين بالقطاع العام والمساهمة بشكل فعّال في إنجاح هذا البرنامج. لا سيما وأن هذا المستوى يتكون من الشريحة الاكبر من الموظفين الذين يتعاملون ويحتكون مع المواطنين بشكل مباشر، وعليه لا بد من التعامل معهم بكثير من العناية والرعايه وذلك من خلال توفير البرامج التدريبية الخاصة ببرنامج الحكومة الإلكترونية وتأهيلهم وتزويدهم بالدورات اللازمة لذلك.
وبعد استعراض المستويات الثلاث للرعاية والدعم والمتابعة والتي بدأت برأس الدولة رأس الهرم ألاداري وانتهت بقاعدته، الا يحق لقارىء هذا المقال والمهتمين ببرنامج الحكومة الإلكترونية أن يثيروا مجموعة من ألاسئلة تجول في خاطرهم، الا يحق لهم أن يتسائلوا وينتقدوا هذا النهج؟ اليس من حقهم أن يقولوا إن هذا النهج هو نفس النهج المتبع منذُ ستة عشر عام وهو عُمر الحكومة الإلكترونية؟ لجان ثم لجان ثم لجان، وإذا أردت ان تُفشل أي مشروع فما عليك إلا أن تُشكل له لجان، فهل مصير اللجان الحالية كسابقتها؟ ثم الا يُفترض أن يكون الكلام عن الرعاية والدعم والمتابعه من بدهيات و ابجديات العمل في برنامج الحكومة الإلكترونية، ولكن وبسبب عدم الاهتمام بهذه النقطة وتوظيفها واستثمارها كما يجب كان لا بد من طرحها هذه الايام من جديد لإعطاء البرنامج زخماً ودعماً جديدين للسير قُدماً في تسريع تطبيق البرنامج، ولو سار البرنامج كما يجب لما كان هناك داعي لطرح هذه النقطة الآن، وبناءً عليه، ماهي الآليات والخطط الجديدة التي وضعت لاستثمار مرحلة الرعاية والدعم والمتابعه؟ وإذا كان هذا النهج مختلف عن سابقه فما هي ألادلة وما هي الضمانات، حتى لا تمضي ستة عشر عامٍ اخرى؟ ومن سُيقيم المرحلة السابقة (من 1/1/2001 وحتى 14/3/2017) ويستخلص الدروس والعبر؟ ومن سُيغير القناعات السلبية التي تشكلت لدى الجميع عن الحكومة الإلكترونية خلال الفترة السابقة؟ ومن سُيقيم حجم ألاستثمارات في الحكومة الإلكترونية وبالتالي ماهو حجم العوائد منها؟ ثم بعد ذلك نتسائل اين دور القطاع الخاص من هذا البرنامج؟ وإذا كنا ندعي أن برنامج الحكومة الإلكترونية هو برنامج وطني، بمعنى ان القطاعين العام والخاص شركاء في إنجاز هذا المشروع، ومعنى الشراكة الحقيقي يتطلب مشاركة القطاع الخاص في الدراسة والتخطيط والتنفيذ، إلا أن واقع الحال يقول غير ذلك وأن القطاع الخاص مُغيب بالكامل ولم يتم مشاركته لا في المرحلة السابقه ولا في المرحلة الحاليه، فهل هذا مقصود، ومن المسؤول؟ ثم يأتي بعد ذلك السؤال البديهي أين نحن من الحكومة الذكية؟؟ والتي باتت مطلباً في غاية ألاهمية نظراً لما لها من دور في تحسين الخدمات المقدمه لكافة الفئات، فأين نحن منها؟. ولعل هذه الاسئله هي غيض من فيض ، أسئلة واسئلة تدور في أذهان الجميع، مطلوب من وزارة ألاتصالات وتكنولجيا المعلومات بصفتها المسؤولة عن برنامج الحكومة الإلكترونية ألاجابة عن هذه التساؤلات بكل شفافيه ووضوح ووضع المواطنين بصورة ما يجري، ولِتعلم الوزارة أن طرح مثل هذه ألاسئلة إنما هو نابع عن عدم الرضى عن برنامج الحكومة الإلكترونية، وأن مخرجات هذا البرنامج خلال الستة عشر عام لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تُلبي الطموح و لا ترتقى له.
في الختام، نتمنى على القائمين على برنامج الحكومة الإلكترونية التعامل بشفافية ووضوح ووضع الجميع بصورة ما يجري أول بأول وذلك من خلال عقد المؤتمرات الصحفية الدورية لإستعراض ما تم إنجازة فعلياً، وليست مؤتمرات صحفيه للإستعرضات الشكليه وبلا مضمون حقيقي، وعرض ما سيتم إنجازة والذي سيُعتبر خارطة طريق لما سيتم تنفيذه في المرحلة اللاحقه والتي ستكون هي المرتكزات التي ستُقيم لاحقاً، على ان يتم تقييم كل خطوة أول بأول من حيث المُعوقات و المصاعب التي قد تواجه البرنامج ووضع الحلول المناسبة لها، كما نتمنى على القائمين تعزيز التوعية والتعريف بالبرنامج من خلال كافة الوسائل وبالذات وسائل التواصل الاجتماعي كونها صاحبة الفعالية الاكثر هذه الايام أو أية وسيلة اخرى. على أمل اللقاء بكم في المقال القادم والذي سأتناول فيه المُعوقات و المصاعب والمشاكل التي حالت وتَحول دون تسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية.
والله من وراء القصد.
جامعة إربد الأهلية
aodat@yahoo.com
عمان جو - بقلم الباحث الأكاديمي - د.أحمد موسى العودات / أستاذ مشارك
عميد كلية العلوم وتكنولوجيا المعلومات / سابقا
مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة
مقدمة
منذ أن تسلم القائد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم في السابع من شباط من عام 1999 وهو يُولي برنامج الحكومة الإلكترونية الاهتمام الأكبر. والمتابع لخطاب العرش السامي في إفتتاح الدورات البرلمانية وكُتب التكليف للحكومات المتعاقبة يلاحظ اهتمام القائد بضرورة تطبيق الحكومة الإلكترونية والإسراع في إنجاز الخدمات الحكومية إلكترونياً، وذلك ايمانٌ من جلالته بدور الحكومة الإلكترونية في تعزيز مبدأ النزاهة والشفافية ومعالجة الترهل الإداري وتحسين الأداء ونوعية الخدمة المقدمة للمواطن والمستثمر، كما يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق نتائج كبيرة على كافة المستويات، فهو يستجيب لتطلعات المستفيدين من أفراد ومؤسسات إذ يقدم خدمات أفضل بعيدا عن تعقيدات الإجراءات البيروقراطية والروتينية كما أنه يوفر الدخول إلى كافة الخدمات بسهولة ويُسر. ونظراً لأهمية برنامج الحكومة الإلكترونية باعتباره مشروع وطني بامتياز، تقع مسؤولية نجاحه على جميع فئات المجتمع وكلٌّ حسب موقعه ومكانته، فلا بد من مشاركة فعالة من كافة القطاعات ممثلة بالقطاع العام والقطاع الخاص والمواطنين، ولا يمكن الإشارة إلى قطاع دون الآخر عند الحديث عن نجاح هذا البرنامج، في حين يتحمل الجميع المسؤولية عكس ذلك لا قدر الله.
ومنذ تلك الفترة وحتى كتابة هذا المقال تَرَاوحَ تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية بين الفتور تارة والفتور المبالغ فيه تارة أخرى، والمحصلة تعبير المواطنيين يشاطرهم في ذلك المهتمون والمتخصصون بعدم الرضا عن المستوى الذي وصل له برنامج الحكومة الإلكترونية، ولعل تعبير جلالة القائد ورأيه في برنامج الحكومة الإلكترونية أثناء زيارته إلى رئاسة الوزراء يوم الثلاثاء الموافق 14/3/2017 وترؤسه جانبا من جلسة مجلس الوزراء،إذ قال جلالتة: 'إن الوصول إلى الحكومة الإلكترونية أصبح ضرورة، ولم يعد هناك مبررات أو مجال للمماطلة في هذا الشأن'، لهو خير دليل على وصف الحال والذي يتطابق مع الرأي والمزاج العام حول برنامج الحكومة الإلكترونية. وبهذا الصدد سوف أتناول سلسلة مقالات تتحدث عن واقع ومستقبل الحكومة الإلكترونية من شأنها تسريع تطبيق البرنامج، بحيث تتناول السلسلة المراحل الآتية:
1. مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة.
2. مرحلة ألمعوقات والصعوبات.
3. مرحلة خارطة الطريق لتسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية.
وتأتي هذه المراحل استجابة لواقع حال برنامج الحكومة الإلكترونية وما يعانيه من بطء وتلكؤ في التطبيق، كما جاءت هذه المراحل لتضع اليد على الخلل وتقوم بنفس الوقت بمعالجته ووضع الحلول المناسبة له. ويأتي هذا المقال ترجمة للرؤى الملكية تجاه برنامج الحكومة الإلكترونية بحيث يؤطر المقال لنقل ألاهتمام بالبرنامج من قِبل جلالة الملك الى كافة المستويات ألإدارية في السلم الوظيفي، وعلى المعنيين وضع الخطط والبرامج لضمان وصول هذا ألاهتمام إلى كافة العاملين في القطاع العام. وبالتالي فإن غاية المقال خلق حاله من الانسجام بين كافة المستويات ألإدارية حول برنامج الحكومة الإلكترونية وصولاً لأن يُصبح هذا البرنامج قضية الموظف العام وديدنه. كما أن المقال يأتي اسهاماً منا بالمشاركة في وضع حلول بناءه تعود على الوطن والبرنامج بالنفع والفائدة.
مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة
عند الحديث عن مرحلة الرعاية والدعم والمتابعة فهناك ثلاث مستويات في غاية الأهمية يجب التطرق لها، يتمثل المستوى الأول برعاية ودعم ومتابعة حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ثم ياتي بعد ذلك المستوى الثاني من الرعاية والدعم والمتابعة والمتمثل بأصحاب المعالي السادة الوزراء المعنيين، واخيرا المستوى الثالث والمتمثل بالسادة مديري الدوائر في الوزارات. وجلالة القائد بصفتة رأس الدولة هو الراعي والداعم والمتابع لبرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوطن، وهذه الرعاية وهذا الدعم من لدن جلالة القائد يجب أن يتم استثمارة بشكل إيجابي وسريع من قبل المسؤولين، لغايات تسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، وقد عبر جلالتة بكل وضوح بأنه لم يعد هناك مجالٌ لأية مبررات تمنع من تطبيق هذا البرنامج، كما أكد جلالتة أنه لا يريد مزيدا من المماطلة بمعنى أنه يريد وضع جدول زمني لتقديم الخدمات إلكترونيا للمواطنين، وكل ما تفضل به جلالة القائد ما هو إلا دليل واضح للجميع بأن جلالته يتابع وبالتفصيل كل ما يتم إنجازه على مستوى الخدمات المقدمة إلكترونياً، ولا يكاد يخلو لقاء لجلالة القائد بالمسؤولين إلا ويتطرق ويسأل دائما اين وصل ألانجاز بالبرنامج؟ وهذا الحرص وهذا الإهتمام الدائم دليل على أن البرنامج يحظى بتواجده على اجندة القائد باستمرار، وهنا يبرز السؤال المهم، على من تقع مسؤولية نقل هذا ألاهتمام لكافة العاملين بالقطاع العام؟ ثم يأتي السؤال ألاهم، ماهي الآليات والادوات التي تم إتخاذها لإيصال هذا ألاهتمام للعاملين بالبرنامج؟، وهذا ما دعاني لأن اُعنون هذه السلسلة من المقالات ب 'الحكومة الإلكترونية في عين القائد' تعبيرا عن اهتمام القائد بالحكومة الإلكترونية، ومما تقدم فإن هذه الرعاية وهذا الدعم ضرورة من ضروريات إنجاح برنامج الحكومة الإلكترونية، وبدون وجود هذه الرعاية وهذا الدعم من رأس الدولة سوف يصبح تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية ضربا من الخيال. وبمجرد أن تقوم بزيارة ميدانية واحدة الى أي مكتب من مكاتب الوزارات المنتشرة على مساحة الوطن الحبيب لِترى بِاُم عينك أن ما يُنادي به جلالة الملك بخصوص برنامج الحكومة الإلكترونية بعيد كل البُعد عن الممارسات العملية التي تُمارس في مكاتب الوزارات والدوائر الحكومية.
أما المستوى الثاني من الرعاية والدعم والمتابعة فهو يتمثل بالسادة المسؤولين من أصحاب المعالي والأمناء العامين المعنيين بتطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، ويأتي تشكيل اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية من قِبل مجلس الوزراء استجابة لرعاية ودعم القائد، وهي بالتأكيد خطوة بالاتجاة الصحيح، إذ قرر مجلس الوزراء بعد زيارة جلالة الملك له تشكيل اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية مُكونة من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رئيساً بصفتة مسؤولاً عن البرنامج وتضم في عضويتها كافة الوزراء المعنيين بتنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية. وتشكيل هذه اللجنة من أصحاب المعالي السادة الوزراء يعني وبشكل صريح أن الوزير في وزارته هو الراعي والداعم والمتابع وبالتالي هو المسؤول عن تنفيذ البرنامج في وزارته، وهذا ما أكده صاحب الجلاله خلال هذه الزيارته .وتاكيداً على الإلتزام بتسريع برنامج الحكومة الالكترونية وكمؤشر على الرعاية والدعم والمتابعة فإن هذا البرنامج يجب أن يتصدر جدول أعمال الوزير في وزارته ، وبناءً عليه يتم تشكيل اللجان اللازمة لإنجاح هذا البرنامج ضمن فترات زمنية محددة، من حيث وضع آلية للتوعية و التعريف ببرنامج الحكومة الإلكترونية وأهميته والفوائد المتوقعة من تطبيق هذا البرنامج على الجميع، ولأهمية برنامج الحكومة الإلكترونية والتسريع بتوفير الخدمات الكترونيا أصبح لِزاماً على كل وزارة تشكيل لجنة توجيهية لبرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوزارة تكون رديفة للجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية. و يُعتبر تشكيل هذه اللجنة على مستوى الوزارة دليل عملي من قِبل الوزير على الرعاية والدعم والمتابعة للبرنامج، بحيث تقوم هذه اللجنة بوضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة ببرنامج الحكومة الإلكترونية على مستوى الوزارة وبما يتناسب مع رؤية ورسالة واهداف الوزارة، سوف يتم الحديث عن هذه اللجنة بالتفصيل في المقال الثالث والذي سيتناول خارطة طريق تسريع برنامج الحكومة الإلكترونية.
فيما تُركز الرعاية والدعم والمتابعة في المستوى الثالث على السادة مديري الدوائر في الوزارة، ويعتبر هذا المستوى ترجمة لكافة الجهود، إذ يتم ترجمة الخطط والاستراتيجيات والبرامج والآليات إلى تطبيقٍ عملي على أرض الواقع،كما تتم المتابعة بشكل حثيث من قِبل المديرين ورؤساء الأقسام، وذلك من خلال التقارير الدورية حول سير العمل والتي يتم رفعها الى اللجنة التوجيهية للحكومة الالكترونية على مستوى الوزارة، والعمل بهذا المستوى والذي يتم من خلال رؤساء الاقسام والموظفين مباشرة، نكون بذلك قد حققنا جزاءً من الاهداف المنشودة من برنامج الحكومة الإلكترونية وهو نشر فكر الحكومة الإلكترونية الى كافة العاملين بالقطاع العام والمساهمة بشكل فعّال في إنجاح هذا البرنامج. لا سيما وأن هذا المستوى يتكون من الشريحة الاكبر من الموظفين الذين يتعاملون ويحتكون مع المواطنين بشكل مباشر، وعليه لا بد من التعامل معهم بكثير من العناية والرعايه وذلك من خلال توفير البرامج التدريبية الخاصة ببرنامج الحكومة الإلكترونية وتأهيلهم وتزويدهم بالدورات اللازمة لذلك.
وبعد استعراض المستويات الثلاث للرعاية والدعم والمتابعة والتي بدأت برأس الدولة رأس الهرم ألاداري وانتهت بقاعدته، الا يحق لقارىء هذا المقال والمهتمين ببرنامج الحكومة الإلكترونية أن يثيروا مجموعة من ألاسئلة تجول في خاطرهم، الا يحق لهم أن يتسائلوا وينتقدوا هذا النهج؟ اليس من حقهم أن يقولوا إن هذا النهج هو نفس النهج المتبع منذُ ستة عشر عام وهو عُمر الحكومة الإلكترونية؟ لجان ثم لجان ثم لجان، وإذا أردت ان تُفشل أي مشروع فما عليك إلا أن تُشكل له لجان، فهل مصير اللجان الحالية كسابقتها؟ ثم الا يُفترض أن يكون الكلام عن الرعاية والدعم والمتابعه من بدهيات و ابجديات العمل في برنامج الحكومة الإلكترونية، ولكن وبسبب عدم الاهتمام بهذه النقطة وتوظيفها واستثمارها كما يجب كان لا بد من طرحها هذه الايام من جديد لإعطاء البرنامج زخماً ودعماً جديدين للسير قُدماً في تسريع تطبيق البرنامج، ولو سار البرنامج كما يجب لما كان هناك داعي لطرح هذه النقطة الآن، وبناءً عليه، ماهي الآليات والخطط الجديدة التي وضعت لاستثمار مرحلة الرعاية والدعم والمتابعه؟ وإذا كان هذا النهج مختلف عن سابقه فما هي ألادلة وما هي الضمانات، حتى لا تمضي ستة عشر عامٍ اخرى؟ ومن سُيقيم المرحلة السابقة (من 1/1/2001 وحتى 14/3/2017) ويستخلص الدروس والعبر؟ ومن سُيغير القناعات السلبية التي تشكلت لدى الجميع عن الحكومة الإلكترونية خلال الفترة السابقة؟ ومن سُيقيم حجم ألاستثمارات في الحكومة الإلكترونية وبالتالي ماهو حجم العوائد منها؟ ثم بعد ذلك نتسائل اين دور القطاع الخاص من هذا البرنامج؟ وإذا كنا ندعي أن برنامج الحكومة الإلكترونية هو برنامج وطني، بمعنى ان القطاعين العام والخاص شركاء في إنجاز هذا المشروع، ومعنى الشراكة الحقيقي يتطلب مشاركة القطاع الخاص في الدراسة والتخطيط والتنفيذ، إلا أن واقع الحال يقول غير ذلك وأن القطاع الخاص مُغيب بالكامل ولم يتم مشاركته لا في المرحلة السابقه ولا في المرحلة الحاليه، فهل هذا مقصود، ومن المسؤول؟ ثم يأتي بعد ذلك السؤال البديهي أين نحن من الحكومة الذكية؟؟ والتي باتت مطلباً في غاية ألاهمية نظراً لما لها من دور في تحسين الخدمات المقدمه لكافة الفئات، فأين نحن منها؟. ولعل هذه الاسئله هي غيض من فيض ، أسئلة واسئلة تدور في أذهان الجميع، مطلوب من وزارة ألاتصالات وتكنولجيا المعلومات بصفتها المسؤولة عن برنامج الحكومة الإلكترونية ألاجابة عن هذه التساؤلات بكل شفافيه ووضوح ووضع المواطنين بصورة ما يجري، ولِتعلم الوزارة أن طرح مثل هذه ألاسئلة إنما هو نابع عن عدم الرضى عن برنامج الحكومة الإلكترونية، وأن مخرجات هذا البرنامج خلال الستة عشر عام لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تُلبي الطموح و لا ترتقى له.
في الختام، نتمنى على القائمين على برنامج الحكومة الإلكترونية التعامل بشفافية ووضوح ووضع الجميع بصورة ما يجري أول بأول وذلك من خلال عقد المؤتمرات الصحفية الدورية لإستعراض ما تم إنجازة فعلياً، وليست مؤتمرات صحفيه للإستعرضات الشكليه وبلا مضمون حقيقي، وعرض ما سيتم إنجازة والذي سيُعتبر خارطة طريق لما سيتم تنفيذه في المرحلة اللاحقه والتي ستكون هي المرتكزات التي ستُقيم لاحقاً، على ان يتم تقييم كل خطوة أول بأول من حيث المُعوقات و المصاعب التي قد تواجه البرنامج ووضع الحلول المناسبة لها، كما نتمنى على القائمين تعزيز التوعية والتعريف بالبرنامج من خلال كافة الوسائل وبالذات وسائل التواصل الاجتماعي كونها صاحبة الفعالية الاكثر هذه الايام أو أية وسيلة اخرى. على أمل اللقاء بكم في المقال القادم والذي سأتناول فيه المُعوقات و المصاعب والمشاكل التي حالت وتَحول دون تسريع تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية.
والله من وراء القصد.
جامعة إربد الأهلية
aodat@yahoo.com
التعليقات