عمان جو - الانشغال أردنياً على المستوى النخبوي والشعبي والإعلامي بمحاولة فهم مبرر مغادرة وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد فجأة للحكومة بتعديل الحقيبتين الأخير لم يعد له ما يبرره، ليس فقط لأن الجميع في البلاد «صفّق» لأداء الرجل خلال الأشهر القليلة التي تربع فيها على كرسي الوزارة السيادية الأولى، ولكن أيضاً لأن القناعة شبه مكرسة بأن البلاد يمكن أن يحصل فيها أي شيء عندما يتعلق الأمر باستبدال أدوات الحكم ورموز الإدارة بدون سبب واضح.
والأهم لأن خصوم رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور يسجلون له الذكاء الميداني والقدرة على الإفلات في اللحظات الحاسمة من كل المطبات التي يحاول آخرون زرعها في طريق وزارته على الأقل حتى أمس الأول الثلاثاء.
الوزير المستقيل أو المقال سلامة حماد كان قد تسلم حقيبة الداخلية أصلاً منذ أشهر عدة فقط، وخلال أسابيع قليلة برز كقوة مركزية مدعومة وبقوة وقادرة على الفعل والتغيير في معادلة الواقع الأمني بطريقة يقدّرها الجميع.
بعد أيام فقط من تسلمه الوزارة نجح حماد وبصورة لافتة في التعاطي بصورة ديناميكية مع الوضع الأمني المتردي في مدينة معان جنوبي البلاد، وهو الوضع الذي قيل علناً بأن سلفه الجنرال حسين المجالي قد غادر وظيفته بسببه.
لاحقاً وبعد أقل من أسبوعين لوحظ بأن الوزير حماد يشكّل «مركز ثقل» وهو يحضر سلسلة من «الاجتماعات والمناسبات» بين الملك عبد الله الثاني وممثلي ووجهاء المحافظات، فيما يتقدم الصفوف بدون حضور رئيس الوزراء نفسه للكثير من هذه المقابلات المباشرة.
بطبيعة الحال لا يقبل أي رئيس حكومة تشكل مركز ثقل لأي من أفراد الطاقم في فريقه، لذلك كان واضحاً أن الوزير حماد في اتجاه يخالف اتجاهات بوصلة رئيس الحكومة في الكثير من المعطيات خصوصاً عندما تعلق الأمر ببعض التشريعات وتفصيلات العمل البرلماني.
تحت قبة البرلمان وفي مكتب رئيس المجلس عاطف طراونة «خالف» الوزير حماد علناً توجهات رئيسه في أحد التشريعات، فكانت تلك الإشارة الأولى على أن الكيمياء غير فعالة بين الرئيس المخضرم والوزير القوي الداخل بصورة طازجة للحكومة بصيغة العابر لها.
النخبة السياسية كانت ترصد الاتجاهات المعاكسة والمتعاكسة بين وزير الداخلية ورئيس الحكومة في صورة لم يسبق لها الصمود في الحالة الأردنية، خصوصاً وأن أي قرار من أي نوع لا ينفذ دستوريا إلا بتوقيع الرجلين عليه وهو الوضع الذي يجعل وزير الداخلية في مركز قوة أصلاً في الأردن.
خلال فترة إدارته القصيرة نسبياً للداخلية التقت «القدس العربي» الوزير حماد ثلاث مرات بصورة مغلقة ومنفردة، وتلمست مباشرة منه إقراره بأن علاقاته واتصالاته مع رئيس الوزراء «ليست مريحة» وقابلة للانفجار في أي وقت.
في اللقاء الثالث والأخير قبل تصويت الوزير حماد لصالح المشروع السعودي في اجتماعات وزراء الداخلية العرب ضد «حزب الله» اللبناني كان الرجل فخوراً بما أنجزه في مدينة معان تحديداً عندما عرض أمام «القدس العربي» شريط الفيديو الذي يظهر متنمرين ومتمردين على الدولة وهم «يهتفون باسم جلالة الملك» بعد تصرف حكيم من الوزير تخلله تقديم هدايا باسم القصر للمعنيين.
الوزير حماد أقر بأن رئيس الحكومة لا يشاوره كثيراً، وألمح الى أن أجندة عمله مرتبة مع بقية أجهزة الدولة. واستعرض الجهود الجبارة التي دعمها شخصياً لتقليص عدد قائمة «المطلوبين الخطرين جداً» بحيث أصبحت وخلال فترة عمله فقط تضم 42 اسماً من أعتى المجرمين ومروعي المجتمع المسلحين بعدما كانت تضم 280 شخصاً على الأقل.
تحدث حماد مراراً وتكراراً عن استعادة هيبة الدولة، وعن ضرورة «تنظيف» بعض مظاهر الفساد الإداري في المؤسسات التابعة لوزارته وعن مشكلة تكلس وضعف الحكام الإداريين وحاجة الوزارة لعملية تطوير سريعة.
في ملف «أبناء الأردنيات» كان الوزير حماد متفاعلاً مع لجنة المبادرة البرلمانية، وفي مسألة الإخوان المسلمين لم يكن متحمساً جداً لمواجهتهم واستهدافهم بل استقبل مرتين على الأقل رموزهم في مكتبه وهي نقطة ينبغي التحوط لها عند محاولة فهم أسباب ومبررات مغادرة الوزير حماد.
تحدث الرجل مع «القدس العربي» عن «إصلاحات متدرجة» وعن خمول واضح في مواجهة مشكلة في غاية الخطورة ومقلقة جداً اسمها التوسع في انتشار المخدرات على مستوى الترانزيت والتعاطي.
اعتباراً من أمس الأول قيل الكثير من الاجتهادات في محاولة تفسير السبب الغامض الذي غادر الوزير حماد الحكومة على خلفيته.
أغلب الأسباب التي تقال لا تبدو منطقية وفعالة في إنتاجية التفسير، والسيناريو المقنع أكثر ان الرئيس النسور وفي اللحظة المواتية التي تجاوز فيها عنق الزجاجة وحصل فيها على فرصة تعديل وزاري يعني ضمنياً بأن عمر حكومته سيطول قليلاً.
في هذه اللحظة تحديداً «اقتنص» الرئيس المحنك والقوي النسور الفرصة وأطاح بالوزير الأقوى في فريقه، الغريب حتى اللحظة هو أن يسمح لرئيس الحكومة بذلك مما يعني بأن الحاجة ملحة لبقاء الحكومة في ميزان الأولويات.
وفي ضوء عدم وجود سيناريو متكامل يوضح أسباب مغادرة الوزير سلامه حماد في الأردن تشكلت بعض المعطيات التي تربط المسألة بإخفاق مشروع استثماري ضخم في مجال العمل التلفزيوني كانت مجموعة قنوات «إم بي سي» تتحرك لإقامته في عمان العاصمة لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة بسبب «تعقيدات أمنية» فرضتها وزارة الداخلية.
«أم بي سي» كانت قد قررت نقل برامجها الضخمة مثل «ذا فويس» و»آراب أيدول» إلى عمان من بيروت بعد الخلافات السعودية – اللبنانية الأخيرة، وحصلت على «مباركة» لمشروعها الجديد في الأردن من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شخصيا.
لاحقا رفضت الداخلية منح طاقم «كوافيرات» وخبراء تجميل إيرانيين الإقامة الدائمة وحصلت تعقيدات في إقامة المشروع تحدث عنها في اتصالات ولقاءات ورسائل مكتوبة لممثل «أم بي سي» في عمان الإعلامي العريق سعد السيلاوي.
«القدس العربي» استمعت مباشرة لرجل أعمال أردني قال إنه حصل على شيك بقيمة مليون ونصف مليون دولار من إدارة «أم بي سي» نظير خدمات قدمها لإقامة استديو ضخم في عمان قبل تعطل المشروع بسبب التراخيص والتعقيدات البيروقراطية.
ملف برامج «أم بي سي» يمكنه تفسير الاستقالة المفاجئة للوزير حماد مع غياب أسباب وجيهة سياسيا وبالتزامن مع إنجازات أمنية يقر بها الجميع. ومن المرجح أن الرئيس عبد الله النسور «اقتنص» فرصة التعديل الوزاري وتخلص من الوزير حماد الذي لم تتوفر له الحماية لحظتها بسبب ملف استثمارات أم بي سي.
عمان جو - الانشغال أردنياً على المستوى النخبوي والشعبي والإعلامي بمحاولة فهم مبرر مغادرة وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد فجأة للحكومة بتعديل الحقيبتين الأخير لم يعد له ما يبرره، ليس فقط لأن الجميع في البلاد «صفّق» لأداء الرجل خلال الأشهر القليلة التي تربع فيها على كرسي الوزارة السيادية الأولى، ولكن أيضاً لأن القناعة شبه مكرسة بأن البلاد يمكن أن يحصل فيها أي شيء عندما يتعلق الأمر باستبدال أدوات الحكم ورموز الإدارة بدون سبب واضح.
والأهم لأن خصوم رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور يسجلون له الذكاء الميداني والقدرة على الإفلات في اللحظات الحاسمة من كل المطبات التي يحاول آخرون زرعها في طريق وزارته على الأقل حتى أمس الأول الثلاثاء.
الوزير المستقيل أو المقال سلامة حماد كان قد تسلم حقيبة الداخلية أصلاً منذ أشهر عدة فقط، وخلال أسابيع قليلة برز كقوة مركزية مدعومة وبقوة وقادرة على الفعل والتغيير في معادلة الواقع الأمني بطريقة يقدّرها الجميع.
بعد أيام فقط من تسلمه الوزارة نجح حماد وبصورة لافتة في التعاطي بصورة ديناميكية مع الوضع الأمني المتردي في مدينة معان جنوبي البلاد، وهو الوضع الذي قيل علناً بأن سلفه الجنرال حسين المجالي قد غادر وظيفته بسببه.
لاحقاً وبعد أقل من أسبوعين لوحظ بأن الوزير حماد يشكّل «مركز ثقل» وهو يحضر سلسلة من «الاجتماعات والمناسبات» بين الملك عبد الله الثاني وممثلي ووجهاء المحافظات، فيما يتقدم الصفوف بدون حضور رئيس الوزراء نفسه للكثير من هذه المقابلات المباشرة.
بطبيعة الحال لا يقبل أي رئيس حكومة تشكل مركز ثقل لأي من أفراد الطاقم في فريقه، لذلك كان واضحاً أن الوزير حماد في اتجاه يخالف اتجاهات بوصلة رئيس الحكومة في الكثير من المعطيات خصوصاً عندما تعلق الأمر ببعض التشريعات وتفصيلات العمل البرلماني.
تحت قبة البرلمان وفي مكتب رئيس المجلس عاطف طراونة «خالف» الوزير حماد علناً توجهات رئيسه في أحد التشريعات، فكانت تلك الإشارة الأولى على أن الكيمياء غير فعالة بين الرئيس المخضرم والوزير القوي الداخل بصورة طازجة للحكومة بصيغة العابر لها.
النخبة السياسية كانت ترصد الاتجاهات المعاكسة والمتعاكسة بين وزير الداخلية ورئيس الحكومة في صورة لم يسبق لها الصمود في الحالة الأردنية، خصوصاً وأن أي قرار من أي نوع لا ينفذ دستوريا إلا بتوقيع الرجلين عليه وهو الوضع الذي يجعل وزير الداخلية في مركز قوة أصلاً في الأردن.
خلال فترة إدارته القصيرة نسبياً للداخلية التقت «القدس العربي» الوزير حماد ثلاث مرات بصورة مغلقة ومنفردة، وتلمست مباشرة منه إقراره بأن علاقاته واتصالاته مع رئيس الوزراء «ليست مريحة» وقابلة للانفجار في أي وقت.
في اللقاء الثالث والأخير قبل تصويت الوزير حماد لصالح المشروع السعودي في اجتماعات وزراء الداخلية العرب ضد «حزب الله» اللبناني كان الرجل فخوراً بما أنجزه في مدينة معان تحديداً عندما عرض أمام «القدس العربي» شريط الفيديو الذي يظهر متنمرين ومتمردين على الدولة وهم «يهتفون باسم جلالة الملك» بعد تصرف حكيم من الوزير تخلله تقديم هدايا باسم القصر للمعنيين.
الوزير حماد أقر بأن رئيس الحكومة لا يشاوره كثيراً، وألمح الى أن أجندة عمله مرتبة مع بقية أجهزة الدولة. واستعرض الجهود الجبارة التي دعمها شخصياً لتقليص عدد قائمة «المطلوبين الخطرين جداً» بحيث أصبحت وخلال فترة عمله فقط تضم 42 اسماً من أعتى المجرمين ومروعي المجتمع المسلحين بعدما كانت تضم 280 شخصاً على الأقل.
تحدث حماد مراراً وتكراراً عن استعادة هيبة الدولة، وعن ضرورة «تنظيف» بعض مظاهر الفساد الإداري في المؤسسات التابعة لوزارته وعن مشكلة تكلس وضعف الحكام الإداريين وحاجة الوزارة لعملية تطوير سريعة.
في ملف «أبناء الأردنيات» كان الوزير حماد متفاعلاً مع لجنة المبادرة البرلمانية، وفي مسألة الإخوان المسلمين لم يكن متحمساً جداً لمواجهتهم واستهدافهم بل استقبل مرتين على الأقل رموزهم في مكتبه وهي نقطة ينبغي التحوط لها عند محاولة فهم أسباب ومبررات مغادرة الوزير حماد.
تحدث الرجل مع «القدس العربي» عن «إصلاحات متدرجة» وعن خمول واضح في مواجهة مشكلة في غاية الخطورة ومقلقة جداً اسمها التوسع في انتشار المخدرات على مستوى الترانزيت والتعاطي.
اعتباراً من أمس الأول قيل الكثير من الاجتهادات في محاولة تفسير السبب الغامض الذي غادر الوزير حماد الحكومة على خلفيته.
أغلب الأسباب التي تقال لا تبدو منطقية وفعالة في إنتاجية التفسير، والسيناريو المقنع أكثر ان الرئيس النسور وفي اللحظة المواتية التي تجاوز فيها عنق الزجاجة وحصل فيها على فرصة تعديل وزاري يعني ضمنياً بأن عمر حكومته سيطول قليلاً.
في هذه اللحظة تحديداً «اقتنص» الرئيس المحنك والقوي النسور الفرصة وأطاح بالوزير الأقوى في فريقه، الغريب حتى اللحظة هو أن يسمح لرئيس الحكومة بذلك مما يعني بأن الحاجة ملحة لبقاء الحكومة في ميزان الأولويات.
وفي ضوء عدم وجود سيناريو متكامل يوضح أسباب مغادرة الوزير سلامه حماد في الأردن تشكلت بعض المعطيات التي تربط المسألة بإخفاق مشروع استثماري ضخم في مجال العمل التلفزيوني كانت مجموعة قنوات «إم بي سي» تتحرك لإقامته في عمان العاصمة لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة بسبب «تعقيدات أمنية» فرضتها وزارة الداخلية.
«أم بي سي» كانت قد قررت نقل برامجها الضخمة مثل «ذا فويس» و»آراب أيدول» إلى عمان من بيروت بعد الخلافات السعودية – اللبنانية الأخيرة، وحصلت على «مباركة» لمشروعها الجديد في الأردن من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شخصيا.
لاحقا رفضت الداخلية منح طاقم «كوافيرات» وخبراء تجميل إيرانيين الإقامة الدائمة وحصلت تعقيدات في إقامة المشروع تحدث عنها في اتصالات ولقاءات ورسائل مكتوبة لممثل «أم بي سي» في عمان الإعلامي العريق سعد السيلاوي.
«القدس العربي» استمعت مباشرة لرجل أعمال أردني قال إنه حصل على شيك بقيمة مليون ونصف مليون دولار من إدارة «أم بي سي» نظير خدمات قدمها لإقامة استديو ضخم في عمان قبل تعطل المشروع بسبب التراخيص والتعقيدات البيروقراطية.
ملف برامج «أم بي سي» يمكنه تفسير الاستقالة المفاجئة للوزير حماد مع غياب أسباب وجيهة سياسيا وبالتزامن مع إنجازات أمنية يقر بها الجميع. ومن المرجح أن الرئيس عبد الله النسور «اقتنص» فرصة التعديل الوزاري وتخلص من الوزير حماد الذي لم تتوفر له الحماية لحظتها بسبب ملف استثمارات أم بي سي.
عمان جو - الانشغال أردنياً على المستوى النخبوي والشعبي والإعلامي بمحاولة فهم مبرر مغادرة وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد فجأة للحكومة بتعديل الحقيبتين الأخير لم يعد له ما يبرره، ليس فقط لأن الجميع في البلاد «صفّق» لأداء الرجل خلال الأشهر القليلة التي تربع فيها على كرسي الوزارة السيادية الأولى، ولكن أيضاً لأن القناعة شبه مكرسة بأن البلاد يمكن أن يحصل فيها أي شيء عندما يتعلق الأمر باستبدال أدوات الحكم ورموز الإدارة بدون سبب واضح.
والأهم لأن خصوم رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور يسجلون له الذكاء الميداني والقدرة على الإفلات في اللحظات الحاسمة من كل المطبات التي يحاول آخرون زرعها في طريق وزارته على الأقل حتى أمس الأول الثلاثاء.
الوزير المستقيل أو المقال سلامة حماد كان قد تسلم حقيبة الداخلية أصلاً منذ أشهر عدة فقط، وخلال أسابيع قليلة برز كقوة مركزية مدعومة وبقوة وقادرة على الفعل والتغيير في معادلة الواقع الأمني بطريقة يقدّرها الجميع.
بعد أيام فقط من تسلمه الوزارة نجح حماد وبصورة لافتة في التعاطي بصورة ديناميكية مع الوضع الأمني المتردي في مدينة معان جنوبي البلاد، وهو الوضع الذي قيل علناً بأن سلفه الجنرال حسين المجالي قد غادر وظيفته بسببه.
لاحقاً وبعد أقل من أسبوعين لوحظ بأن الوزير حماد يشكّل «مركز ثقل» وهو يحضر سلسلة من «الاجتماعات والمناسبات» بين الملك عبد الله الثاني وممثلي ووجهاء المحافظات، فيما يتقدم الصفوف بدون حضور رئيس الوزراء نفسه للكثير من هذه المقابلات المباشرة.
بطبيعة الحال لا يقبل أي رئيس حكومة تشكل مركز ثقل لأي من أفراد الطاقم في فريقه، لذلك كان واضحاً أن الوزير حماد في اتجاه يخالف اتجاهات بوصلة رئيس الحكومة في الكثير من المعطيات خصوصاً عندما تعلق الأمر ببعض التشريعات وتفصيلات العمل البرلماني.
تحت قبة البرلمان وفي مكتب رئيس المجلس عاطف طراونة «خالف» الوزير حماد علناً توجهات رئيسه في أحد التشريعات، فكانت تلك الإشارة الأولى على أن الكيمياء غير فعالة بين الرئيس المخضرم والوزير القوي الداخل بصورة طازجة للحكومة بصيغة العابر لها.
النخبة السياسية كانت ترصد الاتجاهات المعاكسة والمتعاكسة بين وزير الداخلية ورئيس الحكومة في صورة لم يسبق لها الصمود في الحالة الأردنية، خصوصاً وأن أي قرار من أي نوع لا ينفذ دستوريا إلا بتوقيع الرجلين عليه وهو الوضع الذي يجعل وزير الداخلية في مركز قوة أصلاً في الأردن.
خلال فترة إدارته القصيرة نسبياً للداخلية التقت «القدس العربي» الوزير حماد ثلاث مرات بصورة مغلقة ومنفردة، وتلمست مباشرة منه إقراره بأن علاقاته واتصالاته مع رئيس الوزراء «ليست مريحة» وقابلة للانفجار في أي وقت.
في اللقاء الثالث والأخير قبل تصويت الوزير حماد لصالح المشروع السعودي في اجتماعات وزراء الداخلية العرب ضد «حزب الله» اللبناني كان الرجل فخوراً بما أنجزه في مدينة معان تحديداً عندما عرض أمام «القدس العربي» شريط الفيديو الذي يظهر متنمرين ومتمردين على الدولة وهم «يهتفون باسم جلالة الملك» بعد تصرف حكيم من الوزير تخلله تقديم هدايا باسم القصر للمعنيين.
الوزير حماد أقر بأن رئيس الحكومة لا يشاوره كثيراً، وألمح الى أن أجندة عمله مرتبة مع بقية أجهزة الدولة. واستعرض الجهود الجبارة التي دعمها شخصياً لتقليص عدد قائمة «المطلوبين الخطرين جداً» بحيث أصبحت وخلال فترة عمله فقط تضم 42 اسماً من أعتى المجرمين ومروعي المجتمع المسلحين بعدما كانت تضم 280 شخصاً على الأقل.
تحدث حماد مراراً وتكراراً عن استعادة هيبة الدولة، وعن ضرورة «تنظيف» بعض مظاهر الفساد الإداري في المؤسسات التابعة لوزارته وعن مشكلة تكلس وضعف الحكام الإداريين وحاجة الوزارة لعملية تطوير سريعة.
في ملف «أبناء الأردنيات» كان الوزير حماد متفاعلاً مع لجنة المبادرة البرلمانية، وفي مسألة الإخوان المسلمين لم يكن متحمساً جداً لمواجهتهم واستهدافهم بل استقبل مرتين على الأقل رموزهم في مكتبه وهي نقطة ينبغي التحوط لها عند محاولة فهم أسباب ومبررات مغادرة الوزير حماد.
تحدث الرجل مع «القدس العربي» عن «إصلاحات متدرجة» وعن خمول واضح في مواجهة مشكلة في غاية الخطورة ومقلقة جداً اسمها التوسع في انتشار المخدرات على مستوى الترانزيت والتعاطي.
اعتباراً من أمس الأول قيل الكثير من الاجتهادات في محاولة تفسير السبب الغامض الذي غادر الوزير حماد الحكومة على خلفيته.
أغلب الأسباب التي تقال لا تبدو منطقية وفعالة في إنتاجية التفسير، والسيناريو المقنع أكثر ان الرئيس النسور وفي اللحظة المواتية التي تجاوز فيها عنق الزجاجة وحصل فيها على فرصة تعديل وزاري يعني ضمنياً بأن عمر حكومته سيطول قليلاً.
في هذه اللحظة تحديداً «اقتنص» الرئيس المحنك والقوي النسور الفرصة وأطاح بالوزير الأقوى في فريقه، الغريب حتى اللحظة هو أن يسمح لرئيس الحكومة بذلك مما يعني بأن الحاجة ملحة لبقاء الحكومة في ميزان الأولويات.
وفي ضوء عدم وجود سيناريو متكامل يوضح أسباب مغادرة الوزير سلامه حماد في الأردن تشكلت بعض المعطيات التي تربط المسألة بإخفاق مشروع استثماري ضخم في مجال العمل التلفزيوني كانت مجموعة قنوات «إم بي سي» تتحرك لإقامته في عمان العاصمة لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة بسبب «تعقيدات أمنية» فرضتها وزارة الداخلية.
«أم بي سي» كانت قد قررت نقل برامجها الضخمة مثل «ذا فويس» و»آراب أيدول» إلى عمان من بيروت بعد الخلافات السعودية – اللبنانية الأخيرة، وحصلت على «مباركة» لمشروعها الجديد في الأردن من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شخصيا.
لاحقا رفضت الداخلية منح طاقم «كوافيرات» وخبراء تجميل إيرانيين الإقامة الدائمة وحصلت تعقيدات في إقامة المشروع تحدث عنها في اتصالات ولقاءات ورسائل مكتوبة لممثل «أم بي سي» في عمان الإعلامي العريق سعد السيلاوي.
«القدس العربي» استمعت مباشرة لرجل أعمال أردني قال إنه حصل على شيك بقيمة مليون ونصف مليون دولار من إدارة «أم بي سي» نظير خدمات قدمها لإقامة استديو ضخم في عمان قبل تعطل المشروع بسبب التراخيص والتعقيدات البيروقراطية.
ملف برامج «أم بي سي» يمكنه تفسير الاستقالة المفاجئة للوزير حماد مع غياب أسباب وجيهة سياسيا وبالتزامن مع إنجازات أمنية يقر بها الجميع. ومن المرجح أن الرئيس عبد الله النسور «اقتنص» فرصة التعديل الوزاري وتخلص من الوزير حماد الذي لم تتوفر له الحماية لحظتها بسبب ملف استثمارات أم بي سي.
التعليقات