عمان جو - احتضنت قاعة المكتبة الوطنية، أول أمس، حفل اشهار كتاب جديد للكاتب السياسي حمادة فراعنة، صدر مؤخراً تحت عنوان «تطورات المشهد الفلسطيني عام 2017 ــ الجزء الاول» وسط حضور لافت، غصت به القاعة الرئيسة في المكتبة، شمل قامات سياسية معروفة على اوسع نطاق، وطيفاً متنوعاً من النخب السياسية والأكاديمية والصحفية، وغير ذلك من المشتغلين في المجال العام، ممن لبوا دعوة حضور الحفل الذي تعاقب على منصته اربعة متحدثين، بينهم الكاتب نفسه، دامت اكثر من ساعتين.
اختار حمادة فراعنة ثلاثة معقبين على كتابه الذي يغطي التطورات الفلسطينية في النصف الاول من عام حافل بالأحداث والوقائع والمواقف في الساحة الأكثر استقطاباً للاهتمامات، وكان واضحاً ان الكاتب معني ان يكون كل واحد من هؤلاء الثلاثة ممثلاً لاتجاه سياسي فكري مختلف،
حيث كان المعقب الاول هو الدكتور منير حمارنة، الامين العام السابق للحزب الشيوعي الاردني، فيما كان الثاني هو الشيخ سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، اما الثالث فقد كان الشخصية الوطنية القيادية المرموقة محمد بركة ، رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48.
وقد تزامن حفل الاشهار هذا مع وقوع الحدث السياسي الابرز هذا العام، ونعني به اعتراف الرئيس الاميركي بالقدس عاصمة للمشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، الامر الذي اضفى على الحفل طابعاً سياسياً كثيفاً، وغير مخطط له مسبقاً، فبدت المناسبة والحالة هذه اقرب ما تكون الى مهرجان وطني رصين، حيث تجاوز المعلقون في مداخلاتهم مادة الكتاب الذي يخص تطورات الحالة الفلسطينية، ليتحدث كل واحد منهم بإسهاب حول التطور الاخطر على حاضر ومستقبل القضية، التي عادت بفعل القرار الخارج على القانون الدولي، وشرعة الامم المتحدة، الى صدارة الاهتمامات العربية والدولية من جديد.
كان الدكتور منير حمارنة اول المعقبين، واكثرهم التزاماً بالموضوع، اي بمادة الكتاب الصادر منذ نحو شهر، حيث تعرض الى بعض اهم عناوين الكتاب، وناقش ما اشتملت عليه من افكار وآراء، مشيداً بالجرأة والانصاف والموضوعية التي تميز بها الكاتب، ومنوهاً بحصافة حمادة فراعنة ودأبه الشديد على مراقبة المشهد الفلسطيني عن كثب، والخوض في غمار المسائل الإشكالية في بعض الاحيان، دون ان يتخلى عن موقفه النقدي اللاذع اذا اقتضى الامر، وهو ما اعتبره حمارنة نقطة لصالح فراعنة وليست عليه.
وما كان للدكتور حمارنة ان يفوّت هذه المناسبة ذات الطابع الثقافي، من غير ان يدلي بدلوه في الموضوع السياسي الاكبر، الا وهو الموضوع الفلسطيني الأثير الى عقل وضمير هذا المناضل التقدمي العتيد، حيث قدم هذا السياسي الاردني المخضرم وجهة نظر مستفيضة ازاء كل ما يتصل بالموقف الراهن في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وطرح بإيجاز رؤيته حيال متطلبات النهوض بالحالة الكفاحية في هذه الآونة، لمواجهة التطور الخطير الماثل في قرار دونالد ترامب الذاهب الى حسم مستقبل القدس من طرف واحد، كما شدد الى ابعد الحدود على ضرورة انهاء الانقسام الفلسطيني دون اي تأخير اضافي.
المعقب الثاني كان الشيخ سالم الفلاحات، المعروف باتجاهه الاسلامي الوسطي، ورؤيته الواقعية المقبولة على اوسع نطاق، واعتدال طرحه السياسي في الشأنين؛ المحلي والخارجي. ويبدو ان حمادة فراعنة قد اختار صديقه الشيخ سالم وهو يعرف من اختار سلفاً، لاتصاف هذا المفكر الاسلامي بكل الاوصاف السابق ذكرها آنفاً، الامر الذي اتاح تنوعاً فكرياً نادر الحصول، وتعددية سياسية لافتة في حفل الاشهار، اغنت النقاش حول الاصدار، ومنحت الحفل نكهة مميزة، قد لا تتوفر الا في المناسبات الوطنية الجامعة لمختلف الوان الطيف السياسي، وهي مناسبات مفتقدة منذ امد غير قصير.
اما المعقب الثالث، الذي جاء خصيصاً من مدينة الناصرة، مدينة السيد المسيح في ليلة عيد ميلاد الفلسطيني الاول، فقد كان القائد الوطني الكبير محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط الفلسطيني في اراضي ال 48 ، وهو صديق قديم للكاتب الذي رغب في الا تفوته هذه المناسبة الشخصية الحميمة، دون ان يكون مشاركاً فيها الرئيس السابق للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، حاضراً ومعقباً على الكتاب الذي اهداه حمادة للمناضل محمد بركة نفسه، ولعدد من المناضلين المميزين في الداخل الفلسطيني، من عرب ويهود.
وبالفعل فقد كان حضور محمد بركة لحفل الاشهار اشبه بشعلة متقدة اضاءت قاعة المكتبة الوطنية، حين وصل بقامته الباذخة مع لحظة بدء الحفل، وكان آخر المتحدثين، حيث استهل بركة مداخلته المسهبة بالحديث عن الكاتب المعروف جيداً لدى اركان النخبة العربية الفلسطينية جميعاً، ممن عقد واياهم علاقات عمل وطني فاءت على المجتمع العربي في داخل الداخل بخير عميم من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، لعل في مقدمة ذلك نسج اوثق العلاقات بينهم وبين الدولة والمجتمع الاردني، بما في ذلك تيسير خدمات الحج والعمرة للألاف، وتأمين مئات المقاعد الجامعية سنوياً لأبناء الوسط العربي، الذي كان معزولاً عن محيطه الطبيعي لنحو ثلاثة عقود كالحات، الى ان تم فتح اوسع الابواب امامهم منذ ربع قرن على اقل تقدير.
لقد كانت مداخلة محمد بركة بمثابة محاضرة سياسية ضافية، تطرق فيها الضيف الى جملة من العناوين التي تشغل بال العرب والفلسطينيين في هذه المرحلة المليئة بالوقائع والتطورات الساخنة، بما في ذلك الموقف الراهن اثر قرار دونالد ترامب الاستفزازي الاخير، حيث قدم المناضل بركة وجهة نظر متماسكة حيال الموقف المطلوب، عربياً وفلسطينياً، رداً على الموقف الاميركي المتساوق تماماً مع اشد المواقف تطرفاً وعنصرية في دولة الاحتلال العنصري التوسعي، ودعا الى عدم الانسياق وراء بعض التوجهات القائلة بدولة واحدة، تلغي حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وعماده الحق في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، كما حذر بقوة من تقديم الحق في العبادة على الحق في السيادة على مدينة القدس، وهي معادلة جديدة تستحق الالتفات من جانب كل المخاطبين بها.
في ختام حفل الاشهار، وقف صاحب المناسبة ليلقي كلمة شكر للمتحدثين في الحفل، ويعرب عن امتنانه للحضور، الذين هم في واقع الامر من اصدقائه على وجه العموم، حيث رد على بعض التساؤلات، واجاب على بعض النقاط الخلافية، التي اثارها على وجه التحديد الشيخ سالم الفلاحات، وكانت بادية على مؤلف الكتاب مظاهر الحبور والاعتزاز بنجاح الحفل، بل وبتحول هذه الفعالية الثقافية الى ما يشبه المهرجان الوطني، ولم تبدُ عليه علامات الانزعاج من تراجع الحفاوة بالكتاب لصالح الاستغراق في الهم الوطني المشترك، لا سيما ما اتصل منه بالموقف الاميركي الاخير.
لقد تلقى حمادة فراعنة في هذا الحفل اثمن ما يتمناه كاتب وهو على قيد الحياة، حيث تلقى الاشادة البالغة، بالصوت والصورة، على جهده الفكري الدؤوب، ودأبه المعترف به، في انجاز هذا الكتاب الذي يحمل الرقم 20 في سلسلة كتبه الصادرة تحت عنوان» معاً من اجل القدس وفلسطين». وقد وعد حمادة الحضور بإصدار الجزء الثاني المتمم للجزء الاول في اوائل العام 2018 دون اي تأخير، على نحو يغطي كامل تطورات المشهد الفلسطيني طوال عام كان حافلاً بالمتغيرات الكبرى على كل صعيد.
عمان جو - احتضنت قاعة المكتبة الوطنية، أول أمس، حفل اشهار كتاب جديد للكاتب السياسي حمادة فراعنة، صدر مؤخراً تحت عنوان «تطورات المشهد الفلسطيني عام 2017 ــ الجزء الاول» وسط حضور لافت، غصت به القاعة الرئيسة في المكتبة، شمل قامات سياسية معروفة على اوسع نطاق، وطيفاً متنوعاً من النخب السياسية والأكاديمية والصحفية، وغير ذلك من المشتغلين في المجال العام، ممن لبوا دعوة حضور الحفل الذي تعاقب على منصته اربعة متحدثين، بينهم الكاتب نفسه، دامت اكثر من ساعتين.
اختار حمادة فراعنة ثلاثة معقبين على كتابه الذي يغطي التطورات الفلسطينية في النصف الاول من عام حافل بالأحداث والوقائع والمواقف في الساحة الأكثر استقطاباً للاهتمامات، وكان واضحاً ان الكاتب معني ان يكون كل واحد من هؤلاء الثلاثة ممثلاً لاتجاه سياسي فكري مختلف،
حيث كان المعقب الاول هو الدكتور منير حمارنة، الامين العام السابق للحزب الشيوعي الاردني، فيما كان الثاني هو الشيخ سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، اما الثالث فقد كان الشخصية الوطنية القيادية المرموقة محمد بركة ، رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48.
وقد تزامن حفل الاشهار هذا مع وقوع الحدث السياسي الابرز هذا العام، ونعني به اعتراف الرئيس الاميركي بالقدس عاصمة للمشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، الامر الذي اضفى على الحفل طابعاً سياسياً كثيفاً، وغير مخطط له مسبقاً، فبدت المناسبة والحالة هذه اقرب ما تكون الى مهرجان وطني رصين، حيث تجاوز المعلقون في مداخلاتهم مادة الكتاب الذي يخص تطورات الحالة الفلسطينية، ليتحدث كل واحد منهم بإسهاب حول التطور الاخطر على حاضر ومستقبل القضية، التي عادت بفعل القرار الخارج على القانون الدولي، وشرعة الامم المتحدة، الى صدارة الاهتمامات العربية والدولية من جديد.
كان الدكتور منير حمارنة اول المعقبين، واكثرهم التزاماً بالموضوع، اي بمادة الكتاب الصادر منذ نحو شهر، حيث تعرض الى بعض اهم عناوين الكتاب، وناقش ما اشتملت عليه من افكار وآراء، مشيداً بالجرأة والانصاف والموضوعية التي تميز بها الكاتب، ومنوهاً بحصافة حمادة فراعنة ودأبه الشديد على مراقبة المشهد الفلسطيني عن كثب، والخوض في غمار المسائل الإشكالية في بعض الاحيان، دون ان يتخلى عن موقفه النقدي اللاذع اذا اقتضى الامر، وهو ما اعتبره حمارنة نقطة لصالح فراعنة وليست عليه.
وما كان للدكتور حمارنة ان يفوّت هذه المناسبة ذات الطابع الثقافي، من غير ان يدلي بدلوه في الموضوع السياسي الاكبر، الا وهو الموضوع الفلسطيني الأثير الى عقل وضمير هذا المناضل التقدمي العتيد، حيث قدم هذا السياسي الاردني المخضرم وجهة نظر مستفيضة ازاء كل ما يتصل بالموقف الراهن في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وطرح بإيجاز رؤيته حيال متطلبات النهوض بالحالة الكفاحية في هذه الآونة، لمواجهة التطور الخطير الماثل في قرار دونالد ترامب الذاهب الى حسم مستقبل القدس من طرف واحد، كما شدد الى ابعد الحدود على ضرورة انهاء الانقسام الفلسطيني دون اي تأخير اضافي.
المعقب الثاني كان الشيخ سالم الفلاحات، المعروف باتجاهه الاسلامي الوسطي، ورؤيته الواقعية المقبولة على اوسع نطاق، واعتدال طرحه السياسي في الشأنين؛ المحلي والخارجي. ويبدو ان حمادة فراعنة قد اختار صديقه الشيخ سالم وهو يعرف من اختار سلفاً، لاتصاف هذا المفكر الاسلامي بكل الاوصاف السابق ذكرها آنفاً، الامر الذي اتاح تنوعاً فكرياً نادر الحصول، وتعددية سياسية لافتة في حفل الاشهار، اغنت النقاش حول الاصدار، ومنحت الحفل نكهة مميزة، قد لا تتوفر الا في المناسبات الوطنية الجامعة لمختلف الوان الطيف السياسي، وهي مناسبات مفتقدة منذ امد غير قصير.
اما المعقب الثالث، الذي جاء خصيصاً من مدينة الناصرة، مدينة السيد المسيح في ليلة عيد ميلاد الفلسطيني الاول، فقد كان القائد الوطني الكبير محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط الفلسطيني في اراضي ال 48 ، وهو صديق قديم للكاتب الذي رغب في الا تفوته هذه المناسبة الشخصية الحميمة، دون ان يكون مشاركاً فيها الرئيس السابق للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، حاضراً ومعقباً على الكتاب الذي اهداه حمادة للمناضل محمد بركة نفسه، ولعدد من المناضلين المميزين في الداخل الفلسطيني، من عرب ويهود.
وبالفعل فقد كان حضور محمد بركة لحفل الاشهار اشبه بشعلة متقدة اضاءت قاعة المكتبة الوطنية، حين وصل بقامته الباذخة مع لحظة بدء الحفل، وكان آخر المتحدثين، حيث استهل بركة مداخلته المسهبة بالحديث عن الكاتب المعروف جيداً لدى اركان النخبة العربية الفلسطينية جميعاً، ممن عقد واياهم علاقات عمل وطني فاءت على المجتمع العربي في داخل الداخل بخير عميم من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، لعل في مقدمة ذلك نسج اوثق العلاقات بينهم وبين الدولة والمجتمع الاردني، بما في ذلك تيسير خدمات الحج والعمرة للألاف، وتأمين مئات المقاعد الجامعية سنوياً لأبناء الوسط العربي، الذي كان معزولاً عن محيطه الطبيعي لنحو ثلاثة عقود كالحات، الى ان تم فتح اوسع الابواب امامهم منذ ربع قرن على اقل تقدير.
لقد كانت مداخلة محمد بركة بمثابة محاضرة سياسية ضافية، تطرق فيها الضيف الى جملة من العناوين التي تشغل بال العرب والفلسطينيين في هذه المرحلة المليئة بالوقائع والتطورات الساخنة، بما في ذلك الموقف الراهن اثر قرار دونالد ترامب الاستفزازي الاخير، حيث قدم المناضل بركة وجهة نظر متماسكة حيال الموقف المطلوب، عربياً وفلسطينياً، رداً على الموقف الاميركي المتساوق تماماً مع اشد المواقف تطرفاً وعنصرية في دولة الاحتلال العنصري التوسعي، ودعا الى عدم الانسياق وراء بعض التوجهات القائلة بدولة واحدة، تلغي حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وعماده الحق في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، كما حذر بقوة من تقديم الحق في العبادة على الحق في السيادة على مدينة القدس، وهي معادلة جديدة تستحق الالتفات من جانب كل المخاطبين بها.
في ختام حفل الاشهار، وقف صاحب المناسبة ليلقي كلمة شكر للمتحدثين في الحفل، ويعرب عن امتنانه للحضور، الذين هم في واقع الامر من اصدقائه على وجه العموم، حيث رد على بعض التساؤلات، واجاب على بعض النقاط الخلافية، التي اثارها على وجه التحديد الشيخ سالم الفلاحات، وكانت بادية على مؤلف الكتاب مظاهر الحبور والاعتزاز بنجاح الحفل، بل وبتحول هذه الفعالية الثقافية الى ما يشبه المهرجان الوطني، ولم تبدُ عليه علامات الانزعاج من تراجع الحفاوة بالكتاب لصالح الاستغراق في الهم الوطني المشترك، لا سيما ما اتصل منه بالموقف الاميركي الاخير.
لقد تلقى حمادة فراعنة في هذا الحفل اثمن ما يتمناه كاتب وهو على قيد الحياة، حيث تلقى الاشادة البالغة، بالصوت والصورة، على جهده الفكري الدؤوب، ودأبه المعترف به، في انجاز هذا الكتاب الذي يحمل الرقم 20 في سلسلة كتبه الصادرة تحت عنوان» معاً من اجل القدس وفلسطين». وقد وعد حمادة الحضور بإصدار الجزء الثاني المتمم للجزء الاول في اوائل العام 2018 دون اي تأخير، على نحو يغطي كامل تطورات المشهد الفلسطيني طوال عام كان حافلاً بالمتغيرات الكبرى على كل صعيد.
عمان جو - احتضنت قاعة المكتبة الوطنية، أول أمس، حفل اشهار كتاب جديد للكاتب السياسي حمادة فراعنة، صدر مؤخراً تحت عنوان «تطورات المشهد الفلسطيني عام 2017 ــ الجزء الاول» وسط حضور لافت، غصت به القاعة الرئيسة في المكتبة، شمل قامات سياسية معروفة على اوسع نطاق، وطيفاً متنوعاً من النخب السياسية والأكاديمية والصحفية، وغير ذلك من المشتغلين في المجال العام، ممن لبوا دعوة حضور الحفل الذي تعاقب على منصته اربعة متحدثين، بينهم الكاتب نفسه، دامت اكثر من ساعتين.
اختار حمادة فراعنة ثلاثة معقبين على كتابه الذي يغطي التطورات الفلسطينية في النصف الاول من عام حافل بالأحداث والوقائع والمواقف في الساحة الأكثر استقطاباً للاهتمامات، وكان واضحاً ان الكاتب معني ان يكون كل واحد من هؤلاء الثلاثة ممثلاً لاتجاه سياسي فكري مختلف،
حيث كان المعقب الاول هو الدكتور منير حمارنة، الامين العام السابق للحزب الشيوعي الاردني، فيما كان الثاني هو الشيخ سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، اما الثالث فقد كان الشخصية الوطنية القيادية المرموقة محمد بركة ، رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48.
وقد تزامن حفل الاشهار هذا مع وقوع الحدث السياسي الابرز هذا العام، ونعني به اعتراف الرئيس الاميركي بالقدس عاصمة للمشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، الامر الذي اضفى على الحفل طابعاً سياسياً كثيفاً، وغير مخطط له مسبقاً، فبدت المناسبة والحالة هذه اقرب ما تكون الى مهرجان وطني رصين، حيث تجاوز المعلقون في مداخلاتهم مادة الكتاب الذي يخص تطورات الحالة الفلسطينية، ليتحدث كل واحد منهم بإسهاب حول التطور الاخطر على حاضر ومستقبل القضية، التي عادت بفعل القرار الخارج على القانون الدولي، وشرعة الامم المتحدة، الى صدارة الاهتمامات العربية والدولية من جديد.
كان الدكتور منير حمارنة اول المعقبين، واكثرهم التزاماً بالموضوع، اي بمادة الكتاب الصادر منذ نحو شهر، حيث تعرض الى بعض اهم عناوين الكتاب، وناقش ما اشتملت عليه من افكار وآراء، مشيداً بالجرأة والانصاف والموضوعية التي تميز بها الكاتب، ومنوهاً بحصافة حمادة فراعنة ودأبه الشديد على مراقبة المشهد الفلسطيني عن كثب، والخوض في غمار المسائل الإشكالية في بعض الاحيان، دون ان يتخلى عن موقفه النقدي اللاذع اذا اقتضى الامر، وهو ما اعتبره حمارنة نقطة لصالح فراعنة وليست عليه.
وما كان للدكتور حمارنة ان يفوّت هذه المناسبة ذات الطابع الثقافي، من غير ان يدلي بدلوه في الموضوع السياسي الاكبر، الا وهو الموضوع الفلسطيني الأثير الى عقل وضمير هذا المناضل التقدمي العتيد، حيث قدم هذا السياسي الاردني المخضرم وجهة نظر مستفيضة ازاء كل ما يتصل بالموقف الراهن في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وطرح بإيجاز رؤيته حيال متطلبات النهوض بالحالة الكفاحية في هذه الآونة، لمواجهة التطور الخطير الماثل في قرار دونالد ترامب الذاهب الى حسم مستقبل القدس من طرف واحد، كما شدد الى ابعد الحدود على ضرورة انهاء الانقسام الفلسطيني دون اي تأخير اضافي.
المعقب الثاني كان الشيخ سالم الفلاحات، المعروف باتجاهه الاسلامي الوسطي، ورؤيته الواقعية المقبولة على اوسع نطاق، واعتدال طرحه السياسي في الشأنين؛ المحلي والخارجي. ويبدو ان حمادة فراعنة قد اختار صديقه الشيخ سالم وهو يعرف من اختار سلفاً، لاتصاف هذا المفكر الاسلامي بكل الاوصاف السابق ذكرها آنفاً، الامر الذي اتاح تنوعاً فكرياً نادر الحصول، وتعددية سياسية لافتة في حفل الاشهار، اغنت النقاش حول الاصدار، ومنحت الحفل نكهة مميزة، قد لا تتوفر الا في المناسبات الوطنية الجامعة لمختلف الوان الطيف السياسي، وهي مناسبات مفتقدة منذ امد غير قصير.
اما المعقب الثالث، الذي جاء خصيصاً من مدينة الناصرة، مدينة السيد المسيح في ليلة عيد ميلاد الفلسطيني الاول، فقد كان القائد الوطني الكبير محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط الفلسطيني في اراضي ال 48 ، وهو صديق قديم للكاتب الذي رغب في الا تفوته هذه المناسبة الشخصية الحميمة، دون ان يكون مشاركاً فيها الرئيس السابق للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، حاضراً ومعقباً على الكتاب الذي اهداه حمادة للمناضل محمد بركة نفسه، ولعدد من المناضلين المميزين في الداخل الفلسطيني، من عرب ويهود.
وبالفعل فقد كان حضور محمد بركة لحفل الاشهار اشبه بشعلة متقدة اضاءت قاعة المكتبة الوطنية، حين وصل بقامته الباذخة مع لحظة بدء الحفل، وكان آخر المتحدثين، حيث استهل بركة مداخلته المسهبة بالحديث عن الكاتب المعروف جيداً لدى اركان النخبة العربية الفلسطينية جميعاً، ممن عقد واياهم علاقات عمل وطني فاءت على المجتمع العربي في داخل الداخل بخير عميم من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، لعل في مقدمة ذلك نسج اوثق العلاقات بينهم وبين الدولة والمجتمع الاردني، بما في ذلك تيسير خدمات الحج والعمرة للألاف، وتأمين مئات المقاعد الجامعية سنوياً لأبناء الوسط العربي، الذي كان معزولاً عن محيطه الطبيعي لنحو ثلاثة عقود كالحات، الى ان تم فتح اوسع الابواب امامهم منذ ربع قرن على اقل تقدير.
لقد كانت مداخلة محمد بركة بمثابة محاضرة سياسية ضافية، تطرق فيها الضيف الى جملة من العناوين التي تشغل بال العرب والفلسطينيين في هذه المرحلة المليئة بالوقائع والتطورات الساخنة، بما في ذلك الموقف الراهن اثر قرار دونالد ترامب الاستفزازي الاخير، حيث قدم المناضل بركة وجهة نظر متماسكة حيال الموقف المطلوب، عربياً وفلسطينياً، رداً على الموقف الاميركي المتساوق تماماً مع اشد المواقف تطرفاً وعنصرية في دولة الاحتلال العنصري التوسعي، ودعا الى عدم الانسياق وراء بعض التوجهات القائلة بدولة واحدة، تلغي حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وعماده الحق في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، كما حذر بقوة من تقديم الحق في العبادة على الحق في السيادة على مدينة القدس، وهي معادلة جديدة تستحق الالتفات من جانب كل المخاطبين بها.
في ختام حفل الاشهار، وقف صاحب المناسبة ليلقي كلمة شكر للمتحدثين في الحفل، ويعرب عن امتنانه للحضور، الذين هم في واقع الامر من اصدقائه على وجه العموم، حيث رد على بعض التساؤلات، واجاب على بعض النقاط الخلافية، التي اثارها على وجه التحديد الشيخ سالم الفلاحات، وكانت بادية على مؤلف الكتاب مظاهر الحبور والاعتزاز بنجاح الحفل، بل وبتحول هذه الفعالية الثقافية الى ما يشبه المهرجان الوطني، ولم تبدُ عليه علامات الانزعاج من تراجع الحفاوة بالكتاب لصالح الاستغراق في الهم الوطني المشترك، لا سيما ما اتصل منه بالموقف الاميركي الاخير.
لقد تلقى حمادة فراعنة في هذا الحفل اثمن ما يتمناه كاتب وهو على قيد الحياة، حيث تلقى الاشادة البالغة، بالصوت والصورة، على جهده الفكري الدؤوب، ودأبه المعترف به، في انجاز هذا الكتاب الذي يحمل الرقم 20 في سلسلة كتبه الصادرة تحت عنوان» معاً من اجل القدس وفلسطين». وقد وعد حمادة الحضور بإصدار الجزء الثاني المتمم للجزء الاول في اوائل العام 2018 دون اي تأخير، على نحو يغطي كامل تطورات المشهد الفلسطيني طوال عام كان حافلاً بالمتغيرات الكبرى على كل صعيد.
التعليقات