عمان جو - حمادة فراعنة
منظمة التحرير الفلسطينية ، ليست من الطوب والإسمنت حتى يستطيع الأعداء والخصوم ، وما أكثرهم ، من نسفها وهدمها ، حتى ولو فعلوا ذلك بحجة ترميمها وإعادة إعمارها بشكل أفضل وأقوى ، ولو كانت كذلك هل يمكن قبول هدم الأهرامات ، والبتراء ، وتاج محل ، وحتى برج إيفل ، حتى يتمكنوا من تجميلها بما هو أحسن ، أو تصفية أثارها كما فعلت القاعدة بتماثيل بوذا في أفغانستان ، وداعش مع كنوز العراق التاريخية ؟؟ .
منظمة التحرير ليست حكومة ، يمكن الإعتماد على الأكثرية لإسقاطها ، أو حزب سياسي عبر الإنتخابات يمكن هزيمته ، وقد حاولت حماس من خلال إمتلاكها الأغلبية البرلمانية لدى المجلس التشريعي عام 2006 ، ومن خلال الحسم العسكري – الإنقلاب الدموي عام 2007 ولم تُفلح !! .
وهي ليست ناطحة سحاب ، أو حزباً متمكناً لا يمكن قلعه ، وليست مقدسة ، ولا بقرة حلوب ، وليست نسر التاج الذهبي لا يمكن إصطياده ، بل هي إطار سياسي ، ولدت لأسباب سياسية ، وتجمعت وجمعت محتواها لدوافع وتطلعات سياسية ، ولهذا لم يفهم أصحاب القرار السياسي اليوم أهمية وإبعاد نص النظام الداخلي وإشتراطه إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بحضور الثلثين من أعضاء المجلس وليس النصف زائد واحد ، وهو ما يعني ويؤكد تلازم النصاب القانوني مع النصاب السياسي الذي لا يمكن القفز عنه وإلغاؤه ، فكلاهما أعمدة الشرعية التي تحفظ لمنظمة التحرير مكانتها وبهما تحافظ منظمة التحرير على شرعية تمثيلها ، وهي بما تملك من الأرصدة يمكنها المغامرة بأحدهما ولكنها لا تستطيع السير بدونهما ، لأنها بذلك تفقد شرعية مكانتها السياسية وتمثيلها الوطني ، وبهما ومن خلالهما إكتسبت شرعية الإعتراف بها عربياً ودولياً .
منظمة التحرير تجمع سياسي ، عمل على توحيد جهود ونضال وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني ، وعبرت عن هويتهم وأمالهم وأحلامهم ، بعد أن حاول القوميون التمسك أن طريق تحرير فلسطين هي الوحدة العربية ، وسعى الإسلاميون عبر إصلاح الأمة وعودة الخلافة ، وناضل اليساريون من أجل الإشتراكية وهانوي العربية ، وحدهم الذين أمسكوا بهوية شعبهم وقالوا أن الطريق هي الهوية والبندقية وتجميع الناس ، فجمعت بين صفوفها المقيم على أرض الوطن ، والمشتت في بلاد اللجوء والمنافي عبر وسائل كفاحية متعددة ، فضمت مكونات الشعب الفلسطيني ، من أبناء الضفة والقدس والقطاع ، ومن أبناء 48 وكان أول من ممثلهم لدى المجلس الوطني عماد شقور وتلاه صبري جريس وحبيب قهوجي وتوفيق فياض ومحمود درويش وسمير جريس ومحمد المدني وأخرين ، وزادها قوة رؤساء البلديات المنتخبين من أبناء الضفة المبعدين عبد الجواد صالح والشهيد فهد القواسمي ومحمد ملحم والشيوعيين ، ومن بعدهم أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين ، وممثلي المخيمات في الأردن وسوريا ولبنان ، والجاليات الفلسطينية في أوروبا والأميركيتين والعاملين في الخليج العربي ، وإمتداداتهم ، وهكذا قادت وضمت وسكنت في ضمائر الكل الفلسطيني ، من كافة التيارات السياسية الوطنية والقومية واليسارية بإستثناء الإخوان المسلمين الحزب الأقوى العابر للحدود في العالم العربي .
فشل كل الذين حاولوا تغييرها ، أو التطاول عليها ، أو إستبدالها ، بدءاً من العدو الإسرائيلي عبر روابط القرى والإنتخابات البلدية ، والبطش بكل من لديه شبهة الإنتماء لها أو المشاركة في نشاطاتها ، حتى ولو كان يهودياً ، والأنظمة العربية لم تتوانى معها بسبب تباين وإختلاف الأولويات بدءاً من الأردن عبر ما يسمى الأتحاد الوطني ومشروع المملكة العربية المتحدة بعد أحداث السبعينيات وجهود عدنان أبو عودة وجمعة حماد ، ومع محاولات كسب رشاد الشوا من غزة ، وإلياس فريج من الضفة ، وغيرهما من الشخصيات التقليدية ، وتبني إنقلاب أبو الزعيم وتمرده ، كما حاولت سوريا عبر الأنشقاق عام 1984 والعراق وحتى مصر لم تسلم من المحاولات ، ومعمر القذافي عبر جبهة الإنقاذ والفصائل العشر وغيرها من الأسماء والمسميات ، وفشلوا ، وكان أخرهم وأخطرهم محاولات الإخوان المسلمين ، الذين إعتبروها أحد أدوات عبد الناصر ، فتصدوا لها ، وزاد حقدهم عليها أنها ضمت القوميين والبعثيين واليساريين والشيوعيين ، ورفضوا المشاركة في مؤسساتها منذ مؤتمرها التأسيسي الأول في القدس ومجلسها الوطني الفلسطيني في أيار 1964 الذي إستضافه الراحل الملك حسين ، ولم يعترفوا بها ، وعملوا على نزع شرعيتها وإيجاد البديل عنها ، فراهنوا على حركة حماس كي تكون البديل لها وعنها ، وورثت حماس موقف الإخوان المسلمين وثقافتها وفلسفتها السياسية ولم تكن تعترف حماس أو تقر بالدور التمثيلي لمنظمة التحرير حتى صدور وثيقتها السياسية في الأول من أيار 2017 ، وهو إستدلال واضح على تراجعها عن موقف الإخوان المسلمين أمام التحالف الوطني العريض الذي يقود منظمة التحرير ولا يزال ، مهما إختلفنا ، أو إختلف البعض منا مع قيادتها أو مع قيادة فتح الأن أو للغد .
منظمة التحرير بقيادتها الحالية تتأكل تنظيماً وتضعف سياسياً وتمس شرعيتها ، بعد أن عجزت بإرادتها أو ترددها لضم حركتي حماس والجهاد ، فقد أصبح لهما مكانة وحضوراً وإحتراماً لدى الشعب الفلسطيني ، خاصة بعد حققتا نجاحات كفاحية ضد العدو الإسرائيلي ، وبعد نجاح حماس بالإنتخابات التشريعية 2006 وقبلها في الإنتخابات البلدية 2005 ، حيث لم يعد إمكانية تغاضي دور الفصيلين وما يملكانه من تأثير وطني وإمتداد قومي ، إضافة إلى موقفي الشعبية والديمقراطية .
منظمة التحرير بقيادتها الحالية أخفقت في الإنتقال نحو خطوات الإستقلال وتنفيذ الإتفاق التدريجي متعدد المراحل ، فتجمدت المراحل لمصلحة الخيار الإسرائيلي الذي جمد الإنسحابات ، ووسع الإستيطان ، ومزق الضفة ، وعمل على تهويد القدس ، وأسرلة الغور وقطع الإتصالات اليومية والحياتية بين الضفة والقدس والقطاع .
ولذلك كل محاولات المس بشرعية منظمة التحرير أو خلق أُطر موازية لها ستبوء بالفشل مثلما لن تتمكن قيادة منظمة التحرير عبر عقد مجلسها الوطني يوم 30 نيسان 2018 من لون واحد ، الحفاظ على مكتسباتها وتراثها ، فهي تتأكل ذاتياً بسبب عدم قدرة قيادتها على الحفاظ على منطق وقيم الشراكة الوطنية وتهرباً من العمل على توسيع قواعد الشراكة الوطنية كما هو مطلوب ، لمواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني سواء من قبل العدو الإسرائيلي ، أو من قبل الولايات المتحدة أو من قبل الأداء الأناني الذاتي الأحادي الضيق الذي تقوده حركة فتح .
قد ينجح عقد المجلس الوطني يوم 30 نيسان ، مثلما نجح عقد المؤتمر العام لحركة فتح يوم 29/11/2016 ، ولكنه كسابقه سيبقى أعوجاً ، حتى ولو غيرّ أغلبية أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ، ولكنه سيبقى فاقداً للنصاب السياسي طالما تغيب عنه الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية كلياً أو جزئياً ، وطالما لا تشارك فيه وفي مؤسسات منظمة التحرير حماس والجهاد ، وقطاع وازن من المستقلين .
لن تتمكن حماس من خلق البديل ، لأن أدواتها لا تملك المصداقية الكافية ، ولأن موقف الجهاد والشعبية والديمقراطية ضد أي بديل ، فتراثهم وتضحياتهم وقواعدهم وشعبهم مازال مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني .
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
عمان جو - حمادة فراعنة
منظمة التحرير الفلسطينية ، ليست من الطوب والإسمنت حتى يستطيع الأعداء والخصوم ، وما أكثرهم ، من نسفها وهدمها ، حتى ولو فعلوا ذلك بحجة ترميمها وإعادة إعمارها بشكل أفضل وأقوى ، ولو كانت كذلك هل يمكن قبول هدم الأهرامات ، والبتراء ، وتاج محل ، وحتى برج إيفل ، حتى يتمكنوا من تجميلها بما هو أحسن ، أو تصفية أثارها كما فعلت القاعدة بتماثيل بوذا في أفغانستان ، وداعش مع كنوز العراق التاريخية ؟؟ .
منظمة التحرير ليست حكومة ، يمكن الإعتماد على الأكثرية لإسقاطها ، أو حزب سياسي عبر الإنتخابات يمكن هزيمته ، وقد حاولت حماس من خلال إمتلاكها الأغلبية البرلمانية لدى المجلس التشريعي عام 2006 ، ومن خلال الحسم العسكري – الإنقلاب الدموي عام 2007 ولم تُفلح !! .
وهي ليست ناطحة سحاب ، أو حزباً متمكناً لا يمكن قلعه ، وليست مقدسة ، ولا بقرة حلوب ، وليست نسر التاج الذهبي لا يمكن إصطياده ، بل هي إطار سياسي ، ولدت لأسباب سياسية ، وتجمعت وجمعت محتواها لدوافع وتطلعات سياسية ، ولهذا لم يفهم أصحاب القرار السياسي اليوم أهمية وإبعاد نص النظام الداخلي وإشتراطه إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بحضور الثلثين من أعضاء المجلس وليس النصف زائد واحد ، وهو ما يعني ويؤكد تلازم النصاب القانوني مع النصاب السياسي الذي لا يمكن القفز عنه وإلغاؤه ، فكلاهما أعمدة الشرعية التي تحفظ لمنظمة التحرير مكانتها وبهما تحافظ منظمة التحرير على شرعية تمثيلها ، وهي بما تملك من الأرصدة يمكنها المغامرة بأحدهما ولكنها لا تستطيع السير بدونهما ، لأنها بذلك تفقد شرعية مكانتها السياسية وتمثيلها الوطني ، وبهما ومن خلالهما إكتسبت شرعية الإعتراف بها عربياً ودولياً .
منظمة التحرير تجمع سياسي ، عمل على توحيد جهود ونضال وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني ، وعبرت عن هويتهم وأمالهم وأحلامهم ، بعد أن حاول القوميون التمسك أن طريق تحرير فلسطين هي الوحدة العربية ، وسعى الإسلاميون عبر إصلاح الأمة وعودة الخلافة ، وناضل اليساريون من أجل الإشتراكية وهانوي العربية ، وحدهم الذين أمسكوا بهوية شعبهم وقالوا أن الطريق هي الهوية والبندقية وتجميع الناس ، فجمعت بين صفوفها المقيم على أرض الوطن ، والمشتت في بلاد اللجوء والمنافي عبر وسائل كفاحية متعددة ، فضمت مكونات الشعب الفلسطيني ، من أبناء الضفة والقدس والقطاع ، ومن أبناء 48 وكان أول من ممثلهم لدى المجلس الوطني عماد شقور وتلاه صبري جريس وحبيب قهوجي وتوفيق فياض ومحمود درويش وسمير جريس ومحمد المدني وأخرين ، وزادها قوة رؤساء البلديات المنتخبين من أبناء الضفة المبعدين عبد الجواد صالح والشهيد فهد القواسمي ومحمد ملحم والشيوعيين ، ومن بعدهم أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين ، وممثلي المخيمات في الأردن وسوريا ولبنان ، والجاليات الفلسطينية في أوروبا والأميركيتين والعاملين في الخليج العربي ، وإمتداداتهم ، وهكذا قادت وضمت وسكنت في ضمائر الكل الفلسطيني ، من كافة التيارات السياسية الوطنية والقومية واليسارية بإستثناء الإخوان المسلمين الحزب الأقوى العابر للحدود في العالم العربي .
فشل كل الذين حاولوا تغييرها ، أو التطاول عليها ، أو إستبدالها ، بدءاً من العدو الإسرائيلي عبر روابط القرى والإنتخابات البلدية ، والبطش بكل من لديه شبهة الإنتماء لها أو المشاركة في نشاطاتها ، حتى ولو كان يهودياً ، والأنظمة العربية لم تتوانى معها بسبب تباين وإختلاف الأولويات بدءاً من الأردن عبر ما يسمى الأتحاد الوطني ومشروع المملكة العربية المتحدة بعد أحداث السبعينيات وجهود عدنان أبو عودة وجمعة حماد ، ومع محاولات كسب رشاد الشوا من غزة ، وإلياس فريج من الضفة ، وغيرهما من الشخصيات التقليدية ، وتبني إنقلاب أبو الزعيم وتمرده ، كما حاولت سوريا عبر الأنشقاق عام 1984 والعراق وحتى مصر لم تسلم من المحاولات ، ومعمر القذافي عبر جبهة الإنقاذ والفصائل العشر وغيرها من الأسماء والمسميات ، وفشلوا ، وكان أخرهم وأخطرهم محاولات الإخوان المسلمين ، الذين إعتبروها أحد أدوات عبد الناصر ، فتصدوا لها ، وزاد حقدهم عليها أنها ضمت القوميين والبعثيين واليساريين والشيوعيين ، ورفضوا المشاركة في مؤسساتها منذ مؤتمرها التأسيسي الأول في القدس ومجلسها الوطني الفلسطيني في أيار 1964 الذي إستضافه الراحل الملك حسين ، ولم يعترفوا بها ، وعملوا على نزع شرعيتها وإيجاد البديل عنها ، فراهنوا على حركة حماس كي تكون البديل لها وعنها ، وورثت حماس موقف الإخوان المسلمين وثقافتها وفلسفتها السياسية ولم تكن تعترف حماس أو تقر بالدور التمثيلي لمنظمة التحرير حتى صدور وثيقتها السياسية في الأول من أيار 2017 ، وهو إستدلال واضح على تراجعها عن موقف الإخوان المسلمين أمام التحالف الوطني العريض الذي يقود منظمة التحرير ولا يزال ، مهما إختلفنا ، أو إختلف البعض منا مع قيادتها أو مع قيادة فتح الأن أو للغد .
منظمة التحرير بقيادتها الحالية تتأكل تنظيماً وتضعف سياسياً وتمس شرعيتها ، بعد أن عجزت بإرادتها أو ترددها لضم حركتي حماس والجهاد ، فقد أصبح لهما مكانة وحضوراً وإحتراماً لدى الشعب الفلسطيني ، خاصة بعد حققتا نجاحات كفاحية ضد العدو الإسرائيلي ، وبعد نجاح حماس بالإنتخابات التشريعية 2006 وقبلها في الإنتخابات البلدية 2005 ، حيث لم يعد إمكانية تغاضي دور الفصيلين وما يملكانه من تأثير وطني وإمتداد قومي ، إضافة إلى موقفي الشعبية والديمقراطية .
منظمة التحرير بقيادتها الحالية أخفقت في الإنتقال نحو خطوات الإستقلال وتنفيذ الإتفاق التدريجي متعدد المراحل ، فتجمدت المراحل لمصلحة الخيار الإسرائيلي الذي جمد الإنسحابات ، ووسع الإستيطان ، ومزق الضفة ، وعمل على تهويد القدس ، وأسرلة الغور وقطع الإتصالات اليومية والحياتية بين الضفة والقدس والقطاع .
ولذلك كل محاولات المس بشرعية منظمة التحرير أو خلق أُطر موازية لها ستبوء بالفشل مثلما لن تتمكن قيادة منظمة التحرير عبر عقد مجلسها الوطني يوم 30 نيسان 2018 من لون واحد ، الحفاظ على مكتسباتها وتراثها ، فهي تتأكل ذاتياً بسبب عدم قدرة قيادتها على الحفاظ على منطق وقيم الشراكة الوطنية وتهرباً من العمل على توسيع قواعد الشراكة الوطنية كما هو مطلوب ، لمواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني سواء من قبل العدو الإسرائيلي ، أو من قبل الولايات المتحدة أو من قبل الأداء الأناني الذاتي الأحادي الضيق الذي تقوده حركة فتح .
قد ينجح عقد المجلس الوطني يوم 30 نيسان ، مثلما نجح عقد المؤتمر العام لحركة فتح يوم 29/11/2016 ، ولكنه كسابقه سيبقى أعوجاً ، حتى ولو غيرّ أغلبية أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ، ولكنه سيبقى فاقداً للنصاب السياسي طالما تغيب عنه الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية كلياً أو جزئياً ، وطالما لا تشارك فيه وفي مؤسسات منظمة التحرير حماس والجهاد ، وقطاع وازن من المستقلين .
لن تتمكن حماس من خلق البديل ، لأن أدواتها لا تملك المصداقية الكافية ، ولأن موقف الجهاد والشعبية والديمقراطية ضد أي بديل ، فتراثهم وتضحياتهم وقواعدهم وشعبهم مازال مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني .
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
عمان جو - حمادة فراعنة
منظمة التحرير الفلسطينية ، ليست من الطوب والإسمنت حتى يستطيع الأعداء والخصوم ، وما أكثرهم ، من نسفها وهدمها ، حتى ولو فعلوا ذلك بحجة ترميمها وإعادة إعمارها بشكل أفضل وأقوى ، ولو كانت كذلك هل يمكن قبول هدم الأهرامات ، والبتراء ، وتاج محل ، وحتى برج إيفل ، حتى يتمكنوا من تجميلها بما هو أحسن ، أو تصفية أثارها كما فعلت القاعدة بتماثيل بوذا في أفغانستان ، وداعش مع كنوز العراق التاريخية ؟؟ .
منظمة التحرير ليست حكومة ، يمكن الإعتماد على الأكثرية لإسقاطها ، أو حزب سياسي عبر الإنتخابات يمكن هزيمته ، وقد حاولت حماس من خلال إمتلاكها الأغلبية البرلمانية لدى المجلس التشريعي عام 2006 ، ومن خلال الحسم العسكري – الإنقلاب الدموي عام 2007 ولم تُفلح !! .
وهي ليست ناطحة سحاب ، أو حزباً متمكناً لا يمكن قلعه ، وليست مقدسة ، ولا بقرة حلوب ، وليست نسر التاج الذهبي لا يمكن إصطياده ، بل هي إطار سياسي ، ولدت لأسباب سياسية ، وتجمعت وجمعت محتواها لدوافع وتطلعات سياسية ، ولهذا لم يفهم أصحاب القرار السياسي اليوم أهمية وإبعاد نص النظام الداخلي وإشتراطه إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بحضور الثلثين من أعضاء المجلس وليس النصف زائد واحد ، وهو ما يعني ويؤكد تلازم النصاب القانوني مع النصاب السياسي الذي لا يمكن القفز عنه وإلغاؤه ، فكلاهما أعمدة الشرعية التي تحفظ لمنظمة التحرير مكانتها وبهما تحافظ منظمة التحرير على شرعية تمثيلها ، وهي بما تملك من الأرصدة يمكنها المغامرة بأحدهما ولكنها لا تستطيع السير بدونهما ، لأنها بذلك تفقد شرعية مكانتها السياسية وتمثيلها الوطني ، وبهما ومن خلالهما إكتسبت شرعية الإعتراف بها عربياً ودولياً .
منظمة التحرير تجمع سياسي ، عمل على توحيد جهود ونضال وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني ، وعبرت عن هويتهم وأمالهم وأحلامهم ، بعد أن حاول القوميون التمسك أن طريق تحرير فلسطين هي الوحدة العربية ، وسعى الإسلاميون عبر إصلاح الأمة وعودة الخلافة ، وناضل اليساريون من أجل الإشتراكية وهانوي العربية ، وحدهم الذين أمسكوا بهوية شعبهم وقالوا أن الطريق هي الهوية والبندقية وتجميع الناس ، فجمعت بين صفوفها المقيم على أرض الوطن ، والمشتت في بلاد اللجوء والمنافي عبر وسائل كفاحية متعددة ، فضمت مكونات الشعب الفلسطيني ، من أبناء الضفة والقدس والقطاع ، ومن أبناء 48 وكان أول من ممثلهم لدى المجلس الوطني عماد شقور وتلاه صبري جريس وحبيب قهوجي وتوفيق فياض ومحمود درويش وسمير جريس ومحمد المدني وأخرين ، وزادها قوة رؤساء البلديات المنتخبين من أبناء الضفة المبعدين عبد الجواد صالح والشهيد فهد القواسمي ومحمد ملحم والشيوعيين ، ومن بعدهم أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين ، وممثلي المخيمات في الأردن وسوريا ولبنان ، والجاليات الفلسطينية في أوروبا والأميركيتين والعاملين في الخليج العربي ، وإمتداداتهم ، وهكذا قادت وضمت وسكنت في ضمائر الكل الفلسطيني ، من كافة التيارات السياسية الوطنية والقومية واليسارية بإستثناء الإخوان المسلمين الحزب الأقوى العابر للحدود في العالم العربي .
فشل كل الذين حاولوا تغييرها ، أو التطاول عليها ، أو إستبدالها ، بدءاً من العدو الإسرائيلي عبر روابط القرى والإنتخابات البلدية ، والبطش بكل من لديه شبهة الإنتماء لها أو المشاركة في نشاطاتها ، حتى ولو كان يهودياً ، والأنظمة العربية لم تتوانى معها بسبب تباين وإختلاف الأولويات بدءاً من الأردن عبر ما يسمى الأتحاد الوطني ومشروع المملكة العربية المتحدة بعد أحداث السبعينيات وجهود عدنان أبو عودة وجمعة حماد ، ومع محاولات كسب رشاد الشوا من غزة ، وإلياس فريج من الضفة ، وغيرهما من الشخصيات التقليدية ، وتبني إنقلاب أبو الزعيم وتمرده ، كما حاولت سوريا عبر الأنشقاق عام 1984 والعراق وحتى مصر لم تسلم من المحاولات ، ومعمر القذافي عبر جبهة الإنقاذ والفصائل العشر وغيرها من الأسماء والمسميات ، وفشلوا ، وكان أخرهم وأخطرهم محاولات الإخوان المسلمين ، الذين إعتبروها أحد أدوات عبد الناصر ، فتصدوا لها ، وزاد حقدهم عليها أنها ضمت القوميين والبعثيين واليساريين والشيوعيين ، ورفضوا المشاركة في مؤسساتها منذ مؤتمرها التأسيسي الأول في القدس ومجلسها الوطني الفلسطيني في أيار 1964 الذي إستضافه الراحل الملك حسين ، ولم يعترفوا بها ، وعملوا على نزع شرعيتها وإيجاد البديل عنها ، فراهنوا على حركة حماس كي تكون البديل لها وعنها ، وورثت حماس موقف الإخوان المسلمين وثقافتها وفلسفتها السياسية ولم تكن تعترف حماس أو تقر بالدور التمثيلي لمنظمة التحرير حتى صدور وثيقتها السياسية في الأول من أيار 2017 ، وهو إستدلال واضح على تراجعها عن موقف الإخوان المسلمين أمام التحالف الوطني العريض الذي يقود منظمة التحرير ولا يزال ، مهما إختلفنا ، أو إختلف البعض منا مع قيادتها أو مع قيادة فتح الأن أو للغد .
منظمة التحرير بقيادتها الحالية تتأكل تنظيماً وتضعف سياسياً وتمس شرعيتها ، بعد أن عجزت بإرادتها أو ترددها لضم حركتي حماس والجهاد ، فقد أصبح لهما مكانة وحضوراً وإحتراماً لدى الشعب الفلسطيني ، خاصة بعد حققتا نجاحات كفاحية ضد العدو الإسرائيلي ، وبعد نجاح حماس بالإنتخابات التشريعية 2006 وقبلها في الإنتخابات البلدية 2005 ، حيث لم يعد إمكانية تغاضي دور الفصيلين وما يملكانه من تأثير وطني وإمتداد قومي ، إضافة إلى موقفي الشعبية والديمقراطية .
منظمة التحرير بقيادتها الحالية أخفقت في الإنتقال نحو خطوات الإستقلال وتنفيذ الإتفاق التدريجي متعدد المراحل ، فتجمدت المراحل لمصلحة الخيار الإسرائيلي الذي جمد الإنسحابات ، ووسع الإستيطان ، ومزق الضفة ، وعمل على تهويد القدس ، وأسرلة الغور وقطع الإتصالات اليومية والحياتية بين الضفة والقدس والقطاع .
ولذلك كل محاولات المس بشرعية منظمة التحرير أو خلق أُطر موازية لها ستبوء بالفشل مثلما لن تتمكن قيادة منظمة التحرير عبر عقد مجلسها الوطني يوم 30 نيسان 2018 من لون واحد ، الحفاظ على مكتسباتها وتراثها ، فهي تتأكل ذاتياً بسبب عدم قدرة قيادتها على الحفاظ على منطق وقيم الشراكة الوطنية وتهرباً من العمل على توسيع قواعد الشراكة الوطنية كما هو مطلوب ، لمواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني سواء من قبل العدو الإسرائيلي ، أو من قبل الولايات المتحدة أو من قبل الأداء الأناني الذاتي الأحادي الضيق الذي تقوده حركة فتح .
قد ينجح عقد المجلس الوطني يوم 30 نيسان ، مثلما نجح عقد المؤتمر العام لحركة فتح يوم 29/11/2016 ، ولكنه كسابقه سيبقى أعوجاً ، حتى ولو غيرّ أغلبية أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ، ولكنه سيبقى فاقداً للنصاب السياسي طالما تغيب عنه الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية كلياً أو جزئياً ، وطالما لا تشارك فيه وفي مؤسسات منظمة التحرير حماس والجهاد ، وقطاع وازن من المستقلين .
لن تتمكن حماس من خلق البديل ، لأن أدواتها لا تملك المصداقية الكافية ، ولأن موقف الجهاد والشعبية والديمقراطية ضد أي بديل ، فتراثهم وتضحياتهم وقواعدهم وشعبهم مازال مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني .
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
التعليقات