عمان جو - بسام البدارين
يلفت المخضرم الأردني رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز نظر سياسي بارز صديق له لأن كثرة الكلام عن «مخاوف صفقة القرن» على مصالح المملكة بات مثيراً للإحراج خصوصاً عندما يصدر عن طبقة رجال الدولة.
يفهم من هذا السياق ان منسوب الحساسية يرتفع عند مجسات القرار المركزي الأردنية عندما يتعلق الامر بالإصرار على التحذير من «صفقة أمريكية باتت وشيكة وتقترب» عنوانها «تصفية» القضية الفلسطينية والأخطر إحداث «تغيير كبير» في المشهد الأردني خارج سياق المصالح الوطنية. فمنذ أسابيع يحذر رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري من زاوية حشر مملكته بين خيارات تمس بفلسطين والأردن معاً. لكن حتى مجسات الشارع الأردني بدأت تستخدم هذه المخاوف وتستثمر فيها حراكياً بدلالة سلسلة بيانات «قبلية الطابع» آخرها صدر بإسم قبائل بني عباد ويتحدث عن «مؤامرة» على فلسطين والأردن في الوقت ذاته.
البيان نفسه وبصورة غير مفهومة خلط الأوراق مؤشراً على ان تسليم التيار الليبرالي والمدني وظائف الحكم والإدارة في الأردن هو خطوة في السياق نفسه مع مثال يتعلق برئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز. وفي الواقع حصل ذلك رغم ان أكبر داعم ليبرالي لحكومة الرزاز خارج الإدارة وهو الدكتور مروان المعشر وزير البلاط الاسبق على يسار مواقف كل الدولة اليوم بخصوص ما يسميه بالإنقلاب الإسرائيلي على السلام وعلى الأردن ايضاً.
بيان نشطاء
عملياً لا يقول بيان نشطاء بني عباد بأن رموز التيار المدني الليبرالي هم وحدهم اليوم من يطالبون نخبويا بإلغاء إتفاقية الغاز الإسرائيلي وعدم تجديد إتفاقية الباقورة بل ووقف التطبيع مع «العدو الإسرائيلي». بين هؤلاء المتحفظين علناً الرزاز والمعشر وخالد رمضان وغيرهم وهؤلاء في المسألة الإسرائيلية يتقاطعون تماماً مع الموقف الواضح للدولة ولخياراتها أولاً ولرموز التيار المحافظ ثانياً.
في كل حال مسألة صفقة القرن بتداعياتها التي تقترب تضغط بشدة على العصب الحيوي للأردنيين. ورغم تأكيدات وزير الخارجية ايمن الصفدي وغيره من مسؤولي الصف الأول عدم وجود «معلومات محددة» أو حتى اتصالات مع الأمريكيين تحت عنوان «صفقة العصر» إلا ان الدوائر الاجتماعية والسياسية مرتابة جداً من احتمالات وجود «ترتيب ما سري الطابع» مع طاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي وصف مرجعياً مؤخراً بأنه «رئيس يريد ان يفعل شيئاً».
البند الأول في أي قراءة واقعية للتحديات يقترحه لاعب رفيع المستوى وخبير في العلاقات الدولية من وزن عدنان أبو عوده وهو يعيد التحدث امام القدس العربي عن ضرورة التوقف عن قراءة الأردن بصفة مستقلة عن «الإقليم» مشيراً إلى أن صناع القرار الدولي ينظرون لكل دول المنطقة باعتبارها إقليماً وغير معنيين بالحسابات الوطنية لا في الأردن ولا سوريا ولا فلسطين.
هنا تحديداً يكمن الإشكال برأي وزير الاتصال الاسبق الدكتور محمد مومني الذي يسخر من أي مشروع او ترتيب سياسي لا يوافق عليه اصحاب الأرض والقضية ولا يأخذ بالإعتبار مصالح الأردن الأساسية معتبراً على هامش نقاش مع «القدس العربي» بأن أي حديث عن تغييب «دولة فلسطينية» أو حلول على حساب الأردن يعني ليس فقط منع قيام دولة فلسطينية بل العبث بدولتين معاً وهي مجازفة كبيرة على الإسرائيليين ولا يستطيع الأمريكيون فرضها.
الآراء متعددة في عنق الزجاجة الأردني هذه الأيام والمصري مصر على ان واجب النخبة السياسية التحدث مع الناس وتنويرهم وتحذيرهم وتحشيد كل القوى حول نهر الأردن لأن المؤامرة حقيقية وكبيرة فعلاً ولأن ما يسمى بصفقة القرن يتم تنفيذه بالقطعة وعلى ارض الواقع.
لكن لماذا لا تريد الدولة الأردنية التحدث في الموضوع ؟..هذا سؤال حمّال أوجه ومفتوح على الإحتمالات لإن الشارع والنخب خارج الحكم والمؤسسات المدنية في حالة الإستنفار والتحذير فيما أعصاب الدولة والقرار «باردة» نسبة لسخونة الترقب بعدما صرح ترامب بانه سيطرح خطته للسلام في ايلول المقبل وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. تسأل «القدس العربي» دبلوماسياً مخضرماً ومطلعاً: الأعصاب باردة لأن الأردن بالصورة ومساهم في بناء التسوية الجديدة أم لأنه «عاجز» تماماً عن المواجهة ومطمئن لفشل الصفقة ويترقب؟
ضعف هوامش المناورة
الإجابة تبرز بصيغة عدة «وقائع» من الصعب إنكارها وأهمها ان المؤسسة الأردنية وكادرها الدبلوماسي فوجئا بضعف هوامش المناورة أمام المجتمع الدولي عندما تعلق الأمر بملف القدس وقرار ترامب الأخير بخصوصها. بمعنى آخر عندما دارت المواجهة حول القدس برز «وهم القوة» الأردني وأخفقت جهود عمان مع المنظومة الإسلامية ودول كبيرة مثل إيران وتركيا تجنباً لإغضاب تيار محمد بن سلمان وتبين لاحقاً بأن المؤسسة الأردنية تعايشت مع وهم إضافي بدده الرئيس ترامب بعنوان القدرة على التأثير في القرار الإسرائيلي.
تلك لحظة حرجة إقتنصها بكفاءة بنيامين نتنياهو فهجم على الأردن من جبهات عدة مع ان الدكتور المعشر لفت النظر سابقاً وامام «القدس العربي» إلى أن الأردن «لا يلعب بأوراق قوة حقيقية» يحتفظ بها ويستطيع طرحها. بين تلك الأوراق بلا شك وحسب الوزير السابق والمسؤول الدولي المخضرم الدكتور طالب الرفاعي الإلتفات إستراتيجياً وبسرعة نحو دمشق وبغداد وأيضاً نحو طهران.
في الاثناء وبعد مواجهة القدس كان الأردن وحيداً مع السلطة الفلسطينية في مضمار المواجهة الأول مع صفقة القرن حيث الدول العربية اشبه وعلى حد تعبير السفير نفسه بـ»أشقاء والد العريس» الذين يحضرون العرس كضيوف فقط وبهدف التواجد العددي ودون اي مشاركة في الحفل. وحيث الاكتشاف الدبلوماسي الأخطر بعنوان «عدم وجود حضور للنظام الرسمي العربي» بين دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تلك بصورة محددة مشكلة الأردن مع ترتيبات «صفقة القرن» حيث إخفاق ملموس في كل نمط التحالفات الإقليمية وصعوبة بالغة في إقتراح «مناورات اقليمية» في العلاقات والإتصالات يتفق الرفاعي والمعشر على انها «ممكنة» وغير ضارة ولا تكلف المملكة كثيرا وتعيد التموقع على الاقل لتخفيف أضرار القرن وصفقته الوشيكة.
القدس العربي
عمان جو - بسام البدارين
يلفت المخضرم الأردني رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز نظر سياسي بارز صديق له لأن كثرة الكلام عن «مخاوف صفقة القرن» على مصالح المملكة بات مثيراً للإحراج خصوصاً عندما يصدر عن طبقة رجال الدولة.
يفهم من هذا السياق ان منسوب الحساسية يرتفع عند مجسات القرار المركزي الأردنية عندما يتعلق الامر بالإصرار على التحذير من «صفقة أمريكية باتت وشيكة وتقترب» عنوانها «تصفية» القضية الفلسطينية والأخطر إحداث «تغيير كبير» في المشهد الأردني خارج سياق المصالح الوطنية. فمنذ أسابيع يحذر رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري من زاوية حشر مملكته بين خيارات تمس بفلسطين والأردن معاً. لكن حتى مجسات الشارع الأردني بدأت تستخدم هذه المخاوف وتستثمر فيها حراكياً بدلالة سلسلة بيانات «قبلية الطابع» آخرها صدر بإسم قبائل بني عباد ويتحدث عن «مؤامرة» على فلسطين والأردن في الوقت ذاته.
البيان نفسه وبصورة غير مفهومة خلط الأوراق مؤشراً على ان تسليم التيار الليبرالي والمدني وظائف الحكم والإدارة في الأردن هو خطوة في السياق نفسه مع مثال يتعلق برئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز. وفي الواقع حصل ذلك رغم ان أكبر داعم ليبرالي لحكومة الرزاز خارج الإدارة وهو الدكتور مروان المعشر وزير البلاط الاسبق على يسار مواقف كل الدولة اليوم بخصوص ما يسميه بالإنقلاب الإسرائيلي على السلام وعلى الأردن ايضاً.
بيان نشطاء
عملياً لا يقول بيان نشطاء بني عباد بأن رموز التيار المدني الليبرالي هم وحدهم اليوم من يطالبون نخبويا بإلغاء إتفاقية الغاز الإسرائيلي وعدم تجديد إتفاقية الباقورة بل ووقف التطبيع مع «العدو الإسرائيلي». بين هؤلاء المتحفظين علناً الرزاز والمعشر وخالد رمضان وغيرهم وهؤلاء في المسألة الإسرائيلية يتقاطعون تماماً مع الموقف الواضح للدولة ولخياراتها أولاً ولرموز التيار المحافظ ثانياً.
في كل حال مسألة صفقة القرن بتداعياتها التي تقترب تضغط بشدة على العصب الحيوي للأردنيين. ورغم تأكيدات وزير الخارجية ايمن الصفدي وغيره من مسؤولي الصف الأول عدم وجود «معلومات محددة» أو حتى اتصالات مع الأمريكيين تحت عنوان «صفقة العصر» إلا ان الدوائر الاجتماعية والسياسية مرتابة جداً من احتمالات وجود «ترتيب ما سري الطابع» مع طاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي وصف مرجعياً مؤخراً بأنه «رئيس يريد ان يفعل شيئاً».
البند الأول في أي قراءة واقعية للتحديات يقترحه لاعب رفيع المستوى وخبير في العلاقات الدولية من وزن عدنان أبو عوده وهو يعيد التحدث امام القدس العربي عن ضرورة التوقف عن قراءة الأردن بصفة مستقلة عن «الإقليم» مشيراً إلى أن صناع القرار الدولي ينظرون لكل دول المنطقة باعتبارها إقليماً وغير معنيين بالحسابات الوطنية لا في الأردن ولا سوريا ولا فلسطين.
هنا تحديداً يكمن الإشكال برأي وزير الاتصال الاسبق الدكتور محمد مومني الذي يسخر من أي مشروع او ترتيب سياسي لا يوافق عليه اصحاب الأرض والقضية ولا يأخذ بالإعتبار مصالح الأردن الأساسية معتبراً على هامش نقاش مع «القدس العربي» بأن أي حديث عن تغييب «دولة فلسطينية» أو حلول على حساب الأردن يعني ليس فقط منع قيام دولة فلسطينية بل العبث بدولتين معاً وهي مجازفة كبيرة على الإسرائيليين ولا يستطيع الأمريكيون فرضها.
الآراء متعددة في عنق الزجاجة الأردني هذه الأيام والمصري مصر على ان واجب النخبة السياسية التحدث مع الناس وتنويرهم وتحذيرهم وتحشيد كل القوى حول نهر الأردن لأن المؤامرة حقيقية وكبيرة فعلاً ولأن ما يسمى بصفقة القرن يتم تنفيذه بالقطعة وعلى ارض الواقع.
لكن لماذا لا تريد الدولة الأردنية التحدث في الموضوع ؟..هذا سؤال حمّال أوجه ومفتوح على الإحتمالات لإن الشارع والنخب خارج الحكم والمؤسسات المدنية في حالة الإستنفار والتحذير فيما أعصاب الدولة والقرار «باردة» نسبة لسخونة الترقب بعدما صرح ترامب بانه سيطرح خطته للسلام في ايلول المقبل وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. تسأل «القدس العربي» دبلوماسياً مخضرماً ومطلعاً: الأعصاب باردة لأن الأردن بالصورة ومساهم في بناء التسوية الجديدة أم لأنه «عاجز» تماماً عن المواجهة ومطمئن لفشل الصفقة ويترقب؟
ضعف هوامش المناورة
الإجابة تبرز بصيغة عدة «وقائع» من الصعب إنكارها وأهمها ان المؤسسة الأردنية وكادرها الدبلوماسي فوجئا بضعف هوامش المناورة أمام المجتمع الدولي عندما تعلق الأمر بملف القدس وقرار ترامب الأخير بخصوصها. بمعنى آخر عندما دارت المواجهة حول القدس برز «وهم القوة» الأردني وأخفقت جهود عمان مع المنظومة الإسلامية ودول كبيرة مثل إيران وتركيا تجنباً لإغضاب تيار محمد بن سلمان وتبين لاحقاً بأن المؤسسة الأردنية تعايشت مع وهم إضافي بدده الرئيس ترامب بعنوان القدرة على التأثير في القرار الإسرائيلي.
تلك لحظة حرجة إقتنصها بكفاءة بنيامين نتنياهو فهجم على الأردن من جبهات عدة مع ان الدكتور المعشر لفت النظر سابقاً وامام «القدس العربي» إلى أن الأردن «لا يلعب بأوراق قوة حقيقية» يحتفظ بها ويستطيع طرحها. بين تلك الأوراق بلا شك وحسب الوزير السابق والمسؤول الدولي المخضرم الدكتور طالب الرفاعي الإلتفات إستراتيجياً وبسرعة نحو دمشق وبغداد وأيضاً نحو طهران.
في الاثناء وبعد مواجهة القدس كان الأردن وحيداً مع السلطة الفلسطينية في مضمار المواجهة الأول مع صفقة القرن حيث الدول العربية اشبه وعلى حد تعبير السفير نفسه بـ»أشقاء والد العريس» الذين يحضرون العرس كضيوف فقط وبهدف التواجد العددي ودون اي مشاركة في الحفل. وحيث الاكتشاف الدبلوماسي الأخطر بعنوان «عدم وجود حضور للنظام الرسمي العربي» بين دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تلك بصورة محددة مشكلة الأردن مع ترتيبات «صفقة القرن» حيث إخفاق ملموس في كل نمط التحالفات الإقليمية وصعوبة بالغة في إقتراح «مناورات اقليمية» في العلاقات والإتصالات يتفق الرفاعي والمعشر على انها «ممكنة» وغير ضارة ولا تكلف المملكة كثيرا وتعيد التموقع على الاقل لتخفيف أضرار القرن وصفقته الوشيكة.
القدس العربي
عمان جو - بسام البدارين
يلفت المخضرم الأردني رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز نظر سياسي بارز صديق له لأن كثرة الكلام عن «مخاوف صفقة القرن» على مصالح المملكة بات مثيراً للإحراج خصوصاً عندما يصدر عن طبقة رجال الدولة.
يفهم من هذا السياق ان منسوب الحساسية يرتفع عند مجسات القرار المركزي الأردنية عندما يتعلق الامر بالإصرار على التحذير من «صفقة أمريكية باتت وشيكة وتقترب» عنوانها «تصفية» القضية الفلسطينية والأخطر إحداث «تغيير كبير» في المشهد الأردني خارج سياق المصالح الوطنية. فمنذ أسابيع يحذر رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري من زاوية حشر مملكته بين خيارات تمس بفلسطين والأردن معاً. لكن حتى مجسات الشارع الأردني بدأت تستخدم هذه المخاوف وتستثمر فيها حراكياً بدلالة سلسلة بيانات «قبلية الطابع» آخرها صدر بإسم قبائل بني عباد ويتحدث عن «مؤامرة» على فلسطين والأردن في الوقت ذاته.
البيان نفسه وبصورة غير مفهومة خلط الأوراق مؤشراً على ان تسليم التيار الليبرالي والمدني وظائف الحكم والإدارة في الأردن هو خطوة في السياق نفسه مع مثال يتعلق برئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز. وفي الواقع حصل ذلك رغم ان أكبر داعم ليبرالي لحكومة الرزاز خارج الإدارة وهو الدكتور مروان المعشر وزير البلاط الاسبق على يسار مواقف كل الدولة اليوم بخصوص ما يسميه بالإنقلاب الإسرائيلي على السلام وعلى الأردن ايضاً.
بيان نشطاء
عملياً لا يقول بيان نشطاء بني عباد بأن رموز التيار المدني الليبرالي هم وحدهم اليوم من يطالبون نخبويا بإلغاء إتفاقية الغاز الإسرائيلي وعدم تجديد إتفاقية الباقورة بل ووقف التطبيع مع «العدو الإسرائيلي». بين هؤلاء المتحفظين علناً الرزاز والمعشر وخالد رمضان وغيرهم وهؤلاء في المسألة الإسرائيلية يتقاطعون تماماً مع الموقف الواضح للدولة ولخياراتها أولاً ولرموز التيار المحافظ ثانياً.
في كل حال مسألة صفقة القرن بتداعياتها التي تقترب تضغط بشدة على العصب الحيوي للأردنيين. ورغم تأكيدات وزير الخارجية ايمن الصفدي وغيره من مسؤولي الصف الأول عدم وجود «معلومات محددة» أو حتى اتصالات مع الأمريكيين تحت عنوان «صفقة العصر» إلا ان الدوائر الاجتماعية والسياسية مرتابة جداً من احتمالات وجود «ترتيب ما سري الطابع» مع طاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي وصف مرجعياً مؤخراً بأنه «رئيس يريد ان يفعل شيئاً».
البند الأول في أي قراءة واقعية للتحديات يقترحه لاعب رفيع المستوى وخبير في العلاقات الدولية من وزن عدنان أبو عوده وهو يعيد التحدث امام القدس العربي عن ضرورة التوقف عن قراءة الأردن بصفة مستقلة عن «الإقليم» مشيراً إلى أن صناع القرار الدولي ينظرون لكل دول المنطقة باعتبارها إقليماً وغير معنيين بالحسابات الوطنية لا في الأردن ولا سوريا ولا فلسطين.
هنا تحديداً يكمن الإشكال برأي وزير الاتصال الاسبق الدكتور محمد مومني الذي يسخر من أي مشروع او ترتيب سياسي لا يوافق عليه اصحاب الأرض والقضية ولا يأخذ بالإعتبار مصالح الأردن الأساسية معتبراً على هامش نقاش مع «القدس العربي» بأن أي حديث عن تغييب «دولة فلسطينية» أو حلول على حساب الأردن يعني ليس فقط منع قيام دولة فلسطينية بل العبث بدولتين معاً وهي مجازفة كبيرة على الإسرائيليين ولا يستطيع الأمريكيون فرضها.
الآراء متعددة في عنق الزجاجة الأردني هذه الأيام والمصري مصر على ان واجب النخبة السياسية التحدث مع الناس وتنويرهم وتحذيرهم وتحشيد كل القوى حول نهر الأردن لأن المؤامرة حقيقية وكبيرة فعلاً ولأن ما يسمى بصفقة القرن يتم تنفيذه بالقطعة وعلى ارض الواقع.
لكن لماذا لا تريد الدولة الأردنية التحدث في الموضوع ؟..هذا سؤال حمّال أوجه ومفتوح على الإحتمالات لإن الشارع والنخب خارج الحكم والمؤسسات المدنية في حالة الإستنفار والتحذير فيما أعصاب الدولة والقرار «باردة» نسبة لسخونة الترقب بعدما صرح ترامب بانه سيطرح خطته للسلام في ايلول المقبل وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. تسأل «القدس العربي» دبلوماسياً مخضرماً ومطلعاً: الأعصاب باردة لأن الأردن بالصورة ومساهم في بناء التسوية الجديدة أم لأنه «عاجز» تماماً عن المواجهة ومطمئن لفشل الصفقة ويترقب؟
ضعف هوامش المناورة
الإجابة تبرز بصيغة عدة «وقائع» من الصعب إنكارها وأهمها ان المؤسسة الأردنية وكادرها الدبلوماسي فوجئا بضعف هوامش المناورة أمام المجتمع الدولي عندما تعلق الأمر بملف القدس وقرار ترامب الأخير بخصوصها. بمعنى آخر عندما دارت المواجهة حول القدس برز «وهم القوة» الأردني وأخفقت جهود عمان مع المنظومة الإسلامية ودول كبيرة مثل إيران وتركيا تجنباً لإغضاب تيار محمد بن سلمان وتبين لاحقاً بأن المؤسسة الأردنية تعايشت مع وهم إضافي بدده الرئيس ترامب بعنوان القدرة على التأثير في القرار الإسرائيلي.
تلك لحظة حرجة إقتنصها بكفاءة بنيامين نتنياهو فهجم على الأردن من جبهات عدة مع ان الدكتور المعشر لفت النظر سابقاً وامام «القدس العربي» إلى أن الأردن «لا يلعب بأوراق قوة حقيقية» يحتفظ بها ويستطيع طرحها. بين تلك الأوراق بلا شك وحسب الوزير السابق والمسؤول الدولي المخضرم الدكتور طالب الرفاعي الإلتفات إستراتيجياً وبسرعة نحو دمشق وبغداد وأيضاً نحو طهران.
في الاثناء وبعد مواجهة القدس كان الأردن وحيداً مع السلطة الفلسطينية في مضمار المواجهة الأول مع صفقة القرن حيث الدول العربية اشبه وعلى حد تعبير السفير نفسه بـ»أشقاء والد العريس» الذين يحضرون العرس كضيوف فقط وبهدف التواجد العددي ودون اي مشاركة في الحفل. وحيث الاكتشاف الدبلوماسي الأخطر بعنوان «عدم وجود حضور للنظام الرسمي العربي» بين دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تلك بصورة محددة مشكلة الأردن مع ترتيبات «صفقة القرن» حيث إخفاق ملموس في كل نمط التحالفات الإقليمية وصعوبة بالغة في إقتراح «مناورات اقليمية» في العلاقات والإتصالات يتفق الرفاعي والمعشر على انها «ممكنة» وغير ضارة ولا تكلف المملكة كثيرا وتعيد التموقع على الاقل لتخفيف أضرار القرن وصفقته الوشيكة.
القدس العربي
التعليقات