دخلت الهيئة المستقلة للانتخاب منذ الإعلان عن موعد اجراء الانتخابات بسباق مع الزمن ضمن ورشة عمل شاقة وطويلة للتحضير لها، كاستحقاق دستوري في 20 ايلول (سبتمبر) القادم. وقد تبين للأردنيين، بعد نشر جداول الناخبين الاولية أن مجموع من يحق لهم التصوت بكافة الدوائر هو 4.19 مليون ناخب وناخبة، منهم 326595 في دائرة اربد الاولى، بينهم 156205 ناخبين، و170390 ناخبة. وبالرجوع الى اول انتخابات حقيقية اجرتها الهيئة العام 2013، فقد بلغت نسبة الاقتراع وفق سجلاتها في دائرة اربد الاولى (49.07 ٪)، في حين دلت احصائية للرأي، اعدها مركز 'راصد' لمراقبة الانتخابات على مستوى المملكة حول مشاركة الناخبين في العملية الانتخابية القادمة، نشرت في 10/7/2016، ان 31.5 % فقط من الاردنيين، هم من ينوون المشاركة بالانتخابات، فيما بلغت نسبة من لا يعلم ما اذا كان سيشارك ام لا 29 ٪. وكان استطلاع للمعهد الجمهوري الاميركي، اظهر عشية اقرار قانون الانتخاب الجديد، أن 57 ٪ من الأردنيين سيمتنعون عن الاقتراع، وأن 58 ٪ منهم غير مطّلعين على قانون الانتخاب. وكي تتمكن هذه القراءة الاولية للعملية الانتخابية من الاقتراب من الموضوعية، وملامسة الحقيقة، فإن من العدالة اللجوء الى متوسط حسابي لنسب المشاركة المتوقعة في هذه الدائرة في ضوء ما ورد آنفاً، ولنفترض على وجه التقريب انها ستكون بحدود 50 % كمعدل ونسبة متوقعة تتوافق مع هذه النسب المشار اليها اعلاه، وبالتالي يمكن اعتمادها كوحدة قياس قريب من الواقع، يتم الاستناد عليها بشكل اولي لغايات شرح واستخلاص نتائج هذه الانتخابات في هذه الدائرة. في ضوء ما تقدم من ارقام ونسب، فإن عدد الناخبين المتوقع مشاركتهم في الانتخابات، وفقاً لهذا الجدول لن يزيد كثيراً على (163000) ناخب تقريبا، وإذا سلمنا جدلاً بصحة هذه الارقام وتلك النسب فإن نتائج الانتخابات بالدائرة، سوف تعتمد اعتماداً كلياً على عدد القوائم ونوعية المرشحين فيها، وقوتهم الانتخابية. وبموجب هذه المعادلة، وتلك المعطيات الافتراضية، فكلما زاد عدد القوائم، زادت فرص تشتيت الاصوات، وزاد معه عدد الاصوات المهدورة عند اخراج النتائج وفق طريقة 'هاري' التي اعتمدتها الهيئة المستقلة لغايات احتساب النتائج، وهي الطريقة التي اصطُلِح على تسميتها، طريقة 'الباقي الأعلى'. وعليه، فإنه كلما قلّ عدد القوائم كان التنافس اقوى، وزادت معه فرص حصول القائمة على مقعد واحد أو كسر عشري، وقلت معه نسبة الاصوات المهدورة على مستوى القوائم، ولكنها (أي النسبة) سوف تزيد، عند عملية احتساب الفائز بين المرشحين الستة. اما إذا كان عدد القوائم كبيرا نسبياً، فإن فرص النجاح ستكون محصورة بتلك التي تم بناؤها على أساس عدد الناخبين لكل واحد من المرشحين فيها، ومع أن من الأفضل ان يُعطي المقترعون اصواتهم للقائمة ولكافة المرشحين فيها، إلاّ ان ذلك لن يزيد من نسب حصولها على اكثر من مقعد واحد ومهما بلغ عدد المصوتين لكل المرشحين فيها، ولكن أمل مثل هذه القائمة يبقى محصورا فقط في احتمال الاستفادة من الباقي الاعلى، الذي يمكن ان يسعفها في فوز مرشح آخر لها وبكسر عشري مثلا. المشكلة في هذه الحالة، والتي ستزيد مأزق هذه الانتخابات سوءاً، هو إذا ما اوعز المرشحون في أية قائمة الى ناخبيهم سرا بالتأشير على اسمائهم فقط داخل القائمة، وهو امر متوقع بقوة بسبب معرفة المرشحين المسبقة بأن فرص القوائم بالنجاح بشكل كامل او جزئي، نصفها او حتى ربعها، شبه معدومة. وكي أوضح اكثر، اجد من المناسب ضرورة تقديم جدول افتراضي، وفقا لتلك الارقام والنسب المشار اليها سابقا. وعلى سبيل المثال، فلو افترضنا ان هناك (10) قوائم في هذه الدائرة، تتنافس على اصوات ناخبين يصل عددهم الى (163000) ناخب، فهذا يعني ان نسبة الحسم للحصول على مقعد واحد للقائمة، ستكون بحدود 27000 صوت، وذلك بتقسيم عدد المقترعين على عدد مقاعد الدائرة، اي ان القائمة التي ستحصل على هذا الرقم لن تحصل على اكثر من مقعد واحد، وهذا يعني ايضا، ان القائمة المشكلة التي ستحصل على هذا الرقم، يُفترضُ ان يكون لدى كل مرشح فيها قاعدة انتخابية لاتقل عن 4000 ناخب، ومع ذلك فإن هذا العدد كفيل بفوز مرشح واحد داخل القائمة فقط. ومع انه يصح للمتفائلين مثلي ان يضيفوا نسبة معينة من الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم لهذه القائمة او تلك، وفق معايير مختلفة، (نسايب، اصدقاء، توجهات سياسية، برنامج القائمة، او شخوصها... الخ)، الا ان تلك النسبة لن تسعف القائمة بالفوز بمقعد آخر الا بالاعتماد على نسبة الباقي الاعلى، قياسا بالنسب التي حصل عليها المرشحون في القوائم الاخرى، لأن الفوز بأعداد صحيحة لنائبين من قائمة واحدة مثلا، يقتضي حصول هذه القائمة على ضعفي عدد اصوات نسبة الحسم، أي ما يعادل 50 الف صوت تقريباً، وهو رقم كبير جدا يعلم كافة المرشحين في هذه الدائرة استحالة الوصول اليه. نحن هنا في هذا السياق نتحدث متفائلين عن 27000 صوت يمكن ان تحصل عليها القائمة الأكثر حظا وشعبية كي تفوز بمقعد واحد فقط، فما بالك بالقوائم الأقل حظا التي ربما لن تحصل على اكثر من نصف هذا الرقم او حتى ربعه، وهو امر متوقع في ظل خريطة القوائم الجغرافية والمناطقية داخل الدائرة. طبعا تستطيع الهيئة المستقلة القول إن تكتيك العملية الانتخابية ومناورات المرشحين المحترفين ذوي الخبرة، وخاصة حزب جبهة العمل الاسلامي، لا يقتضي بالضرورة التزام جميع القوائم بالحد الاعلى لعدد المرشحين، وانها ربما تكتفي بالحد الأدنى، وهو ثلاثة مرشحين حسب القانون، ولكن السؤال الذي سيقفز على الفور الى الاذهان، هو هل بوسع مثل هذه القوائم الحصول على العدد المطلوب من الاصوات او اقل مثلا كمعدل ونسبة، كي تنافس على الفوز بمقعد نيابي واحد في وسط اجتماعي تحكمه المعايير العشائرية كما يعرف ذلك جميع المرشحين بالدائرة. مثل هذا السؤال وجيه ومشروع، ويستحق للوهلة الاولى اثارة مخاوف جميع المرشحين، وهو تكتيك يمكن ان يلجأ اليه حزب 'العمل الاسلامي' بأن يوعز لناخبيه بمنح اصواتهم لمثل هذه القائمة ولجميع المرشحين فيها بالتساوي كي يحصل كل مرشح فيها على اعلى رقم بين كل مرشحي القوائم الاخرى، ومع ذلك فإن تلك الاصوات الكثيرة التي سيحظى بها كل مرشحي القائمة لن تسعف الحزب الا بفوز مرشح واحد فقط، وربما في احسن الاحوال بكسر عشري ينال منه الحزب مقعدا آخر على احسن تقدير. وكي أوضح اكثر، اليكم هذا الجدول الافتراضي، الذي يمكن من خلاله فهم هذا النظام الانتخابي المعقد الحافل بكثير من الالغاز والأحاجي، وبالتالي امكانية تخيل، او تصور عدد المقاعد التي يمكن ان تحصل عليها كل قائمة في حال كان عدد القوائم (10)، وهو عدد متوقع، بسبب اتساع الرقعة الجغرافية والسكانية لهذه الدائرة. واليكم تاليا اسماء هذه القوائم المفترضة وما حصلت عليه كل واحدة منها: قائمة القدس: 32000 صوت، قائمة اربد: 24000 ، قائمة المواطنة: 21000 ، قائمة الحق: 18000 ، قائمة اليرموك: 16000 ، القائمة الاسلامية: 14000، قائمة الدستور: 13000، قائمة القانون: 11000، قائمة العدالة: 8000 وقائمة المساواة: 5000، ومجموع كل هذه القوائم يبلغ 163000 صوت. ولنفترض ايضا، ان قائمة القدس مثلا، والتي حصلت على 32000 صوت توزع فيها عدد الاصوات على النحو التالي:- علي: 7500 صوت، سفيان: 6500 ، محمد: 5000، خالد: 4500، ابراهيم: 3500 ، عبدالله: 3000 ، وبتقسيم الـ (163000) مقترع على عدد المقاعد المخصصة للدائرة وهي ستة مقاعد، فذلك يعني ان قائمة القدس صاحبة الـ (32000) صوت قد حصلت على مقعد واحد، و'باقي' اعلى يمثل 0.018 % من المقعد، وان التي حصلت على (24000) صوت تحصل على ( 0،8،88 % ) من المقعد، وتلك التي حصلت على (21000) صوت، تكون قد حصلت على (0،7،77 %) من المقعد، اما التي حصلت على (18000) صوت، تكون قد حصلت على (0،6،66 ٪) من المقعد، في حين تكسب القائمة الحاصلة على (16000) صوت على (0،5،92 ٪) من المقعد، وتلك التي حصلت على (14000) الف صوت تكون قد حصلت على ( 0،5،18 ٪ ) من المقعد، والتي حصلت على(13000) تكون قد حصلت على ( 0،4،18 ٪ ) من المقعد وتلك التي حصلت على (11000) صوت على ( 0،4،07 ٪ ) من المقعد، اما القائمة التي حصلت على (9000) صوت، تكون قد حازت على (0،3،33 ٪) من المقعد، وتلك الحاصلة على (7000) صوت، تكون قد حصلت على ( 0،2،59 ٪) من المقعد، فيما تحصل القائمة الاخيرة ذات الـ (5000) صوت على (0،1،85 ٪ ) من المقعد. هذا يعني (افتراضا)، ان قائمة القدس، صاحبة الـ( 32000) صوت، قد حصلت على مقعد واحد فقط، و'باقي'، أي كسر الواحد الصحيح، ولكن بالقياس مع ما حصل عليه المرشحون في القوائم الاخرى، فسنجد ان سفيان مثلا، والحاصل على (6500) صوت في الجدول، والذي اعتبر راسبا، قد حصل على مجموع اصوات اكثر من نظير له، اعتبر فائزا في قائمة إربد، رغم انهما تنافسا في ذات الدائرة الانتخابية الواحدة، وتلك القائمة (إربد) والتي حازت على (24000) صوت مثلا، وحصل فيها المرشح سامر على المركز الاول من حيث عدد الاصوات بـ (6000) صوت فقط. لكم ان تتخيلوا ضمن هذه العملية الحسابية وتجمعوا عدد الاصوات التي حصل عليها الفائزون الستة، وبمعدل بين (5500 الى 7500) صوت لكل فائز، لتكتشفوا ان ما حصل عليه جميع الفائزين من اصوات في هذه الدائرة، قد تراوح بين (35000 و45000) صوت من اصل (326000) ناخب وناخبة، اي ما نسبته ( 9 ٪- 14 ٪ ) تقريبا من عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية، الذين يحق لهم التصويت، ما يؤشر بشكل سافر على عدم قدرة هذا القانون على مغادرة مخرجات قانون الصوت الواحد، وانه قانون وللأسف، قد استبدل فكرة 'الدوائر الوهمية'، بـ'القوائم الوهمية' في هذه الانتخابات، والذي سُيخرج وفق هذه الحسبة الافتراضية، فائزا واحدا فقط من كل قائمة، وعشرات الوف الاصوات المهدورة على مستوى الدائرة، ومئات الوف الاصوات المهدورة على مستوى المملكة. ناهيك عن خطورة احتمال لجوء بعض المرشحين الى نص المادة 17/ د من قانون الانتخاب التي تعطي المرشحين كافة، فرصة انسحاب بعضهم من القائمة قبل عشرة ايام من يوم الاقتراع واعتبار ترشيح القائمة صحيحا ولو كانت بمرشح واحد فقط. وزيادة في الايضاح فإنه لو حصل ان زاد او نقص عدد القوائم عن هذا الرقم المفترض فإن النتائج لن تتغير كثيرا، وسيبقى النجاح بمعدل فائز واحد لكل قائمة من القوائم الست، الحاصلة على اعلى النسب تدريجيا، وللمرشحين الحاصلين فيها على اعلى الاصوات. رغم كل النوايا الحسنة التي وقفت خلف قانون الانتخاب الجديد لدفع الحياة السياسية والحزبية قدما، الا ان النتائج المنتظرة منه لن تتجاوز وللأسف أحكام ومخرجات قانون الصوت الواحد بأحسن الاحوال، مع تغير جزئي وطفيف لايستحق الذكر، ربما يتحقق بصورة ضيقة جداً، على يد بعض مرشحي جبهة العمل الاسلامي باختراق هنا وآخر هناك، وبالاعتماد على المرشح العشائري للحزب، ولكن بنسب محدودة سوف تفاجئ الحزب نفسه. كان بوسع كلٍ من الحكومة ومجلس النواب السابقين، تدارك بعض هذه الثغرات المشار اليها اعلاه لو انهم وضعوا نصاً في القانون يفرض 'نسبة الحسم'، او ما يسمى بـ 'العتبة'، كشرط لحصول كل قائمة مشاركة بالانتخابات على نسبة معينة من عدد المقترعين او الناخبين، يؤهلها للدخول في عملية احتساب النتائج، ولتكن 5 ٪ مثلا، ما كان سيرفع من نسبة الامل بين المرشحين لتشكيل قوائم برامجية في هذه الدورة الانتخابية، وامكانية تشكيل قوائم حزبية سياسية في الانتخابات التالية، ويقلل من فرص سيادة فكرة الصوت الواحد التي اجمع الاردنيون على ضرورة مغادرتها، مرة واحدة والى الابد، ليكتشف الجميع بعد ظهور النتائج ان القانون الذي ادلى الناخبون بأصواتهم وفقه، هو ذات قانون الصوت الواحد، ولكن بحلة براّقة جديدة. في كل انتخابات تجرى، في اي مكان في العالم وفق هذا النظام الانتخابي الاردني - نظام القوائم النسبية - فإن من مصلحة المرشحين الاقوياء، أن يكونوا في قائمة واحدة لضمان فوز اكبر عدد منهم، الا في هذه الانتخابات الاردنية، فإن مصلحة الاقوياء تكمن في بناء قوائم متعددة بمرشح واحد قوي وآخرين متوسطي الحال شعبيا، لضمان نجاح هذا المرشح القوي فقط. في الختام، لا ادري كيف ستكون مشاعر سفيان في هذا الجدول المفترض، ذلك المرشح الذي حصل على الترتيب الثاني في قائمته ولم يحالفه الحظ بالفوز حين يعلم ان من حصل على عدد اصوات اقل منه في قائمة اخرى - سامر مثلا- ، قد فاز بمقعد نيابي رغم انهما تنافسا في دائرة انتخابية واحدة، وهو الامر الذي سيتكرر بين اسماء بعض المرشحين في كثير من القوائم في هذه الدائرة، وفي دوائر اخرى، خاصة في كل من العاصمة والزرقاء تحديدا. وفق هذا المعطى، بوسعي القول، إنها ستكون نهاية مؤسفة للمرشح سفيان ومن هم على شاكلته في بقية القوائم في هذا الجدول، فهو قد نافس وفاز، من حيث عدد اصوات الناخبين، ولكن 'هاري' هراه ، 'ورسّبه'، بطريقته التي اعتمدتها الهيئة المستقلة للانتخابات لاحتساب النتائج.
دخلت الهيئة المستقلة للانتخاب منذ الإعلان عن موعد اجراء الانتخابات بسباق مع الزمن ضمن ورشة عمل شاقة وطويلة للتحضير لها، كاستحقاق دستوري في 20 ايلول (سبتمبر) القادم. وقد تبين للأردنيين، بعد نشر جداول الناخبين الاولية أن مجموع من يحق لهم التصوت بكافة الدوائر هو 4.19 مليون ناخب وناخبة، منهم 326595 في دائرة اربد الاولى، بينهم 156205 ناخبين، و170390 ناخبة. وبالرجوع الى اول انتخابات حقيقية اجرتها الهيئة العام 2013، فقد بلغت نسبة الاقتراع وفق سجلاتها في دائرة اربد الاولى (49.07 ٪)، في حين دلت احصائية للرأي، اعدها مركز 'راصد' لمراقبة الانتخابات على مستوى المملكة حول مشاركة الناخبين في العملية الانتخابية القادمة، نشرت في 10/7/2016، ان 31.5 % فقط من الاردنيين، هم من ينوون المشاركة بالانتخابات، فيما بلغت نسبة من لا يعلم ما اذا كان سيشارك ام لا 29 ٪. وكان استطلاع للمعهد الجمهوري الاميركي، اظهر عشية اقرار قانون الانتخاب الجديد، أن 57 ٪ من الأردنيين سيمتنعون عن الاقتراع، وأن 58 ٪ منهم غير مطّلعين على قانون الانتخاب. وكي تتمكن هذه القراءة الاولية للعملية الانتخابية من الاقتراب من الموضوعية، وملامسة الحقيقة، فإن من العدالة اللجوء الى متوسط حسابي لنسب المشاركة المتوقعة في هذه الدائرة في ضوء ما ورد آنفاً، ولنفترض على وجه التقريب انها ستكون بحدود 50 % كمعدل ونسبة متوقعة تتوافق مع هذه النسب المشار اليها اعلاه، وبالتالي يمكن اعتمادها كوحدة قياس قريب من الواقع، يتم الاستناد عليها بشكل اولي لغايات شرح واستخلاص نتائج هذه الانتخابات في هذه الدائرة. في ضوء ما تقدم من ارقام ونسب، فإن عدد الناخبين المتوقع مشاركتهم في الانتخابات، وفقاً لهذا الجدول لن يزيد كثيراً على (163000) ناخب تقريبا، وإذا سلمنا جدلاً بصحة هذه الارقام وتلك النسب فإن نتائج الانتخابات بالدائرة، سوف تعتمد اعتماداً كلياً على عدد القوائم ونوعية المرشحين فيها، وقوتهم الانتخابية. وبموجب هذه المعادلة، وتلك المعطيات الافتراضية، فكلما زاد عدد القوائم، زادت فرص تشتيت الاصوات، وزاد معه عدد الاصوات المهدورة عند اخراج النتائج وفق طريقة 'هاري' التي اعتمدتها الهيئة المستقلة لغايات احتساب النتائج، وهي الطريقة التي اصطُلِح على تسميتها، طريقة 'الباقي الأعلى'. وعليه، فإنه كلما قلّ عدد القوائم كان التنافس اقوى، وزادت معه فرص حصول القائمة على مقعد واحد أو كسر عشري، وقلت معه نسبة الاصوات المهدورة على مستوى القوائم، ولكنها (أي النسبة) سوف تزيد، عند عملية احتساب الفائز بين المرشحين الستة. اما إذا كان عدد القوائم كبيرا نسبياً، فإن فرص النجاح ستكون محصورة بتلك التي تم بناؤها على أساس عدد الناخبين لكل واحد من المرشحين فيها، ومع أن من الأفضل ان يُعطي المقترعون اصواتهم للقائمة ولكافة المرشحين فيها، إلاّ ان ذلك لن يزيد من نسب حصولها على اكثر من مقعد واحد ومهما بلغ عدد المصوتين لكل المرشحين فيها، ولكن أمل مثل هذه القائمة يبقى محصورا فقط في احتمال الاستفادة من الباقي الاعلى، الذي يمكن ان يسعفها في فوز مرشح آخر لها وبكسر عشري مثلا. المشكلة في هذه الحالة، والتي ستزيد مأزق هذه الانتخابات سوءاً، هو إذا ما اوعز المرشحون في أية قائمة الى ناخبيهم سرا بالتأشير على اسمائهم فقط داخل القائمة، وهو امر متوقع بقوة بسبب معرفة المرشحين المسبقة بأن فرص القوائم بالنجاح بشكل كامل او جزئي، نصفها او حتى ربعها، شبه معدومة. وكي أوضح اكثر، اجد من المناسب ضرورة تقديم جدول افتراضي، وفقا لتلك الارقام والنسب المشار اليها سابقا. وعلى سبيل المثال، فلو افترضنا ان هناك (10) قوائم في هذه الدائرة، تتنافس على اصوات ناخبين يصل عددهم الى (163000) ناخب، فهذا يعني ان نسبة الحسم للحصول على مقعد واحد للقائمة، ستكون بحدود 27000 صوت، وذلك بتقسيم عدد المقترعين على عدد مقاعد الدائرة، اي ان القائمة التي ستحصل على هذا الرقم لن تحصل على اكثر من مقعد واحد، وهذا يعني ايضا، ان القائمة المشكلة التي ستحصل على هذا الرقم، يُفترضُ ان يكون لدى كل مرشح فيها قاعدة انتخابية لاتقل عن 4000 ناخب، ومع ذلك فإن هذا العدد كفيل بفوز مرشح واحد داخل القائمة فقط. ومع انه يصح للمتفائلين مثلي ان يضيفوا نسبة معينة من الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم لهذه القائمة او تلك، وفق معايير مختلفة، (نسايب، اصدقاء، توجهات سياسية، برنامج القائمة، او شخوصها... الخ)، الا ان تلك النسبة لن تسعف القائمة بالفوز بمقعد آخر الا بالاعتماد على نسبة الباقي الاعلى، قياسا بالنسب التي حصل عليها المرشحون في القوائم الاخرى، لأن الفوز بأعداد صحيحة لنائبين من قائمة واحدة مثلا، يقتضي حصول هذه القائمة على ضعفي عدد اصوات نسبة الحسم، أي ما يعادل 50 الف صوت تقريباً، وهو رقم كبير جدا يعلم كافة المرشحين في هذه الدائرة استحالة الوصول اليه. نحن هنا في هذا السياق نتحدث متفائلين عن 27000 صوت يمكن ان تحصل عليها القائمة الأكثر حظا وشعبية كي تفوز بمقعد واحد فقط، فما بالك بالقوائم الأقل حظا التي ربما لن تحصل على اكثر من نصف هذا الرقم او حتى ربعه، وهو امر متوقع في ظل خريطة القوائم الجغرافية والمناطقية داخل الدائرة. طبعا تستطيع الهيئة المستقلة القول إن تكتيك العملية الانتخابية ومناورات المرشحين المحترفين ذوي الخبرة، وخاصة حزب جبهة العمل الاسلامي، لا يقتضي بالضرورة التزام جميع القوائم بالحد الاعلى لعدد المرشحين، وانها ربما تكتفي بالحد الأدنى، وهو ثلاثة مرشحين حسب القانون، ولكن السؤال الذي سيقفز على الفور الى الاذهان، هو هل بوسع مثل هذه القوائم الحصول على العدد المطلوب من الاصوات او اقل مثلا كمعدل ونسبة، كي تنافس على الفوز بمقعد نيابي واحد في وسط اجتماعي تحكمه المعايير العشائرية كما يعرف ذلك جميع المرشحين بالدائرة. مثل هذا السؤال وجيه ومشروع، ويستحق للوهلة الاولى اثارة مخاوف جميع المرشحين، وهو تكتيك يمكن ان يلجأ اليه حزب 'العمل الاسلامي' بأن يوعز لناخبيه بمنح اصواتهم لمثل هذه القائمة ولجميع المرشحين فيها بالتساوي كي يحصل كل مرشح فيها على اعلى رقم بين كل مرشحي القوائم الاخرى، ومع ذلك فإن تلك الاصوات الكثيرة التي سيحظى بها كل مرشحي القائمة لن تسعف الحزب الا بفوز مرشح واحد فقط، وربما في احسن الاحوال بكسر عشري ينال منه الحزب مقعدا آخر على احسن تقدير. وكي أوضح اكثر، اليكم هذا الجدول الافتراضي، الذي يمكن من خلاله فهم هذا النظام الانتخابي المعقد الحافل بكثير من الالغاز والأحاجي، وبالتالي امكانية تخيل، او تصور عدد المقاعد التي يمكن ان تحصل عليها كل قائمة في حال كان عدد القوائم (10)، وهو عدد متوقع، بسبب اتساع الرقعة الجغرافية والسكانية لهذه الدائرة. واليكم تاليا اسماء هذه القوائم المفترضة وما حصلت عليه كل واحدة منها: قائمة القدس: 32000 صوت، قائمة اربد: 24000 ، قائمة المواطنة: 21000 ، قائمة الحق: 18000 ، قائمة اليرموك: 16000 ، القائمة الاسلامية: 14000، قائمة الدستور: 13000، قائمة القانون: 11000، قائمة العدالة: 8000 وقائمة المساواة: 5000، ومجموع كل هذه القوائم يبلغ 163000 صوت. ولنفترض ايضا، ان قائمة القدس مثلا، والتي حصلت على 32000 صوت توزع فيها عدد الاصوات على النحو التالي:- علي: 7500 صوت، سفيان: 6500 ، محمد: 5000، خالد: 4500، ابراهيم: 3500 ، عبدالله: 3000 ، وبتقسيم الـ (163000) مقترع على عدد المقاعد المخصصة للدائرة وهي ستة مقاعد، فذلك يعني ان قائمة القدس صاحبة الـ (32000) صوت قد حصلت على مقعد واحد، و'باقي' اعلى يمثل 0.018 % من المقعد، وان التي حصلت على (24000) صوت تحصل على ( 0،8،88 % ) من المقعد، وتلك التي حصلت على (21000) صوت، تكون قد حصلت على (0،7،77 %) من المقعد، اما التي حصلت على (18000) صوت، تكون قد حصلت على (0،6،66 ٪) من المقعد، في حين تكسب القائمة الحاصلة على (16000) صوت على (0،5،92 ٪) من المقعد، وتلك التي حصلت على (14000) الف صوت تكون قد حصلت على ( 0،5،18 ٪ ) من المقعد، والتي حصلت على(13000) تكون قد حصلت على ( 0،4،18 ٪ ) من المقعد وتلك التي حصلت على (11000) صوت على ( 0،4،07 ٪ ) من المقعد، اما القائمة التي حصلت على (9000) صوت، تكون قد حازت على (0،3،33 ٪) من المقعد، وتلك الحاصلة على (7000) صوت، تكون قد حصلت على ( 0،2،59 ٪) من المقعد، فيما تحصل القائمة الاخيرة ذات الـ (5000) صوت على (0،1،85 ٪ ) من المقعد. هذا يعني (افتراضا)، ان قائمة القدس، صاحبة الـ( 32000) صوت، قد حصلت على مقعد واحد فقط، و'باقي'، أي كسر الواحد الصحيح، ولكن بالقياس مع ما حصل عليه المرشحون في القوائم الاخرى، فسنجد ان سفيان مثلا، والحاصل على (6500) صوت في الجدول، والذي اعتبر راسبا، قد حصل على مجموع اصوات اكثر من نظير له، اعتبر فائزا في قائمة إربد، رغم انهما تنافسا في ذات الدائرة الانتخابية الواحدة، وتلك القائمة (إربد) والتي حازت على (24000) صوت مثلا، وحصل فيها المرشح سامر على المركز الاول من حيث عدد الاصوات بـ (6000) صوت فقط. لكم ان تتخيلوا ضمن هذه العملية الحسابية وتجمعوا عدد الاصوات التي حصل عليها الفائزون الستة، وبمعدل بين (5500 الى 7500) صوت لكل فائز، لتكتشفوا ان ما حصل عليه جميع الفائزين من اصوات في هذه الدائرة، قد تراوح بين (35000 و45000) صوت من اصل (326000) ناخب وناخبة، اي ما نسبته ( 9 ٪- 14 ٪ ) تقريبا من عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية، الذين يحق لهم التصويت، ما يؤشر بشكل سافر على عدم قدرة هذا القانون على مغادرة مخرجات قانون الصوت الواحد، وانه قانون وللأسف، قد استبدل فكرة 'الدوائر الوهمية'، بـ'القوائم الوهمية' في هذه الانتخابات، والذي سُيخرج وفق هذه الحسبة الافتراضية، فائزا واحدا فقط من كل قائمة، وعشرات الوف الاصوات المهدورة على مستوى الدائرة، ومئات الوف الاصوات المهدورة على مستوى المملكة. ناهيك عن خطورة احتمال لجوء بعض المرشحين الى نص المادة 17/ د من قانون الانتخاب التي تعطي المرشحين كافة، فرصة انسحاب بعضهم من القائمة قبل عشرة ايام من يوم الاقتراع واعتبار ترشيح القائمة صحيحا ولو كانت بمرشح واحد فقط. وزيادة في الايضاح فإنه لو حصل ان زاد او نقص عدد القوائم عن هذا الرقم المفترض فإن النتائج لن تتغير كثيرا، وسيبقى النجاح بمعدل فائز واحد لكل قائمة من القوائم الست، الحاصلة على اعلى النسب تدريجيا، وللمرشحين الحاصلين فيها على اعلى الاصوات. رغم كل النوايا الحسنة التي وقفت خلف قانون الانتخاب الجديد لدفع الحياة السياسية والحزبية قدما، الا ان النتائج المنتظرة منه لن تتجاوز وللأسف أحكام ومخرجات قانون الصوت الواحد بأحسن الاحوال، مع تغير جزئي وطفيف لايستحق الذكر، ربما يتحقق بصورة ضيقة جداً، على يد بعض مرشحي جبهة العمل الاسلامي باختراق هنا وآخر هناك، وبالاعتماد على المرشح العشائري للحزب، ولكن بنسب محدودة سوف تفاجئ الحزب نفسه. كان بوسع كلٍ من الحكومة ومجلس النواب السابقين، تدارك بعض هذه الثغرات المشار اليها اعلاه لو انهم وضعوا نصاً في القانون يفرض 'نسبة الحسم'، او ما يسمى بـ 'العتبة'، كشرط لحصول كل قائمة مشاركة بالانتخابات على نسبة معينة من عدد المقترعين او الناخبين، يؤهلها للدخول في عملية احتساب النتائج، ولتكن 5 ٪ مثلا، ما كان سيرفع من نسبة الامل بين المرشحين لتشكيل قوائم برامجية في هذه الدورة الانتخابية، وامكانية تشكيل قوائم حزبية سياسية في الانتخابات التالية، ويقلل من فرص سيادة فكرة الصوت الواحد التي اجمع الاردنيون على ضرورة مغادرتها، مرة واحدة والى الابد، ليكتشف الجميع بعد ظهور النتائج ان القانون الذي ادلى الناخبون بأصواتهم وفقه، هو ذات قانون الصوت الواحد، ولكن بحلة براّقة جديدة. في كل انتخابات تجرى، في اي مكان في العالم وفق هذا النظام الانتخابي الاردني - نظام القوائم النسبية - فإن من مصلحة المرشحين الاقوياء، أن يكونوا في قائمة واحدة لضمان فوز اكبر عدد منهم، الا في هذه الانتخابات الاردنية، فإن مصلحة الاقوياء تكمن في بناء قوائم متعددة بمرشح واحد قوي وآخرين متوسطي الحال شعبيا، لضمان نجاح هذا المرشح القوي فقط. في الختام، لا ادري كيف ستكون مشاعر سفيان في هذا الجدول المفترض، ذلك المرشح الذي حصل على الترتيب الثاني في قائمته ولم يحالفه الحظ بالفوز حين يعلم ان من حصل على عدد اصوات اقل منه في قائمة اخرى - سامر مثلا- ، قد فاز بمقعد نيابي رغم انهما تنافسا في دائرة انتخابية واحدة، وهو الامر الذي سيتكرر بين اسماء بعض المرشحين في كثير من القوائم في هذه الدائرة، وفي دوائر اخرى، خاصة في كل من العاصمة والزرقاء تحديدا. وفق هذا المعطى، بوسعي القول، إنها ستكون نهاية مؤسفة للمرشح سفيان ومن هم على شاكلته في بقية القوائم في هذا الجدول، فهو قد نافس وفاز، من حيث عدد اصوات الناخبين، ولكن 'هاري' هراه ، 'ورسّبه'، بطريقته التي اعتمدتها الهيئة المستقلة للانتخابات لاحتساب النتائج.
دخلت الهيئة المستقلة للانتخاب منذ الإعلان عن موعد اجراء الانتخابات بسباق مع الزمن ضمن ورشة عمل شاقة وطويلة للتحضير لها، كاستحقاق دستوري في 20 ايلول (سبتمبر) القادم. وقد تبين للأردنيين، بعد نشر جداول الناخبين الاولية أن مجموع من يحق لهم التصوت بكافة الدوائر هو 4.19 مليون ناخب وناخبة، منهم 326595 في دائرة اربد الاولى، بينهم 156205 ناخبين، و170390 ناخبة. وبالرجوع الى اول انتخابات حقيقية اجرتها الهيئة العام 2013، فقد بلغت نسبة الاقتراع وفق سجلاتها في دائرة اربد الاولى (49.07 ٪)، في حين دلت احصائية للرأي، اعدها مركز 'راصد' لمراقبة الانتخابات على مستوى المملكة حول مشاركة الناخبين في العملية الانتخابية القادمة، نشرت في 10/7/2016، ان 31.5 % فقط من الاردنيين، هم من ينوون المشاركة بالانتخابات، فيما بلغت نسبة من لا يعلم ما اذا كان سيشارك ام لا 29 ٪. وكان استطلاع للمعهد الجمهوري الاميركي، اظهر عشية اقرار قانون الانتخاب الجديد، أن 57 ٪ من الأردنيين سيمتنعون عن الاقتراع، وأن 58 ٪ منهم غير مطّلعين على قانون الانتخاب. وكي تتمكن هذه القراءة الاولية للعملية الانتخابية من الاقتراب من الموضوعية، وملامسة الحقيقة، فإن من العدالة اللجوء الى متوسط حسابي لنسب المشاركة المتوقعة في هذه الدائرة في ضوء ما ورد آنفاً، ولنفترض على وجه التقريب انها ستكون بحدود 50 % كمعدل ونسبة متوقعة تتوافق مع هذه النسب المشار اليها اعلاه، وبالتالي يمكن اعتمادها كوحدة قياس قريب من الواقع، يتم الاستناد عليها بشكل اولي لغايات شرح واستخلاص نتائج هذه الانتخابات في هذه الدائرة. في ضوء ما تقدم من ارقام ونسب، فإن عدد الناخبين المتوقع مشاركتهم في الانتخابات، وفقاً لهذا الجدول لن يزيد كثيراً على (163000) ناخب تقريبا، وإذا سلمنا جدلاً بصحة هذه الارقام وتلك النسب فإن نتائج الانتخابات بالدائرة، سوف تعتمد اعتماداً كلياً على عدد القوائم ونوعية المرشحين فيها، وقوتهم الانتخابية. وبموجب هذه المعادلة، وتلك المعطيات الافتراضية، فكلما زاد عدد القوائم، زادت فرص تشتيت الاصوات، وزاد معه عدد الاصوات المهدورة عند اخراج النتائج وفق طريقة 'هاري' التي اعتمدتها الهيئة المستقلة لغايات احتساب النتائج، وهي الطريقة التي اصطُلِح على تسميتها، طريقة 'الباقي الأعلى'. وعليه، فإنه كلما قلّ عدد القوائم كان التنافس اقوى، وزادت معه فرص حصول القائمة على مقعد واحد أو كسر عشري، وقلت معه نسبة الاصوات المهدورة على مستوى القوائم، ولكنها (أي النسبة) سوف تزيد، عند عملية احتساب الفائز بين المرشحين الستة. اما إذا كان عدد القوائم كبيرا نسبياً، فإن فرص النجاح ستكون محصورة بتلك التي تم بناؤها على أساس عدد الناخبين لكل واحد من المرشحين فيها، ومع أن من الأفضل ان يُعطي المقترعون اصواتهم للقائمة ولكافة المرشحين فيها، إلاّ ان ذلك لن يزيد من نسب حصولها على اكثر من مقعد واحد ومهما بلغ عدد المصوتين لكل المرشحين فيها، ولكن أمل مثل هذه القائمة يبقى محصورا فقط في احتمال الاستفادة من الباقي الاعلى، الذي يمكن ان يسعفها في فوز مرشح آخر لها وبكسر عشري مثلا. المشكلة في هذه الحالة، والتي ستزيد مأزق هذه الانتخابات سوءاً، هو إذا ما اوعز المرشحون في أية قائمة الى ناخبيهم سرا بالتأشير على اسمائهم فقط داخل القائمة، وهو امر متوقع بقوة بسبب معرفة المرشحين المسبقة بأن فرص القوائم بالنجاح بشكل كامل او جزئي، نصفها او حتى ربعها، شبه معدومة. وكي أوضح اكثر، اجد من المناسب ضرورة تقديم جدول افتراضي، وفقا لتلك الارقام والنسب المشار اليها سابقا. وعلى سبيل المثال، فلو افترضنا ان هناك (10) قوائم في هذه الدائرة، تتنافس على اصوات ناخبين يصل عددهم الى (163000) ناخب، فهذا يعني ان نسبة الحسم للحصول على مقعد واحد للقائمة، ستكون بحدود 27000 صوت، وذلك بتقسيم عدد المقترعين على عدد مقاعد الدائرة، اي ان القائمة التي ستحصل على هذا الرقم لن تحصل على اكثر من مقعد واحد، وهذا يعني ايضا، ان القائمة المشكلة التي ستحصل على هذا الرقم، يُفترضُ ان يكون لدى كل مرشح فيها قاعدة انتخابية لاتقل عن 4000 ناخب، ومع ذلك فإن هذا العدد كفيل بفوز مرشح واحد داخل القائمة فقط. ومع انه يصح للمتفائلين مثلي ان يضيفوا نسبة معينة من الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم لهذه القائمة او تلك، وفق معايير مختلفة، (نسايب، اصدقاء، توجهات سياسية، برنامج القائمة، او شخوصها... الخ)، الا ان تلك النسبة لن تسعف القائمة بالفوز بمقعد آخر الا بالاعتماد على نسبة الباقي الاعلى، قياسا بالنسب التي حصل عليها المرشحون في القوائم الاخرى، لأن الفوز بأعداد صحيحة لنائبين من قائمة واحدة مثلا، يقتضي حصول هذه القائمة على ضعفي عدد اصوات نسبة الحسم، أي ما يعادل 50 الف صوت تقريباً، وهو رقم كبير جدا يعلم كافة المرشحين في هذه الدائرة استحالة الوصول اليه. نحن هنا في هذا السياق نتحدث متفائلين عن 27000 صوت يمكن ان تحصل عليها القائمة الأكثر حظا وشعبية كي تفوز بمقعد واحد فقط، فما بالك بالقوائم الأقل حظا التي ربما لن تحصل على اكثر من نصف هذا الرقم او حتى ربعه، وهو امر متوقع في ظل خريطة القوائم الجغرافية والمناطقية داخل الدائرة. طبعا تستطيع الهيئة المستقلة القول إن تكتيك العملية الانتخابية ومناورات المرشحين المحترفين ذوي الخبرة، وخاصة حزب جبهة العمل الاسلامي، لا يقتضي بالضرورة التزام جميع القوائم بالحد الاعلى لعدد المرشحين، وانها ربما تكتفي بالحد الأدنى، وهو ثلاثة مرشحين حسب القانون، ولكن السؤال الذي سيقفز على الفور الى الاذهان، هو هل بوسع مثل هذه القوائم الحصول على العدد المطلوب من الاصوات او اقل مثلا كمعدل ونسبة، كي تنافس على الفوز بمقعد نيابي واحد في وسط اجتماعي تحكمه المعايير العشائرية كما يعرف ذلك جميع المرشحين بالدائرة. مثل هذا السؤال وجيه ومشروع، ويستحق للوهلة الاولى اثارة مخاوف جميع المرشحين، وهو تكتيك يمكن ان يلجأ اليه حزب 'العمل الاسلامي' بأن يوعز لناخبيه بمنح اصواتهم لمثل هذه القائمة ولجميع المرشحين فيها بالتساوي كي يحصل كل مرشح فيها على اعلى رقم بين كل مرشحي القوائم الاخرى، ومع ذلك فإن تلك الاصوات الكثيرة التي سيحظى بها كل مرشحي القائمة لن تسعف الحزب الا بفوز مرشح واحد فقط، وربما في احسن الاحوال بكسر عشري ينال منه الحزب مقعدا آخر على احسن تقدير. وكي أوضح اكثر، اليكم هذا الجدول الافتراضي، الذي يمكن من خلاله فهم هذا النظام الانتخابي المعقد الحافل بكثير من الالغاز والأحاجي، وبالتالي امكانية تخيل، او تصور عدد المقاعد التي يمكن ان تحصل عليها كل قائمة في حال كان عدد القوائم (10)، وهو عدد متوقع، بسبب اتساع الرقعة الجغرافية والسكانية لهذه الدائرة. واليكم تاليا اسماء هذه القوائم المفترضة وما حصلت عليه كل واحدة منها: قائمة القدس: 32000 صوت، قائمة اربد: 24000 ، قائمة المواطنة: 21000 ، قائمة الحق: 18000 ، قائمة اليرموك: 16000 ، القائمة الاسلامية: 14000، قائمة الدستور: 13000، قائمة القانون: 11000، قائمة العدالة: 8000 وقائمة المساواة: 5000، ومجموع كل هذه القوائم يبلغ 163000 صوت. ولنفترض ايضا، ان قائمة القدس مثلا، والتي حصلت على 32000 صوت توزع فيها عدد الاصوات على النحو التالي:- علي: 7500 صوت، سفيان: 6500 ، محمد: 5000، خالد: 4500، ابراهيم: 3500 ، عبدالله: 3000 ، وبتقسيم الـ (163000) مقترع على عدد المقاعد المخصصة للدائرة وهي ستة مقاعد، فذلك يعني ان قائمة القدس صاحبة الـ (32000) صوت قد حصلت على مقعد واحد، و'باقي' اعلى يمثل 0.018 % من المقعد، وان التي حصلت على (24000) صوت تحصل على ( 0،8،88 % ) من المقعد، وتلك التي حصلت على (21000) صوت، تكون قد حصلت على (0،7،77 %) من المقعد، اما التي حصلت على (18000) صوت، تكون قد حصلت على (0،6،66 ٪) من المقعد، في حين تكسب القائمة الحاصلة على (16000) صوت على (0،5،92 ٪) من المقعد، وتلك التي حصلت على (14000) الف صوت تكون قد حصلت على ( 0،5،18 ٪ ) من المقعد، والتي حصلت على(13000) تكون قد حصلت على ( 0،4،18 ٪ ) من المقعد وتلك التي حصلت على (11000) صوت على ( 0،4،07 ٪ ) من المقعد، اما القائمة التي حصلت على (9000) صوت، تكون قد حازت على (0،3،33 ٪) من المقعد، وتلك الحاصلة على (7000) صوت، تكون قد حصلت على ( 0،2،59 ٪) من المقعد، فيما تحصل القائمة الاخيرة ذات الـ (5000) صوت على (0،1،85 ٪ ) من المقعد. هذا يعني (افتراضا)، ان قائمة القدس، صاحبة الـ( 32000) صوت، قد حصلت على مقعد واحد فقط، و'باقي'، أي كسر الواحد الصحيح، ولكن بالقياس مع ما حصل عليه المرشحون في القوائم الاخرى، فسنجد ان سفيان مثلا، والحاصل على (6500) صوت في الجدول، والذي اعتبر راسبا، قد حصل على مجموع اصوات اكثر من نظير له، اعتبر فائزا في قائمة إربد، رغم انهما تنافسا في ذات الدائرة الانتخابية الواحدة، وتلك القائمة (إربد) والتي حازت على (24000) صوت مثلا، وحصل فيها المرشح سامر على المركز الاول من حيث عدد الاصوات بـ (6000) صوت فقط. لكم ان تتخيلوا ضمن هذه العملية الحسابية وتجمعوا عدد الاصوات التي حصل عليها الفائزون الستة، وبمعدل بين (5500 الى 7500) صوت لكل فائز، لتكتشفوا ان ما حصل عليه جميع الفائزين من اصوات في هذه الدائرة، قد تراوح بين (35000 و45000) صوت من اصل (326000) ناخب وناخبة، اي ما نسبته ( 9 ٪- 14 ٪ ) تقريبا من عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية، الذين يحق لهم التصويت، ما يؤشر بشكل سافر على عدم قدرة هذا القانون على مغادرة مخرجات قانون الصوت الواحد، وانه قانون وللأسف، قد استبدل فكرة 'الدوائر الوهمية'، بـ'القوائم الوهمية' في هذه الانتخابات، والذي سُيخرج وفق هذه الحسبة الافتراضية، فائزا واحدا فقط من كل قائمة، وعشرات الوف الاصوات المهدورة على مستوى الدائرة، ومئات الوف الاصوات المهدورة على مستوى المملكة. ناهيك عن خطورة احتمال لجوء بعض المرشحين الى نص المادة 17/ د من قانون الانتخاب التي تعطي المرشحين كافة، فرصة انسحاب بعضهم من القائمة قبل عشرة ايام من يوم الاقتراع واعتبار ترشيح القائمة صحيحا ولو كانت بمرشح واحد فقط. وزيادة في الايضاح فإنه لو حصل ان زاد او نقص عدد القوائم عن هذا الرقم المفترض فإن النتائج لن تتغير كثيرا، وسيبقى النجاح بمعدل فائز واحد لكل قائمة من القوائم الست، الحاصلة على اعلى النسب تدريجيا، وللمرشحين الحاصلين فيها على اعلى الاصوات. رغم كل النوايا الحسنة التي وقفت خلف قانون الانتخاب الجديد لدفع الحياة السياسية والحزبية قدما، الا ان النتائج المنتظرة منه لن تتجاوز وللأسف أحكام ومخرجات قانون الصوت الواحد بأحسن الاحوال، مع تغير جزئي وطفيف لايستحق الذكر، ربما يتحقق بصورة ضيقة جداً، على يد بعض مرشحي جبهة العمل الاسلامي باختراق هنا وآخر هناك، وبالاعتماد على المرشح العشائري للحزب، ولكن بنسب محدودة سوف تفاجئ الحزب نفسه. كان بوسع كلٍ من الحكومة ومجلس النواب السابقين، تدارك بعض هذه الثغرات المشار اليها اعلاه لو انهم وضعوا نصاً في القانون يفرض 'نسبة الحسم'، او ما يسمى بـ 'العتبة'، كشرط لحصول كل قائمة مشاركة بالانتخابات على نسبة معينة من عدد المقترعين او الناخبين، يؤهلها للدخول في عملية احتساب النتائج، ولتكن 5 ٪ مثلا، ما كان سيرفع من نسبة الامل بين المرشحين لتشكيل قوائم برامجية في هذه الدورة الانتخابية، وامكانية تشكيل قوائم حزبية سياسية في الانتخابات التالية، ويقلل من فرص سيادة فكرة الصوت الواحد التي اجمع الاردنيون على ضرورة مغادرتها، مرة واحدة والى الابد، ليكتشف الجميع بعد ظهور النتائج ان القانون الذي ادلى الناخبون بأصواتهم وفقه، هو ذات قانون الصوت الواحد، ولكن بحلة براّقة جديدة. في كل انتخابات تجرى، في اي مكان في العالم وفق هذا النظام الانتخابي الاردني - نظام القوائم النسبية - فإن من مصلحة المرشحين الاقوياء، أن يكونوا في قائمة واحدة لضمان فوز اكبر عدد منهم، الا في هذه الانتخابات الاردنية، فإن مصلحة الاقوياء تكمن في بناء قوائم متعددة بمرشح واحد قوي وآخرين متوسطي الحال شعبيا، لضمان نجاح هذا المرشح القوي فقط. في الختام، لا ادري كيف ستكون مشاعر سفيان في هذا الجدول المفترض، ذلك المرشح الذي حصل على الترتيب الثاني في قائمته ولم يحالفه الحظ بالفوز حين يعلم ان من حصل على عدد اصوات اقل منه في قائمة اخرى - سامر مثلا- ، قد فاز بمقعد نيابي رغم انهما تنافسا في دائرة انتخابية واحدة، وهو الامر الذي سيتكرر بين اسماء بعض المرشحين في كثير من القوائم في هذه الدائرة، وفي دوائر اخرى، خاصة في كل من العاصمة والزرقاء تحديدا. وفق هذا المعطى، بوسعي القول، إنها ستكون نهاية مؤسفة للمرشح سفيان ومن هم على شاكلته في بقية القوائم في هذا الجدول، فهو قد نافس وفاز، من حيث عدد اصوات الناخبين، ولكن 'هاري' هراه ، 'ورسّبه'، بطريقته التي اعتمدتها الهيئة المستقلة للانتخابات لاحتساب النتائج.
التعليقات
د. حسين بني هاني يكتب عن الانتخابات .. إربد- الدائرة الأولى أنموذجا
التعليقات