البق يغزو لبنان: هل حقاً ينقل فيروسات إلى البشر؟!
"غزوة" جديدة يشهدها بعض المناطق اللبنانية منذ ليل أمس، وهي كسابقاتها نغّصت عيش اللبنانيين في عقر ديارهم. فبعد "اجتياحات" الفراشات والخنافس، صُدم اللبنانيون مساء السبت بأعداد كبيرة من الحشرات الصغيرة تملأ الشرفات وعتبات البيوت، حتى أنها تسللت إلى الداخل، وقيل إنها حشرات "المنّ". على مواقع التواصل الإجتماعي انتقل طبعاً "القلق"، فراحت التعليقات تتكاثر والأخبار تتناقل ومنها أنّ هذه الحشرة تنقل فيروسات إلى البشر. فما هي الحقيقة؟
في حديث إلى "لبنان24" تلفت المهندسة الزراعية ورئيسة قسم المختبر في مصلحة الأبحاث الزراعية زينات موسى إلى أنها بانتظار الحصول على عيّنة من تلك الحشرات لإخضاعها إلى فحوصات في المختبر وتحديد نوعها العلميّ، لكن بحسب الصور التي وصلتها فهي من نوع "البقّ"، وليست "منّاً" الذي يضرب المزروعات.
وتشرح أنّ ثمةّ أنواعاً عديدة موجودة في لبنان، في المساحات الخضراء المهملة والباستين والمناطق المليئة بالأعشاب.
فماذا حصل عملياً، ولماذا ظهرت بهذه الأعداد؟!
تشرح موسى أنّ لبنان عاش فترة جفاف قوية امتدّت لثلاث سنوات تقريباً، "لكنّ الأمطار عادت هذه السنة بوفرة، حتى أننا شهدنا تساقطات في فصل الربيع رغمّ أنّ الشتاء لم يكن باردا"، مضيفة أنّ "الأمطار القوية عجلّت في نمو الأعشاب التي تعد غذاء للحشرات".
وبحسب موسى، فإن "الحشرات بطبيعتها تتكاثر إجمالاً بحسب توّفر الغذاء والمناخ، أي كلّما كان الطقس معتدلاً، لا حارا ولا بارداً، كلما تكاثرت الحشرات لعلمها أن ثمة غذاء لصغارها".
إذاً، اجتمع أكثر من عامل في لبنان ليساهم في ظهور حشرات البقّ بأعداد مخيفة، وبشكل مفاجئ. فبالإضافة إلى عامل نموّ الأعشاب وهي مساهم أساسي في تكاثر الحشرات لكونها الغذاء، انخفضت درجات الحرارة في الأيام الماضية ما دفع حشرات "البقًّ" التي اكتملت دورة حياتها وأصبحت "بالغة"، إلى الابتعاد عن النباتات والتجمّع فالهجوم على أماكن "مبوردة" بحثاً عن غذاء أو مأوى، بحسب توصيف موسى. أضف إلى ذلك لجوء الناس في مثل هذه الفترة من العام إلى إزالة الحشائش وتنظيف المساحات.
والحال أنّ تلك الحشرات تنجذب إلى الضوء وهذا هو سبب اجتياحها الشرفات وبيوت اللبنانيين في عدد من المناطق، ولا يمكن معرفة ما إذا كانت ستظهر في مناطق أخرى. لكن بحسب موسى، قد يستمر "الاجتياح" ليومين بحسب العوامل المناخية، وقد تعود الحشرات إلى الظهور لاحقاً فيما لو توّفرت العوامل ذاتها، لكن علمياً لا تعود الحشرات بالأعداد نفسها بعد ذروة فورتها.
وتنتظر موسى تحديد نوع حشرة البقّ هذه لمعرفة ما إذا كانت مضرّة بالمزروعات والنباتات، على أن يصدر عن مصلحة ألبحاث الزراعية تعليمات إلى المزارعين في حال تتطلب الأمر، لكنها تستطيع أن تؤكد أنها لا تشكّل خطراً على الإنسان ولا تنقل أي فيروسات. "كلّ ما في الأمر أنها مزعجة"، تقول.
وعن طرق مكافحتها، تقول موسى أنه يمكن رشّ المبيدات الصحية العامة في داخل المنزل في حال تواجدت، أو المبيدات الكيمائية الأخرى في الخارج.
وبما أنّ "البقّ" ينجذب إلى اللون الأبيض، فيمكن وضع ورقة بيضاء عليها مادة لاصقة، علماً أنها في حال وضعت بيضها في المنزل فلا داعي للخوف لأن لا حياة لها لافتقارها إلى الغذاء.
اليوم تشهد المناطق اللبنانية أكثر من ظاهرة، لكنّ الأكيد أن ّ للتغير المناخ اليد الطولى فيها، وطبعاً بالإضافة إلى التمدن العمراني على حساب الاراضي الزراعية والمساحات الخضراء...فالانسان يعتدي على بيئة تلك الحشرات!
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات